اعلم أن الأصناف التي ذكرنا مذاهبهم يرجعون آخر الأمر إلى عبادة الأصنام إذ كان لا يستمر لهم طريقة إلا بشخص حاضر ينظرون إليه ويعكفون عليه وعن هذا اتخذت أصحاب الروحانيات والكواكب أصناما زعموا أنها على صورتها
وبالجملة وضع الأصنام حيث ما قدروه إنما هو على معبود غائب حتى يكون الصنم المعمول على صورته وشكله وهيأته نائبا منابه وقائما مقامه وإلا فنعلم قطعا أن عاقلا ما لا ينحت جسما بيده ويصور صورة ثم يعتقد أنه إلهه وخالقه وإله الكل وخالق الكل إذ كان وجوده مسبوقا بوجوده صانعه وشكله يحدث بصنعته ناحته
لكن القوم لما عكفوا على التوجه إليها كان عكوفهم ذلك عبادة وطلبهم الحوائج منها إثبات إلهية لها وعن هذا كانوا يقولون: ( ما نعبدهم إلا ليقربونا( 2 \ 259 ) إلى الله زلفى ) فلو كانوا مقتصرين على صورها في اعتقاد الربوبية والإلهية لما تعدوا عنها إلى رب الأرباب