المنهج العلمي [2]


الحلقة مفرغة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) ، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخط، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك،للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه) . وفي رواية لـمسلم : (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله سبحانه وتعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) يعني: لا حد لمضاعفته، (يدع شهوته وطعامه من أجلي، وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك) . قوله عز وجل في هذا الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم) له يعني له أجر محدود ومعين، الحسنة بعشرة أمثالها، أو تضاعف إلى سبعمائة ضعف (إلا الصوم) يعني: أجره غير محدود (فإنه لي وأنا أجزي به) فأجره بدون حساب، والذي يؤيد ذلك الرواية التي في صحيح مسلم : (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم) فيدل على أن المستثنى هنا هو هذه المضاعفة، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (والصيام جنة) الجنة من الوقاية يقي الإنسان عذاب الله تبارك وتعالى، (والصيام جنة) أي: يقي صاحبه مما يؤذيه من الشهوات، أو يقي صاحبه عذاب النار، (فإن كان أو فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث) الرفث: النطق بالكلام الفاحش، (ولا يسخط، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم) يحتمل أنه يقوله بلسانه حتى يذكر هذا الشخص الذي يؤذيه بحرمة هذا الشهر فيزدجر ويراعي حرمته، وإلا فيحدث بها نفسه حتى يمنعه ذلك من مشاتمته، يعني: يقول بينه وبين نفسه: إني صائم إني صائم، حتى يزجر نفسه عن أن يقابله بالمثل، أو يرفع بها صوته حتى ينزجر الشخص الآخر ويتذكر حرمة الصيام: (والذي نفس محمد بيدي لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) هذه الرائحة المتغيرة التي تخرج من المعدة وتكون في فم الصائم، هذه عند الله تبارك وتعالى أطيب من ريح المسك. (للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره) وهذا فرح فطري، فرح طبيعي أن الإنسان إذا جاع أو عطش فوجد الطعام والشراب فإنه يفرح بذلك فرحاً فطرياً، (وإذا لقي ربه فرح بصومه) يعني: إذا عاين ثواب هذا الصيام. وفي حديث الحارث الأشعري مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وآمركم بالصيام، ومثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة مسك كلهم يحبُّ أن يجد ريحها، وإن الصيام أطيب عند الله من ريح المسك) . وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)، وفي رواية: (ومن دخله لم يظمأ أبداً) . وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنة يستجن بها العبد من النار) . وعن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (ألا أدلك على أبواب الخير؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال:الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار) . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال: فيشفعان) . وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى على سرية في البحر، فبينما هم كذلك قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة إذا هاتف فوقهم يهتف -سمعوا الصوت ولم يروا شخصاً-: يا أهل السفينة! قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه. فقال أبو موسى رضي الله عنه: أخبرنا إن كنت مخبراً. قال: إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف يوم حر سقاه الله يوم العطش)، والجزاء من جنس العمل، وهذا حديث حسن. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: أسندت النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدري فقال: (من قال: لا إلا الله ختم له بها دخل الجنة، ومن صام يوماً ابتغاء وجه الله ختم له به دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة) . وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! مرني بعمل؟ قال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له. قلت: يا رسول الله! مرني بعمل؟ قال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له)، وفي رواية: (فإنه لا مثل له) . وقال عليه الصلاة والسلام: (ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً) . هذا فيما يتعلق بفضل الصيام عموماً.

أما الترغيب في صيام رمضان خصوصاً إيماناً واحتساباً، وقيام ليله وقيام ليلة القدر فقد جاء في فضل ذلك أحاديث كثيرة منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) .

وعنه أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: من قام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) يعني: من قام كل رمضان رغبة في الثواب من عند الله تبارك وتعالى لا مستثقلاً ولا متضجراً.

وقال عليه الصلاة والسلام: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) .

وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احضروا المنبر فحضرنا، فلما ارتقى درجة قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين، فلما نزل قلنا: يا رسول الله! لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه، قال عليه الصلاة والسلام: إن جبريل عرض لي فقال: بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له - دعا عليه بالإبعاد - قلت: آمين)يعني بَعُدَ يعني: بعداً وشقاءً لمن أدرك رمضان ووافته هذه الفرصة ثم مر رمضان ولم يغفر له يعني: أنه لم ينتهز هذه الفرصة الثمينة ولم يغتنمها حتى مر رمضان ولم يغفر له، أي: أن هذا الإنسان مفرط غاية التفريط إذ فاته رمضان دون أن يغفر له، ورمضان فرصة ذهبية ليبدأ الإنسان فيها صفحة جديدة من التوبة والاستقامة، فهي فرصة لكل الناس وسوق مفتوح لكل من يريد أن يربح؛ فلذلك دعا النبي عليه الصلاة والسلام بالإبعاد والمهلكة في حق من أدرك رمضان ولم يغفر له، (فلما رقيت الثانية قال: بعد يعني جبريل قال: بعد من ذكرتَ عنده فلم يصل عليك صلى الله عليه وسلم فقلت: آمين، فلما رقيت الثالثة قال: بعد من أدرك أبويه الكبر أو الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت: آمين) .

وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين) ومعروف الحديث: (وينادي المنادي: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) ففي كل ليلة هناك طائفة من المسلمين يعتقها الله تبارك وتعالى من النار، ويحكم عليها بالنجاة والبراءة من النار، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم وسائر المسلمين منهم.

فالمنادي ينادي ونحن لم نسمعه ولكن الصادق المصدوق أخبرنا: (يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر) فكل من نوى شراً في رمضان عليه أن يقصر وأن يتوقف عن هذا الشر ويحترم ويراعي حرمة هذا الشهر حتى لا يعكس ما وظف له هذا الشهر، فهذا الشهر شهر الانقطاع عن الشهوات وليس شهر الشهوات والطعام! فهذا شهر حبس النفس عن الغضب والانفعال وليس شهر الضجر وسوء الخلق مع الناس، ثم إذا أصبت بذلك تقول: أعذروني فإني صائم! هذا شهر الجهاد والعمل وليس شهر التكاسل والخمول! وهكذا، فالكثير من الناس عكسوا رمضان الذي هو موسم الطاعات والعبادات إلى موسم للهو واللعب والمعاصي.

وكان صلى الله عليه وسلم قد قال للصحابة رضي الله عنهم عشية أول ليلة من رمضان قال: (أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم) .

وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لله عند كل فطر عتقاء) .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة - يعني في رمضان - وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة) لكل مسلم في كل يوم وليلة من رمضان دعوة مستجابة وهذا صحيح.

أما الوعيد في حق من يضيع صيام رمضان فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلاً وعراً فقالا: اصعد فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا أنا بأصوات شديدة قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دماً، قال: قلت: من هؤلاء ؟! قالا: الذين يفطرون قبل تحلة صومهم) يعني: يتعجلون الإفطار قبل أذان المغرب قبل أن تغرب الشمس، كأنهم يصومون كل اليوم ثم يتعجلون في الإفطار قبل دخول وقت المغرب، فكيف يكون حال من لا يصوم أي وقت لا قبل تحلة في الإفطار ولا غير ذلك، فلا شك أن هذا من أقبح الكبائر التي لا تليق بمن ينتسب إلى هذا الدين؛ ولذلك كما ذكر العلماء: أن من أفطر عامداً كان تفويته لهذا الصيام من كبائر الذنوب، من يفطر في رمضان متعمداً، وقد ذكرنا لكم من قبل كلمة الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى، وعند بعض العلماء أن من ترك صوم رمضان بلا عذر فهو أشر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه وينسبونه إلى الزندقة والإخلال، هذه بعض الأحاديث الثابتة في فضيلة الصيام عموماً، وفي فضيلة صيام شهر رمضان خصوصاً.

فهذه فرصة لكل إنسان مهما بلغ من المعاصي أو التفريط في حق الله تبارك وتعالى، يمكن أن تكون هذه بداية جديدة في السير إلى الله عز وجل مهما كان ما مضى من المعاصي أو من التفريط في جنب الله، فالمحسن فيما مضى عليه أن يزداد إحساناً، والمسيء عليه أن ينزجر ويغتنم هذه الفرصة العظيمة.

ونحن نضطر في بداية كل رمضان تقريباً منذ عدة سنوات إلى التنبيه على هذا الموضوع المتعلق بالرؤية، والأحاديث في تعليق ثبوت دخول شهر رمضان على الرؤية البصرية معلومة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته) والمقصود: الرؤية البصرية، والعلة الشرعية للأحكام لا تعلم إلا من قبل الرسول عليه الصلاة والسلام، فالعلة الشرعية هي: الرؤية البصرية وليست الرؤية العلمية، أو كما يقول المبتدعة: الحساب الفلكي، فالعبرة كما أشرنا إلى هذا من قبل بالتفصيل بالرؤية البصرية.

لا ينبغي الاختلاف في ثبوت دخول رمضان

وقد نبتت طائفة ممن شذوا عن إجماع السلف الصالح رضي الله عنهم وبدءوا ينشرون هذه الفتنة بين وقت وآخر، وهي: الكلام في موضوع الحساب الفلكي والاعتماد عليه، وتقديمه على الرؤية البصرية.. إلى آخر هذا الكلام الذي يتكرر بصورة موسمية كلما آن هذا الأوان، لكن الذي ينبغي أن نلفت النظر إليه هو أن جميع علمائنا بلا استثناء متفقون على عدم مخالفة المفتي على الأقل في الظاهر، فكل علمائنا يفتون بهذا؛ لأن المخالفة في الظاهر تؤدي إلى فتنة عظيمة جداً بين الناس وإلى بلبلة، والناس في الحقيقة غير محتملين لمزيد من البلاء، يكفيهم التشنيع والحملات الصحفية والإعلامية على الدعوة الإسلامية، وعلى الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، وعلى الملتزمين بدينهم، فلا نريد مزيداً من التشنيع، فعلماؤنا ينصحون بأن الإنسان في مثل هذا الوقت لا يخالف على الأقل في الظاهر، ينقسمون فرغم أن المفتي يقيم فتواه على الحساب الفلكي بصفة أساسية إلا أن كثيراً من أهل العلم يرون متابعته حتى لو كان الأمر على هذا النحو، وهذا قول كثير من العلماء المعاصرين أن يتابع حتى وإن كان مخطئاً في ذلك، بناءً على أن الشهر هو ما اشتهر وعرف بين الناس أنه هو الشهر، ويعتمدون أيضاً على قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي في الترمذي : (الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس) أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فلابد أن ندرك هذه القاعدة: أن موضوع عدم الجهر بمخالفة المفتي هذا موضع اتفاق بين جميع العلماء، لا يوجد أحد من العلماء أبداً يقول لك: اخرج للناس في الطريق وإذا كانوا صائمين تظهر الإفطار أو العكس، أو تقيم صلاة عيد والأمة بجملتها لا تصلي العيد في هذا اليوم، فينبغي أنه لا يوافق أحد من العلماء على أن يجهر بالمخالفة، غاية ما في الأمر أن من لا يوافق العلماء، أو لا يأخذ بقول العلماء الذين يقولون بموافقة المفتي، أن يكون قلبه غير مطمئن، فهو يرى شرعاً أنه قد هلّ هلال رمضان، وصام هذا اليوم من رمضان وقلبه لا يطيق، إذاً يكون هذا مسلكاً شخصياً في السر لا يجهر بالمخالفة ولا يدعو أحداً إلى ذلك، فله أن يقوم الليل مثلاً لأن هذا في اعتقاده أول ليلة من رمضان، يقوم الليل مع أهله في بيته ولا يجهر بالمخالفة، كذلك في نهاية رمضان، حتى نفوت على أعداء المسلمين وأعداء الأمة هذا الغرض الخبيث، وهو المزيد من التمزيق لنفوسنا، وإحلال الحزن والهم والغم محل الفرحة التي اعتدنا عليها منذ شرف الله بلادنا بالإسلام، فأنت تشعر بطعم العبودية وطعم التعبد وأنت تجلس وتنتظر هل غداً سيحرم علينا الطعام والشراب أم لا؟ ماذا سيحكم الله عز وجل علينا في الطعام والشراب الذي هو حلال لنا في نهار اليوم ثم غداً يكون حراماً بحكم الله عز وجل؟ فكان هناك طعم للعبودية ولترقب رؤية الهلال! فنجزم جزماً على الإخوة ألا يجهر أحد ولا يدعو غيره، لكن يكون الأمر محدوداً جداً، ولا تظهر المخالفة بأي صورة لعموم المسلمين، فهذا فيما يتعلق بهذا الأمر، أنه من سيوافق المفتي في فتواه وفي منهجه لا تنكر عليه، فإذا كنت غير مطمئن لهذه الفتوى، ويعظم في قلبك أن هذا ثبت بصورة شرعية في أحد البلاد الإسلامية، بالذات التي فيها قضاء شرعي وفيها علماء ثقات وتعظيم لهذا الأمر ومراعاة لحدود الشرع فيه، فإن أخذت بذلك فلا تدع إلى المخالفة، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا الفتن، ويوفق جميع المسلمين في هذا الأمر.

المعتمد هو الرؤية البصرية حتى على القول بتعدد المطالع

والعلماء اختلفوا: هل لكل جهة من جهات البلاد الإسلامية المتباعدة مطلع خاص بالنسبة لرؤية الهلال؟ فإن القائلين بتعدد المطالع لهم أدلة، والقائلين بتوحيدها لهم أدلة، والقضية ليست بهذه الخطورة، لكن كلا الفريقين متفقون على أن المعتمد هو الرؤية البصرية، حتى وإن قالوا: بتعدد المطالع.

لا ينبغي مخالفة المفتي العام على الأقل في الظاهر في ثبوت دخول رمضان

وقد نبتت طائفة ممن شذوا عن إجماع السلف الصالح رضي الله عنهم وبدءوا ينشرون هذه الفتنة بين وقت وآخر، وهي: الكلام في موضوع الحساب الفلكي والاعتماد عليه وتقديمه على الرؤية البصرية إلى آخر هذا الكلام الذي يتكرر بصورة موسمية كلما آن هذا الأوان، لكن الذي ينبغي أن نلفت النظر إليه هو أن جميع علمائنا بلا استثناء متفقون على عدم مخالفة المفتي على الأقل في الظاهر، فكل علمائنا يفتون بهذا؛ لأن المخالفة في الظاهر تؤدي إلى فتنة عظيمة جداً بين الناس وإلى بلبلة، والناس في الحقيقة غير محتملين لمزيد من البلاء، يكفيهم التشنيع والحملات الصحفية والإعلامية على الدعوة الإسلامية وعلى الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، وعلى الملتزمين بدينهم، فلا نريد مزيداً من التشنيع، فعلماؤنا ينصحون بأن الإنسان في مثل هذا الوقت لا يخالف على الأقل في الظاهر، ينقسمون منهم من يرى رغم أن المفتي .... فتواه على الرؤية على الحساب الفلكي بصفة أساسية منهم، وهذا كثير من أهل العلم يرون أيضاً متابعته حتى لو كان الأمر على هذا يتابعه على ذلك، وهذا قول كثير من العلماء المعاصرين أن يتابع حتى وإن كان مخطئاً في ذلك، بناءاً على أن الشهر هو ما اشتهر وعرف بين الناس أنه هو الشهر، ويعتمدون أيضاً على قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي في الترمذي : {الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس} أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فلابد أن ندرك هذه القاعدة: أن موضوع عدم الجهر بمخالفة المفتي هذا موضع اتفاق بين جميع العلماء، لا يوجد أحد من العلماء أبداً يقول لك: تخرج للناس في الطريق وإذا كانوا صائمين تظهر الإفطار أو العكس، أو تقيم صلاة عيد والأمة بجملتها لا تصلي العيد في هذا اليوم، فإذاً ينبغي أنه لا يوافق أحد من العلماء على أن يجهر بالمخالفة، غاية ما في الأمر أن من لا يوافق العلماء أو لا يؤخذ بقول العلماء الذين يقولون: بموافقة المفتي: أن يكون قلبه غير مطمئن، فهو يرى شرعاً أنه قد هلّ هلال رمضان وصام هذا اليوم من رمضان وقلبه لا يطيق، إذاً يكون هذا مسلكاً شخصياً في السر لا يجهر بالمخالفة ولا يدعو أحداً إلى ذلك، ربما يقوم الليل مثلاً لأن هذا في اعتقاده أول ليلة من رمضان يقوم ليله مع أهله في بيته ولا يجهر بالمخالفة، كذلك في نهاية رمضان، حتى نفوت على أعداء المسلمين وأعداء الأمة هذا الغرض الخبيث وهو المزيد من التمزيق لنفوسنا وإحلال الحزن والهم والغم محل الفرحة التي اعتدنا عليها منذ شرف الله بلادنا بالإسلام، فأنت تشعر بطعم العبودية وطعم التعبد وأنت تجلس وتنتظر هل غداً سيحرم علينا الطعام والشراب أم لا يحرم؟ ماذا سيحكم الله عز وجل علينا في الطعام والشراب الذي هو حلال لنا في نهار اليوم ثم غداً يكون حراماً بحكم الله عز وجل، فكان هناك طعم للعبودية ولترقب رؤية الهلال! حسبنا الله ونعم الوكيل، ولكن نجزم جزماً على الإخوة ألا يجهر أحد ولا يدعو غيره، لكن يكون الأمر محدوداً جداً، ولا تظهر المخالفة بأي صورة لعموم المسلمين، فهذا فيما يتعلق بهذا الأمر، أنه من سيوافق المفتي في فتواه وفي منهجه لا تنكر عليه، فإذا كنت غير مطمئن لهذه الفتوى، ويعظم في قلبك أن هذا ثبت بصورة شرعية في أحد البلاد الإسلامية بالذات التي فيها قضاء شرعي وفيها علماء ثقات وتعظيم لهذا الأمر ومراعاة لحدود الشرع فيه، فإن أخذت بذلك فلا تدعو إلى المخالفة، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا الفتن، ويوفق جميع المسلمين في هذا الأمر.

وقد نبتت طائفة ممن شذوا عن إجماع السلف الصالح رضي الله عنهم وبدءوا ينشرون هذه الفتنة بين وقت وآخر، وهي: الكلام في موضوع الحساب الفلكي والاعتماد عليه، وتقديمه على الرؤية البصرية.. إلى آخر هذا الكلام الذي يتكرر بصورة موسمية كلما آن هذا الأوان، لكن الذي ينبغي أن نلفت النظر إليه هو أن جميع علمائنا بلا استثناء متفقون على عدم مخالفة المفتي على الأقل في الظاهر، فكل علمائنا يفتون بهذا؛ لأن المخالفة في الظاهر تؤدي إلى فتنة عظيمة جداً بين الناس وإلى بلبلة، والناس في الحقيقة غير محتملين لمزيد من البلاء، يكفيهم التشنيع والحملات الصحفية والإعلامية على الدعوة الإسلامية، وعلى الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، وعلى الملتزمين بدينهم، فلا نريد مزيداً من التشنيع، فعلماؤنا ينصحون بأن الإنسان في مثل هذا الوقت لا يخالف على الأقل في الظاهر، ينقسمون فرغم أن المفتي يقيم فتواه على الحساب الفلكي بصفة أساسية إلا أن كثيراً من أهل العلم يرون متابعته حتى لو كان الأمر على هذا النحو، وهذا قول كثير من العلماء المعاصرين أن يتابع حتى وإن كان مخطئاً في ذلك، بناءً على أن الشهر هو ما اشتهر وعرف بين الناس أنه هو الشهر، ويعتمدون أيضاً على قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي في الترمذي : (الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس) أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فلابد أن ندرك هذه القاعدة: أن موضوع عدم الجهر بمخالفة المفتي هذا موضع اتفاق بين جميع العلماء، لا يوجد أحد من العلماء أبداً يقول لك: اخرج للناس في الطريق وإذا كانوا صائمين تظهر الإفطار أو العكس، أو تقيم صلاة عيد والأمة بجملتها لا تصلي العيد في هذا اليوم، فينبغي أنه لا يوافق أحد من العلماء على أن يجهر بالمخالفة، غاية ما في الأمر أن من لا يوافق العلماء، أو لا يأخذ بقول العلماء الذين يقولون بموافقة المفتي، أن يكون قلبه غير مطمئن، فهو يرى شرعاً أنه قد هلّ هلال رمضان، وصام هذا اليوم من رمضان وقلبه لا يطيق، إذاً يكون هذا مسلكاً شخصياً في السر لا يجهر بالمخالفة ولا يدعو أحداً إلى ذلك، فله أن يقوم الليل مثلاً لأن هذا في اعتقاده أول ليلة من رمضان، يقوم الليل مع أهله في بيته ولا يجهر بالمخالفة، كذلك في نهاية رمضان، حتى نفوت على أعداء المسلمين وأعداء الأمة هذا الغرض الخبيث، وهو المزيد من التمزيق لنفوسنا، وإحلال الحزن والهم والغم محل الفرحة التي اعتدنا عليها منذ شرف الله بلادنا بالإسلام، فأنت تشعر بطعم العبودية وطعم التعبد وأنت تجلس وتنتظر هل غداً سيحرم علينا الطعام والشراب أم لا؟ ماذا سيحكم الله عز وجل علينا في الطعام والشراب الذي هو حلال لنا في نهار اليوم ثم غداً يكون حراماً بحكم الله عز وجل؟ فكان هناك طعم للعبودية ولترقب رؤية الهلال! فنجزم جزماً على الإخوة ألا يجهر أحد ولا يدعو غيره، لكن يكون الأمر محدوداً جداً، ولا تظهر المخالفة بأي صورة لعموم المسلمين، فهذا فيما يتعلق بهذا الأمر، أنه من سيوافق المفتي في فتواه وفي منهجه لا تنكر عليه، فإذا كنت غير مطمئن لهذه الفتوى، ويعظم في قلبك أن هذا ثبت بصورة شرعية في أحد البلاد الإسلامية، بالذات التي فيها قضاء شرعي وفيها علماء ثقات وتعظيم لهذا الأمر ومراعاة لحدود الشرع فيه، فإن أخذت بذلك فلا تدع إلى المخالفة، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا الفتن، ويوفق جميع المسلمين في هذا الأمر.

والعلماء اختلفوا: هل لكل جهة من جهات البلاد الإسلامية المتباعدة مطلع خاص بالنسبة لرؤية الهلال؟ فإن القائلين بتعدد المطالع لهم أدلة، والقائلين بتوحيدها لهم أدلة، والقضية ليست بهذه الخطورة، لكن كلا الفريقين متفقون على أن المعتمد هو الرؤية البصرية، حتى وإن قالوا: بتعدد المطالع.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم - عنوان الحلقة اسٌتمع
قصتنا مع اليهود 2629 استماع
دعوى الجاهلية 2566 استماع
شروط الحجاب الشرعي 2562 استماع
التجديد في الإسلام 2515 استماع
تكفير المعين وتكفير الجنس 2508 استماع
محنة فلسطين [2] 2469 استماع
انتحار أم استشهاد 2440 استماع
الموت خاتمتك أيها الإنسان 2411 استماع
تفسير آية الكرسي 2404 استماع
وإن عدتم عدنا 2397 استماع