خطب ومحاضرات
دور الشاب المسلم في بيته
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
أيها الإخوة.. إن هذا الدين الذي شرفنا الله تعالى به، وهو دين الإسلام جاء ديناً متميزاً عن جميع الأنظمة البشرية والشرائع الوضعية, وأقام الإسلام مجتمعاً متميزاً عن جميع المجتمعات البشرية الأخرى؛ فإن الأمة التي بناها الإسلام سواء على مستوى الفرد، أم مستوى الأسرة، أم على مستوى المجتمع كانت أمة متميزة في التاريخ كله, من أوله إلى آخره.
ومن جوانب هذا التميز الذي امتاز به دين الإسلام عن غيره: عناية الإسلام بالروابط الأسرية, سواء رابطة الابن بأبيه أم رابطة الأب بأبنائه، أم الزوج بزوجته، أم الأخ بأخيه... وهكذا، فكوَّن الإسلام أسرة قوية متماسكة.
حال الأسرة عند الغرب
فإذا نظرت إلى جيل الآباء من كبار السن، وجدت أنهم يوضعون في أماكن خاصة لهم؛ حين ينتهون من الحياة ويعجزون عن المواصلة في أعمالهم يودعون في هذه المراكز الخاصة بهم أو المستشفيات أو غيرها ولا أحد يهتم بشئونهم، حتى إن الذين عاشوا هناك وشاهدوا بأعينهم، يقولون: إن الأب يشعر بعظيم الامتنان لابنه لو زاره مرة في الشهر! ويقول أحدهم: إنني قد زرت أحد الآباء في هذه المراكز، فوجدته معجباً بي، ويثني عليّ أبلغ الثناء ويبجلني ويمجدني، ويقول: إن له ابناً لا يكاد يوجد له مثيل في عالمنا اليوم! فقلت له: وماذا يصنع لك ابنك؟ قال: إنه لا يتركني من الزيارة في كل شهر مرة, ولو دعته ظروف إلى تأخير الزيارة، فإنه يتصل بي بالهاتف حتى يعتذر عن هذه الزيارة!!
ومع ذلك فإن هذا الأب يعتقد ويظن أن ابنه ابناً مثالياً يكاد لا يوجد له مثيل! وذلك لأن تلك المجتمعات الكافرة لم تستظل بظل الإسلام, ولم تعرف الحقوق التي جعلها الإسلام -داخل الأسرة- للأب على أبنائه، وللابن على أبيه, والأخ على أخيه وهكذا..
وهذا جانب من جوانب التميز التي انفرد بها الإسلام عن غيره من الأنظمة البشرية، وانفرد بها المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات.
والموضوع الذي نتحدث عنه وهو "دور الشاب المسلم في بيته" هو يعبر عن جزء من هذه القضية الكلية؛ ولذلك، فإنني سأقتصر على الحديث عن هذا الموضوع؛ بل عن جوانب فيه.
وإذا نظرت إلى المجتمعات الموجودة على ظهر الأرض؛ وجدت أن المجتمعات الأوروبية الكافرة مجتمعات متمزقة ومتشتتة، لا يعرف الابن أباه, ولا يعرف الأب ابنه، ولا الأخ أخاه, إلا أن يلتقي به في عرض الشارع؛ فيسلم عليه بيده وهو يمشي دون أن يتوقف لأداء التحية.
فإذا نظرت إلى جيل الآباء من كبار السن، وجدت أنهم يوضعون في أماكن خاصة لهم؛ حين ينتهون من الحياة ويعجزون عن المواصلة في أعمالهم يودعون في هذه المراكز الخاصة بهم أو المستشفيات أو غيرها ولا أحد يهتم بشئونهم، حتى إن الذين عاشوا هناك وشاهدوا بأعينهم، يقولون: إن الأب يشعر بعظيم الامتنان لابنه لو زاره مرة في الشهر! ويقول أحدهم: إنني قد زرت أحد الآباء في هذه المراكز، فوجدته معجباً بي، ويثني عليّ أبلغ الثناء ويبجلني ويمجدني، ويقول: إن له ابناً لا يكاد يوجد له مثيل في عالمنا اليوم! فقلت له: وماذا يصنع لك ابنك؟ قال: إنه لا يتركني من الزيارة في كل شهر مرة, ولو دعته ظروف إلى تأخير الزيارة، فإنه يتصل بي بالهاتف حتى يعتذر عن هذه الزيارة!!
ومع ذلك فإن هذا الأب يعتقد ويظن أن ابنه ابناً مثالياً يكاد لا يوجد له مثيل! وذلك لأن تلك المجتمعات الكافرة لم تستظل بظل الإسلام, ولم تعرف الحقوق التي جعلها الإسلام -داخل الأسرة- للأب على أبنائه، وللابن على أبيه, والأخ على أخيه وهكذا..
وهذا جانب من جوانب التميز التي انفرد بها الإسلام عن غيره من الأنظمة البشرية، وانفرد بها المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات.
والموضوع الذي نتحدث عنه وهو "دور الشاب المسلم في بيته" هو يعبر عن جزء من هذه القضية الكلية؛ ولذلك، فإنني سأقتصر على الحديث عن هذا الموضوع؛ بل عن جوانب فيه.
إن الإسلام قد عني ببيان حقوق الوالدين على أبنائهما في القرآن والسنة:
حقوق الوالدين من القرآن الكريم
فلا تقل لهما أف: وكلمة أف كلمة تقال عند الضيق والتبرم والتضجر, وهي كلمة بسيطة جداً, وإذا كان الله تعالى قد نهى عن أن يقول الابن لأبويه كلمة تدل على ضيقه وتضجره وهي كلمة أف؛ فإنه من باب أولى أن ينهى عن ما هو أشد من ذلك؛ كأن تقول لهما قولا غليظاً أو تتعدى ذلك بالإساءة إليهما باليد أو بغيرها.
ويحث الله سبحانه وتعالى على بر الوالدين، والإحسان إليهما في آيات كثيرة؛ بل ويشير إلى أنه حتى في حالة كون الأبوين مشركين، فإن الإنسان مطالب بالإحسان إليهما، وأن يصاحبهما في الدنيا معروفاً؛ دون أن يطيعهما في معصية الله عز وجل.
حقوق الوالدين من السنة
إذاً: فالأبوان بابان إلى الجنة، وإذا أدرك الإنسان أبويه، أو أحدهما عند الكبر، ولم يكونا سبيلاً إلى دخوله الجنة ببره بهما، وإحسانه إليهما؛ فهو إنسان يستحق أن يدعو عليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصيبه ذل، وأن يرغم أنفه.
وفي الحديث الآخر: في الصحيح أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ -رجل يتساءل عن أحق الناس بأن يحسن صحبته- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك, قال: ثم من؟ قال: أبوك}.
إذاً: ليس أحق الناس بحسن صحابتك هو الصديق! أو الزوجة! كلا؛ أحق الناس بالصحبة الحسنة منك، والخلق الجميل هي الأم ثم الأم ثم الأم وفي الرابعة تأتي منـزلة الأب؛ وعلى كل حال فالوالدان هما أحق الناس بحسن الصحابة, وفي حديث ثالث في صحيح مسلم -أيضاً- قَدَّم النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد -يريد أن يخرج إلى الجهاد في سبيل الله- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {أحيٌ والداك؟ قال: نعم قال: ففيهما فجاهد}. فرده النبي صلى الله عليه وسلم عن الخروج إلى الغزو والجهاد؛ رغم ما للجهاد من أهمية عظمى في الإسلام, ورغم أن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله؛ مع ذلك كله رده النبي صلى الله عليه وسلم عن الخروج إلى الجهاد، وقال له: ارجع إلى أبويك فجاهد فيهما, وفي لفظ آخر: {أن رجلاً قال: يا رسول الله جئت إليك لأجاهد معك، وتركت أبويّ يبكيان؟ قال له صلى الله عليه وسلم: ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما}.
قصة كلاب وأبيه
لمن شيخان قد نشدا كلابا كتاب الله لو قبل الكتابا |
يشير إلى أنه وزوجته قد طلبا من ابنهما كلاب أن لا يخرج للغزو، وذكراه بكتاب الله الذي يأمره بالبر بهما, ثم يقول:
إذا هتفت حمامة بطن وجٍ على بيضاتها ذكرا كلابا |
تركت أباك مرعشةً يداه وأمك ما تسيغ لها شرابا |
فإنك والتماس الأجر بعدي كباغي الماء يلتمس السرابا |
ثم ذهب أمية من غده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه, وألقى أمامه قصيدة مؤثرة يشتاق فيها إلى ابنه، ويطلب من عمر أن يرده إليه؛ بل إنه زاد على ذلك فقال -وهو يعرف خوف عمر من الله تعالى ورقته- يقول:
سأستعدي على الفاروق رباً له دفع الحجيج إلى بساط |
وأدعو الله مجتهـداً علـيه ببطن الأخشبين إلى بقاع |
يعني أنه سوف يستعدي الله تعالى الذي دفع الحجيج إلى عرفات؛ رغبة فيما عنده, ويدعو الله في مكة على عمر الذي أذن لابنه للخروج في الغزو، وجعله يترك أبويه؛ مع أن هذا الابن لم يخرج إلا بإذنهما؛ فلما سمع عمر رضي الله عنه هذه القصيدة تأثر! وسأله عن ابنه فقال: إنه قد خرج في غزو إلى فارس, فأرسل عمر بالبريد يطلب أن يرجع هذا الابن إلى المدينة, فلما رجع دعا عمر أباه, فقال له: ما أعظم عمل كان ابنك يحسن به إليك؟! فقال هذا الشيخ الكبير: إن ابني كان يحسن إليَّ بأعمال عظيمة لا أحصيها.
فسأل عمر الابن من دون أن يعلم الأب بأنه قد حضر من الغزو, فقال: ماذا كنت تصنع لأبيك؟ قال: إني كنت آتي بالناقة الحلوب، فأريحها ثم أغسل ضرعها حتى إذا برد حلبت له فسقيته؛ فطلب عمر من كلاب أن يحلب لأبيه كما كان يحلب بعادته، ثم سلّم هذا الحليب إلى أمية فلما أخذ الإناء، وفيه الحليب وشربه قال: والله إني لأجد في هذا رائحة كلاب؛ فبكى عمر، وبكى من حوله, ثم قال له: إن الله قد أقر عينك بابنك، فجاء إليه ابنه وقبله وعانقه وهو يبكي! وطلب منه أن يلازمه حتى الموت, وفعلاً بقي كلاب إلى جانب أبيه حتى مات
]].وهذه القصة رواها عدد من أصحاب السير والأدب، منهم: البيهقي في المحاسن والمساوي, والصلاح الصفدي في نفح الأمنيان, وأبو الفرج الأصفهاني وغيرهم.
هذه القصة، تدل على ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة السابقة من أن الاشتغال ببر الوالدين، والإحسان إليهما، مقدم في حالة الاحتياج، حتى على الجهاد في سبيل الله عز وجل.
بر الرسول عليه الصلاة والسلام
ولذلك بكى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يستغفر لها، وإنما نـزل في قبرها، وبكى بكاءً طويلاً, -ولا شك- أن بكاءه كان إشفاقاً عليها من هذا المصير الذي ينتظرها.
يقول الله عز وجل في كتابه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] فيقرن سبحانه وتعالى الإحسان إلى الوالدين مع إفراده بالعبادة, كما قرن النبي صلى الله عليه وسلم: عقوق الوالدين مع الشرك بالله معد الكبائر, ثم يفصل تعالى في حقوق الوالدين فيقول: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:23-24].
فلا تقل لهما أف: وكلمة أف كلمة تقال عند الضيق والتبرم والتضجر, وهي كلمة بسيطة جداً, وإذا كان الله تعالى قد نهى عن أن يقول الابن لأبويه كلمة تدل على ضيقه وتضجره وهي كلمة أف؛ فإنه من باب أولى أن ينهى عن ما هو أشد من ذلك؛ كأن تقول لهما قولا غليظاً أو تتعدى ذلك بالإساءة إليهما باليد أو بغيرها.
ويحث الله سبحانه وتعالى على بر الوالدين، والإحسان إليهما في آيات كثيرة؛ بل ويشير إلى أنه حتى في حالة كون الأبوين مشركين، فإن الإنسان مطالب بالإحسان إليهما، وأن يصاحبهما في الدنيا معروفاً؛ دون أن يطيعهما في معصية الله عز وجل.
أما الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهي كثيرة جداً، منها ما ورد في الصحيح، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ -من هو هذا الرجل الذي يرغم أنفه وأن يكون أنفه في التراب في الرغام علامة الذل الذي أصابه- قال: من أدرك أبويه، أو أحدهما عند الكبر ثم لم يدخل بسببه الجنة}.
إذاً: فالأبوان بابان إلى الجنة، وإذا أدرك الإنسان أبويه، أو أحدهما عند الكبر، ولم يكونا سبيلاً إلى دخوله الجنة ببره بهما، وإحسانه إليهما؛ فهو إنسان يستحق أن يدعو عليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصيبه ذل، وأن يرغم أنفه.
وفي الحديث الآخر: في الصحيح أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ -رجل يتساءل عن أحق الناس بأن يحسن صحبته- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك, قال: ثم من؟ قال: أبوك}.
إذاً: ليس أحق الناس بحسن صحابتك هو الصديق! أو الزوجة! كلا؛ أحق الناس بالصحبة الحسنة منك، والخلق الجميل هي الأم ثم الأم ثم الأم وفي الرابعة تأتي منـزلة الأب؛ وعلى كل حال فالوالدان هما أحق الناس بحسن الصحابة, وفي حديث ثالث في صحيح مسلم -أيضاً- قَدَّم النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد -يريد أن يخرج إلى الجهاد في سبيل الله- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {أحيٌ والداك؟ قال: نعم قال: ففيهما فجاهد}. فرده النبي صلى الله عليه وسلم عن الخروج إلى الغزو والجهاد؛ رغم ما للجهاد من أهمية عظمى في الإسلام, ورغم أن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله؛ مع ذلك كله رده النبي صلى الله عليه وسلم عن الخروج إلى الجهاد، وقال له: ارجع إلى أبويك فجاهد فيهما, وفي لفظ آخر: {أن رجلاً قال: يا رسول الله جئت إليك لأجاهد معك، وتركت أبويّ يبكيان؟ قال له صلى الله عليه وسلم: ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما}.
وفي هذا الباب يذكر أصحاب السير والتراجم قصة حصلت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه, خلاصة هذه القصة: [[أن رجلاً اسمه كلابا كتاب الله لو قبل الكتابا يشير إلى أنه وزوجته قد طلبا من ابنهما كلاب أن لا يخرج للغزو، وذكراه بكتاب الله الذي يأمره بالبر بهما, ثم يقول: كلابا ثم ذهب أمية من غده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه, وألقى أمامه قصيدة مؤثرة يشتاق فيها إلى ابنه، ويطلب من عمر أن يرده إليه؛ بل إنه زاد على ذلك فقال -وهو يعرف خوف عمر من الله تعالى ورقته- يقول: الفاروق رباً له دفع الحجيج إلى بساط يعني أنه سوف يستعدي الله تعالى الذي دفع الحجيج إلى عرفات؛ رغبة فيما عنده, ويدعو الله في مكة على عمر الذي أذن لابنه للخروج في الغزو، وجعله يترك أبويه؛ مع أن هذا الابن لم يخرج إلا بإذنهما؛ فلما سمع عمر رضي الله عنه هذه القصيدة تأثر! وسأله عن ابنه فقال: إنه قد خرج في غزو إلى فارس, فأرسل عمر بالبريد يطلب أن يرجع هذا الابن إلى المدينة, فلما رجع دعا عمر أباه, فقال له: ما أعظم عمل كان ابنك يحسن به إليك؟! فقال هذا الشيخ الكبير: إن ابني كان يحسن إليَّ بأعمال عظيمة لا أحصيها. فسأل عمر الابن من دون أن يعلم الأب بأنه قد حضر من الغزو, فقال: ماذا كنت تصنع لأبيك؟ قال: إني كنت آتي بالناقة الحلوب، فأريحها ثم أغسل ضرعها حتى إذا برد حلبت له فسقيته؛ فطلب عمر من كلاب أن يحلب لأبيه كما كان يحلب بعادته، ثم سلّم هذا الحليب إلى أمية فلما أخذ الإناء، وفيه الحليب وشربه قال: والله إني لأجد في هذا رائحة كلاب؛ فبكى عمر، وبكى من حوله, ثم قال له: إن الله قد أقر عينك بابنك، فجاء إليه ابنه وقبله وعانقه وهو يبكي! وطلب منه أن يلازمه حتى الموت, وفعلاً بقي كلاب إلى جانب أبيه حتى مات لمن شيخان قد نشدا إذا هتفت حمامة بطن وجٍ على بيضاتها ذكرا تركت أباك مرعشةً يداه وأمك ما تسيغ لها شرابا فإنك والتماس الأجر بعدي كباغي الماء يلتمس السرابا سأستعدي على وأدعو الله مجتهـداً علـيه ببطن الأخشبين إلى بقاع
وهذه القصة رواها عدد من أصحاب السير والأدب، منهم: البيهقي في المحاسن والمساوي, والصلاح الصفدي في نفح الأمنيان, وأبو الفرج الأصفهاني وغيرهم.
هذه القصة، تدل على ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة السابقة من أن الاشتغال ببر الوالدين، والإحسان إليهما، مقدم في حالة الاحتياج، حتى على الجهاد في سبيل الله عز وجل.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5155 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |