عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ ، قَالَ : كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو أُبَيْرِقَ ، بِشْرٌ ، وَبَشِيرٌ ، وَمُبَشِّرٌ ، وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا مُنَافِقًا ، وَكَانَ يَقُولُ الشَّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ يَنْحَلُهُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ ، وَيَقُولُ : قَالَ فُلَانٌ كَذَا ، وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا ، فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ الشَّعْرِ ، قَالُوا : وَاللَّهِ مَا يَقُولُ هَذَا الشَّعْرَ إِلَّا الْخَبِيثُ ، فَقَالَ : أَوَكُلَّمَا قَالَ الرَّجُلُ قَصِيَدةً قَالُوا : ابْنُ أُبَيْرِقٍ قَالَهَا ، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فَاقَةٍ وَحَاجَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ ، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ الْيَسَارُ أَكَلَ الْبُرَّ ، فَقَدِمَ طَعَامٌ مِنَ الشَّامِ ، فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلًا مِنَ الدَّرْمَكِ ، فَجَعَلَهُ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ ، وَفِي الْمَشْرُبَةِ سِلَاحٌ لَهُ دِرْعَانِ وَسَيْفَاهُمَا ، وَمَا يُعَلِّمُهُمَا ، فَعُدِّيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ ، وَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ ، وَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلَاحُ ، فَأَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ ، فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي تَعْلَمُ أَنَّهُ عُدِّيَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ ، فَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ ، فَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلَاحِنَا ، فَتَحَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا ، فَقِيلَ : قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِقٍ ، وَاسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَمَا نَرَى فِيمَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ بَنُو أُبَيْرِقٍ وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ : وَاللَّهِ مَا نَرَى صَاحِبَكُمْ إِلَا لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ ، رَجُلٌ مِنَّا لَهُ صَلَاحٌ وَإِسْلَامٌ ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ ، وَقَالَ : أَنَا أَسْرِقُ ، وَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ ، قَالُوا : إِلَيْكَ عَنَّا أَيُّهَا الرَّجُلُ ، وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا ، فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ يُشَكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا ، فَقَالَ لِي عَمِّي : يَا ابْنَ أَخِي لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلَ جَفَاءٍ ، عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ فَنَقَبُوا مَشْرُبَةً لَهُ ، وَأَخَذُوا سِلَاحَهُ وَطَعَامَهُ ، فَلْيَرْدُدْ إِلَيْنَا سِلَاحَنَا ، أَمَا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ " ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ : أُسَيْدُ بْنُ عُرْوَةَ ، وَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ ، وَاجْتَمَعَ لَهُ ثَلَاثُونَ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمَدَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلَامٍ وَصَلَاحٍ يَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ ، وَلَا ثَبْتٍ ، قَالَ قَتَادَةُ : فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَلَّمَتْهُ ، فَقَالَ : " أَعَمَدْتُمْ إِلَى قَوْمٍ ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلَامٌ وَصَلَاحٌ تَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ ؟ " ، فَرَجَعْتُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، فَأَتَانِي عَمِّي رِفَاعَة ، فَقَالَ : ابْنَ أَخِي مَا صَنَعْتَ ؟ ، فَأَخْبَرْتُهُ مَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ : {{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا }} ، بَنِي أُبَيْرِقٍ ، {{ وَاسْتَغْفَرِ اللَّهَ }} ، أَيْ مِمَّا قُلْتَ لِقَتَادَةَ ، {{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ }} ، بَنِي أُبَيْرِقٍ ، {{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ ، وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيَّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ ، وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ }} ، الْآيَةُ إِلَى قَوْلِهِ : {{ غَفُورًا رَحِيمًا }} ، أَيْ لَوْ أَنَّهُمُ اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ لَغَفَرَ لَهُمْ ، {{ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }} ، قَوْلُهُمْ لِلَبِيدٍ ، {{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ }} ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّلَاحِ ، فَرَدُّهُ إِلَى رِفَاعَةَ . قَالَ قَتَادَةُ : فَلَمَّا أَتَيْتُ عَمِّيَ بِالسِّلَاحِ ، وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَمِيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكُنْتُ أَرَى إِسْلَامَهُ مَدْخُولًا ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ بِالسِّلَاحِ ، قَالَ : ابْنَ أَخِي هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَعَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ صَحِيحًا ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بَشِيرٌ بِالْمُشْرِكِينَ ، فَنَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ {{ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا }} ، فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعِيدٍ رَمَاهَا بِأَبْيَاتِ شَعَرٍ ، أَخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ فَرَمَتْ بِهِ الْأَبْطَحَ ، وَأَنَّهُ نَفَتَ عَلَى قَوْمٍ مِنْهُمْ لِيَسْرِقَ مَتَاعَهُمْ فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ صَخْرَةً ، فَكَانَتْ قَبْرَهُ
حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ ، قَالَ : كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو أُبَيْرِقَ ، بِشْرٌ ، وَبَشِيرٌ ، وَمُبَشِّرٌ ، وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلًا مُنَافِقًا ، وَكَانَ يَقُولُ الشَّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ يَنْحَلُهُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ ، وَيَقُولُ : قَالَ فُلَانٌ كَذَا ، وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا ، فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ الشَّعْرِ ، قَالُوا : وَاللَّهِ مَا يَقُولُ هَذَا الشَّعْرَ إِلَّا الْخَبِيثُ ، فَقَالَ : أَوَكُلَّمَا قَالَ الرَّجُلُ قَصِيَدةً قَالُوا : ابْنُ أُبَيْرِقٍ قَالَهَا ، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فَاقَةٍ وَحَاجَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ ، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ الْيَسَارُ أَكَلَ الْبُرَّ ، فَقَدِمَ طَعَامٌ مِنَ الشَّامِ ، فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلًا مِنَ الدَّرْمَكِ ، فَجَعَلَهُ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ ، وَفِي الْمَشْرُبَةِ سِلَاحٌ لَهُ دِرْعَانِ وَسَيْفَاهُمَا ، وَمَا يُعَلِّمُهُمَا ، فَعُدِّيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ ، وَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ ، وَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلَاحُ ، فَأَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ ، فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي تَعْلَمُ أَنَّهُ عُدِّيَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتِنَا هَذِهِ ، فَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ ، فَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلَاحِنَا ، فَتَحَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا ، فَقِيلَ : قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِقٍ ، وَاسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَمَا نَرَى فِيمَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ بَنُو أُبَيْرِقٍ وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ : وَاللَّهِ مَا نَرَى صَاحِبَكُمْ إِلَا لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ ، رَجُلٌ مِنَّا لَهُ صَلَاحٌ وَإِسْلَامٌ ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ ، وَقَالَ : أَنَا أَسْرِقُ ، وَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ ، قَالُوا : إِلَيْكَ عَنَّا أَيُّهَا الرَّجُلُ ، وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا ، فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ يُشَكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا ، فَقَالَ لِي عَمِّي : يَا ابْنَ أَخِي لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلَ جَفَاءٍ ، عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ فَنَقَبُوا مَشْرُبَةً لَهُ ، وَأَخَذُوا سِلَاحَهُ وَطَعَامَهُ ، فَلْيَرْدُدْ إِلَيْنَا سِلَاحَنَا ، أَمَا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ : أُسَيْدُ بْنُ عُرْوَةَ ، وَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ ، وَاجْتَمَعَ لَهُ ثَلَاثُونَ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمَدَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلَامٍ وَصَلَاحٍ يَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ ، وَلَا ثَبْتٍ ، قَالَ قَتَادَةُ : فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَكَلَّمَتْهُ ، فَقَالَ : أَعَمَدْتُمْ إِلَى قَوْمٍ ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلَامٌ وَصَلَاحٌ تَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ ؟ ، فَرَجَعْتُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ، فَأَتَانِي عَمِّي رِفَاعَة ، فَقَالَ : ابْنَ أَخِي مَا صَنَعْتَ ؟ ، فَأَخْبَرْتُهُ مَا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ : {{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا }} ، بَنِي أُبَيْرِقٍ ، {{ وَاسْتَغْفَرِ اللَّهَ }} ، أَيْ مِمَّا قُلْتَ لِقَتَادَةَ ، {{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ }} ، بَنِي أُبَيْرِقٍ ، {{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ ، وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيَّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ ، وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ }} ، الْآيَةُ إِلَى قَوْلِهِ : {{ غَفُورًا رَحِيمًا }} ، أَيْ لَوْ أَنَّهُمُ اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ لَغَفَرَ لَهُمْ ، {{ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }} ، قَوْلُهُمْ لِلَبِيدٍ ، {{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ }} ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالسِّلَاحِ ، فَرَدُّهُ إِلَى رِفَاعَةَ . قَالَ قَتَادَةُ : فَلَمَّا أَتَيْتُ عَمِّيَ بِالسِّلَاحِ ، وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَمِيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكُنْتُ أَرَى إِسْلَامَهُ مَدْخُولًا ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ بِالسِّلَاحِ ، قَالَ : ابْنَ أَخِي هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَعَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ صَحِيحًا ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بَشِيرٌ بِالْمُشْرِكِينَ ، فَنَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ {{ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا }} ، فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعِيدٍ رَمَاهَا بِأَبْيَاتِ شَعَرٍ ، أَخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ فَرَمَتْ بِهِ الْأَبْطَحَ ، وَأَنَّهُ نَفَتَ عَلَى قَوْمٍ مِنْهُمْ لِيَسْرِقَ مَتَاعَهُمْ فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ صَخْرَةً ، فَكَانَتْ قَبْرَهُ