خطب ومحاضرات
كتاب المناسك [6]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين .
أما بعد:
فبأسانيدكم إلى أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه قال: [باب العمرة
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا مخلد بن يزيد ويحيى بن زكريا عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر قال: ( اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج ).
حدثنا هناد بن السري عن ابن أبي زائدة قال: حدثنا ابن جريج ومحمد بن إسحاق عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: ( والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا ليقطع بذلك أمر أهل الشرك، فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون: إذا عفا الوبر وبرأ الدبر ودخل صفر فقد حلت العمرة لمن اعتمر، فكانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم ).
حدثنا أبو كامل قال: حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: ( أخبرني رسول مروان الذي أرسل إلى أم معقل قالت: كان أبو معقل حاجاً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم قالت أم معقل: قد علمت أن علي حجة، فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه فقالت: يا رسول الله إن علي حجة وإن لـأبي معقل بكراً، فقال أبو معقل: صدقت جعلته في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطها فلتحج عليه فإنه في سبيل الله، فأعطاها البكر فقالت: يا رسول الله! إني امرأة قد كبرت وسقمت فهل من عمل يجزئ عني من حجتي؟ قال: عمرة في رمضان تجزئ حجة ).
حدثنا محمد بن عوف الطائي قال: حدثنا أحمد بن خالد الوهبي حدثنا محمد بن إسحاق عن عيسى بن معقل ابن أم معقل الأسدي - أسد خزيمة - قال: حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل قالت: ( لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض، وهلك أبو معقل وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من حجه جئته فقال: يا أم معقل ما منعك أن تخرجي معنا؟ قالت: لقد تهيأنا فهلك أبو معقل، وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله، قال: فهلا خرجت عليه فإن الحج في سبيل الله، فأما إذ فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان فإنها كحجة، فكانت تقول: الحج حجة والعمرة عمرة وقد قال هذا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدري ألي خاصة ).
حدثنا مسدد وحدثنا عبد الوارث عن عامر الأحول عن بكر بن عبد الله عن ابن عباس قال: ( أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج، فقالت امرأة لزوجها أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جملك، فقال: ما عندي ما أحجك عليه، قالت: أحجني على جملك فلان، قال: ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله، وإنها سألتني الحج معك فقالت: أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما عندي ما أحجك عليه، فقالت: أحجني على جملك فلان، فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله، فقال: أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله، وإنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجة معك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرئها السلام ورحمة الله وبركاته وأخبرها أنها تعدل حجة معي، عمرة في رمضان ) .
حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين: عمرة في ذي القعدة، وعمرة في شوال ).
حدثنا النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق عن مجاهد قال: ( سئل ابن عمر كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: مرتين، فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثاً سوى التي قرنها بحجة الوداع ) ].
وعمر النبي عليه الصلاة والسلام كلها في ذي القعدة إلا العمرة التي كانت في حجته عليه الصلاة والسلام قرنها النبي عليه الصلاة والسلام في حجه، وهذا يدل على أن العمرة التي تكون في أشهر الحج أفضل من العمرة في رمضان، وأما التفضيل الذي جاء أن العمرة في رمضان تعدل حجة فهذا فضل لا تفضيل، والفعل الذي يأتي عن النبي عليه الصلاة والسلام ويداوم عليه آكد من القول الذي يقوله ولا يفعل به مع بقائه على فضله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي وقتيبة قالا: حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر: عمرة الحديبية، والثانية حين تواطئوا على عمرة من قابل، والثالثة من الجعرانة، والرابعة التي قرن مع حجته ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي وهدبة بن خالد قالا: حدثنا همام عن قتادة عن أنس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته -قال أبو داود: أتقنت من ها هنا من هدبة وسمعته من أبي الوليد ولم أضبطه- عمرة زمن الحديبية أو من الحديبية، وعمرة القضاء في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب المهلة بالعمرة تحيض فيدركها الحج فتنقض عمرتها وتهل بالحج هل تقضي عمرتها
حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن قال: حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيها ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لـعبد الرحمن: يا عبد الرحمن أردف أختك عائشة فأعمرها من التنعيم، فإذا هبطت بها من الأكمة فلتحرم، فإنها عمرة متقبلة ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا سعيد بن مزاحم بن أبي مزاحم قال: حدثني أبي مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد عن محرش الكعبي قال: ( دخل النبي صلى الله عليه وسلم الجعرانة فجاء إلى المسجد فركع ما شاء الله، ثم أحرم، ثم استوى على راحلته فاستقبل بطن سرف حتى لقي طريق المدينة فأصبح بمكة كبائت )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب المقام في العمرة
حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا يحيى بن زكريا قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح وعن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام في عمرة القضاء ثلاثاً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإفاضة في الحج
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر، ثم صلى الظهر بمنى راجعاً ).
حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين -المعنى واحد- قالا: حدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة -يحدثانه جميعا ذاك عنها- قالت: ( كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء يوم النحر، فصار إلي ودخل علي وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـوهب: هل أفضت أبا عبد الله؟ قال: لا والله يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: انزع عنك القميص، قال: فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه من رأسه ثم قال: ولم يا رسول الله؟ قال: إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا، يعني: من كل ما حرمتم منه إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرماً كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن عائشة وابن عباس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل ).
حدثنا سليمان بن داود قال: أخبرنا ابن وهب قال: حدثني ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الوداع
حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس قال: ( كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الحائض تخرج بعد الإفاضة
حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر صفية بنت حيي فقيل: إنها قد حاضت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلها حابستنا، فقالوا: يا رسول الله إنها قد أفاضت، فقال: فلا إذاً ) .
حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال: ( أتيت عمر بن الخطاب فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض قال: ليكن آخر عهدها بالبيت، قال: فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال عمر: أربت عن يديك سألتني عن شيء سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي ما أخالف )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب طواف الوداع
حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن أفلح عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( أحرمت من التنعيم بعمرة فدخلت فقضيت عمرتي، وانتظرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح حتى فرغت، وأمر الناس بالرحيل، قالت: وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فطاف به ثم خرج ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو بكر - يعني: الحنفي - قال: حدثنا أفلح عن القاسم عن عائشة قالت: ( خرجت معه - تعني: مع النبي صلى الله عليه وسلم في النفر الآخر فنزل المحصب ).
قال أبو داود: ولم يذكر ابن بشار قصة بعثها إلى التنعيم في هذا الحديث، قالت: ( ثم جئته بسحر فأذن في أصحابه بالرحيل، فارتحل فمر بالبيت قبل صلاة الصبح فطاف به حين خرج ثم انصرف متوجهاً إلى المدينة ) .
حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج قال: أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أن عبد الرحمن بن طارق أخبره عن أمه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاز مكاناً من دار يعلى - نسيه عبيد الله - استقبل البيت فدعا ) ].
طواف الوداع واجب في الحج وأما العمرة فلا صلة لها بطواف الوداع، ولا يشرع لغير النسك في الحج كالذي يزور بغير نسك ويطوف لأجل وداعه؛ وذلك لأنه جاء مقيداً عن النبي عليه الصلاة والسلام بالحج، ولا أعلم أحداً من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ولا من التابعين ولا من الأئمة الأربعة من قال بمشروعية طواف الوداع لغير الحج إلا رواية عن الإمام مالك رحمه الله جاءت في المدونة، وله رواية أخرى تخالف هذا القول، ولا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام خبر في هذا، نعم جاء في سنن الترمذي حديث في إسناده ابن البيلماني وهو ضعيف، وقد حكى الصنعاني في كتابه سبل السلام عن سفيان الثوري أنه يقول بذلك، وهذا غلط على سفيان الثوري، والمعروف أن طواف الوداع إنما هو في الحج لا في العمرة، ولا أعلم أحداً من الصحابة ولا من التابعين من عمل بذلك فهو أقرب إلى عدم السنية أو الابتداع، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
كتاب الطهارة [5] | 2709 استماع |
كتاب الطهارة [8] | 2689 استماع |
كتاب الترجل - كتاب الخاتم | 2318 استماع |
كتاب الصلاة [21] | 2312 استماع |
كتاب الأيمان والنذور [2] | 2305 استماع |
كتاب الطهارة [9] | 2297 استماع |
كتاب الطهارة [2] | 2222 استماع |
كتاب الطهارة [4] | 2166 استماع |
كتاب الصلاة [20] | 2130 استماع |
كتاب الصلاة [6] | 2119 استماع |