خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/2102"> الشيخ عبد العزيز الطريفي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/2102?sub=56798"> أشراط الساعة رواية ودراية
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
أشراط الساعة رواية ودراية [6]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تقدم معنا الكلام على أشراط الساعة وعلاماتها الصغرى، وذكرنا جل ذلك، وبينا شيئاً مما يتعلق بدراية الأخبار التي جاءت في ذلك من كلام الله عز وجل وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء أيضاً من الموقوف عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومما ينبغي أن يشار إليه هو أن يعلم أن أشراط الساعة وأماراتها منها ما يتعلق بالكبائر وملتصق بها، يعني: بعد قيام الساعة، وإذا علم هذا علم أن الصغائر بعضها يتداخل مع قيام الساعة، وبعضها منفصل ومنفك عنه، وإنما أطلق على الصغار وأشراط الساعة الصغيرة هذا الاسم باعتبار أن الأغلب فيها أنها قبل ورود علامات الساعة الكبرى.
وقد تقدم معنا الكلام على ظهور المهدي ، وأنه تمهيد لخروج المسيح الدجال، ثم لخروج عيسى ابن مريم عليه السلام، وهذا فيه تداخل مع الكبرى، ثم ما يلي ذلك من بعض أشراط الساعة التي تقدم الإشارة إليها، واختلافها كذلك في جملة من الأزمنة وتباينها وقوعاً، منها: ظهور الجهل وقبض العلم.
ومعلوم أن الدجال لا يخرج إلا في حال قبض العلم وظهور الجهل، وكذلك بالنسبة للقحطاني يكون بعد ظهور المهدي على الصحيح كما تقدم الكلام عليه، وفي هذا جملة فيما تقدم إطلاقه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة الزلازل والخسوف، فإن هذا إجمال، ويرد تحت هذا الإجمال جملة من التقييدات لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها ما يتعلق بأشراط الساعة الكبرى الثلاثة الخسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب وداخلة تحت ذلك العموم.
وسنتكلم على أشراط الساعة الكبرى، وذكرنا في السابق التقسيم الأرجح في ذلك؛ أن أشراط الساعة على قسمين: أشراط تسبق قيام الساعة وهي كبرى وصغرى، وأشراط تأتي بعد قيام الساعة، وقيام الساعة يعلم ظهوره عند طلوع الشمس من مغربها، وهي أظهر العلامات السماوية، فإذا ظهرت هذه العلامة علم أن الساعة قد قامت، ويندرج فيها بعض الأشراط التي تكون امتداداً للصغرى، والكبرى تكون كالعقد تنفرط انفراطاً.
وأما الكبرى التي تسبق قيام الساعة وتقبل فيها التوبة، فهي ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك جملة: منها خروج المسيح الدجال ، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى ابن مريم ، هذا تقبل فيه التوبة، وإذا طلعت الشمس من مغربها كانت هذه أبرز العلامات السماوية.
وينبغي أن يعرج على مسألة مهمة قبل ذكر أشراط الساعة، وهي مسألة الترتيب والوقوع.
اختلاف العلماء في ترتيب أشراط الساعة
ترتيب هذه العلامات يجتهد فيها العلماء بحسب ورود الأخبار عن رسول الله صلى الله وعليه وسلم فيها، ويقولون في ذلك جملة من الدلالات، منها: الترتيب الذهني، والترتيب الذهني لا يفيد ترتيب الوقوع، وهذا إذا كان على سبيل العطف بالواو، والعطف بالواو لا تفيد الترتيب، كقول الإنسان: (مررت بزيد وعمرو) لا يفيد أنه مر بزيد أول الأمر، ثم تلاه بعد ذلك عمرو، وإنما قد مر بالجميع، فقد يسبق هذا وهذا، وقد يكون هذا مصاحباً لهذا؛ ولهذا وقع خلاف عند العلماء بحسب السياق: أي أشراط الساعة وقوعاً؟
ولهذا منهم من يجتهد في هذا الباب ويجعل أشراط الساعة الكبرى تكون بعد طلوع الشمس من مغربها، ويجعل أول أشراط الساعة طلوع الشمس من مغربها، ومنهم من يجعل أول أشراط الساعة هي النار التي تحشر الناس كما جاء في بعض الإطلاقات من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اختلاف الروايات الواردة في الترتيب
وينبغي أن يعلم أيضاً أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما ذكر أشراط الساعة يصاحب ذلك جملة من الإشكالات في باب الرواية والدراية: منها ما يتعلق في أبواب الرواية، فيكون الراوي قد روى هذا الخبر على سبيل التجوز، فقدم هذه وأخر هذه، كما جاء هذا في حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى في الصحيح من حديث محمد بن فضيل بن غزوان ، عن أبيه عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( ثلاث إذا طلعت لم تقبل من أحد أو من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدابة )، وجاء في بعض الروايات ( الدجال، وطلوع الشمس، والدابة )، فبعضهم أخذ الترتيب على حسب الرواية، وأرجح الروايات في هذا هي رواية وكيع بن الجراح ، وقد روى هذا الخبر جماعة عن محمد بن فضيل ، ورواه أيضاً جماعة عن فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، يختلفون في مسألة الترتيب.
وهذا الترتيب لو ثبت واتفق الرواة عليه لا يلزم من ذلك هو ترتيب الوقوع فعلاً، وإنما يعني أنها مصاحبة.
ويؤكد هذا ويؤيده أن ما كان متتابعاً وممتزجاً بعضه مع بعض يتجوز الناس في نقل خبره من جهة الترتيب، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسند من حديث عبد الله بن عمرو قال: ( إن أشراط الساعة كخرزات في عقد، إذا انقطع العقد تتابعت )، وقد جاء أيضاً من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه الأحاديث تدل على التتابع، والتتابع لا يستطيع معه الإنسان أن يميز هذه المعاني، خاصة أنه دل الدليل على تداخلها، ومن ذلك مسألة إمام المسلمين الذي يصلي بالناس في نزول عيسى ابن مريم، وكذلك المسيح الدجال الذي ينزل ويقتله عيسى، وقتل عيسى له دليل على أنه جاء بعده، وأدرك شيئاً من زمنه، وكذلك يأجوج ومأجوج هو مصاحب لعيسى ابن مريم؛ ولهذا عيسى ابن مريم يلجأ بالمسلمين إلى الطور، ويأجوج ومأجوج لا يقاتلون، وهم مما سلطهم الله عز وجل على عباده، فلا يأمر الله عز وجل المسلمين بقتالهم مع أنهم يفسدون، وهذه متتابعة ومتداخلة من جهة الوقوع، فترتيبها من جهة الأصل خاضع لمسائل الاجتهاد، وخاضع أيضاً لبعض صيغ الرواية التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في ذلك جملة من الروايات، جاء في ذلك حديث حذيفة بن أسيد ، وجاء في ذلك أيضاً حديث أبي هريرة ، وحديث سلمان الفارسي و أنس بن مالك وغيرها من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر علامات الساعة الكبرى.
خطأ من يتكلم في أشراط الساعة بإطلاق
وإذا علم هذا علم أن الإطلاقات التي يطلقها من يتكلم في أشراط الساعة هي خاطئة في الظن، ولا يقين في ذلك، وأما ما دل عليه الدليل على التداخل فإنه يقطع به، كمثل المسيح الدجال يخرج قبل عيسى ابن مريم، ثم يتبعه عيسى ابن مريم، وهم في زمن واحد، وهذا قد دل الدليل عليه.
ثم خروج يأجوج ومأجوج، هل هو كان من إرهاصاته قبل عيسى ابن مريم، ثم ظهر مع عيسى ابن مريم، فانصرف عيسى عليه السلام بالمسلمين إلى الطور فلا يقاتل يأجوج ومأجوج؟ وهل كان ذلك قبل ذلك فتركهم حتى يقتلوا المسيح الدجال أم كان بعد ذلك؟ هذا محتمل، وكل هذا من مسائل الظن، إلا أن الذي يقطع به أن المهدي والقحطاني وعيسى ابن مريم و المسيح الدجال ويأجوج ومأجوج هي في وقت واحد، تشترك في أيام واحدة، لكن أيها خرج أولاً وأيها آخرها اضمحلالاً؟ هذا يفتقر إلى اجتهاد وظن، ولا يتكئ على يقين.
وأما ما يكون في هذه المسائل مما يتعلق بمسألة العبادة، من مسائل طلوع الشمس من مغربها وانقطاع التوبة جاء في ذلك ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة أن النفس لا ينفعها إيمانها إذا ظهرت هذه الآيات لم تكن آمنت من قبل، وذكر منها طلوع الشمس من مغربها، و الدجال ، والدابة، هل يلزم من ذلك أن الدجال والدابة يكون بعد طلوع الشمس من مغربها؟ أم أن الشمس إذا ظهرت من مغربها تلاها بعد ذلك خروج الدابة وخروج الدجال؟ أم أن الدجال قبل ذلك ثم بعد ذلك طلوع الشمس من مغربها؟ هذا لا يظهر.
ولكن المراد من هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما ذكر هذه الآيات، وأنه لا ينفع النفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، أن المراد من ذلك أن النفوس تنصرف عن الحق إذا لم تكن قد تشربته قبل ذلك من المسيح الدجال ممن تبعه ولو كان صاحب إيمان؛ ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالفرار من الدجال عند السماع به، كما جاء في حديث عمران بن حصين وغيره؛ لما يبعث من الفتن والشبهات، فما يكون من أهل الإيمان ينفعهم إيمانهم قبل الشبهات، ومن كان في حال الشبهات فهو أشد انصرافاً إلى الباطل.
وأما طلوع الشمس من مغربها فهذا مقطوع به وهو محل اتفاق؛ أنه إذا طلعت الشمس من مغربها لا ينفع النفس إيمانها، ويكون حينئذٍ قد قامت الساعة.
ترتيب هذه العلامات يجتهد فيها العلماء بحسب ورود الأخبار عن رسول الله صلى الله وعليه وسلم فيها، ويقولون في ذلك جملة من الدلالات، منها: الترتيب الذهني، والترتيب الذهني لا يفيد ترتيب الوقوع، وهذا إذا كان على سبيل العطف بالواو، والعطف بالواو لا تفيد الترتيب، كقول الإنسان: (مررت بزيد وعمرو) لا يفيد أنه مر بزيد أول الأمر، ثم تلاه بعد ذلك عمرو، وإنما قد مر بالجميع، فقد يسبق هذا وهذا، وقد يكون هذا مصاحباً لهذا؛ ولهذا وقع خلاف عند العلماء بحسب السياق: أي أشراط الساعة وقوعاً؟
ولهذا منهم من يجتهد في هذا الباب ويجعل أشراط الساعة الكبرى تكون بعد طلوع الشمس من مغربها، ويجعل أول أشراط الساعة طلوع الشمس من مغربها، ومنهم من يجعل أول أشراط الساعة هي النار التي تحشر الناس كما جاء في بعض الإطلاقات من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وينبغي أن يعلم أيضاً أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما ذكر أشراط الساعة يصاحب ذلك جملة من الإشكالات في باب الرواية والدراية: منها ما يتعلق في أبواب الرواية، فيكون الراوي قد روى هذا الخبر على سبيل التجوز، فقدم هذه وأخر هذه، كما جاء هذا في حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى في الصحيح من حديث محمد بن فضيل بن غزوان ، عن أبيه عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( ثلاث إذا طلعت لم تقبل من أحد أو من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدابة )، وجاء في بعض الروايات ( الدجال، وطلوع الشمس، والدابة )، فبعضهم أخذ الترتيب على حسب الرواية، وأرجح الروايات في هذا هي رواية وكيع بن الجراح ، وقد روى هذا الخبر جماعة عن محمد بن فضيل ، ورواه أيضاً جماعة عن فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، يختلفون في مسألة الترتيب.
وهذا الترتيب لو ثبت واتفق الرواة عليه لا يلزم من ذلك هو ترتيب الوقوع فعلاً، وإنما يعني أنها مصاحبة.
ويؤكد هذا ويؤيده أن ما كان متتابعاً وممتزجاً بعضه مع بعض يتجوز الناس في نقل خبره من جهة الترتيب، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسند من حديث عبد الله بن عمرو قال: ( إن أشراط الساعة كخرزات في عقد، إذا انقطع العقد تتابعت )، وقد جاء أيضاً من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه الأحاديث تدل على التتابع، والتتابع لا يستطيع معه الإنسان أن يميز هذه المعاني، خاصة أنه دل الدليل على تداخلها، ومن ذلك مسألة إمام المسلمين الذي يصلي بالناس في نزول عيسى ابن مريم، وكذلك المسيح الدجال الذي ينزل ويقتله عيسى، وقتل عيسى له دليل على أنه جاء بعده، وأدرك شيئاً من زمنه، وكذلك يأجوج ومأجوج هو مصاحب لعيسى ابن مريم؛ ولهذا عيسى ابن مريم يلجأ بالمسلمين إلى الطور، ويأجوج ومأجوج لا يقاتلون، وهم مما سلطهم الله عز وجل على عباده، فلا يأمر الله عز وجل المسلمين بقتالهم مع أنهم يفسدون، وهذه متتابعة ومتداخلة من جهة الوقوع، فترتيبها من جهة الأصل خاضع لمسائل الاجتهاد، وخاضع أيضاً لبعض صيغ الرواية التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في ذلك جملة من الروايات، جاء في ذلك حديث حذيفة بن أسيد ، وجاء في ذلك أيضاً حديث أبي هريرة ، وحديث سلمان الفارسي و أنس بن مالك وغيرها من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر علامات الساعة الكبرى.
وإذا علم هذا علم أن الإطلاقات التي يطلقها من يتكلم في أشراط الساعة هي خاطئة في الظن، ولا يقين في ذلك، وأما ما دل عليه الدليل على التداخل فإنه يقطع به، كمثل المسيح الدجال يخرج قبل عيسى ابن مريم، ثم يتبعه عيسى ابن مريم، وهم في زمن واحد، وهذا قد دل الدليل عليه.
ثم خروج يأجوج ومأجوج، هل هو كان من إرهاصاته قبل عيسى ابن مريم، ثم ظهر مع عيسى ابن مريم، فانصرف عيسى عليه السلام بالمسلمين إلى الطور فلا يقاتل يأجوج ومأجوج؟ وهل كان ذلك قبل ذلك فتركهم حتى يقتلوا المسيح الدجال أم كان بعد ذلك؟ هذا محتمل، وكل هذا من مسائل الظن، إلا أن الذي يقطع به أن المهدي والقحطاني وعيسى ابن مريم و المسيح الدجال ويأجوج ومأجوج هي في وقت واحد، تشترك في أيام واحدة، لكن أيها خرج أولاً وأيها آخرها اضمحلالاً؟ هذا يفتقر إلى اجتهاد وظن، ولا يتكئ على يقين.
وأما ما يكون في هذه المسائل مما يتعلق بمسألة العبادة، من مسائل طلوع الشمس من مغربها وانقطاع التوبة جاء في ذلك ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة أن النفس لا ينفعها إيمانها إذا ظهرت هذه الآيات لم تكن آمنت من قبل، وذكر منها طلوع الشمس من مغربها، و الدجال ، والدابة، هل يلزم من ذلك أن الدجال والدابة يكون بعد طلوع الشمس من مغربها؟ أم أن الشمس إذا ظهرت من مغربها تلاها بعد ذلك خروج الدابة وخروج الدجال؟ أم أن الدجال قبل ذلك ثم بعد ذلك طلوع الشمس من مغربها؟ هذا لا يظهر.
ولكن المراد من هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما ذكر هذه الآيات، وأنه لا ينفع النفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، أن المراد من ذلك أن النفوس تنصرف عن الحق إذا لم تكن قد تشربته قبل ذلك من المسيح الدجال ممن تبعه ولو كان صاحب إيمان؛ ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالفرار من الدجال عند السماع به، كما جاء في حديث عمران بن حصين وغيره؛ لما يبعث من الفتن والشبهات، فما يكون من أهل الإيمان ينفعهم إيمانهم قبل الشبهات، ومن كان في حال الشبهات فهو أشد انصرافاً إلى الباطل.
وأما طلوع الشمس من مغربها فهذا مقطوع به وهو محل اتفاق؛ أنه إذا طلعت الشمس من مغربها لا ينفع النفس إيمانها، ويكون حينئذٍ قد قامت الساعة.
ومن العلماء من يقسم أشراط الساعة الكبرى ما يتعلق بالأمور السماوية، وما قد اعتاد الناس عليه، وما يتعلق بالأمور الأرضية، ويحمل ما جاء من بعض الإطلاقات من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول أشراط الساعة وعلاماتها كذا، وأول علاماتها كذا، قال: ما جاء من أول علامات الساعة من طلوع الشمس من مغربها فيه إشارة إلى علامة من العلامات السماوية.
وأما ما يذكر من أول علامات الساعة وهو ظهور النار التي تحشر الناس إلى المحشر، وهي أول أشراط الساعة كما جاء في حديث سلمان ، قالوا: هي العلامات الأرضية، وقالوا: هذا بحسب المعنى الذي أريد من ذكره في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل هذا من الأمور المحتملة.
وكلمة (أول) لا تعني من ذلك الأسبقية على الإطلاق أنه لا يسبقه، ولكن يعني من ذلك أن أول ما يشد الناس ويذهلهم، هذا في الأغلب.
وينبغي لطالب العلم أن يعلم أن الرواة في غالب أمرهم في نقلهم للأخبار يطرأ عليهم من الوهم، ويطرأ عليهم أيضاً من التقديم والتأخير مما يسوغ إذا كان ذلك لا يغير حكماً، وذلك أن هذه أشراط الساعة في حال تقديمها وتأخيرها لا تغير من دين الله عز جل شيئاً في أبواب الأحكام، فالشريعة قائمة، والأعمال الناس قد أمروا بها، ولا يكلف الإنسان زائداً عن ذلك، حتى عيسى عليه السلام حينما ينزل يتبع ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤم المسلمين منهم، ويصلي بهم ويقتدي بذلك عيسى عليه السلام، فلما كان كذلك كان الرواة من جهة الضبط لا يعتنون بذلك عناية فائقة، كما يعتنون بضبط الألفاظ التي إذا تغير لفظ منها غير حكماً شرعياً.
وبهذا يعلم أن ما يذكره العلماء من هذا هو اجتهادات خارجة عن القيد الذي ذكرنا في مسألة التزامن والاشتراك في بعض الأيام كما تقدم الكلام عليه كما تدل عليه سائر النصوص من حديث أبي هريرة ، ومن حديث سلمان ، وحديث حذيفة بن أسيد ، وحديث عبد الله بن عمرو ، و النواس ، وغيرها من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بعد خروج المهدي ، وقد تقدمت الإشارة إليه، ويصلح الله عز وجل به صلاحاً ظاهراً بعد انتشار البغي والفساد في الأرض، ويجعل الله عز وجل فتحاً على يديه، ويكون هذا بعدما تقدم الكلام عليه من مثل (عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية).
والقسطنطينية هي حديثاً ما تسمى بإسلام بول، وهذا أول ما سميت به، ثم قلبها أتاتورك إلى الاسم الحالي ما يسمى باسطنبول، وكانت عاصمة للمملكة الرومية، وقد أنشأها وأسسها قسطنطين وهو ملك الروم، وقد فتحها محمد الفاتح .
وهذا الفتح هل هو الفتح النهائي الذي أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام الذي يسبق قيام الساعة، وقد فتحت قبل قرون أم أن ثمة فتحاً آخر؟
قد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنها تفتح بالتكبير والتهليل كما جاء عند ابن ماجه في سننه، ولعل المراد بذلك أنها تفتح دعوة وذكراً وتعليماً، وإدخال الناس في الإسلام سلماً من غير حرب، وهذا محتمل.
وبلاد تركيا كما لا يخفى بلاد ينتسب أهلها للإسلام مع وجود الشركيات فيها، وانتشار التصوف الغالي فيها، إلا أن جل السكان أو كلهم من المسلمين، وسكانها قرابة (99%) من المسلمين أو أكثر من ذلك، وإن كانت كذلك فلعل الله عز وجل أن يقيض من ينشر الإسلام فيها إسلاماً صحيحاً نقياً من الشرك والوثنية، ويفتح الله عز وجل على يديه فتحاً ينتشر فيه الإسلام الحق النقي بعيداً عن البدعيات والشركيات.
ما يخرج من أشراط الساعة الكبرى هي بعد هذه الأمور، لكن هل يلزم مما تقدم ذكره من عمران بيت المقدس وخراب يثرب هو العمران الذي يتبع قتال المسلمين لبلاد فلسطين ويفتحون بذلك القدس؟
هذا هو الظاهر؛ ولهذا لم يظهر جملة من أشراط الساعة الصغرى إلى الآن، منها: عمران بيت المقدس، وخراب يثرب، ونفي المدينة لخبثها كما ينفي الكير خبث الحديد، وقتال المسلمين لليهود حتى يختبئ اليهودي خلف الشجر والحجر، فيقول: (يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله)، وهذا فيما لم يظهر، وكذلك نطق البهائم وكلامها، وتكلم الحجر والشجر، فهذا كله مما لم يظهر من أشراط الساعة وعلاماتها التي صنف عند العلماء على أنها من الصغرى، وإن كان على سبيل الاحتمال أنها تندرج تبعاً لأبواب الكبرى، فتكون في زمن المسيح، فهذا مما يحتمل، ولكن الذي يظهر والله أعلم أنها تسبق ذلك.
عظم فتنة المسيح الدجال
ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام من خروج المسيح الدجال هو أعظم الفتن منذ أن خلق الله آدم إلى يومنا هذا، كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما بين آدم وقيام الساعة أمر أعظم من فتنة المسيح الدجال )، وهذا من النبي عليه الصلاة والسلام بيان لخطر هذه الفتنة العظيمة التي ينبغي للمسلمين أن يكونوا على حذر منها، وهذا قد جاء تفصيله في بيان المسيح الدجال في حديث عامر بن شراحيل عن فاطمة بنت قيس في حديث تميم الداري في صحيح مسلم ، لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رآه تميم حينما ركب ومعه ثلاثون رجلاً سفينة، فنزلوا في جزيرة، فوجدوا دابة أهلب، يعني: فيها شعر كثيف، فقادتهم إلى المسيح الدجال ، فوجدوه مقيداً كأعظم ما يكون الرجال، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يدل هذا على أن المسيح الدجال موجود، وأن الله عز وجل لم يأذن بخروجه. وفتنة المسيح الدجال فتنة عظيمة، وله علامات.
وجه التسمي بالمسيح
وسمي مسيحاً لأنه ممسوح العين، يعني: ليس عين، فلا توجد عين طائفة أصلاً، أو لا يرى بها، وإنما له عين من جهة أصل الخلقة، هي عين واحدة؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن المسيح الدجال أعور، وإن الله ليس بأعور )، وذلك أنه يدعي الربوبية.
حال المؤمن عند خروج الدجال
وفي حال خروجه ينبغي بل يجب على من كان في قلبه إيمان ألا يأتيه وألا يراه، وكثير من الناس يرغبون النظر في الفتن عند ظهورها؛ إشباعاً لرغبات النفوس، وينساقون خلف هذه الفتن انسياقاً، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث عمران ( إن الرجل ليسمع بالدجال فيأتيه وهو يحسب أنه مؤمن )، يعني: لثقة إيمانه ( فيتبعه لما يرى من الشبهات ).
من أخبار وأحوال المسيح الدجال
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة من ذكر أخباره وأحواله، منها: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يمكث في الناس أربعين يوماً، كما جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه، عن النواس بن سمعان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، ويوم كساعة، قالوا: يا رسول الله! اليوم الذي هو كسنة أتكفينا فيها صلاتنا هذه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، اقدروا لها قدرها ).
ولكن مع قصر مدته بالناس قد جعل الله له خصيصة وهي سرعته؛ ولهذا قد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إن سرعته كالغيث تدبره الريح )، فالغيث إذا نزل والريح خلفه تسيره فإنه ينزل في الناس، فيسير مسيرة لا يسيرها البشر عادة.
ويخرج في خلة بين الشام والعراق كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح، وهذا الخروج يخرج قاصداً مكة والمدينة، ولكنه لا يمكن من دخول مكة والمدينة، فإنه يصادفه على أطرافها ملائكة معهم سيوف، كما جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث فاطمة بنت قيس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا فيه أن الإنسان ينبغي أن يطلب في حال الفتن الأراضي التي فيها مأمن، وأعظم مأمن هو التحصين بالعلم.
الأمور التي تدفع خطر المسيح الدجال
وأعظم ما ينبغي للمؤمن أن يكون حذراً في هذا الزمن من أمور:
أولها: أن يكون من أهل العلم والمعرفة، فإن العلم إذا حواه الإنسان في صدره وكان من أهل الإيمان والعبادة؛ عصمه الله عز وجل بإذن الله عز وجل بعصمته من الوقوع في الفتن.
ثانيها: أن يعرف أسباب الوقاية من ذلك، فمن ذلك ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام بقراءة العشر الأوائل من سورة الكهف كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح.
ثالثها: الاستعاذة من فتنته كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح وغيره بالاستعاذة قبل التسليم في الصلوات.
رابعها: أن يكون عالماً بحاله ووصفه وفتنته، ومن أعظم فتنته أنه يحيي الموتى في الظاهر للناس، فيخيل للناس أنه أحيا هذا من الموت، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في المسند من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن من فتنته أن يأتي الرجل الأعرابي فقال: إن أحييت أباك وأمك أتؤمن بأني ربك؟ قال: نعم، قال: فيحيي أباه وأمه، فيقولان له: يا بني! إن هذا ربك فاتبعه، فيتبعه )، وهذا دليل على عظم الفتنة، وأن الإنسان إذا كان منصرفاً عن العلم؛ وقد أشار النبي عليه الصلاة والسلام إلى ذلك بقوله: (حتى يأتي الأعرابي) والأعراب يغلب عليهم الجهل، فلما كان كذلك كان أكثر أتباعه من اليهود؛ لأنهم أشد الناس بعداً عن الوحي كما جاء النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح قال: ( يتبع المسيح الدجال سبعون ألفاً من يهود أصفهان عليهم الطيالسة )، وأصفهان هي في إيران، واليهود في أصفهان ما زالوا موجودين إلى يومنا هذا.
اتباع النساء للمسيح الدجال
ومن أكثر ما يتبعه النساء كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في المسند من حديث جابر أنه قال: ( إنه خارج فيكم، وأكثر ما يتبعه النساء، وإن الرجل لينصرف إلى أهله، فيربط حبيبه وأمه وأخته وعمته خشية أن تتبع المسيح الدجال )، وهذا يدل على أن الجهل في اليهود، والجهل فيمن حق فيه الجهل ممن بعد عن مواضع العلم من أهل البادية، وكذلك من كان ضعيف القلب يتعلق بالشبهات، ويتأثر ببعض الفتن والعوارض من النساء هم أكثر الخلق اتباعاً للمسيح الدجال ، وهي فتنة عظيمة ينبغي للإنسان أن يبتعد عنها؛ وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث عائشة قالت عليها رضوان الله تعالى: ( ليفرن الناس من المسيح الدجال إلى الجبال، قالت: يا رسول الله! والعرب أين هم حينئذٍ؟ قال: هم حينئذٍ قليل ).
التحذير من الالتقاء بالمسيح الدجال
ويجب عند السماع بفتنة المسيح عدم الالتقاء به، وعدم رؤيته؛ لأن فتنته فتنة عظيمة؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عمران بن حصين : ( إن الرجل ليأتيه ويحسب أنه مؤمن، فيتبعه لما يرى أو يبعث من الشبهات ).
وفي هذا أمر مهم جداً أن الإنسان إذا وفقه الله إلى الحق، ووفقه إلى اليقين، واطمأن قلبه على ذلك بأمر بينة وحجة ظاهرة من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليه أن لا يعرض نفسه للشبهات والأقوال والقيل؛ لأن قلب الإنسان ضعيف، فإذا عرضه للشبهات والفتن انطوت، ولهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بأنه إذا سمع بالمسيح الدجال أن ينصرف عنه، فلا يقول الإنسان: لعلي أطمئن، أو لعله ليس هو المسيح، وإنما هو رجل آخر ونحو ذلك، هذه من التسويلات التي تدخل قلوب العباد حتى يصرفهم الشيطان عن الحق.