خطب ومحاضرات
تفسير سورة الأحزاب [36-37]
الحلقة مفرغة
قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا [الأحزاب:36].
قوله: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ [الأحزاب:36].
أي: لا ينبغي ولا يليق بأي مؤمن وأي مؤمنة إذا قضى الله في كتابه قضاءً وأمر أمراً ونهى نهياً، وإذا قضى رسوله أمراً أو نهياً، أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36].
أي: لا خيرة لأحد في أمر الله وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
فلا يليق ولا ينبغي بكل مؤمن ومؤمنة أن يكون لهم اختيار في جميع أمورهم؛ فالأمر أمر الله وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يخالف ذلك ويخرج عنه فما جزاؤه؟ قال تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا [الأحزاب:36].
أي: من خرج عن أمر الله فأحل حراماً أو حرم حلالاً، أو زاد شيئاً في شرع الله، أو حاول أن يحذف شيئاً من شرع الله، بأن يلغي قوانين الإسلام ويعمل بقوانين الكفر، بحجة أن قانون الإسلام قد كان يصلح زماناً قد مضى، وهو اليوم لم يعد يصلح؛ لأنه يخالف الحضارة والعصر والزمن، فإن من فعل ذلك يكون كافراً عاصياً لله وعاصياً لرسول الله، وضالاً عن الحق ضلالاً مبيناً بيناً واضحاً، لا يخفى على ذي فطرة سليمة، ولا يخفى على مؤمن.
وقد يفعل ذلك معصية لا تحدياً فيكون مع ذلك ضالاً فاسقاً، يعني: لا يزال مسلماً مع الفسق والضلال والجهالة البينة.
فهذه الآية الكريمة تعم كل المؤمنين والمؤمنات في العصر النبوي، وما جاء بعد العصر النبوي وإلى عصرنا وإلى يوم القيامة، فكل من حاول أن يخرج عن أمر الله وأمر رسوله، وأن يختار لنفسه غير ما اختاره الله له، ضارباً بخيرة الله عرض الحائط، كان ضالاً ضلالاً بيناً ظاهراً، وعاصياً لله ولرسوله.
وقرئ في القراءت السبع: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ [الأحزاب:36] بالتاء لا بالياء، وهي هكذا ينبغي أن تكون لو لم يفصل بين تكون وبين الخيرة بكلمة، أما إذا فصلت بكلمة فصح أن يقول: (أن يكون لهم الخيرة) وقرئ: (الخيْرَة)، والكل بمعنى واحد.
سبب نزول قوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً...)
يعني: ليس لمؤمن وليس لمؤمنة ولا ينبغي ولا يليق أن يكون لهم مع أمر الله اختياراً، فعندما نزلت الآية قالت: (سمعاً وطاعة لرسول الله، فليزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن شاء).
وقالوا: بعد أن طلقت زينب منه أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه عقيلة من عقائل قريش، فتلك أسدية قرشية ابنة سيد العرب قبل الإسلام من قبل أمها عبد المطلب ، وهذه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط كانت من السابقات للإسلام، وأول مهاجرة من مكة إلى المدينة، وكان أبوها عدو الله وعدو رسول الله عليه الصلاة والسلام، وطالما آذاه وألب الناس عليه، خرج أبوها مع الكفار لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة بدر فوقع أسيراً، فكان ممن قتله صلى الله عليه وسلم صبراً، فعندما قال: (لمن تترك الصبية يا محمد؟ قال: للنار)، وكان لـعقبة صبية فأراد أن يرحمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، ونسي خبثه وسبابه وشتائمه وتحريضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعندما خطب النبي صلى الله عليه وسلم أم كلثوم بنت عقبة قالت: إن كان لك فنعم؟ ووهبت نفسها من قبل للنبي عليه الصلاة والسلام، فقال: (أريد أن أنكحك مولاي
وقيل في ذلك سبب آخر: وهو أن أحد الصحابة واسمه جليبيب كان إلى الحاجة وإلى المسكنة أقرب، فخطب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كريمة من كرائم الأنصار، فقالت أمها وقال أهلها: رضينا يا رسول الله، فقال: ليس لي ولكن لـجليبيب ، فقالت الأم للأب: أتزوج ابنتنا لـجليبيب وقد رددنا فلاناً وفلاناً من كرام القوم وكبارهم؟
وإذا بالبنت المخطوبة تسمع هذا وكانت في خدرها فنادت أمها وأباها وقالت: أتردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً، زوجوني لمن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا يضيعني ما دامت الخيرة من رسول الله في جليبيب فتزوجت به، فما هو إلا زمن حتى حضرت غزوة من الغزوات، فخرج جليبيب مجاهداً مقاتلاً، واستشهد جليبيب وفي نهاية المعركة قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: ابحثوا من افتقدتم؟ فقالوا: فلاناً وفلاناً وفلاناً، قال: ولكنني لا أرى جليبيباً ابحثوا عنه بين القتلى، فوجدوه، وإذا بالنبي عليه الصلاة والسلام يترحم عليه ويضعه بين ساعديه حتى جهزوا له قبراً فدفنه بيديه الشريفتين صلى الله عليه وسلم، بلا غسل ولا صلاة شأن شهداء المعركة.
الشهداء تشهدهم الملائكة ويتولون أمرهم عن البشر، فدعا النبي عليه الصلاة والسلام لزوجته: أن يصب عليها المال صباً، وأن يودها الناس ويخطبوها، وإذا بشباب الأنصار والمهاجرين يتسابقون ويتبارون أيهم تكون من حصته ومن نصيبه، فتزوجت شاباً كريماً ذا وجاهة وكفاية وغنىً، وعاشت في رغد من العيش، كما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها اختارت أمر الله ورسوله.
إذاً: كانت هذه الأمور الثلاثة سبباً لنزول هذه الآية الكريمة، وذلك للعلم فقط، وإلا فالآية تعم السابق واللاحق إلى يوم القيامة، فإذا اختار الله أمراً واختار رسوله أمراً فلا يليق ولا ينبغي ولا يجوز لأي مؤمن ومؤمنة أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يفعل ويقدم خيرته ورأيه على أمر الله وأمر رسوله يكون عاصياً لله وعاصياً لرسوله، ويكون قد ضل الطريق السوي ضلالاً ظاهراً بيناً واضحاً.
سبب نزول هذه الآية الكريمة ما يروى في السنن وغيرها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب يخطب
يعني: ليس لمؤمن وليس لمؤمنة ولا ينبغي ولا يليق أن يكون لهم مع أمر الله اختياراً، فعندما نزلت الآية قالت: (سمعاً وطاعة لرسول الله، فليزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن شاء).
وقالوا: بعد أن طلقت زينب منه أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه عقيلة من عقائل قريش، فتلك أسدية قرشية ابنة سيد العرب قبل الإسلام من قبل أمها عبد المطلب ، وهذه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط كانت من السابقات للإسلام، وأول مهاجرة من مكة إلى المدينة، وكان أبوها عدو الله وعدو رسول الله عليه الصلاة والسلام، وطالما آذاه وألب الناس عليه، خرج أبوها مع الكفار لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة بدر فوقع أسيراً، فكان ممن قتله صلى الله عليه وسلم صبراً، فعندما قال: (لمن تترك الصبية يا محمد؟ قال: للنار)، وكان لـعقبة صبية فأراد أن يرحمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، ونسي خبثه وسبابه وشتائمه وتحريضه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعندما خطب النبي صلى الله عليه وسلم أم كلثوم بنت عقبة قالت: إن كان لك فنعم؟ ووهبت نفسها من قبل للنبي عليه الصلاة والسلام، فقال: (أريد أن أنكحك مولاي
وقيل في ذلك سبب آخر: وهو أن أحد الصحابة واسمه جليبيب كان إلى الحاجة وإلى المسكنة أقرب، فخطب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كريمة من كرائم الأنصار، فقالت أمها وقال أهلها: رضينا يا رسول الله، فقال: ليس لي ولكن لـجليبيب ، فقالت الأم للأب: أتزوج ابنتنا لـجليبيب وقد رددنا فلاناً وفلاناً من كرام القوم وكبارهم؟
وإذا بالبنت المخطوبة تسمع هذا وكانت في خدرها فنادت أمها وأباها وقالت: أتردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً، زوجوني لمن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا يضيعني ما دامت الخيرة من رسول الله في جليبيب فتزوجت به، فما هو إلا زمن حتى حضرت غزوة من الغزوات، فخرج جليبيب مجاهداً مقاتلاً، واستشهد جليبيب وفي نهاية المعركة قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: ابحثوا من افتقدتم؟ فقالوا: فلاناً وفلاناً وفلاناً، قال: ولكنني لا أرى جليبيباً ابحثوا عنه بين القتلى، فوجدوه، وإذا بالنبي عليه الصلاة والسلام يترحم عليه ويضعه بين ساعديه حتى جهزوا له قبراً فدفنه بيديه الشريفتين صلى الله عليه وسلم، بلا غسل ولا صلاة شأن شهداء المعركة.
الشهداء تشهدهم الملائكة ويتولون أمرهم عن البشر، فدعا النبي عليه الصلاة والسلام لزوجته: أن يصب عليها المال صباً، وأن يودها الناس ويخطبوها، وإذا بشباب الأنصار والمهاجرين يتسابقون ويتبارون أيهم تكون من حصته ومن نصيبه، فتزوجت شاباً كريماً ذا وجاهة وكفاية وغنىً، وعاشت في رغد من العيش، كما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها اختارت أمر الله ورسوله.
إذاً: كانت هذه الأمور الثلاثة سبباً لنزول هذه الآية الكريمة، وذلك للعلم فقط، وإلا فالآية تعم السابق واللاحق إلى يوم القيامة، فإذا اختار الله أمراً واختار رسوله أمراً فلا يليق ولا ينبغي ولا يجوز لأي مؤمن ومؤمنة أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يفعل ويقدم خيرته ورأيه على أمر الله وأمر رسوله يكون عاصياً لله وعاصياً لرسوله، ويكون قد ضل الطريق السوي ضلالاً ظاهراً بيناً واضحاً.
استمع المزيد من الشيخ محمد المنتصر بالله الكتاني - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
تفسير سورة الأحزاب [14-18] | 2593 استماع |
تفسير سورة الأحزاب [55-56] | 2487 استماع |
تفسير سورة الأحزاب [50-51] | 2173 استماع |
تفسير سورة الأحزاب [32-34] | 2146 استماع |
تفسير سورة الأحزاب [23-28] | 2094 استماع |
تفسير سورة الأحزاب [57-59] | 1946 استماع |
تفسير سورة الأحزاب [53-55] | 1923 استماع |
تفسير سورة الأحزاب [1-4] | 1914 استماع |
تفسير سورة الأحزاب [30-33] | 1871 استماع |
تفسير سورة الأحزاب [63-72] | 1829 استماع |