وهكذا لصقت بالمجتمع الإسلامي مجموعة خسائس لاشك في أنها بعيدة الأثر فيما لحقه من اضمحلال وهَوان. وقد بذلت جهدي ـ حين تصديت لتصوير عقيدة المسلم ـ أن أتجنب أشواك هذا الخلاف، فإذا استطعت طَيَّه في السياق المطرد ؛ طويته وتجاهَلْته. وإذا اضطرِرْت إلى خوضِهِ عالجته على كُرْهٍ ، وذكرت ما استبان لي ـ أنه صواب، وقد أستجهل الطرف المقبل ولا أكفره، لأن الجهل الفاضح ـ كما ظهر لي ـ أساس كثير من المشكلات العلمية المبهمة. وربما لمحت في أخلاق بعض المجادلين عوجًا ، وفي أسلوبهم عنفًا، فأوثر مغفرة هذا على مقابلة السيئة بمثلها؛ لأننا أمة فقيرة جدًّا إلى التجمع والائتلاف. فلندفع ثمن هذا من أعصابنا، والمرجع إلى الله. 3- وإذا كان علم التوحيد على النحو الذي وصفنا، فإن كتبه التي تشيع بيننا الآن فشلت في أداء رسالتها شكلاً وموضوعًا. فمن ناحية الشكل لا معنى البتة لعرض علم ما، في توزيع مضطرب بين متنٍ وشرح وحاشية وتقرير، وفي لغة ركيكة اللفظ ، سقيمة الأداء، لغة تصوِّر سقوط البلاغة العربية على عهد الحكم التركي. وتطور الأدب في عصرنا هذا لا ينكر، وقد بلغ من تمكن المؤلفين والمتأدبين في اللغة العربية أن تناولوا الموضوعات التافهة فأخرجوها في ألبسة زاهية، ووجَّهوا ألوف القرَّاء ـ بسحر بيانهم ـ إلى ما يريدون. فهل يبقى الكلام في العقائد وحدها حكرًا على هذا النمط الزري من الحواشي والمتون؟! على أننا إذا تغاضَيْنا عن الشكل، وتعرضنا للجوهر بالنقد والتمحيص، لا نلبث أن ندرك أن هذا الجانب الإلهي من الثقافة الإسلامية طغت عليه الفلسفات الغربية التي نقلها السريان عن اليونان وغيرهم. ص _013