تفسير سورة النحل (4)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، حقق اللهم رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك. آمين.

وها نحن مع سورة النحل، ومع هذه الآيات المباركات الكريمات:

قال تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ * إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ * لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [النحل:20-25].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! أعيد إلى أذهانكم أن السور المكية تعالج العقيدة في أعظم أركانها: التوحيد والنبوة والبعث الآخر، وهذا الذي تسمعونه من الآيات. ‏

تعدد القراءات في قوله تعالى: (يدعون)

قول ربنا جل ذكره: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [النحل:20]، قرأ عاصم ويعقوب : (يَدْعُونَ)، وقرأ عامة القراء (تدعون)؛ لأن السياق دال على (تدعون)، إذ الكلام مع مشركي قريش فيما سبق، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [النحل:19]، (والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون)، والقراءتان سبعيتان صحيحتان.

ضلال المشركين في دعائهم غير الله تعالى

قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [النحل:20]، الذين يدعون من دون الله هم المشركون، هم الكافرون، الذين ما آمنوا بالتوحيد الإلهي، ولا آمنوا بنبوة رسول الله، ولا آمنوا بالبعث الآخر والحياة الثانية، يخبر تعالى عنهم بما تسمعون: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ [النحل:20].

تلك الأصنام والتماثيل التي يدعونها، ودعاؤها هو عبادتها، إذ الدعاء هو العبادة ومخها، هؤلاء الذين يدعونهم لا يخلقون شيئاً، والله ولا ذبابة، فكيف إذاً يدعونهم؟ يطمعون فيهم ويطرحون بين أيدهم ويسألونهم حاجاتهم، وهم عاجزون عن خلق ذرة، أين يذهب بعقول بني الإنسان؟

لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا [النحل:20]، صغر أو كبر، قل أو كثر، وَهُمْ [النحل:20] أنفسهم يُخْلَقُونَ [النحل:20]، أي: مخلوقون. فالآية تنفر التنفير الكامل من الإقبال على غير الله في طلب حاجة، وأن من له حاجة لا يطلبها إلا من الله، أما مخلوقاته فإنها لا تملك شيئاً.

والدعاء يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الدعاء هو العبادة )، لأن العبادة: ذل وخوف وخشوع وخضوع وطمع ورغبة، تتجلى هذه كلها في الدعاء، إذا رفع المرء يديه يدعو تقول عنه:

أولاً: هذا فقير محتاج، ولولا أنه افتقر واحتاج ما رفع كفيه.

ثانياً: الذي رفع يديه إليه غني، عليم، حكيم، قادر على أن يعطيه.

ثالثاً: حين يناديه: يا رب! يدل على أنه موقن أن الله يسمع صوته ويعرف حاجته وفقره، ويقدر على أن يعطيه، يدل هذا على أنه ما رأى غير الله أبداً يقضي حاجته، وإلا لقال هكذا بيديه أو هكذا إلى اليمين أو الشمال، لكن هكذا فقط يرفعها إلى العلو، فلهذا كان الدعاء مخ العبادة، العبادة إذا سلب منها الدعاء ماتت، والدعاء هو العبادة.

فها هو ذا تعالى ينفرهم من دعاء غيره ويصرفهم عنه بالدليل فيقول: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [النحل:20]، كلمة: (من دون اللَّه) يدخل فيها كل مدعو، لا الملائكة، ولا الأنبياء، ولا الرسل، ولا الأصنام، ولا الأحجار، ولا الأولياء، ولا كل مدعو غير الله، إذ حقاً وصدقاً -والله العظيم- لا يسمع دعاءك ويعرف حاجتك ويقضيها لك إلا الله، فلا تلتفت إلى غير الله، وضل الذين يدعون الأصنام والأحجار والقبور، المسيحيون الآن ماذا نقول عنهم؟

ما زالوا كالبهائم يعلقون الصلبان في أعناقهم ويدعونها ويحلفون بها ويستغيثون بها، أين العقول؟ هل يعرفون عن عيسى ما نعرف نحن؟ عيسى بن مريم عليه السلام من ديار القدس، كان بكلمة التكوين (كن) فكان، عبد الله ورسوله، كيف يعبد؟ كيف نرفع صوتنا: يا روح الله! وندعوه ونستغيث به؟

المهم: أن الشياطين هي التي تقلب هذه القلوب وتتحكم فيها -والعياذ بالله تعالى- فتصرفها عن الحق.

ضعف المدعوين من دون الله وعجزهم عن الخلق والإيجاد

قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا [النحل:20]، كلمة (شَيْئًا) نكرة في سياق النفي تدل على كل شيء، والله ما يخلقون ولو بعوضة، وَهُمْ يُخْلَقُونَ [النحل:20]، هم أنفسهم مخلوقون لله والله خالقهم، كيف ندعوهم؟ مخلوق يدعو مخلوقًا، أيجوز هذا؟ المخلوق يدعو الخالق نعم، أما مخلوق يدعو مخلوقًا فهذا خطأ؛ ولهذا ندد العلماء بإخواننا الذين يدعون القبور ويعكفون حولها، ويستغيثون بها، وينادونها: يا سيدي فلان! يا مولاي فلان، يا كذا .. يا كذا، وهذا أمر واضح، ولكن الله أنقذ -والحمد لله- ملايين المؤمنين من هذه الفتنة، مضت فترة من الزمن في قرنين أو ثلاثة ما يعرفون إلا الأولياء فقط، حاجتك تطلبها من الولي، ويشدون إليهم الرحال والله العظيم، يركب سيارته ويركب دابته إلى القبر الفلاني والضريح الفلاني ليسأل حاجاته، الحمد لله الذي أنقذ هذه الأمة بعد ضلالها.

قول ربنا جل ذكره: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [النحل:20]، قرأ عاصم ويعقوب : (يَدْعُونَ)، وقرأ عامة القراء (تدعون)؛ لأن السياق دال على (تدعون)، إذ الكلام مع مشركي قريش فيما سبق، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [النحل:19]، (والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئًا وهم يخلقون)، والقراءتان سبعيتان صحيحتان.

قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [النحل:20]، الذين يدعون من دون الله هم المشركون، هم الكافرون، الذين ما آمنوا بالتوحيد الإلهي، ولا آمنوا بنبوة رسول الله، ولا آمنوا بالبعث الآخر والحياة الثانية، يخبر تعالى عنهم بما تسمعون: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ [النحل:20].

تلك الأصنام والتماثيل التي يدعونها، ودعاؤها هو عبادتها، إذ الدعاء هو العبادة ومخها، هؤلاء الذين يدعونهم لا يخلقون شيئاً، والله ولا ذبابة، فكيف إذاً يدعونهم؟ يطمعون فيهم ويطرحون بين أيدهم ويسألونهم حاجاتهم، وهم عاجزون عن خلق ذرة، أين يذهب بعقول بني الإنسان؟

لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا [النحل:20]، صغر أو كبر، قل أو كثر، وَهُمْ [النحل:20] أنفسهم يُخْلَقُونَ [النحل:20]، أي: مخلوقون. فالآية تنفر التنفير الكامل من الإقبال على غير الله في طلب حاجة، وأن من له حاجة لا يطلبها إلا من الله، أما مخلوقاته فإنها لا تملك شيئاً.

والدعاء يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الدعاء هو العبادة )، لأن العبادة: ذل وخوف وخشوع وخضوع وطمع ورغبة، تتجلى هذه كلها في الدعاء، إذا رفع المرء يديه يدعو تقول عنه:

أولاً: هذا فقير محتاج، ولولا أنه افتقر واحتاج ما رفع كفيه.

ثانياً: الذي رفع يديه إليه غني، عليم، حكيم، قادر على أن يعطيه.

ثالثاً: حين يناديه: يا رب! يدل على أنه موقن أن الله يسمع صوته ويعرف حاجته وفقره، ويقدر على أن يعطيه، يدل هذا على أنه ما رأى غير الله أبداً يقضي حاجته، وإلا لقال هكذا بيديه أو هكذا إلى اليمين أو الشمال، لكن هكذا فقط يرفعها إلى العلو، فلهذا كان الدعاء مخ العبادة، العبادة إذا سلب منها الدعاء ماتت، والدعاء هو العبادة.

فها هو ذا تعالى ينفرهم من دعاء غيره ويصرفهم عنه بالدليل فيقول: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [النحل:20]، كلمة: (من دون اللَّه) يدخل فيها كل مدعو، لا الملائكة، ولا الأنبياء، ولا الرسل، ولا الأصنام، ولا الأحجار، ولا الأولياء، ولا كل مدعو غير الله، إذ حقاً وصدقاً -والله العظيم- لا يسمع دعاءك ويعرف حاجتك ويقضيها لك إلا الله، فلا تلتفت إلى غير الله، وضل الذين يدعون الأصنام والأحجار والقبور، المسيحيون الآن ماذا نقول عنهم؟

ما زالوا كالبهائم يعلقون الصلبان في أعناقهم ويدعونها ويحلفون بها ويستغيثون بها، أين العقول؟ هل يعرفون عن عيسى ما نعرف نحن؟ عيسى بن مريم عليه السلام من ديار القدس، كان بكلمة التكوين (كن) فكان، عبد الله ورسوله، كيف يعبد؟ كيف نرفع صوتنا: يا روح الله! وندعوه ونستغيث به؟

المهم: أن الشياطين هي التي تقلب هذه القلوب وتتحكم فيها -والعياذ بالله تعالى- فتصرفها عن الحق.

قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا [النحل:20]، كلمة (شَيْئًا) نكرة في سياق النفي تدل على كل شيء، والله ما يخلقون ولو بعوضة، وَهُمْ يُخْلَقُونَ [النحل:20]، هم أنفسهم مخلوقون لله والله خالقهم، كيف ندعوهم؟ مخلوق يدعو مخلوقًا، أيجوز هذا؟ المخلوق يدعو الخالق نعم، أما مخلوق يدعو مخلوقًا فهذا خطأ؛ ولهذا ندد العلماء بإخواننا الذين يدعون القبور ويعكفون حولها، ويستغيثون بها، وينادونها: يا سيدي فلان! يا مولاي فلان، يا كذا .. يا كذا، وهذا أمر واضح، ولكن الله أنقذ -والحمد لله- ملايين المؤمنين من هذه الفتنة، مضت فترة من الزمن في قرنين أو ثلاثة ما يعرفون إلا الأولياء فقط، حاجتك تطلبها من الولي، ويشدون إليهم الرحال والله العظيم، يركب سيارته ويركب دابته إلى القبر الفلاني والضريح الفلاني ليسأل حاجاته، الحمد لله الذي أنقذ هذه الأمة بعد ضلالها.

ثم قال تعالى: أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل:21]، أي والله كما أخبر تعالى، تلك الأصنام أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ [النحل:21] متى يبعثهم الله، وهل الأصنام تبعث؟ أي نعم تبعث، والأموات يبعثون إنساً كانوا أو جناً، أشجاراً أو أحجاراً، المعبودون يبعثون، أصنامهم يبعثها الله عز وجل وتنطق وتشهد على باطل من كانوا يعبدونها:

أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ [النحل:21]، لأن المعقول أن الميت لا يسأل حاجة؟ هل هناك من يقف أمام ميت يقول: أعطني شرابًا، أو أسلفني كذا درهمًا، أو أنقذني من كذا؟ ما هو بمعقول أبداً ولا يفعلها البشر، لكن لما زين الشيطان لهم عبادة القبور والأشجار والأحجار صاروا يدعونها وهم لا يسمعونهم ولا يشعرون بدعائهم: أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل:21]، أي: الوقت الذي يبعثهم الله فيه للحساب والجزاء ما يدرون عنه ولا يعرفون، فكيف يُعبدون؟ كيف يدعون؟ كيف يستغاث بهم؟ كيف يسألون؟

ثم قال تعالى: إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [النحل:22]، يا بني آدم.. يا بني الجن! والله ما للخليقة إلا خالقها، والله ما للبشرية إلا موجدها، فليس هناك إلا الله فقط، إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [النحل:22]، معبودكم الحق الذي إذا دعوتموه أجابكم، وإذا سألتموه أعطاكم، هو واحد لا ثاني له أبداً، ألا هو الله العليم الحكيم.

هذا خبر: إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [النحل:22]، فمن ينقضه بأن يثبت إلهًا آخر مع الله، كيف ينقض؟ ومن ينقضه بأن يقول: لا إله؟ من قال: لا إله؛ فهو أحمق، مجنون، كذاب، مبطل، لا يعرف شيئاً، كيف يكون مخلوقًا ويقول: لا خالق؟! المخلوقات بين أيدينا ننظر إليها ونعيش معها ونقول: لا خالق؟! من يقول: لا خالق؟!

إذاً: الخالق اسمه الله، فهيا بنا نعبده، نؤلهه، فيصبح إلهنا الحق، لا إله لنا غيره: إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [النحل:22]، هذه الكلمات كان لها ضوؤها على نفوس العرب، وعلى ضوئها اهتدت وآمنت ورفعت راية لا إله إلا الله إلا الله: إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [النحل:22] لا ثاني له.

إن قضية من القضايا كهذه لا يصح نقضها بحال من الأحوال، أما بأنه لا إله فهذا مستحيل، يستحيل أن تكون الخليقة لا خالق لها. وأما أن يكون إله ثان مع الله وثالث فهذا مستحيل أيضاً، وكيف لا والله الخالق يخبر عن نفسه ويقول: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19]، وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [البقرة:163]، يا بني البشر.. يا بني آدم!

معنى قوله تعالى: (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون)

ثم قال تعالى: فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ [النحل:22]، اعلموا أن الإيمان بالله واليوم الآخر عليهما مدار سعادة الإنسان وكماله، من لا يؤمن بالله ويعرفه لا يعبده، من لم يعبد الله لا ينجو من العذاب ولا يسعد بالجنة أبداً، من لم يؤمن بالدار الآخرة لا يمكنه أن يستقيم في هذه الدنيا، ولا يسلم من الظلم والشر والخبث والفساد، الذي لا يعتقد أنه سيبعث حياً ويسأل عن كسبه في هذه الحياة ويجزى به لا يستقيم، والله لا يوثق به ولا يعول عليه في شيء، وآيات القرآن كثيرة تقول: ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:232]، إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59]، فالذي لا يؤمن بالله ولقائه ميت لا خير فيه، فكيف يعول عليه؟ يجب أن يؤمن الإنسان بربه ولقائه.

واسمعوا ما قال تعالى: فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ [النحل:22]، ما لهم؟ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [النحل:22]، قلوبهم منكرة للحق، منكرة للمعروف، منكرة للخير، منكرة للتوحيد، منكرة للإيمان والعياذ بالله.

إذاً: قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [النحل:22]، والحال أنهم مستكبرون، والمستكبر لا يركع، هل المستكبر يعدل عن صنمه أو حجره ويقول بما قال فلان أو فلان؟ إنه لا يقبل أبداً، فالكبر من شر الأدواء وأخطرها، وحسبنا أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم : ( إن الله لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر )، إذا وجدت هذه الذرة فصاحبها لا يعرف الله، أبداً لا يذل ولا يتصاغر أمام الله؛ لوجود هذه العلة: (وهم مستكبرون) والعياذ بالله.

ثم قال تعالى: فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ [النحل:22]، اعلموا أن الإيمان بالله واليوم الآخر عليهما مدار سعادة الإنسان وكماله، من لا يؤمن بالله ويعرفه لا يعبده، من لم يعبد الله لا ينجو من العذاب ولا يسعد بالجنة أبداً، من لم يؤمن بالدار الآخرة لا يمكنه أن يستقيم في هذه الدنيا، ولا يسلم من الظلم والشر والخبث والفساد، الذي لا يعتقد أنه سيبعث حياً ويسأل عن كسبه في هذه الحياة ويجزى به لا يستقيم، والله لا يوثق به ولا يعول عليه في شيء، وآيات القرآن كثيرة تقول: ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [البقرة:232]، إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء:59]، فالذي لا يؤمن بالله ولقائه ميت لا خير فيه، فكيف يعول عليه؟ يجب أن يؤمن الإنسان بربه ولقائه.

واسمعوا ما قال تعالى: فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ [النحل:22]، ما لهم؟ قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [النحل:22]، قلوبهم منكرة للحق، منكرة للمعروف، منكرة للخير، منكرة للتوحيد، منكرة للإيمان والعياذ بالله.

إذاً: قُلُوبُهُمْ مُنكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [النحل:22]، والحال أنهم مستكبرون، والمستكبر لا يركع، هل المستكبر يعدل عن صنمه أو حجره ويقول بما قال فلان أو فلان؟ إنه لا يقبل أبداً، فالكبر من شر الأدواء وأخطرها، وحسبنا أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم : ( إن الله لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر )، إذا وجدت هذه الذرة فصاحبها لا يعرف الله، أبداً لا يذل ولا يتصاغر أمام الله؛ لوجود هذه العلة: (وهم مستكبرون) والعياذ بالله.

قال تعالى: لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ [النحل:23]، (لا جَرَمَ) بمعنى: حقاً حقاً، أن اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ [النحل:23]، ما يسرونه من الاعتقاد الباطل الفاسد السيء من الكبر وأمراضه، وما يعلنونه من دعاء غير الله وعبادته، وإنكار النبوة المحمدية والتكذيب بالبعث والجزاء، إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ [النحل:23]، يا من يخاف بغض الله له وكرهه له! طهر قلبك من الكبر؛ فإن الله لا يحب المستكبرين.

فسبحان الله! قالت العلماء: الذنوب تستطيع أن تخفيها، إلا الكبر فإنه لا يخفى، ما يغطى ولا يستر، المصاب به لا يستطيع أن يستره، كل العيوب يمكن تغطيتها إلا الكبر -والعياذ بالله- فإنه لا يستر أبداً ولا يخفى على أحد، فالمستكبر هو الذي لا يستجيب للدعوة أبداً ولا يقبلها.

لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ [النحل:23] من عبادات وما يظهرونه من اعتقادات وما يعلنون عنه من عبادات وما يتركونه، الكل معلوم لله، ويجزي به، إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ [النحل:23].

معاشر المؤمنين والمؤمنات! هذا الداء خطير، فلنجاهد أنفسنا حتى لا نرى أبداً في منظر متكبر، لا في الكلمة ولا في النظرة ولا في الحركة، ولا في المشي ولا في الركوب ولا في القعود؛ لأن الكبرياء لله، ومن نازع الله في كبريائه قصم ظهره وأهلكه، لا بد من التواضع واللين والانكسار والعطف والرحمة، أما الطغيان والتعالي والتجبر فمن صفات غير الصالحين.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة النحل (25) 4646 استماع
تفسير سورة إبراهيم (9) 3703 استماع
تفسير سورة الحجر (12) 3619 استماع
تفسير سورة النحل (13) 3553 استماع
تفسير سورة النحل (3) 3512 استماع
تفسير سورة إبراهيم (12) 3469 استماع
تفسير سورة النحل (16) 3369 استماع
تفسير سورة النحل (1) 3238 استماع
تفسير سورة الحجر (6) 3169 استماع
تفسير سورة النحل (8) 3067 استماع