عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ بَنُو أُبَيْرِقٍ رَهْطًا مِنْ بَنِي ظُفُرٍ وَكَانُوا ثَلَاثَةً بَشِيرٌ وَبِشْرٌ وَمُبَشِّرٌ ، وَكَانَ بَشِيرٌ يُكْنَى أَبَا طُعْمَةَ وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ مُنَافِقًا وَكَانَ يَقُولُ الشَّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ يَقُولُ : قَالَهُ فُلَانٌ ، فَإِذَا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ ، قَالُوا : كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ مَا قَالَهُ إِلَّا هُوَ ، فَقَالَ : {
} أَوَكُلَّمَا قَالَ الرِّجَالُ قَصِيدَةً {
}ضَمُّوا إِلَيَّ بِأَنْ أُبَيْرِقَ قَالَهَا {
}{
} مُتَخَطِّمِينَ كَأَنَّنِي أَخْشَاهُمُ {
} جَدَعَ الْإِلَهُ أُنُوفَهُمْ فَأَبَانَهَا {
}وَكَانُوا أَهْلَ فَقْرٍ وَحَاجَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَكَانَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ رَجُلًا مُوسِرًا أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَوَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى أَنَّ فِي إِسْلَامِهِ شَيْئًا ، وَكَانَ إِذَا كَانَ لَهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الضَّافِطَةُ مِنَ السَّدَمِ تَحْمِلُ الدَّرْمَكَ ابْتَاعَ لِنَفْسِهِ مَا يَحِلُّ بِهِ ، فَأَمَّا الْعِيَالُ فَكَانَ يُقِيتُهُمُ الشَّعِيرَ فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ - وَهُمُ الْأَنْبَاطُ - تَحْمِلُ دَرْمَكًا فَابْتَاعَ رِفَاعَةُ حِمْلَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ فَجَعَلَهُمَا فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ وَكَانَ فِي عُلِّيَّتِهِ دِرْعَانِ لَهُ وَمَا يُصْلِحُهُمَا مِنْ آلَتِهِمَا ، فَطَرَقَهُ بَشِيرٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَرَقَ الْعُلِّيَّةَ مِنْ ظَهْرِهَا فَأَخَذَ الطَّعَامَ ثُمَّ أَخَذَ السِّلَاحَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ عَمِّي بَعَثَ إِلَيَّ فَأَتَيْتُهُ ، فَقَالَ : أُغِيرَ عَلَيْنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلَاحِنَا ، فَقَالَ بَشِيرٌ وَإِخْوَتُهُ : وَاللَّهِ مَا صَاحِبُ مَتَاعِكُمْ إِلَّا لَبِيدُ بْنُ سَهْلٍ - لِرَجُلٍ مِنَّا كَانَ ذَا حَسَبٍ وَصَلَاحٍ - فَلَمَّا بَلَغَهُ ، قَالَ : أُصْلِتُ وَاللَّهِ بِالسَّيْفِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيْ بَنِي الْأُبَيْرِقِ وَأَنَا أَسْرِقُ ، فَوَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ مَنْ صَاحِبُ هَذِهِ السَّرِقَةِ ، فَقَالُوا : انْصَرِفْ عَنَّا فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَبَرِئٌ مِنْ هَذِهِ السَّرِقَةِ ، فَقَالَ : كَلَّا وَقَدْ زَعَمْتُمْ ، ثُمَّ سَأَلْنَا فِي الدَّارِ وَتَجَسَّسْنَا حَتَّى قِيلَ لَنَا : وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَوْقَدَ بَنُو أُبَيْرِقٍ اللَّيْلَةَ وَمَا نَرَاهُ إِلَّا عَلَى طَعَامِكُمْ ، فَمَا زِلْنَا حَتَّى كِدْنَا نَسْتَيْقِنُ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُ ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَتْهُ فِيهِمْ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلَ جَفَاءٍ وَسَفَهٍ غَدَوْا عَلَى عَمِّي فَخَرَقُوا عُلِّيَّةً لَهُ مِنْ ظَهْرِهَا فَغَدَوْا عَلَى طَعَامٍ وَسِلَاحٍ ، فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ وَأَمَّا السِّلَاحُ فَلْيَرُدَّهُ عَلَيْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ " وَكَانَ لَهُمُ ابْنُ عَمٍّ يُقَالُ لَهُ أَسِيرُ بْنُ عُرْوَةَ فَجَمَعَ رِجَالَ قَوْمِهِ ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ وَابْنَ أَخِيهِ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ قَدْ عَمَدَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلَ حَسَبِ وَشَرَفٍ وَصَلَاحٍ يَأْبِنُونَهُمْ بِالْقَبِيحِ وَيَأْبِنُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا شَهَادَةٍ ، فَوَضَعَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِسَانِهِ مَا شَاءَ ثُمَّ انْصَرَفَ ، وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَّمْتُهُ فَجَبَهَنِي جَبْهًا شَدِيدًا وَقَالَ : " بِئْسَ مَا صَنَعْتَ وَبِئْسَ مَا مَشَيْتَ فِيهِ ، عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنْكُمْ أَهْلِ حَسَبٍ وَصَلَاحٍ تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ وَتَأْبِنُهُمْ فِيهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا تَثَبُّتٍ " فَسَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْهُ ، فَلَمَّا أَنْ رَجَعْتُ إِلَى الدَّارِ أَرْسَلَ إِلَيَّ عَمِّي : يَا ابْنَ أَخِي مَا صَنَعْتَ ؟ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَايْمُ اللَّهِ لَا أَعُودُ إِلَيْهِ أَبَدًا ، فَقَالَ : اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ {{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا }} أَيْ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ ، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {{ ثُمَّ يَرِمْ بِهِ بَرِيئًا }} أَيْ لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ {{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ }} يَعْنِي أَسِيرَ بْنَ عُرْوَةَ وَأَصْحَابَهُ ، ثُمَّ قَالَ : {{ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ }} - إِلَى قَوْلِهِ - {{ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }} أَيًّا كَانَ ذَنْبُهُ دُونَ الشِّرْكِ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ هَرَبَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ الدَّرْعَيْنِ وَأَدَاتَهُمَا فَرَدَّهُمَا عَلَى رِفَاعَةَ . قَالَ قَتَادَةُ : فَلَمَّا جِئْتُهُ بِهِمَا وَمَا مَعَهُمَا ، قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي هُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَرَجَوْتُ أَنَّ عَمِّي حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَكَانَ ظَنِّي بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَخَرَجَ ابْنُ أُبَيْرِقٍ حَتَّى نَزَلَ عَلَى سَلَّامَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ سَهْلٍ أُخْتِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَكَانَتْ عِنْدَ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بِمَكَّةَ ، فَوَقَعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ يَشْتُمُهُمْ فَرَمَاهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِأَبْيَاتٍ ، فَقَالَ : {
} أَيَا سَارِقَ الدَّرْعَيْنِ إِنْ كُنْتَ ذَاكِرًا {
}بِذِي كَرَمٍ بَيْنَ الرِّجَالِ أُوَادِعُهْ {
}{
} وَقَدْ أَنْزَلْتَهُ بِنْتُ سَعْدٍ فَأَصْبَحَتْ {
}يُنَازِعُهَا جَلْدَ اسْتِهِ وَتُنَازِعُهْ {
}{
} فَهَلَّا أَسِيرًا جِئْتَ جَارَكَ رَاغِبًا {
}إِلَيْهِ وَلَمْ تَعْمَدْ لَهُ فَتُدَافِعُهْ {
}{
} ظَنَنْتُمْ بِأَنْ يَخْفَى الَّذِي قَدْ فَعَلْتُمُ {
}وَفِيكُمْ نَبِيٌّ عِنْدَهُ الْوَحْيُ وَاضِعُهْ {
}{
} فَلَوْلَا رِجَالٌ مِنْكُمُ تَشْتُمُونَهُمْ {
}بِذَاكَ لَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ طَوَالِعُهْ {
}{
} فَإِنْ تَذْكُرُوا كَعْبًا إِلَى مَا نَسَبْتُمُ {
}فَهَلْ مِنْ أَدِيمٍ لَيْسَ فِيهِ أَكَارِعُهْ {
}{
} وَجَدْتَهُمُ يَرْجُونَكُمْ قَدْ عَلِمْتُمُ {
}كَمَا الْغَيْثُ يُرْجِيهِ السَّمِينُ وَتَابِعُهْ {
}فَلَمَّا بَلَغَهَا شِعْرُ حَسَّانَ أَخَذَتْ رَحْلَ أُبَيْرِقٍ فَوَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا حَتَّى قَذَفَتْهُ بِالْأَبْطَحِ ، ثُمَّ حَلَقَتْ وَسَلَقَتْ وَخَرَقَتْ وَخَلَفَتْ إِنْ بِتَّ فِي بَيْتِي لَيْلَةً سَوْدَاءَ أَهْدَيْتَ لِي شِعْرَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مَا كُنْتَ لِتَنْزِلَ عَلَيَّ بِخَيْرٍ ، فَلَمَّا أَخْرَجَتْهُ لَحِقَ بِالطَّائِفِ فَدَخَلَ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَوَقَعَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ، فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ : وَاللَّهِ لَا يُفَارِقُ مُحَمَّدًا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِ خَيْرٌ
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ بَنُو أُبَيْرِقٍ رَهْطًا مِنْ بَنِي ظُفُرٍ وَكَانُوا ثَلَاثَةً بَشِيرٌ وَبِشْرٌ وَمُبَشِّرٌ ، وَكَانَ بَشِيرٌ يُكْنَى أَبَا طُعْمَةَ وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ مُنَافِقًا وَكَانَ يَقُولُ الشَّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ يَقُولُ : قَالَهُ فُلَانٌ ، فَإِذَا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ ، قَالُوا : كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ مَا قَالَهُ إِلَّا هُوَ ، فَقَالَ : أَوَكُلَّمَا قَالَ الرِّجَالُ قَصِيدَةً ضَمُّوا إِلَيَّ بِأَنْ أُبَيْرِقَ قَالَهَا مُتَخَطِّمِينَ كَأَنَّنِي أَخْشَاهُمُ جَدَعَ الْإِلَهُ أُنُوفَهُمْ فَأَبَانَهَا وَكَانُوا أَهْلَ فَقْرٍ وَحَاجَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَكَانَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ رَجُلًا مُوسِرًا أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَوَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى أَنَّ فِي إِسْلَامِهِ شَيْئًا ، وَكَانَ إِذَا كَانَ لَهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الضَّافِطَةُ مِنَ السَّدَمِ تَحْمِلُ الدَّرْمَكَ ابْتَاعَ لِنَفْسِهِ مَا يَحِلُّ بِهِ ، فَأَمَّا الْعِيَالُ فَكَانَ يُقِيتُهُمُ الشَّعِيرَ فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ - وَهُمُ الْأَنْبَاطُ - تَحْمِلُ دَرْمَكًا فَابْتَاعَ رِفَاعَةُ حِمْلَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ فَجَعَلَهُمَا فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ وَكَانَ فِي عُلِّيَّتِهِ دِرْعَانِ لَهُ وَمَا يُصْلِحُهُمَا مِنْ آلَتِهِمَا ، فَطَرَقَهُ بَشِيرٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَرَقَ الْعُلِّيَّةَ مِنْ ظَهْرِهَا فَأَخَذَ الطَّعَامَ ثُمَّ أَخَذَ السِّلَاحَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ عَمِّي بَعَثَ إِلَيَّ فَأَتَيْتُهُ ، فَقَالَ : أُغِيرَ عَلَيْنَا هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلَاحِنَا ، فَقَالَ بَشِيرٌ وَإِخْوَتُهُ : وَاللَّهِ مَا صَاحِبُ مَتَاعِكُمْ إِلَّا لَبِيدُ بْنُ سَهْلٍ - لِرَجُلٍ مِنَّا كَانَ ذَا حَسَبٍ وَصَلَاحٍ - فَلَمَّا بَلَغَهُ ، قَالَ : أُصْلِتُ وَاللَّهِ بِالسَّيْفِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيْ بَنِي الْأُبَيْرِقِ وَأَنَا أَسْرِقُ ، فَوَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ مَنْ صَاحِبُ هَذِهِ السَّرِقَةِ ، فَقَالُوا : انْصَرِفْ عَنَّا فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَبَرِئٌ مِنْ هَذِهِ السَّرِقَةِ ، فَقَالَ : كَلَّا وَقَدْ زَعَمْتُمْ ، ثُمَّ سَأَلْنَا فِي الدَّارِ وَتَجَسَّسْنَا حَتَّى قِيلَ لَنَا : وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَوْقَدَ بَنُو أُبَيْرِقٍ اللَّيْلَةَ وَمَا نَرَاهُ إِلَّا عَلَى طَعَامِكُمْ ، فَمَا زِلْنَا حَتَّى كِدْنَا نَسْتَيْقِنُ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُ ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَكَلَّمَتْهُ فِيهِمْ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلَ جَفَاءٍ وَسَفَهٍ غَدَوْا عَلَى عَمِّي فَخَرَقُوا عُلِّيَّةً لَهُ مِنْ ظَهْرِهَا فَغَدَوْا عَلَى طَعَامٍ وَسِلَاحٍ ، فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ وَأَمَّا السِّلَاحُ فَلْيَرُدَّهُ عَلَيْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ لَهُمُ ابْنُ عَمٍّ يُقَالُ لَهُ أَسِيرُ بْنُ عُرْوَةَ فَجَمَعَ رِجَالَ قَوْمِهِ ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ وَابْنَ أَخِيهِ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ قَدْ عَمَدَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلَ حَسَبِ وَشَرَفٍ وَصَلَاحٍ يَأْبِنُونَهُمْ بِالْقَبِيحِ وَيَأْبِنُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا شَهَادَةٍ ، فَوَضَعَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِلِسَانِهِ مَا شَاءَ ثُمَّ انْصَرَفَ ، وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَكَلَّمْتُهُ فَجَبَهَنِي جَبْهًا شَدِيدًا وَقَالَ : بِئْسَ مَا صَنَعْتَ وَبِئْسَ مَا مَشَيْتَ فِيهِ ، عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنْكُمْ أَهْلِ حَسَبٍ وَصَلَاحٍ تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ وَتَأْبِنُهُمْ فِيهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا تَثَبُّتٍ فَسَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْهُ ، فَلَمَّا أَنْ رَجَعْتُ إِلَى الدَّارِ أَرْسَلَ إِلَيَّ عَمِّي : يَا ابْنَ أَخِي مَا صَنَعْتَ ؟ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ وَايْمُ اللَّهِ لَا أَعُودُ إِلَيْهِ أَبَدًا ، فَقَالَ : اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ {{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا }} أَيْ طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ ، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {{ ثُمَّ يَرِمْ بِهِ بَرِيئًا }} أَيْ لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ {{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ }} يَعْنِي أَسِيرَ بْنَ عُرْوَةَ وَأَصْحَابَهُ ، ثُمَّ قَالَ : {{ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ }} - إِلَى قَوْلِهِ - {{ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }} أَيًّا كَانَ ذَنْبُهُ دُونَ الشِّرْكِ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ هَرَبَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَيَّ الدَّرْعَيْنِ وَأَدَاتَهُمَا فَرَدَّهُمَا عَلَى رِفَاعَةَ . قَالَ قَتَادَةُ : فَلَمَّا جِئْتُهُ بِهِمَا وَمَا مَعَهُمَا ، قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي هُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَرَجَوْتُ أَنَّ عَمِّي حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَكَانَ ظَنِّي بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَخَرَجَ ابْنُ أُبَيْرِقٍ حَتَّى نَزَلَ عَلَى سَلَّامَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ سَهْلٍ أُخْتِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَكَانَتْ عِنْدَ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بِمَكَّةَ ، فَوَقَعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ يَشْتُمُهُمْ فَرَمَاهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِأَبْيَاتٍ ، فَقَالَ : أَيَا سَارِقَ الدَّرْعَيْنِ إِنْ كُنْتَ ذَاكِرًا بِذِي كَرَمٍ بَيْنَ الرِّجَالِ أُوَادِعُهْ وَقَدْ أَنْزَلْتَهُ بِنْتُ سَعْدٍ فَأَصْبَحَتْ يُنَازِعُهَا جَلْدَ اسْتِهِ وَتُنَازِعُهْ فَهَلَّا أَسِيرًا جِئْتَ جَارَكَ رَاغِبًا إِلَيْهِ وَلَمْ تَعْمَدْ لَهُ فَتُدَافِعُهْ ظَنَنْتُمْ بِأَنْ يَخْفَى الَّذِي قَدْ فَعَلْتُمُ وَفِيكُمْ نَبِيٌّ عِنْدَهُ الْوَحْيُ وَاضِعُهْ فَلَوْلَا رِجَالٌ مِنْكُمُ تَشْتُمُونَهُمْ بِذَاكَ لَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ طَوَالِعُهْ فَإِنْ تَذْكُرُوا كَعْبًا إِلَى مَا نَسَبْتُمُ فَهَلْ مِنْ أَدِيمٍ لَيْسَ فِيهِ أَكَارِعُهْ وَجَدْتَهُمُ يَرْجُونَكُمْ قَدْ عَلِمْتُمُ كَمَا الْغَيْثُ يُرْجِيهِ السَّمِينُ وَتَابِعُهْ فَلَمَّا بَلَغَهَا شِعْرُ حَسَّانَ أَخَذَتْ رَحْلَ أُبَيْرِقٍ فَوَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا حَتَّى قَذَفَتْهُ بِالْأَبْطَحِ ، ثُمَّ حَلَقَتْ وَسَلَقَتْ وَخَرَقَتْ وَخَلَفَتْ إِنْ بِتَّ فِي بَيْتِي لَيْلَةً سَوْدَاءَ أَهْدَيْتَ لِي شِعْرَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مَا كُنْتَ لِتَنْزِلَ عَلَيَّ بِخَيْرٍ ، فَلَمَّا أَخْرَجَتْهُ لَحِقَ بِالطَّائِفِ فَدَخَلَ بَيْتًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَوَقَعَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ ، فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ : وَاللَّهِ لَا يُفَارِقُ مُحَمَّدًا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِ خَيْرٌ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ