خطب ومحاضرات
لقاء في الخرج
الحلقة مفرغة
قال الشيخ الدكتور: عبد العزيز حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
أيها الأحبة في الله: نرحب بكم جميعاً في هذا المكان الطيب الذي اجتمعتم فيه، في الله ومن أجل الله، ويسرنا أن نرحب بعلامة القصيم الشيخ الهمام، صاحب القلم السيال، والسحر الحلال، إنه سلمان بن فهد العودة صاحب البيان والجودة، وهو غني عن التعريف، ولولا أنني أخشى أن يغضب؛ لزدتكم شيئاً من صفاته، ولكني أعلم أنه لا يرغب، فأنـزل عند رغبته، وأدعو له بالثبات والتوفيق، وأن يحفظه في حلِّه وترحاله، وأن يصلح نيته، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأن يشملنا جميعاً برحمته التي وسعت كل شيء، ونحن شيء.
يا أحبتنا في الله! لا شك أن الدعوة مطلب عظيم، ووظيفة مهمة جداً، تبنتها الأنبياء منذ خلق هذا الإنسان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
قامت الأنبياء بالدعوة إلى الله، وبلغت الرسالة، وأدَّت الأمانة، حتى ختموا عليهم الصلاة والسلام بسيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وقد رزقه الله بأصحاب هم أفضل الأمم بعد الأنبياء، قاموا بالدعوة خير قيام حتى صارت راية الإسلام خفَّاقة في الآفاق -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- ولقد تبنوا الدعوة وضحوا تضحيات منقطعة النظير؛ فتركوا ديارهم، وأموالهم من أجل الدعوة إلى الله، وانتقلوا إلى الديار، ووصلوا إلى أكثر الأمصار؛ من أجل تبليغ دعوة الله؛ لعلمهم التام أن هذه الدعوة تجارة رابحة مع الله، وأن من اهتدى بسبب دعوتهم؛ فإنهم سينالون مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئاً، وقال تعالى: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد:21].
شروط الدعوة إلى الله
الأول: أن يكون مستنداً إلى شيء من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن يقصد به وجه الله، فقد يقصد بالعمل وجه الله (100%)؛ لكنه مخالف للكتاب والسنة، فيصير هذا العمل بدعياً وإن كان خالصاً، وبالتالي يكون مردوداً؛ لأنه ليس على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} وقد يأتي العمل مطابقاً للوحيين (100%)، ولكن لا يقصد به وجه الله؛ فيصير شركاً، أو رياءً، فيكون عملاً غير مقبول.
واجب الدعاة
وليس معنى كلامي هذا أنني أمنع النقد البناء، والنصيحة الطيبة، بأن يسديها هذا الناصح وهذا الداعي إلى أخيه بتفهم وحب للخير، وبأسلوب لطيف، وأن يثني عليه -على صاحب هذا التقصير- بعمله، ويقول: كذا:
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط |
ثم يهدي له الأخطاء، فالرجل العاقل سيدعو لمن ينبهه ويقول: رحم الله من أهدى إلينا خطايانا.. أما أن يأخذ الإنسان على رءوس الأشهاد وينتقده؛ فهذا لا ينبغي.
الناس ليسوا معصومين.. العصمة للأنبياء، وحتى أتباع الأنبياء ليسوا بمعصومين، كما قال الإمام مالك رحمة الله عليه: كلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر، ويقصد به النبي صلى الله عليه وسلم.
فالهدوء في الدعوة أمر طيب، وإن حصل اختلاف؛ لا نأخذ في الصياح والتنابز بالألقاب؛ لأن الشيطان يدخل في هذه الحالة، فإذا اختلفنا في شيء نرده إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا لم نستطع أن نستخرج الحكم من الكتاب والسنة، نرجع إلى أهل الذكر وأهل العلم المعتبرين، ونحن -والحمد الله- بلادنا تعج بهم وهم على كثرة ووفرة، ويتمتعون بالصبر، والحلم، والأناة، والأخلاق الكريمة، وعلى رأس هؤلاء: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وأمد في عمره، ورزقه الأعوان الناصحين، والمستشارين المخلصين، فنرجع إلى العلماء ونستفتيهم، ثم ننتهي إلى الفتوى.
أما أن يأخذ بعضنا يسب البعض الآخر، والآخر يقول: كذا، والآخر يشنع على أخيه، ويتلمس الأخطاء -والأخطاء كثيرة- والجماعات الإسلامية مقصدها الخير، قد يتبنون أمراً ما، ليس فيه خلاف أو لا دليل عليه إنما اجتهدوا فيه، وقالوا مثلاً: أنه من المصالح المرسلة، أو شيء من هذا؛ فإنهم مجتهدون في هذا، ولكنهم لم يحظوا بالصواب في هذا الاجتهاد.
فتناقش المسألة بالهدوء، ويكون القصد الوصول إلى الحق؛ لا أن يكون القصد أن القضية انتصار، ويهمني أن أنتصر فقط مهما كلف الأمر! لا، أناقش وأنا هدفي الحق، وهدفي الوصول إلى الحق، فمتى ظهر لي الحق ألتزم به، والحق ضالة المؤمن.
الذي أوصي إخواني به -ولست بأعرف منهم- أن يقوموا بالدعوة على هدي من كتاب الله عز وجل ومن هدي رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن يقصدوا بذلك وجه الله عز وجل؛ حتى تكون هذه الدعوة صواباً، وسائر الأعمال أيضاً تحتاج إلى هذا؛ فلا بد أن يرتكز العمل على أساسين:
الأول: أن يكون مستنداً إلى شيء من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن يقصد به وجه الله، فقد يقصد بالعمل وجه الله (100%)؛ لكنه مخالف للكتاب والسنة، فيصير هذا العمل بدعياً وإن كان خالصاً، وبالتالي يكون مردوداً؛ لأنه ليس على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} وقد يأتي العمل مطابقاً للوحيين (100%)، ولكن لا يقصد به وجه الله؛ فيصير شركاً، أو رياءً، فيكون عملاً غير مقبول.
والمطلوب من الدعاة: أن يتحسسوا أمراض الأمة، ويعالجوها بتأني وحكمة؛ ولكن البعض من الدعاة، أو من بعض أصحاب المناهج المختلفة قد يُشِّمر عن ساعد الجد والاجتهاد، فيتتبع أخطاء وتقصير إخوانه، ثم ينتقدهم علانية، ويقصد أن يتنقص من شأنهم، ويصرف الأنظار عنهم، وهذا العمل لو تعلم عنه الدول الكافرة؛ لشجعت من يقوم به خير تشجيع؛ ولأعطتهم الهدايا السخية، مكافأة لهم على ما يفعلون؛ لأنهم اشتغلوا ببعضهم البعض دون المعادين، والمعاندين، والمخالفين.
وليس معنى كلامي هذا أنني أمنع النقد البناء، والنصيحة الطيبة، بأن يسديها هذا الناصح وهذا الداعي إلى أخيه بتفهم وحب للخير، وبأسلوب لطيف، وأن يثني عليه -على صاحب هذا التقصير- بعمله، ويقول: كذا:
من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط |
ثم يهدي له الأخطاء، فالرجل العاقل سيدعو لمن ينبهه ويقول: رحم الله من أهدى إلينا خطايانا.. أما أن يأخذ الإنسان على رءوس الأشهاد وينتقده؛ فهذا لا ينبغي.
الناس ليسوا معصومين.. العصمة للأنبياء، وحتى أتباع الأنبياء ليسوا بمعصومين، كما قال الإمام مالك رحمة الله عليه: كلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر، ويقصد به النبي صلى الله عليه وسلم.
فالهدوء في الدعوة أمر طيب، وإن حصل اختلاف؛ لا نأخذ في الصياح والتنابز بالألقاب؛ لأن الشيطان يدخل في هذه الحالة، فإذا اختلفنا في شيء نرده إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا لم نستطع أن نستخرج الحكم من الكتاب والسنة، نرجع إلى أهل الذكر وأهل العلم المعتبرين، ونحن -والحمد الله- بلادنا تعج بهم وهم على كثرة ووفرة، ويتمتعون بالصبر، والحلم، والأناة، والأخلاق الكريمة، وعلى رأس هؤلاء: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وأمد في عمره، ورزقه الأعوان الناصحين، والمستشارين المخلصين، فنرجع إلى العلماء ونستفتيهم، ثم ننتهي إلى الفتوى.
أما أن يأخذ بعضنا يسب البعض الآخر، والآخر يقول: كذا، والآخر يشنع على أخيه، ويتلمس الأخطاء -والأخطاء كثيرة- والجماعات الإسلامية مقصدها الخير، قد يتبنون أمراً ما، ليس فيه خلاف أو لا دليل عليه إنما اجتهدوا فيه، وقالوا مثلاً: أنه من المصالح المرسلة، أو شيء من هذا؛ فإنهم مجتهدون في هذا، ولكنهم لم يحظوا بالصواب في هذا الاجتهاد.
فتناقش المسألة بالهدوء، ويكون القصد الوصول إلى الحق؛ لا أن يكون القصد أن القضية انتصار، ويهمني أن أنتصر فقط مهما كلف الأمر! لا، أناقش وأنا هدفي الحق، وهدفي الوصول إلى الحق، فمتى ظهر لي الحق ألتزم به، والحق ضالة المؤمن.
وسائل الدعوة كثيرة ووفيرة، فكل واحد يقوم بالدعوة في محيطه؛ فالموظف يقوم بالدعوة أمام زملائه، والرجل يقوم بالدعوة في بيته، وإمام المسجد في حيِّه وهكذا، فلا نحتقر شيئاً من الدعوة؛ كتاب أو كتيب صغير يوزع، شريط يوزع، نصيحة تسدى، زيارة لمقصر في بيته، رسالة توصل إليه، وهكذا.. بالحكمة واللطف، وأن يقصد هذا الإنسان إيصال الخير إلى الغير، ويتتبع الصواب، والذي ليس عنده علم في المسألة يسردها إلى من عنده علم، أو يطلب الفتوى في هذه المسألة، ويقول: فيها كذا، أو فيها كذا، وإن شاء الله أهل العلم -ولله الحمد- متوافرون في كل مكان، وفيهم الخير والبركة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما فيه الخير والسداد، اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، والتفرق من بعده تفرقاً معصوماً، اللهم لا تجعل فينا شقياً ولا محروماً يا حي يا قيوم.
اللهم اشملنا برحمتك التي وسعت كل شيء، يا أرحم الراحمين ارحمنا، اللهم وفق ولاة أمورنا لما فيه الخير والصلاح والنجاح، اللهم ارزقهم المستشارين المخلصين، الناصحين الذين يذكرونهم إذا نسوا، ويعينونهم إذا ذكروا، اللهم انصر المجاهدين المسلمين في كل مكان، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم يا حي يا قيوم.
اللهم من أرادنا بسوء فأشغله في نفسه، واجعل تدبيره عائد إلى تدميره. اللهم رد بيت المقدس إلى المسلمين وما جاوره من الأرض إلى أهلها الشرعيين، وانصر اللهم المجاهدين المسلمين في كل مكان يا حي يا قيوم. اللهم إنا نعوذ بك من شرور الأشرار ونجعلك في نحورهم فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:137].
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى أهله وصحبه وسلم، وأشكركم على أن قدمتموني ولست بأحسنكم، ونتمنى للجميع أمسية طيبة مباركة، ولا شك أن نعتبرها فرحة، والإخوة يعتبرون -أيضاً- ذلك فرحة بمقدم الشيخ -جزاه الله خيراً- ونفعه ونفع به، وثبتنا وإياه على الصراط المستقيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال مقدم اللقاء حفظه الله :
جزى الله فضيلة الشيخ الدكتور: عبد العزيز خير الجزاء على هذه الكلمة الضافية الوافية، ونسأل الله سبحانه وتعالى، أن ينفعنا وإياكم بما قال.
قصيدة ترحيبية للأستاذ: عبد الله العسكر :
لا شك أيها الإخوة: أن مثل هذه التوجيهات هي إحدى ثمرات مثل هذا اللقاء وغيره من اللقاءات.. لا شك وأن الجميع فرحٌ بهذا اللقاء ومسرور به.
ونيابة عن أهالي الخرج، الأستاذ عبد الله العسكر: يقدم قصيدة ترحيبية للحضور فليتفضل.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أيها الشيخ الفاضل، أيها المشايخ الفضلاء: أرحب بكم أجمل ترحيب وأعطره، وأحييكم في هذه الليلة المباركة؛ التي فرح الجميع -بلا شك- فيها بفضيلة الشيخ سلمان -حفظه الله- وأيده، وكثر من أمثاله.
أيها الشيخ الكريم: إنك لو فتحت ما في قلوبنا جميعاً؛ لرأيت حبا عظيماً ومحبةً وتقديراً، وما ذاك إلا حباً في الله -إن شاء الله-.
وما نحبك أيها الشيخ، إلا لما نعلمه عنك من صدق -نحسبك كذلك والله حسيبك- ونسأل الله عز وجل أن يثبتنا وإياك على طريقه المستقيم.
القصيدة هي بعض ما يدور في الخاطر، وهي ذرة من مجموعة أو من حب عظيم يدور في خلجاتنا جميعاً.
فاسمع منا أيها الشيخ، وتجاوز عما فيها، وما عهدناك إلا كريماً:
سلمان حلَّ فقم يا شعر ملتهباً وانثر حروفكَ في دنيا الهنا شُهبا |
وابعثْ قصائدك الغرَّاء مُنتشياً تُعانق النجم تروي السهلَ والْهضبا |
هذي القوافي أتيتُ اليوم أُحكِمُها ففاضَ شعري على الأوراقِ وانسكبا |
ما صُغتها راجياً شكراً ومَكْرُمةٌ وما أردتْ بِها مالاً ولا ذهبا |
لكنَّها فرحةٌ في القلبْ قد لَجِبَت فَرُحْتُ أكتبُ ما في القلبِ قد لَجِبَا |
فهَاهُنا في بلادِ الخرج شرفَنَا شيخٌ على صهوةِ الأمجادِ قد وَثَبَا |
أبا معاذ رعَاكَ الله يا رجلاً بِهِ تألقَ فجرٌ وانتشىَ طَربَا |
هذا هو الخرج قد حيَّاك مبتهجاً فَلا تلُمه إذا ما مَاجَ واضطرَبَا |
جحافلٌ قد أتتْك وكلُها لهفٌ أتتْ إليكَ تحيي العلمَ والأدبَا |
هذا هو الجيلْ ظمآنٌ به عطشٌ فلْيَشْرَبِ الْعلمَ منكمْ صافياً عَذِبَا |
وهذه زمرٌ مِنْ خَلْفِهَا زمرٌ فَسِرْ بِها نحو فجرٍ لاحَ واقْتَربَا |
نُرِيدُها وثْبَةً لله خَالصَةً لَعلْنَا نُرْجعُ الْمجدَ الذي ذَهَبَا |
نريدها عودة بيضاء ناصعة تأسياً باسمكم لا تعرف الشوبا |
نُريدُهَا صَحوةً يُقُودُهَا مَعْشَرٌ أفْعَالَهُم تَسْبِقُ الأقوالَ والْخُطَبَا |
فقد ملِلْنَا قَراراتٍ ومُؤتَمَراً وقدْ سَئِمْنَا كلاماً يَمْتَلِيْ كَذِبَا |
فنحنُ مَنْ أمةٍ تَهْوَى الْجِهَادْ هوىً قد خالَطَ الْلحمَ والأحشاءَ والعَصَبا |
سَلْ الْمَشَاهدَ عَنَّا إنَّنَا صُبَرٌ في الْحَربِ نَسْتَسِهِلُ الأهوالَ والْكُرَبَا |
بدرٌ وحطينْ والْيرموكُ تَعْرِفُنَا والْقادسيةَ سَلْهَا تَسمعَ العَجَبَاَ |
نحنُ الذينَ سَقَيْنَا الْمجدَ مِنْ دَمِنَا مَجدَاً عَلَونَا بِهِ الأنواءَ والسُحُبَاَ |
نَسْتَلْهِمُ الْحقَ مِنْ يَنْبُوعِ شِرْعَتِنَاَ وَنَبْعُهَاَ مُغْدِقٌ مَاَ جَفَّ أوَ نَضُبَاَ |
سعد وعمرو وخباب ومعتصم أَنْعِمْ بِهِمْ سَادةً وقادةً نُجُبَاََ |
يا أيُّها الشيخُ عُذْراً إنْ نَبَا قَلَمِي فَإنَّ في الْقلبِ مَاَ قدْ يملأُ الْكُتُبَاَ |
كتبتُ شِعراً مِنْ الأعماقِ أَنْفُثُهُ لأَنَّنِي مُوقِنٌ أنَّ الضِيَاْ قَرُبَاَ |
غّداً نعيدُ إلى الأقصىَ كَرَامَتُهُ ونُرجِعُ القدس والجولان والنقبا |
صوتُ الأذانِ بـروما سَوفَ نَسْمَعُهُ وذاكَ وعدٌ من المختارِ مَاَ كَذَبَاَ |
وسوفَ نَدخلُ بالرَاَيَاتِ أندلساً لِنَحْطِمَ الْكُفْرَ والأصنامَ والصُلُبَاَ |
غداً بـمدريد نَتْلُوْ آي خَالِقِنا وسوفَ يَا شيخْ نُعْلِيْ الْبِيضَ واليَلَبَاَ |
فارْفَعْ يَديكَ إلى الرحمنِ مُبْتَهِلاً مَاَ خَابَ مَنَ سَألَ الرحمنَ أوْ طَلَبَاَ |
والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيك، وأكثر الله من أمثالك، ونسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعناه.
قصيدة عن البوسنة والهرسك للأستاذ: عبد الله العسكر.
هذه القصيدة قلتها عندما سيطرت الدول الغربية بعد حرب الخليج، وعندما تبين ما فعلته في البوسنة والهرسك من تخاذل كشف ما يسمى "بالقانون الدولي، والنظام الدولي الجديد" ومن وجد فيها شيئاً من المبالغة فهي شعر، والشعر إذا لم يكن فيه مبالغة، وشيء من الإثارة فهو نثر.
فلذلك أرجو من المشايخ، والإخوان الذين قد يعتبون عليها، لذلك أن يمروا بها مر الكرام، وأن يستروا عورها:
سراييفو الجريحة سامحينا إذا قلنا لعلك تسلمينا |
إذا كانت إغاثتنا هباء دواء أو غذاء أو أنينا |
نرجي هيئة الأمم التفاتاً وقد كاد الأمين بأن يخونا |
ولو كنتم يهوداً أو نصارى وجدتم مجلس الأمن المعينا |
وغطت جوكم أسراب حرب تدمر من قنابلها الحصونا |
ولو كنتم خليجاً سال نفطاً لزمجر بوش إنا قادمونا |
وندد بالكوارث والمآسي وأجهش يذرف الدمع الثخينا |
وأقنع مجلساً للأمن يدعى وطوع كيده روسا وصينا |
هو القانون أعور حين يهوى فيبصر جانباً ويتيه حينا |
فأغضا عن أسى البلقان جفناً وأبصر في الخليج البائسينا |
ولم ير في الخليج دماء شعب ولكن أبصر النفط الثمينا |
وخمر النفط تسكر كل صاح وتمنح كل ذي عقل جنونا |
فمن في عينه منا غيوم رأى في الصرب ما فتح الجفونا |
أدرتم في الخليج رحى حروب تدور على جماجمنا طحونا |
وما جئتم لقانون وحق ولا لحماية المتوسلينا |
ولكن قلتمُ هبت رياح ألا نذروا بها سماً دفينا |
ندمر بيتهم ونقول نحمي بأسلحة ومالاً يجمعونا |
فهل هذي النهاية أم ستأتي فصول رواية عنها عمينا |
ولو كان الخليج بغير نفط لأمسى مِن تدخُّلكم أمينا |
تجرون الحليف لكل فخ لكي يبقى بأيديكم رهينا |
فلا حلفاؤكم عرفوا طريقاً ولا أنصفتموا منهم خدينا |
نصبتم في الخليج فخاخ مكر ليخنع في إساركمُ حزينا |
فيصبح شعبنا بقراً حلوباً وصيداً في شباككمُ سمينا |
فتبنون الحضارة في رباكم وفوق ظهورنا نبني ديونا |
زرعتم فتنة سقيت بظلم فجاء حصادها حقداً دفينا |
رفضتم في الجزائر حكم شورى وأيدتم بها جيشاً تخينا |
فصارت دولة الشورى حراماً علينا إن رعت خلقاً ودينا |
تريدون الحكومة مثل غرب أكنا في حضارتكم بنينا |
لنا خلق وللإفرنج خلق أيفرض دينه حتى ندينا |
لنا مثل وللغربي مثل وما كل الحضارة من أثينا |
نظامكم الجديد إذاً يرانا قطيعاً في المسارح أو زبونا |
شعوب الغرب ساستكم دهتكم ونحن بساسة منا بلينا |
فلا في الرأي قادتنا أصابوا ولا رؤسائكم صدقوا ظنونا |
وكان الشعب فيكم أهل شورى وكان الشعب فينا مستكينا |
جهلتم مرة أخرى جهلتم كما جهل الصليبيون حينا |
لماذا أيها الرؤساء فينا نشرتم خزيكم في العالمينا |
تراضيتم فأخفيتم بلايا وأبدى الخلق سركمُ المصونا |
فكفر بعضهم بعضاً وآخى صليبياً وصهيوناً لعينا |
تفرقتم إلى عرب وعجم وسودتم مذل المسلمينا |
نقضتم عروة ما بين عُرب وعادى كل ذي قِرن قرينا |
تشرذمتم إلى يمن وشام وأمسيتم يساراً أو يمينا |
تفرقتم على واد ومرعى وأجمعتم محبة قاتلينا |
تعارضت المصالح والمبادي فمد عدوناً كفي أخينا |
تشعبتم إلى مُلاَّك نفطٍ وقحط دمر الدنيا ودينا |
فيسكن في المقابر بعض قوم وفوق السُّحْب يلهو آخرونا |
ومات من المجاعة بعض شعب وهدت بطنة رهطاً بطينا |
أيا قتلاً بسيف قد سقلتم بمال قد أضعتم حدثونا |
أما للعرب صار لهم دماراً وصار سلاحهم لهمُ منونا |
فيا حرب البسوس ألا سلاماً لقد عدنا لفخرك باعثينا |
و حزب البعث شق لنا قبوراً لحدنا مجدنا فيها دفينا |
فهب أن الكويت لكم حلال أتنطح صخرة كسرت قرونا |
ويا حكام أندلس سلام فقد كنتم لنا سلفاً رصينا |
أيا عرب الخلاف ألا ائتلاف وقد صرتم حديث الشامتينا |
تنادوا للتصالح قبل يوم تعضون الأصابع نادمينا |
غداً إن جف حقل النفط تبقى حقول الحقد بركاناً سجينا |
ذروا نبش العداوة فهْي نار ستحرق نابشيها أجمعينا |
وهل أمريكيا في كل خطب ستبني حولكم سوراً حصينا |
ألا يا عرب أندلس أفيقوا أما فتق الصباح لكم عيونا |
لماذا أيها الحكام فينا تفرقتم يساراً أو يمينا |
وأجمعتم على شكوى شباب تدين بعد أن عرف اليقينا |
فبعض إن تفرنج قيل مرحا وآخر من تدينه أهينا |
أصار الكفر والتغريب علماً وصار العري والبالي فنونا |
مباح أن ترى فخذاً ونهداً ويحرم أن ترى جسداً مصونا |
فللفساق قد فتحوا الملاهي وللعباد قد فتحوا سجونا |
وما عاد التطرف غير رفض لـعلمانية نشرت مجونا |
ترون منابر الآراء عنفاً أليس العنف قتل الواعظينا |
وما الإرهاب إلا رد عنف على قهر رعاه الحاكمونا |
تريدون الديانة حفظ نفس ونصاً لا يحرك خاملينا |
وليس الدين مسبحة وذكراً وهزاً للرءوس ولا سكونا |
ولكن نهضة تحيي وتغني وتحمي عند نكبته عرينا |
تعالوا صافحوا جيلاً جديداً يريد وقد أفاق بأن يكونا |
وهاتوا بالحوار رشيد رأي يقارع غامضاً حتى يبينا |
فإن الرأي ينضج بعد بحث كما أخصبت بالمحراث طينا |
أيا عرب التخلف هل وعيتم من النكبات درس الذاكرينا |
فمن رام الحياة بغير فكر تبدد في عواصفها طحينا |
ومن حفظ الحضارة لمع نفط لقد أهوى به حتى يهونا |
ومن ظن الحضارة في سلاح فقد أضحى به يوماً طعينا |
ومن حسب الحضارة في المباني فقد ظن الورى حجراً وطينا |
فلن تبني بها رأياً حكيماً ولو ربيت مخلوقا سمينا |
فليس حضارة زرع وصنع إذا لم تبنِ إنسانا رصينا |
وما شاد الحضارة غير عقل تحرر مستنيراً مستبينا |
ولا يبني العقول سوى حوار وشورى تقتل الرأي الهجينا |
ولا يبني الحضارة غير شعب تساوى الناس فيه أجمعينا |
فلا أمراؤه نالوا امتيازاً ولا أحراره صاروا قطينا |
أسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم التوفيق والسداد، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيراً.
نعم: مسبحة بكف -جزاك الله خير-، هذا التعديل من أفضل التعديلات؛ لأن كلمة (ذكر) كان فيها نظر جزاكم الله خيراً.
قال مقدم اللقاء حفظه الله:
لا فض الله فاك وجزاك الله خيراً.
وفي الختام كلمة للشيخ عبد الرحمن الصغير مندوب الدعوة والفتاوى في الخرج:
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5155 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |