أخي رجل الأمن


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

حديثي إليكم في هذه الليلة؛ هو حلقة ضمن سلسلة متصلة هي رسائل موجهة إلى أفراد متفرقين، وحديثنا هو بعنوان: (أخي رجل الأمن).

وقبل أن أتحدث إلى رجل الأمن؛ أتحدث إليكم أنتم أيها الحضور، شاكراً ومقدراً، فإنه سرني وأبهجني ما جرى في المجلس السابق.

فعلى رغم أن المسجد يستقبل الدرس لأول ليلة؛ إلا أن انضباط الإخوة في المجيء والدخول في المسجد، ومواقف السيارات وغيرها، كان أمراً عجباً، على رغم أنه لا يوجد من ينظم ذلك أو يسعى في ترتيبها.

وما ذلك إلا دليل على مدى انضباط الإخوة وحرصهم وحسن تربيتهم، فجزاكم الله تعالى خيراً، وأسأل الله أن يثيبكم.

إن الكثيرين كانوا يظنون أن يحدث في المجلس السابق بعض الارتباك، ولكن الله تعالى سلم، ووفق وأعان وسدد، فالحمد لله تعالى على ذلك كثيراً.

ورقم هذا الدرس هو التسعون ضمن سلسلة الدروس العلمية العامة، ينعقد في جامع الذياب بـبريدة في هذه الليلة، السادس والعشرين من ذي القعدة، من سنة ألف وأربعمائة وثلاث عشرة للهجرة.

أولاً: إنني لا أخاطب رجل الأمن في بلد معين؛ ولا مدينة خاصة؛ ولا قطر أو إقليم، ولكني أخاطب رجل الأمن حيثما كان، من بلاد الله تعالى الواسعة، في كل بلاد الإسلام، ولعل هذه من الحالات النادرة القليلة التي يخاطب فيها رجل الأمن.

فإن الناس عامتهم وخاصتهم في كثير من الأحيان تربوا على مجانبة هذا الميدان، وعدم التعرض له بشيء.

إنني أخاطب رجل الأمن في مصر والجزائر وتونس والسودان، وفي جميع الأصقاع والبقاع، وأخاطب رجل المرور، كما أخاطب رجل المباحث، كما أخاطب رجل الطوارئ، وجميع العاملين في أجهزة الأمن وقطاعاته.

لقد اعتاد الناس أن يسبوا هؤلاء ويتهموهم، لكن لعلهم ألا يسمعوا مني في هذه الليلة ما يسوؤهم، كما اعتاد الناس أن يلهجوا عليهم بالدعوات الحارة الصادقة ضدهم،ولعلهم أن يظفروا مني ومنكم في هذا المجلس العامر المبارك بدعوات تنفعهم في دينهم أو في دنياهم.

ثانياً: لعلك قد عرفت أخي رجل الأمن بحكم موقعك وطبيعة عملك؛ أن القرارات الرسمية الكبيرة التي تصدر في بلادك على أعلى المستويات غالباً يكون وراءها تقارير ودراسات خفية خاصة صدرت منك، أو من إدارتك، أو من قطاعك، أو ممن حولك.

فالعالم الإسلامي غالباً يحكم بتلك التقارير السرية الخاصة؛ بل والعالم كله يقيم لهذه ألف اهتمام واهتمام، في مشرقه أو مغربه.

ولهذا لا أحد يلومك حينما اتجهت لهذا العمل الضخم المؤثر، بل الكل يدركون أنه أحياناً شر لا بد منه كما يقال، وهو أحياناً خير نافع للأمة والبلاد والعباد، وهو بدون شك في أحوال كثيرة شر يجب الخلاص منه.

من ذا الذي يشكك -مثلاً- في أهمية حماية المجتمع من المخدرات التي تعمل فيه ليل نهار؟! من ذا الذي يشكك في أهمية حماية المجتمع من التزوير؟! من ذا الذي يشكك في أهمية حماية المجتمع من الاضطرابات والقلاقل والفتن التي تزعزع أمنه، وتقلقل استقراره؟!

من ذا الذي يشكك في أهمية حماية المجتمع من الجريمة، أو من التطرف؟! ولعلك تدري ماذا أعني بكلمة التطرف، فلست أستخدمها كما يستخدمها الإعلام العربي والعالمي وصمة عار يلحقها بكل متدين.

بل أعني: التطرف الذي هو انحراف في الفكر، وانحراف في السلوك، وانحراف في التصرف، يقع فيه العلمانيون، ويقع فيه أعداء الدين، ويقع فيه المتسلطون، ويقع فيه -أحياناً- بعض المنتسبين إلى الدين.

إن استقرار الأمن في بلاد الإسلام كلها؛ هو مطلب المخلصين الغيورين، وإن العمل على دعم هذا الاستقرار هو أحد الأهداف الرئيسة التي يسعى لها دعاة الإسلام في كل مكان.

يسعون لها من خلال النظرة الشرعية التي تقرر أن ارتكاب الذنوب والمعاصي، وأن انتشار المنكرات والموبقات، وأن إعلان هذا وذاك هو السبب الأكبر في كل المصائب والنقم التي تقع في بلاد المسلمين.

والنظرة الشرعية التي تقرر دون شك؛ أن السكوت على المنكرات المعلنة هو الموجب للعنة الله تعالى وغضبه ومقته، وأليم عقابه، العقاب الذي قد يأتي بصورة كساد اقتصادي، وقد يأتي بصورة عدو خارجي، وقد يأتي بصورة انشقاق داخلي وتسليط بعض الناس على بعض.

وقد يأتي بصورة فيضانات أو زلازل، أو ما شاء الله وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ [المدثر:31].

فلا أحد يشك في الدور الكبير الذي يمكن أن تؤديه أجهزة الأمن؛ إذا أخلصت، وصدقت، وتوجهت إلى أهدافها الحقيقية، واستقطبت الرجال الأمناء المخلصين.

إن تقريراً صغيراً من فرد عادي يمكن أن يتطور ويتطور؛ ليكون تقريراً كبيراً تبنى عليه أعظم النتائج.

ثالثاً: المهمة الأصلية لرجل الأمن: هي حماية المجتمع من الداخل، من جميع المخاطر والجرائم التي تهدد دين المجتمع، وأمن المجتمع، واستقرار المجتمع، فالدين هو الهدف الرئيس في حمايته لأجهزة الأمن، أجهزة الأمن في جميع بلاد الإسلام.

وبناء عليه؛ فإن الاعتداء على الدين هو الجريمة العظمى التي تأخذ (رقم واحد) والتي يجب أن يجعل رجل الأمن من جهده جهداً كبيراً في مقاومتها، وكشف من يعملها أو يمارسها وإيقافه عند حده، وإذا سلم للناس دينهم؛ فقد سلمت لهم دنياهم، فإن الدين خير كله، وكل خير في الدنيا فإن الدين جاء بضمانه وتحقيقه.

نعم. الأمن بالدين، والاستقرار بالدين، والرفاهية الاقتصادية هي بالدين، وكل خير يطمح إليه الإنسان فإنه لا يمكن أن يأتي حقاً، ودون أي مضاعفات أو أخطاء؛ إلا من خلال الدين والتزام السلوك الشرعي الصحيح.

نعم؛ فقد عاشت جمهوريات الاتحاد السوفيتي زماناً بشيء من الاستقرار؛ لكن ذلك الاستقرار كان بغير دين، وكان من خلال أجهزة الأمن التي تعد عناصرها بالملايين، والتي جندت من كافة الطبقات والنوعيات، وضرب بعضها ببعض، وجعلت مهمتها تدمير الأخلاق، وتدمير الأسر، والمجتمعات، وإزالة كل ألوان النخوة والشهامة والمروءة والرجولة، واستطاعوا أن يحافظوا على الأمن سبعين سنة.

لكن ذلك الأمن الذي حافظوا عليه؛ لم يكن في صالحهم؛ إذ دمر طاقات الشعوب واقتصادها وأخلاقها، وأسرها وقضى على كل مقدراتها، ثم كان المآل أن انفرط حبل الأمن، وتمزقت تلك الدول؛ فأصبحت كما يقال: تفرقت أيادي سبأ. وتفرقت وأصبحت اليوم تعيش ألواناً من الانهيار الاقتصادي، وأنواعاً من الخلافات والحروب المدمرة داخل تلك الدول بما يعلمه الجميع، وهي على شفا بركان، يوشك أن ينفجر صباحاً أو مساءً.

فأولاً: ذلك الأمن الذي نعموا به سبعين سنة.. هل كان خيراً؟

كلا، بل إن الحرب التي يعيشونها، والدمار الذي يشهدونه هو في نظر جميع المسلمين بلا استثناء، بل في نظر العالم كله، هو خير من الأمن الذي كانوا يعيشونه من قبل؛ لأن ذلك الأمن لم يكن لحماية الدين، ولا لحماية الأخلاق، ولا لحماية المجتمع؛ ولكنه كان لحماية وحراسة الحزب الشيوعي الحاكم الوحيد في تلك البلاد، هذا أولاً.

وثانياً: إن ذلك الأمن لم يستقر؛ وإنما سرعان ما زال وتهاوى والسبب في ذلك أنه كان أمناً استقر من خلال البطش، والحديد والنار،والستار الرهيب الذي أقاموه على شعوبهم، فتململت هذه الشعوب، بعد طول زمان حتى كان ما كان، واستطاعوا أن يواجهوا تلك القوى العظمى.

إنه لم يغن الشيوعية أنها كانت تملك أكثر من ثلاثمائة ألف رأس نووي، ولم ينفعها أو تنفعها صواريخها العابرة للقارات، ولم يغنها من الله شيء أن يكون جهاز الأمن فيها المعروف بجهاز k.g.b أنه يملك أكثر من ثلاثة ملايين عنصر، مهمتها أن تحسب على الناس أنفاسهم، وخطواتهم، وأقوالهم، وألفاظهم، وعباراتهم، بل ونياتهم ومقاصدهم، فأنت تراهم اليوم وقد صاروا أحدوثة وأمثولة يتسلى الناس بأخبارهم، ويتشمت بهم أعداؤهم.

المهمة الأصلية هي حماية المجتمع من الداخل

إن المهمة الأصلية لرجل الأمن في الإسلام؛ هي حماية المجتمع من الداخل، حماية دين المجتمع، وأخلاق المجتمع، ووحدته، وحماية الأمن والاستقرار للأمة، حماية للأمة والفرد والأسرة.

حماية المجتمع من الخارج

ومهمة الجيش في الإسلام هي حماية المجتمع من الأخطار المتمثلة بالغزو الخارجي الذي يهددها من الشمال أو الجنوب، ولعلك يا أخي يا رجل الأمن؛ تشاطرني الرأي أن كثيراً من بلاد الإسلام لم تعد تؤمن بهذه المهمة التي تحدثت عنها إيماناً صحيحاً.

فقد أصبحت مهمة رجل الأمن في كثير من البلاد الإسلامية؛ هي إرهاب المواطن، وملاحقته وتهديده، وإيذاؤه في نفسه أو أهله أو وظيفته أو عمله أو أسرته أو دينه، وأصبحت مهمة الجيش هي التهيؤ للنـزول إلى الشوارع لتدعيم مهمة القمع التي يمارسها بعض رجال الأمن في هذا البلد أو ذاك مما تسمعه في الأخبار صباح مساء.

إني سائلك وأنت أخي وأنا أخوك، وما بيني وبينك إن شاء الله تعالى إلا الود والمحبة ما صفت القلوب واتفقت الأرواح ورضينا بالمبدأ الأصل الذي هو الدين الذي ننتمي إليه جميعاً، إني سائلك؛ هل تعلم رجل الجيش في البلاد المجاورة لـإسرائيل أنه يتهيأ للمعركة مع اليهود؟! كلا! وكيف يتهيأ للمعركة مع اليهود وجلسات وجولات السلام بينهم تتقدم يوماً فيوماً إلى الأمام!!

إنهم يوجهونهم إلى شعوبهم، أو على أحسن الأحوال يوجهونهم أحياناً إلى معركة معروفة الأحداث مع الجيران، فيوماً هنا ويوماً هناك:

وأحياناً على بكر أخينا      إذا لم نجد إلا أخانا

فهم أُسود أشاوس على الضعفاء من بني جلدتهم، أو من بلادهم أو من جيرانهم، ولكنهم حملان وديعة أمام عدوهم الحقيقي الشرس من اليهود أو النصارى.

ثم إني سائلك مرة أخرى: هل تعلم مهمة رجل الأمن في تلك الديار؟! هل تعلم لهم مهمة أخرى غير اصطياد الشباب المتدين وملاحقتهم؟!

أما أنا فلا أعلم إلا هذا، فهل يرضيك يا أخي وأنت المسلم الذي تعلم حرمة الدم المسلم، وحرمة العرض وحرمة المال، أن يحدث هذا!

أم يسرك وأنت تسمع قول الباري عز وجل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93].

إن الكثيرين ينسون أن الرجل المسلم المقتول غدراً في الشارع أو في الجامعة أو في المسجد أو في المنـزل أنه رجل يجري في عروقه أيضاً دم، وليس ماء، وأنه بشر، له حرمته وليس شيئاً آخر غير البشر، وأن له أطفالاً ينتظرونه عند الباب صباح مساء، متى يأتي أبونا؟ متى يأتي والدنا؟

وأن له أمَّاً تذرف الدموع بعد الدموع على قرة عينها الذي طال انتظاره دون جدوى، فلماذا تنـزعج أخي؛ أو ينـزعج غيرك من خبر يقول مقتل: ضابط أو شرطي في بلد كذا!! ثم تسر لخبر يقول لك: اقتحام منـزل وقتل عشرين من المتطرفين!!

لقد اعترفوا بالقتل وقتل عشرين! لقد اعترفوا بالقتل! فيقبل اعترافهم على أنفسهم وهي جريمة منكرة في جميع الشرائع، بل وفي كل القوانين الوضعية، أما دعواهم أن هؤلاء من المتطرفين؛ فهي دعوى يعوزها الدليل، وهؤلاء القتلى لم يمثلوا أمام محكمة! ولم يظهر صوتهم في إذاعة! ولم يرهم الناس عبر شاشة! ولم يكتبوا في جريدة ليتحدثوا برأيهم ويدافعوا عن أنفسهم! فأين الدليل الحقيقي على أن هؤلاء كانوا من المتطرفين؟!

لقد جاءت أخبار مؤكدة ووصلت إلي تقول: إن الناس في بعض الدول العربية والإسلامية أصبحوا يعتصمون بالجبال، قرى بأكملها ومدن عن بكرة أبيها أصبحت تعتصم بالجبال! وتترك البيوت والحقول والمزارع والنساء والأطفال! وهي مصممة على الثأر ممن تعدهم الجناة.

فهل أدركت أخي رجل الأمن أي فجوة ضخمة خطيرة حفرها أولئك المغرضون المجرمون بينك وبين أخيك المسلم من وطنك وبلادك، بل ربما من أسرتك ومن قبيلتك، وربما من المدينة أو القرية التي كنت منها؟!

لقد خوفوك به، كما خوفوه بك، قالوا لك: لا خطر علينا من اليهود، أو ما يسمى بـإسرائيل!! فهي حليفتنا وصديقتنا، وبيننا وبينها أوثق العلاقات، ولا خطر علينا من النصارى فهم أصحابنا وأصدقاؤنا، ولا خطر علينا من مجرمي المخدرات، فإنهم لا يضرون إلا أنفسهم.

قالوا لك: الخطر كل الخطر من المتطرفين، فاقتله ولو كان المتطرف متعلقاً بأستار الكعبة، هكذا قبل أيام طالب رئيس دولة عربية معروفة -الرئيس الليبي- طلب من الطلاب في كل مكان قتل المتطرفين دون محاكمة!!

أتدري ما آية التطرف عندهم؟! إن إعفاء اللحية أو حمل السواك، أو التردد على المساجد، كافٍ في الدلالة على أن صاحب هذه الأعمال من المتطرفين؛ فإذا قصر ثوبه أو قام يخطب في المسجد، أو نصح، أو ألف كتاباً، أو ألقى درساً، فحينئذ يكون تطرفه مما لا يقبل النظر ولا الجدل عند هؤلاء.

لقد ملئوا قلبك -أخي رجل الأمن- خوفاً وذعراً، حتى أصبحت إذا رأيت ذا اللحية فكأنما رأيت بعبعاً عنيفاً، أو شيئاً مخيفاً، وبالمقابل خوفوه بك وجعلوك سيفاً مصلتاً على رقبته، فصار ما إن يراك ببزتك وبدلتك؛ حتى يرى الموت الأحمر، ويدري أنه إن لم يقتل يُقتل، وصرت أنت وهو -حينئذ- ضدين لا يجتمعان.

إنه الدم، إنه القصاص، قال الله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:179] والقاتل مقتول ولو بعد حين، وسيقضي القاتل أياً كان، سوف يقضي بقية عمره في قلق لا يهدأ وتوتر لا يسكن، وإن من عقوبة القتل أن يزرع الله في قلب القاتل شقاء لا سعادة معه أبداً.

وإذا أمن عقوبة أهل الأرض، فلا يأمن عقوبة رب السماء، تنتظره من يومه أو من غده، نـزيفاً في المخ، أو سرطاناً، أو جلطة، أو حادثاً مرورياً مدمراً، أو أزمة قلبية، أو إيدزاً، أو مأساة مروعة على زوجته أو على أطفاله، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:13-14].

إن المهمة الأصلية لرجل الأمن في الإسلام؛ هي حماية المجتمع من الداخل، حماية دين المجتمع، وأخلاق المجتمع، ووحدته، وحماية الأمن والاستقرار للأمة، حماية للأمة والفرد والأسرة.

ومهمة الجيش في الإسلام هي حماية المجتمع من الأخطار المتمثلة بالغزو الخارجي الذي يهددها من الشمال أو الجنوب، ولعلك يا أخي يا رجل الأمن؛ تشاطرني الرأي أن كثيراً من بلاد الإسلام لم تعد تؤمن بهذه المهمة التي تحدثت عنها إيماناً صحيحاً.

فقد أصبحت مهمة رجل الأمن في كثير من البلاد الإسلامية؛ هي إرهاب المواطن، وملاحقته وتهديده، وإيذاؤه في نفسه أو أهله أو وظيفته أو عمله أو أسرته أو دينه، وأصبحت مهمة الجيش هي التهيؤ للنـزول إلى الشوارع لتدعيم مهمة القمع التي يمارسها بعض رجال الأمن في هذا البلد أو ذاك مما تسمعه في الأخبار صباح مساء.

إني سائلك وأنت أخي وأنا أخوك، وما بيني وبينك إن شاء الله تعالى إلا الود والمحبة ما صفت القلوب واتفقت الأرواح ورضينا بالمبدأ الأصل الذي هو الدين الذي ننتمي إليه جميعاً، إني سائلك؛ هل تعلم رجل الجيش في البلاد المجاورة لـإسرائيل أنه يتهيأ للمعركة مع اليهود؟! كلا! وكيف يتهيأ للمعركة مع اليهود وجلسات وجولات السلام بينهم تتقدم يوماً فيوماً إلى الأمام!!

إنهم يوجهونهم إلى شعوبهم، أو على أحسن الأحوال يوجهونهم أحياناً إلى معركة معروفة الأحداث مع الجيران، فيوماً هنا ويوماً هناك:

وأحياناً على بكر أخينا      إذا لم نجد إلا أخانا

فهم أُسود أشاوس على الضعفاء من بني جلدتهم، أو من بلادهم أو من جيرانهم، ولكنهم حملان وديعة أمام عدوهم الحقيقي الشرس من اليهود أو النصارى.

ثم إني سائلك مرة أخرى: هل تعلم مهمة رجل الأمن في تلك الديار؟! هل تعلم لهم مهمة أخرى غير اصطياد الشباب المتدين وملاحقتهم؟!

أما أنا فلا أعلم إلا هذا، فهل يرضيك يا أخي وأنت المسلم الذي تعلم حرمة الدم المسلم، وحرمة العرض وحرمة المال، أن يحدث هذا!

أم يسرك وأنت تسمع قول الباري عز وجل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93].

إن الكثيرين ينسون أن الرجل المسلم المقتول غدراً في الشارع أو في الجامعة أو في المسجد أو في المنـزل أنه رجل يجري في عروقه أيضاً دم، وليس ماء، وأنه بشر، له حرمته وليس شيئاً آخر غير البشر، وأن له أطفالاً ينتظرونه عند الباب صباح مساء، متى يأتي أبونا؟ متى يأتي والدنا؟

وأن له أمَّاً تذرف الدموع بعد الدموع على قرة عينها الذي طال انتظاره دون جدوى، فلماذا تنـزعج أخي؛ أو ينـزعج غيرك من خبر يقول مقتل: ضابط أو شرطي في بلد كذا!! ثم تسر لخبر يقول لك: اقتحام منـزل وقتل عشرين من المتطرفين!!

لقد اعترفوا بالقتل وقتل عشرين! لقد اعترفوا بالقتل! فيقبل اعترافهم على أنفسهم وهي جريمة منكرة في جميع الشرائع، بل وفي كل القوانين الوضعية، أما دعواهم أن هؤلاء من المتطرفين؛ فهي دعوى يعوزها الدليل، وهؤلاء القتلى لم يمثلوا أمام محكمة! ولم يظهر صوتهم في إذاعة! ولم يرهم الناس عبر شاشة! ولم يكتبوا في جريدة ليتحدثوا برأيهم ويدافعوا عن أنفسهم! فأين الدليل الحقيقي على أن هؤلاء كانوا من المتطرفين؟!

لقد جاءت أخبار مؤكدة ووصلت إلي تقول: إن الناس في بعض الدول العربية والإسلامية أصبحوا يعتصمون بالجبال، قرى بأكملها ومدن عن بكرة أبيها أصبحت تعتصم بالجبال! وتترك البيوت والحقول والمزارع والنساء والأطفال! وهي مصممة على الثأر ممن تعدهم الجناة.

فهل أدركت أخي رجل الأمن أي فجوة ضخمة خطيرة حفرها أولئك المغرضون المجرمون بينك وبين أخيك المسلم من وطنك وبلادك، بل ربما من أسرتك ومن قبيلتك، وربما من المدينة أو القرية التي كنت منها؟!

لقد خوفوك به، كما خوفوه بك، قالوا لك: لا خطر علينا من اليهود، أو ما يسمى بـإسرائيل!! فهي حليفتنا وصديقتنا، وبيننا وبينها أوثق العلاقات، ولا خطر علينا من النصارى فهم أصحابنا وأصدقاؤنا، ولا خطر علينا من مجرمي المخدرات، فإنهم لا يضرون إلا أنفسهم.

قالوا لك: الخطر كل الخطر من المتطرفين، فاقتله ولو كان المتطرف متعلقاً بأستار الكعبة، هكذا قبل أيام طالب رئيس دولة عربية معروفة -الرئيس الليبي- طلب من الطلاب في كل مكان قتل المتطرفين دون محاكمة!!

أتدري ما آية التطرف عندهم؟! إن إعفاء اللحية أو حمل السواك، أو التردد على المساجد، كافٍ في الدلالة على أن صاحب هذه الأعمال من المتطرفين؛ فإذا قصر ثوبه أو قام يخطب في المسجد، أو نصح، أو ألف كتاباً، أو ألقى درساً، فحينئذ يكون تطرفه مما لا يقبل النظر ولا الجدل عند هؤلاء.

لقد ملئوا قلبك -أخي رجل الأمن- خوفاً وذعراً، حتى أصبحت إذا رأيت ذا اللحية فكأنما رأيت بعبعاً عنيفاً، أو شيئاً مخيفاً، وبالمقابل خوفوه بك وجعلوك سيفاً مصلتاً على رقبته، فصار ما إن يراك ببزتك وبدلتك؛ حتى يرى الموت الأحمر، ويدري أنه إن لم يقتل يُقتل، وصرت أنت وهو -حينئذ- ضدين لا يجتمعان.

إنه الدم، إنه القصاص، قال الله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:179] والقاتل مقتول ولو بعد حين، وسيقضي القاتل أياً كان، سوف يقضي بقية عمره في قلق لا يهدأ وتوتر لا يسكن، وإن من عقوبة القتل أن يزرع الله في قلب القاتل شقاء لا سعادة معه أبداً.

وإذا أمن عقوبة أهل الأرض، فلا يأمن عقوبة رب السماء، تنتظره من يومه أو من غده، نـزيفاً في المخ، أو سرطاناً، أو جلطة، أو حادثاً مرورياً مدمراً، أو أزمة قلبية، أو إيدزاً، أو مأساة مروعة على زوجته أو على أطفاله، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:13-14].

رابعاً: إن كل ما حدث ويحدث أخي رجل الأمن؛ لم يكن لينسينا أنك أنت وأجهزتك ومن وراءك جزء من مجتمعنا المسلم الممتد عبر هذه الرقعة الواسعة، من العالم الإسلامي، التي تشكل خمس سكان الكرة الأرضية.

ففي هذه الأجهزة كما في غيرها، ونحن نعلم ذلك كما تعلمه أنت، فيها الخير والشر، والحق والباطل، والإيجابيات والسلبيات، وفيها الأخيار الذين يتحرقون ألماً على واقع أمتهم، وبلادهم،ولكن واحدهم -ونرجو أن تكون من هؤلاء- واحدهم كمؤمن آل فرعون، يعمل في جو مشحون مضغوط، ويدفع عن الخير وأهله بقدر ما يستطيع، ولكنه يحاذر أن يرتاب فيه المرتابون، أو يتصيده المتربصون، وفي هذه الأجهزة أيضاً الأشرار الذين يكيدون للحق وأهله، من منطلق الحقد على دين الله عز وجل، والبغضاء والمقت للمؤمنين.

وفيها الموظفون الذين لا يعنيهم إلا أمر الراتب في آخر الشهر،ولا يعنيهم إلا أن يضبط الإنسان نفسه، فلا يساءل عن تقصير في عمله، أو إهمال في وظيفته، وقد تكون أذهان هؤلاء مشحونة أو متأثرة بما يسمعون في أجهزة الإعلام، أو في مكاتب العمل، أو في مجالس السمر مع الزملاء والأصدقاء.

وهذا يعني أن الإصلاح ممكن، وأن التدارك وارد، إن لم يكن في كل مكان، ففي بعض البقاع والرقاع، فأين الخطباء عن هذا، وأين الدعاة الغيورون المخلصون؟! وأين الشعراء؟! وأين الموظفون؟! وأين القادرون؟! لماذا يبتعدون عن مثل هذه الأمور؟! فتزداد الفجوة البعيدة بين المتدين، ورجل الأمن.

إن رجل الأمن جزء من المجتمع بدينه، بأخلاقه، بنسبه، بعلاقاته فهو أقرب ممن سواه؛ لذلك فإنك تجدهم في روسيا -مثلاً- كما أسلفنا يجندون المجهولين -أجارنا الله وإياكم- يجندون أولاد الزنى الذين لا يعرف لهم نسب، حتى يكونوا في قوات الكوماندوز، أو الصاعقة، أو التدخل السريع، أو مكافحة الشغب، لأنهم يعلمون أن هؤلاء يمكن أن يشحنوا بالأحقاد على مجتمعهم.

حيث لا رابط يربطهم، ولا علاقة، ولا قرابة، ولا أبوة ولا صهر ولا نسب، ولا دين أيضاً، فيأخذون هؤلاء منذ الطفولة، ويخضعونهم لتربية خاصة، وفي بعض البلاد العربية يقع مثل ذلك.

أما أنت يا أخي؛ فأنت ابن هذا البلد، تحمل دينه وهمه ومشاكله وتحمل مشاعره، وتحمل أخلاقه، وهؤلاء الناس هم إما أبوك أو أخوك أو قريبك أو صديقك أو جارك أو نسيبك، فأي فرق بينك وبينهم؟! ولماذا ترضى أن تسدد سهمك إلى أحد منهم؟! أو تسدد قلمك إلى بعضهم؟! إنك أنت وهم في خندق واحد،والمصير مشترك، وحق عليك أن تطيل التفكير فيها.

خامساً: أنت مسلم تؤمن بالله تعالى واليوم الآخر، وتعلم أن لك مصرعاً ينتظرك، وتنتظره، وهو آتيك صباحاً أو مساء {فإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء}. وأنت موقوف بين يدي الله عز وجل، ومسئول عن كل شيء كما قال الله تعالى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ [الصافات:24] وقد تقول: إنك مقصر ببعض الطاعات، أو واقع في بعض المعاصي والمنكرات!!

فأقول: حتى مع هذا وذاك، فأنت بحمد الله ما زلت مؤمناً، مسلماً، وكيف لا تكون كذلك وأنت تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولا تعبد إلا الله عز وجل، وأنت مقيم للصلاة، محافظ عليها، إما في المسجد أو حتى في إدارتك أو جهاز عملك أو على انفراد، فما تذكر يوماً أنك تركت صلاة متعمداً، فأنت حينئذ مسلم بحمد الله عز وجل، يرجى لك خير كثير.

السخرية بآيات الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

فكيف -وحالك هذا- ترضى أن تسمع من زميلك سخرية بآيات الله عز وجل، أو استهزاء برسله، أو تشكيكاً بأمور الغيب من البعث أو الجنة أو النار، أو المعجزات والآيات التي جرت على الأنبياء؟! ثم تلوذ بالصمت! وربما كان جوابك عليه ضحكة طويلة مجلجلة!! ألا تذكر أن زميلك يوماً من الأيام شكك في الإسراء والمعراج، وقال: هل رأيت هذا بنفسك، فما رددت عليه ولا ناقشته، ولا ذكرته ولا خوفته؟!

أنت أيضاً؛ قد وقعت في خطأ وأطلت إزارك أو بنطالك، فهلا أعجبت بأخيك الذي قصر الإزار أو طواه؛ تحرياً للسنة، وطاعة لله تعالى ورسوله، إذ لم تفعل أنت فعلام السخرية والتندر إذاً ممن هم أهدى سبيلاً وأقوم قيلاً؟!

أخي.. أنت تعلم أن الشرائع والعبادات أمور مفروضة، وأعجب منك وأنت تصلي وتعلم أن الصلاة دعاء، وأن الدعاء صلاة، كما قال الله عز وجل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].

ومع ذلك سمعت زميلك وأخاك وقرينك في العمل يسخر من أمر الدعاء، ويقول: لو كان كل مظلوم دعا استجيب له؛ لما بقي ظالم على وجه الأرض، فسكت عن ذلك، وغمغمت وجمجمت وأحجمت! ولم تبين له كم من مظلوم انتصر الله تعالى له في الدنيا قبل الآخرة! لكن الله تعالى {يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته} وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].

أنت تعلم أخي: أن الاستهزاء بآيات الله تعالى كفر، وقد قال جماعة خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد والغزو فسخروا من القراء وطلبة العلم، وقالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أكبر بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء، فأنـزل الله تعالى من فوق سبع سماوات آيات كريمات تقرأ إلى يوم الدين، تحكم على هؤلاء بالكفر البواح الصراح، وتتهددهم بنار جهنم وبئس المصير، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ [التوبة:65-66].

إن الاستهزاء بآيات الله تعالى أو رسله أو أنبيائه أو الغيب أو الجنة والنار أو بالصالحين، هو كفر بالله العظيم.

الاستهزاء بالصالحين

ولذلك لما ذكر عندك يا رجل الأمن فلان وفلان من أهل الخير والصلاح، فتماجنت وأظهرت الفرح والدعابة، وأن النكتة على طرف لسانك، فضحكت على فلان، وتندرت من شكله أو هيئته، أو منطقه وكلامه، أو تصرفاته، وربما آذيته إن كان لك عليه سبيل.

أنت.. أنت يا صاحب الجسم النحيل! والعمر القليل! والهم الكليل! أتقدر أنت على أن تحارب الله جل وتعالى؟! إن الله جل جلاله يقول: {من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب} أي أعلنت على لسان رسولي بأنني محارب له.

زعمت أوروبا أن ستغلب ربها      وليُغلبن مُغالب الغلَّاب

والولي في قوله: {من عادى لي ولياً} لا تحكم عليه أنت ولا أنا، الولاية سر عند الله عز وجل، وهي الجدير بها أهل التقوى والإيمان أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63].

فربما كان الولي بأسمال متواضعة، وربما كان بدون مرتب أو وظيفة، وربما كان ضعيف الجسم، وربما كان الولي في غياهب السجون، فإياك.. إياك لا يستفزنك الشيطان، فتطلق لسانك بالسوء على عباد الله، هذا متطرف، وهذا أحمق، وهذا يستغل الدين لمصالحه الشخصية، وهذا يريد الشهرة، وهذا يريد المنصب، وهذا يريد السلطة، وهذا وهذا!! هل جعلك الله تعالى رقيباً على قلوب العباد؟!

أخي الكريم.. إنك قد تقول لي: أنا لست من أهل هذا الشأن، وما تكلمت في مؤمن قط، ولكنني أقول لك: هذا لا يكفينا منك، بل نريدك رسولاً لمن وراءك، أن تأمرهم بالمعروف، وتنهاهم عن المنكر، وتقرأ عليهم آيات الله والحكمة.

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها في الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم} وفي رواية: {إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب} وفي رواية: {يهوي بها سبعين خريفاً في نار جهنم}.

أفيسرك أن تكون أنت من أهل هذا الوعيد العظيم الشديد، سبعين عاماً يتجلجل في نار جهنم! وما جرمه أو ذنبه إلا كلمة لم يتبين فيها، وربما قالها تندراً أو مجاملة لزيد أو عبيد!!

وفي سنن الترمذي بسند جيد عن بلال بن الحارث المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت} لم يُقِم لها بالاً ولا وزناً ولا اعتباراً، بل ظنها كلمة سهلة يسيرة، وربما قال: كل الناس يقولون هذا، { يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه}.

تأمل نفسك، وتحسس جسدك؛ هل عندك قدرة أن تظل تعيش كل عمرك الذي بقي لك، تتقلب في سخط الباري عز وجل، الذي أنفاسك منه، وعطاؤك منه، ومالك منه، وزوجك منه، وكل خير بك فمنه، وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل:53] أفيسرك يا أخي أن تتقلب يوماً من الأيام على فراش المرض، تئن من آلام مبرحة؛ لو وزعت بين مائة رجل لأثقلتهم وأبكتهم وصاحوا منها؟! أيسرك أن تتحمل هذه الآلام، ثم تدعو الله تعالى فلا يستجيب لك، وتسأله فلا يعطيك، وتستنصره وتستصرخه فلا يجيبك، لماذا؟! لأنك تتقلب في سخطه، نظير كلمة قلتها في حق امرئ مسلم.

فكيف -وحالك هذا- ترضى أن تسمع من زميلك سخرية بآيات الله عز وجل، أو استهزاء برسله، أو تشكيكاً بأمور الغيب من البعث أو الجنة أو النار، أو المعجزات والآيات التي جرت على الأنبياء؟! ثم تلوذ بالصمت! وربما كان جوابك عليه ضحكة طويلة مجلجلة!! ألا تذكر أن زميلك يوماً من الأيام شكك في الإسراء والمعراج، وقال: هل رأيت هذا بنفسك، فما رددت عليه ولا ناقشته، ولا ذكرته ولا خوفته؟!

أنت أيضاً؛ قد وقعت في خطأ وأطلت إزارك أو بنطالك، فهلا أعجبت بأخيك الذي قصر الإزار أو طواه؛ تحرياً للسنة، وطاعة لله تعالى ورسوله، إذ لم تفعل أنت فعلام السخرية والتندر إذاً ممن هم أهدى سبيلاً وأقوم قيلاً؟!

أخي.. أنت تعلم أن الشرائع والعبادات أمور مفروضة، وأعجب منك وأنت تصلي وتعلم أن الصلاة دعاء، وأن الدعاء صلاة، كما قال الله عز وجل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].

ومع ذلك سمعت زميلك وأخاك وقرينك في العمل يسخر من أمر الدعاء، ويقول: لو كان كل مظلوم دعا استجيب له؛ لما بقي ظالم على وجه الأرض، فسكت عن ذلك، وغمغمت وجمجمت وأحجمت! ولم تبين له كم من مظلوم انتصر الله تعالى له في الدنيا قبل الآخرة! لكن الله تعالى {يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته} وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].

أنت تعلم أخي: أن الاستهزاء بآيات الله تعالى كفر، وقد قال جماعة خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد والغزو فسخروا من القراء وطلبة العلم، وقالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أكبر بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء، فأنـزل الله تعالى من فوق سبع سماوات آيات كريمات تقرأ إلى يوم الدين، تحكم على هؤلاء بالكفر البواح الصراح، وتتهددهم بنار جهنم وبئس المصير، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ [التوبة:65-66].

إن الاستهزاء بآيات الله تعالى أو رسله أو أنبيائه أو الغيب أو الجنة والنار أو بالصالحين، هو كفر بالله العظيم.

ولذلك لما ذكر عندك يا رجل الأمن فلان وفلان من أهل الخير والصلاح، فتماجنت وأظهرت الفرح والدعابة، وأن النكتة على طرف لسانك، فضحكت على فلان، وتندرت من شكله أو هيئته، أو منطقه وكلامه، أو تصرفاته، وربما آذيته إن كان لك عليه سبيل.

أنت.. أنت يا صاحب الجسم النحيل! والعمر القليل! والهم الكليل! أتقدر أنت على أن تحارب الله جل وتعالى؟! إن الله جل جلاله يقول: {من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب} أي أعلنت على لسان رسولي بأنني محارب له.

زعمت أوروبا أن ستغلب ربها      وليُغلبن مُغالب الغلَّاب

والولي في قوله: {من عادى لي ولياً} لا تحكم عليه أنت ولا أنا، الولاية سر عند الله عز وجل، وهي الجدير بها أهل التقوى والإيمان أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63].

فربما كان الولي بأسمال متواضعة، وربما كان بدون مرتب أو وظيفة، وربما كان ضعيف الجسم، وربما كان الولي في غياهب السجون، فإياك.. إياك لا يستفزنك الشيطان، فتطلق لسانك بالسوء على عباد الله، هذا متطرف، وهذا أحمق، وهذا يستغل الدين لمصالحه الشخصية، وهذا يريد الشهرة، وهذا يريد المنصب، وهذا يريد السلطة، وهذا وهذا!! هل جعلك الله تعالى رقيباً على قلوب العباد؟!

أخي الكريم.. إنك قد تقول لي: أنا لست من أهل هذا الشأن، وما تكلمت في مؤمن قط، ولكنني أقول لك: هذا لا يكفينا منك، بل نريدك رسولاً لمن وراءك، أن تأمرهم بالمعروف، وتنهاهم عن المنكر، وتقرأ عليهم آيات الله والحكمة.

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها في الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم} وفي رواية: {إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب} وفي رواية: {يهوي بها سبعين خريفاً في نار جهنم}.

أفيسرك أن تكون أنت من أهل هذا الوعيد العظيم الشديد، سبعين عاماً يتجلجل في نار جهنم! وما جرمه أو ذنبه إلا كلمة لم يتبين فيها، وربما قالها تندراً أو مجاملة لزيد أو عبيد!!

وفي سنن الترمذي بسند جيد عن بلال بن الحارث المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت} لم يُقِم لها بالاً ولا وزناً ولا اعتباراً، بل ظنها كلمة سهلة يسيرة، وربما قال: كل الناس يقولون هذا، { يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه}.

تأمل نفسك، وتحسس جسدك؛ هل عندك قدرة أن تظل تعيش كل عمرك الذي بقي لك، تتقلب في سخط الباري عز وجل، الذي أنفاسك منه، وعطاؤك منه، ومالك منه، وزوجك منه، وكل خير بك فمنه، وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل:53] أفيسرك يا أخي أن تتقلب يوماً من الأيام على فراش المرض، تئن من آلام مبرحة؛ لو وزعت بين مائة رجل لأثقلتهم وأبكتهم وصاحوا منها؟! أيسرك أن تتحمل هذه الآلام، ثم تدعو الله تعالى فلا يستجيب لك، وتسأله فلا يعطيك، وتستنصره وتستصرخه فلا يجيبك، لماذا؟! لأنك تتقلب في سخطه، نظير كلمة قلتها في حق امرئ مسلم.

سادساً: أخي رأيت جزءاً من حديثكم عن المتدينين، بل إذا أردت أن أصارحك فقد أصبح المتدينون شغلكم الشاغل في كثير من بلاد الإسلام، وهمكم الأول، بل والأخير، ففي بعض الأصقاع النائية جند الجميع، حتى قوات الدفاع المدني لهذه المهمة! مهمة مطاردة المتدينين، وأنا محدثك عن المتدينين بصراحة، فقد كثر حديثكم عن أخطائهم:

الأولى: المتدينون بشر من البشر، يخطئون ويصيبون، ولكنهم يخطئون قليلاً، ويصيبون كثيراً، فصوابهم أكثر من خطئهم، ولكن افتراض الكمال فيهم غير وارد، فهم يجتهدون فيخطئون أحياناً، وقد يخطئون من غير اجتهاد أحياناً أخرى، ربما يظهر بمظهر المتدينين من ليس منهم على الحقيقة، ولكنه دعي لصيق فيهم تزيا بزيهم، ودخل مجالسهم وليس منهم،والناس ليس لهم إلا الظاهر، هذه واحدة فاعقد عليها إصبعك.

الثانية: أن مراقبة المتدينين وعد أنفاسهم، وحساب حركاتهم، سوف يجعل أخطاءهم دائماً في الصورة، فالخطأ مهما صَغُر وَقَل يُعْرف، ويكشف، ويراقب، ويضبط، ثم يكبر، ويكثَّر، ويكتب،ويضخم وينشر، ويضم إلى نظيره ومثيله وقرينه حتى نجعل من الحبة قبة فيما يتعلق بالمتدينين.

وأنا ضارب لك مثلاً: افترض أن مسئولك سخط عليك يوماً من الأيام، ووجد عليك في نفسه وأبغضك وهو لا يخاف الله، فصار يتربص بك الدوائر، ويريد أن يؤذيك، وينتظر الساعات المباركة التي يقع منك الخطأ حتى يعاقبك وينتقم منك، أفيسرك أن يحدث هذا؟! كلا.

إذاً فيجب أن تأتي الناس بالذي تحب أن يؤتى به إليك، بل إنني أقول لك بصراحة إن بعض صواب المتدينين يتحول إلى خطأ بقطرة يضيفها متبرع من بعض أصحابك أو زملائك، فإذا حذر المتدين عن المعاصي وعقوباتها، قيل: تشويش، وإذا تكلم عن خطر الكفار، قيل: إثارة، وإذا تحدث عن مؤامرات العلمانيين قيل: مبالغة وتهويل، أو تفريق للصف، وتمزيق للمجتمع، وإذا أنكر منكراً ظاهراً واجب الإنكار، قيل: تشهير، وإذا نصح، قالوا: فضح!!! فأين المهرب؟!

الثالثة: إنها سنة الله عز وجل،كما في حديث معاوية رضي الله عنه {لا تتبع عورات الناس فإنك إن تتبعت عوراتهم أفسدتهم، أو كدت تفسدهم} فالمتابعة والملاحقة هي نـزع للثقة،وغرس لبذور الريبة والشك بينك وبين هؤلاء، ولا يمكن أبداً أن أسمح لنفسي بأن أتجاوز في حق الآخرين، وأخطئ عليهم، وأتعدى، وألاحقهم، وأضرهم، وأتجسس عليهم، ثم أفترض في الناس دائماً الصبر والتحمل والعفو، والإعراض وهدوء الأعصاب وطول النفس.

الرابعة: هناك أشياء صحيحة، لكنها تدخل في باب المسائل الشخصية، فمثلاً: ربما توجه أخي رجل الأمن نقداً إلى نوعية اللباس الذي يلبسه المتدين، أو طريقته، أو مظهره الشخصي، هذه أمور لا تدل على شيء..نعم.

حسناً، لو كان المتدين -مثلاً- أعلى في ذلك، وفي صحيح مسلم {إن الله جميل يحب الجمال} ولكن أيضاً، لا تنسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كما في حديث أبي أمامة الحارثي عند أحمد وابن ماجة وهو صحيح، قال عليه الصلاة والسلام: {البذاذة من الإيمان} يعني التواضع في الملبس، وعدم الفخر أو المبالغة فيه.

ولا تنسى أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {رب أشعث أغبر، ذي طمرين، لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره} والحديث أصله في مسلم، وفي مسند أحمد، وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه.

أشعث أغبر ذي طمرين، لا يؤبه له، فشكله وملبسه وشعره وهندامه يجعل الناس يعرضون عنه،ولكنه ولي لو أقسم على الله في شيء لأجاب الله تعالى قسمه وأبره، ولو دعا الله أو سأله لأعطاه، فهل تريد أن يكون خصمك هذا، وهل تريد أن تسخر بمظهره وأنت تغفل عن مخبره، وقد يكون أقرب إلى الله تعالى زلفاً؟!

الخامسة: فإنك تتحدث عن أخطاء المتدينين، أو على أقل تقدير تسمع زملاءك يتحدثون،ولكن اسمح لي أيها الأخ العزيز أن أسألك: ما حجم هذه الأخطاء الموجودة عند المتدينين بالقياس إلى الأخطاء الفادحة الموجودة عند غيرهم؟! ألم تسمع أو تقرأ عمن يسمى بوحش الدار البيضاء؟! رجل في أعلى المناصب هو مسئول في إدارة المباحث، في تلك المدينة المغربية الشهيرة، في أعلى الرتب والمناصب، فماذا كانت جريمته؟

ليست جريمته في ملبسه، أو في حذائه، أو في سيارته، إنها مجموعة من الجرائم المسجل منها على أشرطة الفيديو بالصورة والصوت يزيد على خمسمائة جريمة؛ يهتك فيها أعراض النساء، والرجال، ويتعدى عليهم، ويقتادهم بالقوة، ويغتصبهم، ويضع لهم الأحابيل، ويستخدم كل الإمكانيات التي تحت يده، وكل الأفراد الذين تحت سلطته، يستخدمهم في التمكين لهذه الجريمة، والحصول عليها.

ثم هو يعترف في المحكمة وعلى مرأى ومسمع من الناس، يعترف بأن الجرائم التي لم تسجل هي أكثر بكثير من الجرائم التي تم تسجيلها!! ثم هو ينتظر من المحكمة أن تعفو عنه لأن له أطفالاً صغاراً ينتظرونه في المنـزل!! فهل غابت عن ذهنك هذه الجريمة المركبة العظيمة؟ وهل تظن ذلك الرجل كان يعمل بمفرده وهو يتسلم ذلك المنصب الرفيع؟! إنها لا تعدو أن تكون عينة لكثيرين ممن يحيطون به، أو يشبهونه!!

ثم ألم تسمع أو تقرأ أيضاً عن تلك الفتاة الغجرية التي نشرت خبرها الصحف المصرية، وكيف تورط في علاقة الحب الحرام معها عليةُ القوم، وكبار المسئولين بما فيهم بعض رجال الأجهزة المسئولة عن الأمن، وكيف نشرت تلك الصحف الأخبار بالتفصيل؟! ألم تقع على مثل هذه الأخبار؟! وما هي إلا أشياء أو فضائح قليلة أصبح من المستحيل التستر عليها، أما الجرائم التي دون ذلك فحدث ولا حرج!!!

لعلك سمعت خبراً عن زميلك الذي قبض عليه في قضية أخلاقية، ثم تستر عليها بواسطة تدخل بعض الأطراف!

فلماذا تريد أن يكون المتدينون صفحة بيضاء؟! أبداً، وتغفل عن أنهم في الجملة أفضل ممن سواهم، وأن العبد لو تلفت إلى غيرهم حتى من زملائه،زملاء عمله أو معارفه، لوجد شراً مستطيراً، ولعلك أيضاً لم تنس تلك العصابة المتآمرة التي كانت تتعاطى المخدرات، وتبيعها، وتهربها، وتستغل مناصبها، وعلاقاتها في تحقيق ذلك والتستر عليه؟!!

ثم إنك تعلم أن كثيراً ممن حولك يرتكبون ما حرم الله عز وجل، في أمور غير مشروعة يفعلونها في حق الناس، دعك من التجسس على المفسدين، أو المجرمين،أو على أهل المخدرات، أو على أهل الجرائم،أو على من يخشى أن يزعزعوا الأمن.

ولكن ما بالك بغيرهم، والله عز وجل يقول: وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات:12] والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {من تسمع حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة} والآنك هو الرصاص المذاب، والحديث في صحيح البخاري.