فقه المعاملات [7]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد سبق أن أهل العلم قسموا الربا إلى قسمين:

القسم الأول: ربا النساء.

والقسم الثاني: ربا الفضل.

أما ربا النساء فمعناه ربا التأخير، والمقصود به أن الشارع في الأصل كما ذكرنا وضع العقود لفض النزاع ومنع حصوله، وكل عقد فيه تأخير فهو احتمال كبير لنشوء النزاع؛ لأن شخصين إذا تعاقدا على أمرين في الذمة ليس أحدهما حاضراً فبالإمكان أن يعرض الندم، وإذا عرض الندم بينهما لم يعرف: هل العقد قد حصل أم لا؟ فيقع النزاع، ولهذا ففي مجال الصرف شرع الشارع أن يكون الصرف يداً بيد، كما صح في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا هاء وهاء، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا هاء وهاء، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز )، وفي آخر هذا الحديث يقول: ( ولا تبيعوا منها غائباً بناجز )، فيصرح النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا بد أن يكون ذلك يداً بيد، وألا يكون أحد النقدين غائباً والآخر ناجزاً في اليد؛ لما في ذلك من فتح المجال أمام الخلاف، وحصول الخصام، وهذا ما شرعت العقود لكفاحه، فلا يمكن أن تكون العقود سبباً لحصول النزاع؛ لأن المقصد الأصلي منها فض النزاع وعدم حصوله؛ ولذلك فما يظنه بعض الناس أنه يكفي مجرد التعاقد بالكلام نشاهد الخلاف يدب إذا حصل، إذا تعاقد اثنان مثلاً على مبلغ من اليورو في باريس في حساب هناك، وفي مقابله الأوقية هنا، وكان الجميع كالئاً أي: متأخراً، أو كان أحد النقدين كالئاً الأوقية مثلاً مدفوعة هنا، ولكن اليورو في باريس، كثيراً ما يؤدي هذا إلى النزاع والخلاف لأن يرتفع سعر اليورو أو ينخفض، أو يموت أحد الطرفين ويتردد الآخر ويريد فسخ العقد، أو غير ذلك من أسباب النزاع والخلاف؛ فلهذا شرط الشارع ألا يباع إلا ناجزاً بناجز، وألا يباع غائب منها بناجز.

وكذلك أخرج مسلم في الصحيح من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والتمر بالتمر، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح مثلاً بمثل، يداً بيد، سواءً بسواء، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم ).

وقد أخرج البخاري و مسلم كذلك في الصحيحين قريباً من هذا اللفظ من حديث أبي سعيد الخدري ، وفي هذين الحديثين جاء التصريح فيما يتعلق بالصرف بين الذهب والذهب، وبين الفضة والفضة، ولم يرد التصريح فيما يتعلق بالصرف بين الفضة والذهب في هذين اللفظين، لكن ثبت في الصحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبيعوا الذهب بالفضة إلا هاء وهاء ) أو قال: الذهب بالورق، ( لا تبيعوا الذهب بالورق إلا هاء وهاء )، فهذا تصريح فيما يتعلق بالصرف بين الجنسين أيضاً.

حكم ربا النسيئة

ومن هنا فربا النساء محل إجماع بين أهل العلم لم يختلف اثنان في أنه رباً محرم؛ ولذلك هو أشد أنواع الربا وأعظمها؛ لما يؤدي إليه من النزاع والخلاف، وهذا الربا -وهو ربا النساء- إنما يقع في الجنس الواحد.

أما الأجناس المتباينة التي بعضها أثمان وبعضها سلع مثلاً، أو سلع لا تسد مسداً واحداً فهذه لا يقع بينها ربا الفضل، ولكن يقع بينها ربا النساء، فربا النساء يدخل في كل الأنواع، فكل ما هو ربوي يدخله ربا النساء، أما ربا الفضل فيدخل في الجنس الواحد ولا يدخل في الجنسين، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) كما في حديث عبادة بن الصامت في صحيح مسلم والموطأ.

بعض صور ربا النسيئة

وعلى هذا فهذا النوع الأول من أنواع الربا وهو ربا النساء له حضور كبير جداً في التعامل اليومي بين الناس، وجزئياته لا حصر لها، لكن من أنواعه الشائعة ما يتعلق بالقروض، فهي تجمع في كثير من الأحيان بين ربا النساء وربا الفضل، وفي كثير من الأحيان يقع فيها ربا النساء فقط، وذلك أن العلماء اتفقوا على أن مؤخر ما في الذمة مسلف، وأن معجل ما في الذمة مسلف، هذا محل اتفاق بينهم؛ لأن مؤخر ما في الذمة عن الأجل، إذا عقدنا أجلاً محدداً ضربنا أجلاً محدداً فبعتك هذه السيارة بستمائة ألف أوقية إلى أجل ستة أشهر، فجئت فطلبت زيادةً في الأجل، وفي مقابلها تزيد في الثمن، فتجعلها تسعمائة ألف، وتجعل الأجل إلى سنة، فمؤخر ما في الذمة مسلف، أنا قد أسلفتك ستمائة ألف إلى بقية السنة، فزدت أشهراً على ما كان لديك من قبل، فكأنني أسلفتك هذا الثمن لمدة الست الأشهر الزائدة، وقد أخذت زيادةً على القرض، وكل سلف جر نفعاً فهو حرام.

وكذلك معجل ما في الذمة، إذا كنت قد بعتك هذه الدار مثلاً بأربعة ملايين إلى أجل سنة، ولكنني احتجت إلى النقود، فأتيت فطلبت أن تدفع إلي فقط مليونين حالين الآن وأعفيك من البقية، فأنت أسلفتني؛ لأنك عجلت لي مليونين مما أطالبك به فكأنك أقرضتني حتى يحين الأجل، وفي مقابل ذلك استفدت أنت لأنه سقط عنك مليونان، فأنت معجل لما في الذمة، وأنت مسلف، وقد أخذت نفعاً على ذلك السلف، فمعجل ما في الذمة مسلف، ومؤخر ما في الذمة مسلف، وكل سلف جر نفعاً فهو ربا.

كذلك من هذه الأوجه: ما يتعلق ببيع العملات، فإن بيعها إذا كانت يداً بيد سواءً كان ذلك بالجنس الواحد كمن أتى يريد نقوداً متجزئة، يدفع ألفاً ويريد في مقابلها ألفاً مجزئة من فئة مائة أو من فئة مائتين مثلاً، أو حتى من النيكل أو من النحاس، من فئة عشرين، أو من فئة عشرة مثلاً أو خمسة، فهذا الآن إذا كان يداً بيد، وكان مساوياً ليس فيه زيادة فهو جائز، لكن إذا كان فيه زيادة ولو كان يداً بيد فهو حرام؛ لأنه ربا فضل في الصنف الواحد، وإذا كان فيه تأخير فهو حرام مطلقاً سواءً حصلت الزيادة أو لم تحصل؛ لأن ربا النساء ممنوع مطلقاً في مثل هذا النوع في الصرف مطلقاً، ( ولا تبيعوا منها غائباً بناجز )، وهكذا إذا كان بين الصنفين، كالذي يبيع مثلاً ألف يورو بأربعمائة وعشرين ألف أوقية ديناً، فهذا العقد حرام؛ لأن هذا الربا الذي فيه هو ربا النساء، فقد شغلت الذمة باليورو ديناً أو بالأوقية ديناً، وفي مقابله ما هو ناجز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ولا تبيعوا منها غائباً بناجز )، وهذا مدعاة لحصول الخلاف لإمكان ارتفاع سعر اليورو، وانخفاض سعر الأوقية أو العكس أيضاً.

كذلك من أوجه ربا النساء: ما يتعلق بما كان معروفاً بربا الجاهلية فإنه يجتمع فيه ربا الفضل وربا النساء، كالذي يسلم إلى آخر أو يقترض منه نقوداً إلى أجل محدد، فإذا حان الأجل قال له: إما أن تقضيني، وإما أن ترضيني، إما أن تدفع إلي الآن النقود في أجلها، وإما أن ترضيني فتزيد فيه فأزيد في المدة، فهذا ربا الجاهلية، وقد اجتمع فيه الزيادة التي هي الفضل، والتأخير الذي هو النساء، فجمع بين نوعي الربا المحرمين.

ومثل ذلك ضع وتعجل، إذا جاء صاحب الدين قبل حلول الأجل فقال له: أحط عنك بعض الدين ولكن عجله قبل الأجل، فهذا داخل في النساء، والراجح منعه مطلقاً، وقد فصل فيه بعض أهل العلم فرأوا جواز بعض صوره، واعتمدوا على حديث أخرجه الطبراني وذكره الدارقطني : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني قينقاع لما أجلاهم عن المدينة ولهم ديون على أهل المدينة قال: ( ضعوا وتعجلوا )، فأرشدهم إلى أن يضعوا بعض ديونهم، وأن يتعجلوا، وهذا الحديث ليس بالغاً إلى درجة القبول أو الصحة أو الحسن حتى يستدل به، ومع ذلك على فرض صحته فالحنفية الذين يرون مثل هذا أصلاً هو موافق لمذهبه من جهة أخرى، فإنهم يرون أن الربا مع الكافر الحربي جائز في الأصل إذا كان المسلم هو الرابح؛ لأنهم ينطلقون من قاعدة: أن الكافر الحربي ماله غير معصوم، فيرون أن هؤلاء اليهود من بني قينقاع قد نقضوا العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فليس لهم ضمان إذ ذاك؛ لأن عصمة المال عندهم إنما تكون بإيمان أو بأمان، والإيمان هم غير مؤمنين، والأمان هم غير مؤمنين؛ لأنهم نقضوا العهد؛ فلذلك أخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، وقد قال الله فيهم في سورة الحشر: وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ [الحشر:6]؛ فلذلك مالهم غير معصوم، فرأوا أنه يجوز فيه مثل هذا النوع أن يحطوا وأن يتعجلوا بعض مالهم.

وكذلك من أمثلة هذا النوع من الربا الذي هو ربا النساء ما يتعلق بشراء الذهب سواءً كان حلياً أو كان نقوداً مسكوكةً أو غير ذلك، فشراؤه بالدين من العملات والنقود حرام مطلقاً، سواءً اشتري بذهب أو بفضة أو بعملة أياً كان نوع تلك العملة؛ لأن الأثمان كلها جنس، الأثمان كلها سواءً كانت ذهباً أو فضةً أو عملةً من أي نوع من أنواع العملات هي جنس تجمعها الثمنية.

ومن هنا فربا النساء محل إجماع بين أهل العلم لم يختلف اثنان في أنه رباً محرم؛ ولذلك هو أشد أنواع الربا وأعظمها؛ لما يؤدي إليه من النزاع والخلاف، وهذا الربا -وهو ربا النساء- إنما يقع في الجنس الواحد.

أما الأجناس المتباينة التي بعضها أثمان وبعضها سلع مثلاً، أو سلع لا تسد مسداً واحداً فهذه لا يقع بينها ربا الفضل، ولكن يقع بينها ربا النساء، فربا النساء يدخل في كل الأنواع، فكل ما هو ربوي يدخله ربا النساء، أما ربا الفضل فيدخل في الجنس الواحد ولا يدخل في الجنسين، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) كما في حديث عبادة بن الصامت في صحيح مسلم والموطأ.

وعلى هذا فهذا النوع الأول من أنواع الربا وهو ربا النساء له حضور كبير جداً في التعامل اليومي بين الناس، وجزئياته لا حصر لها، لكن من أنواعه الشائعة ما يتعلق بالقروض، فهي تجمع في كثير من الأحيان بين ربا النساء وربا الفضل، وفي كثير من الأحيان يقع فيها ربا النساء فقط، وذلك أن العلماء اتفقوا على أن مؤخر ما في الذمة مسلف، وأن معجل ما في الذمة مسلف، هذا محل اتفاق بينهم؛ لأن مؤخر ما في الذمة عن الأجل، إذا عقدنا أجلاً محدداً ضربنا أجلاً محدداً فبعتك هذه السيارة بستمائة ألف أوقية إلى أجل ستة أشهر، فجئت فطلبت زيادةً في الأجل، وفي مقابلها تزيد في الثمن، فتجعلها تسعمائة ألف، وتجعل الأجل إلى سنة، فمؤخر ما في الذمة مسلف، أنا قد أسلفتك ستمائة ألف إلى بقية السنة، فزدت أشهراً على ما كان لديك من قبل، فكأنني أسلفتك هذا الثمن لمدة الست الأشهر الزائدة، وقد أخذت زيادةً على القرض، وكل سلف جر نفعاً فهو حرام.

وكذلك معجل ما في الذمة، إذا كنت قد بعتك هذه الدار مثلاً بأربعة ملايين إلى أجل سنة، ولكنني احتجت إلى النقود، فأتيت فطلبت أن تدفع إلي فقط مليونين حالين الآن وأعفيك من البقية، فأنت أسلفتني؛ لأنك عجلت لي مليونين مما أطالبك به فكأنك أقرضتني حتى يحين الأجل، وفي مقابل ذلك استفدت أنت لأنه سقط عنك مليونان، فأنت معجل لما في الذمة، وأنت مسلف، وقد أخذت نفعاً على ذلك السلف، فمعجل ما في الذمة مسلف، ومؤخر ما في الذمة مسلف، وكل سلف جر نفعاً فهو ربا.

كذلك من هذه الأوجه: ما يتعلق ببيع العملات، فإن بيعها إذا كانت يداً بيد سواءً كان ذلك بالجنس الواحد كمن أتى يريد نقوداً متجزئة، يدفع ألفاً ويريد في مقابلها ألفاً مجزئة من فئة مائة أو من فئة مائتين مثلاً، أو حتى من النيكل أو من النحاس، من فئة عشرين، أو من فئة عشرة مثلاً أو خمسة، فهذا الآن إذا كان يداً بيد، وكان مساوياً ليس فيه زيادة فهو جائز، لكن إذا كان فيه زيادة ولو كان يداً بيد فهو حرام؛ لأنه ربا فضل في الصنف الواحد، وإذا كان فيه تأخير فهو حرام مطلقاً سواءً حصلت الزيادة أو لم تحصل؛ لأن ربا النساء ممنوع مطلقاً في مثل هذا النوع في الصرف مطلقاً، ( ولا تبيعوا منها غائباً بناجز )، وهكذا إذا كان بين الصنفين، كالذي يبيع مثلاً ألف يورو بأربعمائة وعشرين ألف أوقية ديناً، فهذا العقد حرام؛ لأن هذا الربا الذي فيه هو ربا النساء، فقد شغلت الذمة باليورو ديناً أو بالأوقية ديناً، وفي مقابله ما هو ناجز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ولا تبيعوا منها غائباً بناجز )، وهذا مدعاة لحصول الخلاف لإمكان ارتفاع سعر اليورو، وانخفاض سعر الأوقية أو العكس أيضاً.

كذلك من أوجه ربا النساء: ما يتعلق بما كان معروفاً بربا الجاهلية فإنه يجتمع فيه ربا الفضل وربا النساء، كالذي يسلم إلى آخر أو يقترض منه نقوداً إلى أجل محدد، فإذا حان الأجل قال له: إما أن تقضيني، وإما أن ترضيني، إما أن تدفع إلي الآن النقود في أجلها، وإما أن ترضيني فتزيد فيه فأزيد في المدة، فهذا ربا الجاهلية، وقد اجتمع فيه الزيادة التي هي الفضل، والتأخير الذي هو النساء، فجمع بين نوعي الربا المحرمين.

ومثل ذلك ضع وتعجل، إذا جاء صاحب الدين قبل حلول الأجل فقال له: أحط عنك بعض الدين ولكن عجله قبل الأجل، فهذا داخل في النساء، والراجح منعه مطلقاً، وقد فصل فيه بعض أهل العلم فرأوا جواز بعض صوره، واعتمدوا على حديث أخرجه الطبراني وذكره الدارقطني : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني قينقاع لما أجلاهم عن المدينة ولهم ديون على أهل المدينة قال: ( ضعوا وتعجلوا )، فأرشدهم إلى أن يضعوا بعض ديونهم، وأن يتعجلوا، وهذا الحديث ليس بالغاً إلى درجة القبول أو الصحة أو الحسن حتى يستدل به، ومع ذلك على فرض صحته فالحنفية الذين يرون مثل هذا أصلاً هو موافق لمذهبه من جهة أخرى، فإنهم يرون أن الربا مع الكافر الحربي جائز في الأصل إذا كان المسلم هو الرابح؛ لأنهم ينطلقون من قاعدة: أن الكافر الحربي ماله غير معصوم، فيرون أن هؤلاء اليهود من بني قينقاع قد نقضوا العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فليس لهم ضمان إذ ذاك؛ لأن عصمة المال عندهم إنما تكون بإيمان أو بأمان، والإيمان هم غير مؤمنين، والأمان هم غير مؤمنين؛ لأنهم نقضوا العهد؛ فلذلك أخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، وقد قال الله فيهم في سورة الحشر: وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ [الحشر:6]؛ فلذلك مالهم غير معصوم، فرأوا أنه يجوز فيه مثل هذا النوع أن يحطوا وأن يتعجلوا بعض مالهم.

وكذلك من أمثلة هذا النوع من الربا الذي هو ربا النساء ما يتعلق بشراء الذهب سواءً كان حلياً أو كان نقوداً مسكوكةً أو غير ذلك، فشراؤه بالدين من العملات والنقود حرام مطلقاً، سواءً اشتري بذهب أو بفضة أو بعملة أياً كان نوع تلك العملة؛ لأن الأثمان كلها جنس، الأثمان كلها سواءً كانت ذهباً أو فضةً أو عملةً من أي نوع من أنواع العملات هي جنس تجمعها الثمنية.