شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين - حديث 69-71


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فبقي من أحاديث المسح على الخفين ثلاثة أحاديث نأخذها الآن إن شاء الله لنبدأ بعد ذلك في الأسبوع القادم بموضوع نواقض الوضوء.

وهذه الأحاديث الثلاثة الباقية هي: أولاً: حديث عمر رضي الله عنه موقوفاً، وحديث أنس مرفوعاً بلفظ: ( إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما، وليصل فيهما، ولا يخلعهما إن شاء إلا من الجنابة ).

والحديث الثاني: هو حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوماً وليلة إذا توضأ فلبس خفيه أن يمسح عليهما ).

والحديث الثالث: هو حديث أبي بن عمارة رضي الله عنه أنه قال: ( يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: نعم، قال: يوماً؟ قال: نعم، قال: ويومين؟ قال: نعم، قال: وثلاثة أيام؟ قال: نعم وما شئت ).

وسأتحدث عن كل واحد من هذه الأحاديث بما تيسر، ثم أنتقل بعدها إلى ذكر بعض المسائل المهمة المتعلقة بالمسح على الخفين.

كلام أهل العلم في الحديث موقوفاً ومرفوعاً

فأما الحديث الأول فحقه أن يكون حديثين؛ وذلك لأنه ورد عن عمر موقوفاً عليه من قوله، وورد عن أنس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأما حديث عمر رضي الله عنه الموقوف عليه فقد أخرجه الدارقطني كما ذكر المصنف؛ فأن المصنف عزا الحديث بشقيه إلى الدارقطني والحاكم، والذي يظهر أن الدارقطني أخرج حديث عمر الموقوف، وذلك في سننه في باب ما جاء في المسح على الخفين من غير توقيت، وأن الحاكم أخرج حديث أنس المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فأما حديث عمر الموقوف فقد قال فيه صاحب التنقيح : إسناده قوي. وذلك كما في نصب الراية للزيلعي، وأظن صاحب التنقيح هو ابن عبد الهادي والله أعلم، وكذلك ذكر الزيلعي أن ابن الجوزي -يعني في كتابه التحقيق الذي انفرد فيه بأدلة الفقه الحنبلي، وأدلة غيرهم من المذاهب الأخرى أيضاً، لكنه توسع في أدلة الفقه الحنبلي- ذكر صاحب نصب الراية: أن ابن الجوزي لم يُعِلَّ هذا الحديث في التحقيق بشيء، وإنما قال: هو محمول على مدة الثلاث، يعني: أن قوله: ( فليمسح عليهما وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء ) يعني: خلال المدة المحددة وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، فـابن الجوزي أوَّل الحديث إن صح التعبير، والتأويل فرع التصحيح، كما يقول العلماء ؛ لأنه لم يتعرض لسنده بشيء.

أما حديث أنس المرفوع وهو فيما يظهر ينبغي أن يُعدَّ حديثاً آخر لاختلاف الصحابي، حيث إن الصحابي في الأثر الأول عمر، والصحابي في الحديث هو أنس، وقد أخرجه الحاكم باللفظ الذي ساقه المصنف، وقال عقبه: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وعبد الغفار بن داود -يعني أحد رواة الحديث وهو المتفرد به- ثقة . ولكن أشار إلى أن عبد الغفار تفرد بهذا الحديث عن غيره، وأن هذا الحديث بهذا الاعتبار شاذ؛ ولذلك كان رحمه الله قبل أن يسوق الحديث .. لما ساق حديثاً آخر يقاربه في المعنى قال: وقد روي هذا الحديث عن أنس بن مالك بإسناد صحيح، رواته عن آخرهم ثقات إلا أنه شاذ بمرة. هذا كلام الحاكم، فصرح بشذوذ الحديث. وكذلك وافقه الذهبي وقال في تلخيصه للمستدرك: على شرط مسلم تفرد به عبد الغفار وهو ثقة والحديث شاذ.

وبذلك تبين والله تعالى أعلم بالصواب: أن حديث عمر الموقوف أصح وأقوى من حديث أنس المرفوع؛ وذلك لأن حديث عمر إسناده قوي كما ذكر صاحب التنقيح، أما حديث أنس فإنه وإن كان صحيح الإسناد إلا أنه شاذ؛ وذلك لتفرد عبد الغفار به عن بقية أصحاب حماد بن سلمة.

الاستدلال بالحديث على عدم التوقيت للمسح على الخفين والرد عليه

وبذلك يظهر جانبان من جانب الإجابة على من استدل بهذا الحديث على عدم التوقيت في المسح، فإنهم استدلوا بظاهر اللفظ على أن المسح لا يوقَّت للمقيم ولا للمسافر؛ لقوله: ( ولا يخلعهما إن شاء إلا من الجنابة ) فدل بظاهره على عدم التوقيت، ويجاب عن ذلك بجوابين:

الأول: ما أشار إليه ابن الجوزي في الكلمة السابقة في التحقيق : من أنه محمول على مدة الثلاث، يعني: على ما ورد في النصوص الأخرى من التوقيت، وهذا هو أيضاً رأي النووي وغيره في مثل هذه الأحاديث، أنها كقوله صلى الله عليه وسلم: ( الصعيد الطيب طهور المؤمن وإن لم يجد الماء عشرة سنين ) يعني: أنه يتيمم كلما احتاج إلى ذلك، ولا يعني أنه يكفيه تيمم واحد لهذه المدة كلها.

وكذلك مثل هذا الحديث، يحمل على أنه لا يخلعهما مدة المسح التي ثبتت في السنة من جميع الأحداث إلا من جنابة، وبذلك يكون هذا الحديث كحديث صفوان بن عسال قال: ( كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم ) يعني: أن الإنسان خلال هذه المدة لا يخلع خفيه إلا من الجنابة أما من بقية الأحداث فلا يخلعهما. هذا الجواب الأول.

الجواب الثاني: أن يقال: على فرض دلالة الحديث أو الأثر على عدم التوقيت، فقد تبين أن الحديث المرفوع وهو حديث أنس شاذ، كما ذكر ذلك الحاكم والذهبي وغيرهما، فلا حجة فيه على القول بشذوذه، وأن الصحيح أنه موقوف على عمر رضي الله عنه، ولعل هذا هو السر في صنيع المصنف رحمه الله حيث اعتبرهما حديثاً واحداً أنه يرجِّح أنهما حديث واحد، وأن من رواه عن أنس مرفوعاً فكأنه يكون وهم في ذلك والله تعالى أعلم، وإذا صح أن الحديث شاذ وأن الصحيح الموقوف، فلا حجة في المرفوع حينئذ لشذوذه، ولا حجة في الموقوف لأنه لا يعدو أن يكون رأياً لـعمر رضي الله عنه وأرضاه، وقد سبق بيان مَن مِن الصحابة يرى عدم التوقيت، وإنما هذا الأثر غايته الدلالة على رأي عمر على عدم التوقيت إن دل على ذلك، وحينئذ فالحجة في المرفوع الثابت من حديث أنس ومن حديث صفوان وأبي بكرة .. وغيرهما وعلي وغيره في توقيت المسح على الخفين.

فوائد الحديث

حديث عمر أو أثره فيه فوائد أخرى:

منها: اشتراط الطهارة الكاملة للمسح على الخفين، أن يكون لبسهما على طهارة كاملة، وهذا أيضاً سبق الكلام فيه، وذكر الأقوال وبيان الراجح.

ولعلي أشرت إلى كلمة لشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى التي ذكر فيها خلاف الطهارة الكاملة، وذكر قول بعضهم: فيما لو لبس الخف اليمنى بعد غسل القدم اليمنى وقبل غسل القدم اليسرى، وقول بعضهم: إنه لا يجزئه حينئذ، بل لابد أن يخلعها ثم يغسل القدم اليسرى ليلبس اليمنى واليسرى بعد ذلك وبعد اكتمال الطهارة، وأنه أشار إلى أن هذا ليس بلازم، بل إذا لبس الخف اليمنى بعد غسل القدم اليمنى، ثم غسل اليسرى ولبس بعد ذلك الخف، فهذا يكون لبسها على كمال الطهارة، وأن هذا هو الحق الذي لا شك فيه. هذا مؤدى ما ذكره شيخ الإسلام .

من فوائد الحديث أيضاً: أنه يشترط لبس الخفين كليهما، وهذا يفهم من سائر الأحاديث الواردة في المسح على الخفين كحديث ابن المغيرة وعلي وأبي بكرة وصفوان .. وغيرهم؛ لأن فيها التصريح بلبس الخفين كليهما، ولعل هذا إجماع أنه لابد أن يلبس الخفين جميعاً، ولا يجزئه أن يلبس أحدهما دون الآخر ويمسح عليه، وهذا لا إشكال فيه بحال من الأحوال.

من فوائد الحديث: جواز المسح على الخفين، وقد سبق مراراً.

من فوائده أيضاً: جواز الصلاة في النعال بل ومشروعيته؛ لقوله: ( وليصل فيهما )، ومذهب الجمهور على استحباب ذلك، ولعل من أدلتهم ما رواه أنس وقد سئل: ( هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم )، والحديث في الصحيحين، وأصرح منه في الدلالة ما رواه أبو داود والحاكم من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم )، فهذا أمر بالصلاة بالنعال والخفاف، وتعليل لذلك بمخالفة اليهود الذين كانوا يتقون الصلاة في النعال والخفاف، وقد ذكر بعض أهل العلم: أن مأخذ اليهود في ذلك أمر الله تعالى لموسى عليه السلام أن يخلع نعليه حين جاء إلى الوادي المقدس، والله أعلم.

من فوائد الحديث: خلع النعلين في غسل الجنابة وغيره من الأغسال، وهذا إجماع أهل العلم كما ذكره ابن حجر والنووي .. وغيرهما.

والحديث دليل لمن قال بعدم التوقيت، وسبق الجواب على استدلالهم به.

هذه أهم فوائد الحديث.

فأما الحديث الأول فحقه أن يكون حديثين؛ وذلك لأنه ورد عن عمر موقوفاً عليه من قوله، وورد عن أنس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأما حديث عمر رضي الله عنه الموقوف عليه فقد أخرجه الدارقطني كما ذكر المصنف؛ فأن المصنف عزا الحديث بشقيه إلى الدارقطني والحاكم، والذي يظهر أن الدارقطني أخرج حديث عمر الموقوف، وذلك في سننه في باب ما جاء في المسح على الخفين من غير توقيت، وأن الحاكم أخرج حديث أنس المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فأما حديث عمر الموقوف فقد قال فيه صاحب التنقيح : إسناده قوي. وذلك كما في نصب الراية للزيلعي، وأظن صاحب التنقيح هو ابن عبد الهادي والله أعلم، وكذلك ذكر الزيلعي أن ابن الجوزي -يعني في كتابه التحقيق الذي انفرد فيه بأدلة الفقه الحنبلي، وأدلة غيرهم من المذاهب الأخرى أيضاً، لكنه توسع في أدلة الفقه الحنبلي- ذكر صاحب نصب الراية: أن ابن الجوزي لم يُعِلَّ هذا الحديث في التحقيق بشيء، وإنما قال: هو محمول على مدة الثلاث، يعني: أن قوله: ( فليمسح عليهما وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء ) يعني: خلال المدة المحددة وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، فـابن الجوزي أوَّل الحديث إن صح التعبير، والتأويل فرع التصحيح، كما يقول العلماء ؛ لأنه لم يتعرض لسنده بشيء.

أما حديث أنس المرفوع وهو فيما يظهر ينبغي أن يُعدَّ حديثاً آخر لاختلاف الصحابي، حيث إن الصحابي في الأثر الأول عمر، والصحابي في الحديث هو أنس، وقد أخرجه الحاكم باللفظ الذي ساقه المصنف، وقال عقبه: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وعبد الغفار بن داود -يعني أحد رواة الحديث وهو المتفرد به- ثقة . ولكن أشار إلى أن عبد الغفار تفرد بهذا الحديث عن غيره، وأن هذا الحديث بهذا الاعتبار شاذ؛ ولذلك كان رحمه الله قبل أن يسوق الحديث .. لما ساق حديثاً آخر يقاربه في المعنى قال: وقد روي هذا الحديث عن أنس بن مالك بإسناد صحيح، رواته عن آخرهم ثقات إلا أنه شاذ بمرة. هذا كلام الحاكم، فصرح بشذوذ الحديث. وكذلك وافقه الذهبي وقال في تلخيصه للمستدرك: على شرط مسلم تفرد به عبد الغفار وهو ثقة والحديث شاذ.

وبذلك تبين والله تعالى أعلم بالصواب: أن حديث عمر الموقوف أصح وأقوى من حديث أنس المرفوع؛ وذلك لأن حديث عمر إسناده قوي كما ذكر صاحب التنقيح، أما حديث أنس فإنه وإن كان صحيح الإسناد إلا أنه شاذ؛ وذلك لتفرد عبد الغفار به عن بقية أصحاب حماد بن سلمة.

وبذلك يظهر جانبان من جانب الإجابة على من استدل بهذا الحديث على عدم التوقيت في المسح، فإنهم استدلوا بظاهر اللفظ على أن المسح لا يوقَّت للمقيم ولا للمسافر؛ لقوله: ( ولا يخلعهما إن شاء إلا من الجنابة ) فدل بظاهره على عدم التوقيت، ويجاب عن ذلك بجوابين:

الأول: ما أشار إليه ابن الجوزي في الكلمة السابقة في التحقيق : من أنه محمول على مدة الثلاث، يعني: على ما ورد في النصوص الأخرى من التوقيت، وهذا هو أيضاً رأي النووي وغيره في مثل هذه الأحاديث، أنها كقوله صلى الله عليه وسلم: ( الصعيد الطيب طهور المؤمن وإن لم يجد الماء عشرة سنين ) يعني: أنه يتيمم كلما احتاج إلى ذلك، ولا يعني أنه يكفيه تيمم واحد لهذه المدة كلها.

وكذلك مثل هذا الحديث، يحمل على أنه لا يخلعهما مدة المسح التي ثبتت في السنة من جميع الأحداث إلا من جنابة، وبذلك يكون هذا الحديث كحديث صفوان بن عسال قال: ( كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم ) يعني: أن الإنسان خلال هذه المدة لا يخلع خفيه إلا من الجنابة أما من بقية الأحداث فلا يخلعهما. هذا الجواب الأول.

الجواب الثاني: أن يقال: على فرض دلالة الحديث أو الأثر على عدم التوقيت، فقد تبين أن الحديث المرفوع وهو حديث أنس شاذ، كما ذكر ذلك الحاكم والذهبي وغيرهما، فلا حجة فيه على القول بشذوذه، وأن الصحيح أنه موقوف على عمر رضي الله عنه، ولعل هذا هو السر في صنيع المصنف رحمه الله حيث اعتبرهما حديثاً واحداً أنه يرجِّح أنهما حديث واحد، وأن من رواه عن أنس مرفوعاً فكأنه يكون وهم في ذلك والله تعالى أعلم، وإذا صح أن الحديث شاذ وأن الصحيح الموقوف، فلا حجة في المرفوع حينئذ لشذوذه، ولا حجة في الموقوف لأنه لا يعدو أن يكون رأياً لـعمر رضي الله عنه وأرضاه، وقد سبق بيان مَن مِن الصحابة يرى عدم التوقيت، وإنما هذا الأثر غايته الدلالة على رأي عمر على عدم التوقيت إن دل على ذلك، وحينئذ فالحجة في المرفوع الثابت من حديث أنس ومن حديث صفوان وأبي بكرة .. وغيرهما وعلي وغيره في توقيت المسح على الخفين.

حديث عمر أو أثره فيه فوائد أخرى:

منها: اشتراط الطهارة الكاملة للمسح على الخفين، أن يكون لبسهما على طهارة كاملة، وهذا أيضاً سبق الكلام فيه، وذكر الأقوال وبيان الراجح.

ولعلي أشرت إلى كلمة لشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى التي ذكر فيها خلاف الطهارة الكاملة، وذكر قول بعضهم: فيما لو لبس الخف اليمنى بعد غسل القدم اليمنى وقبل غسل القدم اليسرى، وقول بعضهم: إنه لا يجزئه حينئذ، بل لابد أن يخلعها ثم يغسل القدم اليسرى ليلبس اليمنى واليسرى بعد ذلك وبعد اكتمال الطهارة، وأنه أشار إلى أن هذا ليس بلازم، بل إذا لبس الخف اليمنى بعد غسل القدم اليمنى، ثم غسل اليسرى ولبس بعد ذلك الخف، فهذا يكون لبسها على كمال الطهارة، وأن هذا هو الحق الذي لا شك فيه. هذا مؤدى ما ذكره شيخ الإسلام .

من فوائد الحديث أيضاً: أنه يشترط لبس الخفين كليهما، وهذا يفهم من سائر الأحاديث الواردة في المسح على الخفين كحديث ابن المغيرة وعلي وأبي بكرة وصفوان .. وغيرهم؛ لأن فيها التصريح بلبس الخفين كليهما، ولعل هذا إجماع أنه لابد أن يلبس الخفين جميعاً، ولا يجزئه أن يلبس أحدهما دون الآخر ويمسح عليه، وهذا لا إشكال فيه بحال من الأحوال.

من فوائد الحديث: جواز المسح على الخفين، وقد سبق مراراً.

من فوائده أيضاً: جواز الصلاة في النعال بل ومشروعيته؛ لقوله: ( وليصل فيهما )، ومذهب الجمهور على استحباب ذلك، ولعل من أدلتهم ما رواه أنس وقد سئل: ( هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم )، والحديث في الصحيحين، وأصرح منه في الدلالة ما رواه أبو داود والحاكم من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم )، فهذا أمر بالصلاة بالنعال والخفاف، وتعليل لذلك بمخالفة اليهود الذين كانوا يتقون الصلاة في النعال والخفاف، وقد ذكر بعض أهل العلم: أن مأخذ اليهود في ذلك أمر الله تعالى لموسى عليه السلام أن يخلع نعليه حين جاء إلى الوادي المقدس، والله أعلم.

من فوائد الحديث: خلع النعلين في غسل الجنابة وغيره من الأغسال، وهذا إجماع أهل العلم كما ذكره ابن حجر والنووي .. وغيرهما.

والحديث دليل لمن قال بعدم التوقيت، وسبق الجواب على استدلالهم به.

هذه أهم فوائد الحديث.