أولاً:- الكتاب:- لقد وردت في هذا الشأن آيات كثيرات استدل بها أئمة الهدى على حجية قول الصحابي، من ذلك ما يأتي:-
1 -قوله تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم} [التوبة 100]
وجه الدلالة ( [90] ) :- أن الله أثنى على من اتبعهم فإذا قالوا قولاً فاتبعهم متبع عليه قبل أن يعرف صحته فهو متبع لهم فيجب أن يكون محموداً على ذلك وأن يستحق الرضوان. ولو كان اتباعهم تقليداً محضاً كتقليد بعض المفتين لم يستحق من اتبعهم الرضوان إلا أن يكون عامياً. فأما العلماء المجتهدون فلا يجوز لهم اتباعهم حينئذٍ.
وقد أُعترض على وجه الدلالة بما يأتي:-
الاعتراض الأول:- إن المراد باتباعهم:- هو أن يقول ما قالوا بالدليل وهو سلوك سبيل الاجتهاد لأنهم إنما قالوا بالاجتهاد.
والدليل عليه: قوله {بإحسان} . ومن قلدهم لم يتبعهم بإحسان؛ لأنه لو كان مطلق الاتباع محموداً لم يفرق بين الاتباع بإحسان أو بغير إحسان.
وقد أجيب عن هذا الاعتراض بما يأتي:-
إن الاتباع لا يستلزم الاجتهاد. لوجوه:-
أحدها:- أن الاتباع المأمور به في القرآن كقوله:- {فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران 31] {واتبعوه لعلكم تهتدون} [الأعراف 158] {ويتبع غير سبيل المؤمنين} [النساء 115]
ونحوه لا يتوقف على الاستدلال على صحة القول مع الاستغناء عن القائل.
الثاني:- أنه لو كان المراد اتباعهم في الاستدلال والاجتهاد لم يكن فرق بين السابقين وبين جميع الخلائق؛ لأن اتباع موجب الدليل يجب أن يتبع فيه كل أحد. فمن قال قولاً بدليل صحيح وجب موافقته فيه.