دراسة حول الملائكة


الحلقة مفرغة

إن الملائكة يحفظون الإنسان، ويأتونه بالوحي، ويحفظون أعماله، فقد وكلهم الله بحفظ أعمال الإنسان، كما قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ [الانفطار:10]، فالحافظون هم الملائكة، وقال تعالى: كِرَامًا كَاتِبِينَ [الانفطار:11]، فهم يتصفون بصفتين: كرماء أي: أخيار، وكاتبين، وقال تعالى: يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار:12].

وقد وكل الله على كل إنسان ملكين حاضرين لا يفارقانه، يأتيانه ويحصيان عليه أعماله وأقواله، قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:16-18]، قوله: (رقيب عتيد) يعني: مراقب معد حاضر، لا يفارق الإنسان، يعلم حاله لكثرة ملازمته وحضوره، ويعلم كل ما يؤثر ويصدر عن الإنسان من أقوال وأفعال، ويبدو من النصوص التي بين أيدينا أن الملائكة تكتب كل شيء يصدر عن الإنسان من أقوال وأفعال، لقول الله سبحانه وتعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ [ق:18]، وهذه تفيد العموم في اللغة العربية، من قول أي قول؛ لذلك فإن يوم القيامة عندما يرى الكفار كتابهم يقول قائلهم: يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49].

وقد نقل ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ [ق:17] أن الحسن البصري -وكان من خيرة الزهاد والوعاظ، وكان رجلاً صالحاً- تلا هذه الآية وقال: يا ابن آدم! بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ الحسنات، وأما الذي عن يسارك فيحفظ السيئات، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مت طويت صحيفتك، وجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة، فعند ذلك يقول الله تعالى: وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء:13-14]، ثم يقول -أي الحسن البصري -: عدل والله فيك من جعلك حسيب نفسك. نعم، فهذا قمة في العدل.

ويذكر ابن كثير عن ابن عباس أنه كان يقول: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18] قال: يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى إنه ليكتب قوله: أتيت، شربت، ذهبت، جئت، رأيت، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله، فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر، وألقي سائره، وذلك قوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39].

وذكر ابن كثير عن الإمام أحمد أنه كان يئن في مرضه فبلغه عن طاوس أنه قال: يكتب الملك كل شيء حتى الأنين، فلم يئن أحمد حتى مات رحمه الله.

وما ورد على لسان الحسن البصري من أن صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات ورد في حديث صحيح يرويه الطبراني في معجمه أن صاحب الشمال يرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كتبت عليه.

كتابة الملائكة أفعال ونيات القلوب

استدل صاحب الطحاوية على أن الملائكة تكتب أفعال القلوب بقوله تعالى: يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار:12]، يقول: هذه آية شاملة للأفعال الظاهرة والباطنة، واستدل أيضاً بالحديث المتفق عليه عند البخاري ومسلم ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: إذا هم عبدي بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشراً)، فهو يقول للملائكة: (إذا هم)، وما أراد في الهم إلا أقل درجة من الإرادة والنية.

كذلك الحديث الآخر أيضاً في البخاري ومسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قالت الملائكة: ذاك عبد يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به، فقال: ارقبوه فإن عملها فاكتبوها بمثلها سيئة، وإن تركها فاكتبوها له حسنة، إنما تركها من جرائي) يعني: لأجلي خوفاً مني، فهذه النصوص تدل على أن الملائكة تعلم إرادة الإنسان لعلم أعطاهم الله يعلمون به ذلك.

استدل صاحب الطحاوية على أن الملائكة تكتب أفعال القلوب بقوله تعالى: يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار:12]، يقول: هذه آية شاملة للأفعال الظاهرة والباطنة، واستدل أيضاً بالحديث المتفق عليه عند البخاري ومسلم ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: إذا هم عبدي بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشراً)، فهو يقول للملائكة: (إذا هم)، وما أراد في الهم إلا أقل درجة من الإرادة والنية.

كذلك الحديث الآخر أيضاً في البخاري ومسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قالت الملائكة: ذاك عبد يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به، فقال: ارقبوه فإن عملها فاكتبوها بمثلها سيئة، وإن تركها فاكتبوها له حسنة، إنما تركها من جرائي) يعني: لأجلي خوفاً مني، فهذه النصوص تدل على أن الملائكة تعلم إرادة الإنسان لعلم أعطاهم الله يعلمون به ذلك.

علاقة الملائكة بالمؤمنين علاقة قوية تجمعهم رابطة الإيمان، وهم يحبون المؤمنين الصادقين في إيمانهم كما في حديث البخاري ومسلم (إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل: إن الله قد أحب فلاناً فأحبوه -أي: يحبه جبريل- ثم ينادي جبريل في السماء: إن الله قد أحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء، ويوضع له القبول في الأرض).

وهم يصلون على المؤمنين، ويدعون لهم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب:56]، وقال: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب:43].

فالله يذكر العبد في الملأ الأعلى، وإن الملائكة تدعو للعبد الصالح، وقد ذكر لنا الرسول صلى الله عليه وسلم نماذج من الأعمال التي تصلي فيها الملائكة على صاحبها، فمن ذلك: معلم الناس الخير الذي يعلمه، فمن الجوائز التي ينالها أن تصلي ملائكة السماء عليه، كما في الحديث الذي رواه الطبراني والترمذي بسند صحيح قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير).

وكذلك الذين يقصدون المساجد للصلاة في جماعات، ففي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الملائكة تصلي على الذي يأتي المسجد للصلاة، وتقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه ما لم يحدث فيه).

وكذلك الذين يصلون في الصفوف الأولى، كما في سنن أبي داود وابن ماجة وفي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول)، وفي رواية: (إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم).

وكذلك الذين يمكثون في مصلاهم بعد الصلاة، ففي سنن أبي داود والنسائي عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث أو يقم تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه).

وكذلك الذين يسدون الفرج خلال الصفوف، ففي سنن ابن ماجة ومسند أحمد والحاكم عن عائشة مرفوعاً: (إن الله تعالى وملائكته يصلون على الذين يقيمون الصفوف) أي يسوونها، ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة.

وكذلك تصلي الملائكة على الذين يتسحرون في رمضان، كما في صحيح ابن حبان ومعجم الطبراني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى وملائكته يصلون على المتسحرين).

ومن ذلك صلاة الملائكة على الذين يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (ما من عبد يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي علي فليقل العبد من ذلك أو ليكثر).

كذلك صلاة الملائكة على الذي يعود المريض، ففي صحيح ابن حبان عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من امرئ مسلم يعود مسلماً إلا ابتعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه في أي ساعات النهار كان حتى يمسي، وأي ساعات الليل كان حتى يصبح)، وهذا أجر عظيم وثواب كثير يضيعه المسلمون.

وفي رواية لـأبي داود والحاكم : (ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي)، ولكن من المسلمين من لا يعرف قيمة نفسه، ولا قيمة الأعمال التي يوجهه الله إليها، وكم من أناس ينشغلون بالتفاهات من الأمور وبقضايا جزئية، ويستثقل الإنسان أن يفعل أمور الخير التي هي ثقيلة في ميزان الله سبحانه وتعالى.

أثر صلاة الملائكة على المؤمنين

صلاة الملائكة على المؤمنين لها أثر عظيم كما يقول الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ [الأحزاب:43]، فاللام هنا لام التعليل، يعني: الصلاة لها أثر، لها قيمة، قال تعالى: لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [الأحزاب:43]، فذكر الله لنا في الملأ الأعلى أن دعاء الملائكة له أثر في هدايتنا، وفي إخراجنا من الظلمات، والآية تعني: ظلمات الشرك والكفر والذنوب والمعاصي، وقوله تعالى: النُّورِ أي: الهداية، وطريق الحق، وطريق الخير، فصلاة الملائكة لها أثر كبير في انتقالنا من الضلال والشرك والظلمات إلى النور والهداية إلى الطريق المستقيم.

الملائكة تستغفر للمؤمنين

وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى أن الملائكة تستغفر لنا، والاستغفار تقريباً هو نفس الصلاة التي ذكرت من قبل، يقول تعالى: تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الشورى:5]، وفي سورة غافر أخبر الله أن الاستغفار إنما يكون للمؤمنين، قال تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [غافر:7-9].

صلاة الملائكة على المؤمنين لها أثر عظيم كما يقول الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ [الأحزاب:43]، فاللام هنا لام التعليل، يعني: الصلاة لها أثر، لها قيمة، قال تعالى: لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [الأحزاب:43]، فذكر الله لنا في الملأ الأعلى أن دعاء الملائكة له أثر في هدايتنا، وفي إخراجنا من الظلمات، والآية تعني: ظلمات الشرك والكفر والذنوب والمعاصي، وقوله تعالى: النُّورِ أي: الهداية، وطريق الحق، وطريق الخير، فصلاة الملائكة لها أثر كبير في انتقالنا من الضلال والشرك والظلمات إلى النور والهداية إلى الطريق المستقيم.

وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى أن الملائكة تستغفر لنا، والاستغفار تقريباً هو نفس الصلاة التي ذكرت من قبل، يقول تعالى: تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الشورى:5]، وفي سورة غافر أخبر الله أن الاستغفار إنما يكون للمؤمنين، قال تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [غافر:7-9].

الملائكة تشهد مجالس العلم وحلق الذكر كما في البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن لله تبارك وتعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر)، وهؤلاء الملائكة ليسوا بالحفظة الذين يحفظون الإنسان من بين يديه ومن خلفه، وليسوا بالملائكة التي تسجل الحسنات والسيئات، بل هم ملائكة آخرون يلتمسون فقط أهل الذكر ويحضرون مجالس العلم، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تعالى نادوا: هلموا إلى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الأولى.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)، وفي مسند أحمد والسنن عن أبي الدرداء مرفوعاً: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب).

فالأعمال الصالحة تقربنا من الملائكة مثل زيارة مريض، والصلاة على الرسول، وحضور مجالس العلم تجعل عند الإنسان حالة من السمو الروحي بحيث تقترب منه الملائكة، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم إذ خرجتم من عندي تكونون على الحال الذي تكونون عليه لصافحتكم الملائكة بطرق المدينة) أي: لو كان الإنسان في حالة من السمو الروحي عالية فالملائكة تصافحه؛ وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أنكم تكونون على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم، ولزارتكم في بيوتكم، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم).

كتابة الملائكة للسابقين إلى أماكن العبادة

الملائكة في بعض الأحيان يكتبون الذين يقدمون إلى أماكن العبادة، وتثبته الملائكة الحفظة كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول)، هؤلاء ملائكة آخرون جاءوا وقد وكلوا بحفظ أعمال العباد، قال: (فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجلسوا يستمعون الذكر) فالملائكة الحفظة تسجل كل شيء، لكن هناك ملائكة يتتبعون الكلام الطيب، ويسجلونه أيضاً كما في صحيح البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: (كنا يوماً نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف قال: من المتكلم؟ قال: أنا، قال: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها) أي: أكثر من ثلاثين ملك من غير الحفظة، هؤلاء الملائكة هم الذين يردون علينا، ويسمعون كلام الناس، ويتعاقبون فينا بالليل والنهار، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر).

فهناك ملائكة تنزل وقت العصر وتستمر إلى الفجر، وهناك ملائكة آخرون تنزل وقت الفجر وتستمر إلى العصر؛ فيجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، قال: (ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم بهم فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)، هؤلاء هم الذين يرفعون أعمال العباد الذين يسأل الله سبحانه وتعالى عنهم، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى جعل صلاتي الفجر والعصر أهم من أي صلاة أخرى، ومن الأدلة التي تدل على أنهما أهم من غيرها من الصلوات قوله تعالى: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78]، وقوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، قيل: هي صلاة العصر.

تنزل الملائكة لسماع القرآن الكريم

ومن جملة ذلك أنهم يتنزلون لقراءة القرآن، كما في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن أسيد بن حضير قال: (بينما هو ليلة يقرأ في مربده)، المربد الذي فيه الحبوب، قال: (إذ جالت فرسه) جالت: يعني أحدثت حركة، قال: (فقرأ ثم جالت أخرى -تحركت حركة قوية فيها عنف وقوة- وقرأ ثم جالت أيضاً، قال أسيد : وخشيت أن تطأ يحيى -أي: كان ابنه نائماً وخشي أن الفرس تطؤه- فقمت إليها، فإذا مثل الظلة فوق رأسي -مثل الغمامة- فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها، قال: فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا ابن حضير ! قال: فقرأت، ثم جالت أيضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا ابن حضير ! قال: فقرأت، ثم جالت أيضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا ابن حضير ! قال: فانصرفت وكان يحيى قريباً منها فخشيت أن تطأه، فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم).

الملائكة في بعض الأحيان يكتبون الذين يقدمون إلى أماكن العبادة، وتثبته الملائكة الحفظة كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول)، هؤلاء ملائكة آخرون جاءوا وقد وكلوا بحفظ أعمال العباد، قال: (فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجلسوا يستمعون الذكر) فالملائكة الحفظة تسجل كل شيء، لكن هناك ملائكة يتتبعون الكلام الطيب، ويسجلونه أيضاً كما في صحيح البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: (كنا يوماً نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف قال: من المتكلم؟ قال: أنا، قال: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها) أي: أكثر من ثلاثين ملك من غير الحفظة، هؤلاء الملائكة هم الذين يردون علينا، ويسمعون كلام الناس، ويتعاقبون فينا بالليل والنهار، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر).

فهناك ملائكة تنزل وقت العصر وتستمر إلى الفجر، وهناك ملائكة آخرون تنزل وقت الفجر وتستمر إلى العصر؛ فيجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، قال: (ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله وهو أعلم بهم فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)، هؤلاء هم الذين يرفعون أعمال العباد الذين يسأل الله سبحانه وتعالى عنهم، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى جعل صلاتي الفجر والعصر أهم من أي صلاة أخرى، ومن الأدلة التي تدل على أنهما أهم من غيرها من الصلوات قوله تعالى: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78]، وقوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، قيل: هي صلاة العصر.

ومن جملة ذلك أنهم يتنزلون لقراءة القرآن، كما في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن أسيد بن حضير قال: (بينما هو ليلة يقرأ في مربده)، المربد الذي فيه الحبوب، قال: (إذ جالت فرسه) جالت: يعني أحدثت حركة، قال: (فقرأ ثم جالت أخرى -تحركت حركة قوية فيها عنف وقوة- وقرأ ثم جالت أيضاً، قال أسيد : وخشيت أن تطأ يحيى -أي: كان ابنه نائماً وخشي أن الفرس تطؤه- فقمت إليها، فإذا مثل الظلة فوق رأسي -مثل الغمامة- فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها، قال: فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا ابن حضير ! قال: فقرأت، ثم جالت أيضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا ابن حضير ! قال: فقرأت، ثم جالت أيضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا ابن حضير ! قال: فانصرفت وكان يحيى قريباً منها فخشيت أن تطأه، فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم).

هل يرى الرسول صلى الله عليه وسلم كل الملائكة الموجودين في الأرض كما يرى البشر؟ يبدو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوتي قدرة في الإبصار تختلف عن أبصارنا، كما في حديث قال: (أرى الشياطين من خلال صفوفكم كالحذف)، أي: مثل صغار الغنم يمشون بين الصفوف، فيبدو أن له قدرة على رؤيتهم، والله أعلم.

وإذا رأى الإنسان الملائكة فهو من الكرامة، كما أنه يبدو أن الرسول لا يستطيع أن يراهم حقيقة، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما رأى جبريل إلا مرتين، إلا إذا قلنا: إن جبريل له شأن عظيم عند الملائكة، وعلى كل هذه القضايا قضايا غيبية ما نستطيع أن نحكم إلا إذا ورد في ذلك نصوص ثابتة.

فالرسول صلى الله عليه وسلم ما شاهد جبريل إلا مرتين، أما الصورة التي تشكل فيها جبريل عندما جاءه في الغار، وهناك مناسبة بين الصورة التي يتشكل بها والصورة الأساسية، وهناك نوع من التشابه، ولم يرى جبريل المرة الأولى على هيئتة الحقيقية، ولكنه رآه مرتين بنص القرآن ونص الرسول صلى الله عليه وسلم.

تشكل الملائكة بصور حسنة

الملائكة تتشكل بأشكال حسنة، أما قصة ذلك الملك الذي جاء على صورة رجل أعمى، ثم على صورة رجل أبرص، ثم أقرع في قصة الذين ابتلاهم الله وهم الأبرص والأقرع والأعمى، ثم شفاهم الله من أمراضهم، فإنما هو للاختبار فقط، والأصل على وجه العموم في الأحوال العادية أن الملائكة لا تتشكل إلا بأشكال جميلة وطيبة.




استمع المزيد من الدكتور عمر الأشقر - عنوان الحلقة اسٌتمع
النجاة من الفتن 2410 استماع
كيف تستعيد الأمة مكانتها 2298 استماع
فتاوى عن الجماعات الإسلامية والجهاد 2287 استماع
أضواء العمل الإسلامي 2212 استماع
اليوم الآخر 2190 استماع
إخلاص النية 2162 استماع
الانحراف عن المسيرة الإسلامية 2161 استماع
مع آيات في كتاب الله 2141 استماع
أسباب الجريمة وعلاجها 2123 استماع
قيمة الاهتمام في زيادة الإيمان 2105 استماع