فهرس الكتاب
الصفحة 213 من 543

دَعَاهُ الدَّاعِي، وَشَفَعَ عِنْدَهُ الشَّفِيعُ، فَسَمِعَ الدُّعَاءَ، وَقَبِلَ الشَّفَاعَةَ، لَمْ يَكُنْ هَذَا هُوَ الْمُؤَثِّرُ فِيهِ كَمَا يُؤَثِّرُ الْمَخْلُوقُ فِي الْمَخْلُوقِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي جَعَلَ هَذَا يَدْعُو وَيَشْفَعُ، وَهُوَ الْخَالِقُ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ، فَهُوَ الَّذِي وَفَّقَ الْعَبْدَ لِلتَّوْبَةِ ثُمَّ قَبِلَهَا، وَهُوَ الَّذِي وَفَّقَهُ لِلْعَمَلِ ثُمَّ أَثَابَهُ، وَهُوَ الَّذِي وَفَّقَهُ لِلدُّعَاءِ ثُمَّ أَجَابَهُ. وَهَذَا مُسْتَقِيمٌ عَلَى أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْقَدَرِ، وَأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ.

قَوْلُهُ:(وَالْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ حَقٌّ).

ش: قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [1] . أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ بَنِي آدَمَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ وَمَلِيكُهُمْ وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي أَخْذِ الذُّرِّيَّةِ مِنْ صُلْبِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَتَمْيِيزِهِمْ إِلَى أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَإِلَى أَصْحَابِ الشِّمَالِ، وَفِي بَعْضِهَا الْإِشْهَادُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ:

فَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنَعْمَانَ - يَوْمَ عَرَفَةَ [2] ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قُبُلًا، قَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} . إِلَى قَوْلِهِ: {الْمُبْطِلُونَ}

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِجَّاهُ.

(1) سورة الْأَعْرَافِ آية 172.

(2) الذي في المسند بطبعتيه وتفسير ابن جرير والحاكم: (يعني) بدل (يوم) . ن.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام