فهرس الكتاب
  • 📄1
  • 📄2
  • 📄3
  • 📄4
  • 📄5
  • 📄6
الصفحة 117 من 174

(الْمَرْتَبَةُ الْثَّانِيَةُ) من مراتب الدين مرتبة الإيمان، والإيمان في لسان العرب يُطلق ويراد به التصديق، واشتهر هذا التعريف اللغوي لكثير من أهل العلم، بأن الإيمان هو التصديق والمراد به التصديق الجازم، {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا} [يوسف: 17] أي: بمصدقٍ لنا، ولكن الإيمان في الشرع تعدَّى في القرآن في السنة بالباء، والإيمان الذي هو بالمعنى اللغوي التصديق يتعدّى باللام، حينئذٍ لا بد من معنًى أراده الشرع لم يكن في المعنى اللغوي فحسب، ولذلك يُعَرَّفُ بأنه الإقرار، ولا إقرار إلا بتصديق، حينئذٍ ليس مجرد التصديق هو الإيمان في لسان العرب، وإنما لا بد أن يكون معه إقرارٌ، والإقرار هذا إنما يكون باللسان، وأما التصديق فمحله القلب، ولذلك لما وقف أهل البدعة مع تعريف الإيمان بأنه التصديق فحسب حينئذٍ أخرجوا القول وأخرجوا العمل الجوارح عن مسمى الإيمان، ثم نقيض الإيمان وهو الكفر جعلوه بالاعتقاد فحسب وهو التصديق، وهذا ثَمَّ خلل قد وقع فيه كثير من أهل البدع، وأما نحن نقول: بأن الإيمان في لسان العرب ليس مجرد التصديق الجازم فحسب، وإنما يكون معه شيءٌ زائد على مجرد التصديق وهو الإقرار، والإقرار لا يكون إلا بتصديقٍ، الإيمان في الشرع له حقيقة شرعية لا بد من معرفتها، وهذا بناء على إثبات الحقائق الشرعية، بمعنى أن اللفظ لفظ الإيمان إذا جاء في الشرع في الآيات والأحاديث إنما يُفسر بما أراده الله عز وجل من هذا اللفظ، فحينئذٍ لا يرجع فيه إلى المعنى اللغوي فحسب، وإنما نقول: ماذا أراد الله تعالى بلفظ الإيمان؟ كما نقول: بأن الصلاة هي الدعاء في لسان العرب ولكنها ليست هي الدعاء في الشرع، فالشرع له باعتبار الصلاة حقيقة شرعية حيثما أطلق هذا اللفظ انصرف إلى المعنى المراد شرعًا، حينئذٍ نفسر الصلاة بأنها أقوالٌ وأفعالٌ مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، ليس هو هذا المعنى الذي أراده العرب من حيث وضع اللفظ لمسماه، إذ الصلاة في لسان العرب هي الدعاء، والدعاء هذا موجود في المعنى الشرعي وثَمَّ زيادة عليه، وهي أقوالٌ وأفعالٌ مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، فقل ذلك في شأن الصيام والزكاة والحج، وكل الحقائق الشرعية بمعنى أن اللفظ في أصله موضوعٌ وضعًا عربيًا وله معنًى عربي لكن أخذ الشارع هذا اللفظ مع ملاحظة المعنى اللغوي في الأصل وزاده بعض المعاني التي تتعلق به، ينبني على هذا أنه حيثما أطلق لفظ الإيمان أو الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج تفسره بالمعنى الشرعي لا بالمعنى اللغوي، إن لم يمكن حمله على المعنى الشرعي فحينئذٍ نرجع إلى المعاني الأخرى،

فاللفظ محمولٌ على الشرعي ... إن لم يكن فمطلق العرفي

فاللغوي ...

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام