تفسير سورة الحجرات [1-3]


الحلقة مفرغة

معنى قوله تعالى: (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله)

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات:1].

هذه سورة الحجرات، والحجرات: جمع حجرة، ويراد بها حجرات نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرت في السورة، وسميت بها من باب تسمية الكل باسم البعض، كسائر سور القرآن الكريم.

والسورة مدنية حيث نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وهي تشتمل على ثماني عشرة آية، وهي في الآداب والأخلاق، ومنها الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيمه واحترامه، وتعليم المسلمين كيف يكلمونه، وكيف يجالسونه، وكيف ينادونه، وألا يرفعوا أصواتهم بحضرته، وألا يرفعوا أصواتهم على صوته، وأن يغضوا أصواتهم بمحضره، وألا ينادوه وهو في داخل بيته، وإذا نادوه لا ينادونه كما ينادي الناس بعضهم بعضاً، ففعل ذلك جرائم وكبائر قد توصل إلى إحباط الأعمال.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1].

وإذا سمعت: (يا أيها الذين آمنوا) فأعرها أذنك، واستعد لسماع الحكمة والحلال والحرام والآداب من الله جل جلاله.

ونجد أنه إذا خاطب الله المؤمنين بفروع الشريعة قال: (يا أيها الذين آمنوا)، وإذا خاطب بأصول الشريعة، وبالدعوة إلى التوحيد، وإلى ترك الأوثان والأصنام والأوثان والشركاء قال: يا أيها الناس .

والخطاب في هذه السورة هو للمؤمنين في بيان كيف يتأدبون، وكيف يكون سلوكهم وعشرتهم ومجالستهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1]، وقرئ في السبع: (لا تَقَدَّموا بين يدي الله ورسوله) بحذف إحدى التائين، أي: لا تتقدموا بين يدي الله ورسوله، والمؤدى واحد.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1]، أي: لا تسبقوا ربكم ولا تسبقوا نبيكم في الحكم بالحلال والحرام، فلا يليق لكم أن تجمعوا وتشرعوا من أنفسكم أحكاماً ما أنزل الله بها من سلطان، فلا تسبقوا كتاب ربكم، ولا تلغوا أحكامه وتجعلونه وراء ظهوركم معرضين عنه، فلا تخرجوا عن أمر الله، ولا تتقدموا أمر الله، ولا تقدموا شيئاً بين يدي كتاب ربكم وسنة نبيكم، ففاعل ذلك فاعل حراماً، ومرتكب كبيرة قد تصل به إلى الكفر والردة.

ذكر سبب نزول الآية

وقد ذكر في سبب نزول الآية أسباباً، وجمعيها يمكن أن تكون صحيحة وتفسر الآية بها، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

فذكر من الأسباب: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان بحضرته أبو بكر وعمر ، فأراد أن يؤمر أميراً على فئة أو على قرية، فقال له أبو بكر : أمر - يا رسول الله - ابن معبد ، فقال له عمر : لا، بل أمر ابن حابس ، فقال أبو بكر : إنما تريد مخالفتي، فقال عمر : لا أريد مخالفتك، وارتفعت أصواتهما حتى كاد الخيران أبو بكر وعمر يهلكان؛ لأنهما رفعا أصواتهما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبقا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاقتراح في تعيين الأمير قبل أن يُسألا أو يُستشارا أو يُطلب ذلك منهما.

وقيل: إن السبب هو أن قوماً ذبحوا مناحرهم ومناسكهم قبل أن ينحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهوا عن ذلك، وأُكِّد هذا القول بأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في يوم النحر: (أول ما نبدأ به يومنا أن نصلي ثم نذبح بعد ذلك نسيكتنا) ، فمن ذبح قبل ذلك لم يقدم إلا لحماً، ولم يضح، ما لم تصل صلاة العيد ويخطب لها الخطبتان.

وقيل: كان السبب في ذلك: أن جماعة من الأصحاب أخذوا يقولون: لو نزلت آية في كذا، لو نزلت سورة في كذا، وأخذوا يقترحون على ربهم بأن ينزل في هذا آية، وفي هذه سورة فمنعوا من ذلك.

العموم في الأدب الوارد في الآية الكريمة

وأياً كان السبب فالله جل جلاله أدب المؤمنين بألاَّ يتقدموا بين يدي ربهم، وبين يدي نبيهم، أي: أن يتقدموا أمام كتاب الله بالقول بما لم ينزل الله به من سلطان، وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لم ينطق ولم يتكلم به، فذلك ما لا يجوز.

فالمعنى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، والتزموا الطاعة في كل أمر وفي كل نهي، وفي كل حلال وحرام، وفي كل أدب، و(لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّه) قولاً، ولا عملاً، ولا اقتراحاً، ولا رأياً.

فالله جل جلاله هو خالق الخلق وأعلم بما يصلحهم في الدنيا والآخرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم المتكلم عن الله، والآمر بأمر الله، والناهي بنهي الله، فطاعته طاعة الله، فمن خرج عنها خرج عن الله وطاعته، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله.

ولا تقدموا بين يدي رسول الله، فلا تسبقوه بالقول، ولا تسبقوه بالعمل في حكم من الأحكام، وفي أي قسم من الشرائع، بل خذوا ذلك من كتاب الله وكونوا له ممتثلين، وخذوا ذلك من كلام رسول الله وكونوا له مطيعين.

معنى قوله تعالى: (واتقوا الله إن الله سميع عليم)

قوله تعالى: (واتقوا الله) أي: اتقوا الله في المخالفة، فلا تخالفوا ربكم، ولا تخالفوا نبيكم، واتقوا الله في أن تفتاتوا على شريعتكم فتزيدوا فيها أو تنقصوا منها، أو تتركوها إلى شريعة الشيطان وإلى دين الشيطان، كما يفعل اليوم دول المسلمين قاطبة، إلا ما رحم ربك، وقليل ما هم.

تركوا كتاب الله وراءهم ظهرياً، وتركوا سنة رسول الله وراءهم ظهرياً، والتزموا بقوانين اليهود والنصارى وآدابهم، وأعرضوا عن الله وكتاب الله، وأعرض الله عنهم وسلط عليهم أعداءهم من كل ملة وكل دين.

قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات:1]، سميع لأقوالكم، عليم بأفعالكم، فيحاسب كلاً على قوله أو على عمله بحسبه، إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشراً.

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات:1].

هذه سورة الحجرات، والحجرات: جمع حجرة، ويراد بها حجرات نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرت في السورة، وسميت بها من باب تسمية الكل باسم البعض، كسائر سور القرآن الكريم.

والسورة مدنية حيث نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وهي تشتمل على ثماني عشرة آية، وهي في الآداب والأخلاق، ومنها الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتعظيمه واحترامه، وتعليم المسلمين كيف يكلمونه، وكيف يجالسونه، وكيف ينادونه، وألا يرفعوا أصواتهم بحضرته، وألا يرفعوا أصواتهم على صوته، وأن يغضوا أصواتهم بمحضره، وألا ينادوه وهو في داخل بيته، وإذا نادوه لا ينادونه كما ينادي الناس بعضهم بعضاً، ففعل ذلك جرائم وكبائر قد توصل إلى إحباط الأعمال.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1].

وإذا سمعت: (يا أيها الذين آمنوا) فأعرها أذنك، واستعد لسماع الحكمة والحلال والحرام والآداب من الله جل جلاله.

ونجد أنه إذا خاطب الله المؤمنين بفروع الشريعة قال: (يا أيها الذين آمنوا)، وإذا خاطب بأصول الشريعة، وبالدعوة إلى التوحيد، وإلى ترك الأوثان والأصنام والأوثان والشركاء قال: يا أيها الناس .

والخطاب في هذه السورة هو للمؤمنين في بيان كيف يتأدبون، وكيف يكون سلوكهم وعشرتهم ومجالستهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1]، وقرئ في السبع: (لا تَقَدَّموا بين يدي الله ورسوله) بحذف إحدى التائين، أي: لا تتقدموا بين يدي الله ورسوله، والمؤدى واحد.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1]، أي: لا تسبقوا ربكم ولا تسبقوا نبيكم في الحكم بالحلال والحرام، فلا يليق لكم أن تجمعوا وتشرعوا من أنفسكم أحكاماً ما أنزل الله بها من سلطان، فلا تسبقوا كتاب ربكم، ولا تلغوا أحكامه وتجعلونه وراء ظهوركم معرضين عنه، فلا تخرجوا عن أمر الله، ولا تتقدموا أمر الله، ولا تقدموا شيئاً بين يدي كتاب ربكم وسنة نبيكم، ففاعل ذلك فاعل حراماً، ومرتكب كبيرة قد تصل به إلى الكفر والردة.

وقد ذكر في سبب نزول الآية أسباباً، وجمعيها يمكن أن تكون صحيحة وتفسر الآية بها، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

فذكر من الأسباب: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان بحضرته أبو بكر وعمر ، فأراد أن يؤمر أميراً على فئة أو على قرية، فقال له أبو بكر : أمر - يا رسول الله - ابن معبد ، فقال له عمر : لا، بل أمر ابن حابس ، فقال أبو بكر : إنما تريد مخالفتي، فقال عمر : لا أريد مخالفتك، وارتفعت أصواتهما حتى كاد الخيران أبو بكر وعمر يهلكان؛ لأنهما رفعا أصواتهما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبقا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاقتراح في تعيين الأمير قبل أن يُسألا أو يُستشارا أو يُطلب ذلك منهما.

وقيل: إن السبب هو أن قوماً ذبحوا مناحرهم ومناسكهم قبل أن ينحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهوا عن ذلك، وأُكِّد هذا القول بأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في يوم النحر: (أول ما نبدأ به يومنا أن نصلي ثم نذبح بعد ذلك نسيكتنا) ، فمن ذبح قبل ذلك لم يقدم إلا لحماً، ولم يضح، ما لم تصل صلاة العيد ويخطب لها الخطبتان.

وقيل: كان السبب في ذلك: أن جماعة من الأصحاب أخذوا يقولون: لو نزلت آية في كذا، لو نزلت سورة في كذا، وأخذوا يقترحون على ربهم بأن ينزل في هذا آية، وفي هذه سورة فمنعوا من ذلك.