أبواب الزهد [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المصنف رحمه الله: [ باب النية.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون (ح)، وحدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد، قالا: أخبرنا يحيى بن سعيد أن محمد بن إبراهيم التيمي أخبره، أنه سمع علقمة بن وقاص أنه سمع عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس، فقال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله، فهجرته إلى الله وإلى رسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مثل هذه الأمة كمثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالاً وعلماً، فهو يعمل بعلمه في ماله، ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً، فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً، فهو يخبط في ماله، ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله علماً ولا مالاً، فهو يقول: لو كان لي مثل ما لهذا عملت فيه مثل الذي يعمل, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهما في الوزر سواء ).

حدثنا إسحاق بن منصور المروزي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن ابن أبي كبشة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (ح)، وحدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة قال: حدثنا أبو أسامة عن مفضل عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن ابن أبي كبشة عن أبيه عن النبي، نحوه.

حدثنا أحمد بن سنان ومحمد بن يحيى، قالا: حدثنا يزيد بن هارون عن شريك عن ليث عن طاوس عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما يبعث الناس على نياتهم ).

حدثنا زهير بن محمد قال: أخبرنا زكريا بن عدي قال: أخبرنا شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يحشر الناس على نياتهم ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب الأمل والأجل.

حدثنا أبو بشر بكر بن خلف وأبو بكر بن خلاد الباهلي، قالا: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سفيان قال: حدثني أبي عن أبي يعلى عن الربيع بن خثيم عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه خط خطاً مربعاً، وخطاً وسط الخط المربع، وخطوطاً إلى جانب الخط الذي وسط الخط المربع، وخطاً خارجاً من الخط المربع، فقال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا الإنسان الخط الأوسط، وهذه الخطوط إلى جنبه الأعراض تنهشه - أو تنهسه - من كل مكان، فإن أخطأه هذا، أصابه هذا، والخط المربع الأجل المحيط، والخط الخارج الأمل ) ].

وأعظم ما يضل به الناس الأمل, ولو قيل للإنسان أنك تعيش مائة سنة لجزع, وما طاب له عيش, ولكن إذا فتح أمله وغالب ظنه أنه يعيش دون ذلك لعاش وهو على أُنس؛ ولهذا الأمل يفتن به الإنسان ويرجو ما لا يرجوه غيره.

قال: [ حدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا النضر بن شميل قال: أنبأنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هذا ابن آدم، وهذا أجله عند قفاه. وبسط يده أمامه، ثم قال: وثم أمله ).

حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قلب الشيخ شاب في حب اثنتين: في حب الحياة، وكثرة المال ).

حدثنا بشر بن معاذ الضرير قال: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يهرم ابن آدم ويشب منه اثنتان: الحرص على المال، والحرص على العمر ).

حدثنا أبو مروان العثماني قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لو أن لابن آدم واديين من مال لأحب أن يكون معهما ثالث، ولا يملأ نفسه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب ).

حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب المداومة على العمل.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة، قالت: ( والذي ذهب بنفسه صلى الله عليه وسلم ما مات حتى كان أكثر صلاته وهو جالس، وكان أحب الأعمال إليه العمل الصالح الذي يدوم عليه العبد، وإن كان يسيراً ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( كانت عندي امرأة، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من هذه؟ قلت: فلانة، لا تنام -تذكر من صلاتها - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا, قالت: وكان أحب الدين إليه الذي يدوم عليه صاحبه ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا الفضل بن دكين عن سفيان عن الجريري عن أبي عثمان عن حنظلة الكاتب التميمي الأسيدي، قال: ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا الجنة والنار حتى كأنا رأي العين, فقمت إلى أهلي وولدي فضحكت ولعبت، قال: فذكرت الذي كنا فيه فخرجت فلقيت أبا بكر، فقلت: نافقت نافقت! فقال أبو بكر: إنا لنفعله، فذهب حنظلة فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا حنظلة! لو كنتم كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم -أو على طرقكم- يا حنظلة! ساعة وساعة ).

حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا ابن لهيعة قال: حدثنا عبد الرحمن الأعرج سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن خير العمل أدومه وإن قل ).

حدثنا عمرو بن رافع قال: حدثنا يعقوب بن عبد الله الأشعري عن عيسى بن جارية عن جابر بن عبد الله، قال: ( مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل يصلي على صخرة، فأتى ناحية مكة، فمكث ملياً، ثم انصرف، فوجد الرجل يصلي على حاله، فقام فجمع يديه ثم قال: يا أيها الناس، عليكم بالقصد، عليكم بالقصد - ثلاثاً - فإن الله لا يمل حتى تملوا ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب ذكر الذنوب.

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا وكيع وأبي عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله، قال: ( قلنا: يا رسول الله! أنؤاخذ بما كنا نعمل في الجاهلية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما كان في الجاهلية، ومن أساء أخذ بالأول والآخر ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا خالد بن مخلد قال: حدثني سعيد بن مسلم بن بانك، قال: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير يقول: قال: حدثني عوف بن الحارث عن عائشة قالت: ( قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إياك ومحقرات الأعمال، فإن لها من الله طالباً ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل و الوليد بن مسلم، قالا: حدثنا محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن المؤمن إذا أذنب، كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت, فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14] ).

حدثنا عيسى بن يونس الرملي قال: حدثنا عقبة بن علقمة بن حديج المعافري عن أرطاة بن المنذر عن أبي عامر الألهاني عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً, قال ثوبان: يا رسول الله! صفهم لنا، جلهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ).

حدثنا هارون بن إسحاق وعبد الله بن سعيد، قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه وعمه عن جده عن أبي هريرة، قال: ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما أكثر ما يدخل الجنة؟ قال: التقوى وحسن الخلق، وسئل: ما أكثر ما يدخل النار؟ قال: الأجوفان: الفم، والفرج ).

قال المصنف رحمه الله: [ باب ذكر التوبة.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله عز وجل أفرح بتوبة أحدكم منه بضالته، إذا وجدها ).

حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب المدني قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء، ثم تبتم لتاب الله عليكم ).

حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا أبي عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لله أفرح بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بفلاة من الأرض، فالتمسها، حتى إذا أعيا تسجى بثوبه، فبينا هو كذلك إذ سمع وجبة الراحلة حيث فقدها، فكشف الثوب عن وجهه، فإذا هو براحلته ).

حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي قال: حدثنا وهيب بن خالد قال: حدثنا معمر عن عبد الكريم عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ).

حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا علي بن مسعدة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان عن عبد الكريم الجزري عن زياد بن أبي مريم عن ابن معقل قال: ( دخلت مع أبي على عبد الله، فسمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الندم توبة, فقال له أبي: أنت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الندم توبة؟ قال: نعم ).

حدثنا راشد بن سعيد الرملي قال: أخبرنا الوليد بن مسلم عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير

عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله عز وجل ليقبل توبة العبد ما لم يغرغر ).

حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب قال: حدثنا المعتمر، سمعت أبي قال: حدثنا أبو عثمان عن ابن مسعود: ( أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر أنه أصاب من امرأة قبلة، فجعل يسأل عن كفارتها، فلم يقل له شيئاً، فأنزل الله عز وجل: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114]. فقال الرجل: يا رسول الله! ألي هذه؟ فقال: هي لمن عمل بها من أمتي ).

حدثنا محمد بن يحيى و إسحاق بن منصور، قالا: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال: قال الزهري: ألا أحدثك بحديثين عجيبين؟ قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني في الريح، في البحر، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً، قال: ففعلوا به ذلك، فقال للأرض: أدي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: خشيتك - أو مخافتك - يا رب، فغفر له بذلك ).

قال الزهري: وحدثني حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت ).

قال الزهري: لئلا يتكل رجل، ولا ييأس رجل.

حدثنا عبد الله بن سعيد قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن موسى بن المسيب الثقفي عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تبارك وتعالى يقول: يا عبادي، كلكم مذنب إلا من عافيت، فسلوني المغفرة فأغفر لكم، ومن علم منكم أني ذو قدرة على المغفرة فاستغفرني بقدرتي غفرت له، وكلكم ضال إلا من هديت فسلوني الهدى أهدكم، وكلكم فقير إلا من أغنيت فسلوني أرزقكم، ولو أن حيكم وميتكم، وأولكم وآخركم، ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فكانوا على قلب أتقى عبد من عبادي، لم يزد في ملكي جناح بعوضة، ولو اجتمعوا فكانوا على قلب أشقى عبد من عبادي، لم ينقص من ملكي جناح بعوضة، ولو أن حيكم وميتكم، وأولكم وآخركم، ورطبكم ويابسكم اجتمعوا، فسأل كل سائل منهم ما بلغت أمنيته - ما نقص من ملكي إلا كما لو أن أحدكم مر بشفة البحر، فغمس فيها إبرة ثم نزعها، ذلك بأني جواد ماجد، عطائي كلام، إذا أردت شيئاً فإنما أقول له: كن، فيكون ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب ذكر الموت والاستعداد له.

حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكثروا ذكر هادم اللذات ) يعني: الموت.

حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثنا أنس بن عياض قال: حدثنا نافع بن عبد الله عن فروة بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر، أنه قال: ( كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه رجل من الأنصار فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا رسول الله! أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقاً, قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكراً، وأحسنهم لما بعده استعداداً، أولئك الأكياس ).

حدثنا هشام بن عبد الملك الحمصي قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثني ابن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي يعلى شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، ثم تمنى على الله ).

حدثنا عبد الله بن الحكم بن أبي زياد قال: حدثنا سيار قال: حدثنا جعفر عن ثابت عن أنس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت، فقال: كيف تجدك؟ قال: أرجو الله يا رسول الله! وأخاف ذنوبي ).

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن، إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة عن ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل صالحاً، قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقولون: فلان، فيقال: مرحباً بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل. وإذا كان الرجل السوء قال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغساق، وآخر من شكله أزواج، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فلا يفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان، فيقال: لا مرحباً بالنفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة، فإنها لا تفتح لك أبواب السماء، فيرسل بها من السماء، ثم تصير إلى القبر ).

حدثنا أحمد بن ثابت الجحدري وعمر بن شبة بن عبيدة، قالا: حدثنا عمر بن علي قال: أخبرني إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كان أجل أحدكم بأرض أوثبته إليها الحاجة، فإذا بلغ أقصى أثره، قبضه الله سبحانه، فتقول الأرض يوم القيامة: رب، هذا ما استودعتني ).

حدثنا يحيى بن خلف أبو سلمة قال: حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه, فقيل له: يا رسول الله! كراهية لقاء الله في كراهية الموت، فكلنا يكره الموت! قال: إنما ذاك عند موته، إذا بشر برحمة الله ومغفرته، أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه، وإذا بشر بعذاب الله، كره لقاء الله، فكره الله لقاءه ).

حدثنا عمران بن موسى الليثي قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنياً الموت، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب ذكر القبر والبلى.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس شيء من الإنسان إلا يبلى، إلا عظم واحد، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة ).

حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثني يحيى بن معين قال: حدثنا هشام بن يوسف عن عبد الله بن بحير عن هانئ مولى عثمان قال: ( كان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟! قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه, قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة عن ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الميت يصير إلى القبر، فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشعوف، ثم يقال له: فيم كنت؟ فيقول: كنت في الإسلام، فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه. فيقال له: هل رأيت الله؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى الله. فيفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله، ثم يفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: هذا مقعدك، ويقال له: على اليقين كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله.

ويجلس الرجل السوء في قبره فزعاً مشعوفاً، فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولاً فقلته، فيفرج له قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك، ثم يفرج له فرجة إلى النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، فيقال له: هذا مقعدك، على الشك كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله ).

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ [إبراهيم:27]. قال: نزلت في عذاب القبر، يقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، ونبيي محمد، فذلك قوله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ [إبراهيم:27] ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا مات أحدكم عرض على مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى تبعث يوم القيامة ).

حدثنا سويد بن سعيد قال: أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب الأنصاري أنه أخبره

أن أباه كان يحدث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجع إلى جسده يوم يبعث ).

حدثنا إسماعيل بن حفص الأبلي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( إذا دخل الميت القبر مثلت له الشمس عند غروبها، فيجلس يمسح عينيه ويقول: دعوني أصلي ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب ذكر البعث.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عباد بن العوام عن حجاج عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن صاحبي الصور بأيديهما - أو في أيديهما - قرنان يلاحظان النظر متى يؤمران ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: ( قال رجل من اليهود بسوق المدينة: والذي اصطفى موسى على البشر، فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه، قال: تقول هذا وفينا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قال الله عز وجل: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر:68], فأكون أول من رفع رأسه، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أرفع رأسه قبلي، أو كان ممن استثنى الله عز وجل، ومن قال: أنا خير من يونس بن متى، فقد كذب ).

حدثنا هشام بن عمار ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال: حدثني أبي عن عبيد الله بن مقسم عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: ( يأخذ الجبار سماواته وأرضيه بيده -وقبض يده، فجعل يقبضها ويبسطها- ثم يقول: أنا الجبار، أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ قال: ويتمايل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن شماله، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن حاتم بن أبي صغيرة عن ابن أبي مليكة عن القاسم، قال: قالت عائشة: ( قلت: يا رسول الله! كيف يحشر الناس يوم القيامة؟ قال: عراة حفاة. قلت: والنساء؟ قال: والنساء, قلت: يا رسول الله! فما يُستحيا؟ قال: يا عائشة، الأمر أهم من أن ينظر بعضهم إلى بعض ).

حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع عن علي بن علي بن رفاعة عن الحسن عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات، فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي، فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عيسى بن يونس وأبو خالد الأحمر عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:6], قال: يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن مسهر عن داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ [إبراهيم:48], فأين يكون الناس يومئذ؟ قال: على الصراط ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عبيد الله بن المغيرة عن سليمان بن عمرو بن عبد العتواري أحد بني ليث- قال: وكان في حجر أبي سعيد- قال: سمعته - يعني: أبا سعيد - يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( يوضع الصراط بين ظهراني جهنم على حسك كحسك السعدان، ثم يستجيز الناس، فناج مسلم، ومخدوج به، ثم ناج، ومحتبس به، ومنكوس فيها ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أم مبشر عن حفصة، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إني لأرجو ألا يدخل النار أحد - إن شاء الله تعالى - ممن شهد بدراً والحديبية, قالت: قلت: يا رسول الله! أليس قد قال الله: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا [مريم:71], قال: ألم تسمعيه يقول: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [مريم:72] ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

حدثنا أبو بكر قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تردون علي غرا محجلين من الوضوء، سيما أمتي، ليس لأحد غيرها ).

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله، قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة، فقال: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قلنا: بلى. قال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قلنا: نعم، قال: والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر ).

حدثنا أبو كريب وأحمد بن سنان قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، ويجيء النبي ومعه الرجلان، ويجيء النبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك وأقل، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه، فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فتدعى أمة محمد فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون: نعم. فيقول: وما علمكم بذلك؟ فيقولون: قال: أخبرنا نبينا بذلك أن الرسل قد بلغوا، فصدقناه، قال: فذلكم قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143], قال: عدلاً, لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143] ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني، قال: ( صدرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: والذي نفس محمد بيده، ما من عبد يؤمن ثم يسدد إلا سلك به في الجنة، وأرجو ألا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ومن صلح من ذراريكم مساكن في الجنة، ولقد وعدني ربي عز وجل أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً بغير حساب ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا محمد بن زياد الألهاني، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( وعدني ربي سبحانه أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً، لا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفاً، وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل ).

حدثنا عيسى بن محمد بن النحاس الرملي و أيوب بن محمد الرقي، قالا: حدثنا ضمرة بن ربيعة عن ابن شوذب عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نكمل يوم القيامة سبعين أمة، نحن آخرها وخيرها ).

حدثنا محمد بن خالد بن خداش قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنكم وفيتم سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله ).

حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري قال: حدثنا حسين بن حفص الأصبهاني قال: حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم ).

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو سلمة عن حماد بن سلمة عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نحن آخر الأمم، وأول من يحاسب، يقال: أين الأمة الأمية ونبيها؟ فنحن الآخرون الأولون ).

حدثنا جبارة بن المغلس قال: حدثنا عبد الأعلى بن أبي المساور عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة، أذن لأمة محمد في السجود، فيسجدون له طويلاً، ثم يقال: ارفعوا رؤوسكم، قد جعلنا عدتكم فداءكم من النار ).

حدثنا جبارة بن المغلس قال: حدثنا كثير بن سليم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن هذه الأمة مرحومة، عذابها بأيديها، فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين، فيقال: هذا فداؤك من النار ) ].

وهذا الثلاثي من ثلاثيات ابن ماجه.

قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن لله مائة رحمة، قسم منها رحمة بين جميع الخلائق، فبها يتراحمون، وبها يتعاطفون، وبها تعطف الوحش على أولادها، وأخر تسعة وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة ).

حدثنا أبو كريب وأحمد بن سنان، قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خلق الله عز وجل يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة، فجعل في الأرض منها رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والبهائم بعضها على بعض، والطير، وأخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة أكملها الله بهذه الرحمة ).

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وأبو بكر بن أبي شيبة، قالا: حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن أبيه

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله عز وجل لما خلق الخلق كتب بيده على نفس: إن رحمتي تغلب غضبي ).

حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال: حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا عبد الملك بن عمير عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل، قال: ( مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على حمار، فقال: يا معاذ! هل تدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إبراهيم بن أعين قال: حدثنا إسماعيل بن يحيى الشيباني عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر، قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، فمر بقوم، فقال: من القوم؟ فقالوا: نحن المسلمون، وامرأة تحصب تنورها، ومعها ابن لها، فإذا ارتفع وهج التنور، تنحت به، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أنت رسول الله؟ قال: نعم, قالت: بأبي أنت وأمي، أليس الله بأرحم الراحمين؟ قال: بلى, قالت: أوليس الله أرحم بعباده من الأم بولدها؟ قال: بلى, قالت: فإن الأم لا تلقي ولدها في النار. فأكب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي، ثم رفع رأسه إليها فقال: إن الله لا يعذب من عباده إلا المارد المتمرد الذي يتمرد على الله، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله ).

حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي قال: حدثنا عمرو بن هاشم قال: حدثنا ابن لهيعة عن عبد ربه بن سعيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل النار إلا شقي, قيل: يا رسول الله! ومن الشقي؟ قال: من لم يعمل لله بطاعة، ولم يترك له معصية ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا سهيل بن عبد الله أخو حزم القطعي قال: حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ - أو تلا - هذه الآية: هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ [المدثر:56], فقال: قال الله عز وجل: أنا أهل أن أتقى، فلا يجعل معي إله آخر، فمن اتقى أن يجعل معي إلهاً آخر، فأنا أهل أن أغفر له ).

قال أبو الحسن القطان: قال: حدثنا إبراهيم بن نصر قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا سهيل بن أبي حزم عن ثابت عن أنس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ [المدثر:56], قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال ربكم: أنا أهل أن أتقى، فلا يشرك بي غيري، وأنا أهل لمن اتقى أن يشرك بي أن أغفر له ).

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: حدثني الليث قال: حدثني عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال: سمعت عبد الله بن عمرو، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فينشر عليه تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل مد البصر، ثم يقول الله عز وجل: هل تنكر من هذا شيئاً؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: أظلمتك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا، يا رب, ثم يقول: ألك عذر، ألك حسنة؟ فيهاب الرجل، فيقول: لا. فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنات، وإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج له بطاقة، فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، قال: فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات, فيقول: إنك لا تظلم, فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة ) ].