(تَعَلُّمُ) (ثَّلَاثِ) (هَذِهِ) اسم الإشارة هنا المقصود به كمال التعيين للمراد، (وَالْعَمَلُ بِهِنَّ) هذا الواجب الثاني الأول العلم، ثم يتبعه بالعمل، كما سبق في المسائل الأربعة أنه يجب العلم، وعرَّف العلم ثم يجب العمل بذلك العلم، والدليل ما ذكره المصنف من قوله: ( {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} ) وهذا هو العلم ( {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ) وهذا هو العمل. حينئذٍ يجب العمل بما وجب علمه كما تقرر سابقًا أن العلم نوعان: منه ما هو فرض، ومنه ما هو مستحب. حينئذٍ العمل بالعلم الذي هو فرض يكون العمل واجبًا، والعمل بما هو مستحبٌ من العلم يكون العمل مستحبًا .. وهكذا. هنا قال: (تَعَلُّمُ) وهذا يتعلق بالعلم ومحله القلب، ثم قال: (وَالْعَمَلُ بِهِنَّ) يعني بمدلول هذه المسائل بأن يكون العمل تابعًا للعلم، لأنه كما سبق العلم النافع هو الذي يُتْبِعْه صاحبه بالعمل، إذا أراد أن يعرف الطالب علمه هل هو علم نافع أم لا؟ فلينظر إلى عمله هل هو مطابق وموافق لعلمه أم لا؟ حينئذٍ الكمال في الكمال والنقص بالنقص والعدم بالعدم. وليس ضابط العلم النافع أن يكون علم متعلق بالشريعة، لا، قد يكون حفظه لكتاب الله أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - قد يكون ذلك حجة عليه لا له، فليس الضابط هو أن يتعلم علوم الشريعة وأن يكون مستحضرًا لتلك المسائل، وإنما الضابط أن يكون عاملاً بما علم، ولذلك كما سبق في قول فضيل بن عياض لا يسمى العالم عالمًا إلا إذا عَمِلَ بما عَلِم وإلا فهو جاهل.
ثم شرع في بيان المسائل الثلاثة فقال: