قال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ في مسائله ( [78] ) :- قلت لأبي عبدالله: حديث عن رسول الله مرسل برجال ثبت أحبُّ إليك، أو حديث عن الصحابة والتابعين متصل برجال ثبت؟
قال أبو عبدالله - رحمه الله: (عن الصحابة أعجب إليّ) .
ومما يدل على احتجاجه بقول الصحابة -رضي الله عنهم - قوله في كتابه (السنة) ( [79] ) :- (بل حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة) .
وقال عبدوس بن مالك العطار ( [80] ) :- سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل -رضي الله عنه-يقول: (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات، وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين … .. )
قال ابن القيم ( [81] ) -رحمه الله-:- وأئمة الإسلام كلهم على قبول قول الصحابي.
لقد اختلف الناس بعد أئمتهم في حجية قول الصحابي إلى مذاهب مختلفة، أهمها ما يأتي:-
1 -عدم حجيته مطلقاً، وبه قالت الأشاعرة ( [82] ) ، وأكثر المتكلمين ( [83] ) ، والمعتزلة ( [84] ) .
2 -عدم حجيته إلا فيما لا يدرك بالقياس، وبه قال الكرخي ( [85] ) ، وأبو زيد ( [86] ) .
3 -عدم حجيته إلا إذا خالف قوله القياس، وبه قال بعض الحنفية، وابن برهان، والغزالي في المنخول ( [87] ) .
4 -عدم حجيته إلا إذا كان الصحابي من أهل الفتوى، وبه قال بعض الحنفية ( [88] ) .
المبحث السادس: في أدلة علماء الأمة في حجية قول الصحابي ( [89] )
لقد تنوعت أدلة علماء الأمة وأئمتها وتعددت في إثبات حجية قول الصحابي، فدارت أدلتهم بين آي الكتاب، وأحاديث نبوية، واتفاق سلف الأمة قولاً وعملاً على الاحتجاج به، وصريح المعقول.
وإليك - أخي القارئ - ذكرها مفصلة من غير إطنابٍ مُمِلٍّ ولا إيجازٍ مُخِلٍّ.