رواه مسلم.
[إثبات أن لله يمينًا]
3 -وعن أبي هُريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: (( يمينٌ اللهِ ملأى لا
تغيضُها [1] نفقةٌ، سَحَّاءُ الليلَ والنَّهارَ أَرأيتُم ما أنفَق منذ خَلقَ السَّماوات الأرض؟ فإنه لم يُغِضْ ما في يمينه، والقِسْط بيَدِهِ الأُخرى يرفعُ
ويخفض )) [2] .
(1) (*) أي: لا تنقضها.
(2) رواه البخاري كتاب التفسير (8/ 352) رقم: (4684) ، وفيه زيادة، وكتاب التوحيد (13/ 393) رقم: (7411) ، ومسلم كتاب الزكاة (2/ 690) رقم: (993) .
هذا فيه إثبات صفة اليد لله -جل وعلا- بل إثبات صفة اليدين للحق تبارك وتعالى والحق -جل وعلا- نثبت له هاتين الصفتين كما قال: { ... } ، وقال - سبحانه وتعالى: { ... } ، وقال -جل وعلا-: { ... } ، وأشباه هذه الآيات والأحاديث التي فيها إثبات صفة اليدين للحق -جل وعلا- وهذا من الإيمان فهو سبحانه متصف بذلك على ما يليق بدلاله وعظمته: { ... } وكلتا يدي الرحمن -جل وعلا- يمين، وهل يقال إن الرحمن -جل وعلا- يمينًا وشمالاً هذا فيه بحث، والذي في هذا الحديث إن الله - سبحانه وتعالى - سمى يديه يعني وصف يديه واحدة باليمين، وقال في الثانية الأخرى (وبيده الأخرى القسط يخفضه ويرفعه) وكلتا يدي الرحمن يمين كما جاء في الحديث (( أن المقسطين على منابر من نور على يمين الرحمن ) )، وكلتا يديه يمين، وقوله (( وكلتا يديه يمين ) )قال العلماء: معناه أن يدي الرحمن - سبحانه وتعالى - كلها يمين يعني في الخير وفي الإنفاق؛ لأن العرب تقول أو تجعل الشرف لليمين على اليد الأخرى وأن اليد الأخرى في الإنسان يعني اليسرى أقل وأوضع من اليمين فاليد اليمنى هي الشريفة، والثانية ليست كذلك فقول النبي - صلى الله عليه وسلم: (( وكلتا يديه يمين ) )يعني أن يدي الرحمن -جل وعلا- في الشرف والصفة سواء، ثم فضل ليد على أخرى هذه الأخرى هل يقال أنها الشمال؟ جاءت في صحيح مسلم في حديث، والحديث في إسناده ضعف، وساقه مسلم -رحمه الله- في الشواهد ولذلك أعله طائفة من أهل العلم في التنصيص على ذكر الشمال، وقالوا أن ذكر الشمال فيه ليس محفوظًا وأن الصواب في الحديث (الأخرى) وبيده الأخرى القسط وليس شماله.
وهذا ظاهر من حيث الإسناد فإن مسلماً -رحمه الله- ساقه في الشواهد، ومعلوم أن سياق الحديث في الشواهد لا يعنى تصحح كل كلمة فيه، ولهذا ذهب كثير من أهل العلم إلى عدم إثبات كلمة الشمال في صفة اليد لله -جل وعلا- وقال طائفة من المحققين من أهل العلم تثبت اليمين والشمال، والشمال شريفة يمين هي كاليمين، والشمال ليس نقصًا لها ولكن هي يمين وشمال مثل ما جاء في الحديث الذي في مسلم، وما دام أن مسلمًا قد صححه ومال إلى هذا إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في آخر كتابه"التوحيد"فإنه ذكر في المسائل في آخر الكتاب قال: التنصيص على الأخرى بأنها الشمال وهذا يقول به طائفة من أهل العلم المحققين، في هذا والمسألة تحتاج إلى مزيد نظر والحديث كما ذكرت لكم في إسناده ضعف ويكون ذكر الشمال فيه شاذًا، وقد نص على ذلك بعض أئمة الحديث كالبيهقي وغيره.