كيف ننشر السنة ؟


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الإخوة.. كلمة السنة تطلق على معانٍ متعددة لا بد من الإشارة إليها في البداية، حتى يكون الموضوع أكثر تحديداً.

مفهوم السنة عند المحدثين

فالسنة تطلق عند المحدِّثين على ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقِية أو خُلُقية. فكل حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قولاً كان، أو فعلاً، أو وصفاً، أو تقريراً، فهو من السنة في اصطلاح المحدثين مثال القول: قوله صلى الله عليه وسلم: {إنما الأعمال بالنيات} فهذا من السنة في اصطلاح المحدثين.

والفعل: مثل صلاته صلى الله عليه وسلم، وقوله بعد ذلك: {صلوا كما رأيتموني أصلي} وكذلك حجه عليه الصلاة والسلام حيث وقف بعرفة ورمى الجمار وطاف بالبيت إلى غير ذلك.

أما التقرير فهو: أن يُفعل شيء بحضرته أو يُقال شيء بحضرته؛ فيقره صلى الله عليه وسلم ويوافق عليه, وأمثلة ذلك أيضاً كثيرة, يذكر العلماء من أمثلته قصة الرجل أو الرجلين، اللذين خرجا في سفر فلم يجدا الماء, فتيمما وصليا, ثم وجدا الماء في وقت الصلاة، فأما أحدهما فإنه أعاد الوضوء، أي: توضأ وأعاد الصلاة, وأما الآخر فلم يُعِد, فقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي أعاد الصلاة: {لك الأجر مرتين} وقال للذي لم يُعِد: {أصبت السنة وأجزأتك صلاتك}.

ومثله أشياء كثيرة، يقولها الصحابة في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيقرها ويوافق عليها, أو يفعلونها في حضرته؛ فيقرها ويوافق عليها, ولذلك علم الصحابة أن هذا من السنة؛ فكانوا يقولون: كنا نفعل كذا في عهده صلى الله عليه وسلم, فعرفوا أن هذا -أي الإقرار والموافقة- وأنه جزء من السنة, فله حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

أما الصفة فهي: أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم خَلْقِية كانت أو خُلُقِيةً, فأما الأوصاف الخَلقية فهي المتعلقة بخلقته عليه الصلاة والسلام, مثل: صفة شعره وقامته وما يتعلق بذلك.

وأما الخُلقية فهي: المتعلقة بأخلاقه عليه الصلاة والسلام، وهي كثيرة جداً ومعروفة, منها: أنه كان حليماً كريماً جواداً.. إلى غير ذلك، فالمحدثون يعتبرون هذه الأشياء -وما شابهها- هي السنة.

مفهوم السنة عند المتكلمين

وللسنة استعمال آخر أو معنىً آخر، وهو المعنى الذي يستخدمها به المتكلمون في العقائد, فإن علماء أهل السنة والجماعة إذا أطلقوا السنة في مجال الاعتقاد قصدوا بها المنهج الصحيح في الاعتقاد الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه, والمخالف لمناهج وطرق المبتدعة, ولذلك صنف جماعة من أهل العلم في العقيدة كتباً سموها: السنة, كما صنف محمد بن نصر المروزي كتاب السنة، وأدخل فيه بعض أبواب الاعتقاد, وكما صنف الإمام اللالكائي، كتابه في السنة, وكما صنف الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل كتاب السنة, وكذلك الخلال، أحد تلاميذ الإمام أحمد وغيرهم كثير.

ويقصدون بالسنة هنا يعني: المنهج السليم في الاعتقاد سواءً في أبواب الأسماء والصفات, أسماء الله وصفاته, أو الأمور الأخرى في مجالات الاعتقاد المختلفة.

ولذلك كان السائرون على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم في المعتقد يسمون أهل السنة, باعتبارهم لازمين لهذه السنة غير حائدين عنها.

مفهوم السنة عند الفقهاء

وهناك معنىً ثالث للسنة وهو ما يستخدمه الفقهاء, فالفقهاء حين يقولون -مثلاً-: هذا العمل سنة, يقصدون أنه ليس بواجب، وإنما هو سنة يثاب فاعلها تديناً وتعبداً لله جل وعلا، ولا إثم على تاركها.

فيستخدمون السنة بمعنى أنه أمر مشروع لكنه ليس بواجب, فلذلك يقولون في كثير من الأشياء: إن هذا الأمر سنة, كرفع اليدين في التكبير، يقولون: سنة, يقصدون أنه ليس بواجب, لكنه مطلوب من الإنسان على سبيل الندب لا على سبيل الوجوب.

المقصود بالسنة في هذا الحديث

فأي من المعاني نريد الآن؟ حين نتحدث عن السنة، وكيف ننشرها بين الناس؟ الحقيقة أن المقصود الأصلي، هو أقرب إلى المعنى الثاني، وإن كان ليس مطابقاً له؛ لأن هناك معنىً عرفياً شائعاً عند الناس حول السنة, هو الذي أقصده في هذا الحديث, وذلك أن الناس إذا قالوا: فلان ملتزم بالسنة يعنون أن فلاناً هذا ملتزم بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم, الهدي الظاهر المتعلق بالهيئة والصفة, كأن يكون هذا الإنسان معفياً لشعر لحيته مقصراً لثوبه محافظاً على الصلاة في الجماعة, وغيرها من العبادات بالصفة الشرعية التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهذا يدخل فيه أشياء واجبة, وأشياء مستحبة ومندوبة, وكلها تسمى عند الناس السنة, ولا بأس بهذا, لأن هذا من باب إطلاق اللفظ على بعض أفراده, فإن هذه الأشياء ليست السنة كلها, لأن السنة تشمل الدين كله في الواقع, إنما هذه بعض السنة, ولا بأس من إطلاق الكل وإرادة الجزء, فهذا هو المقصود بهذه السنة.

المقصود بالسنة: التزام الإنسان بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم الظاهر، في هيئته وسلوكه العملي، من مأكل ومشرب وملبس وهيئة ظاهرة, إضافة إلى التزامه بالسنة في أبواب العبادة، في الصلاة ونحوها.

النقطة الثانية التي أريد أن أوضحها: هو أن علينا جميعاً واجباً تجاه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم باعتبارنا من أتباعه الحريصين على أن ننسب إليه, وعلى أن نرد حوضه صلى الله عليه وسلم، ونشرب منه تلك الشربة التي من ورده شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً, وحريصين أن ننال شفاعته صلى الله عليه وسلم ونكون من جلسائه في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

ومثل هذا الأمر الجليل لا بد أن يجاهد الإنسان في سبيل الوصول إليه, فإن الادعاء أمر ميسور وكما قيل:

والدعاوى ما لم يقيموا عليها      بينات أصحابها أدعياء

كل إنسان يدعي دعوة لا بد أن يقيم عليها الدليل, فحين يدعي زيد من الناس أنه متبع للسنة أو سلفي -كما يعبرون بلغة العصر- لا بد أن يقيم دليلاً على هذه الدعوى, تثبت صدق ولائه للرسول صلى الله عليه وسلم, وصدق اتباعه للسنة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً، ظاهراً وباطناً، وإلا فما أسهل أن يقول الإنسان بملء فيه: أنا سلفي, ثم ينقض هذه الدعوى بأقواله وأفعاله وسلوكه وغير ذلك، لا بد أن نحدد واجبنا تجاه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحدد هذا الواجب في نقاط:

فالسنة تطلق عند المحدِّثين على ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقِية أو خُلُقية. فكل حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قولاً كان، أو فعلاً، أو وصفاً، أو تقريراً، فهو من السنة في اصطلاح المحدثين مثال القول: قوله صلى الله عليه وسلم: {إنما الأعمال بالنيات} فهذا من السنة في اصطلاح المحدثين.

والفعل: مثل صلاته صلى الله عليه وسلم، وقوله بعد ذلك: {صلوا كما رأيتموني أصلي} وكذلك حجه عليه الصلاة والسلام حيث وقف بعرفة ورمى الجمار وطاف بالبيت إلى غير ذلك.

أما التقرير فهو: أن يُفعل شيء بحضرته أو يُقال شيء بحضرته؛ فيقره صلى الله عليه وسلم ويوافق عليه, وأمثلة ذلك أيضاً كثيرة, يذكر العلماء من أمثلته قصة الرجل أو الرجلين، اللذين خرجا في سفر فلم يجدا الماء, فتيمما وصليا, ثم وجدا الماء في وقت الصلاة، فأما أحدهما فإنه أعاد الوضوء، أي: توضأ وأعاد الصلاة, وأما الآخر فلم يُعِد, فقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي أعاد الصلاة: {لك الأجر مرتين} وقال للذي لم يُعِد: {أصبت السنة وأجزأتك صلاتك}.

ومثله أشياء كثيرة، يقولها الصحابة في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيقرها ويوافق عليها, أو يفعلونها في حضرته؛ فيقرها ويوافق عليها, ولذلك علم الصحابة أن هذا من السنة؛ فكانوا يقولون: كنا نفعل كذا في عهده صلى الله عليه وسلم, فعرفوا أن هذا -أي الإقرار والموافقة- وأنه جزء من السنة, فله حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

أما الصفة فهي: أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم خَلْقِية كانت أو خُلُقِيةً, فأما الأوصاف الخَلقية فهي المتعلقة بخلقته عليه الصلاة والسلام, مثل: صفة شعره وقامته وما يتعلق بذلك.

وأما الخُلقية فهي: المتعلقة بأخلاقه عليه الصلاة والسلام، وهي كثيرة جداً ومعروفة, منها: أنه كان حليماً كريماً جواداً.. إلى غير ذلك، فالمحدثون يعتبرون هذه الأشياء -وما شابهها- هي السنة.

وللسنة استعمال آخر أو معنىً آخر، وهو المعنى الذي يستخدمها به المتكلمون في العقائد, فإن علماء أهل السنة والجماعة إذا أطلقوا السنة في مجال الاعتقاد قصدوا بها المنهج الصحيح في الاعتقاد الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه, والمخالف لمناهج وطرق المبتدعة, ولذلك صنف جماعة من أهل العلم في العقيدة كتباً سموها: السنة, كما صنف محمد بن نصر المروزي كتاب السنة، وأدخل فيه بعض أبواب الاعتقاد, وكما صنف الإمام اللالكائي، كتابه في السنة, وكما صنف الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل كتاب السنة, وكذلك الخلال، أحد تلاميذ الإمام أحمد وغيرهم كثير.

ويقصدون بالسنة هنا يعني: المنهج السليم في الاعتقاد سواءً في أبواب الأسماء والصفات, أسماء الله وصفاته, أو الأمور الأخرى في مجالات الاعتقاد المختلفة.

ولذلك كان السائرون على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم في المعتقد يسمون أهل السنة, باعتبارهم لازمين لهذه السنة غير حائدين عنها.

وهناك معنىً ثالث للسنة وهو ما يستخدمه الفقهاء, فالفقهاء حين يقولون -مثلاً-: هذا العمل سنة, يقصدون أنه ليس بواجب، وإنما هو سنة يثاب فاعلها تديناً وتعبداً لله جل وعلا، ولا إثم على تاركها.

فيستخدمون السنة بمعنى أنه أمر مشروع لكنه ليس بواجب, فلذلك يقولون في كثير من الأشياء: إن هذا الأمر سنة, كرفع اليدين في التكبير، يقولون: سنة, يقصدون أنه ليس بواجب, لكنه مطلوب من الإنسان على سبيل الندب لا على سبيل الوجوب.

فأي من المعاني نريد الآن؟ حين نتحدث عن السنة، وكيف ننشرها بين الناس؟ الحقيقة أن المقصود الأصلي، هو أقرب إلى المعنى الثاني، وإن كان ليس مطابقاً له؛ لأن هناك معنىً عرفياً شائعاً عند الناس حول السنة, هو الذي أقصده في هذا الحديث, وذلك أن الناس إذا قالوا: فلان ملتزم بالسنة يعنون أن فلاناً هذا ملتزم بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم, الهدي الظاهر المتعلق بالهيئة والصفة, كأن يكون هذا الإنسان معفياً لشعر لحيته مقصراً لثوبه محافظاً على الصلاة في الجماعة, وغيرها من العبادات بالصفة الشرعية التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهذا يدخل فيه أشياء واجبة, وأشياء مستحبة ومندوبة, وكلها تسمى عند الناس السنة, ولا بأس بهذا, لأن هذا من باب إطلاق اللفظ على بعض أفراده, فإن هذه الأشياء ليست السنة كلها, لأن السنة تشمل الدين كله في الواقع, إنما هذه بعض السنة, ولا بأس من إطلاق الكل وإرادة الجزء, فهذا هو المقصود بهذه السنة.

المقصود بالسنة: التزام الإنسان بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم الظاهر، في هيئته وسلوكه العملي، من مأكل ومشرب وملبس وهيئة ظاهرة, إضافة إلى التزامه بالسنة في أبواب العبادة، في الصلاة ونحوها.

النقطة الثانية التي أريد أن أوضحها: هو أن علينا جميعاً واجباً تجاه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم باعتبارنا من أتباعه الحريصين على أن ننسب إليه, وعلى أن نرد حوضه صلى الله عليه وسلم، ونشرب منه تلك الشربة التي من ورده شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً, وحريصين أن ننال شفاعته صلى الله عليه وسلم ونكون من جلسائه في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

ومثل هذا الأمر الجليل لا بد أن يجاهد الإنسان في سبيل الوصول إليه, فإن الادعاء أمر ميسور وكما قيل:

والدعاوى ما لم يقيموا عليها      بينات أصحابها أدعياء

كل إنسان يدعي دعوة لا بد أن يقيم عليها الدليل, فحين يدعي زيد من الناس أنه متبع للسنة أو سلفي -كما يعبرون بلغة العصر- لا بد أن يقيم دليلاً على هذه الدعوى, تثبت صدق ولائه للرسول صلى الله عليه وسلم, وصدق اتباعه للسنة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً، ظاهراً وباطناً، وإلا فما أسهل أن يقول الإنسان بملء فيه: أنا سلفي, ثم ينقض هذه الدعوى بأقواله وأفعاله وسلوكه وغير ذلك، لا بد أن نحدد واجبنا تجاه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحدد هذا الواجب في نقاط:

الأولى: أن نعقد العزم على اتباعها, متى ما عرفناها, امتثالاً لقول الله جل وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21] إذاً حتى قبل أن تعرف السنة، تعقد العزم على أنك متى عرفت السنة سوف تلتزم بها وتضرب بما دونها عرض الحائط, والسنن كثيرة, وأصل كلمة السنة في اللغة العربية تعني: الطريقة، فسنة الرسول صلى الله عليه وسلم هي طريقته, وسنة فلان هي طريقته.

فلا تعجبن من سنة أنت سرتها      فأول راضٍ سنة من يسيرها

هناك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك سنن لخلق كثير من أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم, أو المخالفين له في بعض الأمر, فالإنسان لا بد أن يعقد العزم على أنه تابع لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس لسنة فلان أو فلان.

لماذا نتبع السنة

نتبع السنة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الأسوة والقدوة كما قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21], وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] بل قد يوجد إنسان لا نقول إن له سنة مخالفة لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه اجتهد في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، اجتهاداً لا يوافق عليه.

مثلاً هناك الأئمة، والأئمة كلهم أئمة الإسلام، الذين تتبعهم الأمة المسلمة, كلهم يحرصون على أن يأخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, لكن منهم مخطئ ومصيب ولا بد.

وكلهم من رسول الله مرتشف      غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم

فهم يأخذون من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنهم يختلفون, وإن اختلفوا فالمرجع فيما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وحينئذٍ تقول أنت: بحكم أنني عقدت العزم على اتباع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته, فحين أعلم أن هذا الإمام وإن كان إماماً جليل القدر في عيني حين أعلم أنه خالف السنة في مسألة باجتهاده؛ فإنني حينئذٍ أقدم السنة على قول هذا الإمام, وإن كان إماماً له قدره.

عقد العزم على اتباع السنة

لا بد من عقد العزم على اتباع السنة متى بانت للإنسان, بحيث لا يقدم عليها قول أحد كائناً من كان, لا يقدم عليها قول مالك ولا الشافعي ولا أبي حنيفة ولا أحمد ولا الأوزاعي، وهم أئمة الإسلام, فضلاً عن غيرهم ممن دونهم, فضلاً عمن يكون مناوئاً للرسول صلى الله عليه وسلم.

فأنت تجد هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، في الأكل والشرب واللباس معروفاً, لكن قد تجد أن هناك سنناً أخذت عن أعداء الإسلام, من الغربيين أو الشرقيين, وتناقلها الناس في طريقة اللباس، وفي سائر الأمور الحيوية, فحينئذٍ من باب الأولى أن الإنسان يرفض كل هدي يخالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم, ويتشبث بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، رجاء أن يكون من حزبه وأن يحشر معه.

نتبع السنة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الأسوة والقدوة كما قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21], وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] بل قد يوجد إنسان لا نقول إن له سنة مخالفة لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه اجتهد في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، اجتهاداً لا يوافق عليه.

مثلاً هناك الأئمة، والأئمة كلهم أئمة الإسلام، الذين تتبعهم الأمة المسلمة, كلهم يحرصون على أن يأخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, لكن منهم مخطئ ومصيب ولا بد.

وكلهم من رسول الله مرتشف      غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم

فهم يأخذون من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنهم يختلفون, وإن اختلفوا فالمرجع فيما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وحينئذٍ تقول أنت: بحكم أنني عقدت العزم على اتباع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته, فحين أعلم أن هذا الإمام وإن كان إماماً جليل القدر في عيني حين أعلم أنه خالف السنة في مسألة باجتهاده؛ فإنني حينئذٍ أقدم السنة على قول هذا الإمام, وإن كان إماماً له قدره.