صلى الله عليه وسلم أنه قال يوماً لأصحابه:"إنكم مستنزلون بين ظهراني عجم؛ فمن تشبه بهم في نيروزهم ومهرجانهم حشر معهم") [8] .
وقال الفقيه المالكي سحنون التنوخي صاحب المدونة: (لا تجوز الهدايا في الميلاد من مسلم ولا نصراني، ولا إجابة الدعوة فيه ولا الاستعداد له) [9] .
والحكمة من هذا النهي هي أن يحافظ المسلمون على هويتهم وشخصيتهم المستقلة، فلا يذوبوا في غيرهم من الأمم.
من مقاصد الشريعة تميز الأمة عن غيرها:
ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) . وروي عنه أيضاً أنه قال: (ليس منَّا من تشبه بغيرنا، لا تشبَّهوا باليهود ولا بالنصارى) [10] .
قال العزيزي: قيل في زيهم، وقيل في بعض أفعالهم [11] ، والظاهر عندي أن المعنى على العموم، أي من تشبه بهم في سلوكهم وطرائق حياتهم .. مما هو خاص بهم، دال على هويتهم وشخصيتهم.
فهذا الحديث - كما يقول ابن تيمية: (أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم، كما في قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] ) [12] .
ولهذا أيضاً كره بعض العلماء أن يفرد المسلم بالصيام الأيام التي يعظمها غير المسلمين .. حتى لو لم يكن إلى ذلك قاصداً.
قال ابن قدامة: (ويكره إفراد يوم النيروز ويوم المهرجان بالصوم؛ لأنهما يومان يعظمهما الكفار، فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمهما، فكُره كيوم السبت، وعلى قياس هذا كل عيد للكفار أو يوم يفردونه بالتعظيم) [13] .
وذكر ابن قدامة أيضاً أن ابن عمر كان إذا رأى الناس وما يعدُّونه لرجب كرهه، وذلك أن الجاهلية كانت تعظم هذا الشهر [14] .
إذن؛ فمن مقاصد الدين وغاياته أن تتميز جماعة المسلمين عن الأمم الأخرى ... باعتقاداتها وشعائرها وعاداتها وأخلاقها ... وكذلك بأعيادها.
لكل أمة أعيادها: