كل نفس ذائقة الموت


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71]. أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون ما من بشرٍ ولا من مسلمٍ ولا كافرٍ إلا سوف يمر في لحظات حرجة، لن يغادر هذه الدنيا إلا بها، ولن يغادر هذه الأرض إلا وهو يذوق تلك السكرات؛ إنها اللحظات الحرجة التي لا بد وأن نلقاها، ولا بد وأن نمر بها .. بكى أبو هريرة رضي الله عنه حين حضرته الوفاة، فقيل له: يا أبا هريرة ! ما يبكيك؟

وهو صحابي جليل طلب العلم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [بعد السفر، وقلة الزاد، وضعف اليقين، وخوف الوقوع من الصراط في النار].

قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185] كل نفس مؤمنة وكافرة، كل نفس صالحة وفاجرة كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:185].

أبو العتاهية يعظ الرشيد

بنى الرشيد قصراً عظيماً، فدخل الشعراء عليه يزورونه ويتكلمون عن هذا القصر ويتمدحون به، فدخل عليه أبو العتاهية فأخذ يمدح هذا القصر، فقال للخليفة:

عش ما بدا لك سالماً     في ظل شاهقة القصور

يجري عليك بما أردت     مع الرواح مع البكور

ففرح الخليفة بهذا المدح، ثم قال له أبو العتاهية :

فإذا النفوس تغررت     بزفير حشرجة الصدور

فهناك تعلم موقناً     ما كنت إلا في غرور

فبكى الرشيد حتى سقط على الأرض من البكاء، ثم أمر بالقصر فأقفل، ثم رجع إلى كوخه وبيته القديم.

الاستعداد للموت

عباد الله: هلا استعد كل منا لتلك اللحظات؟! هلا تأهب لذلك اليوم؟! هلا عمل لتلك الساعة؟! أم أن الواحد منا غافلٌ عنها، يظن أنه سوف يعيش في الأرض أبد الدهر، وسوف يطول به العمر، وسوف يبلغ كذا وكذا، فإذا بملك الموت ينتظره، وإذا الأجل أقصر من الأمل، وإذا به يفارق الدنيا وهو لم يستعد لهذا اليوم .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [الحشر:18].

حاسب نفسك -يا عبد الله- قبل أن تأتيك تلك اللحظات، ماذا قدمت للغد؟ كيف ستلقى الله جل وعلا؟ على ماذا يختم لك ملك الموت؟ هل أرجعت الأمانات إلى أهلها؟ هل تبت من جميع الذنوب والمعاصي؟ هل أديت الواجبات؟ هل أديت الحقوق إلى أهلها؟ أم أنك غافلٌ عن تلك اللحظات، غافلٌ عن تلك الساعة!

عبد الله! ما يدريك لعل ملك الموت يزورك وأنت بين أولادك، وأنت عند زوجتك، أو عند أبيك وأمك، إما في المستشفى، أو في البيت، أو في حادث سيارة، وتخيل -أخي الكريم- ملك الموت قد دخل عليك وأنت عند أهلك وأحبابك وأولادك الصغار، تأتيك بنتك الصغيرة فتقول لك: يا أبي لم لا تجيبني؟ وأنت تعلم أنك سوف تفارق الدنيا، يأتيك ولدك الصغير فيقول لك: يا أبي لمن تتركنا؟ يا أبي لمن تدعنا في هذه الدنيا؟ وتنوح عليك الزوجة، وتبكي الأم، ويأتي الأب بالطبيب كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ [القيامة:26-27] بلغت الروح الترقوة ولا زالت العين تبصر، ولا زالت الروح لم تخرج، هو ينظر إلى قدمه قد يبست وبردت، وينظر إلى من حوله يبكون، ويأتي الأب بالطبيب، والأخ بالرفيق كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ القيامة:26-27] وكأن هذه السكتة التي في القرآن لعبرة قد خنقت صاحبها وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ [القيامة:27].

من يرقيه؟ من يداويه؟ من يطببه؟ من يعالجه؟ من يرد الروح إلى صاحبها؟ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ [القيامة:28] هو متأكد ومتيقن أنه مفارق، أتعلم -يا عبد الله- فراق ماذا؟ إنه فراق الأثاث.. فراق السيارات.. فراق المنزل.. فراق القصور.. فراق الأرصدة.. فراق الزوجة.. فراق الأولاد.. فراق الدراسة.. فراق الأهل والأحباب.. فراق الدنيا بأسرها .. وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ [القيامة:28-29] وبنته على صدره تبكي، وولده يجر يده، وزوجته تنادي: إلى من تتركنا؟ إلى من تدعنا؟ وهو له شأنٌ آخر، وهو له همٌ آخر، إنه لم يتب من جميع الذنوب والمعاصي، إلى الآن ما صلى الفجر في جماعة، إلى الآن هذه العاصية ما تحجبت وما اهتدت وما استقامت، إلى الآن لا زال يسمع الطرب، والأفلام الخليعات، إلى الآن أمواله في الربا وفي البنوك الربوية، إلى الآن ما حافظ على الصلاة.

وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ [القيامة:28-29] أي: في الكفن يا عبد الله! فغسل ثم كفن والتفت الساق بالساق، ثم حمل على الأكتاف، فإن كان فاجراً، وإن كانت فاجرة، فإنهم يصيحون بأعلى صوتهم: يا ويلها! أين تذهبون بها؟ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ * فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى [القيامة:30-32].

عبد الله: هل فكرت في تلك اللحظات؟ هل أنت مستعدٌ لها؟ هل أنت منتبهٌ منها؟ كم وكم من الناس أتانا خبره قد مات وهو شاب، بل مات وهو صغير، بنى البيت ولما يسكنه ففارق الدنيا، اشترى السيارة ولما يجلس فيها بل جلس فإذا بحادثٍ قد فارق به الدنيا، عقد على فلانة ولما يدخل بها وفارق الدنيا، درس ودرس ولما يحصل على الشهادة وفارق الدنيا، جمع الأرصدة والملايين ثم لم يتمتع بها وفارق الدنيا.

انظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها     هل راح منها بغير القطن والكفن

بنى الرشيد قصراً عظيماً، فدخل الشعراء عليه يزورونه ويتكلمون عن هذا القصر ويتمدحون به، فدخل عليه أبو العتاهية فأخذ يمدح هذا القصر، فقال للخليفة:

عش ما بدا لك سالماً     في ظل شاهقة القصور

يجري عليك بما أردت     مع الرواح مع البكور

ففرح الخليفة بهذا المدح، ثم قال له أبو العتاهية :

فإذا النفوس تغررت     بزفير حشرجة الصدور

فهناك تعلم موقناً     ما كنت إلا في غرور

فبكى الرشيد حتى سقط على الأرض من البكاء، ثم أمر بالقصر فأقفل، ثم رجع إلى كوخه وبيته القديم.

عباد الله: هلا استعد كل منا لتلك اللحظات؟! هلا تأهب لذلك اليوم؟! هلا عمل لتلك الساعة؟! أم أن الواحد منا غافلٌ عنها، يظن أنه سوف يعيش في الأرض أبد الدهر، وسوف يطول به العمر، وسوف يبلغ كذا وكذا، فإذا بملك الموت ينتظره، وإذا الأجل أقصر من الأمل، وإذا به يفارق الدنيا وهو لم يستعد لهذا اليوم .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [الحشر:18].

حاسب نفسك -يا عبد الله- قبل أن تأتيك تلك اللحظات، ماذا قدمت للغد؟ كيف ستلقى الله جل وعلا؟ على ماذا يختم لك ملك الموت؟ هل أرجعت الأمانات إلى أهلها؟ هل تبت من جميع الذنوب والمعاصي؟ هل أديت الواجبات؟ هل أديت الحقوق إلى أهلها؟ أم أنك غافلٌ عن تلك اللحظات، غافلٌ عن تلك الساعة!

عبد الله! ما يدريك لعل ملك الموت يزورك وأنت بين أولادك، وأنت عند زوجتك، أو عند أبيك وأمك، إما في المستشفى، أو في البيت، أو في حادث سيارة، وتخيل -أخي الكريم- ملك الموت قد دخل عليك وأنت عند أهلك وأحبابك وأولادك الصغار، تأتيك بنتك الصغيرة فتقول لك: يا أبي لم لا تجيبني؟ وأنت تعلم أنك سوف تفارق الدنيا، يأتيك ولدك الصغير فيقول لك: يا أبي لمن تتركنا؟ يا أبي لمن تدعنا في هذه الدنيا؟ وتنوح عليك الزوجة، وتبكي الأم، ويأتي الأب بالطبيب كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ [القيامة:26-27] بلغت الروح الترقوة ولا زالت العين تبصر، ولا زالت الروح لم تخرج، هو ينظر إلى قدمه قد يبست وبردت، وينظر إلى من حوله يبكون، ويأتي الأب بالطبيب، والأخ بالرفيق كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ القيامة:26-27] وكأن هذه السكتة التي في القرآن لعبرة قد خنقت صاحبها وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ [القيامة:27].

من يرقيه؟ من يداويه؟ من يطببه؟ من يعالجه؟ من يرد الروح إلى صاحبها؟ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ [القيامة:28] هو متأكد ومتيقن أنه مفارق، أتعلم -يا عبد الله- فراق ماذا؟ إنه فراق الأثاث.. فراق السيارات.. فراق المنزل.. فراق القصور.. فراق الأرصدة.. فراق الزوجة.. فراق الأولاد.. فراق الدراسة.. فراق الأهل والأحباب.. فراق الدنيا بأسرها .. وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ [القيامة:28-29] وبنته على صدره تبكي، وولده يجر يده، وزوجته تنادي: إلى من تتركنا؟ إلى من تدعنا؟ وهو له شأنٌ آخر، وهو له همٌ آخر، إنه لم يتب من جميع الذنوب والمعاصي، إلى الآن ما صلى الفجر في جماعة، إلى الآن هذه العاصية ما تحجبت وما اهتدت وما استقامت، إلى الآن لا زال يسمع الطرب، والأفلام الخليعات، إلى الآن أمواله في الربا وفي البنوك الربوية، إلى الآن ما حافظ على الصلاة.

وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ [القيامة:28-29] أي: في الكفن يا عبد الله! فغسل ثم كفن والتفت الساق بالساق، ثم حمل على الأكتاف، فإن كان فاجراً، وإن كانت فاجرة، فإنهم يصيحون بأعلى صوتهم: يا ويلها! أين تذهبون بها؟ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ * فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى [القيامة:30-32].

عبد الله: هل فكرت في تلك اللحظات؟ هل أنت مستعدٌ لها؟ هل أنت منتبهٌ منها؟ كم وكم من الناس أتانا خبره قد مات وهو شاب، بل مات وهو صغير، بنى البيت ولما يسكنه ففارق الدنيا، اشترى السيارة ولما يجلس فيها بل جلس فإذا بحادثٍ قد فارق به الدنيا، عقد على فلانة ولما يدخل بها وفارق الدنيا، درس ودرس ولما يحصل على الشهادة وفارق الدنيا، جمع الأرصدة والملايين ثم لم يتمتع بها وفارق الدنيا.

انظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها     هل راح منها بغير القطن والكفن

عبد الله: انظر إلى الناس، وانظر إلى أحوالهم، كم وكم من الناس من يموت وهو على الذنوب والمعاصي، من يموت ولا زالت أمواله في البنوك الربوية، من يموت ولم يدع أهله إلى الصلاة، ولم يأمر بناته بالحجاب، ولم يذكرهم بالله جل وعلا! كم وكم من الناس من غادر الدنيا وهذا حاله! اسمع إلى أولئك النفر ممن غادروا الدنيا على هذه الحال:

هذا رجلٌ يقال عنه أنه كان من أهل الفساد، سافر إلى بلدٍ تشرب فيها الخمور، وتفعل فيها الفواحش، وكان كبيراً في السن، لكنه لم يعتبر ولم ينتبه لحاله، سافر إلى بلاد الإباحية، فدخل في غرفة في فندق، فطلب زجاجاتٍ من الخمر .. ألا يتقي الله؟! ألم يعلم هذا الرجل أن الله قد حرم الخمر ومن شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة؟! ألم يعلم هذا الرجل أنه من شرب الخمر في الدنيا فإنه سيسقى من طينة الخبال وردغة الخبال في قعر جهنم؟! ألم يعلم هذا الرجل أن الله قد حرمها وجعلها رجساً من عمل الشيطان؟!

يطلب زجاجات الخمر، فإذا به يشرب زجاجة تلو أخرى، ويشرب ويشرب أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى [العلق:14] ولا يدري ذلك المسكين أن الساعة بانتظاره والأجل مكتوب، فإذا به يحس بالغثيان وبالإعياء؛ لأنه شرب كثيراً، فدخل في دورة المياه، دخل ليخرج ما شربه -أجلكم الله- ثم أطال عليهم ولم يخرج من الغرفة ليومين أو ثلاثة، فكسروا عليه الباب ودخلوا، فإذا به قد فارق الدنيا منذ ثلاثة أيام .. أتعرف أين كان رأسه؟ لقد كان في مصرف المجاري.

قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99] انظر إليه في تلك اللحظة ماذا يقول؟ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ يا رب يوماً واحداً، ساعة واحدة، لحظة واحدة أرجع، أتعرف لم يا عبد الله؟ أتظنه ليأكل، أو ليشرب، أو ليجامع، أو ليسكن القصر، أو ليتمتع بالأموال؟ كلا وربي!

رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100] رب أرجعني أصلي حتى الموت، أسجد حتى تقبض روحي، والله لن أتعامل بالربا بعد اليوم، تقول المرأة: رب ارجعوني أتحجب من جميع الرجال، ولا أستمع الأغاني بعد اليوم! رب ارجعون ولن تضيع علي صلاة الفجر مرة واحدة! رب ارجعون ولن أفعل كذا وكذا! لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ .

يرد الله عليه: كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100] الفرصة واحدة، والعمر واحد، والنذير يأتيك مرة واحدة، لكن هلا اعتبرنا يا عباد الله؟! هلا انتبهنا لأنفسنا؟!

عبد الله: هل تعجبك ميتة ذلك الرجل الذي كبر به السن، ودق عليه العظم، وشاب شعره، وكان حريصاً على الصلوات الخمس في بيت الله، فلما كبر سنه وجاءته ساعة الوفاة سمع الأذان يؤذن، فقال لأولاده: احملوني إلى المسجد. قالوا: يا أبتاه! إن الله قد عذرك. قال: أسمع الأذان ولا أجيب، لا إله إلا الله! احملوني إلى المسجد. قالوا: يا أبتاه! قد أعذرك الله. قال: احملوني إلى المسجد، فإذا به يصلي صلاة المغرب، ثم لما كان في السجدة الأخيرة قبض الله روحه، وسوف يبعث عند الله ساجداً، وذاك الرجل يبعث عند الله سكيراً عربيداً، رأسه في مصرف المجاري، هل يستوي هذا وهذا؟!

أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم:35-36].