خطب ومحاضرات
شرح كتاب السنة للبربهاري [9]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والكلام والجدال والخصومة -في القدر خاصة- منهي عنه عند جميع الفرق؛ لأن القدر سر الله، ونهى الرب تبارك وتعالى الأنبياء عن الكلام في القدر، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخصومة في القدر، وكرهه أصحاب رسول الله والتابعون، وكرهه العلماء وأهل الورع، ونهوا عن الجدال في القدر، فعليك بالتسليم والإقرار والإيمان واعتقاد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جملة الأشياء، وتسكت عما سوى ذلك ].
قوله: (الكلام والجدال والخصومة في القدر خاصة منهي عنه عند جميع الفرق) أي: أن على الإنسان أن يسلم لقضاء الله وقدره وليس له أن يخوض ويجادل ويخاصم في القدر؛ فإن الخصومة في القدر تؤدي إلى التشكيك والاعتراض على قضاء الله وقدره، وهذا يؤدي إلى إنكار القضاء والقدر والشك في قضاء الله وقدره، وإنكاره كفر.
قال: (والقدر سر الله في خلقه)؛ ولهذا قال الطحاوي في عقيدته الطحاوية: القدر سر الله في خلقه, نهى الله الخلق عن الكلام فيه، وطواه عن أنامه ونهاهم عن مرامه... إلى أن قال: -فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين.
وهذا منهي عنه عند جميع الفرق إلا القدرية فهم يتكلمون فيه.
وقوله: (ونهى الرب تبارك وتعالى الأنبياء عن الكلام في القدر), فقد نهى الله سبحانه وتعالى نبيه نوحاً عن ذلك فقال: فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [هود:46] وهذا الأمر يشمل القدر وغيره.
وقد يدخل ذلك في عموم قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101]، ثم قال: (ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخصومات في القدر) وهذا ثابت، فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع بعض أصحابه وهم يتنازعون في الآيات فغضب.
وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً النهي عن الخصومة في القدر، وكذلك كرهه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكرهه العلماء وأهل الورع، وهذا ثابت، ونهوا عن الجدال في القدر: فعليك -أيها المسلم- بالتسليم والإقرار والإيمان بقضاء الله وقدره فلا تعترض، والإقرار معناه أن تقر بأن الله قدر كل شيء وقضاه، وتؤمن بذلك.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والإيمان بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسري به إلى السماء، وصار إلى العرش، وكلم الله تبارك تعالى، ودخل الجنة، واطلع إلى النار، ورأى الملائكة، وسمع كلام الله عز وجل، وبشرت به الأنبياء، ورأى سرادقات العرش والكرسي، وجميع ما في السموات وما في الأرضين في اليقظة، حمله جبريل على البراق حتى أداره في السموات، وفرضت له الصلاة في تلك الليلة، ورجع إلى مكة في تلك الليلة، وذلك قبل الهجرة ].
قوله: (والإيمان بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسري به إلى السماء), فالإيمان بالإسراء لا بد منه, ومن لم يؤمن بالإسراء فهو كافر؛ لأنه مكذب بالله، ولقول الله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1].
والإسراء في اللغة معناه: السفر ليلاً.
والمراد به شرعاً: السفر برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً، بصحبة جبرائيل على البراق، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
والبراق: دابة فوق الحمار ودون البغل، خطوه مد البصر، فتكون سرعته مثل سرعة الطائرة تقريباً.
ومعنى خطوه مد البصر أي: إذا رفع حافره فخطوته تكون مد البصر؛ ولهذا قطع هذه المسافة في مدة وجيزة, وسمي بالبراق من البريق واللمعان، ثم صلى بالأنبياء إماماً بعد أن جمعوا له، ثم عرج به عليه الصلاة والسلام إلى السماء بشيء كهيئة السلم, فصعد فيه النبي صلى الله عليه وسلم مع جبرائيل، فاستفتح جبريل باب السماء ففتح له، وقيل له: من معك؟ قال: محمد, قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم, فرأى فيها آدم أبا البشر, فسلم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ورحب به وأقر بنبوته وقال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح.
ثم صعد إلى السماء الثانية في وقت وجيز وبسرعة، والله على كل شيء قدير, ووجد فيها ابني الخالة عيسى ويحيى، فسلم عليهما فرحبا به وأقرا بنبوته، وقالا: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح.
ثم عرج إلى السماء الثالثة فوجد فيها إدريس فرحب به وأقر بنبوته, ثم صعد إلى السماء الرابعة فوجد فيها يوسف فرحب به وأقر بنبوته.
ثم صعد إلى السماء الخامسة فوجد فيها هارون فرحب به وأقر بنبوته.
ثم صعد إلى السماء السادسة فوجد فيها موسى فرحب به وأقر بنبوته, ثم صعد إلى السماء السابعة فوجد فيها إبراهيم، فرحب به وأقر بنبوته.
وكلهم قالوا: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح إلا إبراهيم وآدم فإنه من سلالتهما فقال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح, ووجد النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم مسنداً ظهره إلى البيت المعمور, والبيت المعمور كعبة سماوية يحاذي الكعبة الأرضية فلو سقط لسقط عليه, يدخله كل يوم سبعون ألف ملك للطواف والصلاة, ثم لا يعودون إليه.
ثم صعد نبينا عليه الصلاة والسلام وتجاوز السبع الطباق حتى وصل إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام، فكلمه الله عز وجل من دون واسطة، لكن من وراء حجاب, فهو عليه الصلاة والسلام لم ير ربه ولا يستطيع أحد أن يرى الله في الدنيا، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه), يعني حجاب النور منعني من رؤيته، وفي اللفظ الآخر (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).
وكما سبق أن موسى لما سأل الله رؤيته قال له الله: لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي [الأعراف:143]، وقال تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى:51] فكان الكلام بدون واسطة، لكنه ما استطاع أن يرى ربه، فهو محجوب عنها ولا يستطيع أحد أن يرى الله, فقد احتجب الله عن الخلق، ولا يستطيع أن يرى الله في الدنيا أحد من خلقه حتى جبريل، وإنما الرؤية خاصة بأهل الجنة في الآخرة.
فالرسول عليه الصلاة والسلام عرج به ورأى الجنة والنار، فقد اطلع على الجنة ورأى فيها أقواماً، واطلع على النار ورأى فيها المعذبين من الزناة والزواني وهم في تنور ضيق، ورأى الذين يغتابون الناس يهشمون وجوههم وصدورهم، ورأى آكل الربا يسبح في نهر الدم ويلقم حجرًا وكل هذا ثابت, والمعراج ثابت بالسنة, والإسراء ثابت في القرآن فلا بد من الإيمان بهما.
(والإيمان بأن رسول صلى الله عليه وسلم أسري به إلى السماء وصار إلى العرش), أما كيف صار إلى العرش؟ فالله أعلم بالكيفية فهذا يحتاج إلى دليل, وقوله: (صار إلى العرش) أي: مس العرش، أو جلس على العرش والله أعلم أيهما أصح، فالرسول صلى الله عليه وسلم عرج به حتى جاوز السبع الطباق ووصل إلى مكان يسمع فيه صريف أقلام القدر، ثم كلمه بدون واسطة وفرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة, ثم هبط حتى وصل إلى موسى في السماء السادسة فسأله، قال: ماذا فرض عليك ربك؟ قال: خمسين صلاة, قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك ضعيفة لا تطيق خمسين صلاة في اليوم والليلة.
والله تعالى هو الذي حرك قلب موسى، وهو الذي حرك قلب محمد فقبل قول موسى فاستشار جبريل فأشار عليه جبريل أن نعم, فعاد به إلى الجبار جل جلاله فسأل ربه التخفيف فوضع عنه عشرًا.
وفي رواية: فجعل يتردد بين ربه وبين موسى, فكلما جاء إلى موسى قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، حتى صارت خمس صلوات، فقال موسى عليه الصلاة والسلام: ماذا أمرك ربك؟ قال خمس صلوات في اليوم والليلة, قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك ضعيفة لا تطيق خمس صلوات في اليوم والليلة, وإني عالجت بني إسرائيل أكثر من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم، فنادى مناد من السماء: أن أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي ما يبدل القول لدي، هي خمس في العدد، وهي خمسون في الميزان والأجر).
قوله: (ونشرت له الأنبياء) أي: رآهم كلهم بأرواحهم، فقد أخذت أرواحهم شكل الأجساد، إلا عيسى فقد رفعه الله إلى السماء بجسده وروحه.
قوله: (ورأى سرادقات العرش والكرسي) وهذا يحتاج إلى دليل.
قوله: (وجميع ما في السموات وما في الأرضين في اليقظة) وهذا أيضاً يحتاج إلى دليل.
فكونه رأى سرادقات العرش والكرسي هذا يحتاج إلى دليل، وكونه رأى جميع ما في السماوات وما في الأرضين في اليقظة هذا أيضاً يحتاج إلى دليل، فهل طاف في الأرض كلها من أولها إلى آخرها ورأى ما فيها وما في لجج البحار؟ هذا يحتاج إلى دليل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ واعلم أن أرواح الشهداء في قناديل تحت العرش تسرح في الجنة، وأرواح المؤمنين تحت العرش، وأرواح الكفار والفجار في بَرَهُوت، وهي في سجين ].
قوله: (واعلم أن أرواح الشهداء في قناديل تحت العرش تسرح في الجنة) هذا جاء في الحديث: (أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة، فترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش)، وهذا ثابت، وذلك أن الشهيد لما بذل جسمه لله حتى قتل الجسم ومزق وتلف عوض الله الروح جسماً آخر تتنعم بواسطته في حواصل طير خضر.
وأما المؤمنون غير الشهداء فإن أرواحهم تتنعم وحدها بدون جسم، وفي الحديث: (نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة) يعني: أنه يأكل حتى يرجعه الله إلى جسمه يوم يبعثه، فروح المؤمن تكون طائراً فتتنعم وحدها، وأما روح الشهيد فإنها تتنعم بواسطة حواصل طير خضر، إذاً: فتنعم أرواح الشهداء أكبر من تنعم أرواح سائر المؤمنين؛ لأن الشهيد بذل جسده لله فعوضه الله جسداً آخر تتنعم الروح بواسطته.
قوله: (واعلم أن أرواح الشهداء في قناديل تحت العرش تسرح في الجنة، وأرواح المؤمنين تحت العرش) جاء في الحديث: (نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة)، ومعلوم أن الجنة تحت العرش.
(وأرواح الكفار والفجار في برهوت)، قيل: إنها بئر في حضرموت، وقال المؤلف هنا: (وهي في سجين)، وسجين في الأرض السابعة، وهذا قول لبعضهم، وهناك أقوال كثيرة، فبعضهم يقول: أرواحهم عن يسار آدم، والصواب: أن أرواح المؤمنين في الجنة، وأرواح الكفار في النار، فانظر إلى هذا التفاوت بينهما.
وأما القول بأن أرواح الكفار في برهوت وهي بئر في حضرموت فهذا لا دليل عليه.
فأرواح المؤمنين في الجنة، فالمؤمن إذا مات نقلت روحه إلى الجنة، ولها صلة بالجسد، فتتنعم مفردة وتتنعم بواسطة الجسد، وأرواح الكفار تنقل إلى النار ولها صلة بالجسد، فالقول بأن أرواح الكفار في برهوت قول ضعيف ولا دليل عليه، (يقول: وهي بئر عميقة بحضرموت لا يستطاع النزول إلى قعرها، ولا يصح حديث بأن أرواح الكفار في برهوت).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والإيمان بأن الميت يقعد في قبره، ويرسل الله فيه الروح حتى يسأله منكر ونكير عن الإيمان وشرائعه، ثم تسل روحه بلا ألم، ويعرف الميت الزائر إذا أتاه، وينعَّم في القبر المؤمن، ويعذب الفاجر كيف شاء الله ].
يجب على المؤمن أن يؤمن بأن الميت يقعد في قبره إذا مات، فيرسل الله فيه الروح حتى يسأله منكر ونكير -وهما ملكان- عن الإيمان وشرائعه، وجاء في الحديث أنه يسأل عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، فيقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
فالمؤمن يثبته الله فيقول: الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد نبيي، والكافر لا يستطيع أن يجيب ويقول: هاه.. هاه لا أدري، هاه.. هاه لا أدري، هاه.. هاه لا أدري، فيضرب بمرزبة من حديد ويقال له: لا دريت ولا تليت، فيصيح صيحة يسمعها كل من خلق الله إلا الثقلين، ثم تسل روح المؤمن بلا ألم كما تسل الشعرة من العجين، وأما الكافر فإنها تنزع روحه نزعاً كما ينزع السفّود من الصوف المبلول.
قوله: (ويعرف الميت الزائر إذا أتاه) هذا يحتاج إلى دليل، لكن جاء الدليل بأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليه مؤمن فإنه يرد عليه السلام، وأما أنه يعرف الزائر فهذا يحتاج إلى دليل.
وقال في الحاشية: وردت عدة أحاديث بأن الميت يعرف الزائر إذا زاره ويستأنس به، لكن لا تصح، فهذا يحتاج إلى دليل، والأصل أن الميت لا يعرف؛ فقد انتهى وانقطع عمله إلا ما دل عليه الدليل كأن يسمع قرع نعال المولين.
قوله: (وينعم في القبر المؤمن، ويعذب الفاجر كيف شاء الله) هذا أمر معروف، فالمؤمن يفتح له باب إلى الجنة، والكافر يفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، وأما المؤمن فيفسح له في قبره مد البصر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ واعلم أن كل شيء بقضاء الله وقدره ].
قوله: (واعلم أن كل شيء بقضاء الله وقدره)، أي: تيقن أن كل شيء بقضاء الله وقدره، فالآجال والأعمار والذوات والأشخاص والصفات والحركة والسكون والأفعال وكل شيء قد قضاه الله وقدره وكتبه في اللوح المحفوظ، قال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59].
فلا بد للمسلم أن يؤمن بقضاء الله وقدره في كل شيء، وأن الله قد علم الأشياء قبل كونها، وكتبها في اللوح المحفوظ، وأراد كل شيء في هذا الوجود قضاءً وقدراً، وخلق كل شيء في هذا الوجود.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والإيمان بأن الله تبارك وتعالى هو الذي كلم موسى بن عمران يوم الطور، وموسى يسمع من الله الكلام بصوت وقع في مسامعه منه لا من غيره، فمن قال غير هذا فقد كفر بالله العظيم ].
يجب على المسلم أن يؤمن بأن الله تبارك وتعالى هو الذي كلم موسى بن عمران يوم الطور، قال الله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164]، وقال سبحانه: وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143]، وقوله: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164].
قال العلماء: التأكيد بالمصدر يدل على أن المراد الحقيقة ويمنع المجاز الذي يزعمه بعض المبتدعة الذين أنكروا الكلام، ولهذا قال المؤلف: (وموسى يسمع من الله الكلام بصوتٍ وقع في مسامعه منه لا من غيره).
وهذا خلاف المعتزلة القائلين بأن الله تعالى لم يكلم موسى، وقالوا: إن الله خلق الكلام في الشجرة فكلمت موسى، فالشجرة هي التي كلمت موسى عند المعتزلة، والشجرة هي التي قالت: يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [القصص:30]، فهل يكون هذا؟! نسأل الله السلامة والعافية، فهذا كفر وضلال؛ ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (فمن قال غير هذا فقد كفر بالله العظيم)، واحتالوا في تحريف الآية، فقرأ بعض المعتزلة وبعض الجهمية قوله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164] بالنصب؛ حتى يكون المكلِّم هو موسى، والله هو المكلَّم؛ لأنه لا يتكلم، فموسى قادر على الكلام والرب غير قادر على الكلام نعوذ بالله، وهذه القراءة تحريف لفظي، فقال لهم بعض أهل السنة: هب يا جهمي! أنك استطعت أن تحرف هذه الآية، فكيف تقول في قوله تعالى: وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143]؟ فلم يستطع أن يحرفها لفظاً، فحرفها معنىً فقال: وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ أي: جرحه بمخالب الحكمة، فهي مأخوذة من الكَلْم وهو الجرح، ومنه قولهم: فلان كَلْمه يدمى، أي: جرحه، فمن أراد الله فتنته فلا حيلة فيه، فالجهمية لما لم يستطيعوا أن يحرفوا لفظ هذه الآية حرفوا معناها.
تفاوت الناس في العقول
قوله: (العقل مولود أعطي كل إنسان من العقل ما أراد الله) لا شك أن الناس يتفاوتون في العقول على قدر ما أعطاهم الله وميزهم به، والله تعالى إنما يكلف العبد إذا كان عاقلاً، وإذا ذهب العقل ذهب التكليف، فناقص العقل كالصبي لا يكلف، والمجنون الذي ليس معه عقل لا يكلف، والمخرف الذي كبر في سنه وخرف فصار لا عقل له لا يكلف.
فالتكليف مربوط بالعقل، فمن كان عاقلاً كلِّف، ومن لا عقل له لا تكليف عليه، والناس يتفاوتون في العقول؛ ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (العقل مولود أعطي كل إنسان من العقل ما أراد الله، يتفاوتون في العقول مثل الذرة في السماوات، ويطلب من كل إنسان من العلم على قدر ما أعطاه الله من العقل) أي: أن العمل تابع للعلم، والعمل مبني على العلم، ويكون على قدر ما أعطى الله الإنسان من العلم.
قوله: (وليس العقل باكتساب وإنما فضل من الله تبارك وتعالى) فالعقل ينمو تدريجياً والله تعالى هو الذي أعطى الإنسان العقل، فهو فضل من الله تبارك وتعالى.
تفضيل الله للعباد
قوله: (واعلم) أي: تيقن (أن الله تعالى فضل العباد بعضهم على بعض في الدين والدنيا)، قال تعالى: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ [النحل:71]، فقد فضل بعض الناس على بعض في الدين، فاختار تعالى للرسالة والنبوة الأنبياء، وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص:68]، فهذا تفضيل في الدين.
فالرسل أفضل الناس، وأفضلهم أولو العزم الخمسة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وأفضل أولو العزم الخليلان: إبراهيم ومحمد، وأفضل الخليلين نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم يليه جده إبراهيم، ثم يليه موسى، ثم بقية أولي العزم، ثم بقية الرسل، ثم بقية الأنبياء.
ثم فضل سبحانه وتعالى الصديقين بعد الأنبياء، وفي مقدمتهم الصديق الأكبر، ثم فضل الشهداء، ثم فضل سائر الصالحين وهم المؤمنون، وهم طبقات، فأفضلهم السابقون الأولون، ثم أصحاب اليمين، ثم الظالمون لأنفسهم الذين يقصرون في بعض الواجبات أو يفعلون بعض المحرمات، فقد فضلهم الله على الكفار في الدين وفي الدنيا، وكذلك فرّق بينهم فجعل هذا ملكاً وهذا مملوكاً، وهذا وزيراً، وهذا عالماً وهذا جاهلاً، وهذا غنياً وهذا فقيراً، وهذا حليماً وهذا غير حليم وهكذا.
كما أنه فرق بينهم في الأرزاق، وفرق بينهم في العقول، وفرق بينهم في الآجال، فهذا يموت في بطن أمه، وهذا يموت طفلاً، وهذا يموت صبياً، وهذا يموت شاباً، وهذا يموت شيخاً، وهذا يموت كهلاً، وهذا يموت هرماً، وله الحكمة البالغة سبحانه وتعالى عدلاً منه.
قوله: (ولا يقال: جار ولا حابى) لأن الله تعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً.
قوله: (فمن قال: إن فضل الله على المؤمن والكافر سواء فهو صاحب بدعة) وهذا صحيح، بل فضل الله المؤمنين على الكافرين، والطائع على العاصي، والمعصوم على المخذول عدل منه، هو فضله يعطيه من يشاء، ويمنع من يشاء، ولا يقال: إن هذا ظلم؛ لأنه سبحانه وتعالى لم يمنع المخذول شيئاً يملكه، قال سبحانه وتعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً [الحجرات:7-8]، فلله تعالى على المؤمن نعم جليلة خصه بها دون الكافر، فهو سبحانه وتعالى يهدي من يشاء فضلاً منه وإحساناً، ويضل من يشاء عدلاً منه وحكمة، ولا يقال إذا فضل المؤمن على الكافر: إن الله هدى المؤمن ولم يهد الكافر وهذا جور، نقول: بل هو عدل، فالله تعالى هدى المؤمن فضلاً منه وإحساناً، وخذل الكافر عدلاً منه، فلا يقال: إن هذا ظلم؛ لأن الظلم هو أن يمنع الإنسان من حقه، فإذا منعته من حقه، أو اعتديتَ على ملكه فتكون حينئذٍ ظالماً، والهداية ملك لله وليست ملكاً للعاصي، فإذا منعها العاصي فذلك لحكمة منه وعدل، وإذا هدى المؤمن تفضلاً منه فلا يقال: إن هذا ظلم؛ لأن الله تعالى لم يمنع العاصي شيئاً يملكه، فلو منعه شيئاً يملكه، أو حمله وزر غيره، أو منعه من ثواب استحقه فإنه يكون حينئذٍ ظلماً، لكن إذا أعطى الهداية لهذا ومنعها من هذا فهذا عدله، فهو لم يمنعه شيئاً يملكه، وهذا هو معنى قول المصنف رحمه الله: (عدل منه، هو فضله يعطيه من يشاء، ويمنع من يشاء).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والعقل مولود، أعطي كل إنسان من العقل ما أراد الله، يتفاوتون في العقول مثل الذرة في السماوات، ويطلب من كل إنسان من العمل على قدر ما أعطاه الله من العقل -وفي نسخة: ويطلب من كل إنسان من العلم- وليس العقل باكتساب، إنما هو فضل من الله تبارك وتعالى ].
قوله: (العقل مولود أعطي كل إنسان من العقل ما أراد الله) لا شك أن الناس يتفاوتون في العقول على قدر ما أعطاهم الله وميزهم به، والله تعالى إنما يكلف العبد إذا كان عاقلاً، وإذا ذهب العقل ذهب التكليف، فناقص العقل كالصبي لا يكلف، والمجنون الذي ليس معه عقل لا يكلف، والمخرف الذي كبر في سنه وخرف فصار لا عقل له لا يكلف.
فالتكليف مربوط بالعقل، فمن كان عاقلاً كلِّف، ومن لا عقل له لا تكليف عليه، والناس يتفاوتون في العقول؛ ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (العقل مولود أعطي كل إنسان من العقل ما أراد الله، يتفاوتون في العقول مثل الذرة في السماوات، ويطلب من كل إنسان من العلم على قدر ما أعطاه الله من العقل) أي: أن العمل تابع للعلم، والعمل مبني على العلم، ويكون على قدر ما أعطى الله الإنسان من العلم.
قوله: (وليس العقل باكتساب وإنما فضل من الله تبارك وتعالى) فالعقل ينمو تدريجياً والله تعالى هو الذي أعطى الإنسان العقل، فهو فضل من الله تبارك وتعالى.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ واعلم أن الله فضل العباد بعضهم على بعض في الدين والدنيا، عدلاً منه، لا يقال: جار ولا حابى، فمن قال: إن فضل الله على المؤمن والكافر سواء فهو صاحب بدعة، بل فضّل الله المؤمنين على الكافرين، والطائع على العاصي، والمعصوم على المخذول عدل منه، هو فضله يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء ].
قوله: (واعلم) أي: تيقن (أن الله تعالى فضل العباد بعضهم على بعض في الدين والدنيا)، قال تعالى: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ [النحل:71]، فقد فضل بعض الناس على بعض في الدين، فاختار تعالى للرسالة والنبوة الأنبياء، وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص:68]، فهذا تفضيل في الدين.
فالرسل أفضل الناس، وأفضلهم أولو العزم الخمسة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وأفضل أولو العزم الخليلان: إبراهيم ومحمد، وأفضل الخليلين نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم يليه جده إبراهيم، ثم يليه موسى، ثم بقية أولي العزم، ثم بقية الرسل، ثم بقية الأنبياء.
ثم فضل سبحانه وتعالى الصديقين بعد الأنبياء، وفي مقدمتهم الصديق الأكبر، ثم فضل الشهداء، ثم فضل سائر الصالحين وهم المؤمنون، وهم طبقات، فأفضلهم السابقون الأولون، ثم أصحاب اليمين، ثم الظالمون لأنفسهم الذين يقصرون في بعض الواجبات أو يفعلون بعض المحرمات، فقد فضلهم الله على الكفار في الدين وفي الدنيا، وكذلك فرّق بينهم فجعل هذا ملكاً وهذا مملوكاً، وهذا وزيراً، وهذا عالماً وهذا جاهلاً، وهذا غنياً وهذا فقيراً، وهذا حليماً وهذا غير حليم وهكذا.
كما أنه فرق بينهم في الأرزاق، وفرق بينهم في العقول، وفرق بينهم في الآجال، فهذا يموت في بطن أمه، وهذا يموت طفلاً، وهذا يموت صبياً، وهذا يموت شاباً، وهذا يموت شيخاً، وهذا يموت كهلاً، وهذا يموت هرماً، وله الحكمة البالغة سبحانه وتعالى عدلاً منه.
قوله: (ولا يقال: جار ولا حابى) لأن الله تعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً.
قوله: (فمن قال: إن فضل الله على المؤمن والكافر سواء فهو صاحب بدعة) وهذا صحيح، بل فضل الله المؤمنين على الكافرين، والطائع على العاصي، والمعصوم على المخذول عدل منه، هو فضله يعطيه من يشاء، ويمنع من يشاء، ولا يقال: إن هذا ظلم؛ لأنه سبحانه وتعالى لم يمنع المخذول شيئاً يملكه، قال سبحانه وتعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً [الحجرات:7-8]، فلله تعالى على المؤمن نعم جليلة خصه بها دون الكافر، فهو سبحانه وتعالى يهدي من يشاء فضلاً منه وإحساناً، ويضل من يشاء عدلاً منه وحكمة، ولا يقال إذا فضل المؤمن على الكافر: إن الله هدى المؤمن ولم يهد الكافر وهذا جور، نقول: بل هو عدل، فالله تعالى هدى المؤمن فضلاً منه وإحساناً، وخذل الكافر عدلاً منه، فلا يقال: إن هذا ظلم؛ لأن الظلم هو أن يمنع الإنسان من حقه، فإذا منعته من حقه، أو اعتديتَ على ملكه فتكون حينئذٍ ظالماً، والهداية ملك لله وليست ملكاً للعاصي، فإذا منعها العاصي فذلك لحكمة منه وعدل، وإذا هدى المؤمن تفضلاً منه فلا يقال: إن هذا ظلم؛ لأن الله تعالى لم يمنع العاصي شيئاً يملكه، فلو منعه شيئاً يملكه، أو حمله وزر غيره، أو منعه من ثواب استحقه فإنه يكون حينئذٍ ظلماً، لكن إذا أعطى الهداية لهذا ومنعها من هذا فهذا عدله، فهو لم يمنعه شيئاً يملكه، وهذا هو معنى قول المصنف رحمه الله: (عدل منه، هو فضله يعطيه من يشاء، ويمنع من يشاء).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ولا يحل أن تكتم النصيحة للمسلمين برهم وفاجرهم في أمر الدين، فمن كتم فقد غش المسلمين، ومن غش المسلمين فقد غش الدين، ومن غش الدين فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ].
قوله: (ولا يحل أن تكتم النصيحة للمسلمين برهم وفاجرهم في أمر الدين)؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم من حديث تميم الداري : (الدين النصيحة، وكررها ثلاثاً، قلنا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
فالنصيحة واجبة، ومن كتم النصيحة عن المسلمين فقد غش المسلمين، ومن غش المسلمين فقد غش الدين، ومن غش الدين فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال:27-28]، فلا يحل لأحد أن يكتم النصيحة.
والنصيحة لله تكون بتوحيده وصرف الدين له سبحانه وتعالى، وأداء حقه، وترك محارمه، والنصيحة لكتاب الله تكون بالإيمان به، وتدبره، والعمل بمحكمه، والإيمان بمتشابهه، والوقوف عند حدوده.
وتكون النصيحة للرسول عليه الصلاة والسلام بالإيمان به، وتحكيم شرعه، وتصديق أخباره، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتعبد لله بما شرعه.
وتكون النصيحة لأئمة المسلمين بمحبة الخير لهم، وعدم الخروج عليهم، ونصيحتهم.
وتكون النصيحة لعامة المسلمين بمحبة الخير لهم، ودفع الشر عنهم، وتحمل أثقالهم، ودفع المضار عنهم، وإطعام جائعهم، ونصح جاهلهم، وكف الأذى عنهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والله تبارك وتعالى سميع بصير عليم، يداه مبسوطتان، قد علم الله أن الخلق يعصون قبل أن يخلقهم، علمه نافذ فيهم، فلم يمنعه علمه فيهم أن هداهم للإسلام ومنّ به عليهم كرماً وجوداً وتفضلاً، فله الحمد ].
قوله: (والله تبارك وتعالى سميع بصير) السميع من أسماء الله تعالى، والبصير من أسماء الله، قال سبحانه وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وأسماء الله مشتقة مشتملة على المعاني والصفات، فالسميع مشتمل على صفة السمع، والبصير مشتمل على صفة البصر، والرحيم مشتمل على صفة الرحمة، والقدير مشتمل على صفة القدرة.
قوله: (يداه مبسوطتان) فيه إثبات اليدين لله عز وجل، قال الله تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64].
قوله: (قد علم الله أن الخلق يعصونه قبل أن يخلقهم)، لابد من إثبات علم الله الأزلي، (علمه نافذ فيهم) لا شك في هذا، ومن أنكر علم الله فقد نسب الجهل لله، وهذا كفر وضلال.
(فلم يمنعه علمه فيهم أن هداهم للإسلام)، أي: لم يمنعه علمه بهم أن هداهم للإسلام فضلاً منه وإحساناً، كما قال سبحانه وتعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ [الحجرات:17]، (ومنّ به عليهم كرماً وجوداً وتفضلاً فله الحمد) فقال: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17].
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح كتاب السنة للبربهاري [4] | 2919 استماع |
شرح كتاب السنة للبربهاري [11] | 2645 استماع |
شرح كتاب السنة للبربهاري [2] | 2212 استماع |
شرح كتاب السنة للبربهاري [12] | 2027 استماع |
شرح كتاب السنة للبربهاري [14] | 1935 استماع |
شرح كتاب السنة للبربهاري [8] | 1905 استماع |
شرح كتاب السنة للبربهاري [6] | 1764 استماع |
شرح كتاب السنة للبربهاري [13] | 1756 استماع |
شرح كتاب السنة للبربهاري [3] | 1647 استماع |
شرح كتاب السنة للبربهاري [7] | 1602 استماع |