فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 49 من 174

وإنما خص المصنف هنا نوعًا من هذه الأنواع الثلاثة لكون المعركة القائمة بين الرسل وأقوامهم إنما هي في توحيد الإلوهية، ولذلك قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] وهذا هو توحيد الإلوهية. إذًا خَصَّ المصنف هنا توحيد الإلوهية دون غيره من أنواع التوحيد ليس تناسيًا لهذين النوعين توحيد الربوبية والأسماء والصفات، وإنما لكون المعركة القائمة بين الرسل وأقوامهم هي في قبول هذا النوع الثالث. إذًا التوحيد (أل) هنا للعهد الحضوري، وهو توحيد الإلوهية ويسمى توحيد الإلهية، ويسمى توحيد العبادة. وتوحيد العبادة هذا باعتبار النظر إلى العبادة، وتوحيد الإلوهية هذا مصدر وبالنظر إلى الرَّبِّ جل وعلا، وهو (إِفْرَادُ الْلَّهِ بِالْعِبَادَةِ) ، أخذ إفراد من معنى التوحيد، لأن التوحيد مأخوذٌ من الوحدة وهي الإنفراد، فلا بد أن يكون المعنى موجود في الحقيقة، والإفراد هنا يتضمن إثبات العبادة لله عز وجل ونفيها عمن سواه، إذا قيل: أفردت زيدًا بهذا الوصف بمعنى أنك أثبته له ونفيته عمن سواه، فإذا أفردت الله تعالى بالعبادة بمعنى أنك أثبت العبادة لله عز وجل ونفيتها عمن سواه. إفراد الله تعالى بالعبادة أي: العبادة الشرعية، وأعظم ما نهى عنه يعني الله عز وجل من المنهيات هو الشرك الشرك الأكبر لأنه عرفه بقوله: (دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ) ، والشرك يُطلق على النصيب والحظ والحصة، وأما في الشرع فعرَّفه المصنف بقوله: (دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ) ، وهذا تخصيصٌ للشرك في الربوبية، كما سبق الشرك يكون ضدًّا للتوحيد فينقسم بانقسمات التوحيد، كما نقول: توحيد الربوبية عندنا شركٌ في الربوبية، توحيد الإلوهية عندنا شركٌ في الإلوهية، توحيد الأسماء والصفات كذلك عندنا شركٌ في الأسماء والصفات. هنا عنى نوعًا واحدًا وهو الشركٌ في الإلوهية لكون المقام مقام ضدي لأنه لما ذكر أن أعظم ما أمر الله عز وجل به هو توحيد الإلوهية إذًا أعظم ما نهى عنه ما يناقض ما أمر الله به جل وعلا، (وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرِهِ) جل وعلا (مَعَهُ) ، (دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ) والدعوة هنا بمعنى العبادة لأن الدعاء هو العبادة كما سبق، فيشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة، وعرَّفه بعضهم بصرفٍ نوعٍ من أنواع العبادة إلى غير الله تعالى، أو اتخاذ الند مع الله، هذا أنسبها وأوفقها مطابقة للشرع، لقوله تعالى {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22] ، {لاَ تَجْعَلُواْ} هذا نهي والنهي يقتضي التحريم {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} في الآية النهي عن اتخاذ الأنداد مع الله بأي وجهٍ من الوجوه، وجاء في الحديث الصحيح (أي الذنب أعظم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك» ) إذًا جعل الندّ لله هو الشرك ( «أن تجعل لله ندًّا وهو خلق» ) وفي رواية عند مسلم أيضًا (أي الذنب أكبر؟ قال: «أن تدعو لله ندًّا وهو خلقك» ) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام