التوبة أيتها الأخت المسلمة


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ [هود:1-3].

ويقول الله عز وجل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:53-55] ويقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [التحريم:8] ويقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] ويقول عن أبينا آدم عليه السلام: وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى [طه:121-122].

ويقول تعالى على لسان نوح عليه السلام وهو يخاطب قومه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12].

الأحاديث التي تحث على التوبة

في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال:{كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: أستغفر الله وأتوب إليه} وفي صحيح مسلم عن الأغر المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إنه ليغان على قلبي! وإني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة}.

وفي صحيح مسلم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها}.

وفي الحديث عن ابن مسعود، والبراء بن عازب، والنعمان بن بشير، وأبي هريرة، وأنس بن مالك وغيرهم رضي الله عنهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {والله! لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم كان بأرض فلاة، ومعه راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه، ففقد هذه الراحلة وضاعت منه حتى أيس منها، ونام تحت شجرة ينتظر الموت، فلما استيقظ وجد أن راحلته عند رأسه، وعليها زاده وطعامه وشرابه، فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح} فبدلاً من أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك، قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، فالله يفرح بتوبة عبده أو توبة أمته أشد وأعظم مما يفرح هذا الرجل براحلته وقد وجدها بعد أن أيس منها.

مع أن الله عز وجل غني عن عباده.. يقول الله عز وجل: {يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً.. يا عبادي!لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً}.

سبحانه! لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، لكنه رحيم ومن صفاته الرحمة، وهو الرحيم الرحمن الحنان المنان، الرءوف بعباده اللطيف بهم، ولذلك يحب لهم الطاعة، ويكره لهم المعصية، يقول عز وجل: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرضى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر:7].

كثرة المطيعين لله والعابدين له

وإذا كنا نجد اليوم أن كثيراً من الناس يعصون الله، ويبارزونه بالمعاصي ويجاهرونه بالخطايا، فيجب أن نعلم أن الله تعالى عنده في السماوات خلق من الملائكة لا يحصيهم إلا الله، وهذه السماوات السبع العظام ليس فيها موضع أربعة أصابع إلا وفيه ملك راكعٌ أو ساجدٌ واضع جبهته لله عز وجل، مع أننا نعلم جميعاً أن البيت المعمور فقط -وهو في السماء السابعة- يدخله كلَّ يومٍ سبعون ألفَ ملكٍ، ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة، فعدد هؤلاء الملائكة لا يحصيهم إلا الله، حتى إن السماء أطَّتْ وحق لها أن تئط؛ وذلك من ثقل من عليها وكثرتهم، فالله غني عن عباده، أطاعوه أم عصوه وإنما طاعتهم لهم، ومعصيتهم عليهم، ومع ذلك فإن الله عز وجل يفرح بتوبة عبده أشد مما يفرح ذلك الرجل، وقد وجد راحلته وعليها طعامه وشرابه بعد أن أيس منها وأيقن بالموت، فهو يدعونا إلى التوبة ويحثنا عليها ويرغبنا فيها.

أنواع التوبة

أيتها الأخوات! كل واحد منا محتاج إلى التوبة، والتوبة نوعان:

النوع الأول: توبة مستحبة، وهي التوبة من ترك المستحبات أو فعل المكروهات.

والنوع الثاني: توبة واجبة، وهي التوبة من فعل المعاصي، أو التوبة من ترك الواجبات.

في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال:{كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: أستغفر الله وأتوب إليه} وفي صحيح مسلم عن الأغر المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إنه ليغان على قلبي! وإني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة}.

وفي صحيح مسلم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها}.

وفي الحديث عن ابن مسعود، والبراء بن عازب، والنعمان بن بشير، وأبي هريرة، وأنس بن مالك وغيرهم رضي الله عنهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {والله! لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم كان بأرض فلاة، ومعه راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه، ففقد هذه الراحلة وضاعت منه حتى أيس منها، ونام تحت شجرة ينتظر الموت، فلما استيقظ وجد أن راحلته عند رأسه، وعليها زاده وطعامه وشرابه، فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح} فبدلاً من أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك، قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، فالله يفرح بتوبة عبده أو توبة أمته أشد وأعظم مما يفرح هذا الرجل براحلته وقد وجدها بعد أن أيس منها.

مع أن الله عز وجل غني عن عباده.. يقول الله عز وجل: {يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً.. يا عبادي!لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً}.

سبحانه! لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، لكنه رحيم ومن صفاته الرحمة، وهو الرحيم الرحمن الحنان المنان، الرءوف بعباده اللطيف بهم، ولذلك يحب لهم الطاعة، ويكره لهم المعصية، يقول عز وجل: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرضى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر:7].

وإذا كنا نجد اليوم أن كثيراً من الناس يعصون الله، ويبارزونه بالمعاصي ويجاهرونه بالخطايا، فيجب أن نعلم أن الله تعالى عنده في السماوات خلق من الملائكة لا يحصيهم إلا الله، وهذه السماوات السبع العظام ليس فيها موضع أربعة أصابع إلا وفيه ملك راكعٌ أو ساجدٌ واضع جبهته لله عز وجل، مع أننا نعلم جميعاً أن البيت المعمور فقط -وهو في السماء السابعة- يدخله كلَّ يومٍ سبعون ألفَ ملكٍ، ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة، فعدد هؤلاء الملائكة لا يحصيهم إلا الله، حتى إن السماء أطَّتْ وحق لها أن تئط؛ وذلك من ثقل من عليها وكثرتهم، فالله غني عن عباده، أطاعوه أم عصوه وإنما طاعتهم لهم، ومعصيتهم عليهم، ومع ذلك فإن الله عز وجل يفرح بتوبة عبده أشد مما يفرح ذلك الرجل، وقد وجد راحلته وعليها طعامه وشرابه بعد أن أيس منها وأيقن بالموت، فهو يدعونا إلى التوبة ويحثنا عليها ويرغبنا فيها.

أيتها الأخوات! كل واحد منا محتاج إلى التوبة، والتوبة نوعان:

النوع الأول: توبة مستحبة، وهي التوبة من ترك المستحبات أو فعل المكروهات.

والنوع الثاني: توبة واجبة، وهي التوبة من فعل المعاصي، أو التوبة من ترك الواجبات.

فتلك المسلمة التي تستمع إلى الغناء المحرم، أو تشاهد المسلسلات الهابطة، أو تترك الصلاة، أو تعق والديها، أو تتكلم بكلام السوء مع زميلاتها، أو تستخدم الهاتف في معاكساتٍ وغيرها من الأمور التي لا تجوز، يجب عليها وجوباً أن تتوب من هذه الأشياء، ولو ماتت قبل التوبة فهي على خطر عظيم، ولذلك يقول الله عز وجل: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً [النور:31].

بل تلك المسلمة التي تؤخر الصلاة، أو لا تقوم بالسنن الرواتب، أو تنام على غير طهارة؛ هي أيضاً مطالبة بالتوبة من هذه الأشياء، وإذا كانت المسلمة التي تنام على غير طهارة، أم لا تتنفل السنن الرواتب مطالبة بالتوبة، فما بالنا بمن ينام على أصوات المغنيين والمغنيات، والعياذ بالله؟!

وما بالنا بمن يسهر على مشاهدة المسلسلات الهابطة المدمرة للدين، والأخلاق، والعفاف، والطهارة؟! ما بالنا بمن لا يصلي الفريضة حتى يخرج وقتها انشغالاً بالتوافه من الأمور؟! أو لأنه نائم، ولم يستعد لهذه الصلاة، ولم يرفع بها رأساً؟! أو لغير ذلك من الأسباب؟!

فكل واحد منا محتاج إلى التوبة، وفي سنن الترمذي وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون}.

توبة الأنبياء

والأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كانوا يتوبون إلى الله عز وجل، فهذا آدم أبونا يقول الله تعالى عنه: ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى [طه:122].

وآدم وحواء يقولان: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23] ونوح عليه السلام يقول ذلك، ومحمد صلى الله عليه وسلم يستغفر الله في اليوم والليلة أكثر من مائة مرة؛ ويقول في صلاته: {اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد} ويقول: {سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي}.

ويقول: {اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي} ويقول: {اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، أنت المقدم وأنت المؤخر أن إلهي لا إله إلا أنت} وهو سيد العابدين، وإمام المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين، ومع ذلك يتوب إلى الله هذا المتاب، ويستغفر الله هذا الاستغفار.

فما بالكِ أيتها الأخت المسلمة! بأمثالنا من العصاة الذين يُخطئون بالليل والنهار؟! والله عز وجل يفتح لهم أبواب رحمته ويقول لهم: {يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا؛ فاستغفروني أغفر لكم} ليس بينكِ وبين الله عز وجل إلا أن ترفعي رأسك إليه بصدق، وتقولي: "اللهم إني أذنبت فاغفر لي"؛ فيغفر الله عز وجل لكِ. وفي الحديث الصحيح: {أن رجلاً من بني إسرائيل أذنب ذنباً، فقال: اللهم إني أذنبت فاغفر لي، فغفر الله له، ثم وقع في الذنب مرة أخرى فقال: اللهم إني أذنبت فاغفر لي، فغفر الله له، ثم أذنب مرة ثالثة، فقال: اللهم إني أذنبت فاغفر لي، فغفر الله عز وجل له، وقال: عبدي علم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، افعل ما شئت فقد غفرت لك!}.

فأين العصاة من باب الله عز وجل، هذا الباب الذي لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها.

خوف المؤمن وجراءة المنافق

وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول: [[إن المؤمن يرى ذنوبه كرجلٍ في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، أما المنافق فإنه يرى ذنوبه كذبابٍ وقع على أنفه لو فعل بيده هكذا وحركها لطار]].

انظري أيتها المسلمة! المؤمن يخاف الله عز وجل، ويحافظ على الصلاة، ويقرأ القرآن، ويحفظ عرضه، ويحفظ لسانه، ويحفظ جوارحه من المعاصي، ومع هذا كله إذا وقع في ذنب ولو يسيراً؛ أحس بأن هذا الذنب كالجبل العظيم يخشى أن يقع على رأسه في كل لحظة؛ وذلك لأن قلبه حي وروحه مشرقة، وهو يعرف عظمة الله عز وجل وعظيم حق الله، ويعرف ما أعد الله للطائعين من الجنان والنعيم، وما أعد للعاصين من النكال والجحيم، فيخاف من ذنوبه مهما قلَّت، وعلى الضد من ذلك المنافق، الذي لا يخاف الله عز وجل، ولا يستحي من الناس؛ فإن هذا المنافق يرى ذنوبه مهما عظمت، -ومهما كبرت حتى لو وقع في الفواحش والجرائم والموبقات- يرى أنها يسيرة، فهي مثل ذباب وقع على أنفه، فدفعه بيده فطار هذا الذباب، فكل من أحس بالتوبة ووجوبها وخطرها، فهو أقرب إلى الإيمان وكل من قال: ماذا فعلت حتى أتوب؟! فهو أقرب إلى النفاق.

وفي صحيح البخاري أيضا عن ابن أبي مليكة أنه كان يقول: [[أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه]].

اسألن -أيتها المسلمات- أنفسكن: من منكن تخاف النفاق على نفسها؟ قليل، وربما لا يوجد، لكن أبو بكر، وعمر، وعثمان بن عفان، وعلي، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر وفلان وفلان.. من الذين يحيون الليل في القيام ويحيون النهار في الجهاد والصيام، ومن الذين شُهد لهم بالجنة يخافون على أنفسهم النفاق، ومهما يكن الإنسان قد فعل من الأعمال الصالحة، فيجب أن يدرك حاجته إلى التوبة؛ ولذلك علمنا الله عز وجل إذا انتهينا من الحج أن نستغفره: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:198-199] ويقول سبحانه: وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ [آل عمران:17] قال أهل العلم: هؤلاء قوم أحيوا الليل بالعبادة والقيام، فإذا كان السحر استغفروا الله عز وجل، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن ينصرف من صلاته يقول قبل أن يلتفت إلى المأمومين: {أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام!} كما في حديث عائشة وثوبان رضي الله عنهما في صحيح مسلم فكان يستغفر بعد الفعل الصالح، وإذا كان الإنسان مطالباً بالاستغفار بعد الطاعة: بعد الحج، بعد الصوم، بعد الصلاة، بعد قيام الليل، بعد الصدقة، فما بالكِ أيتها المسلمة بمن يقع في المعصية؟! في التقصير، في النظر الحرام، في الكلمة الحرام، في الخطوة الحرام.. في الكتابة الحرام، في القراءة الحرام، في المشاهدة الحرام، لا شك أنه أحوج وأحوج إلى أن يكون موصولاً بالله عز وجل ويكثر من الاستغفار؛ فإن الشيطان يقول: أحرقت بني آدم بالمعاصي، وأحرقوني بالاستغفار.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5155 استماع
حديث الهجرة 5026 استماع
تلك الرسل 4157 استماع
الصومال الجريح 4148 استماع
مصير المترفين 4126 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4054 استماع
وقفات مع سورة ق 3979 استماع
مقياس الربح والخسارة 3932 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3874 استماع
العالم الشرعي بين الواقع والمثال 3836 استماع