توبات أهل الفن


الحلقة مفرغة

الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، الذي هدى الله به قلوباً غلفاً، وآذاناً صماً، وأعيناً عمياً، فجزاه الله عنا وعن البشرية كلها أفضل الجزاء.

إخوتي الكرام: أعتذر إليكم مقدماً أنني قد أذكر أسماء أو أقول كلمات يتحرج المسلم من النطق بها؛ لما يلابسها من مشاعر وملابسات غير حميدة إنما تقتضيها ضرورة الموضوع، وذلك أنكم علمتم أن هذا الموضوع يتحدث عما سمي بتوبات أهل الفن، يعني توبتهم إلى الله عز وجل، وقد يدخل في ذلك التوبة بالمعنى اللغوي: أي خروجهم مما هم فيه، ورجوعهم عنه، ولو لم يكن ذلك بالضرورة بدوافع دينية أو إسلامية.

وقد رأيت أن من المناسب أن أعرض على مسامعكم بعض النماذج السريعة، ثم أنتقل بعدها إلى ذكر معالم وملحوظات مهمة، هي بطبيعة الحال المقصودة من وراء هذا الموضوع؛ فلقد شهد العالم الإسلامي -بل العالم كله- شهد حركات واسعة فيما يتعلق بالفن.

وكلمة الفن يدخل فيها ألوان من النشاطات الإنسانية مثل: الأدب، والشعر، إضافة إلى المسرح، والغناء، وغيرها من الأشياء التي يدركها الناس من خلال هذه الكلمة، وليس حديثي عاماً في كل هذه القضايا، وإنما سأتحدث عن القضايا التي يمقتها الإسلام.

فنون لا يحاربها الإسلام لذاتها

فمثلاً فيما يتعلق بالأدب والشعر:-

من المعروف أن الأدب والشعر وسيلة محايدة، يمكن أن يستفيد منها المسلم في الدعوة إلى الله عز وجل، ونشر الفضيلة وتربية الناس على مكارم الأخلاق، ولقد كان إلى جوار الرسول صلى الله عليه وسلم عدد من الشعراء والخطباء الذين كانوا ينافحون عن الإسلام، كـحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك.. إلى غيرهم ممن أسلموا، أيضاً كـعبد الله بن الزبعرى الذي كان مشركاً ثم هداه الله عز وجل، فدافع عن الإسلام في شعره، وغيرهم كثير، ومثلهم عدد من الخطباء المشاهير كـثابت بن قيس بن شماس، وغيره.

فالمهم أن الأدب والشعر وسيلة محايدة، يمكن أن يستفيد منها المسلم دفاعاً عن الإسلام، وبناءً للفضيلة، ويمكن أيضاً أن يستغلها أعداء الله عز وجل في نشر الرذيلة، والمبادئ الهدامة، والإساءة إلى الإسلام والمسلمين.

فنون يحاربها الإسلام لذاتها

وإنما حديثي خاصة عن الفنون التي يحاربها الإسلام ابتداءً، ولا يتصور أن تكون وسيلة لخدمة الإسلام في يوم من الأيام إلا على نطاق ضيق، أو نستطيع أن نقول: إنها على أقل تقدير أصبحت اليوم وسيلة لهدم الإسلام، ومحاربة القيم والأخلاق.

فالغناء -مثلاً- للإسلام منه موقف واضح معروف، وحين نقول: "الغناء" لا يمكن أن يأتي إنسان ويقول: يا أخي هناك غناء مباح، ثم يقول: أنا أقصد الحداء الذي يفعله الأعراب، أو يفعله البناءون أو العمال وغيرهم مثلاً، أو يقول: أنا أقصد النشيد الإسلامي؛ لا، لأننا نتحدث عن الغناء بمفهومه العرفي المستقر في ذهن كل واحد، فأي إنسان أياً كان مستواه حين يسمع كلمة "غناء" يتبادر إلى ذهنه مباشرة الغناء الذي يبث عبر التلفاز، والإذاعات، والأشرطة، وعبر وسائل أخرى، وهو بطبيعة الحال غناء يخاطب الغرائز في الغالب، ويتحدث عن قضايا العلاقة بين الجنسين، وهو مصحوب أيضاً بالموسيقى وغيرها.

ومثل هذه الصورة لا يمكن أن نقول: إنها يوماً من الأيام يمكن أن تكون في خدمة الإسلام؛ لذلك فإن من العبث أن يقول قائل: هناك غناء ديني، فإذا سألته: ما هذا الغناء الديني؟! قال: تلك التواشيح والأزجال والابتهالات التي تذاع في الإذاعات.

فتلك التواشيح والأزجال والابتهالات هي -أولاً- مصحوبة بالموسيقى، وهذا مما لا شك فيه أنه بدعة ومحرم في الوقت نفسه؛ لأن التقرب إلى الله وذكر الله عز وجل عن طريق الطبول والموسيقى هذه صورة بدعية للذكر، على فرض أن هذا ذكر، إضافة إلى أن الموسيقى بذاتها للإسلام منها موقف واضح وصريح، ولذلك فأن الغناء المصحوب بآلة حرام بلا خلاف بين أهل العلم.

وكذلك حين ننتقل إلى أمر آخر، حين ننتقل إلى الفنون المسرحية، وهذه الفنون قد يختلف الناس حول مبدأ التمثيل، وهل الإسلام يجيزه أو لا يجيزه. طبعاً التمثيل يعد فناً متأخراً، وجد في العصور الحديثة، لذلك ليس للعلماء المتقدمين فيه كلام، وإنما العلماء المتأخرون انقسموا فيه إلى مذاهب وآراء؛ ليس قصدي الآن أن نتحدث عن رأي العلماء في هذا، والراجح والمرجوح، إنما قصدي أنه حين نتحدث أو نقول: التمثيل، أو يقول قائل: السينما -مثلاً- أو المسرح، تنطلق إلى الأذهان -أذهان جميع السامعين- تلك الصور والأعداد الهائلة من التمثيليات، والمسرحيات، والأفلام، والمسلسلات التي لا تخدم الإسلام إلا حين نبدل الخاء هاءً!! فحينئذ يكون الكلام معقولاً، وقل مثل ذلك في عدد من ألوان الفن التي يستخدمها الناس اليوم.

فمثلاً فيما يتعلق بالأدب والشعر:-

من المعروف أن الأدب والشعر وسيلة محايدة، يمكن أن يستفيد منها المسلم في الدعوة إلى الله عز وجل، ونشر الفضيلة وتربية الناس على مكارم الأخلاق، ولقد كان إلى جوار الرسول صلى الله عليه وسلم عدد من الشعراء والخطباء الذين كانوا ينافحون عن الإسلام، كـحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك.. إلى غيرهم ممن أسلموا، أيضاً كـعبد الله بن الزبعرى الذي كان مشركاً ثم هداه الله عز وجل، فدافع عن الإسلام في شعره، وغيرهم كثير، ومثلهم عدد من الخطباء المشاهير كـثابت بن قيس بن شماس، وغيره.

فالمهم أن الأدب والشعر وسيلة محايدة، يمكن أن يستفيد منها المسلم دفاعاً عن الإسلام، وبناءً للفضيلة، ويمكن أيضاً أن يستغلها أعداء الله عز وجل في نشر الرذيلة، والمبادئ الهدامة، والإساءة إلى الإسلام والمسلمين.

وإنما حديثي خاصة عن الفنون التي يحاربها الإسلام ابتداءً، ولا يتصور أن تكون وسيلة لخدمة الإسلام في يوم من الأيام إلا على نطاق ضيق، أو نستطيع أن نقول: إنها على أقل تقدير أصبحت اليوم وسيلة لهدم الإسلام، ومحاربة القيم والأخلاق.

فالغناء -مثلاً- للإسلام منه موقف واضح معروف، وحين نقول: "الغناء" لا يمكن أن يأتي إنسان ويقول: يا أخي هناك غناء مباح، ثم يقول: أنا أقصد الحداء الذي يفعله الأعراب، أو يفعله البناءون أو العمال وغيرهم مثلاً، أو يقول: أنا أقصد النشيد الإسلامي؛ لا، لأننا نتحدث عن الغناء بمفهومه العرفي المستقر في ذهن كل واحد، فأي إنسان أياً كان مستواه حين يسمع كلمة "غناء" يتبادر إلى ذهنه مباشرة الغناء الذي يبث عبر التلفاز، والإذاعات، والأشرطة، وعبر وسائل أخرى، وهو بطبيعة الحال غناء يخاطب الغرائز في الغالب، ويتحدث عن قضايا العلاقة بين الجنسين، وهو مصحوب أيضاً بالموسيقى وغيرها.

ومثل هذه الصورة لا يمكن أن نقول: إنها يوماً من الأيام يمكن أن تكون في خدمة الإسلام؛ لذلك فإن من العبث أن يقول قائل: هناك غناء ديني، فإذا سألته: ما هذا الغناء الديني؟! قال: تلك التواشيح والأزجال والابتهالات التي تذاع في الإذاعات.

فتلك التواشيح والأزجال والابتهالات هي -أولاً- مصحوبة بالموسيقى، وهذا مما لا شك فيه أنه بدعة ومحرم في الوقت نفسه؛ لأن التقرب إلى الله وذكر الله عز وجل عن طريق الطبول والموسيقى هذه صورة بدعية للذكر، على فرض أن هذا ذكر، إضافة إلى أن الموسيقى بذاتها للإسلام منها موقف واضح وصريح، ولذلك فأن الغناء المصحوب بآلة حرام بلا خلاف بين أهل العلم.

وكذلك حين ننتقل إلى أمر آخر، حين ننتقل إلى الفنون المسرحية، وهذه الفنون قد يختلف الناس حول مبدأ التمثيل، وهل الإسلام يجيزه أو لا يجيزه. طبعاً التمثيل يعد فناً متأخراً، وجد في العصور الحديثة، لذلك ليس للعلماء المتقدمين فيه كلام، وإنما العلماء المتأخرون انقسموا فيه إلى مذاهب وآراء؛ ليس قصدي الآن أن نتحدث عن رأي العلماء في هذا، والراجح والمرجوح، إنما قصدي أنه حين نتحدث أو نقول: التمثيل، أو يقول قائل: السينما -مثلاً- أو المسرح، تنطلق إلى الأذهان -أذهان جميع السامعين- تلك الصور والأعداد الهائلة من التمثيليات، والمسرحيات، والأفلام، والمسلسلات التي لا تخدم الإسلام إلا حين نبدل الخاء هاءً!! فحينئذ يكون الكلام معقولاً، وقل مثل ذلك في عدد من ألوان الفن التي يستخدمها الناس اليوم.

ففي هذا العصر أصبحت هذه القضية -قضية الفن- من القضايا التي تشغل بال الناس، وتسيطر على حياتهم، وتتحكم إلى حد بعيد في التأثير على عقولهم وآرائهم، وتؤثر في تربيتهم تأثيراً بليغاً من خلال وسائل عديدة: من خلال الكتاب، والمجلة، والشريط -كما يسمونه شريط الكاسيت- والفيديو، والتلفاز وغيرها.

معرفة الشباب وتعلقهم بالفنانين والفنانات

لذلك فإن الشباب حين تسألهم -مثلاً- عن الشخصيات البارزة في نفوسهم -حتى في البلاد التي مازال فيها قدر من التدين والمحافظة- تجد أن ذهن الشاب يمتلئ بأسماء الفنانين والفنانات، والممثلين والممثلات، وربما يعرف عنهم وعن تفاصيل حياتهم، وقصصهم، وسيرتهم ما لا يعرفه عن الصحابة أو عن التابعين، أو عن علماء عصره الذين يعايشهم أيضاً! وهذا طبيعي إلى حدٍ ما؛ لأن الشعب تلقى هذه الثقافة من خلال الجريدة، والمجلة، والشريط، والإذاعة، والتلفاز، والفيديو؛ فاستقرت هذه الأشياء في ذهنه.

تجاهل الإعلام للعلماء والمصلحين والمفكرين والمخترعين

لكن ما هي الوسائل التي تنشئ في نفسية الفتى أو الفتاة رفع قدر العلماء والمصلحين والمفكرين والمخترعين والمبدعين؟ إنها أقل القليل، حتى أولئك الذين قدموا خدمات دنيوية لا تجد أنهم يحظون بالقدر نفسه، بل كثير منهم مغمورون لا يسمع بهم أحد، فقد يقول قائل: إن العلماء والمفكرين والدعاة إلى الله عز وجل قد تركهم كثير من الناس عمداً، تعمدوا محاولة التعتيم على سيرتهم وشخصياتهم؛ لئلا يتأسى بهم الجيل.

وهذا ليس بغريب؛ لأن وسائل الإعلام في كثير من البلاد تسيطر عليها أصابع غير إسلامية، ولليهود دور كبير في السيطرة على الإعلام العالمي من خلال مراكزهم في أمريكا، وأوروبا، وغيرها، وهناك دراسات إحصائية دقيقة عن هذا الموضوع.

فقد يقال: إن وسائل الإعلام العالمية تتعمد تجاهل العلماء، والمصلحين، والمفكرين، والدعاة الإسلاميين؛ لكن ما هو السر وراء تعمد إهمال وإغفال المبدعين، والمخترعين، الذين يقدمون خدمات دنيوية لبني جنسهم؟! قد يكون الأمر نفسه كذلك هو السبب.

فالمهم أنني أقول: إن هذا اللون من النشاط الإنساني المسمى بالفن قد فرض نفسه في حياة الناس وواقعهم، كباراً وصغاراً، شباباً وشيوخاً، رجالاً ونساءً؛ لذلك أحببت أن ألقي الضوء في هذه الكلمة الموجزة على جانب من هذا الموضوع، وهو ما يتعلق بتوبة وأوبة أولئك المشتغلين في هذا المجال، وكما أسلفت لا أعني بتوبتهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل فقط فيسلموا، وهذا هو المعنى الاصطلاحي الشرعي، بل قد أستعين أحياناً بالمعنى اللغوي الذي يعني: الرجوع عن الشيء وتركه.

لذلك فإن الشباب حين تسألهم -مثلاً- عن الشخصيات البارزة في نفوسهم -حتى في البلاد التي مازال فيها قدر من التدين والمحافظة- تجد أن ذهن الشاب يمتلئ بأسماء الفنانين والفنانات، والممثلين والممثلات، وربما يعرف عنهم وعن تفاصيل حياتهم، وقصصهم، وسيرتهم ما لا يعرفه عن الصحابة أو عن التابعين، أو عن علماء عصره الذين يعايشهم أيضاً! وهذا طبيعي إلى حدٍ ما؛ لأن الشعب تلقى هذه الثقافة من خلال الجريدة، والمجلة، والشريط، والإذاعة، والتلفاز، والفيديو؛ فاستقرت هذه الأشياء في ذهنه.

لكن ما هي الوسائل التي تنشئ في نفسية الفتى أو الفتاة رفع قدر العلماء والمصلحين والمفكرين والمخترعين والمبدعين؟ إنها أقل القليل، حتى أولئك الذين قدموا خدمات دنيوية لا تجد أنهم يحظون بالقدر نفسه، بل كثير منهم مغمورون لا يسمع بهم أحد، فقد يقول قائل: إن العلماء والمفكرين والدعاة إلى الله عز وجل قد تركهم كثير من الناس عمداً، تعمدوا محاولة التعتيم على سيرتهم وشخصياتهم؛ لئلا يتأسى بهم الجيل.

وهذا ليس بغريب؛ لأن وسائل الإعلام في كثير من البلاد تسيطر عليها أصابع غير إسلامية، ولليهود دور كبير في السيطرة على الإعلام العالمي من خلال مراكزهم في أمريكا، وأوروبا، وغيرها، وهناك دراسات إحصائية دقيقة عن هذا الموضوع.

فقد يقال: إن وسائل الإعلام العالمية تتعمد تجاهل العلماء، والمصلحين، والمفكرين، والدعاة الإسلاميين؛ لكن ما هو السر وراء تعمد إهمال وإغفال المبدعين، والمخترعين، الذين يقدمون خدمات دنيوية لبني جنسهم؟! قد يكون الأمر نفسه كذلك هو السبب.

فالمهم أنني أقول: إن هذا اللون من النشاط الإنساني المسمى بالفن قد فرض نفسه في حياة الناس وواقعهم، كباراً وصغاراً، شباباً وشيوخاً، رجالاً ونساءً؛ لذلك أحببت أن ألقي الضوء في هذه الكلمة الموجزة على جانب من هذا الموضوع، وهو ما يتعلق بتوبة وأوبة أولئك المشتغلين في هذا المجال، وكما أسلفت لا أعني بتوبتهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل فقط فيسلموا، وهذا هو المعنى الاصطلاحي الشرعي، بل قد أستعين أحياناً بالمعنى اللغوي الذي يعني: الرجوع عن الشيء وتركه.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5155 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4157 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4054 استماع
وقفات مع سورة ق 3979 استماع
مقياس الربح والخسارة 3932 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3874 استماع
العالم الشرعي بين الواقع والمثال 3836 استماع