فهرس الكتاب
الصفحة 351 من 543

بِدُخُولِ الْجَنَّة بِلَا عَذَابٍ. وَلَا يُقَالُ إِنَّ بَيْنَ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانَ في حَدِيثِ جبْرائيلَ وَتَفْسِيرِه إِيَّاه فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ مُعَارَضَة؛ لأنه فَسَّرَ الْإِيمَانِ في حَدِيثِ جبْرِائيلَ بَعْدَ تَفْسِيرِ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِه وَكُتُبِه وَرُسُلِه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مَعَ الْأَعْمَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي تَفْسِيرِ الْإِسْلَامِ، كَمَا أَنَّ الْإِحْسَانَ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِيمَانِ الَّذِي قَدَّمَ تَفْسِيرَه قَبْلَ ذِكْرِهِ. بِخِلَافِ حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، لِأَنَّهُ فَسَّرَه ابْتِدَاءً، لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَهُ تَفْسِيرُ الْإِسْلَامِ. وَلَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْإِيمَانِ، فَحَدِيثُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ مُشْكِلٌ عَلَيْهِ.

وَمِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَا أَوْجَبَه اللَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَة أَكْثَرَ مِنَ الْخِصَالِ الْخَمْسِ الَّتِي أَجَابَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ في حَدِيثِ جبْرِائيلَ الْمَذْكُورِ، فَلِمَ قَالَ إِنَّ الْإِسْلَامَ هَذِهِ الْخِصَالُ الْخَمْسُ؟ وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ النَّاسِ بِأَنَّ هَذِهِ أَظْهَرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَأَعْظَمُهَا، وَبِقِيَامِه بِهَا يَتِمُّ اسْتِسْلَامُه، وَتَرْكُه لَهَا يُشْعِرُ بِانْحِلَالِ [قَيْدِ] [1] انْقِيَادِه.

وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الدِّينَ الَّذِي هُوَ اسْتِسْلَامُ الْعَبْدِ لِرَبِّه مُطْلَقًا، الَّذِي يَجِبُ لِلَّهِ [عِبَادَة مَحْضَة] [2] عَلَى الْأَعْيَانِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، لِيَعْبُدَ اللَّهَ بِهَا مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ، وَهَذِهِ هِيَ الْخَمْسُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَجِبُ بِأَسْبَابٍ وَمَصَالِحَ، فَلَا يَعْلَمُ وُجُوبَهَا جَمِيعُ النَّاسِ، بَلْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَة، كَالْجِهَادِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ إِمَارَة، وَحُكْمٍ، وَفُتْيَا، وَإِقْرَاءٍ، وَتَحْدِيثٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. [وَإِمَّا أَنْ يَجِبَ] [3] بِسَبَبِ حَقِّ الْآدَمِيِّينَ، فَيَخْتَصُّ بِهِ مَنْ وَجَبَ له وعليه، وَقَدْ يَسْقُطُ

(1) سقطت من الأصل، وأثبتت من سائر النسخ. ن

(2) في الأصل: (على عباده محضه) . والتصويب من الفتاوى 7/ 314. ن

(3) في الأصل: (وأما ما يجب) ، والتصويب من الفتاوى 7/ 314. ن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام