شرح كتاب السنة للبربهاري [13]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والكف عن حرب علي ومعاوية وعائشة وطلحة والزبير رحمهم الله أجمعين، ومن كان معهم، ولا تخاصم فيهم، وكل أمرهم إلى الله تبارك تعالى، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم وذكر أصحابي وأصهاري وأختاني).

وقوله: (إن الله تبارك تعالى نظر إلى أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم) ].

(والكف عن حرب علي ومعاوية )، إذا يجب عليك أن تكف عن الكلام في الحروب التي حصلت بين علي ومعاوية ، ولا تتكلم فيهم؛ فإن هذا وقع عن اجتهاد، والمجتهد إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر.

وكذلك ما حصل بين عائشة وطلحة والزبير لما جاءوا إلى المطالبة بدم عثمان ، ثم وقعت واقعة الجمل، وكذلك من كان معهم، فلا يجوز للإنسان أن يتكلم فيهم.

والصحابة رضي الله عليهم هم ما بين مجتهد مصيب له أجران، وما بين مجتهد مخطئ له أجر الاجتهاد وفاته أجر الصواب، ولهم من الحسنات والسبق إلى الإسلام، وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجهاد في سبيله، ونشر دين الإسلام، ما يغطي ما صدر منهم من الهفوات.

وهذه الأخبار التي تذكر في كتب التاريخ منها ما هو كذب لا أساس له من الصحة، ومنها ما له أصل لكن زيد فيه ونقص، ومنها ما هو صحيح، والصحيح أنهم ما بين مجتهد مصيب له أجران، وما بين مجتهد مخطئ له أجر.

فلا تخاصم، وكل أمرهم إلى الله، أي: فوض أمرهم إلى الله، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم وذكر أصحابي وأصهاري وأختاني) )، وهذا الحديث لا أعلم ثبوته.

فقوله: (أصحابي) جمع صاحب، والصاحب: هو من صحب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً ولو لحظة ومات على الإسلام.

(وأصهاري) يعني: أنسابه من أقارب زوجاته، أو أزواج بناته وأقاربه، سواء كانوا من أقارب زوجاته، أو أقارب أزواج بناته.

(وأختاني) الأختان هم أقارب الزوجة.

لكن هذا الحديث لا يصح، وقدر وردت أحاديث أخرى منها قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده! لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).

وجاء حديث آخر: (الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم).

قوله: (وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى نظر إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم هذا ثابت في صحيح البخاري ، في باب فضيلة أهل بدر، والعلماء يقولون: الخلفاء الراشدون أفضل الصحابة، ثم بقية العشرة، ثم أهل بيعة الرضوان، ثم أهل بدر.

وقول الله تعالى: (اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم)، ليس إذناً بالمعاصي، بل إن المعنى: أن أهل بدر مسددون، وأن الواحد منهم إذا وقعت منه زلة لا بد أن يتوب، أو يطهر بأن يقام عليه الحد، أو يغفر الله له، وإلا فإن الواحد منهم ليس بمعصوماً، ولهذا لما كتب حاطب بن أبي بلتعة للمشركين بخبر النبي صلى الله عليه وسلم متأولاً، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله، وقال: يا رسول الله! لا تعجل علي، فإني ما فعلت ذلك كفراً وارتداداً عن دين الله، ولا رضاً بالكفر، ولكن أردت أن أتخذ يداً عندهم فيحمون بها عشيرتي وأهلي، فقال عمر : يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق فإنه قد خان الله ورسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث: (وما يدريك يا عمر ! لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أما إنه قد صدقكم) وقبل النبي صلى الله عليه وسلم عذره، ومنع قتله، فلم يقتله وقد تجسس على المسلمين، ومن تجسس على المسلمين يقتل، وحاطب تجسس على المسلمين، ولم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم لأمرين:

الأمر الأول: أنه صادق متأول.

والأمر الثاني: لأنه شهد بدراً.

لكن لو تجسس رجل على المسلمين وأخبر الكفار مثلاً بأخبار المسلمين، وقال: إنه متأول مثل حاطب ، فلا يكون مثل حاطب، وهذا خاص بـحاطب ، فيقتل من تجسس على المسلمين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ واعلم رحمك الله أنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه، وإن كان مع رجل مال حرام فقد ضمنه، ولا يحل لأحد أن يأخذ منه شيئاً إلا بإذنه؛ فإنه عسى أن يتوب هذا فيريد أن يرده على أربابه، فأخذت حراماً ].

قوله: (واعلم) أي: تيقن، (رحمك الله): دعاء بالرحمة، (أنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه)، وهذا لفظ حديث يقول منه النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه).

والله تعالى يقول: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188].

وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، فلا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه.

(وإن كان مع رجل مال حرام فقد ضمنه) أي: لا يحل لأحد أن يأكل منه شيئاً إلا بإذنه.

(فإنه عسى أن يتوب هذا فيريد أن يرد على أربابه فأخذت حراماً)، أي: إذا كان رجل معه مال حرام فهو ضامن، أي: قد ضمنه، كأن يسرق مالاً من شخص، أو يجحد ديناً، فيكون ضامناً، فلا بد أن يؤديه إلى صاحبه، فإذا جئت إلى شخص ووجدت معه مالاً حراماً، فلا يجوز لك أن تأخذ المال؟

وإذا قال رجل: أريد أن آخذه، فلا يجوز؛ فإنه عسى أن يتوب هذا الرجل أي: الذي أخذ المال الحرام، فيريد أن يرد المال على أربابه أي: أصحابه، فتكون أخذت حراماً لا يحل لك؛ لأمرين:

الأمر الأول: أن هذا الشخص الذي أخذ المال الحرام ضامن له.

الأمر الثاني: أنه عسى أن يتوب فيرده إلى أصحابه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والمكاسب مطلقة، ما بان لك صحته فهو مطلق، إلا ما ظهر فساده، وإن كان فاسداً يأخذ من الفساد ممسكة نفسه، ولا تقول: أتركُ المكاسب وآخذُ ما أعطوني، ولم يفعل هذا الصحابة ولا العلماء إلى زماننا هذا.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كسب فيه بعض الدنية خير من الحاجة إلى الناس ].

(المكاسب مطلقة) أي: أصلها على الحل، (ما بان لك صحته فهو مطلق)، أي: فلك أن تأخذه، فالأصل في البيع الحل، إلا ما دل الدليل على تحريمه، قال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة:29] فالمكاسب مطلقة، ما بان لك صحته فهو حلال، إلا ما ظهر فساده كالربا والرشوة والغش والخداع.

(وإن كان فاسداً يأخذ من الفاسد ممسكة نفسه)، أي: إذا لم يجد مالاً حلالاً يأخذ من الحرام، وهو المال الفاسد الضروري، وهو المال الذي يمسك به نفسه ويقيم به أوده، ولا يأخذ زيادة على ذلك.

فلو فرضنا أنه عم الحرام الأرض ولا يوجد مال حلال، فعليه أن يكسب ولكن بقدر ما يأكل ولا يكسب تجارة من المال الفاسد، وهذا معنى قوله: (وإن كان فاسداً يأخذ من الفساد ممسكة نفسه)، يعني: يأخذ من المال الفاسد الضروري ليمسك به نفسه.

(ولا تقول: أترك المكاسب وآخذ ما أعطوني)، لا تقول: إذا عم الأرض الكسب الخبيث، فلا أكسب ولكن أتكفف الناس فإذا أعطوني أخذت، فهذا لا يجوز، فكونك تكسب مالاً ولو كان رديئاً بقدر ما تقيم به نفسك، خير لك من أن تسأل الناس، ولهذا قال المؤلف: (لم يفعل هذا الصحابة، ولا العلماء إلى زماننا هذا)، أي: يتركون الكسب الرديء ويسألون الناس.

(ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كسب فيه بعض الدنية خير من الحاجة إلى الناس)، أي: دنيء في طبعه مثل كسب الحجام وغيره، فكونه يكتسب من الحجامة أحسن من كونه يسأل الناس، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب فيبيع فيكف وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)، وهذا الأثر الذي ذكره المؤلف أخرجه ابن أبي الدنيا في إصلاح المال، وكيع بن الجراح.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والصلوات الخمس جائزة خلف من صليت خلفه، إلا أن يكون جهمياً فإنه معطل، وإن صليت خلفه فأعد صلاتك، وإن كان إمامك يوم جمعة جهمياً وهو سلطان فصل خلفه وأعد صلاتك، وإن كان إمامك من السلطان وغيره صاحب سنة فصل خلفه ولا تعد صلاتك ].

قوله: (والصلوات الخمس جائزة خلف من صليت خلفه)، أي: خلف البر والفاجر، إلا أن يكون مبتدعاً بدعته مكفرة، فالصلاة خلف الفاسق والمبتدع فيها تفصيل عند أهل العلم.

فقد اختلف العلماء في الصلاة خلف الفاسق والمبتدع الذي لا يصل فسقه ولا بدعته إلى الكفر، قال العلماء: إن كان إمام المسلمين فيصلى خلفه والصلاة صحيحة، أو كان لا يوجد في البلد إلا مسجد واحد وإمامه فاسق أو مبتدع فتصلي خلفه، ومن لم يصل خلفه فهو مبتدع، يعني: إما أن تصلي خلفه، وإما أن تصلي في البيت، وإن صليت في البيت فأنت مبتدع.

أما إذا وجد مسجد آخر إمامه عدل، وصليت خلف المبتدع والفاسق، فإن كانت تحصل بذلك فتنة أو مفسدة، فصل خلف المبتدع درءاً للمفسدة، وإن كانت لا تحصل فتنة أو مفسدة، فصل خلف السني.

أما الصلاة خلف الفاسق ففيها قولان لأهل العلم:

فقد قال بعض أهل العلم: لا تصح، وهو مذهب الشافعية والأحناف.

وقال آخرون وهم الحنابلة: تصح الصلاة خلف الفاسق.

والصواب أنها تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري من حديث أبي هريرة : (يصلون لكم) يعني: أئمة المسلمين، (فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم).

وقد صلى الصحابة خلف الحجاج بن يوسف الثقفي وكان فاسقاً ظالماً يقتل الكثير، فقد قتل الألوف، وصلوا خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وكان يشرب الخمر حين كان أمير الكوفة.

أما إذا كانت البدعة والفسق تؤدي بصاحبها إلى الكفر، فلا تصح الصلاة، فالقاعدة تقول: الصلاة خلف الكافر لا تصح بالإجماع، وإذا صليت وجب أن تعيد الصلاة، مثل وثني يدعو غير الله، وهذا يوجد بكثرة في بعض البلدان، كقبوري يدعو غير الله، أو يذبح للأولياء، أو ينذر لغير الله، أو يطوف بغير بيت الله، فهذا لا تصح الصلاة خلفه، وإذا صليت وأنت لا تدري ثم علمت تعيد الصلاة.

(أو كان جهمياً)، وهو من يقول: إن الله في كل مكان، فهذا لا تصح الصلاة خلفه، أو قدري يقول: إن الله لا يعلم الأشياء قبل كونها، أو رافضي، لا تصح الصلاة خلفهم فهم كفرة، فإذا صليت خلف رافضي أو قدري أو جهمي أو قبوري وثني، فلا تصح صلاتك.

وهذا معنى قول المؤلف رحمه الله: (والصلوات الخمس جائزة خلف من صليت خلفه، إلا أن يكون جهمياً)؛ لأن الجهمي كافر، ومثله القبوري والقدري والرافضي؛ فإنه معطل، (وإن صليت خلفه فأعد الصلاة).

(وإذا كان إمامك يوم جمعة جهمياً، وهو سلطان فصل خلفه وأعد صلاتك)، والفائدة من الصلاة خلفه مع أنك ستعيد الصلاة هي أن تأمن شره، لأنك لو لم تصل خلفه فيعاقبك، أو تحصل فتنة بذلك، فصل خلفه ثم أعدها في البيت، أما إذا لم تحصل فتنة بذلك فصل في البيت ولا تصل خلفه.

(وإن كان إمامك من السلطان وغيره صاحب سنة فصل خلفه ولا تعد الصلاة).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والإيمان بأن أبا بكر وعمر رحمة الله عليهما في حجرة عائشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد دفنا هناك معه، فإذا أتيت القبر فالتسليم عليهما واجب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

وهذا ثابت، أن حجرة عائشة دفن فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم دفن فيها أبو بكر ، ثم دفن عمر ، وكأن هناك بعض الناس ينكر ذلك.

(فإذا أتيت القبر فالتسليم عليهما واجب بعد رسول الله)، والصواب أنه ليس بواجب بل سنة، فزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة قبري أبي بكر وعمر والسلام عليهما سنة، ومن فعلها أثابه الله، ومن ترك فلا حرج، وهذا إذا كان في البلد.

أما أن يسافر من بلد إلى بلد لزيارة القبر فهذه بدعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى).

فإذا جئت وزرت المسجد وصليت في المسجد النبوي ركعتين، فإنك تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر صاحبيه، وتسلم عليهما، وتقول: السلام عليك يا رسول الله! أشهد أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، فجزاك الله خيراً عن أمتك، وجزاك أفضل ما يجزي نبياً عن أمته، وتصلي على النبي عليه الصلاة والسلام.

ثم تسلم على أبي بكر قائلاً: السلام عليك يا خليفة رسول الله! رحمك الله ورضي عنك وجزاك عن أمة محمد خيراً، ثم السلام على عمر .

وكان ابن عمر إذا قدم من سفر يأتي ويقول: السلام يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه، ثم ينصرف ولا يزيد.

فالسلام سنة وليس بواجب، أما قول المؤلف: (واجب) ليس بصحيح.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، إلا من خفت سيفه أو عصاه ].

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فتغير المنكر باليد إذا استطعت، فإن عجزت فباللسان، فإن عجزت فبالقلب مع البعد عن المعصية؛ لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

قوله: (إلا من خفت سيفه أو عصاه)، أي: من إذا غيرت منكراً بيدك ضربك بسيفه أو عصاه، فإذا أنكرت عليه باللسان وخفت سيفه أو عصاه فأنكر بالقلب، وابتعد عن المكان.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والتسليم على عباد الله أجمعين، ومن ترك صلاة الجمعة والجماعة في المسجد من غير عذر فهو مبتدع، والعذر كمرض لا طاقة له بالخروج إلى المسجد، أو خوف من سلطان ظالم، وما سوى ذلك فلا عذر له.

ومن صلى خلف إمام فلم يقتد به فلا صلاة له.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد واللسان والقلب بلا سيف ].

(التسليم على عباد الله أجمعين)، تسلم على كل من لقيت، فبعض الناس لا يسلم إلا على من يعرف، وهذا خطأ، فالسلام من أسباب المحبة، ومن أسباب دخول الجنة، قال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده! لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم في صحيحه.

وسلم على كل مسلم إلا إذا عرفت أنه ليس بمسلم فلا تبدأه بالسلام؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) فإذا سلم عليك فتقول: وعليك، ولا تكمل، لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب، فقولوا: وعليكم).

(ومن ترك صلاة الجمعة والجماعة في المسجد من غير عذر فهو مبتدع)؛ لأن صلاة الجماعة واجبة، قال: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43] والنبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص لـابن أم مكتوم وهو أعمى وكان رجلاً ضعيفاً شاسع الدار، وذلك لما قال له النبي: (أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب) وأمر الله بصلاة الجماعة، فمن ترك الجمعة والجماعة في المسجد من غير عذر فهو مبتدع عاص.

(والعذر كمرض لا طاقة له بالخروج إلى المسجد أو خوف من سلطان ظالم) خاف أن يقتله، (وما سوى ذلك فلا عذر له)، والصواب أن هناك أعذاراً أخرى غير هذه منها: المطر الذي يبل الثياب، وخوف الإنسان على ماله، وأن يدافعه الأخبثان، ومن أكل كراثاً أو ثوماً أو بصلاً قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (فلا يقربن مسجدنا) ولا يحل له أنه يأكله ليكون له عذر في ترك صلاة الجماعة.

(ومن صلى خلف إمام ولم يقتد به فلا صلاة له)، يجب على المصلي أن ينوي الاقتداء بالإمام، ولا تصح الصلاة ممن لم يفعل ذلك، (والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد واللسان والقلب)، كما سبق في حديث أبي سعيد، وهو درجات، فتنكر باليد ثم باللسان ثم بالقلب.

وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع علماً نافعاً وعملاً صالحاً.

الفرق بين الخوارج والروافض

السؤال: هل هناك فرق بين الخوارج والروافض؟

الجواب: هما متضادان، فالخوارج ضد الروافض، والروافض ضد الخوارج.

والخوارج هم الذين يكفرون المسلمين بالكبائر، وينصبون العداوة لأهل البيت، ولذلك يسمون نواصب.

والروافض يغلون في أهل البيت، فيعبدونهم ويغلون في حبهم، والنواصب يكفرون أهل البيت، فإذاً هما متضادان.

حكم الإكثار من الكلام على الروافض

السؤال: رجل يكثر الكلام على الروافض، وليس لديه إلا هذا الموضوع، فهل هو على صواب أم على خطأ؟

الجواب: ينظر ما هو الشيء الذي يتكلم فيه، فإن كان الذي يتكلم فيه موافقاً للنصوص فهو على الصواب، وإن كان غير ذلك فهو مخالف، وينبغي له أن يتكلم عن الفرق الأخرى: القدرية والخوارج والمعتزلة والجهمية.

توضيح لمسألة التفويض

السؤال: نريد توضيحاً في مسألة التفويض؟

الجواب: إن كان مقصود السائل التفويض في الصفات، أو تفويض المعنى، فهذا باطل، ومذهب التفويض مذهب باطل، والصواب: أن المعاني معلومة، كما قال الإمام مالك : الاستواء معلوم، وهو الاستقرار والصعود والعلو، لكن الذي يفوض الكيفية، كأن يفوض كيفية الاستواء إلى الله، فهذا صحيح، وأهل السنة يفوضون الكيفية.

بيان أن الرافضة ليسوا من الاثنتين والسبعين فرقة

السؤال: هل الرافضة يدخلون في الثلاثة والسبعين فرقة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: لا، فقد ذكر العلماء أنهم يخرجون عنها، فالرافضة والجهمية والقدرية الذين ينكرون علم الله، خرجوا من الاثنتين وسبعين فرقة؛ لأنها فرق مبتدعة، والرافضة والجهمية والقدرية كفرة؛ ولأن الرافضة يكفرون الصحابة ويفسقونهم، والله زكاهم وعدلهم، فهذا تكذيب لله، ومن كذب الله كفر، ولأن الرافضة يعبدون آل البيت وهذا شرك، ولأنهم يكذبون الله في أن القرآن محفوظ، يقولون: بقي الثلث من القرآن غير محفوظ، وهذا كله ردة.

كذلك القدرية الذين قالوا: إن الله لا يعلم الأشياء قبل كونها، فنسبوا إلى الله الجهل، وهم كفرة، والجهمية كذلك كفرة، يخرجون من الاثنتين وسبعين فرقة، وهكذا أقر أهل العلم.

حكم من يدعي تكليم أرواح الموتى

السؤال: هل ترسل الأرواح الميتة من قبل الملائكة إلى مريض بالصرع الروحي الخبيث وتتحدث هذه الأرواح الميتة مع القارئ، وتوصيه بأن يستمر في القراءة، وأن يصبر ويتوكل على الله، ويدعي أنه ميت من عهد الصحابة، وأنه مرسل من الملائكة، ويقول المريض: إنه إذا جاءه هذا الميت يأتي على شكل رجل ملتزم ثوبه قصير وله لحية، ويأتي معه نور عظيم، وإنني أرتاح إذا أتاني؛ فإنه يوصيني بتقوى الله عز وجل، والصبر والدعاء، فما رأي فضيلتكم في هذا، فأنا محتاج لجواب شافٍ؟

الجواب: هذا من الجن، فالأرواح أولاً لا تموت، وإذا مات المؤمن نقلت روحه إلى الجنة، والكافر تنقل روحه إلى النار، وإنما تموت الأجساد، ثم بعد ذلك إذا بعث الله الأجساد عادت الأرواح إليها.

وأما هذا الشخص فإنه يأتيه أفراد من الجن ومن الشياطين تتشكل في صورة إنسان قصير الثوب ويشجعه، وبعضهم يأمر بالشرك، ويأمر الزنا، وبعض الذين يقرءون على المريض يتحدث مع الجن ساعة وساعتين، ويخبره بمكان السحر وغيره، وكل هذا غلط؛ لأن الجن لا ندري ما أحوالهم، والجن أضعف عقولاً من الإنس، وقد يكونون منافقين، وقد يقول إنه مستقيم وهو منافق زنديق.

فنصيحتي لهذا الشخص أن يتوب إلى الله، ولا يتعلق بهذا الكلام، ويترك هذا العمل.

زواج المسيار والفرق بينه وبين المتعة

السؤال: ما الفرق بين نكاح المتعة ونكاح المسيار؟ وهل يجوز نكاح المسيار؟

الجواب: نكاح المسيار هو نكاح صحيح، وهو يكون بولي، وشاهدي عدل، ومهر، ورضا الزوجة، لكن الزوجة تسقط حقها، كأن تكون محتاجة إلى أن تبقى عند أهلها، فتقول: أسقطت الليلة، وتتفق مع زوجها أن يأتي متى ما شاء: في الأسبوع مرة أو في الأسبوع مرتين، وبعضهن تسقط النفقة أيضاً، كأن تكون مدرسة أو تكون موظفة، وهذا لا بأس به، وهو نكاح صحيح، وتقول: اجلس عند زوجتك وأولادك وأنا أنام عند أهلي.

أما نكاح المتعة فهو زنى والعياذ بالله، وهو أن يتفق مع المرأة أن ينكحها يومين أو ثلاثة أيام أو أسبوعاً أو أسبوعين أو شهراً أو شهرين.

بيان أن الاثنتين والسبعين فرقة ليسوا كفاراً

السؤال: ما معنى: (انقسمت أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة)، هل يعني ذلك أنهم على الإسلام وأنهم لن يخلدوا في النار؟

الجواب: نعم، هذه الفرق عصاة وأهلها متوعدون بالنار لكن ليسوا كفاراً.

بيان أن الملائكة يتنزلون على الموتى من العلماء الصالحين

السؤال: هل السفر من أجل الصلاة على أهل الفضل والعلم يجوز؟ وهل صحيح أنه تتنزل الرحمات على من يتعهد جنازة العلماء الراسخين والعباد الصالحين؟

الجواب: لا أعلم في هذا شيئاً، أما كونها تتنزل إذا كانوا صالحين، فلا شك أن الملائكة تتنزل إذا كانوا علماء صالحين، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30].

بيان أن السلام على النبي عند قبره لا يشترط فيه هيئة معينة

السؤال: إذا أراد البعض السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف تجاه قبره ثم يسلم عليه، مع أنه أحياناً يكون في آخر المسجد، فما حكم هذا؟

الجواب: السنة أن يقف مقابل القبر مستدبر القبلة ويسلم، ثم يتأخر ويسلم عن يمينه، فيسلم على أبي بكر ، ثم يتأخر عن يمينه ويسلم على عمر ، وإذا صلى وسلم عليه في أي مكان بلغه، سواء في المسجد أو في الشرق أو في الغرب أو في أقصى الدنيا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم).

كلام البخاري في مسألة اللفظ

السؤال: ما هو القول الذي أنكر على البخاري رحمه الله في مسألة خلق القرآن؟

الجواب: هذه فتنة حصلت بين صفوف المحدثين في مسألة اللفظ، وهي مسألة خاصة بأهل العلم، وذلك في كلمة اللفظ، قالوا: إن بعضهم بدع البخاري أنه قال: (لفظي بالقرآن) كلمة اللفظ، ولم يتكلم فيها السلف، والبخاري رحمه الله أراد أن يبين في صحيحه أن أفعال العباد وأقوالهم كلها من كسبهم، والله خلق العباد وخلق أفعالهم وأقوالهم.

وبعضهم قالوا: لا، أنت تكلمت في اللفظ، لفظي بالقرآن، وهذا ما تكلم به السلف، والصواب مع البخاري .

حكم الاستعاضة عن القرض

السؤال: هل يجوز أن أقترض دولارات وأسددها بالريالات بسعر يومها، أفتونا مأجورين؟

الجواب: نعم، جاء في الحديث أن الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الدراهم تكون في ذمته، أو الدنانير فيقضيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء)، فإذا كان لك دنانير على شخص، ثم سلمته دراهم، فيصح ذلك بشرطين:

الشرط الأول: أن تعطيه بسعر يومها.

والشرط الثاني: ألا يبقى شيئاً.

فإذا كان صرف المائة دولار -مثلاً- ألفي ريال سعودي فأعطه ألفين يداً بيد، ولا تفترقا وبينكما شيء، فهذا لا بأس، فإن افترقتما وبينكما شيء فلا يصح، أو أخذتها بغير سعر يومها فلا يصح.