الصفحة 17 من 33

عن دين الحق، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بان (الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) [1] ، بل في القرآن قبل ذلك قال الله تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (النحل 99 - 100) , فجعل الله للشيطان سلطاناً على من تولاه و أشرك به، أي جعل لله شريكاً به بواسطة الشيطان.

وكل من جعل له متبوعاً في بدعة من دين الله فقد أشرك بالله عز وجل، وجعل هذا المتبوع شريكاً لله تعالى في الحكم! وحكم الله الشرعي والقدري لا شريك له أبدا ( ... إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ... ) (يوسف 40) , وركزت على هذا الأمر لكي يعلم أهل الإحداث المُحدِثُون انه لا حجة لهم فيما أحدثوه.

واعلم رحمك الله انه لا طريق إلى الوصول إلى الله عز وجل والى دار كرامته إلا من الطريق الذي وضعه هو سبحانه وتعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

( ... وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ... ) (النحل 60) , لو أن ملكاً من الملوك فتح باباً للدخول عليه، وقال: من أراد أن يصل إليَّ فليدخل من هذا الباب، فما ظنكم بِمْن ذهب إلى أبوابٍ أخرى، هل يَصِلُ إليه؟ كلا بالطبع.

والملك العظيم، ملم الملوك، وخالق الخلق، جعل طريقاً إليه خاصاً بما جاءه به رسله وعلى رأسهم خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بعد بعثه لا يمكن لأي بشر أن ينال السعادة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم.

والحقيقة أن تعظيم الرسول صلى الله عليه و سلم، وأن الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، أن نسلك ما سلك، ونذر ما ترك، وان لا نتقدم بين يديه فنقول في دينه ما لم يقل، أو نحدث في دينه ما لم يشرع.

(1) - يشير رحمه الله إلى ما رواه البخاري في صحيحه (كتاب الاعتكاف , باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد رقم 2035) ومسلم في صحيح (كتاب السلام ' باب بيان أنه يستحب لمن رؤي خالياً بامرأة كانت زوجة أو محرماً له أن يقول هذه فلانة , ليدفع ظن السوء به رقم 2175) , عن أم المؤمنين صفية بنت حييٍّ رضي الله عنها قالت (كان النبي صلى الله عليه وسلم مُعتكفاً , فأتيته أزوره ليلاً , فحدثته , ثم قمتُ لأنقلبَ , فقامَ معَي ليقلبني , فمر رجلان من الأنصار رضي الله عنهما , فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا. فقال صلى الله عليه وسلم(على رسلكما , إنها صفية بنت حيي) فقالا: سبحان الله يا رسول الله؟ فقال (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم , وإني خشيتُ أن يقذفَ في قلوبكما شراً أو قال: شيئاً) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام