دروس في العقيدة [10]


الحلقة مفرغة

الشرك في الكهانة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن الحديث لا يزال موصولاً عن أمثلة الشرك وأنواع الشرك في العبادة التي تنافي التوحيد، وقد استعرضنا فيما سبق بعض الأنواع والأمثلة، ومن الأمثلة والأنواع للشرك في العبادة: الشرك في الكهانة.

والكهانة: هي ادعاء علم الغيب مع الاستناد إلى سبب، كالإخبار بما سيقع في الأرض، فالكهان هم الذين يخبرون عن المغيبات في المستقبل من الزمان، ويأخذون عن مسترق السمع من الشياطين.

والأصل في الكاهن أنه يأخذ عن مسترق السمع من الشياطين، والشيطان يلقي الكلمة في أذن الكاهن فيأخذها، فالكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وهو الذي يدعي علم الغيب عن طريق الاتصال بالشياطين والجن، فيتخذ له قريناً من الجن يأتيه ويخبره.

وقد كثر الكهان قبيل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وتكلموا ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما هو معروف في كتب التاريخ وكتب السير.

والكهانة التي عن طريق الاتصال بالشياطين شرك بالله عز وجل من جهتين: من جهة تقرب الكاهن إلى الوسائط التي يستعين بها على العلوم الغيبية بما هو من خصائص الله، فيتقرب إلى الشيطان بما يحب من الشركيات، فإما أن يدعوه، وإما أن يذبح له، وإما أن يفعل غير ذلك.

والجهة الثانية: دعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في علمه الذي اختص به، فالكاهن يدعي علم الغيب فيكون كافراً، قال الله تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، وقال سبحانه: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ [الجن:26-27]، فالكاهن الذي يتصل بالشياطين كافر من جهتين: من جهة تقربه إلى هذه الوسائط التي يستعين بها على دعوى علم الغيب، ومن جهة ادعائه لعلم الغيب.

والكاهن قد يسمى العراف، ولهذا قال البغوي رحمة الله: العراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بالمقدمات، فيستدل بها على المسروق ومكان الضالة، وقيل: هو الكاهن, والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وقيل: هو الذي يخبر عما في الضمير.

وقال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يدعي معرفة الأمور بهذه الطرق.

وعلى كل حال فإنه يجمع هؤلاء شيء واحد، وهو دعوى علم الغيب، فمن ادعى علم الغيب فهو كافر، لكن إن كان دعوى علم الغيب عن طريق الإخبار عن المغيبات في المستقبل سمي فاعل ذلك كاهناً، وإن كانت عن طريق عقد العقد والنفث فيها والاستعانة بالشياطين سمي فاعل ذلك ساحراً، وإن كانت عن طريق الاستدلال على معرفة المسروق ومكان الضالة سمي فاعل ذلك عرافاً, وإن كانت عن طريق النظر في النجوم والاستدلال بها على علم الغيب سمي فاعل ذلك منجماً، وإن كانت عن طريق الخط في التراب أو الضرب بالحصى سمي فاعل ذلك رمالاً.

وكل من ادعى علم الغيب فإنه يكون كافراً بأي طريق، سواء عن طريق العقد والنفث فيها، أو عن طريق الإخبار عن المغيبات في المستقبل، أو عن طريق ادعاء معرفة الأمور التي يستدل بها على المسروق ومكان الضالة، أو عن طريق الإخبار عما في الضمير، أو عن طريق النظر في النجوم، أو عن طريق الخط في التراب أو الرمل أو الضرب بالحصى، أو عن طريق فتح الكتاب وإحضار الجن، أو عن طريق القراءة في الكف أو القراءة في الفنجان، فإذا ادعى علم الغيب بأي طريقة من هذه الطرق فإنه يكون كافراً مشركاً؛ فإن دعوى علم الغيب كفر أكبر وشرك أكبر، نسأل الله السلامة والعافية.

حكم سؤال الكاهن وتصديقه

وقد ورد الوعيد الشديد على من أتى إلى الكاهن وسأله أو صدقه، فقد ثبت في صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)، وهذا وعيد شديد إذا سأله ولم يصدقه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم، رواه أحمد وأبو داود وغيرهم, فإذا كان هذا حال السائل والمصدق فكيف بحال الكاهن نفسه؟! إذا كان السائل الذي يسأل الكاهن جاء في حقه هذا الوعيد فكيف بحال الذي يُصدَّق؟!

فإذا سأله ولم يصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً؛ لأن سؤاله ميل إليه، ولأن سؤاله رفع لشأنه واهتمام به، ولا يجوز للإنسان أن يهتم بالكاهن، ولا أن يرفع من شأنه، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليسوا بشيء) أي: أخبارهم لا يوثق بها.

وما يأخذه الكاهن على كهانته وما يأخذه الساحر على سحره سحت حرام، وليس بحلال، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وحلوان الكهان خبيث)، ومهر البغي: ما تعطاه الزانية من أجرة على زناها، فهذا خبيث وسحت، وثمن الكلب خبيث، فالكلب لا يباع ولا يشترى، حتى ولو كان كلب صيد أو ماشية، ويجوز أن يقتنى كلب الصيد أو الماشية أو الحرث، لكن لا يباع، وإنما يهدى فقط، أما أن يُعطي من أجله ثمناً فليس للكلب ثمن، ولو كان كلباً أذن الشارع باقتنائه وهو كلب الصيد والماشية والحرث، لكن لو أعطاه كرامة وهدية من دون اشتراط ثمن فلا بأس.

وحلوان الكاهن: أجرته على الكهانة، سمي حلواناً لأنه يأكله حلواً بدون تعب ولا مشقة، فالذي يأتي الكاهن ويسأله جاء في حقه هذا الوعيد، بأنه لن تقبل له صلاة أربعين يوماً؛ لأنه رفع من شأن الكاهن، وهو خبيث يدعي علم الغيب ويدعي مشاركة الله في علمه، فكيف تأتي إليه وترفع من شأنه وتهتم به؟! ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنهم قال: (ليسوا بشيء).

أما إذا أتاه وصدقه ففيه وعيد آخر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما نزل على محمد) صلى الله عليه وسلم، واختلف العلماء في المراد بالكفر، فقال بعض العلماء: قد كفر كفراً أصغر لا يخرج من الملة، وتوقف آخرون من أهل العلم، فقالوا: نتوقف فلا نقول: إنه كفر أكبر أو كفر أصغر، والصواب أنه كفر أكبر إذا صدق دعوى الكاهن في دعوى علم الغيب؛ لأنه مكذب لله في قوله: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، هذا إذا صدقه في دعوى علم الغيب، أما إذا صدقه في قضية معينة، كأن يحتمل أن تكون هذه الكلمة سمعت من السماء، أو صدقه في شيء يتعلق بعلاج مريضه أو ما أشبه ذلك؛ فلا يعتبر كفراً أكبر، لكن إذا صدق الكاهن في دعوى علم الغيب فإنه يكفر والعياذ بالله؛ لأنه مكذب للقرآن، فإذا كان هذا حال المصدق للكاهن والذي يأتي إلى الكاهن فكيف بحال الكاهن؟! فالكهنة كذبة كفرة.

كيفية استراق الشياطين السمع وإلقائه في آذان الكهان

وقد جاء في الحديث بيان كيفية استراق الشياطين السمع وإلقائه في أذن الكاهن، ثم كذب الكاهن معه، قد جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله يفزعهم ذلك، حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير، فيأخذها مسترق السمع) ومسترق السمع هكذا وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه، أي: فرق بين أصابعه، فالشياطين يكونون واحداً فوق الآخر حتى يصلوا إلى السماء من دون ملاصقة، فبعضهم يكون فوق بعض، ولا يلزم من ذلك الملاصقة، هكذا وصف سفيان ركوب الشياطين بعضهم فوق بعض، والله تعالى يتكلم بالأمر، حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير.

وفي حديث آخر: (إذا تكلم الله بالوحي أخذت السماوات منه رجفة -أو قال: رعدة شديدة-، فإذا سمع الملائكة كلام الله صعقوا وخروا لله سجداً، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله بوحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول: قال الحق، فيقولون: قال الحق، ويتحدث أهل السماء ويتحدث كل سماء بما تكلم الله به من الوحي، حتى يصل إلى أهل السماء الدنيا، فيتحدث أهلها فيسمع الجني) وربما كانت الملائكة في العنان في السحاب وتكلمت بالوحي، ثم يسمع مسترق السمع الشيطان الأعلى كلام الملائكة، والكلمة التي سمعت من السماء كلمة حق من الوحي، فيلقيها الشيطان الأعلى إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى تصل إلى الشيطان الذي في أسفل الأرض، فيلقيها الشيطان الذي في الأسفل في أذن الكاهن، فيقرقرها كقرقرة الدجاجة (قر قر قر)، والشهب تلاحق هؤلاء الشياطين، وتحرق هؤلاء الشياطين، وأحياناً يصل الشهاب إلى الشيطان الذي في الأسفل قبل أن يلقي الكلمة في أذن الكاهن، وأحياناً يلقيها قبل أن يدركه الشهاب، فمرة ومرة، فربما أدركه الشهاب وأحرقه قبل أن يلقيها في أذن الكاهن، وربما ألقاها قبل أن يحرقه، وهذا يدل على أن الشياطين كثيرون، وأنهم يتناسلون، وكل إنسان معه قرين.

فإذا وصلت الكلمة إلى أذن الكاهن كذب معها مائة كذبة أو أكثر، ثم يحدث الكاهن الناس بهذا الكذب الكثير ومعه كلمة واحدة سمعت من السماء، فإذا وقعت هذا الكلمة التي سمعت من السماء صدق الناس الكاهن بجميع كذبه من أجل الكلمة التي سمعت من السماء، فيقول الناس بعضهم لبعض: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا فوقع ذلك؟! فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء، ويصدق في الكذب الكثير من أجل كلمة واحدة وقعت؛ لأنها سمعت من السماء.

قال العلماء: وهذا فيه دليل على قبول النفس للشر والباطل، فكيف يصدقونه بالكذب الكثير من أجل واحدة؟! فلا يعتبرون بالكذب الكثير، ويعتبرون بواحدة، والحكم للأغلب والأعم، فواحدة سمعت من السماء ووقعت، ومائة أو أكثر كلهن كذب، ومع ذلك يصدق هذا الكاهن بجميع كذبه من أجل أنها سمعت من السماء.

فإذاً: فالكهان كفار، وكانت للعرب قبيل البعثة في كل قبيلة كاهن يتحاكمون إليه، فكثروا، ثم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم شددت حراسة السماء، وكانوا قبل البعثة يسترقون السمع كثيراً ويلقونه في آذان الكهان، والكهان يتكلمون ويكذبون، فانتشرت الخرافة والكذب والدجل والتلبيس والكفر والظلم والطغيان قبيل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كان الناس في ظلام دامس، وكانوا في أشد الحاجة وأشد الضرورة إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، وفي وقت الحاجة والضرورة إلى بعثته، ومن الله تعالى ببعثته على الناس وعلى هذه الأمة ورحمها به، قال الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164].

إذاً: هؤلاء الكهنة كفار كذبة، فلا يجوز الإتيان إليهم، ولا يجوز الأخذ عنهم، ولا يجوز سؤالهم ولا يجوز تصديقهم، ومن سألهم لزمه الوعيد الشديد، فلم تقبل له صلاة أربعين يوماً، ومن صدقهم في دعوى علم الغيب فقد كفر، فالأمر جد خطير، وكثير من الناس يتساهلون مع هؤلاء المشعوذين وهؤلاء السحرة وهؤلاء الدجالين، ولا يجوز التساهل معهم، بل يجب على من عرف أحداً منهم أن يرفع به إلى ولاة الأمر حتى يحال إلى المحكمة الشرعية، ويقام عليه الحد، وقبل ذلك يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وقد مر معنا ذكر الخلاف في قبول توبة الساحر، والصواب أنه لا تقبل توبته في أحكام الدنيا، بل يقام عليه الحد، أما في الآخرة فأمره إلى الله, فالله تعالى يقبل توبة الصادق، فإن كان صادقاً في توبته فالله يقبل توبته، وإن كان كاذباً فله حكم الكاذبين.

فهؤلاء الكهنة وهؤلاء المشعوذون وهؤلاء الدجالون يجب التبليغ عنهم، ويجب إيصالهم إلى ولاة الأمور حتى يقام فيهم حكم الله عز وجل، والمشعوذ الذي يعالج الناس -ولو لم يدع علم الغيب، ولكنه يبتز أموال الناس ويضرهم- يجب تأديبه وتعزيره من قبل ولاة الأمر؛ حتى يرتدع عن ظلم الناس وإيذائهم والإضرار بهم وابتزاز أموالهم.

الشرك في التنجيم

ومن أمثلة الشرك في العبادة: الشرك بالتنجيم.

والتنجيم: هو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، فيستدل بالأحوال الفلكية على شيء يقع في الأرض، أو: هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الحوادث والكوائن التي لم تقع، مستندين في ذلك إلى علم النجوم، كاستدلالهم على أوقات هبوب الرياح، وظهور الحر والبرد، وتغير الأسعار، ومجيء الحروب، وقيام الدول وزوالها، وموت عظيم أو ولادة عظيم، أو ما أشبه ذلك، فيستدلون على هذه الحوادث بالنجوم وينظرون فيها، ويستدل بها على وقوع حرب، أو غلاء أسعار، أو نزول مطر، أو ولادة عظيم، أو زوال عظيم، أو قيام دولة أو زوال دولة، أو ما أشبه ذلك، مستندين في ذلك إلى علم النجوم.

أقسام علم التنجيم

علم التنجيم ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ادعاء أن الكواكب فاعلة مختارة، وأن الموجودات في العالم السفلي مركبة على تأثير الكواكب والروحانيات، وأن الحوادث مركبة من تأثيرها، وهذا كفر بإجماع المسلمين وشرك أكبر بالله العظيم من غير خلاف، وهذا الشرك هو الذي وقع فيه الصابئة عباد الكواكب، وهم الذين بعث فيهم إبراهيم الخليل على نبينا وعليه أفضل السلام وأتم التسليم، وهذا شرك أكبر، وهو شرك في الربوبية.

القسم الثاني: الاستدلال على الحوادث الأرضية بمسير الكواكب واجتماعها وافتراقها، ويقولون: إن ذلك بتقدير الله ومشيئته، وإن الله هو المسير وهو المقدر، لكن يستدلون على الحوادث الأرضية بمسير الكواكب، فإذا سارت الكواكب أو اجتمعت أو افترقت استدل بذلك على وقوع حرب في الأرض، أو زوال دولة أو قيام دولة، أو ولادة عظيم أو موت عظيم، أو وقوع المطر، أو تغير الأسعار، أو ظهور الحر والبرد، أو هبوب رياح عظيمة، أو ما أشبه ذلك، فهؤلاء يقولون: هذا بمشيئة الله وقدرته، وهو الذي خلق ذلك وأوجده وسيره، لكن يستدلون على ذلك بمسير الكواكب واجتماعها وافتراقها، فإذا سارت الكواكب أو اجتمعت أو افترقت استدل بها على حادث يقع في الأرض، وهذا -أيضاً- كفر وشرك أكبر؛ لما فيه من دعوى علم الغيب؛ لأن صاحبه يدعي علم الغيب.

وهذا اقتباس من النجوم، وهو داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)، فكلما زاد في تعلم علم النجوم زاد في اقتباس السحر.

وقد اختلف المتأخرون في حكم متعلم هذا النوع، والصواب الذي ينبغي القطع به أنه كافر، فمن استدل على الحوادث الأرضية بمسير الكواكب واجتماعها وافتراقها فهو كافر؛ لما فيه من دعوى علم الغيب، وقد نص الله سبحانه وتعالى على أنه لا يعلم الغيب إلا هو سبحانه فقال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [الأنعام:59]، قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ [لقمان:34] ومن ادعى علم الغيب كفر، ومسير الكواكب واجتماعها ليس دليلاًُ على علم الغيب، فإنه لا يعلم الغيب إلا عن طريق الأنبياء والرسل، فما أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم من علم الغيب قبلناه وصدقناه، أما الاستدلال على علم الغيب بمسير الكواكب واجتماعها وافتراقها فهو كفر أكبر، نسأل الله السلامة والعافية.

وهذان النوعان والقسمان من علم التنجيم يسميان عند العلماء بعلم التأثير.

النوع الثالث من علم التنجيم: علم التسيير، فيكون علم التنجيم قسمان: علم التأثير وهو قسمان كما سبق، والثالث: علم التسيير، وهو الاستدلال بمنازل الشمس والقمر على معرفة القبلة، ومعرفة الزوال ليعلم به وقت دخول الظهر، ومعرفة فصول السنة، أو الاستدلال به على معرفة أوقات البذور من الفلاحين، ومعرفة الطرق في البر أو في البحر حتى يستدل بها المسافرون، كأن ينظر في النجوم فيعرف النجم القطبي؛ لأن النجم القطبي نجم ثابت في جهة الشمال، وإذا تحددت جهة الشمال تحددت بقية الجهات، فيعرف المسافر الطريق ويمشي، ويستدل بالنجوم على معرفة سيره، فيعرف في أي جهة هو، وينظر إلى النجم القطبي فيستدل به، سواء أكان في البر أم في البحر، فهذا جائز عند جمهور العلماء، وهو الصواب، وهو علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والخبر، وشيء يخبرك به الثقات، فتُعلم به جهة القبلة، ويعلم به وقت الزوال وأوقات الصلوات، ويعلم به معرفة الطرق، ويهتدي به المسافرون في البر أو في البحر، ويعرف به فصول السنة، فيعرف فصل الربيع وفصل الخريف وفصل الشتاء وفصل الصيف، وتعرف أوقات البذور؛ لأن البذر يختلف، فهناك بذر في وقت الصيف، وبذر في وقت الشتاء، وبذر في وقت الخريف، فتنظر في النجوم حتى تعرف أوقات البذر، فهذا لا بأس به عند جمهور العلماء، وهو الصواب، قال الله سبحانه: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [يونس:5].

فهذا يسمى علم التسيير عند أهل العلم، وهو تعلم منازل الشمس والقمر، والنظر في النجوم؛ ليستدل بذلك على معرفة جهة القبلة حتى يصلي المرء، أو يستدل بذلك على معرفة زوال الشمس، فإذا كانت الشمس أمامك فإنه تصلي، وإذا كانت بين الحاجبين فوقع وقت العصر فإنك تصلي، وتنظر في الشمس حتى تعرف جهة القبلة، وتعرف وقت الزوال، وتعرف أوقات فصول السنة، وأوقات البذر للفلاحين، وطرق المسافرين في البر أو في البحر أو في الجو، فالطيار في الجو قد يستدل بالنجوم، فهذا جائز عند جمهور العلماء، وهو الصواب.

وذهب بعض العلماء إلى المنع منه، ومنهم قتادة بن دعامة السدوسي وسفيان بن عيينة، ذكر ذلك حرب الكرماني في مسند الإمام أحمد عنهما، وأنهما منعا من علم التسيير.

ورخص في تعلم المنازل الإمام أحمد رحمه الله وإسحاق بن راهويه، وهو رأي جمهور العلماء وهو الصواب.

أما القول بأنه ممنوع فهو قول ضعيف؛ لأنه لا محذور فيه، ولأن الحاجة ماسة إلى معرفته، ولأن الفائدة ظاهرة، بل قد يضطر الإنسان إلى معرفته، بل قد يؤمر الإنسان بالنظر في الشمس والقمر والنجوم حتى يعرف جهة القبلة إذا أراد أن يصلي، ويعرف وقت الزوال، وكذلك المسافر ينظر في النجوم حتى يعرف جهة سيره في البر أو في البحر، وهذه فائدة محضة لا محذور فيها، ولهذا يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله مبيناً خلاف العلماء في هذا: والمأذون في تعلمه علم التسيير لا علم التأثير؛ فإنه باطل محرم قليله وكثيره، وأما علم التسيير فتعلم ما يحتاج إليه للاهتداء ومعرفة القبلة والطرق جائز عند الجمهور، وما زاد عليه لا حاجة إليه؛ لشغله عما هو أهم منه، وربما أدى تدقيق النظر فيه إلى إساءة الظن بمحاريب المسلمين، كما هو واقع من أهل هذا العلم قديماً وحديثاً، وذلك يفضي اعتقاده إلى خطأ المسلمين في صلاتهم. انتهى كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله.

إذاً: الحافظ ابن رجب رحمه الله يحكي الخلاف في هذا، ويقول: المأذون في تعلمه علم التسيير، أما علم التأثير فإنه باطل محرم قليله وكثيره، وقد سبق أن علم التأثير ينقسم إلى قسمين: إدعاء أن الكواكب فاعلة مختارة، أو ادعاء علم الغيب عن طريق سير الكواكب واجتماعها وافتراقها.

قال: وأما علم التسيير فتعلم ما يحتاج إليه للاهتداء ومعرفة القبلة والطرق، ومعرفة القبلة والطرق جائز عند الجمهور، وما زاد عليه لا حاجة إليه، لشغله عما هو أهم منه، فكون الإنسان يتعمق في معرفة منازل الشمس والقمر والنجوم شيء زائد عن الحاجة يشغل عما هو أهم.

قال: وربما أدى تدقيق النظر فيه إلى إساءة الظن بمحاريب المسلمين، كما هو واقع من أهل هذا العلم قديماً وحديثاً، وذلك يفضي اعتقاده إلى خطأ المسلمين في صلاتهم.

وهذا واقع الآن، فبعض الناس يتشدد إذا أراد أن يحدد جهة القبلة بالبوصلة بالشعرة، فيقول: هذه جهة القبلة، حتى إن بعض الناس قال: إن كثيراً من المساجد الآن مائلة عن جهة القبلة؛ لأنه ينظر إلى البوصلة بالدقة، وهذا تشديد لا وجه له؛ لأن ما بين الشمال والجنوب قبلة والحمد لله، وما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المدينة ونحوهم، فالميل اليسير والانحراف لا يضر، فإذا كانت القبلة عندنا في مدينة الرياض على أربعة عشر، فمالت القبلة إلى خمسة عشر أو ثلاثة عشر فذلك لا يضر.

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله: إن التعمق وتدقيق النظر في علم التسيير قد يؤدي إلى محذور، وهو إساءة الظن بمحاريب المسلمين، كما هو واقع من أهل هذا العلم قديماً وحديثاً، فبعض الناس يتعمق وينظر إلى القبلة بالشعرة، فيرى القبلة مائلة عن أربعة عشر فيقول: القبلة مائلة، والقبلة ليست بصحيحة، هذا معنى قول الحافظ ابن رجب : وربما أدى تدقيق النظر فيه إلى إساءة الظن بمحاريب المسلمين، وذلك يفضي اعتقاده إلى تخطئة المسلمين والعلماء السابقين والمسلمين في صلاتهم، يقول: مضت مئات السنين أو مائة سنة والمسجد هذا مائل عن القبلة، فالمسلمون الذين سبقوا أخطئوا في صلاتهم، هذا مراد الحافظ ابن رجب رحمه الله.

إذاً: لا ينبغي التشدد في مثل هذا، فقد قال بعض الناس: كل المساجد القديمة مائلة عن جهة القبلة، وهذا غلط، فليست مائة عن جهة القبلة؛ إذ القبلة ما بين الجهتين، والميل اليسير لا يضر، إنما الذي يضر أن تستقبل الشمال أو تستقبل الجنوب وتنحرف انحرافاً واضحاً، أما كون الإنسان يقول: أن القبلة بالدقة وبالشعرة والدبوس لا تميل عن أربعة عشر فهذا غلط.

وعلى كل حال فإن هذه النجوم خلقها الله سبحانه وتعالى وجعلها علامات يهتدى بها، كما قال الله تعالى: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل:16] وخلقها الله زينة للسماء ورجوماً للشياطين، فلا ينبغي للإنسان أن يتجاوز هذا الحد ويستدل بها على دعوى علم الغيب، فهذا باطل، بل كفر وردة، ولهذا قال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله: خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه، وتكلف مالا علم له. وهذا كلام سديد وجيد، وهذه الثلاث التي ذكرها قتادة رحمه الله دل عليها القرآن، فهي زينة للسماء ورجوم للشياطين، قال الله تعالى: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ [الملك:5]، فهذان أمران، وعلامات يهتدى بها، قال الله تعالى: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل:16]، فهذه الحكمة من خلق النجوم: زينة للسماء، ورجوم للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فلا ينبغي للإنسان أن يتجاوز الحد، ولهذا قال قتادة رحمه الله: فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به.

ومن الخطأ والتكلف وتجاوز الحد أن الإنسان ينظر في النجوم ويستدل بها على السعادة أو الشقاوة، أو على الحظ، فبعض الناس ينظر ويقول: أنظر إلى حظي في النجوم، وأنظر في البرج، وأنا ولدت في أي برج، أو يذهب إلى بعض المنجمين ثم ينظر في النجوم فيخبره بحظه ويقول: حظك كذا وكذا، وسيكون لك في المستقبل كذا وكذا، وسيكون لك كذا وكذا، أو يقول: أهلك يفعلون كذا وكذا الآن، أو ما أشبه ذلك، كما يذكر بعض الناس في بعض الصحف في الأبراج، وكونهم يجعلون مولد الإنسان في برج معين يستدلون به على الحظ، أو على التعاسة أو السعادة أو النحاسة، أو طول العمر أو غير ذلك، كل ذلك من دعوى علم الغيب، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوم يكتبون أباجاد: وينظرون في النجوم -وأباجاد هي الحروف الأبجدية: أبجد هوز حطي كلمن صعفص قرشت تخذ ضظغ- ويستدلون بذلك على دعوى علم الغيب، قال: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق. أي: ليس له نصيب، أي: ما أرى من فعل ذلك له عند الله نصيب وحظ، كما قال الله تعالى في السحرة: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] أي: ليس له حظ ولا نصيب في الآخرة؛ بسبب إدعائه علم الغيب عن طريق النظر في النجوم، وهذا من التنجيم المحرم، وهو كونه يكتب الحروف الأبجدية وينظر في النجوم ويستدل بها على دعوى علم الغيب، أما إذا كتب الحروف الأبجدية للتهجي، أو لضبط الوفيات، مثل وفيات العلماء أو الأئمة أو ولادتهم، أو لضبط بعض الأشياء، أو القواعد العلمية يربطها بحروف، من دون النظر في النجوم والاستدلال بها على دعوى علم الغيب فهذا لا بأس به، ولا محذور فيه.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن الحديث لا يزال موصولاً عن أمثلة الشرك وأنواع الشرك في العبادة التي تنافي التوحيد، وقد استعرضنا فيما سبق بعض الأنواع والأمثلة، ومن الأمثلة والأنواع للشرك في العبادة: الشرك في الكهانة.

والكهانة: هي ادعاء علم الغيب مع الاستناد إلى سبب، كالإخبار بما سيقع في الأرض، فالكهان هم الذين يخبرون عن المغيبات في المستقبل من الزمان، ويأخذون عن مسترق السمع من الشياطين.

والأصل في الكاهن أنه يأخذ عن مسترق السمع من الشياطين، والشيطان يلقي الكلمة في أذن الكاهن فيأخذها، فالكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وهو الذي يدعي علم الغيب عن طريق الاتصال بالشياطين والجن، فيتخذ له قريناً من الجن يأتيه ويخبره.

وقد كثر الكهان قبيل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وتكلموا ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما هو معروف في كتب التاريخ وكتب السير.

والكهانة التي عن طريق الاتصال بالشياطين شرك بالله عز وجل من جهتين: من جهة تقرب الكاهن إلى الوسائط التي يستعين بها على العلوم الغيبية بما هو من خصائص الله، فيتقرب إلى الشيطان بما يحب من الشركيات، فإما أن يدعوه، وإما أن يذبح له، وإما أن يفعل غير ذلك.

والجهة الثانية: دعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في علمه الذي اختص به، فالكاهن يدعي علم الغيب فيكون كافراً، قال الله تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، وقال سبحانه: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ [الجن:26-27]، فالكاهن الذي يتصل بالشياطين كافر من جهتين: من جهة تقربه إلى هذه الوسائط التي يستعين بها على دعوى علم الغيب، ومن جهة ادعائه لعلم الغيب.

والكاهن قد يسمى العراف، ولهذا قال البغوي رحمة الله: العراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بالمقدمات، فيستدل بها على المسروق ومكان الضالة، وقيل: هو الكاهن, والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وقيل: هو الذي يخبر عما في الضمير.

وقال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يدعي معرفة الأمور بهذه الطرق.

وعلى كل حال فإنه يجمع هؤلاء شيء واحد، وهو دعوى علم الغيب، فمن ادعى علم الغيب فهو كافر، لكن إن كان دعوى علم الغيب عن طريق الإخبار عن المغيبات في المستقبل سمي فاعل ذلك كاهناً، وإن كانت عن طريق عقد العقد والنفث فيها والاستعانة بالشياطين سمي فاعل ذلك ساحراً، وإن كانت عن طريق الاستدلال على معرفة المسروق ومكان الضالة سمي فاعل ذلك عرافاً, وإن كانت عن طريق النظر في النجوم والاستدلال بها على علم الغيب سمي فاعل ذلك منجماً، وإن كانت عن طريق الخط في التراب أو الضرب بالحصى سمي فاعل ذلك رمالاً.

وكل من ادعى علم الغيب فإنه يكون كافراً بأي طريق، سواء عن طريق العقد والنفث فيها، أو عن طريق الإخبار عن المغيبات في المستقبل، أو عن طريق ادعاء معرفة الأمور التي يستدل بها على المسروق ومكان الضالة، أو عن طريق الإخبار عما في الضمير، أو عن طريق النظر في النجوم، أو عن طريق الخط في التراب أو الرمل أو الضرب بالحصى، أو عن طريق فتح الكتاب وإحضار الجن، أو عن طريق القراءة في الكف أو القراءة في الفنجان، فإذا ادعى علم الغيب بأي طريقة من هذه الطرق فإنه يكون كافراً مشركاً؛ فإن دعوى علم الغيب كفر أكبر وشرك أكبر، نسأل الله السلامة والعافية.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
دروس في العقيدة [12] 2282 استماع
دروس في العقيدة [9] 2215 استماع
دروس في العقيدة [2] 2125 استماع
دروس في العقيدة [11] 2044 استماع
دروس في العقيدة [18] 1872 استماع
دروس في العقيدة [17] 1825 استماع
دروس في العقيدة ]16[ 1664 استماع
دروس في العقيدة [4] 1375 استماع
دروس في العقيدة [14] 1342 استماع
دروس في العقيدة [8] 1326 استماع