ولَا تَعْتَقِدْ رَأْيَ الخوَارِجِ إِنَّهُ ... مَقَالٌ لَمَنْ يَهْوَاهُ يُرْدِي ويَفْضَحُ
•قوله: «ولَا تَعْتَقِدْ رَأْيَ الخوَارِجِ إِنَّهُ» في هذا البيت صرح الناظم - رحمه الله - بالتحذير من منهج الخوارج الذين خرجوا عن جادة الحق، وكان أول ظهور لهم في عهد علي بن أبي طالب حيث خرجوا عليه بدعوى أنه حَكَّم الرجال والله يقول: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57] ، وقد ناظرهم حبر الأمة ابن عباس - رضي الله عنه - ورد عليهم هذه الشبهة من عدة أوجه:
الوجه الأول: أن الله حَكَّم الرجال في الواجب على المحرم إذا صاد صيدًا، وهذا في قوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] .
الوجه الثاني: أن الله حَكَّم الرجال في مسألة النشوز، وهذا في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] .
ففي هاتين الآيتين حَكَّم الله الرجال للوصول إلى الحق، وهكذا فعل علي - رضي الله عنه -؛ ولهذا رجع من هؤلاء الخوارج أكثر من النصف بعد رد هذه الشبهة من ابن عباس - رضي الله عنه -.
ومذهب الخوارج من أقسى المذاهب على المسلمين، قال شيخ الإسلام: «وقد اتفق أهل العلم أن أعظم السيوف التي سلت على أهل القبلة إنما هو من المنتسبين إليه، وأعظم الفساد الذي جرى على المسلمين ممن ينتسب إلى أهل القبلة» [1] .
وجاء الوعيد على التساهل في التكفير في الصحيحين من حديث أبي ذر: «وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُوَّ الله، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إلَّا حَارَ عَلَيْهِ» [2] .
(1) مجموع الفتاوى (28/ 479) .
(2) صحيح البخاري (8/ 15) رقم (6045) ، وصحيح مسلم (1/ 79) رقم (61) .