نتكلم ههنا في معنى الدين والملة والشرعة والمنهاج والإسلام والحنيفية والسنة والجماعة فإنها عبارات وردت بالتنزيل ولكل واحدة منها معنى يخصها وحقيقة توافقها لغة واصطلاحا
وقد بينا معنى الدين: أنه الطاعة والانقياد وقد قال الله تعالى: ( إن الدين عند الله الإسلام )
وقد يرد بمعنى الجزاء يقال: ( كما تدين تدان ) أي كما تفعل تجازى
وقد يرد بمعنى الحساب يوم المعاد والتناد قال تعالى: ( ذلك الدين القيم )
فالمتدين: هو المسلم المطيع المقر بالجزاء والحساب يوم التناد والمعاد قال الله تعالى: ( ورضيت لكم الإسلام دينا )
ولما كان نوع الإنسان محتاجا إلى اجتماع مع آخر من بني جنسه في إقامة معاشه والاستعداد لمعاده وذلك لاجتماع يجب أن يكون على شكل يحصل به التمانع والتعاون حتى يحفظ بالتمانع ما هو أهله ويحصل بالتعاون ما ليس له فصورة الاجتماع على هذه الهيئة هي الملة
والطريق الخاص الذي يوصل إلى هذه الهيئة هو المنهاج والشرعة ( 1 / 38 ) والسنة . والاتفاق على تلك السنة هي الجماعة
قال الله تعالى: ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )
ولن يتصور وضع الملة وشرع الشرعة إلا بواضع شارع يكون مخصوصا من عند الله بآيات تدل على صدقه وربما تكون الآية مضمنة في نفس الدعوى وقد تكون ملازمة وربما تكون متأخرة
ثم اعلم أن الملة الكبرى هي ملة إبراهيم الخليل عليه السلام وهي الحنيفية التي تقابل الصبوة تقابل التضاد . وسنذكر كيفية ذلك إن شاء الله تعالى قال الله تعالى: ( ملة أبيكم إبراهيم )
والشريعة ابتدأت من نوح عليه السلام قال الله تعالى: ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا )
والحدود والأحكام ابتدأت من آدم وشيث وإدريس عليهم السلام
وختمت الشرائع والملل والمناهج والسنن بأكملها وأتمها حسنا وجمالا بمحمد عليه الصلاة و السلام
قال الله تعالى: ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )
وقد قيل: خص آدم بالأسماء وخص نوح بمعاني تلك الأسماء وخص إبراهيم بالجمع بينهما ثم خص موسى بالتنزيل وخص عيسى بالتأويل وخص المصطفى صلوات الله عليهم أجمعين بالجمع بينهما على ملة أبيكم إبراهيم
ثم كيفية التقرير الأول والتكميل بالتقرير الثاني بحيث يكون مصدقا كل واحد ما بين يديه من الشرائع الماضية والسنن السالفة تقديرا للأمر على الخلق وتوفيقا للدين على الفطرة
فمن خاصية النبوة: لا يشاركهم فيها غيرهم
وقد قيل إن الله عز و جل أسس دينه على مثال خلقه ليستدل بخلقه على دينه وبدينه على وحدانيته . ( 1 / 39 )