الصفحة 8 من 229

فإذا بعلوم العقيدة تتحول عن مجراها العتيد، وإذا بكتب التوحيد تزدحم باصطلاحات الفلاسفة وطرائق تفكيرهم. ويبدو أن الأسلاف الباحثين في هذه الناحية من الإسلام قد فتنهم الإعجاب بما نقله إليهم التراجمة من ثمرات العقل اليوناني. ولسنا بصَدَدِ الحكم على قيمة هذا العمل وحكمته، وإن كنا ننَوِّه بدلالته على مدى الحرية التي منحها الإسلام أتباعَه، وعلى أن الدائرة التي يعمل فيها العقل الإسلامي تسَعُ العالَم أجمَعَ، فليست مغلقة على عصبية جنسية أو فكرة محلية. غير أن عناصر العقيدة كادت تتيه وسط هذا الركام من النقول والأقيسة والمصطلحات ، فوجب تجميعها في نسق متقارب. ثم إن غرسها في الأفئدة لن يثمر ويزدهر إلا بأسلوب الإسلام نفسه. ومن العجيب أنك تقرأ في أمهات الكتب الكلامية، وتطوي الصفحات الطوال، فلا تكاد تعثر على آية أو حديث، إلا اقتباسات يسيرة ؟ ، تبدو كالزهرات المنفردة في الأرض السبخة. ربما استراح عشاق البحث الفلسفي المجرد لهذه الكتب، ولا عليهم! لكن هذا لا يغنينا عن عرض العقيدة الخالصة حقائق تتصل عن قربٍ بمصادرِها الأولى (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ) محمد الغزالي ص _015

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام