رواه مسلم.
[إن الله لا ينام]
2 -وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قامَ فينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِخمْسِ كلماتٍ فقالَ: (( إنَّ الله تعلى لا ينامُ ولا ينبَغِي له أنْ ينامَ، يخْفِضُ القِسْطَ ويرفَعُهُ، يُرفعُ إليه عملُ الليل قبل عمل النَّهار، وعملُ النَّهارِ قبل عملِ الليلِ، حِجابُهُ النُّورُ، لو كشَفهُ لأحرقتْ سُبُحاتُ وجهِهِ ما انتَهى إليه بصرهُ من
خَلْقِهِ )) [1] .
(1) رواه مسلم كتاب الإيمان (1/ 161) رقم: (179) .
هذا الحديث شروع من الشيخ -رحمه الله- في بيان الصفات وذكر الصفات وأحاديث الصفات داخل في الإيمان بالله؛ لأن الإيمان بالله إيمان بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات فكل حديث فيه ذكر للأسماء والصفات للحق -جل وعلا-، فهو يساق في باب الإيمان بالله، وهذا يدل على أن أحاديث الصفات هي أحاديث الإيمان بالله -جل وعلا- إذ بمعرفة الحق -جل وعلا-، والعلم بأسمائه وصفاته والإيمان به، فإيماننا بالحق -جل وعلا- إيمان عن علم بأسمائه وصفاته ونعوت دلاله وكريم أفعاله - سبحانه وتعالى -.
وقوله: هنا: (( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ) )لا ينام لكمال قيوميته وكمال حياته - سبحانه وتعالى - فهذا النفي مقصود به كمال ضده على قاعدة أن النفي المحض ليس كمالاً فإذا جاء نفي في الكتاب أو السنة فيقصد به إثبات كمال الضد فضد النوم الحياة والقيومية لهذا نقول"أن الله لا ينام"فيها إثبات كما حياة الله -جل وعلا- وكمال قيوميته، ولهذا في آية الكرسي قال - سبحانه وتعالى: { ... } فلكمال حياته سبحانه ولكمال قيوميته -جل وعلا- لا تأخذه سنة، غفلة ولا فتور ولا إعراض ولا نوم لا يشغله - سبحانه وتعالى - عن قيوميته شأن عن شأن.
وقوله: (( يخفض القسط ويرفعه ) )المقصود بالقسط هنا: الميزان لقوله -جل وعلا-: { ... } ، وظاهره أن الله -جل وعلا- يخفض الميزان ويرفعه كما يليق بجلال الله -جل علا-.
قوله: (( لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) )هذا تعليق بكل شيء ليس بحد؛ لأن القِسمة قسمان، الله -جل وعلا- شيء - سبحانه وتعالى - ومخلوقاته شيء آخر ليس ثم قسم ثالث، والله -جل وعلا- ومخلوقاته فما هو ليس من الله -جل وعلا- مخلوق من العرش وحملته إلى آخر ملكوت الله - سبحانه وتعالى -.
فلو كشف الحجاب - سبحانه وتعالى - لأحرقت سبحات وجهه النور القوي لأحرق ما انتهى إليه بصره من خلقه يعني كل الخلق؛ لأن بصر الحق - سبحانه وتعالى - ليس له حد ولا نهاية متعلق بجميع المخلوقات فقوله: (( ما انتهى إليه بصره من خلقه ) )يعني كل شيء وبصره وسع المخلوقات جميعًا معناه أحرق كل شيء تبارك ربنا وتعالى وتقدس.