عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتِ : " اجْتَمَعَتْ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ، فَقَالَتِ الْأُولَى : زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْثٍ ، لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى ، وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَى . وَقَالَتِ الثَّانِيَةُ : زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ . وَقَالَتِ الثَّالِثَةُ : زَوْجِيَ الْعَشَنَّقُ ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ . وَقَالَتِ الرَّابِعَةُ : زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ ، وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ ، لِيَعْلَمَ الْبَثَّ . وَقَالَتِ الْخَامِسَةُ : زَوْجِي غَيَايَاءُ ، طَبَاقَاءُ ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ ، شَجَّكِ ، أَوْ فَلَّكِ ، أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ . وَقَالَتِ السَّادِسَةُ : زَوْجِيَ الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ . وَقَالَتِ السَّابِعَةُ : زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ ، لَا حَرٌّ ، وَلَا قُرٌّ ، وَلَا مَخَافَةَ ، وَلَا سَآمَةَ . وَقَالَتِ الثَّامِنَةُ : زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ . قَالَتِ التَّاسِعَةُ : زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ ، عَظِيمُ الرَّمَادِ ، طَوِيلُ النِّجَادِ ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ . قَالَتِ الْعَاشِرَةُ : زَوْجِي مَالِكٌ ، فَمَا مَالِكٌ ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكٌ . قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشَرةَ : زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ، وَمَلَأ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ ، وَبَجَّحَنِي إِلَى نَفْسِي فَبَجَحَتْ ، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَّبَّحُ . أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ . ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، وَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ الشَّطَبَةِ ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ؟ طَوْعُ أَبِيهَا ، وَطَوْعُ أُمِّهَا ، وَمِلْءُ كِسَائِهَا ، وَغَيْظُ جَارَتِهَا . جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، وَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا . خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْوِطَابُ تَمَخَّضُ ، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا ، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا ، رَكِبَ شَرِيًّا ، وَأَخَذَ خَطِّيًّا ، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا ، وَقَالَ : كُلِي أُمَّ زَرْعٍ ، وَمِيرِي أَهْلَكِ ، فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الرَّقِيقِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَزَوَانِيُّ ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ، وَحَدَّثَنِيهِ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلِ بْنِ النَّزَّالِ الْقُرَشِيُّ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمِسْوَرِ الزُّهْرِيُّ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَخِيهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتِ : اجْتَمَعَتْ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ، فَقَالَتِ الْأُولَى : زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْثٍ ، لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى ، وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَى . وَقَالَتِ الثَّانِيَةُ : زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ . وَقَالَتِ الثَّالِثَةُ : زَوْجِيَ الْعَشَنَّقُ ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ . وَقَالَتِ الرَّابِعَةُ : زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ ، وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ ، لِيَعْلَمَ الْبَثَّ . وَقَالَتِ الْخَامِسَةُ : زَوْجِي غَيَايَاءُ ، طَبَاقَاءُ ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ ، شَجَّكِ ، أَوْ فَلَّكِ ، أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ . وَقَالَتِ السَّادِسَةُ : زَوْجِيَ الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ . وَقَالَتِ السَّابِعَةُ : زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ ، لَا حَرٌّ ، وَلَا قُرٌّ ، وَلَا مَخَافَةَ ، وَلَا سَآمَةَ . وَقَالَتِ الثَّامِنَةُ : زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ . قَالَتِ التَّاسِعَةُ : زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ ، عَظِيمُ الرَّمَادِ ، طَوِيلُ النِّجَادِ ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ . قَالَتِ الْعَاشِرَةُ : زَوْجِي مَالِكٌ ، فَمَا مَالِكٌ ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكٌ . قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشَرةَ : زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ، وَمَلَأ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ ، وَبَجَّحَنِي إِلَى نَفْسِي فَبَجَحَتْ ، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَّبَّحُ . أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ . ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، وَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ الشَّطَبَةِ ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ؟ طَوْعُ أَبِيهَا ، وَطَوْعُ أُمِّهَا ، وَمِلْءُ كِسَائِهَا ، وَغَيْظُ جَارَتِهَا . جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، وَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا . خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْوِطَابُ تَمَخَّضُ ، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا ، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا ، رَكِبَ شَرِيًّا ، وَأَخَذَ خَطِّيًّا ، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا ، وَقَالَ : كُلِي أُمَّ زَرْعٍ ، وَمِيرِي أَهْلَكِ ، فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَسَّرَ لَنَا هَذَا الْحَدِيثَ الْقُرَشِيُّ ، وَحَكَاهُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ اللَّخْمِيِّ قَالَ : أَمَّا قَوْلُ الْأُولَى : زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ ، فَإِنَّهَا تَصُفُّ قِلَّةَ خَيْرِهِ ، وَبُعْدَ مُتَنَاوَلِهِ مَعَ الْقِلَّةِ كَالشَّيءِ فِي قِلَّةِ الْجَبَلِ الصَّعْبِ ، لَا يُنَالُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ ، وَالْغَثُّ : الْمَهْزُولُ . وَقَوْلُهَا : لَا يُنْتَقَى ، تَعْنِي : لَيْسَ فِيهِ نَقِيُّ ، وَالنَّقِيُّ : الْمُخُّ ، تَقُولُ : نَقَوْتُ الْعَظْمَ وَنَقَّيْتُهُ إِذَا اسْتَخْرَجْتَ النَّقِيَّ مِنْهُ وَقَوْلُ الثَّانِيَةِ : زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرُ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ ، فَالْبَثُّ : الْإِفْشَاءُ ، تَقُولُ : لَا أُفْشِي سَرَّهُ ، وَالْعُجَرُ : أَنْ يَتَعَقَّدَ الْعَصَبُ أَوِ الْعُرُوقُ حَتَّى تَرَاهَا نَاتِئَةً مِنَ الْجَسَدِ ، وَالْبُجَرُ نَحْوَهَا ، إِلَّا أَنَّهَا فِي الْبَطْنِ خَاصَّةً ، وَاحِدَتُهَا بُجْرَةٌ ، وَقَدْ قِيلَ : رَجُلٌ أَبْجَرُ ، إِذَا كَانَ نَاتِئَ السُّرَّةِ عَظِيمَهَا حَدَّثَنِي أَبُو الطَّيِّبِ النَّاقِدُ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : قُلْتُ لِلْأَصْمَعِيِّ : مَا مَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ وَقَفَ عَلَى طَلْحَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَهُوَ مَقْتُولٌ : أَشْكُو إِلَى اللَّهِ عُجَرِي وَبُجَرِي ؟ ، فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ : يَعْنِي هُمُومِي وَأَحْزَانِي وَقَوْلُ الثَّالِثَةِ : زَوْجِيَ الْعَشَنَّقُ ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ ، فَالْعَشَنَّقُ : الطَّوِيلُ تَقُولُ : لَيْسَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ طُولِهِ بِلَا نَفْعٍ ، فَإِنْ ذَكَرْتُ مَا فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ طَلَّقَنِي ، وَإِنْ سَكَتُّ تَرَكَنِي مُعَلَّقَةً لَا أَيِّمًا ، وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {{ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ }} . وَقَوْلُ الرَّابِعَةِ : زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ ، لَا حَرٌّ ، وَلَا قُرٌّ ، وَلَا سَآمَةَ ، تَقُولُ : لَيْسَ عِنْدَهُ أَذًى ، وَلَا مَكْرُوهٌ ، وَهَذَا مَثَلٌ لِأَنَّ الْحَرَّ وَالْقُرَّ مُؤْذِيَانِ إِذَا اشْتَدَّا ، وَلَا مَخَافَةَ : تَعْنِي : وَلَا غَائِلَةَ عِنْدَهُ وَلَا شَرَّ فَأَخَافُهُ ، وَلَا سَآمَةَ : تَقُولُ : لَا يَسْأَمُنِي ، أَيْ لَا يَمَلُّ صُحْبَتِي ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا {{ لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ }} أَيْ لَا يَمَلُّ . وَقَوْلُ الْخَامِسَةِ : إِنْ أَكَلَ لَفَّ ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ ، اللَّفُّ فِي الْمَطْعَمِ : الْإِكْثَارُ مِنْهُ مَعَ التَّخْلِيطِ مِنَ الصُّنُوفِ حَتَّى لَا يُبْقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَالِاشْتِفَافُ : أَنْ يَسْتَقْصِيَ مَا فِي الْإِنَاءِ ، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنَ الشَّفَافَةِ ، وَهِيَ الْبَقِيَّةُ تَبْقَى فِي الْإِنَاءِ مِنَ الشَّرَابِ ، فَإِذَا شَرِبَهَا صَاحِبُهَا قِيلَ : اشْتَفَّهَا وَتَشَافَّهَا تَشَافًّا وَقَوْلُهَا : لَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ : أُرَاهُ كَانَ بِجَسَدِهَا عَيْبٌ وَدَاءٌ كَنَتْ بِهِ ، لِأَنَّ الْبَثَّ هُوَ الْحُزْنُ ، فَكَانَ لَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي ثَوْبِهَا لِيَمَسَّ ذَاكَ الْعَيْبَ ، وَلِيَعِيبَ فيَشُقَّ عَلَيْهَا ، تَصِفُهُ بِالْكَرْمِ . وَقَوْلُ السَّادِسَةِ : زَوْجِي عَيَايَاءُ ، طَبَاقَاءُ ، فَالْعَيَايَاءُ مِنَ الْإِبِلِ : الَّتِي لَا تَضْرِبُ وَلَا تُلَقِّحُ ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الرِّجَالِ ، وَالطَّبَاقَاءُ : الْعَيِيُّ الْأَحْمَقُ الْفَدْمُ وَقَوْلُهَا : كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ ، أَيْ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَدْوَاءِ النَّاسِ فَهُوَ فِيهِ . وَقَوْلُ السَّابِعَةِ : زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ ، فَإِنَّهَا تَصِفُهُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفَهْدَ يُكْثِرُ النَّوْمَ ، يُقَالُ : أَنْوَمُ مِنَ الْفَهْدِ ، وَالَّذِي أَرَادَتْ أَنَّهُ لَيْسَ يَتَفَقَّدُ مَا ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَعَايبِ الْبَيْتِ ، وَمَا فِيهِ ، وَهُوَ كَأَنَّهُ سَاهٍ عَنْ ذَلِكَ ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُهَا : وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ ، تَعْنِي عَمَّا كَانَ عِنْدِي ، وَقَوْلُهَا : إِنْ خَرَجَ أَسِدَ ، تَصَفُهُ بِالشَّجَاعَةِ ، تَقُولُ : إِذَا خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فِي مُبَاشَرَةِ الْحُرُوبِ أَسِدَ ، يُقَالُ أَسِدَ الرَّجُلُ وَاسْتَأْسَدَ . وَقَوْلُ الثَّامِنَةِ : زَوْجِيَ الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ ، فَإِنَّهَا تَصِفُهُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ ، وَلِينِ الْجَانِبِ كَمَسِّ الْأَرْنَبِ إِذَا وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى ظَهْرِهَا ، وَقَوْلُهَا : الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ ، فَإِنَّ فِيهِ مَعْنَيَيْنِ يَجُوزُ أَنْ تُرِيدَ طِيبَ رَوْحِ جَسَدِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ تُرِيدَ طِيبَ الثَّنَاءِ فِي النَّاسِ ، وَانْتِشَارَهُ فِيهِمْ كَرِيحِ الزَّرْنَبِ ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ مَعْرُوفٌ ، وَالثَّنَاءُ وَالنَّثَا وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّ الثَّنَاءَ مَمْدُودٌ ، وَالنَّثَا مَقْصُورٌ . وَقَوْلُ التَّاسِعَةِ : زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ ، تَعْنِي عِمَادَ الْبَيْتِ ، وَجَمْعُهُ عَمَدٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا }} ، وَالْعَمَدُ : الْعِيدَانُ الَّتِي تُعَمَّدَ بِهَا الْبُيُوتُ وَتَعْنِي أَنَّ بَيْتَهُ فِي حَسَبِهِ رَفِيعٌ فِي قَوْمِهِ ، وَقَوْلُهَا : طَوِيلُ النِّجَادِ : تَصِفُهُ بِامْتِدَادِ الْقَامَةِ ، وَالنِّجَادُ : حَمَائِلُ السَّيْفِ ، فَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنْ طُولِهِ ، وَأَمَّا قَوْلُهَا : عَظِيمُ الرَّمَادِ فَكَأَنَّهَا تَصِفُهُ بِالْجُودِ وَكَثْرَةِ الضِّيَافَةِ ؛ لِأَنَّ نَارَهُ تَعْظُمُ وَيَكْثُرُ وَقُودُهَا ، وَيَكُونُ الرَّمَادُ فِي الْكَثْرَةِ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ ، وَقَوْلُهَا : قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ : تَعْنِي أَنَّهُ يَنْزِلُ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ لِيَعْلَمُوا مَكَانَهُ فَيَنْزِلُ بِهِ الْأَضْيَافُ ، وَلَا يَسْتَبْعِدُ مِنْهُمْ فِرَارًا مِنْ نُزُولِ النَّوَائِبِ وَالْأَضْيَافِ . وَقَوْلُ الْعَاشِرَةِ : زَوْجِي مَالِكٌ ، فَمَا مَالِكٌ ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ ، لَهُ إِبِلٌ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ ، كَثِيرَاتُ الْمَبَارَكِ ، تَقُولُ : إِنَّهُ لَا يُوَجِّهُهُنَّ لِسَرْحِهِنَّ نَهَارًا إِلَّا قَلِيلًا ، وَلَكِنْ يَبْرُكْنَ فِي فِنَائِهِ ، فَإِنْ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ لَمْ تَكُنِ الْإِبِلُ غَائِبَةً عَنْهُ لِيُقْرِيَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَلُحُومِهَا ، وَقَوْلُهَا : إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكٌ ، فَالْمِزْهَرُ : الْعُودُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ فَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَهُ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ مَنْحُوَراتٌ . وَقَوْلُ الْحَادِيَةَ عَشَرةَ : زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ، تَقُولُ : حَلَّانِي قُرْطَةً وَشَنُوفًا تَنُوسُ بِأُذُنَيَّ ، وَالنَّوْسُ : الْحَرَكَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مُتَدَلٍّ . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَسَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْحَامِضَ يَقُولُ : سُمَيَّ الْإِنْسَانُ مِنَ النَّوْسِ ، وَهُوَ أَفْعَلَانِ مِنْهُ . وَقَوْلُهَا : مَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ : لَمْ تُرِدِ الْعَضُدَ خَاصَّةً ، أَرَادَتِ الْجَسَدَ كُلَّهُ ، تَقُولُ : إِنَّهُ سَمَّنَنِي بِإِحْسَانِهِ ، وَإِذَا سَمِنَتِ الْعَضُدُ سَمِنَ سَائِرُ جَسَدِهَا ، وَقَوْلُهَا : وَبَجَّحَنِي فَبَجَحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ، أَيْ فَرَّحَنِي فَفَرِحْتُ ، فَقَدْ تَبَجَّحَ الرَّجُلُ إِذَا فَرِحَ ، وَقَوْلُهَا : وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ ، تَقُولُ : إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا أَصْحَابَ غَنَمٍ ، لَيْسُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ ، وَلَا إِبِلٍ ، وَشِقٌّ مَوْضِعٌ ، وَقَوْلُهَا : جَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ ، تَعْنِي أَنَّهُ ذَهَبَ بِي إِلَى أَهْلِهِ ، وَهُمْ أَهْلُ خَيْلٍ وَإِبِلٍ ، وَالصَّهِيلُ أَصْوَاتُ الْخَيْلِ ، وَالْأَطِيطُ أَصْوَاتُ الْإِبِلِ وَقَوْلُهَا وَدَائِسٍ ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَتَأَوَّلُهُ دِيَاسُ الطَّعَامِ ، وَأَهْلُ الشَّامِ يُسَمُّونَهُ الدِّرَاسُ ، فَأَرَادَتْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ الْعَرَبِ ، وَقَوْلُهَا مُنَقٍّ فَهُوَ مِنْ تَنْقِيَةِ الطَّعَامِ إِذَا دِيسَ ، قَوْلُهَا : عِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ ، فَإِنَّهَا تُرِيدُ : لَا يُقَبِّحُ قُولِي ، وَيَسْمَعُ مِنِّي ، وَأَمَّا قَوْلُهَا : أَتَقَمَّحُ أَيْ أَرْوَى حَتَّى أَدَعَ الشُّرْبَ مِنْ شِدَّةِ الرِّيِّ ، وَهَذَا مِنْ عَزَّةِ الْمَاءِ عِنْدَهُمْ ، وَكُلُّ رَافِعِ رَأْسِهِ فَهُوَ مُقَامِحٌ . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ }} ، وَقَوْلُهَا : عُكُومُهَا رَدَاحٌ ، فَالْعُكُومُ الْأَحْمَالُ وَالْأَعْدَالُ الَّتِي فِيهَا الْأَوْعِيَةُ مِنْ صُنُوفِ الْأَطْعِمَةِ وَالْمَتَاعِ ، وَقَوْلُهَا رَدَاحٌ تَعْنِي عِظَامًا كَثِيرَةَ الْحَشْوِ ، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ عَظِيمَةَ الْأَكْفَالِ : رَدَاحٌ ، وَقَوْلُهَا : كَمُسَلِّ الشَّطَبَةِ ، فَإِنَّ أَصْلَهَا مَا شُطِبَ مِنْ جَرِيدَةِ النَّخْلِ وَهُوَ سَعَفُهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تُشَقَّقُ مِنْهُ قُضْبَانٌ فَتُدَقُّ ، وَيُنْسَجُ مِنْهُ الْحُصْرُ ، يُقَالُ مِنْهُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ : شَاطِبَةٌ ، وَقَوْلُهَا : يَكْفِيهِ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ ، فَإِنَّ الْجَفْرَةَ الْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ ، وَالذَّكَرِ جَفْرٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فِي الْمُحْرِمِ يُصِيبُ الْأَرْنَبَ جَفْرَةٌ وَالْعَرَبُ تَمْدَحُ الرَّجُلَ بَقْلَةِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ ، وَقَوْلُهَا : لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ، تَعْنِي لَا تُظْهِرُ سِرَّنَا ، وَقَوْلُهَا : لَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ، تَعْنِي الطَّعَامَ لَا تَأْخُذُهُ فَتَذْهَبُ بِهِ ، تَصِفَهَا بِالْأَمَانَةِ ، وَالْتَنْقِيثُ : الْإِسْرَاعُ فِي السَّيْرِ وَقَوْلُهَا : وَالْوِطَابُ تَمَخَّضُ ، الْوِطَابُ : أَسْقِيَةُ اللَّبَنِ ، وَاحِدُهَا وَطَبٌ . وَقَوْلُهَا : مَعَهَا وَلَدَانِ كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ ، تَعْنِي أَنَّهَا ذَاتُ كَفِيلٍ عَظِيمٍ ، فَإِذَا اسْتَلْقَتْ نَتَأَ الْكِفْلُ مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى تَصِيرَ تَحْتَهَا فَجْوَةٌ يَجْرِي فِيهَا الرُّمَّانُ ، وَقَوْلُهَا : رَكِبَ شَرِيًّا ، تَعْنِي فَرَسًا يَسْتَشْرِي فِي سَيْرِهِ ، أَيْ يَلِجُ وَيَمْضِي فِيهِ بِلَا فُتُورٍ وَلَا انْكِسَارٍ ، وَمَنْ هَذَا قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذَا لَجَّ فِي الْأَمْرِ قَدْ شَرِيَ ، وَاسْتَشْرَى ، وَقَوْلُهَا : أَخَذَ خَطِّيًّا : فَالْخَطِيُّ : الرُّمْحُ مَنْسُوبٌ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ يُقَالُ لَهَا الْخَطُّ ، وَأَصْلُ الرَّمَّاحِ مِنَ الْهِنْدِ ، وَلَكِنَّهَا تُحْمَلُ إِلَى الْخَطِّ ثُمَّ تُفَرَّقُ فِي الْبِلَادِ ، وَقَوْلُهَا : نَعَمًا ثَرِيًّا ، تَعْنِي بِالنَّعَمِ الْإِبِلَ ، وَالثَّرِيُّ : الْكَثِيرُ ، يُقَالُ ثَرِيَ بَنُو فُلَانٍ بَنِي فُلَانٍ إِذَا كَثَّرُوهُمْ ، فَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ