فهرس الكتاب
الصفحة 404 من 543

{مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} [1] . {وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} {أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} [2] .

فَتَأَمَّلْ مَا أُجِيبُوا بِهِ عَنْ كُلِّ سُؤَالٍ على التَّفْصِيلِ: فَإِنَّهُمْ قَالُوا أَوَّلًا: {أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} ؟! فَقِيلَ لَهُمْ فِي جَوَابِ هَذَا السُّؤَالِ: إِنْ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا خَالِقَ لَكُمْ وَلَا رَبَّ لَكُمْ، فَهَلَّا كُنْتُمْ خَلْقًا لَا يُفْنِيه الْمَوْتُ، كَالْحِجَارَة وَالْحَدِيدِ وَمَا هُوَ أَكْبَرُ فِي صُدُورِكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟! فَإِنْ قُلْتُمْ: كُنَّا خَلْقًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَة الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْبَقَاءَ - فَمَا الَّذِي يَحُولُ بَيْنَ خَالِقِكُمْ وَمُنْشِئِكُمْ وَبَيْنَ إِعَادَتِكُمْ خَلْقًا جَدِيدًا؟!

وَلِلْحُجَّة تَقْدِيرٌ آخَرُ، وَهُوَ: لَوْ كُنْتُمْ مِنْ حِجَارَة أَوْ حَدِيدٍ أَوْ خَلْقٍ أَكْبَرَ مِنْهُمَا، [فَإِنَّهُ] قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُفْنِيَكُمْ وَيُحِيلَ ذَوَاتَكُمْ، وَيَنْقُلَهَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي هَذِهِ الْأَجْسَامِ، مَعَ شِدَّتِهَا وَصَلَابَتِهَا، بِالْإِفْنَاءِ وَالْإِحَالَة - فَمَا الَّذِي يُعْجِزُه فِيمَا دُونَهَا؟ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ [سُؤَالًا آخَرَ] [3] بِقَوْلِهِمْ: {مَنْ يُعِيدُنَا} إِذَا اسْتَحَالَتْ جُسُومُنَا وَفَنِيَتْ؟ فَأَجَابَهُمْ بِقَوْلِهِ: {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} . فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الْحُجَّة، وَلَزِمَهُمْ حُكْمُهَا، انْتَقَلُوا إِلَى سُؤَالٍ آخَرَ يَتَعَلَّلُونَ بِهِ بِعِلَلِ الْمُنْقَطِعِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: مَتَى هُوَ؟ فَأُجِيبُوا بِقَوْلِهِ: {عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} .

(1) الْإِسْرَاءِ 97 - 99

(2) الْإِسْرَاءِ 49 - 52

(3) في الأصل: (آخرا) فقط. والصواب ما أثبتناه، كما في إحدى النسخ، وكما في مختصر الصواعق المرسلة 1/ 103. ن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام