الغلو في الدين [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم! بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد:

فسنقوم بتلخيص البحث القيم الذي كتبه الشيخ عبد الرحمن بن معلا اللويحق وهو بعنوان: (الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة).

وكالعادة فنحن نختار أحياناً بعض الكتب والبحوث القيمة التي لا تتوافر مع الإخوة، فنحاول نشر ما فيها من الفوائد بإذن الله، فهذا البحث في الحقيقة موضوعه يكاد يكون هو موضوع الساعة، ونحتاج لوقفة حتى نستخلص حقائق الغلو في الدين وتحديد الكلام في هذا الأمر.

فيذكر المؤلف هنا في مقدمة الكتاب أنه قبل هذا العصر الذي نعيشه كان البحث في الغلو ينصب على غلو الصوفية كعبدة القبور، وعقائد الشيعة مثلاً، ونحو هؤلاء من الغلاة، ولكنه في العصر الحديث توجه وجهة أخرى.

أي أن الغلو فيما مضى كان يختص بأهل الأهواء وأهل البدع الذين غالوا وتطرفوا في تناولهم لبعض قضايا الدين، مثل القضايا العلمية أو القضايا السلوكية، أما في العصر الحديث فقد توجه البحث في الغلو وجهة أخرى، حيث وقعت بعض المذاهب التي تنتمي إلى الدعوة الإسلامية في الغلو وغير ذلك من الأوصاف المنفرة كالتعصب والتطرف والتشدد وغير ذلك، مما جعل أعداء الإسلام اليوم يستغلون هذه الانحرافات من أجل محاربة الإسلام نفسه، تحت شعار محاربة التطرف والغلو وغير ذلك.

حقيقة الأطراف المتعلقة بالغلو

تجاذب هذا الموضوع أطراف متعددة، منهم الجفاة الذين يتهمون أهل التمسك بالدين بالغلو.

ومنهم الأعداء الذين يتخذون مهاجمة الغلو ذريعة لمهاجمة الإسلام.

ومنهم الغلاة أنفسهم الواقعون في الغلو حقيقة، ومع ذلك ينفون هذا الغلو عن ذاتهم ويتهمون غيرهم بالمروق من الدين.

إن أبرز ملامح هذا العصر ما يسمى بثورة المعلومات ووسائل الاتصالات، وهذه الوسائل أدت بدورها إلى نشر هذا الموضوع بكثافة شديدة جداً بين العامة والخاصة، وأضحى هذا الموضوع حديثاً للدهماء والعلماء دون أن يحكم بشيء من الضوابط والمعايير، فمن هنا تكمن أهمية تناول هذا الموضوع بإنصاف وتجرد.

أهمية موضوع الغلو وتعلقه بمستقبل الدعوة الإسلامية وضوابطه

يقول المؤلف حفظه الله: إن لهذا الموضوع أهمية بالغة في ذاته وفي زمنه، وفيما يتعلق بمستقبل الدعوة الإسلامية، فمن حيث الموضوع ذاته فهو يتعلق بعقيدة المسلمين وتنقيتها من شوائب الغلو من جانب، ويتعلق بالدعوة الإسلامية والدعاة من جانب آخر.

أما من حيث زمن الموضوع فإن البحث كتب في الظروف الآتية:

أولاً: بروز بعض أعمال الغلو وآراء الغلو من بعض المنتمين إلى التيارات الإسلامية، ولا شك في أن مثل هذه الانحرافات تحتاج إلى نقدها وكشفها نصحاً للمسلمين.

ثانياً: غياب معنى الغلو في الشريعة عن أذهان معظم الناس، فهم لا يعرفون ما معنى الغلو في شريعة الإسلام، وسحبوا على الإسلام مفهوم الغلو الموجود عند النصارى، فالنصارى يعبرون عن الغلاة بلفظة الأصوليين، هؤلاء هم الغلاة عند النصارى، فسحبوا نفس هذا اللفظ على الإسلام، مع وجود البون الشاسع بيننا معشر المسلمين وبين حقيقة هذا الإطلاق الخبيث كما سنبين إن شاء الله تعالى بالتفصيل.

إذاً: فغياب معنى الغلو عن معظم أذهان الناس جعلهم يأخذون مفهوم الغلو عند النصارى الذي يعبرون عنه بالأصولية أو يعبرون عنه بالتطرف، مما يؤكد الحاجة إلى بيان المعنى الصحيح حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها.

ثالثاً: اتخاذ محاربة الغلو ذريعة لمحاربة الإسلام، مما يستلزم رفع الستار عن أخطر ميادين الصراع بين الإسلام وبين الكفر، فلو أنهم ظهروا بأنهم يريدون تحطيم الإسلام وحرب الإسلام والتنفير من الإسلام ذاته لواجهوا مقاومة شديدة من المسلمين، لكن استغلوا بعض الغلو من بعض الناس فاتخذوه ستاراً كي يغطوا الزحف الذي يحاولون من ورائه القضاء على دين الله تبارك وتعالى.

أما من حيث مستقبل الدعوة فإن لهذا الموضوع أهمية عظيمة جداً؛ لأن التجرد من الغلو وكشف استغلال الأعداء لكلمة الغلو لاشك في أن له أثراً عظيماً جداً في تصحيح مسار الدعوة الإسلامية.

فبحث هذا الموضوع -موضوع الغلو- يمكن أن يساعد على ذلك، وذلك من عدة نواح:

أولاً: بالتأصيل، وذلك بوضع القواعد التي تحكم المواضع التي يحصل فيها الخلط بين التمسك بالدين وبين الغلو.

ثانياًًً: بالتحصين، فإن الغلو -في الحقيقة- ليس مشكلة آنية وقتية فقط، لكنه مشكلة قد تتكرر في كل وقت وفي كل زمان، فالحادث يمكن أن يزول، لكن قد يطرأ مرة أخرى إذا وجدت عوامله، فلابد من بيان جذور الغلو التاريخية وأصل النشأة؛ حتى تقطع المشكلة ويحصن الدعاة بضدها فلا يتكرر نموها مرة أخرى.

ثالثاً: من أجل حماية الدعوة الإسلامية؛ لأن وجود الغلو سبب عرقلة الدعوة الإسلامية، ولقد أوجد الغلو المسوغات لضربها، فلابد من إبعاد هذه العوائق عن طريق الدعوة الإسلامية وحمايتها من كل ما يتسبب في عرقلتها والوقوف في طريقها.

بيان مجمل لما يتضمنه كتاب الغلو في الدين

ذكر المؤلف أهمية الموضوع وذكر الموضوعات الأساسية التي سيتناولها بالبحث والتمحيص والتحقيق، فذكر في الفصل الأول تحديد مصطلحات البحث، وبيان وسطية الإسلام، ويسر الإسلام وسماحته، ومعنى الغلو في اللغة ومعنى الغلو في الشريعة.

وفي الفصل الثاني تكلم عن جذور الغلو في الدين، وطبيعته في حياة المسلمين المعاصرة في مبحثين:

أولاً: جذور الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، وذكر فيه ثلاثة مطالب: الأول: الجذور التاريخية للغلو.

الثاني: الجذور الفكرية، الثالث: الجذور النفسية.

ثانياً: طبيعة الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، وحجم الغلو في الدين أيضاً، ومفهوم الغلو في الدين عند العلماء المعاصرين؛ لأن بعض العلماء لهم في بعض المواضع وجهة نظر في استعمال كلمة الغلو، كما سنبين إن شاء الله تعالى.

كما ذكر مفهوم الغلو في الدين عند العلماء اليوم، وفي الفصل السابق ذكر معنى الغلو في اللغة، ثم معنى الغلو في الشرع، وهنا ذكر تعريف العلماء المعاصرين للغلو.

ثم ذكر -أيضاً- مفهوم الغلو في الدين عند العالم اليوم؛ لأن التمسك بالدين في عصرنا صار غلواً وما عليه المجتمعات من الانحرافات هو الوسط، فأي انحراف عن هذا الواقع الذي تعيشه هذه المجتمعات يسمى تطرفاً وغلواً، ومن ثم ذكر مفهوم الغلو عند الغربيين.

أما الفصل الثالث -وهو من أهم الفصول في الحقيقة- فتكلم فيه عن مظاهر الغلو العقدية والتشريعية.

فذكر -أولاً- الغلو في قضية الولاء والبراء، باعتبارها قضية من أهم قضايا أصول الدين بعد التوحيد، فذكر أن هذه القضية طرأ فيها نوع من الغلو عند كثير من الناس.

ثم ذكر الغلو في مفهوم الجماعة؛ لأن بعض الجماعات غلت وشوهت بجمال الإسلام، وقسمت الإسلام إلى أحزاب وشيع متناحرة بسبب تحزبها وتعصبها لمفهوم الجماعة، وذكر أمثلة من نقول بعض المنتمين لهذه الجماعات تعكس مدى الغلو الشديد في هذا المفهوم.

ثم تكلم عن الغلو في التعصب للجماعة، بجعل الجماعة مصدر الحق، والغلو في القائد، والغلو في البراءة من المجتمعات المسلمة.

ثم ذكر في المبحث الثاني الغلو في التكفير، وذكر فيه أحد عشر مطلباً، أولها: معنى الغلو وخطورة التكفير، ثم التكفير بالمعصية، ثم تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله بإطلاق بدون تفصيل، ثم تكفير الأتباع المحكومين بغير ما أنزل الله بإطلاق، ثم تكفير الخارج عن الجماعة، ثم تكفير المقيم غير المهاجر، ثم تكفير المعين دون مراعاة الضوابط الشرعية، ثم تكفير من لم يكفر الكافر بزعمهم، ثم بدعة التوقف والتبين، ثم القول بجاهلية المجتمعات المسلمة المعاصرة، ثم الغلو فيما يتعلق بالحكم على ديار المسلمين اليوم وبأنها ديار كفر وحرب أو ديار إسلام، وما يترتب على ذلك من تداعيات في منتهى الخطورة.

وأما المبحث الثالث فهو يتكلم عن إحداث أصول تشريعية جديدة؛ لأن بعض أهل البدع وأهل الغلو أحدثوا واخترعوا أصولاً جديدة في الشريعة، فذكر -أولاً- الغلو في ذم التقليد، وفيه ثلاثة مطالب: الأول: الغلو في مفهوم التقليد وإنكار الإجماع، الثاني: الغلو في ذم المقلدين، الثالث: إلزام جميع الناس بالاجتهاد والتشديد على الناس.

أما الفصل الرابع فيقول: خصصته لبيان مظاهر الغلو العملية، ووسمته بمجالات الغلو العملية والسلوكية.

فالفصل الثالث كان في مجالات الغلو الاعتقادية، أما الرابع ففي القضايا عملية وسلوكية، وذكر فيه مباحث:

المبحث الأول: الغلو في السلوك الفردي، وتكلم فيه عن أمرين: أولاً: التشديد على النفس.

ثانياً: تحريم الطيبات.

المبحث الثاني: الغلو في السلوك الاجتماعي، وذكر فيه قضية الخروج على الحكام والغلو فيها، وكذلك قضية تحريم التعليم والدعوة إلى الأمية والغلو فيها، وقضية تحريم الصلاة في المساجد بحجة أنها مساجد ضرار، وقضية إيقاف وتعطيل صلاة الجمعة بحجة أن البلاد بلاد كفر ولا يوجد إمام إلى غير ذلك من الكلام، وقضية اعتزال المجتمعات ومفاصلتها، وقضية هجرة المجتمعات ودعم القول بمرحلية الأحكام، وقضية القول بأننا نعيش في العهد المكي، وقضية تحريم العمل في الوظائف الحكومية ومظاهر الغلو في هذا الجانب.

لقد كان المؤلف -في الحقيقة- إلى حد كبير جداً موفقاً في هذا البحث، مع كثرة المصنفات في هذا الجانب، لكن الغالب على الناس خاصة في هذه الظروف التي نعيشها الآن أنهم يحرصون على أن يحصلوا على شهادة حسن سيرة وسلوك بالنفاق والمداهنة في مثل هذه القضايا الحساسة، لكن هنا قد وفق المؤلف في هذا البحث، ونحسبه -إن شاء الله- أنه كان متجرداً في عرضه للقضايا والبحث العلمي.

تجاذب هذا الموضوع أطراف متعددة، منهم الجفاة الذين يتهمون أهل التمسك بالدين بالغلو.

ومنهم الأعداء الذين يتخذون مهاجمة الغلو ذريعة لمهاجمة الإسلام.

ومنهم الغلاة أنفسهم الواقعون في الغلو حقيقة، ومع ذلك ينفون هذا الغلو عن ذاتهم ويتهمون غيرهم بالمروق من الدين.

إن أبرز ملامح هذا العصر ما يسمى بثورة المعلومات ووسائل الاتصالات، وهذه الوسائل أدت بدورها إلى نشر هذا الموضوع بكثافة شديدة جداً بين العامة والخاصة، وأضحى هذا الموضوع حديثاً للدهماء والعلماء دون أن يحكم بشيء من الضوابط والمعايير، فمن هنا تكمن أهمية تناول هذا الموضوع بإنصاف وتجرد.

يقول المؤلف حفظه الله: إن لهذا الموضوع أهمية بالغة في ذاته وفي زمنه، وفيما يتعلق بمستقبل الدعوة الإسلامية، فمن حيث الموضوع ذاته فهو يتعلق بعقيدة المسلمين وتنقيتها من شوائب الغلو من جانب، ويتعلق بالدعوة الإسلامية والدعاة من جانب آخر.

أما من حيث زمن الموضوع فإن البحث كتب في الظروف الآتية:

أولاً: بروز بعض أعمال الغلو وآراء الغلو من بعض المنتمين إلى التيارات الإسلامية، ولا شك في أن مثل هذه الانحرافات تحتاج إلى نقدها وكشفها نصحاً للمسلمين.

ثانياً: غياب معنى الغلو في الشريعة عن أذهان معظم الناس، فهم لا يعرفون ما معنى الغلو في شريعة الإسلام، وسحبوا على الإسلام مفهوم الغلو الموجود عند النصارى، فالنصارى يعبرون عن الغلاة بلفظة الأصوليين، هؤلاء هم الغلاة عند النصارى، فسحبوا نفس هذا اللفظ على الإسلام، مع وجود البون الشاسع بيننا معشر المسلمين وبين حقيقة هذا الإطلاق الخبيث كما سنبين إن شاء الله تعالى بالتفصيل.

إذاً: فغياب معنى الغلو عن معظم أذهان الناس جعلهم يأخذون مفهوم الغلو عند النصارى الذي يعبرون عنه بالأصولية أو يعبرون عنه بالتطرف، مما يؤكد الحاجة إلى بيان المعنى الصحيح حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها.

ثالثاً: اتخاذ محاربة الغلو ذريعة لمحاربة الإسلام، مما يستلزم رفع الستار عن أخطر ميادين الصراع بين الإسلام وبين الكفر، فلو أنهم ظهروا بأنهم يريدون تحطيم الإسلام وحرب الإسلام والتنفير من الإسلام ذاته لواجهوا مقاومة شديدة من المسلمين، لكن استغلوا بعض الغلو من بعض الناس فاتخذوه ستاراً كي يغطوا الزحف الذي يحاولون من ورائه القضاء على دين الله تبارك وتعالى.

أما من حيث مستقبل الدعوة فإن لهذا الموضوع أهمية عظيمة جداً؛ لأن التجرد من الغلو وكشف استغلال الأعداء لكلمة الغلو لاشك في أن له أثراً عظيماً جداً في تصحيح مسار الدعوة الإسلامية.

فبحث هذا الموضوع -موضوع الغلو- يمكن أن يساعد على ذلك، وذلك من عدة نواح:

أولاً: بالتأصيل، وذلك بوضع القواعد التي تحكم المواضع التي يحصل فيها الخلط بين التمسك بالدين وبين الغلو.

ثانياًًً: بالتحصين، فإن الغلو -في الحقيقة- ليس مشكلة آنية وقتية فقط، لكنه مشكلة قد تتكرر في كل وقت وفي كل زمان، فالحادث يمكن أن يزول، لكن قد يطرأ مرة أخرى إذا وجدت عوامله، فلابد من بيان جذور الغلو التاريخية وأصل النشأة؛ حتى تقطع المشكلة ويحصن الدعاة بضدها فلا يتكرر نموها مرة أخرى.

ثالثاً: من أجل حماية الدعوة الإسلامية؛ لأن وجود الغلو سبب عرقلة الدعوة الإسلامية، ولقد أوجد الغلو المسوغات لضربها، فلابد من إبعاد هذه العوائق عن طريق الدعوة الإسلامية وحمايتها من كل ما يتسبب في عرقلتها والوقوف في طريقها.

ذكر المؤلف أهمية الموضوع وذكر الموضوعات الأساسية التي سيتناولها بالبحث والتمحيص والتحقيق، فذكر في الفصل الأول تحديد مصطلحات البحث، وبيان وسطية الإسلام، ويسر الإسلام وسماحته، ومعنى الغلو في اللغة ومعنى الغلو في الشريعة.

وفي الفصل الثاني تكلم عن جذور الغلو في الدين، وطبيعته في حياة المسلمين المعاصرة في مبحثين:

أولاً: جذور الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، وذكر فيه ثلاثة مطالب: الأول: الجذور التاريخية للغلو.

الثاني: الجذور الفكرية، الثالث: الجذور النفسية.

ثانياً: طبيعة الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة، وحجم الغلو في الدين أيضاً، ومفهوم الغلو في الدين عند العلماء المعاصرين؛ لأن بعض العلماء لهم في بعض المواضع وجهة نظر في استعمال كلمة الغلو، كما سنبين إن شاء الله تعالى.

كما ذكر مفهوم الغلو في الدين عند العلماء اليوم، وفي الفصل السابق ذكر معنى الغلو في اللغة، ثم معنى الغلو في الشرع، وهنا ذكر تعريف العلماء المعاصرين للغلو.

ثم ذكر -أيضاً- مفهوم الغلو في الدين عند العالم اليوم؛ لأن التمسك بالدين في عصرنا صار غلواً وما عليه المجتمعات من الانحرافات هو الوسط، فأي انحراف عن هذا الواقع الذي تعيشه هذه المجتمعات يسمى تطرفاً وغلواً، ومن ثم ذكر مفهوم الغلو عند الغربيين.

أما الفصل الثالث -وهو من أهم الفصول في الحقيقة- فتكلم فيه عن مظاهر الغلو العقدية والتشريعية.

فذكر -أولاً- الغلو في قضية الولاء والبراء، باعتبارها قضية من أهم قضايا أصول الدين بعد التوحيد، فذكر أن هذه القضية طرأ فيها نوع من الغلو عند كثير من الناس.

ثم ذكر الغلو في مفهوم الجماعة؛ لأن بعض الجماعات غلت وشوهت بجمال الإسلام، وقسمت الإسلام إلى أحزاب وشيع متناحرة بسبب تحزبها وتعصبها لمفهوم الجماعة، وذكر أمثلة من نقول بعض المنتمين لهذه الجماعات تعكس مدى الغلو الشديد في هذا المفهوم.

ثم تكلم عن الغلو في التعصب للجماعة، بجعل الجماعة مصدر الحق، والغلو في القائد، والغلو في البراءة من المجتمعات المسلمة.

ثم ذكر في المبحث الثاني الغلو في التكفير، وذكر فيه أحد عشر مطلباً، أولها: معنى الغلو وخطورة التكفير، ثم التكفير بالمعصية، ثم تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله بإطلاق بدون تفصيل، ثم تكفير الأتباع المحكومين بغير ما أنزل الله بإطلاق، ثم تكفير الخارج عن الجماعة، ثم تكفير المقيم غير المهاجر، ثم تكفير المعين دون مراعاة الضوابط الشرعية، ثم تكفير من لم يكفر الكافر بزعمهم، ثم بدعة التوقف والتبين، ثم القول بجاهلية المجتمعات المسلمة المعاصرة، ثم الغلو فيما يتعلق بالحكم على ديار المسلمين اليوم وبأنها ديار كفر وحرب أو ديار إسلام، وما يترتب على ذلك من تداعيات في منتهى الخطورة.

وأما المبحث الثالث فهو يتكلم عن إحداث أصول تشريعية جديدة؛ لأن بعض أهل البدع وأهل الغلو أحدثوا واخترعوا أصولاً جديدة في الشريعة، فذكر -أولاً- الغلو في ذم التقليد، وفيه ثلاثة مطالب: الأول: الغلو في مفهوم التقليد وإنكار الإجماع، الثاني: الغلو في ذم المقلدين، الثالث: إلزام جميع الناس بالاجتهاد والتشديد على الناس.

أما الفصل الرابع فيقول: خصصته لبيان مظاهر الغلو العملية، ووسمته بمجالات الغلو العملية والسلوكية.

فالفصل الثالث كان في مجالات الغلو الاعتقادية، أما الرابع ففي القضايا عملية وسلوكية، وذكر فيه مباحث:

المبحث الأول: الغلو في السلوك الفردي، وتكلم فيه عن أمرين: أولاً: التشديد على النفس.

ثانياً: تحريم الطيبات.

المبحث الثاني: الغلو في السلوك الاجتماعي، وذكر فيه قضية الخروج على الحكام والغلو فيها، وكذلك قضية تحريم التعليم والدعوة إلى الأمية والغلو فيها، وقضية تحريم الصلاة في المساجد بحجة أنها مساجد ضرار، وقضية إيقاف وتعطيل صلاة الجمعة بحجة أن البلاد بلاد كفر ولا يوجد إمام إلى غير ذلك من الكلام، وقضية اعتزال المجتمعات ومفاصلتها، وقضية هجرة المجتمعات ودعم القول بمرحلية الأحكام، وقضية القول بأننا نعيش في العهد المكي، وقضية تحريم العمل في الوظائف الحكومية ومظاهر الغلو في هذا الجانب.

لقد كان المؤلف -في الحقيقة- إلى حد كبير جداً موفقاً في هذا البحث، مع كثرة المصنفات في هذا الجانب، لكن الغالب على الناس خاصة في هذه الظروف التي نعيشها الآن أنهم يحرصون على أن يحصلوا على شهادة حسن سيرة وسلوك بالنفاق والمداهنة في مثل هذه القضايا الحساسة، لكن هنا قد وفق المؤلف في هذا البحث، ونحسبه -إن شاء الله- أنه كان متجرداً في عرضه للقضايا والبحث العلمي.

نشرع في ذكر المقدمة التي تحدث فيها عن وسطية الإسلام؛ لأننا نريد أن نتكلم عن الغلو، أو بتعبير آخر: عن الإفراط والتفريط، أو بتعبير ثالث: عن التطرف، وهو الأخذ بالأطراف.

وحينئذٍ فلاشك في أننا نحتاج -أولاً- إلى أن نتحدث عن اتصاف الإسلام بالوسطية حتى نستحضر منذ البداية أن الوسط هو ما أنزله الله وهو الحق، وأن من حاد عنه صار متطرفاً.

إذاً: فبدلاً من أن نقول عن الذي يمتنع عن التطرف إنه (متطرف) سنقول: إن المتطرف هو الذي يصافح النساء، وبدلاً من أن نقول: إن المتطرفين هم الذين يحاولون تسييس الدين نقول: المتطرف والملحد والزنديق هو الذي يريد أن يفصل الدين عن الحياة ويدين بدين العلمانية. وهكذا في كل قضية من القضايا سيخرج هؤلاء الذين تكالبوا على دين الإسلام عن وسطية الإسلام.

إن وسطية الإسلام هي -في الحقيقة- من أبرز خصائص هذه الأمة المحمدية، فقد قال الله عز وجل: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143] فقوله: (أُمَّةً وَسَطًا) يعني: عدولاً. لذلك نجد الإسلام في كل قضية من القضايا العلمية أو العملية يقدم المنهج الوسط والعدل والمعتدل في كل شئون الحياة، بل لا يكتفي الإسلام بهذا، وإنما مع أخذه بالوسطية يحذر تحذيراً شديداً جداً من الانحراف إلى أحد الاتجاهين: الغلو أو التقصير، أو الإفراط أو التفريط.

ونحن نكرر هذا الدعاء في اليوم والليلة على الأقل سبع عشرة مرة، وهو قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] ولم يكتف سبحانه وتعالى بذلك، بل وصفه بقوله: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] إذاً: الصراط المستقيم لا يمكن أن يكون مستقيماً إلا إذا خالف سلوك هذين الفريقين: أولهم: المغضوب عليهم وهم اليهود لعنهم الله.

ثانيهم: الضالون وهم النصارى؛ لأن اليهود عصوا الله عن علم فاستحقوا الغضب، والنصارى عبدوا الله عن جهل فاستحقوا الضلال.

فهذه الوسطية التي تميز الإسلام عما سواه من الأديان هي العدل، فإن معنى قوله تبارك وتعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143] أي: عدولاً خياراً. والدليل على أن سياق الآية يفيد هذا المعنى أن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الوسطية علة لتكليف هذه الأمة بالشهادة على الأمم الأخرى؛ لأن الشاهد يشترط فيه العدالة، ولا تقوم الشهادة ولا تقبل إلا من عدل، وكذلك قوله تبارك وتعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110]، والقرآن يفسر بعضه بعضاً، فلذلك قلنا: إن (وسطاً) تشمل -أيضاً- معنى الخيرية في قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143] أي: عدولاً خياراً.

فبين وصف الأمة بالخيرية ووصفها بالوسطية تلازم؛ إذ إن الوسط في لغة العرب الخيار، كما سيأتي إن شاء الله، أما السنة فجاء الخبر فيها صريحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم بتفسير الوسطية بالعدالة، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم يا رب. فتسأل أمته. هل بلغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير. فيقول: من شهودك -يا نوح- على أنك أبلغتهم؟ فيقول نوح: محمد وأمته عليه الصلاة والسلام) لأن هذه الأمة تؤمن بجميع الأنبياء، وتعظم جميع الأنبياء، وتنزه جميع الأنبياء عما لا يليق بهم، إلى غير ذلك من اعتقادها النقي في حق الأنبياء؛ لأن من أركان إيمان أمة محمد أنهم يؤمنون بنوح وغيره من الأنبياء عليهم السلام عن طريق القرآن والوحي الذي أخبر أن نوحاً أتى قومه وبلغهم وحصل معهم كذا وكذا وكذا، فلذلك هذه الأمة تشهد عن علم يقيني، وهو الوحي الذي أوحاه الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فلذلك لما ينكر قوم نوح ويقولون: ما جاءنا من نذير. يظنون أن هذا الإنكار ينفعهم في هذا الموقف، قال صلى الله عليه وسلم: (فيقول: من شهودك؟ فيقول نوح -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-: محمد وأمته. فيجاء بكم فتشهدون. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143] قال: عدلاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143]) هذا الحديث رواه البخاري وأحمد رحمهما الله تعالى.

يقول ابن جرير رحمه الله: وأما الوسط فإنه في كلام العرب الخيار، يقال: فلان وسط الحسب في قومه أي: متوسط الحسب. إذا أرادوا بذلك الرفع في حسبه.

وورد عن أبي بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه أنه وصف المهاجرين في يوم سقيفة بني ساعدة بقوله: (هم أوسط العرب داراً) والمقصود به أنهم خير العرب.

ومن ذلك أيضاً قول زهير بن أبي سلمى :

وهم وسط يرضى الأنام بحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي العظائم

فقوله: (وهم وسط) يعني: هم عدول .

ومن معاني الوسط الشيء الذي يكون بين طرفين، وليس هناك تعارض بين القول بأن الوسط هو العدل وبين القول بأن الوسط هو الجزء بين الطرفين؛ لأن الجزء بين الطرفين في موضع اعتدال من الجانبين، وهذا من حيث اللغة.

قال الطبري رحمه الله تعالى: وأرى أن الله تعالى ذكره إنما وصفهم بأنهم وسط لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه غلو النصارى الذين غلو بالترهب وقيلهم في عيسى ما قالوه فيه، ولا هم أهل تقصير فيه تقصير اليهود الذين بدلوا كتاب الله وقتلوا أنبياءهم وكذبوا على ربهم، ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه، فوصفهم الله بذلك إذ كان أحب الأمور إلى الله عز وجل أوسطها.

وكذلك العدل يأتي دوماً وسطاً بين طرفين ذميمين، قال حذيفة رضي الله تعالى عنه: ( اتقوا الله يا معشر القراء خذوا طريق من كان قبلكم، والله إن سبقتم لقد سبقتم سبقاً بعيداً، ولئن تركتموه يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيدا ) وهذا إشارة إلى نفس هذا المعنى.

وكتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى كتاباً إلى عامل من عماله فقال بعد أن أوصاه بلزوم طريق من سلف: ما دونهم من مقصر، وما فوقهم من محسر، لقد قصر بينهم إخوان فجفوا، وطمع عنهم قوم آخرون فغلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: ما أمر الله عز وجل بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط وإضاعة، وإما إلى إفراط وغلو، ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسط بين طرفين ذميمين، فكما أن الجافي عن الأمر مضيع له فالغالي فيه مضيع له، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بتجاوزه الحد. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

يحاول بعض الناس الاعتياض عن هذه التعبيرات الشرعية العظيمة بكلام يسمونه الحكمة، كقولهم مثلاً في محاولة وضع حد لتعريف الوسطية: إن الفضيلة وسط بين رذيلتين. والخطأ في هذه العبارة هو جعل هذه المقولة معياراً بشرياً للحكم على الرذائل والفضائل، وهذا ليس بصحيح؛ لأن تحديد الفضيلة والرذيلة ليس من شأن البشر، وإنما هو إلى الله سبحانه وتعالى، ولأن الذي جعلنا الأمة وسطاً هو الله سبحانه وتعالى، وذلك بقوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ [البقرة:143] فإذاً: الميزان هو شرع الله تبارك وتعالى في تحديد الوسطية والفضيلة والرذيلة.

ولأن تحديد الوسط بالنسبة للعقل البشري شيء صعب جداً، فمن الصعب أن يتفق الناس على شيء وسط.

يقول أرسطو : إن إدراك الوسط في كل شيء أمر صعب جداً. ويقول الغزالي : إن إدراك الوسط هو من أعقد الأمور وأعصاها، كذلك تحديد الوسط أمر نسبي يختلف باختلاف الأشخاص، ولذلك قال ابن سينا : ليس وسط الشيء عينه، بل الوسط بالنسبة إلينا.

إذاً: الوسطية ليست معياراً بشرياً، ولكنها ميزة تميز بها هذا الدين وتميزت بها شرائعه، فالدين وأهله براء من الانحراف، سواء الجانح إلى الغلو أو الجانح إلى التقصير.

إن مظاهر هذه الوسطية في الدين كثيرة جداً؛ إذ هي شاملة لجميع جوانب الحياة، فكل أمر من أوامر الإسلام جاء على وفق العدل.

نذكر هنا بعض الأمثلة لبيان أن مواقف الناس تتأرجح فيما يتعلق مثلاً بالسلوك المادي، فهناك موقفان متطرفان: الأول: زاغت طائفة فرأت أن المال هو الهدف الأسمى والغاية القصوى، كما هو معروف عن اليهود الذين وصفهم تبارك وتعالى بقوله: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ [البقرة:96] ومعروف حب اليهود للمال، وهو مما يتندر به الشعراء، حتى إن أحدهم يصف جمال امرأة بأنه ينسي اليهودي الذهب، وهذا يدل على إسراف اليهود في حب المال وعبادته.

الثاني: زاغت طائفة أخرى وهم النصارى، فحرموا على أنفسهم حقها من الحياة فابتدعوا الرهبانية، يقول عز وجل عنهم: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ [الحديد:27].

وجاء الإسلام أمام هذين الانحرافين بالعدل، وأعطى كل ذي حق حقه، فقال عز وجل: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [القصص:77] وقال عز وجل: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف:32].

ونهى عن الإفراط في حب المادة، فقال عز وجل: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد:20] ونهى -أيضاً- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشديد على النفس والترهب كما يفعل النصارى، فقال عليه الصلاة والسلام: (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم؛ فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم).

فإذاً: كل ما يثبت عن الدين فلابد من أن نقطع بأنه هو العدل وهو الوسطية والخيرية، وأن نكل هذا الأمر إلى الدين وليس إلى العقول البشرية، فهو دين الوسطية والاعتدال، وهذه هي الميزة التي ميزت الإسلام عن سائر الأديان في كل القضايا بلا استثناء.