خطب ومحاضرات
صلوا كما رأيتموني أصلي
الحلقة مفرغة
اللهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما تحب وترضى، نحمدك وأنت للحمد أهل، ونشكرك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، ونصلي ونسلم على عبدك ورسولك وأفضل أنبيائك الذي حمل الرسالة، وأدى الأمانة وكشف الله به تعالى الغمة، فجزاه الله تعالى عنا خير ما جازى نبياً عن أمته، ثم رضوان الله تبارك وتعالى على أصحابه الكرام، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد سبق معنا في الدرس الماضي ما يتعلق بالذكر عقب الصلاة، وكان لي فيها أحاديث ومسائل نمر عليها مرور الكرام، رغبة في الإيجاز، وعدم الإطالة، فمن المسائل التي مرت معنا: مسألة الأذكار والأدعية التي تقال في أدبار الصلوات، وقد ذكرت مثلاً أن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير في أدبار الصلوات جاء فيها نحو من ست صيغ:
صيغ الأذكار
الثانية: يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر أربعاً وثلاثين.
الثالثة: التسبيح إحدى عشرة، والتحميد إحدى عشرة، والتكبير إحدى عشرة، فيكون المجموع ثلاثاً وثلاثين، وهذا قلنا: إنه فهم أبي صالح السمان للحديث، وكأنه لم يثبت بهذه الصيغة عن النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث مستقل، والله تعالى أعلم.
الرابعة: يسبح خمساً وعشرين، ويحمد خمساً وعشرين، ويهلل خمساً وعشرين، ويكبر خمساً وعشرين فيكون المجموع مائة.
الخامسة: يسبح عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً، فيكون المجموع ثلاثين.
السادسة: يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر ثلاثاً وثلاثين، فيكون المجموع تسعاً وتسعين ولا يضيف شيئاً لا تهليلاً ولا تكبيراً، وقد ذكرنا ما ثبت وهو استثناء إحدى عشرة، وإحدى عشرة، وإحدى عشرة، فإنه -والله تعالى أعلم- من فهم أبي صالح، كما استظهره جماعة من أهل العلم كالحافظ ابن حجر، وغيره، وبذلك تتم الصيغ ستاً أيضاً، ويزول ويندفع الإشكال الذي ذكرناه سابقاً، ولذلك فلا ضرورة للتنبيه على هذا الاعتذار الذي تقدم به أحد الإخوة، حيث إنه قال: إنما ذكرته سابقاً -يعني هو وليس أنا- نقلاً عن الاختيارات، وأن هناك صيغة أخرى من الأذكار، وهي أن يسبح تسعاً، ويحمد تسعاً، ويكبر تسعاً، ليس كذلك، وإني عندما رجعت وجدت أن يسبح ثلاثاً وثلاثين، والمجموع تسعاً وتسعين، وهذا جيد كون الإنسان يراجع، ويتأكد مما سبق، وينبه عليه، فهذا أيضاً مما يحمد وهو من تأديب طالب العلم المجد، نسأل الله أن يجزي أخانا وسائر الحضور خيراً، ويوفقنا جميعاً للعلم النافع والعمل الصالح.
مسألة الجهر بالذكر عقب الصلاة
ثانياً: من الأدلة أيضاً، حديث عبد الله بن الزبير وفي آخر الحديث قال: {كان يهل بهن دبر كل صلاته} ونبهنا في موضوع الجهر بالذكر إلى عدة ملاحظات منها:
الملاحظة الأولى: ألا يبالغ في رفع الصوت، والدليل على هذا حديث أبي موسى {أيها الناس اربعوا على أنفسكم}.
الملاحظة الثانية: أن تكون الأصوات مختلطة يسمع لها دوي، ولا يتميز من بينها صوت يكون جهورياً، فيؤذي الآخرين، ويشغلهم عن الذكر، وقد يؤذي أيضاً من يقضي الصلاة، والدليل على هذه الملاحظة: {كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض}.
الدعاء بعد الصلاة
أيضاً حديث علي بن أبي طالب: { اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت } فإن في بعض رواياته أنه بعد السلام، ونقول: الدعاء مشروع بكل حال: عقب السلام، وقبل السلام، وفي كل حال، كما أن الذكر مشروع في كل حال الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191] فالعبد لا يستغني عن الذكر بحال، وإن كان الذكر قبل السلام في أثناء الصلاة يكون أوقع، فهذا لا يمنع أن يكون الذكر مشروعاً بعد السلام، وكما أننا نجد في صلب الصلاة أن أفضل ما يكون الدعاء فيه هو في السجود، ولكن هل هذا يمنع من الدعاء بين السجدتين؟ كلا، فكذلك الدعاء وإن كان في الصلاة أوقع إلا أنه بعدها مشروع -أيضاً- كما جاءت به هذه النصوص والأحاديث.
وعندنا الآن الدرس الأخير نحمد الله تعالى، ونسأله التوفيق والقبول، مما يتعلق بصفة الصلاة وهي تتعلق بهذه الأحاديث الثلاثة التالية:
الأولى: يحمد ثلاثاً وثلاثين، ويسبح ثلاثاً وثلاثين، ويكبر ثلاثاً وثلاثين، ثم يقول: لا إله إلا الله.. الخ تمام المائة.
الثانية: يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر أربعاً وثلاثين.
الثالثة: التسبيح إحدى عشرة، والتحميد إحدى عشرة، والتكبير إحدى عشرة، فيكون المجموع ثلاثاً وثلاثين، وهذا قلنا: إنه فهم أبي صالح السمان للحديث، وكأنه لم يثبت بهذه الصيغة عن النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث مستقل، والله تعالى أعلم.
الرابعة: يسبح خمساً وعشرين، ويحمد خمساً وعشرين، ويهلل خمساً وعشرين، ويكبر خمساً وعشرين فيكون المجموع مائة.
الخامسة: يسبح عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً، فيكون المجموع ثلاثين.
السادسة: يسبح ثلاثاً وثلاثين، ويحمد ثلاثاً وثلاثين، ويكبر ثلاثاً وثلاثين، فيكون المجموع تسعاً وتسعين ولا يضيف شيئاً لا تهليلاً ولا تكبيراً، وقد ذكرنا ما ثبت وهو استثناء إحدى عشرة، وإحدى عشرة، وإحدى عشرة، فإنه -والله تعالى أعلم- من فهم أبي صالح، كما استظهره جماعة من أهل العلم كالحافظ ابن حجر، وغيره، وبذلك تتم الصيغ ستاً أيضاً، ويزول ويندفع الإشكال الذي ذكرناه سابقاً، ولذلك فلا ضرورة للتنبيه على هذا الاعتذار الذي تقدم به أحد الإخوة، حيث إنه قال: إنما ذكرته سابقاً -يعني هو وليس أنا- نقلاً عن الاختيارات، وأن هناك صيغة أخرى من الأذكار، وهي أن يسبح تسعاً، ويحمد تسعاً، ويكبر تسعاً، ليس كذلك، وإني عندما رجعت وجدت أن يسبح ثلاثاً وثلاثين، والمجموع تسعاً وتسعين، وهذا جيد كون الإنسان يراجع، ويتأكد مما سبق، وينبه عليه، فهذا أيضاً مما يحمد وهو من تأديب طالب العلم المجد، نسأل الله أن يجزي أخانا وسائر الحضور خيراً، ويوفقنا جميعاً للعلم النافع والعمل الصالح.
قد ذكرت فيها أقوالاً والراجح منها: أنه يستحب الجهر بالذكر عقب الصلاة، ومن الأدلة على مشروعية الجهر بالذكر: حديث ابن عباس في صحيح البخاري: {أن رفع الصوت بالذكر كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم}.
ثانياً: من الأدلة أيضاً، حديث عبد الله بن الزبير وفي آخر الحديث قال: {كان يهل بهن دبر كل صلاته} ونبهنا في موضوع الجهر بالذكر إلى عدة ملاحظات منها:
الملاحظة الأولى: ألا يبالغ في رفع الصوت، والدليل على هذا حديث أبي موسى {أيها الناس اربعوا على أنفسكم}.
الملاحظة الثانية: أن تكون الأصوات مختلطة يسمع لها دوي، ولا يتميز من بينها صوت يكون جهورياً، فيؤذي الآخرين، ويشغلهم عن الذكر، وقد يؤذي أيضاً من يقضي الصلاة، والدليل على هذه الملاحظة: {كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض}.
مسألة: الدعاء بعد الصلاة المفروضة -أي بعد السلام- ذكرنا كلام شيخ الإسلام فيه، لكن خلاصة القول هل يشرع الدعاء عقب السلام أم لا يشرع؟ الأقرب أن الدعاء مشروع قبل السلام، وبعد السلام، ومن الأدلة على مشروعية الدعاء بعد السلام {اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك} وأيضاً حديث ثوبان: {استغفر، ثلاثاً} ومثله حديث عائشة: {استغفر ثلاثاً} ومن الأدلة -أيضاً- حديث سعد بن أبي وقاص: {أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر... الخ} أيضاً حديث المغيرة: { اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد } هذا هو تعريض بالدعاء، وتعرض للمسائل.
أيضاً حديث علي بن أبي طالب: { اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت } فإن في بعض رواياته أنه بعد السلام، ونقول: الدعاء مشروع بكل حال: عقب السلام، وقبل السلام، وفي كل حال، كما أن الذكر مشروع في كل حال الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191] فالعبد لا يستغني عن الذكر بحال، وإن كان الذكر قبل السلام في أثناء الصلاة يكون أوقع، فهذا لا يمنع أن يكون الذكر مشروعاً بعد السلام، وكما أننا نجد في صلب الصلاة أن أفضل ما يكون الدعاء فيه هو في السجود، ولكن هل هذا يمنع من الدعاء بين السجدتين؟ كلا، فكذلك الدعاء وإن كان في الصلاة أوقع إلا أنه بعدها مشروع -أيضاً- كما جاءت به هذه النصوص والأحاديث.
وعندنا الآن الدرس الأخير نحمد الله تعالى، ونسأله التوفيق والقبول، مما يتعلق بصفة الصلاة وهي تتعلق بهذه الأحاديث الثلاثة التالية:
الحديث الأول منها: حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { صلوا كما رأيتموني أصلي} يقول المصنف رواه البخاري، وقد سبق أن سرد المصنف أو ذكر جزءاً آخر من هذا الحديث في موضوع الجلوس في الوتر، وأيضاً ورد في موضع ثان في الأذان لقوله: { فليؤذن لكم أحدكم } وقد سرد المصنف -في ذلك الموضع- منه الجزء المتعلق بالأذان، وقال: أخرجه السبعة.
والغريب أنه هنا -رحمه الله- اقتصر على عزو الحديث للبخاري، وعلى كل حال، فالحديث رواه البخاري في صحيح البخاري في تسعة مواضع:
تخريج حديث مالك بن الحويرث
وكل هؤلاء رووا الحديث عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: {أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده نحواً من عشرين ليلة وفي رواية وأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا وفي رواية: فظنا أنا قد اشتهينا أهلنا وسألنا عمن تركنا، فأخبرناه، فقال صلى الله عليه وسلم وكان رقيقاً رحيماً -وفي رواية- رفيقاً -بالفاء- ارجعوا إلى أهلكم فعلموهم ومروهم، وصلوا، وفي رواية: وصلوا كما رأيتموني أصلي} وهي المقصودة بحديث الباب، فإذا حضرت الصلاة {فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم}.
وهذا أحد المواضع التي ذكر المصنف فيها هذا الحديث، وإلا فقد سبق أنه ذكره مرتين، مع أن الحديث جدير -أيضاً- أن يعاد في باب قادم، في باب الإمامة من كتاب الصلاة لقوله: { وليؤمكم أكبركم } ولكن المصنف لم يذكره في باب الإمامة اكتفاءً بذكره هاهنا، وذكر الشاهد منه وذلك لم يعده رحمه الله.
ألفاظ حديث مالك بن الحويرث
أيضاً قدوم مالك بن الحويرث رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه سلم، كان مع قومه، كما ذكر في روايات، وقال هاهنا: {ونحن شببة متقاربون } وقومه هم بني ليث بن بكر، وكان قدومهم على النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ابن سعد في الطبقات بأسانيد عدة، أنهم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يتجهز لغزوة تبوك.
وغزوة تبوك كانت في رجب سنة تسع، فقدموا عليه صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة، وقوله: (شببة) بفتح الشين والباء أي شباب. وقوله: (متقاربون) أي: متقاربون في السن، وقوله: رفيقاً أو رقيقاً: بالوجهين فقد جاء في روايتان في البخاري وغيره، إما من الرفق، وإما أنه رقيق القلب، يحنوا عليهم ويتنبه لحاجاتهم، وقوله: رقيقاً، هذا ذكر الحافظ ابن حجر بالقافين أنها جاءت في رواية الأصيلي للبخاري، أنها بقافين (رقيقاً) وبقية ألفاظ الحديث واضحة وقد سبق شرح شيء منها.
منها: في كتاب الأذان، باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم، ومنها أيضاً في كتاب الأذان -نفسه أيضاً- باب المكث بين السجدتين، وأول موضع خرج البخاري فيه هذا الحديث: في كتاب الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد، وقد روى مسلم في صحيحه، في كتاب المساجد، باب الأحق بالإمامة، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد، ولهذا قال المصنف -كما سبق في باب الأذان- قال: أخرجه السبعة، وأيضاً رواه غير هؤلاء كثير، فالحديث من الأحاديث المشهورة المتداولة، ويشبهه في هذا حديث المسيء صلاته، فإنه يذكر بمناسبات كثيرة، وقل أحد من أهل العلم إلا ذكره أو استشهد به أو خرجه، -فعلى سبيل المثال- ممن خرج الحديث أيضاً البخاري نفسه في كتاب الأدب المفرد، والبيهقي في السنن، والطبراني في معجمه الكبير، والدارقطني، وابن خزيمة، وابن حبان، وأبو عوانة في مستخرجه، والحاكم، والداراني، والشافعي، والطحاوي، والبغوي، وابن أبي شيبة، وغيرهم.
وكل هؤلاء رووا الحديث عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: {أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده نحواً من عشرين ليلة وفي رواية وأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا وفي رواية: فظنا أنا قد اشتهينا أهلنا وسألنا عمن تركنا، فأخبرناه، فقال صلى الله عليه وسلم وكان رقيقاً رحيماً -وفي رواية- رفيقاً -بالفاء- ارجعوا إلى أهلكم فعلموهم ومروهم، وصلوا، وفي رواية: وصلوا كما رأيتموني أصلي} وهي المقصودة بحديث الباب، فإذا حضرت الصلاة {فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم}.
وهذا أحد المواضع التي ذكر المصنف فيها هذا الحديث، وإلا فقد سبق أنه ذكره مرتين، مع أن الحديث جدير -أيضاً- أن يعاد في باب قادم، في باب الإمامة من كتاب الصلاة لقوله: { وليؤمكم أكبركم } ولكن المصنف لم يذكره في باب الإمامة اكتفاءً بذكره هاهنا، وذكر الشاهد منه وذلك لم يعده رحمه الله.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5155 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |