الصفحة 376 من 454

الفصل السابع في بيان كثرة العقول ، وجملة من الأحكام المتعلقة بها من وقف على ما سلف من الأصول ، تحقق أن العقول في الوجود كثيرة ، وأنه لا يمكن أن يكون عقل واحد فقط ، هو العلة الفاعلة لموجودات العالمين ، أعني: الجسماني والنفساني . ويكون هو الذي تتشبه ( به ) النفوس المحركة للأجرام السماوية بأسرها . وهو بعينه الذي يخرج نفوسنا في تعقلاتها من القوة إلى الفعل . ولو جاز أن يكون المؤثر لهذه الآثار كلها عقلا واحدا ، لوجب أن يكون: إما مركبا ، وإما متصفا بصفات كثيرة ، أو له اعتبارات مختلفة . وهذه التوالي الثلاثة باطلة ، فكذا المقدم . وتتبين الشرطية بما سبق بيانه ، من أن الواحد ، من حيث هو واحد ، لا يؤثر إلا أثرا وحدانيا . وإذ هذه الآثار كثيرة فلا بد لها من كثرة تستند إليها: إما في ذات العقل بأن يكون مركبا ، وأما في صفاته واعتباراته . وأما بطلان هذه الأقسام فيتبين بأن تركيب العقل يقتضي ألا يكون مدركا لذاته ، لما علمت: أن كل مدرك لذاته فهو غير مركب ، لكن العقل قد بين أنه يدرك ذاته ، فليس بمركب . ويقتضي تركيبه أيضا ، ألا يكون هو الصادر الأول عن واجب

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام