تفسير سورة النحل (16)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، حقق اللهم رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك. آمين.

وها نحن مع سورة النحل، ومع هذه الآيات المباركات الكريمات:

أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل:79-83].‏

ثمرات الآيات القرآنية المذكرة بنعم الله تعالى

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه الآيات القرآنية ثمرتها إيجاد الإيمان الصحيح، وثمرتها بعد إيجاد الإيمان الصحيح طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وثمرة طاعة الله ورسوله سعادة الدارين، والكمال فيهما، كما أن الكفر موت والأموات هلكى لا يكملون ولا يسعدون.

هذه الآيات الكريمة من سورة النحل المكية، ومكة يوم نزلت هذه السورة وغيرها من السور المكيات كان أهلها كفارًا مشركين، فهي تخاطبهم بما ينبغي أن يعلموه ويعرفوه؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم يطرحون بين يدي الله، يأمرهم فيفعلون، وينهاهم فيتركون، إلى أن يكملوا ويسعدوا في هذه الدنيا، ثم كمالهم وسعادتهم في الدار الآخرة، كمال السعادة الحق.

توبيخ المشركين لعدم تفكرهم في تسخير الله تعالى الطير في جو السماء

يقول تعالى موبخاً مقرعاً: أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ [النحل:79]، أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ [النحل:79]، والطير: جمع طائر، وهو اسم جنس يدخل فيه كل طائر، كبيراً كان أو صغيراً، في أي مكان كان، وقد سمي الطير طيراً لأنه يطير في الجو، أَلَمْ يَرَوْا [النحل:79] بأعينهم، إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ [النحل:79]، أي: مذللة في جو السماء، من خلقها؟ أيستطيع أحد أن يقول: العزى أو مناة أو هبل أو عيسى أو مريم؟ من ذللها؟ من سخرها في جو السماء؟ ثم كيف تطير وتضم أجنحتها وتمسكها وتصف صفوفاً وتطير؟ هذه وحدها آية تقول: اشهدوا أن لكم رباً وإلهاً لا إله غيره ولا رب سواه، فتعرفوا عليه، وتقربوا إليه بالطاعة والعبادة، ومن سورة الملك: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ [الملك:19]، أي: أجنحتهن، مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ [الملك:19]، هذه وحدها كافية لمن كان له عقل يعقل الأشياء ويفكر فيعرف أننا مربوبون مخلوقون، وأن خالق هذه الكائنات هو إلهنا وربنا الذي لا رب لنا سواه.

أَلَمْ يَرَوْا [النحل:79] رؤية بصرية، إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ [النحل:79]، مذللات، فِي جَوِّ السَّمَاءِ [النحل:79]، أي: ما بين الأرض والسماء، وهذا هو الجو، مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ [النحل:79]، لا عمود ولا خشبة ولا حبل، من يمسكها في الجو؟

إنه الله: مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ [النحل:79] عز وجل حسب سنته في خلقه وتدبيره في ملكوته، هل يستطيع أحد أن يقول: سيدي فلان هو الذي يمسكها، أو نبي الله فلان يمسكها؟ فضلاً عن أن يقولوا: اللات، أو العزى أو صليب يمسكها، لم يبق إلا كلمة (الله)، فلا إله إلا الله، ومن نزل عليه هذا الكلام يتلوه علينا ويقرؤه كيف لا يكون رسول الله؟! مستحيل أن يكون غير رسول الله، فكيف يكذبون برسالته والرسالة بين أيديهم، عجبًا! ولكنه مكر الشياطين.

أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ [النحل:79]، فما أقلك فهو أرض وما أظلك فهو سماء، أي: العلو، فما يمسكهن -والله- أحد إلا الرحمن جل وعز.

انتفاع المؤمن دون غيره بآيات الله تعالى الكونية

قال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ [النحل:79] الذي سمعتم، فيه ماذا؟ لَآيَاتٍ [النحل:79]، علامات، كل علامة تدل على أنه لا يعبد بحق إلا الله، وعلى أن من نزلت عليه هذه الآيات رسول الله، وأن البعث الآخر حق، فيا عباد الله اعبدوا ربكم؛ لتكملوا وتسعدوا، ولكن خص بالآيات المؤمنين: لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل:79]؛ لأنهم أحياء.

ما زلت أقرر أن المؤمن حي، بدليل أنه يسمع النداء ويجيب، يمتثل الأمر فيفعل والنهي فيترك، والكافر ميت لا يجيب نداء، فلا يفعل أمراً ولا يترك منهيًا، ميت لا يعقل ولا يفكر، كيف تعيش أوروبا واليابان والصين والروس وأمريكا على سطح هذه الأرض وهم يشاهدون الطير؟ أما يسألون: لم خلق هذا الطير؟ من خلقه؟ لم لا يسألون؟ يخافون أن يقال: الله، فآمنوا به، يقولون: لا. أتريدون أن تعطلوا حياتنا في الأكل والشرب والشهوات؟ والله ما هو إلا هذا السبب.

مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ [النحل:79]، الذي رأيتم بأعينكم، لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل:79]، أما الملاحدة، أما العلمانيون، أما الكفرة المشركون فلا يجدون في ذلك آية ولا يبصرون، عميان، أموات، وأنت جالس يوضع بين يديك طعام أو شراب، أما تسأل: من أتى به؟ كيف وجد؟ فقط تأكل كالبهيمة، لا بد أنه جاء به واحد ووضعه بين يديك، وهم يقولون: الكون كله كان هكذا.. لا إله والحياة مادة! ألا لعنة الله عليهم من كفرة فجرة مشركين.

فهذه نعمة أم لا؟ هل الطير ما ننتفع منه، وما نستفيد منه؟ بل نستفيد منه الكثير، فهذه نعمة.

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه الآيات القرآنية ثمرتها إيجاد الإيمان الصحيح، وثمرتها بعد إيجاد الإيمان الصحيح طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وثمرة طاعة الله ورسوله سعادة الدارين، والكمال فيهما، كما أن الكفر موت والأموات هلكى لا يكملون ولا يسعدون.

هذه الآيات الكريمة من سورة النحل المكية، ومكة يوم نزلت هذه السورة وغيرها من السور المكيات كان أهلها كفارًا مشركين، فهي تخاطبهم بما ينبغي أن يعلموه ويعرفوه؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم يطرحون بين يدي الله، يأمرهم فيفعلون، وينهاهم فيتركون، إلى أن يكملوا ويسعدوا في هذه الدنيا، ثم كمالهم وسعادتهم في الدار الآخرة، كمال السعادة الحق.

يقول تعالى موبخاً مقرعاً: أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ [النحل:79]، أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ [النحل:79]، والطير: جمع طائر، وهو اسم جنس يدخل فيه كل طائر، كبيراً كان أو صغيراً، في أي مكان كان، وقد سمي الطير طيراً لأنه يطير في الجو، أَلَمْ يَرَوْا [النحل:79] بأعينهم، إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ [النحل:79]، أي: مذللة في جو السماء، من خلقها؟ أيستطيع أحد أن يقول: العزى أو مناة أو هبل أو عيسى أو مريم؟ من ذللها؟ من سخرها في جو السماء؟ ثم كيف تطير وتضم أجنحتها وتمسكها وتصف صفوفاً وتطير؟ هذه وحدها آية تقول: اشهدوا أن لكم رباً وإلهاً لا إله غيره ولا رب سواه، فتعرفوا عليه، وتقربوا إليه بالطاعة والعبادة، ومن سورة الملك: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ [الملك:19]، أي: أجنحتهن، مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ [الملك:19]، هذه وحدها كافية لمن كان له عقل يعقل الأشياء ويفكر فيعرف أننا مربوبون مخلوقون، وأن خالق هذه الكائنات هو إلهنا وربنا الذي لا رب لنا سواه.

أَلَمْ يَرَوْا [النحل:79] رؤية بصرية، إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ [النحل:79]، مذللات، فِي جَوِّ السَّمَاءِ [النحل:79]، أي: ما بين الأرض والسماء، وهذا هو الجو، مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ [النحل:79]، لا عمود ولا خشبة ولا حبل، من يمسكها في الجو؟

إنه الله: مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ [النحل:79] عز وجل حسب سنته في خلقه وتدبيره في ملكوته، هل يستطيع أحد أن يقول: سيدي فلان هو الذي يمسكها، أو نبي الله فلان يمسكها؟ فضلاً عن أن يقولوا: اللات، أو العزى أو صليب يمسكها، لم يبق إلا كلمة (الله)، فلا إله إلا الله، ومن نزل عليه هذا الكلام يتلوه علينا ويقرؤه كيف لا يكون رسول الله؟! مستحيل أن يكون غير رسول الله، فكيف يكذبون برسالته والرسالة بين أيديهم، عجبًا! ولكنه مكر الشياطين.

أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ [النحل:79]، فما أقلك فهو أرض وما أظلك فهو سماء، أي: العلو، فما يمسكهن -والله- أحد إلا الرحمن جل وعز.

قال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ [النحل:79] الذي سمعتم، فيه ماذا؟ لَآيَاتٍ [النحل:79]، علامات، كل علامة تدل على أنه لا يعبد بحق إلا الله، وعلى أن من نزلت عليه هذه الآيات رسول الله، وأن البعث الآخر حق، فيا عباد الله اعبدوا ربكم؛ لتكملوا وتسعدوا، ولكن خص بالآيات المؤمنين: لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل:79]؛ لأنهم أحياء.

ما زلت أقرر أن المؤمن حي، بدليل أنه يسمع النداء ويجيب، يمتثل الأمر فيفعل والنهي فيترك، والكافر ميت لا يجيب نداء، فلا يفعل أمراً ولا يترك منهيًا، ميت لا يعقل ولا يفكر، كيف تعيش أوروبا واليابان والصين والروس وأمريكا على سطح هذه الأرض وهم يشاهدون الطير؟ أما يسألون: لم خلق هذا الطير؟ من خلقه؟ لم لا يسألون؟ يخافون أن يقال: الله، فآمنوا به، يقولون: لا. أتريدون أن تعطلوا حياتنا في الأكل والشرب والشهوات؟ والله ما هو إلا هذا السبب.

مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ [النحل:79]، الذي رأيتم بأعينكم، لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل:79]، أما الملاحدة، أما العلمانيون، أما الكفرة المشركون فلا يجدون في ذلك آية ولا يبصرون، عميان، أموات، وأنت جالس يوضع بين يديك طعام أو شراب، أما تسأل: من أتى به؟ كيف وجد؟ فقط تأكل كالبهيمة، لا بد أنه جاء به واحد ووضعه بين يديك، وهم يقولون: الكون كله كان هكذا.. لا إله والحياة مادة! ألا لعنة الله عليهم من كفرة فجرة مشركين.

فهذه نعمة أم لا؟ هل الطير ما ننتفع منه، وما نستفيد منه؟ بل نستفيد منه الكثير، فهذه نعمة.

النعمة الثانية: يقول تعالى: وَاللَّهُ [النحل:80]، من هو الله؟ إنه ربنا، خالقنا، خالق الكون، والكائنات كلها، رافع السماوات، باسط الأرض، المحيي، المميت، المعطي، المانع، الضار، النافع، اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [طه:98]، ربنا ورب كل شيء، اسمه الأعظم: الله، فلهذا لا يحل لك أن تدخل باسم (الله) الحمامات والمراحيض وهو في جيبك ولا غيره من الأسماء.

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا [النحل:80]، السكن حيث تسكن، كالجدران الأربعة تحيط بك، وتسترك، فتنزل وتسقف المكان فيصبح سكناً لك، أي: هذه البيوت التي تسكنونها.

قد تقول: كيف جعلها الله، أنا بنيتها بيدي؟ فنقول: ويداك من صنعهما، وقدرتك وطاقتك من أوجدها والطين من أوجده، والماء من جاء به حتى تقول: أنا؟ الله خالق كل شيء، جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ [النحل:80]، التي تسكنونها وتستريحون فيها من التعب والقلق والحيرة.

معنى قوله تعالى: (وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتًا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم)

وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ [النحل:80]، المراد بالأنعام: الإبل، البقر، الماعز، الضأن، وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ [النحل:80]، ماذا؟ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ [النحل:80]، أي: يوم تنقلكم وسفركم من منطقة إلى أخرى طلباً للعشب ورعي الغنم، فالقباب والخيام هذه من جعلها؟ إنه الله. من أي مادة؟ من جلود الأنعام من صوفها ومن شعرها، من خلق الصوف والشعر؟ من أوجد هذه الأنعام؟ من يقول: سوى الله؟ لا إله إلا الله، جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا [النحل:80]، هي الخيام والقباب، تَسْتَخِفُّونَهَا [النحل:80] خفيفة، تحملها على البعير أو على السيارة، وتنصبها حيث شئت أن تنصبها، قبة أو خيمة، ما هي كالعمارة بالطين واللبن، تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ [النحل:80]، أي: ارتحالكم، إذ كانوا -وما زالوا- يتبعون المطر والكلاءة والعشب، فينصبون الخيام هنا، وبعد حين يرتحلون فينقلونها وينصبونها في مكان ثان، والآن حتى الجيوش عندها هذه الخيام، كل الدنيا تستخدمها.

معنى قوله تعالى: (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حين)

تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ [النحل:80] كذلك، وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا [النحل:80]، أي: وجعل لكم من أصواف الغنم وأوبار البقر وأشعار الماعز أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ [النحل:80]، الأثاث: الفرش. مم صنعت؟ أليس من الصوف والوبر والشعر؟ وما ذكر الكتان؛ لأن المنطقة هنا حال نزول القرآن ما كان فيها كتان ولا قطن، وهو يخاطب الموجودين والآيات تنزل، وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا [النحل:80] للبيت، وَمَتَاعًا [النحل:80] للسكن والاستراحة عليه، وللباس، إِلَى حِينٍ [النحل:80]، إلى فترة معينة ويبلى ويرمى، لكن ننتفع باللباس وبالفراش وبالغطاء زمنًا مؤقتاً إلى حين.

وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ [النحل:80]، المراد بالأنعام: الإبل، البقر، الماعز، الضأن، وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ [النحل:80]، ماذا؟ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ [النحل:80]، أي: يوم تنقلكم وسفركم من منطقة إلى أخرى طلباً للعشب ورعي الغنم، فالقباب والخيام هذه من جعلها؟ إنه الله. من أي مادة؟ من جلود الأنعام من صوفها ومن شعرها، من خلق الصوف والشعر؟ من أوجد هذه الأنعام؟ من يقول: سوى الله؟ لا إله إلا الله، جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا [النحل:80]، هي الخيام والقباب، تَسْتَخِفُّونَهَا [النحل:80] خفيفة، تحملها على البعير أو على السيارة، وتنصبها حيث شئت أن تنصبها، قبة أو خيمة، ما هي كالعمارة بالطين واللبن، تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ [النحل:80]، أي: ارتحالكم، إذ كانوا -وما زالوا- يتبعون المطر والكلاءة والعشب، فينصبون الخيام هنا، وبعد حين يرتحلون فينقلونها وينصبونها في مكان ثان، والآن حتى الجيوش عندها هذه الخيام، كل الدنيا تستخدمها.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة النحل (25) 4646 استماع
تفسير سورة النحل (4) 4017 استماع
تفسير سورة إبراهيم (9) 3704 استماع
تفسير سورة الحجر (12) 3620 استماع
تفسير سورة النحل (13) 3554 استماع
تفسير سورة النحل (3) 3512 استماع
تفسير سورة إبراهيم (12) 3469 استماع
تفسير سورة النحل (1) 3239 استماع
تفسير سورة الحجر (6) 3170 استماع
تفسير سورة النحل (8) 3067 استماع