فهرس الكتاب
الصفحة 81 من 129

وهذه الشفاعة أعظم الشفاعات كلها؛ ولهذا تسمى الشفاعة العظمى، فهي شفاعة عامة لجميع أهل الموقف، على اختلاف أديانهم.

وهذه الشفاعة هي المقام المحمود - على قول أكثر العلماء - الذي وعد الله عز وجل نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] .

ومما يدل على الشفاعة العظمى ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنها -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لحم» ، وقال: «إِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ القِيَامَةِ، حَتَّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ [1] ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بَيْنَ الخَلْقِ، فَيَمْشي حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ البَابِ، فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ الله مَقَامًا مَحْمُودًا، يَحْمَدُهُ أَهْلُ الجَمْعِ كُلُّهُمْ» [2] .

وأخرج البخاري أيضًا عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنها - أنه قال: «إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ جُثًا [3] ، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا يَقُولُونَ: يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، يَا فُلاَنُ اشْفَعْ، حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ الله المَقَامَ المَحْمُودَ» [4] .

(1) أي: طلبوه.

(2) أخرجه البخاري (2/ 123) رقم (1474) ومسلم (2/ 720) رقم (1040) .

(3) أي: جماعات.

(4) صحيح البخاري (6/ 86) رقم (4718) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام