عن ابن عباس به؛ وهي طريق معلولة بعلتين؛
العلة الأولى: معاوية بن صالح ضعيف، قال العلماء فيه ما نصه:
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد؟ فقال: (كان أول أمره متماسك ثم فسد بآخره، وليس هو بشيء) ، قال ابن المديني: (لا أروي عنه شيئاً) ، وقال النسائي: (ليس بثقة) ، قال أحمد بن صالح: (متهم ليس بشيء) ، قال صالح جزرة: (كان ابن معين يوثقه، وهو عندي يكذب في الحديث) ، قال أبو زرعة: (لم يكن عندي ممن يتعمد الكذب وكان حسن الحديث) ، قال أبو حاتم: (صدوق أمين ما علمته) .
فالأئمة الكبار كأحمد وابن المديني والنسائي وأحمد بن صالح وصالح جزرة ضعفوه.
العلة الثانية: الانقطاع بين ابن أبي طلحة وابن عباس، فهو لم يسمع منه، قال ذلك؛ ابن معين ودُحيم وابن حبان وغيرهم.
وأما قولهم؛ بينهما مجاهد وعكرمة، فهذا لا يصح لوجهين:
الوجه الأول: أن الذي أثبت سماعه مجهول من مجاهد وعكرمة، فقد ذكر ذلك المزي في"تهذيب الكمال"وقال: (بينهما مجاهد) ، ولم يعزو ذلك لأحد ممن عاصر ابن أبي طلحة أو إمام من أئمة الجرح والتعديل، وأما ما جاء عن الطحاوي في"مشكل الآثار"فهو لا يُفرح به أبداً لأنه نسب ذلك لبعض العلماء ولم يسم منهم أحدا بل هو نفسه نقد مثل هذه الرواية، فإليك كلامه: (من خبر ابن عباس رضي الله عنهما الذي رويناه في صدر هذا الكتاب وإن كان خبرا منقطعا لا يثبت مثله غير أن قوما من أهل العلم بالآثار يقولون إنه صحيح وإن علي بن أبي طلحة وإن كان لم يكن رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فإنما أخذ ذلك عن مجاهد وعكرمة مولى بن عباس رضي الله عنهما) [شرح معاني الآثار ج 3 ص 279] .
أقول: فهل سمى أحدا من أهل العلم الذين عاصروا ابن أبي طلحة وعرفوه حق المعرفة؟ وهل مجرد العزو للمجهول يعتبر حجة؟
علما أن الطحاوي رحمه الله تعالى يقول كما هو مبين أعلاه: (وإن كان خبرا منقطعا لا يثبت مثله) ، فهو يقصد الانقطاع الوارد بين ابن أبي طلحة وابن عباس، السماع لم يثبت بيقين قطعاً قطعاً.
الوجه الثاني: أن نفي السماع المطلق ورد من كلام الأئمة الأثبات، وخص يعقوب بن إسحاق عدم سماع الصحيفة بقوله: عندما سأل صالح بن محمد ممن سمع التفسير؟ قال: (من لا أحد) [أنظر تهذيب الكمال ج 2/ص 974] ، فلا يزول هذا إلا بيقين، فاليقين لا يزول بالظن عما هو متقرر.
أما قولهم؛ هي وجادة، فهذا القول أوهن من بيت العنكبوت لأن شروط الوجادة لا تنطبق عليها قطعاً ولا يستحق النقاش، لأن هذا من رمي الكلام على عواهنه