فهرس الكتاب
الصفحة 72 من 337

2 -وإلى ما ليس أمر التكوين: وذلك إما خبر وإما أمر التكليف ونهي التكليف وهي أفعال من حيث دلت على القدرة ولا تقع تحتها مفعولات

هذا هو تفصيل مذاهبهم محل الحوادث . ( 1 \ 111 )

وقد اجتهد ابن الهيصم في إرمام مقالة أبي عبد الله في كل مسألة حتى ردها من المحال الفاحش إلى نوع يفهم فيما بين العقلاء مثل التجسيم فإنه قال: أراد بالجسم: القائم بالذات ومثل الفوقية فإنه حملها على العلو وأثبت البينونة غير المتناهية وذلك الخلاء الذي أثبته بعض الفلاسفة ومثل الاستواء فإنه نفى المجاورة والمماسة والتمكن بالذات غير مسألة محل الحوادث فإنها لم تقبل المرمة فالتزمها كما ذكرنا وهي من أشنع المحالات عقلا

وعند القوم أن الحوادث تزيد على عدد المحدثات بكثير فيكون في ذاته أكثر من عدد المحدثات عالم من الحوادث وذلك محال وشنيع

ومما أجمعوا عليه من إثبات الصفات قولهم: الباري تعالى عالم بعلم قادر بقدرة حي بحياة شاء بمشيئته وجميع هذه الصفات صفات قديمة أزلية قائمة بذاته

وربما زادوا السمع والبصر كما أثبته الأشعري وربما زادوا اليدين والوجه صفات قديمة قائمة بذاته وقالوا: له يد لا كالأيدي ووجه لا كالوجوه وأثبتوا جواز رؤيته من جهة فوق دون سائر الجهات

وزعم ابن الهيصم أن الذي أطلقه المشبهة على الله عز و جل من: الهيئة والصورة والجوف والاستدارة والوفرة والمصافحة والمعانقة ونحو ذلك لا يشبه سائر ما أطلقه الكرامية من: أنه خلق آدم بيده وأنه استوى على عرشه وأنه يجيء يوم القيامة لمحاسبة الخلق وذلك أنا لا نعتقد من ذلك شيئا على معنى فاسد: من جارحتين وعضوين تفسيرا لليدين ولا مطابقة للمكان واستقلال العرش بالرحمن تفسيرا للاستواء ولا ترددا في الأماكن التي تحيط به تفسيرا للمجيء وإنما ذهبنا في ذلك إلى إطلاق ما أطلقه القرآن فقط من غير تكييف وتشبيه وما لم يرد به القرآن والخبر فلا نطلقه كما أطلقه سائر المشبهة والمجسمة

وقال: الباري تعالى عالم في الأزل بما سيكون على الوجه الذي يكون وشاء لتنفيذ ( 1 \ 112 ) علمه في معلوماته فلا ينقلب علمه جهلا ومريد لما يخلق في الوقت الذي يخلق بإرادة حادثة وقائل لكل ما يحدث بقوله كن حتى يحدث وهو الفرق بين الإحداث والمحدث والخلق والمخلوق

وقال: نحن نثبت القدر خيره وشره من الله تعالى وأنه أراد الكائنات كلها خيرها وشرها وخلق الموجودات كلها حسنها وقبيحها ونثبت للعبد فعلا بالقدرة الحادثة ويسمى ذلك كسبا والقدرة الحادثة مؤثرة في إثبات فائدة زائدة على كونه مفعولا مخلوقا للباري تعالى تلك الفائدة هي مورد التكليف والمورد هو المقابل بالثواب والعقاب

واتفقوا على أن العقل يحسن ويقبح قبل الشرع وتجب معرفة الله تعالى بالعقل كما قالت المعتزلة إلا أنهم لم يثبتوا رعاية الصلاح والأصلح واللطف عقلا كما قالت المعتزلة

وقالوا: الإيمان هو الإقرار باللسان فقط دون التصديق بالقلب ودون سائر الأعمال وفرقوا بين تسمية المؤمن مؤمنا فيما يرجع إلى أحكام الظاهر والتكليف وفيما يرجع إلى أحكام الآخرة والجزاء فالمنافق عندهم: مؤمن في الدنيا على الحقيقة مستحق للعقاب الأبدي في الآخرة

وقالوا في الإمامة: إنها تثبت بإجماع الأمة دون النص والتعيين كما قال أهل السنة إلا أنهم جوزوا عقد البيعة لإمامين في قطرين وغرضهم إثبات إمامة معاوية في الشام باتفاق جماعة من أصحابه وإثبات أمير المؤمنين علي بالمدينة والعراقين باتفاق جماعة من الصحابة

ورأوا تصويب معاوية فيما استبد به من الأحكام الشرعية قتالا على طلب عثمان رضي الله عنه واستقلالا ببيت المال

ومذهبهم الأصلي اتهام علي رضي الله عنه في الصبر على ما جرى مع عثمان رضي الله عنه والسكوت عنه وذلك عرق نزع . ( 1 \ 113 )

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام