• 1869
  • عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً ، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ، قَالَتِ الأُولَى : زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ : لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ ، قَالَتِ الثَّانِيَةُ : زَوْجِي لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ ، قَالَتِ الثَّالِثَةُ : زَوْجِيَ العَشَنَّقُ ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ ، قَالَتِ الرَّابِعَةُ : زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ ، لاَ حَرٌّ وَلاَ قُرٌّ ، وَلاَ مَخَافَةَ وَلاَ سَآمَةَ ، قَالَتِ الخَامِسَةُ : زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ ، قَالَتِ السَّادِسَةُ : زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ ، وَإِنِ اضْطَجَعَ التَفَّ ، وَلاَ يُولِجُ الكَفَّ لِيَعْلَمَ البَثَّ . قَالَتِ السَّابِعَةُ : زَوْجِي غَيَايَاءُ - أَوْ عَيَايَاءُ - طَبَاقَاءُ ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ ، قَالَتِ الثَّامِنَةُ : زَوْجِي ال مَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ ، قَالَتِ التَّاسِعَةُ : زَوْجِي رَفِيعُ العِمَادِ ، طَوِيلُ النِّجَادِ ، عَظِيمُ الرَّمَادِ ، قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِ ، قَالَتِ العَاشِرَةُ : زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارِكِ ، قَلِيلاَتُ المَسَارِحِ ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ ، أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ ، قَالَتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ : زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، طَوْعُ أَبِيهَا ، وَطَوْعُ أُمِّهَا ، وَمِلْءُ كِسَائِهَا ، وَغَيْظُ جَارَتِهَا ، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ، وَلاَ تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا ، قَالَتْ : خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا ، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا ، رَكِبَ شَرِيًّا ، وَأَخَذَ خَطِّيًّا ، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا ، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا ، وَقَالَ : كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ ، قَالَتْ : فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ "

    حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، قَالاَ : أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً ، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ، قَالَتِ الأُولَى : زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ : لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ ، قَالَتِ الثَّانِيَةُ : زَوْجِي لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ ، قَالَتِ الثَّالِثَةُ : زَوْجِيَ العَشَنَّقُ ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ ، قَالَتِ الرَّابِعَةُ : زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ ، لاَ حَرٌّ وَلاَ قُرٌّ ، وَلاَ مَخَافَةَ وَلاَ سَآمَةَ ، قَالَتِ الخَامِسَةُ : زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ ، قَالَتِ السَّادِسَةُ : زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ ، وَإِنِ اضْطَجَعَ التَفَّ ، وَلاَ يُولِجُ الكَفَّ لِيَعْلَمَ البَثَّ . قَالَتِ السَّابِعَةُ : زَوْجِي غَيَايَاءُ - أَوْ عَيَايَاءُ - طَبَاقَاءُ ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ ، قَالَتِ الثَّامِنَةُ : زَوْجِي ال مَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ ، قَالَتِ التَّاسِعَةُ : زَوْجِي رَفِيعُ العِمَادِ ، طَوِيلُ النِّجَادِ ، عَظِيمُ الرَّمَادِ ، قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِ ، قَالَتِ العَاشِرَةُ : زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارِكِ ، قَلِيلاَتُ المَسَارِحِ ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ ، أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ ، قَالَتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ : زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ، مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ، طَوْعُ أَبِيهَا ، وَطَوْعُ أُمِّهَا ، وَمِلْءُ كِسَائِهَا ، وَغَيْظُ جَارَتِهَا ، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ، لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ، وَلاَ تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا ، قَالَتْ : خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا ، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا ، رَكِبَ شَرِيًّا ، وَأَخَذَ خَطِّيًّا ، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا ، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا ، وَقَالَ : كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ ، قَالَتْ : فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، وَلاَ تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَأَتَقَمَّحُ بِالْمِيمِ وَهَذَا أَصَحُّ

    فتعاهدن: تعاهد : اتفق وأخذ المواثيق والأيمان
    وتعاقدن: تعاقدن : أخذن على أنفسهن أن يصدقن وتواثقن على ذلك
    غث: الغث : شديد الهزال
    فيرتقى: الارتقاء : الصعود إلى أعلى والارتفاع
    ولا: القر : البرد الشديد , والمراد أن الزوج حسن الطبع والعشرة
    فينتقل: فينتقل : أي ينقله الناس إلى بيوتهم فيأكلونه
    أبث: بث الخبر : نشره وأظهره وأذاعه
    أذره: أذر : أترك ، والمعنى أخافُ ألاّ أتْرُكَ صِفَتَه، ولا أقْطَعَها من طُولها أو المعنى أخاف ألاّ أقْدِرَ على تَرْكِه وفِراقِه
    عجره: العُجْرة : نفْخَةٌ في الظهر ، وقيل العُجَر العروق المتعَقّدة في الظهر
    وبجره: البُجَر : العروق المُتَعَقّدة في البطن أو انتفاخ في السُّرة ثم نقل إلى الأحزان
    العشنق: العشنق : الطويل المفرط في الطول
    أعلق: أعلق : أبقى معلقة لا مطلقة فأتزوج غيره ولا ذات زوج فأنتفع به
    كليل: الكليل : الضعيف
    حر: الحر : شدة الحرارة وهو كناية عن اعتدال طبعه
    قر: القر : البرد الشديد
    سآمة: السآمة : الملل
    فهد: فهد : صار كالفهد تعني أنه كثير النوم والمراد أنه يتغافل عما يلزمها إصلاحه من معايب البيت ولا يعاتبها عليه من كرم خلقه ولين جانبه
    أسد: أسد : وصف له بالشجاعة، ومعناه إذا صار بين الناس أو قاتل كان كالأسد
    عهد: عهد : استأمن واستحفظ ، والمراد : أنه يثق بها ولا يُخَوِّنُهَا
    لف: لف في الأكل : أكثر وخلط
    اشتف: اشتف : شرب جميع ما في الإناء
    التف: التف بثوبه : اشتمل به وتغطى
    يولج: يولج : يدخل
    البث: البث : البث في الأصل شدة الحزن والمرض الشديد كأنه من شدته يبثه صاحبَه
    غياياء: غياياء : كأنه في ظُلْمةٍ لا يَهْتَدِي إلى مَسْلك يَنْفُذ فيه. ويَجَوز أن تكون قد وَصَفَتْه بِثِقَل الرُّوح، وأنه كالظِّلِّ المُتَكاثِف المُظْلم الذي لا إشْرَاقَ فيه.
    عياياء: العيَايَاء : العِنِّين الذي تُعْنِيه مباضَعةُ النِّساء، وهو من الإبل الذي لا يَضْرِب ولا ُيلقح.
    طباقاء: طباقاء : هو المُطْبَق عليه حُمقاً. وقيل هو الذي أموره مُطْبَقة عليه : أي مُغَشَّاة. وقيل هو الذَّي يَعْجِز عن الكلام فتَنْطَبق شَفتاه، وقيل : يطبق صدره عند الجماع على صدرها فيرتفع عنها أسفله فيثقل عليها ولا تستمتع به
    شجك: شج : جرح غيره
    فلك: فلك : جرحك في أي جزء من بدنك
    مس: المس مس أرنب : حسن الخلق ولين الجانب كمس الأرنب إذا وضعت يدك على ظهره فإنك تحس بالنعومة واللين
    زرنب: الزرنب : نبتٌ طَيِّبُ الرَّائحة، ولعلها أرادت طيب ذِكْره بين الناس أو طيب رائحة جسده وثيابه
    العماد: رفيع العماد : العماد العمود الذي يرفع عليه البيت ويدعم به ، وهو كناية عن الرفعة والشرف
    النجاد: النجاد : ما يحمل فيه السيف وطوله كناية عن طول الرجل
    الرماد: عظيم الرماد : كثير الأضْياف والإطْعام ؛ لأن الرماد يكْثُر بالطَّبْخ
    الناد: النادِ : النادي، وهو مُجْتَمَع القومِ وأهل المجلِس
    إبل: الإبل : الجمال والنوق ، ليس له مفرد من لفظه
    المبارك: المَبارِك : جمع مبرك وهو اسم للمكان الذي تنيخ فيه الإبل
    المسارح: المسارح : جمع مَسْرح، وهو الموضِع الذي تسْرَح إليه الماشية بالغَدَاة للرَّعي
    المزهر: المِزْهَر : العُودُ الذي يُضْرَبُ به في الغِناء
    أيقن: أيقنَّ : تأكدن من الأمر وتحققن منه
    أناس: أناس : حلاها قِرَطَةً وشُنُوفا وهي حُلِيُّ الزينة ، تَنُوس بأُذُنَيْها أي تتحرك من تنوعها وكثرتها وكل شيء يتحرك فهو ينوس.
    شحم: الشحم : الدهن والسمن
    عضدي: العضد : ما بين المرفق والكتف
    وبجحني: بجّحني : فرَّحني وأسعدني وعظمني ودللني
    فبجحت: بَجِحَت : فرحت وسعدت وتعظمت وتدللت
    غنيمة: الغنيمة : تصغير غنم ، أي قطيع صغير من الغنم
    صهيل: الصهيل : صوت الخيل والمراد كثرتهم
    وأطيط: أطيط : صوت الإبل والمراد أنهم أصحاب إبل وغنى وسعة
    ودائس: دائس : يدوس الزرع ليخرج منه الحب ، وهي البقرة
    ومنق: منق : المراد به : الذي ينقي الطعام أي يخرجه من بيته وقشوره ، والمقصود أنه صاحب زرع ويدوسه وينقيه
    أقبح: أقبح : القبح ضد الحسن والمراد لا أزجر بكلام بذيء
    فأتقنح: التقنح : الشرب حتى الارتواء والمعنى أنها تشرب ولا يقاطعها أحد ولا ينغص شربها
    عكومها: العكوم : جمع عِكم وهي الأوعية التي تجمع فيها الأمتعة ونحوها
    رداح: رداح : كبيرة وعظيمة
    فساح: فساح : واسع
    كمسل شطبة: الشطبة : السَّعَفة من سَعَف النخلة ما دامت رَطبة ، أرادت أنه قليل اللحم دقيق الخَصْر ، فشبَّهته بالشطبة أي مَوضعُ نومه دقيق لنحافته . وقيل أرادت بمسَلِّ الشَّطْبة سَيْفا سُلَّ من غِمْده
    الجفرة: الجفرة : ولد المعز إذا بلغ أربعة أشهر
    تبث: بث الخبر : نشره وأظهره وأذاعه
    تبثيثا: تبثيثا : مصدر بثَّ وبث الخبر : نشره وأظهره وأذاعه
    تنقث: التنقيث : النقل ، أرادت أنها أمينة على حفظ طعامنا لا تنقله وتخرجه وتفرقه
    ميرتنا: الميرة : الطعام الذي يجمع للسفر ونحوه
    تنقيثا: التنقيث : النقل ، أرادت أنها أمينة على حفظ طعامنا لا تنقله وتخرجه وتفرقه
    تعشيشا: تعشيشا : المقصود لا تخون في طعامنا فتخبأ في كل زاوية شيئا فيصير كعش الطائر
    والأوطاب: أوطاب : جمع وطب , وهو وعاء اللبن
    تمخض: تمخض : تُحَرَّك تحريكًا سريعا لفصل الزبد عن اللبن
    خصرها: خصرها : وسطها
    سريا: السري : الشريف أو السخي
    شريا: الشري : الفرس الذي يستشري في سيره أي يلح ويمضي بلا فتور ولا انكسار
    خطيا: الخطي : الرمح
    وأراح: أراح : أجْلَب
    ثريا: الثري : الكثير
    وميري: ميري : أطعمي
    آنية: الآنية : الوعاء للطعام والشراب
    جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً ، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ
    حديث رقم: 4586 في صحيح مسلم كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ
    حديث رقم: 7227 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ قَوْلِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصِّدِّيقَةِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ إِنَّهُ
    حديث رقم: 8856 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ شُكْرُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا
    حديث رقم: 8857 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ شُكْرُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا
    حديث رقم: 8859 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ شُكْرُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا
    حديث رقم: 8858 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ شُكْرُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا
    حديث رقم: 19170 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19171 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19172 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19175 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 5943 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مُحَمَّدٌ
    حديث رقم: 19173 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19174 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 19176 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 191 في الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير للبخاري الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير للبخاري
    حديث رقم: 249 في الشمائل المحمدية للترمذي الشمائل المحمدية للترمذي حَدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ
    حديث رقم: 94 في غريب الحديث لإبراهيم الحربي غَرِيبُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابُ : مر
    حديث رقم: 881 في غريب الحديث لإبراهيم الحربي غَرِيبُ مَا رَوَى الْمَوَالِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بَابُ : شف
    حديث رقم: 4581 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ عَائِشَةَ
    حديث رقم: 108 في الأمثال للرامهرمزي الأمثال للرامهرمزي بَابُ التَّشْبِيهِ
    حديث رقم: 939 في غريب الحديث لإبراهيم الحربي غَرِيبُ مَا رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بَابُ : طبق
    حديث رقم: 1356 في غريب الحديث لإبراهيم الحربي غَرِيبُ حَدِيثِ سَفِينَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بَابُ : شطب
    حديث رقم: 2682 في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، تُكْنَى بِأُمِّ
    حديث رقم: 2691 في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، تُكْنَى بِأُمِّ
    حديث رقم: 1284 في الكنى والأسماء للدولابي ذِكْرُ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكُنَى مِنْ التَّابِعِينَ مَنْ كُنْيَتُهُ أَبُو عِصْمَةَ أَبُو عِصْمَةَ رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ . وَأَبُو عِصْمَةَ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَاضِي مَرْوٍ ، وَهُو يَزِيدُ بْنُ جَعُونَةَ . وَأَبُو عِصَامٍ رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْعَسْقَلَانِيُّ . وَأَبُو عَاصِمٍ خَالِدُ بْنُ عُبَيْدٍ .
    حديث رقم: 631 في الكنى والأسماء للدولابي ذِكْرُ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكُنَى مِنْ التَّابِعِينَ مَنْ كُنْيَتُهُ أَبُو نَهَارٍ ، وَأَبُو نَهِيكٍ ، وَأَبُو نَهْشَلٍ ، وَأَبُو نَافِعٍ وَأَبُو نَهَارٍ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ . وَأَبُو نَهِيكٍ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ ، رَوَى عَنْهُ : الثَّوْرِيُّ . وَأَبُو نَهْشَلٍ ، يَرْوِي عَنْهُ : الْمَسْعُودِيُّ
    حديث رقم: 18 في الجزء الأول من أمالي أبي إسحاق الجزء الأول من أمالي أبي إسحاق
    حديث رقم: 835 في معجم ابن الأعرابي بَابُ الْأَلِفِ بَابُ الْأَلِفِ
    حديث رقم: 103 في الأمثال للرامهرمزي الأمثال للرامهرمزي بَابُ التَّشْبِيهِ
    حديث رقم: 104 في الأمثال للرامهرمزي الأمثال للرامهرمزي بَابُ التَّشْبِيهِ
    حديث رقم: 105 في الأمثال للرامهرمزي الأمثال للرامهرمزي بَابُ التَّشْبِيهِ
    حديث رقم: 106 في الأمثال للرامهرمزي الأمثال للرامهرمزي بَابُ التَّشْبِيهِ
    حديث رقم: 107 في الأمثال للرامهرمزي الأمثال للرامهرمزي بَابُ التَّشْبِيهِ
    حديث رقم: 1966 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جِمَاعِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 12914 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ

    [5189] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنِي وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ الدِّمَشْقِيِّ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ بِضِمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُون الْجِيم وَعِيسَى بن يُونُس أَي بن أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَوَقَعَ مَنْسُوبًا كَذَلِكَ عَنِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَبِي يَعْلَى عَنْ أَحْمَدَ بْنَ جَنَابٍ بِجِيمٍ وَنُونٍ خَفِيفَةٍ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِي أَخِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ وَهَذَا مِنْ نَوَادِرِ مَا وَقَعَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ حَيْثُ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا أَخًا لَهُ وَاسِطَةٌ وَمِثْلُهُ مَا سَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبٍ عَنْ هِشَامِ بَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ عَنْ عُرْوَةَ وَمَضَت لَهُ فِي رِوَايَة بِوَاسِطَة اثْنَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى عِيسَى بْنِ يُونُسَ فِي إِسْنَادِهِ وَسِيَاقِهِ لَكِنْ حَكَى عِيَاضٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ الْحَرَّانِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ عِيسَى فَقَالَ فِي أَوَّلِهِ عَنْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَاقَهُ بِطُولِهِ مَرْفُوعًا كُلَّهُ وَكَذَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَتَابَعَ عِيسَى بْنَ يُونُسَ عَلَى رِوَايَةٍ مُفَصَّلًا فِيمَا حَكَاهُ الْخَطِيبُ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز وَكَذَا سعيد بن سَلمَة عَن أبي الحسام كِلَاهُمَا عَن هِشَام وَسَتَأْتِي رِوَايَته تَعْلِيقا وأذكر من وَصلهَا عِنْد الْفَرَاغ مَنْ شَرَحَ الْحَدِيثَ وَخَالَفَهُمُ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ فِيمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنَ الْأَفْرَادِ فَرَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَخَطَّأَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَصَوَّبَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَعَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَرِوَايَتُهُمَا عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَالدَّرَاوَرْدِيِّ وَعَبْدِ الله بن مُصعب وروايتهما عِنْدَ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَأَبُو أُوَيْسٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُهُ عَنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَأَدْخَلَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً أَيْضًا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ أَيْضًا فَرَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ لَكِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ الْبَزَّارُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَدْفُوعٍ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ أَيْضًا وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ اه وَرَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ أَيْضًا حَفِيدُهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ وَأَبُو الزِّنَادِ وَأَبُو الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يقْتَصِرُ عَلَى الْمَرْفُوعِ مِنْهُ وَيُنْكِرُ عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ سِيَاقَهُ بِطُولِهِ وَيَقُولُ إِنَّمَا كَانَ عُرْوَةُ يُحَدَّثُنَا بِذَلِكَ فِي السَّفَرِ بِقِطْعَةٍ مِنْهُ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْآَجُرِّيُّ فِي أَسْئِلَتِهِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ قُلْتُ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي تَرْكِ أَحْمَدَ تَخْرِيجَهُ فِي مُسْنَدِهِ مَعَ كِبَرِهِ وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ لَكِنْ عَنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قُلْتُ الْمَرْفُوعُ مِنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ كنت لَك كَأبي زرع لَام زَرْعٍ وَبَاقِيهِ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ وَجَاءَ خَارِجَ الصَّحِيحِ مَرْفُوعًا كُلُّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَسَاقَهُ بِسِيَاقٍ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَلَفْظُهُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ قَالَتْ عَائِشَةُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ كَانَ أَبُو زَرْعٍ قَالَ اجْتَمَعَ نِسَاءٌ فَسَاقَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ وَجَاءَ مَرْفُوعًا أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِبْنِ مُصْعَبٍ وَالدَّرَاوَرْدِيِّ عِنْدَ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ هِشَامٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الَمْدِينَةِ عَنْ عُرْوَةَ وَهِيَ رِوَايَةُ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ أَيْضًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ وَقَدْ قَدَّمْتُ ذِكْرَ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ كَذَلِكَ قَالَ عِيَاضٌ وَكَذَا ظِاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّ أَوَّلَهُ عِنْدَهُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ حَدِيثَ أُمِّ زَرْعٍ قَالَ عِيَاضٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ أَنْشَأَ هُوَ عُرْوَةُ فَلَا يَكُونُ مَرْفُوعًا وَأَخَذَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الِاحْتِمَالَ فَجَزَمَ بِهِ وَزَعَمَ أَنَّ مَا عَدَاهُ وَهَمٌ وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِك بن الْجَوْزِيِّ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ ثُمَّ أَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ وَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَلَفْظُهُ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ ثُمَّ أَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ فَانْتَفَى الِاحْتِمَالُ وَيُقَوِّي رَفْعَ جَمِيعِهِ أَنَّ التَّشْبِيهَ الْمُتَّفَقَ عَلَى رَفْعِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ الْقِصَّةَ وَعَرَفَهَا فَأَقَرَّهَا فَيَكُونُ كُلُّهُ مَرْفُوعًا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ النُّقَّادِ أَنَّ الْمَرْفُوعَ مِنْهُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْبَاقِيَ مَوْقُوفٌ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ هُوَ أَنَّ الَّذِي تَلَفَّظَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله وَسَلَّمَ لَمَّا سَمِعَ الْقِصَّةَ مِنْ عَائِشَةَ هُوَ التَّشْبِيهُ فَقَطْ وَلَمْ يُرِيدُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ حُكْمًا وَيَكُونُ مَنْ عَكَسَ ذَلِكَ فَنَسَبَ قَصَّ الْقِصَّةِ مِنِ ابْتِدَائِهَا إِلَى انْتِهَائِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاهِمًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه قَوْله جلس إِحْدَى عشرَة قَالَ بن التِّينِ التَّقْدِيرُ جَلَسَ جَمَاعَةٌ إِحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ مثل وَقَالَ نسْوَة فِي الْمَدِينَة وفِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ جَلَسَتْ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ فِي مُسْلِمٍ جَلَسْنَ بِالنُّونِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ اجْتَمَعَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدٍ اجْتَمَعَتْ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى اجْتَمَعْنَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ زِيَادَةُ النُّونِ عَلَى لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ وَقَدْ أَثْبَتَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَاسْتَشْهَدُوا لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا وَقَوله تَعَالَى فعموا وصموا كثير مِنْهُم وَحَدِيثِ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ وَقَوْلِ الشَّاعِرِ بِحَوْرَانَ يعصرون السليط أَقَاربه وَقَوله يلومونني فِي اشْتِرَاء النخيل قَوْمِي فَكُلُّهُمْ يَعْذِلُ وَقَدْ تَكَلَّفَ بَعْضُ النُّحَاةِ رَدَّ هَذِهِ اللُّغَةِ إِلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ أَنْ لَا يُلْحَقَ عَلَامَةُ الْجَمْعِ وَلَا التَّثْنِيَةِ وَلَا التَّأْنِيثِ فِي الْفِعْلِ إِذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْأَسْمَاءِ وَخَرَّجَ لَهَا وُجُوهًا وَتَقْدِيرَاتٍ فِي غَالِبِهَا نَظَرٌ وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا نَقْلًا وَصِحَّتِهَا اسْتِعْمَالًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ عِيَاضٌ الْأَشْهَرُ مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ تَوْحِيدُ الْفِعْلِ مَعَ الْجَمْعِ قَالَ سِيبَوَيْهِ حُذِفَ اكْتِفَاءً بِمَا ظَهَرَ تَقُولُ مَثَلًا قَامَ قَوْمُكَ فَلَوْ تَقَدَّمَ الِاسْمُ لَمْ يُحْذَفْ فَتَقُولُ قَوْمُكَ قَامَ بَلْ قَامُوا وَمِمَّا يُوَجِّهُ مَا وَقَعَ هُنَا أَنْ يَكُونَ إِحْدَى عَشْرَةَ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي اجْتَمَعْنَ وَالنُّونُ عَلَى هَذَا ضَمِيرٌ لَا حَرْفٌ عَلَامَةٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ قِيلَ مَنْ هُنَّ فَقِيلَ إِحْدَى عَشْرَةَ أَوْ بِإِضْمَارِ أَعْنِي وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ إِحْدَى عَشْرَةَ نِسْوَةً قَالَ فَإِنْ كَانَ بِالنَّصْبِ احْتَاجَ إِلَى إِضْمَارِ أَعْنِي أَوْ بِالرَّفْعِ فَهُوَ بَدَلٌ مِنْ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا قَالَ الْفَارِسِيُّ هُوَ بَدَلٌ مِنْ قَطَّعْنَاهُمْ وَلَيْسَ بِتَمْيِيزٍ اه وَقَدْ جَوَّزَ غَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ تَمْيِيزًا بِتَأْوِيلٍ يَطُولُ شَرْحُهُ وَوَقَعَ لِهَذَا الْحَدِيثِ سَبَب عِنْد انسائي مِنْ طَرِيقِ عُمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت فخرت بِمَالِ أَبِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ أَلْفَ أَلْفِ أُوقِيَّةٍ وَفِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْكُتِي يَا عَائِشَةُ فَإِنِّي كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ وَوَقَعَ لَهُ سَبَبٌ آخَرُ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْحَكِيمِ بْنُ حِبَّانَ بِسَنَدٍلَهُ مُرْسَلٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِث عَن الْأسود بن جبر المغاري قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ وَفَاطِمَةَ وَقَدْ جَرَى بَيْنَهُمَا كَلَامٌ فَقَالَ مَا أَنْتِ بِمُنْتَهِيَةٍ يَا حُمَيْرَاءُ عَن ابْنَتي أَن مثلي وَمثلك كَأَبِي زَرْعٍ مَعَ أُمِّ زَرْعٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا عَنْهُمَا فَقَالَ كَانَتْ قَرْيَةٌ فِيهَا إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً وَكَانَ الرِّجَالُ خُلُوفًا فَقُلْنَ تَعَالَيْنَ نَتَذَاكَرْ أَزْوَاجَنَا بِمَا فِيهِمْ وَلَا نَكْذِبْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ كَانَ رَجُلٌ يُكَنَّى أَبَا زَرْعٍ وَامْرَأَتُهُ أُمُّ زَرْعٍ فَتَقُولُ أَحْسَنَ لِي أَبُو زَرْعٍ وَأَعْطَانِي أَبُو زَرْعٍ وَأَكْرَمَنِي أَبُو زَرْعٍ وَفَعَلَ بِي أَبُو زَرْعٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي بَعْضُ نِسَائِهِ فَقَالَ يَخُصُّنِي بِذَلِكَ يَا عَائِشَةُ أَنَا لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَدِيثُ أَبِي زَرْعٍ وَأُمِّ زَرْعٍ قَالَ إِنَّ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الْيَمَنِ كَانَ بِهَا بَطْنٌ مِنْ بُطُونِ الْيَمَنِ وَكَانَ مِنْهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً وَأَنَّهُنَّ خَرَجْنَ إِلَى مَجْلِسٍ فَقُلْنَ تَعَالَيْنَ فَلْنَذْكُرْ بُعُولَتَنَا بِمَا فِيهِمْ وَلَا نَكْذِبْ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَعْرِفَةُ جِهَةِ قَبِيلَتِهِنَّ وَبِلَادِهِنَّ لَكِنْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ أَنَّهُنَّ كُنَّ بِمَكَّةَ وَأَفَادَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حزم فِيمَا نَقله عِيَاض انه نَكُنْ مِنْ خَثْعَمٍ وَهُوَ يُوَافِقُ رِوَايَةَ الزُّبَيْرِ أَنَّهُنَّ من أهل الْيمن وَوَقع فِي رِوَايَة بن أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُنَّ كُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَذَا عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ وَحَكَى عِيَاضٌ ثُمَّ النَّوَوِيُّ قَوْلَ الْخَطِيبِ فِي الْمُبْهَمَاتِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا سَمَّى النِّسْوَةَ الْمَذْكُورَاتِ فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ إِلَّا مِنَ الطَّرِيقِ الَّذِي أَذْكُرُهُ وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ قُلْتُ وَقَدْ سَاقَهُ أَيْضًا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْحَكِيمِ الْمَذْكُورُ مِنَ الطَّرِيقِ الْمُرْسَلَةِ الَّتِي قَدَّمْتُ ذِكْرَهَا فَإِنَّهُ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ بِسَنَدِهِ ثُمَّ سَاقَهُ مِنَ الطَّرِيقِ الْمُرْسَلَةِ وَقَالَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ وَسَمَّى بن دُرَيْدٍ فِي الْوِشَاحِ أُمَّ زَرْعٍ عَاتِكَةَ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ يَعْنِي سِيَاقَ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ أَنَّ الثَّانِيَةَ اسْمُهَا عَمْرَةُ بِنْتُ عَمْرٍو وَاسْمُ الثَّالِثَةِ حُبَّى بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ مَقْصُورٌ بِنْتُ كَعْبٍ وَالرَّابِعَةُ مَهْدَدُ بِنْتُ أَبِي هَزُومَةَ وَالْخَامِسَةُ كَبْشَةُ وَالسَّادِسَةُ هِنْدٌ وَالسَّابِعَةُ حُبَّى بِنْتُ عَلْقَمَةَ وَالثَّامِنَةُ بِنْتُ أَوْسِ بْنِ عَبْدٍ وَالْعَاشِرَةُ كَبْشَةُ بِنْتُ الْأَرْقَمِ اه وْلَمْ يُسَمِّ الْأُولَى وَلَا التَّاسِعَةَ وَلَا أَزْوَاجَهُنَّ وَلَا ابْنَةَ أَبِي زَرْعٍ وَلَا أُمَّهُ وَلَا الْجَارِيَةَ وَلَا الْمَرْأَة الَّتِي تزَوجهَا أَبُو زر وَلَا الرَّجُلَ الَّذِي تَزَوَّجَتْهُ أُمُّ زَرْعٍ وَقَدْ تَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّرَّاحِ بَعْدَهُ وَكَلَامُهُمْ يُوهِمُ أَنَّ تَرْتِيبَهُنَّ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ كَتَرْتِيبِ رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْأَوْلَى عِنْدَ الزُّبَيْرِ وَهِي الَّتِي لم يسمهَا هِيَ الرَّابِعَة هُنَا وَالثَّانيَِة فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ هِيَ الثَّامِنَةُ هُنَا والثَّالِثَةُ عِنْد الزُّبَيْرِ هِيَ الْعَاشِرَةُ هُنَا وَالرَّابِعَةُ عِنْدَ الزُّبَيْرِ هِيَ الْأُولَى هُنَا وَالْخَامِسَةُ عِنْدَهُ هِيَ التَّاسِعَةُ هُنَا والسَّادِسَةُ عِنْدَهُ هِيَ السَّابِعَةُ هُنَا وَالسَّابِعَةُ عِنْدَهُ هِيَ الْخَامِسَةُ هُنَا وَالثَّامِنَةُ عِنْدَهُ هِيَ السَّادِسَةُ هُنَا وَالتَّاسِعَةُ عِنْدَهُ هِيَ الثَّانِيَةُ هُنَا وَالْعَاشِرَةُ عِنْدَهُ هِيَ الثَّالِثَةُ هُنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ كَثِيرٌ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ فِي تَرْتِيبِهِنَّ وَلَا ضَيْرَ فِي ذَلِكَ وَلَا أَثَرَ لِلتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِيهِ إِذْ لَمْ يَقَعْ تَسْمِيَتُهُنَّ نَعَمْ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مُنَاسَبَةٌ وَهِيَ سِيَاقُ الْخَمْسَةِ اللَّاتِي ذَمَمْنَ أَزْوَاجَهُنَّ عَلَى حِدَةٍ وَالْخَمْسَةُ اللَّاتِي مَدَحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ عَلَى حِدَةٍ وَسَأُشِيرُ إِلَى تَرْتِيبِهِنَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ السَّادِسَةِ هُنَا وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِ عُرْوَةَ عِنْدَ ذِكْرِ الْخَامِسَةِ فَهَؤُلَاءِ خَمْسٌ يَشُكُونَ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بِخُصُوصِهَا لِمَا فِيهَا مِنَ التَّسْمِيَةِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ فِي سِيَاقِ الْأَعْدَادِ فَيَظُنُّ مِنْلَمْ يَقِفْ عَلَى حَقِيقَةِ ذَلِكَ أَنَّ الثَّانِيَةَ الَّتِي سُمِّيَتْ عَمْرَةَ بِنْتَ عَمْرٍو هِيَ الَّتِي قَالَت زَوجي لَا أبث خَبره وَلَيْسَ كَذَلِك بَلْ هِيَ الَّتِي قَالَتْ زَوْجِيَ الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ وَهَكَذَا إِلَخْ فَلِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ قَوْلُهُ فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَيْ ألْزَمْنَ أَنْفُسَهُنَّ عَهْدًا وَعَقَدْنَ عَلَى الصِّدْقِ مِنْ ضَمَائِرِهِنَّ عَقْدًا قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ فِي رِوَايَةِ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَعُقْبَةَ أَنْ يَتَصَادَقْنَ بَيْنَهُنَّ وَلَا يكتمن وَفِي رِوَايَة سعيد بن سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنْ يَنْعَتْنَ أَزْوَاجَهُنَّ وَيَصْدُقْنَ وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ فَتَبَايِعْنَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ قَالَتِ الْأَوْلَى زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ صِفَةً لِلْجَمَلِ وَرَفعه صفة للحم قَالَ بن الْجَوْزِيّ الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة الْخَفْض وَقَالَ بن نَاصِرٍ الْجَيِّدُ الرَّفْعُ وَنَقْلَهُ عَنِ التَّبْرِيزِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْغَثُّ الْهَزِيلُ الَّذِي يُسْتَغَثُّ مِنْ هُزَالِهِ أَيْ يُسْتَتْرَكُ وَيُسْتَكْرَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ غَثَّ الْجُرْحُ غثًّا وَغَثِيثًا إِذَا سَالَ مِنْهُ الْقَيْحُ وَاسْتَغَثَّهُ صَاحِبُهُ وَمِنْهُ أَغَثُّ الْحَدِيثِ وَمِنْهُ غَثَّ فُلَانٌ فِي خُلُقِهِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُقَابَلَةِ السَّمِينِ فَيُقَالُ لِلْحَدِيثِ الْمُخْتَلِطِ فِيهِ الْغَثُّ وَالسَّمِينُ قَوْلُهُ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيدٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَعْرٍ وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ بِكَارٍ وعث وَهِي اوفق للسجع وَالْأول ظَاهر أَي كثير الضجر شَدِيد الغلظة يَصْعُبُ الرُّقِيُّ إِلَيْهِ وَالْوَعْثُ بِالْمُثَلَّثَةِ الصَّعْبُ الْمُرْتَقَى بِحَيْثُ تُوحِلُ فِيهِ الْأَقْدَامُ فَلَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ ويشق فِيهِ الْمَشْيُ وَمِنْهُ وَعْثَاءُ السَّفَرِ قَوْلُهُ لَا سَهْلَ بِالْفَتْحِ بِلَا تَنْوِينٍ وَكَذَا وَلَا سَمِينَ وَيجوز فيهمَا الرَّفْعُ عَلَى خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ أَيْ لَا هُوَ سَهْلٌ وَلَا سَمِينٌ وَيَجُوزُ الْجَرُّ عَلَى أَنَّهُمَا صِفَةُ جَمَلٍ وَجَبَلٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِالنَّصْبِ مِنْونًا فِيهِمَا لَا سَهْلًا وَلَا سَمِينًا وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَهُ لَا بِالسَّمِينِ وَلَا بِالسَّهْلِ قَالَ عِيَاضٌ أَحْسَنُ الْأَوْجُهِ عِنْدِيَ الرَّفْعُ فِي الْكَلِمَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ سِيَاقِ الْكَلَامِ وَتَصْحِيحِ الْمَعْنَى لَا من جِهَة تَقْوِيمِ اللَّفْظِ وَذَلِكَ أَنَّهَا أَوْدَعَتْ كَلَامَهَا تَشْبِيهَ شَيْئَيْنِ بِشَيْئَيْنِ شَبَّهَتْ زَوْجَهَا بِاللَّحْمِ الْغَثِّ وَشَبَّهَتْ سُوءَ خُلُقِهِ بِالْجَبَلِ الْوَعِرِ ثُمَّ فَسَّرَتْ مَا اجملت فَكَأَنَّهَا قَالَت لَا الْجَبَل سهلا فَلَا يَشُقُّ ارْتِقَاؤُهُ لِأَخْذِ اللَّحْمِ وَلَوْ كَانَ هزيلا لِأَن الشَّيْء المزهود فِيهِ أَن يُؤْخَذ إِذا وجد بِغَيْر نصب ثمَّ قَالَت وَلَا اللَّحْمُ سَمِينٌ فَيَتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةَ فِي صُعُودِ الْجَبَلِ لِأَجْلِ تَحْصِيلِهِ قَوْلُهُ فَيُرْتَقَى أَيْ فَيُصْعَدُ فِيهِ وَهُوَ وَصْفٌ لِلْجَبَلِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِي لَا سَهْلَ فَيُرْتَقَى إِلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبِيدٍ فَيُنْتَقَى وَهَذَا وَصْفُ اللَّحْمِ وَالْأَوَّلُ مِنَ الِانْتِقَالِ أَيْ أَنَّهُ لِهُزَالِهِ لَا يَرْغَبُ أَحَدٌ فِيهِ فَيُنْتَقَلُ إِلَيْهِ يُقَالُ انْتَقَلْتُ الشَّيْءَ أَيْ نَقَلْتُهُ وَمَعْنَى يُنْتَقَى لَيْسَ لَهُ نِقْيٌ يُسْتَخْرَجُ وَالنِّقْيُ الْمُخُّ يُقَالُ نَقَوْتُ الْعَظْمَ وَنَقَّيْتُهُ وَانْتَقَيْتُهُ إِذَا اسْتَخْرَجْتَ مُخَّهُ وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي اخْتِيَارِ الْجَيِّدِ مِنَ الرَّدِيءِ قَالَ عِيَاضٌ أَرَادَتْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نقي فَطلب لِأَجْلِ مَا فِيهِ مِنَ النِّقْيِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ فِيهِ نِقْيٌ يُطْلَبُ اسْتِخْرَاجُهُ قَالُوا آخَرُ مَا يَبْقَى فِي الْجَمَلِ مُخُّ عَظْمِ الْمَفَاصِلِ وَمُخُّ الْعَيْنِ وَإِذَا نَفِدَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ خَيْرٌ قَالُوا وَصَفَتْهُ بِقِلَّةِ الْخَيْرِ وَبُعْدِهِ مَعَ الْقلَّة فشبهته بِاللَّحْمِ الَّذِي صغرت عِظَامه من النِّقْيِ وَخَبُثُ طَعْمُهُ وَرِيحُهُ مَعَ كَوْنِهِ فِي مرتقى يشق الْوُصُول إِلَيْهِ فَلَا يرغب أحدا فِي طَلَبِهِ لِيَنْقُلَهُ إِلَيْهِ مَعَ تَوَفُّرِ دَوَاعِي أَكْثَرِ النَّاسِ عَلَى تَنَاوُلِ الشَّيْءِ الْمَبْذُولِ مَجَّانًا وَقَالَ النَّوَوِيُّ فَسَّرَهُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ قَلِيلُ الْخَيْرِ مِنْ أَوْجُهٍ مِنْهَا كَوْنُهُ كَلَحْمِ الْجَمَلِ لَا كَلَحْمِ الضَّأْنِ مَثَلًا وَمِنْهَا أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مَهْزُولٌ رَدِيءٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ لَيْسَ فِي اللُّحُومِ أَشَدُّ غَثَاثَةً مِنْ لَحْمِ الْجَمَلِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ خُبْثَ الطَّعْمِ وَخُبْثَ الرِّيحِ وَمِنْه أَنَّهُ صَعْبُ التَّنَاوُلِ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَذَهَبَ الْخَطَّابِيُّ إِلَى أَنَّ تَشْبِيهَهَا بِالْجَبَلِ الْوَعِرِ إِشَارَةٌ إِلَى سُوءِ خُلُقِهِ وَأَنَّهُ يترفع ويتكبر ويسمو بِنَفسِهِ فَوق موضعهَا فِي فَيَجْمَعُ الْبُخْلَ وَسُوءَ الْخُلُقِ وَقَالَ عِيَاضٌ شَبَّهَتْ وُعُورَةَ خُلُقِهِ بِالْجَبَلِوَبُعْدَ خَيْرِهِ بِبُعْدِ اللَّحْمِ عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ وَالزُّهْدَ فِيمَا يُرْجَى مِنْهُ مَعَ قِلَّتِهِ وَتَعَذُّرِهِ بِالزُّهْدِ فِي لَحْمِ الْجَمَلِ الْهَزِيلِ فَأَعْطَتِ التَّشْبِيهَ حَقَّهُ وَوَفَّتْهُ قِسْطَهُ قَوْلُهُ قَالَتِ الثَّانِيَةُ زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُثَلَّثَةِ وَفِي رِوَايَةٍ حَكَاهَا عِيَاضٌ أَنُثُّ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمُوَحِّدَةِ أَيْ لَا أُظْهِرُ حَدِيثَهُ وَعَلَى رِوَايَةِ النُّونِ فَمُرَادُهَا حَدِيثُهُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّ النَّثَّ بِالنُّونِ أَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ لَا أَنِمُّ بِنُونٍ وَمِيمٍ مِنَ النَّمِيمَةِ قَوْلُهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ أَيْ أَخَافُ أَنْ لَا أَتْرُكَ مِنْ خَبَرِهِ شَيْئًا فَالضَّمِيرُ لِلْخَبَرِ أَيْ أَنَّهُ لِطُولِهِ وَكَثْرَتِهِ إِنْ بَدَأْتُهُ لَمْ أَقَدِرْ عَلَى تكميله فاكتفت بالاشار إِلَى معيابه خَشْيَةَ أَنْ يَطُولَ الْخَطْبُ بِإِيرَادِ جَمِيعِهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَخْشَى أَنْ لَا أَذَرَهُ مِنْ سُوءٍ وَهَذَا تَفْسِير بن السِّكِّيتِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ أَذْكُرُهُ وَأَذْكُرُ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ الضَّمِيرُ لِزَوْجِهَا وَعَلَيْهِ يَعُودُ ضَمِيرُ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ بِلَا شَكٍّ كَأَنَّهَا خَشِيَتْ إِذَا ذَكَّرَتْ مَا فِيهِ أَنْ يَبْلُغَهُ فَيُفَارِقَهَا فَكَأَنَّهَا قَالَتْ أَخَافُ أَنْ لَا أَقْدِرَ عَلَى تَرْكِهِ لِعَلَاقَتِي بِهِ وَأَوْلَادِي مِنْهُ وأذره بِمَعْنى أفارقه فاكتفت بِالْإِشَارَةِ إِلَى أَنه لَهُ مَعَايِبَ وَفَاءً بِمَا الْتَزَمَتْهُ مِنَ الصِّدْقِ وَسَكَتَتْ عَنْ تَفْسِيرِهَا لِلْمَعْنَى الَّذِي اعْتَذَرَتْ بِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ زَوْجِي مَنْ لَا أَذْكُرُهُ وَلَا أَبُثُّ خَبَرَهُ وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ بِالسَّجْعِ قَوْلُهُ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتَحِ الْجِيمِ فِيهِمَا الْأَوَّلُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَالثَّانِي بِمُوَحَّدَةٍ جَمْعُ عجْرَة وبجرة بِضَم ثمَّ سُكُون فالعجر تَعْقِدُ الْعَصَبَ وَالْعُرُوقَ فِي الْجَسَدِ حَتَّى تَصِيرَ نَاتِئَةً وَالْبُجَرُ مِثْلُهَا إِلَّا أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالَّتِي تَكُونُ فِي الْبَطْنِ قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ وغَيْرُهُ وَقَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ الْعُجْرَةُ نَفْخَةٌ فِي الظَّهْرِ وَالْبُجْرَةُ نَفْخَةٌ فِي السُّرَّة وَقَالَ بن أَبِي أُوَيْسٍ الْعُجَرُ الْعُقَدُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبَطْنِ وَاللِّسَانِ وَالْبُجْرُ الْعُيُوبُ وَقِيلَ الْعُجَرُ فِي الْجَنْبِ وَالْبَطْنِ وَالْبُجْرُ فِي السُّرَّةِ هَذَا أَصْلُهُمَا ثُمَّ اسْتُعْمِلَا فِي الْهُمُومِ وَالْأَحْزَانِ وَمِنْهُ قَوْلُ عَلَيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ أَشْكُو إِلَى اللَّهِ عُجَرِي وَبُجَرِي وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ اسْتُعْمِلَا فِي الْمَعَايِبِ وَبِهِ جزم بن حَبِيبٍ وَأَبُو عُبَيدٍ الْهَرَوِيُّ وَقَالَ أَبُو عُبَيدِ بن سَلام ثمَّ بن السّكيت استعملا فِيمَا يَكْتُمهُ المر وَيُخْفِيهِ عَنْ غَيْرِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُبَرِّدُ قَالَ الْخطاب أَرَادَتْ عُيُوبَهُ الظَّاهِرَةَ وَأَسْرَارَهُ الْكَامِنْةَ قَالَ وَلَعَلَّهُ كَانَ مَسْتُورَ الظَّاهِرِ رَدِيءَ الْبَاطِنِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ عَنَتْ أَنَّ زَوْجَهَا كَثِيرُ الْمَعَايِبِ مُتَعَقِّدُ النَّفْسِ عَنِ الْمَكَارِمِ وَقَالَ الْأَخْفَشُ الْعُجَرُ الْعُقَدُ تَكُونُ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ وَالْبُجْرُ تَكُونُ فِي الْقلب وَقَالَ بن فَارِسٍ يُقَالُ فِي الْمَثَلِ أَفْضَيْتُ إِلَيْهِ بِعُجَرِي وَبُجَرِي أَيْ بِأَمْرِي كُلِّهِ قَوْلُهُ قَالَتِ الثَّالِثَةُ زَوْجِيَ الْعَشَنَّقُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَآخِرُهُ قَافٌ قَالَ أَبُو عُبَيدٍ وَجَمَاعَةٌ هُوَ الطَّوِيلُ زَادَ الثَّعَالِبِيُّ الْمَذْمُومُ الطَّولِ وَقَالَ الْخَلِيل هُوَ الطَّوِيل الْعُنُق وَقَالَ بن أَبِي أُوَيْسٍ الصَّقْرُ مِنَ الرِّجَالِ الْمِقْدَامُ الْجَرِيءُ وَحكى بن الْأَنْبَارِي عَن بن قُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ هُوَ الْقَصِيرُ ثُمَّ قَالَ كَأَنَّهُ عِنْدَهُ مِنَ الْأَضْدَادِ قَالَ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ تُصُحِّفَ عَلَيْهِ بِمَا قَالَ بن أبي أويس قَالَه عِيَاض وَقد قَالَ بن حَبِيبٍ هُوَ الْمِقْدَامُ عَلَى مَا يُرِيدُ الشَّرِسُ فِي أُمُوره وَقيل السيء الْخلق وَقَالَ الْأَصْمَعِي أَرَادَت أَنه لَيْسَ عِنْده أَكْثَرَ مِنْ طُولِهِ بِغَيْرِ نَفْعٍ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الْمُسْتَكْرَهُ الطُّولِ وَقِيلَ ذَمَّتْهُ بِالطُّولِ لِأَنَّ الطُّولَ فِي الْغَالِبِ دَلِيلُ السَّفَهِ وَعُلِّلَ بِبُعْدِ الدِّمَاغِ عَنِ الْقَلْبِ وَأَغْرَبَ مَنْ قَالَ مَدَحَتْهُ بالطول لِأَن الْعَرَب تتمدح بذلك وَتعقب بِأَن سياقها يَقْتَضِي أَنَّهَا ذمَّته وَأجَاب عَنهُ بن الْأَنْبَارِيِّ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ مَدْحَ خَلْقِهِ وَذَمَّ خُلُقِهِ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ لَهُ مَنْظَرٌ بِلَا مَخْبَرٍ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَشَنَّقَ الطَّوِيلُ النَّجِيبُ الَّذِي يَمْلِكُ أَمْرَ نَفْسِهِ وَلَا تَحَكَّمُ النِّسَاءُ فِيهِ بَلْ يَحْكُمُ فِيهِنَّ بِمَا شَاءَ فَزَوْجَتُهُ تَهَابُهُأَنْ تَنْطِقَ بِحَضْرَتِهِ فَهِيَ تَسْكُتُ عَلَى مَضَضٍ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَهِيَ مِنَ الشِّكَايَةِ الْبَلِيغَةِ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ السِّكِّيتِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي آخِرِهِ وَهُوَ عَلَى حَدِّ السِّنَانِ الْمُذَلَّقِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيِ الْمُجَرَّدِ بِوَزْنِهِ وَمَعْنَاهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهَا مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ بِهَذَا أَنَّهُ أَهْوَجُ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى حَالٍ كالسنان الشَّدِيدَة الْحِدَّةِ قَوْلُهُ إِنَّ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ أَيْ إِنْ ذَكَرْتُ عُيُوبَهُ فَيَبْلُغُهُ طَلَّقَنِي وَإِنْ سَكَتُّ عَنْهَا فَأَنَا عِنْدَهُ مُعَلَّقَةٌ لَا ذَاتُ زَوْجٍ وَلَا أَيِّمٌ كَمَا وَقَعَ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى فتذروها كالمعلقة فَكَأَنَّهَا قَالَتْ أَنَا عِنْدَهُ لَا ذَاتُ بَعْلٍ فأنتفع بِهِ وَلَا مُطلقَة فاتفرغ لغيره فهمي كَالْمُعَلَّقَةِ بَيْنَ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ لَا تَسْتَقِرُّ بِأَحَدِهِمَا هَكَذَا تَوَارَدَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ تَبَعًا لِأَبِي عُبَيْدٍ وَفِي الشِّقِّ الثَّانِي عِنْدِي نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُرَادَهَا لَانْطَلَقَتْ لِيُطَلِّقَهَا فَتَسْتَرِيحُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَيْضًا أَنَّهَا أَرَادَتْ وَصْفَ سُوءِ حَالِهَا عِنْدَهُ فَأَشَارَتْ إِلَى سُوءِ خُلُقِهِ وَعَدَمِ احْتِمَالِهِ لِكَلَامِهَا إِنْ شَكَتْ لَهُ حَالَهَا وَإِنَّهَا تعلم أنهى مَتَى ذَكَرَتْ لَهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَادَرَ إِلَى طَلَاقِهَا وَهِيَ لَا تُؤْثِرُ تَطْلِيقَهُ لِمَحَبَّتِهَا فِيهِ ثُمَّ عَبَّرَتْ بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهَا إِنْ سَكَتَتْ صَابِرَةً عَلَى تِلْكَ الْحَالِ كَانَتْ عِنْدَهُ كَالْمُعَلَّقَةِ الَّتِي لَا ذَاتُ زَوْجٍ وَلَا أَيِّمٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا أُعَلَّقْ مُشْتَقًّا مِنْ عَلَاقَةِ الْحُبِّ أَوْ مِنْ عَلَاقَةِ الْوَصْلَةِ أَيْ إِنْ نَطَقْتُ طَلَّقَنِي وَإِنَّ سَكَتُّ اسْتمرّ لي زَوْجَةً وَأَنَا لَا أُوثِرُ تَطْلِيقَهُ لِي فَلِذَلِكَ أَسْكُتُ قَالَ عِيَاضٌ أَوْضَحَتْ بِقَوْلِهَا عَلَى حَدِّ السِّنَانِ الْمُذَلَّقِ مُرَادَهَا بِقَوْلِهَا قَبْلُ إِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ وَإِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ أَيْ أَنَّهَا إِنْ حَادَتْ عَنِ السِّنَانِ سَقَطَتْ فَهَلَكَتْ وَإِنِ اسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَهْلَكَهَا قَوْلُهُ قَالَتِ الرَّابِعَةُ زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ بِالْفَتْحِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ مَبْنِيَّةٌ مَعَ لَا عَلَى الْفَتْحِ وَجَاءَ الرَّفْعُ مَعَ التَّنْوِينِ فِيهَا وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ أَبُو الْبَقَاء وَكَأَنَّهُ أشْبع بِالْمَعْنَى أَي لَيْسَ فِي حَرٌّ فَهُوَ اسْمُ لَيْسَ وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ قَالَ وَيُقَوِّيهِ مَا وَقَعَ مِنَ التَّكْرِيرِ كَذَا قَالَ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةِ الْبِنَاءُ عَلَى الْفَتْح فِي الْجَمِيع وَالرَّفْع مَعَ التوين وَفَتْحُ الْبَعْضِ وَرَفْعُ الْبَعْضِ وَذَلِكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا خُلَّةَ وَلَا شَفَاعَةَ وَمِثْلِ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الْحَج وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَلَا بَرْدٌ بَدَلَ وَلَا قُرٌّ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ وَلَا خَامَةَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي لَا ثقل عِنْدَهُ تَصِفُ زَوْجَهَا بِذَلِكَ وَأَنَّهُ لَيِّنُ الْجَانِبِ خَفِيفُ الْوَطْأَةِ عَلَى الصَّاحِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ صِفَةِ اللَّيْلِ وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَالْغَيْثُ غَيْثُ غَمَامَةٍ قَالَ أَبُو عبيد أَرَادَت أَنه لَا شَرّ فِيهِ يخَاف وَقَالَ بن الْأَنْبَارِيِّ أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا وَلَا مَخَافَةَ أَيْ أَنَّ أَهْلَ تِهَامَةَ لَا يَخَافُونَ لِتَحَصُّنِهِمْ بِجِبَالِهَا أَوْ أَرَادَتْ وَصْفَ زَوْجِهَا بِأَنَّهُ حَامِي الذِّمَارِ مَانِعٌ لِدَارِهِ وَجَارِهِ وَلَا مَخَافَةَ عِنْدَ مَنْ يَأْوِي إِلَيْهِ ثُمَّ وَصَفَتْهُ بِالْجُودِ وَقَالَ غَيْرُهُ قَدْ ضَرَبُوا الْمَثَلَ بِلَيْلِ تِهَامَةَ فِي الطِّيبِ لِأَنَّهَا بِلَادٌ حَارَّةٌ فِي غَالِبِ الزَّمَانِ وَلَيْسَ فِيهَا رِيَاحٌ بَارِدَةٌ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ كَانَ وَهَجُ الْحَرِّ سَاكِنًا فَيَطِيبُ اللَّيْلِ لِأَهْلِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا كَانُوا فِيهِ مِنْ أَذَى حَرِّ النَّهَارِ فَوَصَفَتْ زَوْجَهَا بِجَمِيلِ الْعِشْرَةِ وَاعْتِدَالِ الْحَالِ وَسَلَامَةِ الْبَاطِنِ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ لَا أَذَى عِنْدَهُ وَلَا مَكْرُوهَ وَأَنَا آمِنْةٌ مِنْهُ فَلَا أَخَافُ مِنْ شَرِّهِ وَلَا مَلَلَ عِنْدَهُ فَيَسْأَمُ مِنْ عِشْرَتِي أَوْ لَيْسَ بسيء الْخُلُقِ فَأَسْأَمُ مِنْ عِشْرَتِهِ فَأَنَا لَذِيذَةُ الْعَيْشِ عِنْدَهُ كَلَذَّةِ أَهْلِ تِهَامَةَ بِلَيْلِهِمُ الْمُعْتَدِلِ قَوْلُهُ قَالَتِ الْخَامِسَةُ زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ قَالَ أَبُو عبيد فَهد بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْفَهْدِ وَصَفَتْهُ بِالْغَفْلَةِ عِنْدَ دُخُولِ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهِ الْمَدْح لَهُ وَقَالَ بن حَبِيبٍ شَبَّهَتْهُ فِي لِينِهِ وَغَفْلَتِهِ بِالْفَهْدِ لِأَنَّهُ يُوصَفُ بِالْحَيَاءِ وَقِلَّةِ الشَّرِّ وَكَثْرَةِ النَّوْمِ وَقَوْلُهُ أَسِدَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَكَسْرِ السِّينِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأسد أَييصير بَين النَّاس مثل الْأسد وَقَالَ بن السّكيت تصفه بالنشاط فِي الْغَزْو وَقَالَ بن أَبِي أُوَيْسٍ مَعْنَاهُ إِنْ دَخَلَ الْبَيْتَ وَثْبَ عَلَيَّ وُثُوبِ الْفَهْدِ وَإِنْ خَرَجَ كَانَ فِي الْإِقْدَامِ مِثْلَ الْأَسَدِ فَعَلَى هَذَا يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ وَثَبَ عَلَى الْمَدْحِ وَالذَّمِّ فَالْأَوَّلُ تُشِيرُ إِلَى كَثْرَةِ جِمَاعِهِ لَهَا إِذَا دَخَلَ فَيَنْطَوِي تَحْتَ ذَلِكَ تَمَدُّحُهَا بِأَنَّهَا مَحْبُوبَةٌ لَدَيْهِ بِحَيْثُ لَا يصير عَنْهَا إِذَا رَآهَا وَالذَّمُّ إِمَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ غَلِيظُ الطَّبْعِ لَيْسَتْ عِنْدَهُ مُدَاعَبَةٌ وَلَا ملاعبة قبل المواقعة بل يثبت وَثَوْبًا كَالْوَحْشِ أَوْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ كَانَ سيء الْخُلُقِ يَبْطِشُ بِهَا وَيَضْرِبُهَا وَإِذَا خَرَجَ عَلَى النَّاسِ كَانَ أَمْرُهُ أَشَدَّ فِي الْجَرْأَةِ وَالْإِقْدَامِ وَالْمَهَابَةِ كَالْأَسَدِ قَالَ عِيَاضٌ فِيهِ مُطَابَقَةٌ بَيْنَ خَرَجَ وَدَخَلَ لَفْظِيَّةٌ وَبَيْنَ فَهِدَ وَأَسِدَ مَعْنَوِيَّةٌ وَيُسَمَّى أَيْضًا الْمُقَابَلَةَ وَقَوْلُهَا وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ يَحْتَمِلُ الْمَدْحَ وَالذَّمَّ أَيْضًا فَالْمَدْحُ بِمَعْنَى أَنَّهُ شَدِيدُ الْكَرَمِ كَثِيرُ التَّغَاضِي لَا يَتَفَقَّدُ مَا ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ وَإِذَا جَاءَ بِشَيْءٍ لِبَيْتِهِ لَا يَسْأَلُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَا يَرَى فِي الْبَيْتِ مِنَ الْمَعَايِبِ بَلْ يُسَامِحُ وَيُغْضِي وَيَحْتَمِلُ الذَّمَّ بِمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ مُبَالٍ بِحَالِهَا حَتَّى لَوْ عَرَفَ أَنَّهَا مَرِيضَةٌ أَوْ مُعْوَزَّةٌ وَغَابَ ثُمَّ جَاءَ لَا يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَتَفَقَّدُ حَالَ أَهْلِهِ وَلَا بَيْتِهِ بَلْ إِنْ عَرَضَتْ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَثَبَ عَلَيْهَا بِالْبَطْشِ وَالضَّرْبِ وَأَكْثَرُ الشُّرَّاحِ شَرَحُوهُ عَلَى الْمَدْحِ فَالتَّمْثِيلُ بِالْفَهْدِ مِنْ جِهَةِ كَثْرَةِ التَّكَرُّمِ أَوِ الْوُثُوبِ وَبِالْأَسَدِ مِنْ جِهَةِ الشَّجَاعَةِ وَبِعَدَمِ السُّؤَالِ مِنْ جِهَةِ الْمُسَامَحَةِ وَقَالَ عِيَاضٌ حَمَلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى الِاشْتِقَاقِ مِنْ خُلُقِ الْفَهْدِ إِمَّا مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ وُثُوبِهِ وَإِمَّا مِنْ كَثْرَةِ نَوْمِهِ وَلِهَذَا ضَرَبُوا الْمَثَلَ بِهِ فَقَالُوا أَنْوَمُ مِنْ فَهْدٍ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ كَثْرَةِ كَسْبِهِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمَثَلِ أَيْضًا أَكْسَبُ مِنْ فَهْدٍ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْفُهُودَ الْهَرِمَةَ تَجْتَمِعُ عَلَى فَهْدٍ مِنْهَا فَتِيٍّ فَيَتَصَيَّدُ عَلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يُشْبِعَهَا فَكَأَنَّهَا قَالَتْ إِذَا دَخَلَ الْمَنْزِلَ دَخَلَ مَعَهُ بِالْكَسْبِ لِأَهْلِهِ كَمَا يَجِيءُ الْفَهْدُ لِمَنْ يَلُوذُ بِهِ مِنَ الْفُهُودِ الْهَرِمَةِ ثُمَّ لَمَّا كَانَ فِي وَصْفِهَا لَهُ بِخُلُقِ الْفَهْدِ مَا قَدْ يَحْتَمِلُ الذَّمَّ مِنْ جِهَةِ كَثْرَةِ النَّوْمِ رَفَعَتِ اللَّبْسَ بِوَصْفِهَا لَهُ بِخُلُقِ الْأَسَدِ فَأَفْصَحَتْ أَنَّ الْأَوَّلَ سَجِيَّةُ كَرَمٍ وَنَزَاهَةُ شَمَائِلَ وَمُسَامَحَةٌ فِي الْعِشْرَةِ لَا سجية جبن وجور فِي الطَّبْعِ قَالَ عِيَاضٌ وَقَدْ قَلَبَ الْوَصْفَ بَعْضُ الرُّوَاةِ يَعْنِي كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ فَقَالَ إِذَا دَخَلَ أَسِدَ وَإِذَا خَرَجَ فَهِدَ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَجْلِسِهِ كَانَ عَلَى غَايَةِ الرَّزَانَةِ وَالْوَقَارِ وَحُسْنِ السَّمْتِ أَوْ عَلَى الْغَايَةِ مِنْ تَحْصِيلِ الْكَسْبِ وَإِذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ كَانَ مُتَفَضِّلًا مُوَاسِيًا لِأَنَّ الْأَسَدَ يُوصَفُ بِأَنَّهُ إِذَا افْتَرَسَ أَكَلَ مِنْ فَرِيسَتِهِ بَعْضًا وَتَرَكَ الْبَاقِيَ لَمِنْ حَوْلَهُ مِنَ الْوُحُوشِ وَلِمَ يُهَاوِشْهُمْ عَلَيْهَا وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ فِي آخِرِهِ وَلَا يَرْفَعُ الْيَوْمَ لِغَدٍ يَعْنِي لَا يدّخر مَا حَصَلَ عِنْدَهُ الْيَوْمَ مِنْ أَجْلِ الْغَدِ فَكَنَّتْ بِذَلِكَ عَنْ غَايَةِ جُودِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالْحَزْمِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ فَلَا يُؤَخِّرُ مَا يَجِبُ عَمَلُهُ الْيَوْمَ إِلَى غَدِهِ قَوْلُهُ قَالَتِ السَّادِسَةُ زَوْجِي إِنَّ أَكَلَ لَفَّ وَإِنَّ شَرِبَ اشْتَفَّ وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ إِذَا أكل اقتف وَفِيه وَإِذا نَام بدل اضجع وَزَادَ وَإِذَا ذَبَحَ اغْتَثَّ أَيْ تَحَرَّى الْغَثَّ وَهُوَ الْهَزِيلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ كَلَامِ الأولى وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ وَلَا يدْخل بدل يولج وَإِذا رَقَدَ بَدَلَ اضْطَجَعَ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ فَيَعْلَمُ بِالْفَاءِ بَدَلَ اللَّامِ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِاللَّفِّ الْإِكْثَارُ مِنْهُ وَاسْتِقْصَاؤُهُ حَتَّى لَا يَتْرُكَ مِنْهُ شَيْئًا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْإِكْثَارُ مَعَ التَّخْلِيطِ يُقَالُ لَفَّ الْكَتِيبَةَ بِالْأُخْرَى إِذَا خَلَطَهَا فِي الْحَرْبِ وَمِنْهُ اللَّفِيفُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَتْ أَنَّهُ يَخْلِطُ صُنُوفَ الطَّعَامِ مِنْ نَهْمَتِهِ وَشَرَهِهِ ثُمَّ لَا يُبْقِي مِنْهُ شَيْئًا وَحَكَى عِيَاضٌ رِوَايَةَ مَنْ رَوَاهُ رَفَّ بِالرَّاءِ بَدَلَ اللَّام قَالَ وَهِي بمعناها وَرِوَايَة مِنْ رَوَاهُ اقْتَفَّ بِالْقَافِ قَالَ وَمَعْنَاهُ التَّجْمِيعُ قَالَ الْخَلِيلُ قَفَافُكُلِّ شَيْءٍ جِمَاعُهُ وَاسْتِيعَابُهُ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْقُفَّةُ لِجَمْعِهَا مَا وُضِعَ فِيهَا وَالِاشْتِفَافُ فِي الشُّرْبِ اسْتِقْصَاؤُهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الشُّفَافَةِ بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ وَهِيَ الْبَقِيَّةُ تَبْقَى فِي الْإِنَاءِ فَإِذَا شَرِبَهَا الَّذِي شَرِبَ الْإِنَاءَ قِيلَ اشْتَفَّهَا وَمِنْهُمْ مِنْ رَوَاهَا بِالْمُهْمَلَةِ وَهِيَ بِمَعْنَاهَا وَقَوْلُهُ الْتَفَّ أَيْ رَقَدَ نَاحِيَةً وَتَلَفَّفَ بِكِسَائِهِ وَحْدَهُ وَانْقَبَضَ عَنْ أَهْلِهِ إِعْرَاضًا فَهِيَ كَئِيبَةٌ حَزِينَةٌ لِذَلِكَ وَلِذَلِكَ قَالَتْ وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ أَيْ لَا يَمُدُّ يَدَهُ لِيَعْلَمَ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْحُزْنِ فَيُزِيلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ أَنَّهُ يَنَامُ نَوْمَ الْعَاجِزِ الْفَشِلِ الْكَسِلِ وَالْمُرَادُ بِالْبَثِّ الْحُزْنُ وَيُقَالُ شِدَّةُ الْحُزْنِ وَيُطْلَقَ الْبَثُّ أَيْضًا عَلَى الشَّكْوَى وَعَلَى الْمَرَضِ وَعَلَى الْأَمْرِ الَّذِي لَا يُصْبَرُ عَلَيْهِ فَأَرَادَتْ أَنَّهُ لَا يَسْأَلُ عَنِ الْأَمْرِ الَّذِي يَقَعُ اهْتِمَامُهَا بِهِ فَوَصَفَتْهُ بقلة الشَّفَقَة عَلَيْهَا وَأَنه أَن لَوْ رَآهَا عَلِيلَةً لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي ثَوْبِهَا لِيَتَفَقَّدَ خَبَرَهَا كَعَادَةِ الْأَجَانِبِ فَضْلًا عَنِ الْأَزْوَاجِ أَوْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَرْكِ الْمُلَاعَبَةِ أَوْ عَنْ تَرْكِ الْجِمَاعِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَانَ فِي جَسَدِهَا عَيْبٌ فَكَّانِ لَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي ثَوْبِهَا لِيَلْمِسِ ذَلِكَ الْعَيْبَ لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَيْهَا فَمَدَحَتْهُ بِذَلِكَ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ كُلُّ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ إِلَّا النَّادِرَ وقَالُوا إِنَّمَا شَكَتْ مِنْهُ وَذَمَّتْهُ وَاسْتَقْصَرَتْ حَظَّهَا مِنْهُ وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهَا قَبْلُ وَإِذَا اضْطَجَعَ الْتَفَّ كَأَنَّهَا قَالَتْ إِنَّهُ يَتَجَنَّبُهَا وَلَا يُدْنِيهَا مِنْهُ وَلَا يدْخل يَده فِي جَنْبِهَا فَيَلْمِسُهَا وَلَا يُبَاشِرُهَا وَلَا يَكُونُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ مَحَبَّتُهَا لَهُ وَحُزْنُهَا لِقِلَّةِ حَظِّهَا مِنْهُ وَقَدْ جَمَعَتْ فِي وَصْفِهَا لَهُ بَيْنَ اللُّؤْمِ وَالْبُخْلِ وَالْهِمَّةِ وَالْمَهَانَةِ وَسُوءِ الْعِشْرَةِ مَعَ أَهْلِهِ فَإِنَّ الْعَرَبَ تَذُمُّ بِكَثْرَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَتَتَمَدَّحُ بِقِلَّتِهَمَا وبكثرة الْجِمَاع لدلالتها على صِحَة الذكورية والفحولية وانتصر بن الْأَنْبَارِيِّ لِأَبِي عُبَيْدٍ فَقَالَ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ تَجْمَعَ الْمَرْأَةُ بَيْنَ مَثَالِبِ زَوْجِهَا ومِنْاقِبِهِ لِأَنَّهُنَّ كُنْ تَعَاهَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ صِفَاتِهِمْ شَيْئًا فَمِنْهُنَّ مِنْ وَصَفَتْ زَوْجَهَا بِالْخَيْرِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ وَمِنْهُنَّ مِنْ وَصْفَتْهُ بِضِدِّ ذَلِكَ وَمِنْهُنَّ مِنْ جَمَعَتْ وَارْتَضَى الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الِانْتِصَارَ وَاسْتَدَلَّ عِيَاضٌ لِلْجُمْهُورِ بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْحُسَامِ أَنَّ عُرْوَةَ ذَكَرَ هَذِهِ فِي الْخَمْسِ اللَّاتِي يَشكونَ أَزوَاجهنَّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي رِوَايَتِهِ الثَّلَاثَ الْمَذْكُورَاتِ هُنَا أَوَّلًا عَلَى الْوَلَاءِ ثُمَّ السَّابِعَةَ الْمَذْكُورَةَ عَقِبَ هَذَا ثُمَّ السَّادِسَةَ هَذِهِ فَهِيَ خَامِسَةٌ عِنْدَهُ وَالسَّابِعَةُ رَابِعَةٌ قَالَ وَيُؤَيِّدُ أَيْضًا قَوْلَ الْجُمْهُورِ كَثْرَةُ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ لِهَذِهِ الْكِنَايَةِ عَنْ تَرْكِ الْجِمَاعِ وَالْمُلَاعَبَةِ وَقَدْ سَبَقَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ فِي قِصَّةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ زَوْجِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حَيْثُ سَأَلَهَا عَنْ حَالهَا مَعَ زَوجهَا فَقَالَ هُوَ كَخَيْرِ الرِّجَالِ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُفَتِّشْ لنا كنفا وَسبق أَيْضا فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ قَوْلُ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ فَعَبَّرَ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالنسَاء بكشف الْكَتف وَهُوَ الغطاء وَيحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ كِنَايَةً عَنْ تَرْكِ تَفَقُّدِهِ أُمُورَهَا وَمَا تَهْتَمُّ بِهِ مِنْ مَصَالِحِهَا وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْأَمْرِ أَيْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ وَلَمْ يَتَفَقَّدْهُ وَهَذَا الَّذِي ذكره احْتِمَالا جزم بِمَعْنَاهُ بن أَبِي أُوَيْسٍ فَإِنَّهُ قَالَ مَعْنَاهُ لَا يَنْظُرُ فِي أَمْرِ أَهْلِهِ وَلَا يُبَالِي أَنْ يَجُوعُوا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ مَعْنَاهُ لَا يَتَفَقَّدُ أُمُورِي لِيَعْلَمَ مَا أَكْرَهُهُ فَيُزِيلَهُ يُقَالُ مَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْأَمْرِ أَيْ لَمْ يَتَفَقَّدْهُ قَوْلُهُ قَالَتِ السَّابِعَةُ زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ خَفِيفَةٌ ثُمَّ أُخْرَى بَعْدَ الْأَلِفِ الْأُولَى وَالَّتِي بَعْدَهَا بِمُهْمَلَةٍ وَهُوَ شَكٌّ مِنْ رَاوِي الْخَبَرِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو يُعْلَى فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَبَّابٍ عَنْهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ غَيَايَاءُ بِمُعْجَمَةٍ بِغَيْرِ شَكٍّ والْغَيَايَاءُ الطَّبَاقَاءُ الْأَحْمَقُ الَّذِي يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ أمره وَقَالَ أَبُو عبيد العياياء بالمهلمة الَّذِي لَا يَضْرِبُ وَلَا يُلَقِّحُ مِنَ الْإِبِلِ وَبِالْمُعْجَمَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالطَّبَاقَاءِ الْأَحْمَقُ الْفَدْمُ وَقَالَ بن فَارِسٍ الطَّبَاقَاءُ الَّذِي لَايُحْسِنُ الضِّرَابَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ تَأْكِيدًا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِمْ بُعْدًا وَسُحْقًا وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ قَوْلُهُ غَيَايَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَيِّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُهْمَلَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعِيِّ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَقَالَ أَبُو عبيد العياياء بِالْمُهْمَلَةِ العي الَّذِي تعيبه مُبَاضَعَةُ النِّسَاءِ وَأَرَاهُ مُبَالَغَةً مِنَ الْعِيِّ فِي ذَلِك وَقَالَ بن السّكيت هُوَ العي الَّذِي لَا يَهْتَدِي وَقَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ الْغَيَايَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنَ الْغَيَايَةِ وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ أَظَلَّ الشَّخْصَ فَوْقَ رَأْسِهِ فَكَأَنَّهُ مُغَطًّى عَلَيْهِ مِنْ جَهْلِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ احْتِمَالًا جَزَمَ بِهِ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ غَيَايَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ صَحِيح وَهُوَ مَأْخُوذ من الغياية وَهِيَ الظُّلْمَةُ وَكُلُّ مَا أَظَلَّ الشَّخْصَ وَمَعْنَاهُ لَا يَهْتَدِي إِلَى مَسْلَكٍ أَوْ أَنَّهَا وَصَفَتْهُ بِثِقَلِ الرُّوحِ وَأَنَّهُ كَالظِّلِّ الْمُتَكَاثِفِ الظُّلْمَةِ الَّذِي لَا إِشْرَاقَ فِيهِ أَوْ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهُ غُطِّيَتْ عَلَيْهِ أُمُورُهُ أَوْ يَكُونُ غَيَايَاءُ مِنَ الْغَيِّ وَهُوَ الِانْهِمَاكُ فِي الشَّرِّ أَوْ مِنَ الْغَيِّ الَّذِي هُوَ الْخَيْبَةُ قَالَ تَعَالَى فَسَوْفَ يلقون غيا وَقَالَ بن الْأَعرَابِي الطباقاء المطبق عَلَيْهِ حمقا وَقَالَ بن دُرَيْدٍ الَّذِي تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ أُمُورُهُ وَعَنِ الْجَاحِظِ الثَّقِيلُ الصَّدْرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ يَنْطَبِقُ صَدْرُهُ عَلَى صَدْرِ الْمَرْأَةِ فَيَرْتَفِعُ سُفْلُهُ عَنْهَا وَقَدْ ذَمَّتِ امْرَأَةٌ امْرَأَ الْقَيْسِ فَقَالَتْ لَهُ ثَقِيلُ الصَّدْرِ خَفِيف العجر سَرِيعُ الْإِرَاقَةِ بَطِيءُ الْإِفَاقَةِ قَالَ عِيَاضٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ وَصْفِهَا لَهُ بِالْعَجْزِ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَبَين وصفهَا بثقل الصَّدْرِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ تَنْزِيلِهِ عَلَى حَالَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مَذْمُومٌ أَوْ يَكُونُ إِطْبَاقُ صَدْرِهِ مِنْ جُمْلَةِ عَيْبِهِ وَعَجْزِهِ وَتَعَاطِيهِ مَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ لَكِنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ فَسَّرَ عَيَايَاءَ بِأَنَّهُ الْعِنِّينُ وَقَوْلُهَا كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ أَيْ كُلُّ شَيْءٍ تَفَرَّقَ فِي النَّاسِ مِنَ الْمَعَايِبِ مَوْجُودٌ فِيهِ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا لَهُ دَاءٌ خَبرا لكل أَيْ أَنَّ كُلَّ دَاءٍ تَفَرَّقَ فِي النَّاسِ فَهُوَ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ صِفَةً لداء وداء خير لكل أَي كل دَاء فِيهِ فِي غَايَةِ التَّنَاهِي كَمَا يُقَالُ إِنَّ زَيْدًا لَزَيْدٌ وَإِنَّ هَذَا الْفَرَسَ لَفَرَسٌ قَالَ عِيَاضٌ وَفِيه من لطيف الْوَحْي وَالْإِشَارَة الْغَايَة لِأَنَّهُ انْطَوَى تَحْتَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ كَلَامٌ كَثِيرٌ وَقَوْلُهَا شَجَّكِ بِمُعْجَمَةٍ أَوَّلَهُ وَجِيمٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ جَرَحَكِ فِي رَأْسِكِ وَجِرَاحَاتُ الرَّأْسِ تُسَمَّى شِجَاجًا وَقَوْلُهَا أَوْ فَلَّكِ بِفَاءٍ ثُمَّ لَامٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ جَرَحَ جَسَدَكِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ بِهِنَّ فُلُولٌ أَيْ ثُلَمٌ جَمْعُ ثُلْمَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَزَعَ مِنْكِ كُلَّ مَا عِنْدَكِ أَوْ كَسَرَكِ بِسَلَاطَةِ لِسَانِهِ وَشِدَّةِ خُصُومَتِهِ زَادَ بن السِّكِّيتِ فِي رِوَايَتِهِ أَوْ بَجَّكِ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ جِيم أَي طعنك فِي جراحتك فشقتها وَالْبَجُّ شَقُّ الْقُرْحَةِ وَقِيلَ هُوَ الطَّعْنَةُ وَقَوْلُهَا أَو جمع كلالك وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ إِنْ حَدَّثْتِهِ سَبَّكِ وَإِنْ مَازَحْتِهِ فَلَّكِ وَإِلَّا جَمَعَ كُلًّا لَكِ وَهِيَ تُوَضِّحُ أَنَّ أَوْ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ لِلتَّقْسِيمِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ أَنَّهُ ضَرُوبٌ لِلنِّسَاءِ فَإِذَا ضَرَبَ إِمَّا أَن يكسر عظما أَو يشج رَأسهَا أَو يجمعهما وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْفَلِّ الطَّرْدَ وَالْإِبْعَادَ وَبِالشَّجِّ الْكَسْرَ عِنْدَ الضَّرْبِ وَإِنْ كَانَ الشَّجُّ إِنَّمَا يسْتَعْمل فر جِرَاحَةِ الرَّأْسِ قَالَ عِيَاضٌ وَصَفَتْهُ بِالْحُمْقِ وَالتَّنَاهِي فِي سُوءِ الْعِشْرَةِ وَجَمْعِ النَّقَائِصِ بِأَنْ يَعْجِزَ عَنْ قَضَاءِ وَطَرِهَا مَعَ الْأَذَى فَإِذَا حَدَّثَتْهُ سبها وَإِذا مازحته شجها وَإِذا أَغْضَبَتْهُ كَسَرَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا أَوْ شَقَّ جِلْدَهَا أَوْ أَغَارَ عَلَى مَالِهَا أَوْ جَمَعَ كُلَّ ذَلِكَ مِنَ الضَّرْبِ وَالْجَرْحِ وَكَسْرِ الْعُضْوِ وَمُوجِعِ الْكَلَامِ وَأَخَذِ الْمَالِ قَوْلُهُ قَالَتِ الثَّامِنْةُ زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ زَادَ الزُّبَيْرُ فِي رِوَايَتِهِ وَأَنَا أَغْلِبُهُ وَالنَّاسَ يَغْلِبُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عُقْبَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَفِي رِوَايَة عمر عِنْده وَكَذَا الطَّبَرَانِيّ لَكِن بِلَفْظ وتغلبه بِنُونِ الْجَمْعِ وَالْأَرْنَبُ دُوَيْبَةٌ لَيِّنَةُ الْمَسِّ نَاعِمَةُ الْوَبَرِ جِدًّا وَالزَّرْنَبُ بِوَزْنِ الْأَرْنَبِ لَكِنَّ أَوَّلَهُ زَايٌ وَهُوَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ وَقِيلَ هُوَ شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ بِالشَّامِ بِجَبَلِ لُبْنَانَ لَا تُثْمِرُ لَهَا وَرَقٌ بَيْنَ الْخُضْرَةِ وَالصُّفْرَةِ كَذَا ذَكَرَهُعِيَاض واستنكره بن الْبَيْطَارِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ هُوَ حَشِيشَةٌ دَقِيقَةٌ طَيِّبَةُ الرَّائِحَةِ وَلَيْسَتْ بِبِلَادِ الْعَرَبِ وَإِنْ كَانُوا ذَكَرُوهَا قَالَ الشَّاعِرُ يَا بِأَبِي أَنْتَ وَفُوكَ الْأَشْنَبُ كَأَنَّمَا ذُرَّ عَلَيْهِ الزَّرْنَبُ وَقِيلَ هُوَ الزَّعْفَرَانُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَاللَّامُ فِي الْمَسِّ وَالرِّيحِ نَائِبَةٌ عَنِ الضَّمِيرِ أَيْ مَسُّهُ وَرِيحُهُ أَوْ فِيهِمَا حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ الرِّيحُ مِنْهُ وَالْمَسُّ مِنْهُ كَقَوْلِهِمْ السَّمْنُ مَنَوَانِ بِدِرْهَمٍ وَصَفَتْهُ بِأَنَّهُ لَيِّنُ الْجَسَدِ نَاعِمُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كَنَّتْ بِذَلِكَ عَنْ حُسْنِ خُلُقِهِ وَلِينِ عَرِيكَتِهِ بِأَنَّهُ طَيَّبُ الْعَرَقِ لِكَثْرَةِ نَظَافَتِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ الطِّيبَ تَظَرُّفًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كَنَّتْ بِذَلِكَ عَنْ طِيبِ حَدِيثِهِ أَوْ طِيبِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ لِجَمِيلِ مُعَاشَرَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهَا وَأَنَا أَغْلِبُهُ وَالنَّاسَ يَغْلِبُ فَوَصَفَتْهُ مَعَ جَمِيلِ عِشْرَتِهِ لَهَا وَصَبْرِهِ عَلَيْهَا بِالشَّجَاعَةِ وَهُوَ كَمَا قَالَ مُعَاوِيَةُ يَغْلِبْنَ الْكِرَامَ وَيَغْلِبُهُنَّ اللِّئَامُ قَالَ عِيَاضٌ هَذَا مِنَ التَّشْبِيهِ بِغَيْرِ أَدَاةٍ وَفِيهِ حُسْنُ الْمُنَاسَبَةِ وَالْمُوَازِنَةِ وَالتَّسْجِيعِ وَأَمَّا قَوْلُهَا وَالنَّاسَ يَغْلِبُ فَفِيهِ نَوْعٌ مِنَ البديع يُسمى التنميم لِأَنَّهَا لَوِ اقْتَصَرَتْ عَلَى قَوْلِهَا وَأَنَا أَغْلِبُهُ لَظُنَّ أَنَّهُ جَبَانٌ ضَعِيفٌ فَلَمَّا قَالَتْ وَالنَّاسَ يَغْلِبُ دَلَّ عَلَى أَنَّ غَلْبَهَا إِيَّاهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ كَرَمِ سَجَايَاهُ فَتَمَّمَتْ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ الْمُبَالغَة فِي حُسْنِ أَوْصَافِهِ قَوْلُهُ قَالَتِ التَّاسِعَةُ زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ طَوِيلُ النِّجَادِ عَظِيمُ الرَّمَادِ قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ زَادَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي رِوَايَتِهِ لَا يَشْبَعُ لَيْلَةً يُضَافُ وَلَا يَنَامُ لَيْلَةً يَخَافُ وَصَفَتْهُ بِطُولِ الْبَيْتِ وَعُلُوِّهِ فَإِنَّ بُيُوتَ الْأَشْرَافِ كَذَلِكَ يُعْلُونَهَا وَيَضْرِبُونَهَا فِي الْمَوَاضِعِ الْمُرْتَفِعَةِ لِيَقْصِدَهُمُ الطَّارِقُونَ وَالْوَافِدُونَ فَطُولُ بُيُوتِهِمْ إِمَّا لِزِيَادَةِ شَرَفِهِمْ أَوْ لِطُولِ قَامَاتِهِمْ وَبُيُوتُ غَيْرِهِمْ قِصَارٌ وَقَدْ لَهِجَ الشُّعَرَاءُ بِمَدْحِ الْأَوَّلِ وَذَمِّ الثَّانِي كَقَوْلِهِ قِصَارُ الْبُيُوتِ لَا تَرَى صِهْوَاتِهَا وَقَالَ آخَرُ إِذَا دَخَلُوا بُيُوتَهُمْ أَكَبُّوا عَلَى الرُّكْبَاتِ مِنْ قِصَرِ الْعِمَادِ وَمِنْ لَازِمِ طُولِ الْبَيْتِ أَنْ يَكُونَ مُتَّسِعًا فَيَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ الْحَاشِيَةِ وَالْغَاشِيَةِ وَقِيلَ كَنَّتْ بِذَلِكَ عَنْ شَرَفِهِ وَرِفْعَةِ قَدْرِهِ وَالنِّجَادُ بِكَسْرٍ النُّونِ وَجِيمٍ خَفِيفَةٍ حَمَّالَةُ السَّيْفِ تُرِيدُ أَنَّهُ طَوِيلُ الْقَامَةِ يَحْتَاجُ إِلَى طُولِ نِجَادِهِ وَفِي ضِمْنِ كَلَامِهَا أَنَّهُ صَاحِبُ سَيْفٍ فَأَشَارَتْ إِلَى شَجَاعَتِهِ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَمَادَحُ بِالطُّولِ وَتَذُمُّ بِالْقِصَرِ وَقَوْلُهَا عَظِيمُ الرَّمَادِ تَعْنِي أَنَّ نَارَ قِرَاهُ لِلْأَضْيَافِ لَا تطفأ لنهتدي الضِّيفَانُ إِلَيْهَا فَيَصِيرُ رَمَادُ النَّارِ كَثِيرًا لِذَلِكَ وَقَوْلُهَا قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادْ وَقَفَتْ عَلَيْهَا بِالسُّكُونِ لِمُؤَاخَاةِ السَّجْعِ وَالنَّادِي وَالنَّدِّيُّ مَجْلِسُ الْقَوْمِ وَصَفَتْهُ بِالشَّرَفِ فِي قَوْمِهِ فَهُمْ إِذَا تَفَاوَضُوا واتشوروا فِي أَمر وَأتوا فَجَلَسُوا قَرِيبًا مِنْ بَيْتِهِ فَاعْتَمَدُوا عَلَى رَأْيِهِ وَامْتَثَلُوا أَمْرَهُ أَوْ أَنَّهُ وَضَعَ بَيْتَهُ فِي وَسَطِ النَّاسِ لِيَسْهُلَ لِقَاؤُهُ وَيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الْوَارِدِ وَطَالِبِ الْقِرَى قَالَ زُهَيْرٌ بَسَطَ الْبُيُوتَ لِكَيْ يَكُونَ مَظِنَّةً مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ جَفْنَةُ المسترفد وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ أَنْ أَهْلَّ النَّادِي إِذَا أَتَوْهُ لَمْ يَصْعُبْ عَلَيْهِمْ لِقَاؤُهُ لِكَوْنِهِ لَا يَحْتَجِبُ عَنْهُمْ وَلَا يَتَبَاعَدُ مِنْهُمْ بَلْ يَقْرُبُ ويتلقاهم ويبادر لاكرامهم وضد مَنْ يَتَوَارَى بِأَطْرَافِ الْحُلَلِ وَأَغْوَارِ الْمَنَازِلِ وَيَبْعُدُ عَنْ سَمْتِ الضَّيْفِ لِئَلَّا يَهْتَدُوا إِلَى مَكَانِهِ فَإِذَا اسْتَبْعَدُوا مَوْضِعَهُ صَدُّوا عَنْهُ وَمَالُوا إِلَى غَيره ومحصل كَلَامهَا أَنه وَصَفَتْهُ بِالسِّيَادَةِ وَالْكَرَمِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَطِيبِ الْمُعَاشَرَةِ قَوْلُهُ قَالَتِ الْعَاشِرَةُ زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ لَهُ إِبِلٌكَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَالزُّبَيْرِ الْمَبَارِحُ بَدَلَ الْمَبَارِكِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى الْمَزَاهِرُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَعِنْدَ الزُّبَيْرِ الضَّيْفُ بَدَلَ الْمِزْهَرِ وَالْمَبَارِكُ بِفَتْحَتَيْنِ جَمْعُ مَبْرَكٍ وَهُوَ مَوْضِعُ نُزُولِ الْإِبِلِ وَالْمَسَارِحُ جَمْعُ مَسْرَحٍ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُطْلَقُ لِتَرْعَى فِيهِ وَالْمِزْهَرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْهَاءِ آلَةٌ مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ وَقِيلَ هِيَ الْعُودُ وَقِيلَ دُفٌّ مُرَبَّعٌ وَأَنْكَرَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ تَفْسِيرَ الْمِزْهَرِ بِالْعُودِ فَقَالَ مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ الْعُودَ إِلَّا مَنْ خَالَطَ الْحَضَرَ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهُوَ الَّذِي يُوقِدُ النَّارَ فَيُزْهِرُهَا لِلضَّيْفِ فَإِذَا سَمِعَتِ الْإِبِلُ صَوْتَهُ وَمَعْمَعَانَ النَّارِ عَرَفَتْ أَنَّ ضَيْفًا طَرَقَ فَتَيَقَّنَتِ الْهَلَاكَ وَتَعَقَّبَهُ عِيَاضٌ بِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ رَوَوْهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ ثُمَّ قَالَ وَمِنَ الَّذِي أَخْبَرَهُ أَنَّ مَالِكًا الْمَذْكُورَ لَمْ يُخَالِطِ الْحَضَرَ وَلَا سِيَّمَا مَعَ مَا جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُنَّ كُنَّ مِنْ قَرْيَةٍ من قرى الْيمن وَفِي الْأُخْرَى انهن مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَقَدْ كَثُرَ ذِكْرُ الْمِزْهَرِ فِي اشعار الْعَرَب جَاهِلِيَّتهَا واسلامها ببدويها وَحَضَرِيِّهَا اه وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا وُرُودُهُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ بِعَيْنِهِ لِلْآلَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوب بن السّكيت وبن الْأَنْبَارِي من الزِّيَادَة وَهُوَ إِمَام الْقَوْمُ فِي الْمَهَالِكِ فَجَمَعَتْ فِي وَصْفِهَا لَهُ بَيْنَ الثَّرْوَةِ وَالْكَرَمِ وَكَثْرَةِ الْقِرَى وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ وَالْمُبَالَغَةِ فِي صِفَاتِهِ وَوَصَفَتْهُ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ بِالشَّجَاعَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَهَالِكِ الْحُرُوبُ وَهُوَ لِثِقَتِهِ بِشَجَاعَتِهِ يَتَقَدَّمُ رُفْقَتَهُ وَقِيلَ أَرَادَتْ أَنَّهُ هَادٍ فِي السُّبُلِ الْخَفِيَّةِ عَالِمٌ بِالطَّرْقِ فِي الْبَيْدَاءِ فَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا بِالْمَهَالِكِ الْمَفَاوِزُ وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ وَالله أعلم وَمَا فِي قَوْلِهَا وَمَا مَالِكٌ اسْتِفْهَامِيَّةٌ يُقَالُ للِتَّعْظِيمِ وَالتَّعَجُّبِ وَالْمَعْنَى وَأَيُّ شَيْءٍ هُوَ مَالِكٌ مَا أَعْظَمَهُ وَأَكْرَمَهُ وَتَكْرِيرُ الِاسْمِ أُدْخِلَ فِي بَابِ التَّعْظِيمِ وَقَوْلُهَا مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الْإِعْظَامِ وَتَفْسِيرٌ لِبَعْضِ الْإِبْهَامِ وَأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا أُشِيرَ إِلَيْهِ مِنْ ثَنَاءٍ وَطِيبِ ذِكْرٍ وَفَوْقَ مَا اعْتُقِدَ فِيهِ مِنْ سُؤْدُدٍ وَفَخْرٍ وَهُوَ أجل مِمَّن أَصِفُهُ لِشُهْرَةِ فَضْلِهِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ بِقَوْلِهَا ذَلِكَ إِلَى مَا تَعْتَقِدُهُ فِيهِ مِنْ صِفَاتِ الْمَدْحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ مَالِكٍ وَالتَّعْمِيمُ يُسْتَفَادُ مِنَ الْمَقَامِ كَمَا قِيلَ تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ أَيْ كُلُّ تَمْرَةٍ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ جَرَادَةٍ وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِي ذِهْنِ الْمُخَاطَبِ أَيْ مَالِكٌ خَيْرٌ مِمَّا فِي ذِهْنِكَ مِنْ مَالِكِ الْأَمْوَالِ وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّا سَأَصِفُهُ بِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا تُقُدِّمُ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى الَّذِينَ قَبِلَهُ وَأَنْ مَالِكًا أَجْمَعُ مِنَ الَّذِينَ قَبْلَهُ لِخِصَالِ السِّيَادَةِ وَالْفَضْلِ وَمَعْنَى قَوْلِهَا قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ أَنَّهُ لِاسْتِعْدَادِهِ لَلضِّيفَانِ بِهَا لَا يُوَجِّهُ مِنْهُنَّ إِلَى الْمَسَارِحِ إِلَّا قَلِيلًا وَيَتْرُكُ سَائِرَهُنَّ بِفِنَائِهِ فَإِنْ فَاجَأَهُ ضَيْفٌ وَجَدَ عِنْدَهُ مَا يَقْرِيهِ بِهِ مِنْ لُحُومِهَا وَأَلْبَانِهَا وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ حَبَسْنَا وَلَمْ نُسَرِّحْ لِكَيْ لَا يَلُومَنَا عَلَى حُكْمِهِ صَبْرًا معودة الْحَبْس وَيحْتَمل أَن تُرِيدُ بِقَوْلِهَا قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ الْإِشَارَةَ إِلَى كَثْرَةِ طُرُوقِ الضِّيفَانِ فَالْيَوْمَ الَّذِي يَطْرُقُهُ الضَّيْفُ فِيهِ لَا تُسَرَّحُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهَا حَاجَتَهُ لِلضِّيفَانِ وَالْيَوْمَ الَّذِي لَا يَطْرُقُهُ فِيهِ أَحَدٌ أَوْ يَكُونُ هُوَ فِيهِ غَائِبًا تُسَرَّحُ كُلُّهَا فَأَيَّامُ الطُّرُوقِ أَكْثَرُ مِنْ أَيَّامِ عَدَمِهِ فَهِيَ لِذَلِكَ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ وَبِهَذَا ينْدَفع اعْتِرَاض من قَالَ لَوْ كَانَتْ قَلِيلَاتِ الْمَسَارِحِ لَكَانَتْ فِي غَايَةِ الْهُزَالِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِكَثْرَةِ الْمَبَارِكِ أَنَّهَا كَثِيرًا مَا تُثَارُ فَتَحْلِبُ ثُمَّ تُتْرَكُ فَتَكْثُرُ مَبَارِكُهَا لذَلِك وَقَالَ بن السِّكِّيتِ إِنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَبَارِكَهَا عَلَى الْعَطَايَا وَالْحَمَّالَاتِ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ وَقِرَى الْأَضْيَافِ كَثِيرَةٌ وَإِنَّمَا يَسْرَحُ مِنْهَا مَا فَضَلَ عَنْ ذَلِكَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا فِي الْأَصْلِ كَثِيرَةٌ وَلِذَلِكَ كَانَتْ مَبَارِكُهَا كَثِيرَةً ثُمَّ إِذَا سَرَحَتْصَارَتْ قَلِيلَةً لِأَجْلِ مَا ذَهَبَ مِنْهَا وَأَمَّا رِوَايَةُ مِنْ رَوَى عَظِيمَاتُ الْمَبَارِكِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون الْمَعْنى أَنَّهَا من سمنها وَعظم جثتها تَعْظُمُ مَبَارِكُهَا وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّهَا إِذَا بَرَكَتْ كَانَت كَثِيرَة لكثر مَنْ يَنْضَمُّ إِلَيْهَا مِمَّنْ يَلْتَمِسُ الْقِرَى وَإِذَا سَرَحَتْ سَرَحَتْ وَحْدَهَا فَكَانَتْ قَلِيلَةً بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقِلَّةِ مَسَارِحِهَا قِلَّةَ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي تَرْعَى فِيهَا مِنَ الْأَرْضِ وَأَنَّهَا لَا تُمَكَّنُ مِنَ الرَّعْيِ إِلَّا بِقُرْبِ الْمَنَازِلِ لِئَلَّا يَشُقَّ طَلَبُهَا إِذَا احْتِيجَ إِلَيْهَا وَيَكُونُ مَا قَرُبَ مِنَ الْمَنْزِلِ كَثِيرَ الْخِصْبِ لِئَلَّا تهزل وَوَقع فِي رِوَايَة سعيد بْنِ سَلَمَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَبُو مَالِكٍ وَمَا أَبُو مَالِكٍ ذُو إِبِلٍ كَثِيرَةِ الْمَسَالِكِ قَلِيلَةِ الْمَبَارِكِ قَالَ عِيَاضٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَهْمًا فَالْمَعْنَى أَنَّهَا كَثِيرَةٌ فِي حَالِ رَعْيِهَا إِذَا ذَهَبَتْ قَلِيلَةٌ فِي حَالِ مَبَارِكِهَا إِذَا قَامَتْ لِكَثْرَةِ مَا يَنْحَرُ مِنْهَا وَمَا يَسْلُكُ مِنْهَا فِيهِ مِنْ مَسَالِكَ الْجُودِ مِنْ رَفْدٍ وَمَعُونَةٍ وَحَمْلٍ وَحَمَّالَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهَا أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَثُرَتْ عَادَتُهُ بِنَحْرِ الْإِبِلِ لِقِرَى الضِّيفَانِ وَمِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَسْقِيَهُمْ وَيُلْهِيَهُمْ أَوْ يَتَلَقَّاهُمْ بِالْغِنَاءِ مُبَالَغَةً فِي الْفَرَحِ بِهِمْ صَارَتِ الْإِبِلُ إِذَا سَمِعَتْ صَوْتَ الْغِنَاءِ عَرَفَتْ أَنَّهَا تُنْحَرُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ تُرِدْ فَهْمَ الْإِبِلِ لِهَلَاكِهَا وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ يَعْرِفُهُ مَنْ يَعْقِلُ أُضِيفَ إِلَى الْإِبِل وَالْأول أولي قَوْله قَالَت الْحَادِيَة عشرَة قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْحَادِي عَشْرَةَ وَفِي بَعْضِهَا الْحَادِيَةَ عَشَرَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ وَهِيَ أُمُّ زَرْعٍ بِنْتُ أُكَيْمِلِ بْنِ سَاعِدَةَ قَوْلُهُ زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ نَكَحْتُ أَبَا زَرْعٍ قَوْلُهُ فَمَا أَبُو زَرْعٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَمَا أَبُو زَرْعٍ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ لِلْأَكْثَرِ زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي رِوَايَةٍ صَاحِبُ نَعَمٍ وَزَرْعٍ قَوْلُهُ أَنَاسَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُهْمَلَةٌ أَيْ حَرَّكَ قَوْلُهُ مِنْ حُلِيٍّ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أُذُنَيَّ بِالتَّثْنِيَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مَلَأَ أُذُنَيْهَا بِمَا جَرَتْ عَادَةُ النِّسَاءُ مِنَ التَّحَلِّي بِهِ مِنْ قُرْطٍ وَشَنْفٍ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤٍ وَنَحْو ذَلِك وَقَالَ بن السِّكِّيتِ أَنَاسَ أَيْ أَثْقَلَ حَتَّى تَدَلَّى وَاضْطَرَبَ وَالنَّوْسُ حَرَكَةُ كُلِّ شَيْءٍ مُتَدَلٍّ وَقَدْ تَقَدَّمُ حَدِيث بن عمر أَنه دخل على حَفْصَة وساتها تَنْطِفُ مَعَ شَرْحِ الْمُرَادِ بِهِ فِي الْمُغَازِي وَوَقع فِي رِوَايَة بن السِّكِّيتِ أُذُنَيَّ وَفَرْعَيَّ بِالتَّثْنِيَةِ قَالَ عِيَاضُ يُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ بِالْفَرْعَيْنِ الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُمَا كَالْفَرْعَيْنِ مِنَ الْجَسَدِ تَعْنِي أَنَّهُ حَلَّى أُذُنَيْهَا وَمِعْصَمَيْهَا أَوْ أَرَادَتِ الْعُنُقَ وَالْيَدَيْنِ وَأَقَامَتِ الْيَدَيْنِ مَقَامَ فَرْعٍ وَاحِدٍ أَوْ أَرَادَتِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَذَلِكَ أَوِ الْغَدِيرَتَيْنِ وَقَرْنَيِ الرَّأْسِ فَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْمُتْرَفَاتُ بِتَنْظِيمِ غَدَائِرِهِنَّ وَتَحْلِيَةِ نَوَاصِيهِنَّ وَقُرِونِهِنَّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن أَبِي أُوَيْسٍ فَرْعِي بِالْإِفْرَادِ أَيْ حَلَّى رَأْسِي فَصَارَ يَتَدَلَّى مِنْ كَثْرَتِهِ وَثِقَلِهِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي شَعْرَ الرَّأْسِ فَرْعًا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ وَفَرْعٍ يَغْشَى الْمَتْنَ أَسْوَدَ فَاحِمٍ قَوْلُهُ وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَمْ تُرِدِ الْعَضُدَ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا أَرَادَتِ الْجَسَدَ كُلَّهُ لِأَنَّ الْعَضُد إِذا سمنت سمن سَائِر الْجَسَد وخصت الْعَضُدُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَا يَلِي بَصَرَ الْإِنْسَانِ مِنْ جَسَدِهِ قَوْلُهُ وَبَجَّحَنِي بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ جِيمٍ خَفِيفَةٍ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ ثَقِيلَةٌ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ قَوْلُهُ فَبَجِحَتْ بِسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فتبجحت إِلَيّ بِالتَّشْدِيدِ نَفسِي هَذَا هُوَ الْمَشْهُورِ فِي الرِّوَايَاتِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَبَجَّحَ نَفْسِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ وَفِي أُخْرَى لَهُ وَلِأَبِي عُبَيْدٍ فَبَجِحْتُ بِضَمِّ التَّاءِ وَإِلَى بِالتَّخْفِيفِ وَالْمَعْنَى أَنه فرحها فَفَرِحت وَقَالَ بن الْأَنْبَارِيِّ الْمَعْنَى عَظَّمَنِي فَعَظُمَتْ إِلَيَّ نَفْسِي وَقَالَ بن السّكيت الْمَعْنى فخرني ففخرت وَقَالَ بن أَبِي أُوَيْسٍ مَعْنَاهُ وَسَّعَ عَلِيَّ وَتَرَّفَنِي قَوْلُهُ وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِالْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ مُصَغَّرٌ قَوْلُهُ بِشِقٍّ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا الرِّوَايَةُ وَالصَّوَابُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَصَوَّبَهُ الْهَرَوِيُّ وَقَالَ بن الْأَنْبَارِي هُوَ بِالْفَتْح وَالْكَسْر مَوضِعوَقَالَ بن أبي أويس وبن حَبِيبٍ هُوَ بِالْكَسْرِ وَالْمُرَادُ شِقُّ جَبَلٍ كَانُوا فِيهِ لِقِلَّتِهِمْ وَسِعَهُمْ سُكْنَى شِقِّ الْجَبَلِ أَيْ نَاحِيَتِهِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْفَتْحِ فَالْمُرَادُ شِقٌّ فِي الْجَبَل كالغار وَنَحْوه وَقَالَ بن قُتَيْبَةِ وَصَوَّبَهُ نِفْطَوَيْهِ الْمَعْنَى بِالشِّقِّ بِالْكَسْرِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي شَظَفٍ مِنَ الْعَيْشِ يُقَالُ هُوَ بِشِقٍّ مِنَ الْعَيْشِ أَيْ بِشَظَفٍ وَجُهْدٍ وَمِنْهُ لم تَكُونُوا بالغيه الا بشق الْأَنْفس وَبِهَذَا جزم الزَّمَخْشَرِيّ وَضعف غَيْرُهُ قَوْلُهُ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ أَيْ خَيْلٍ وَأَطِيطٍ أَيْ إِبِلٍ زَادَ فِي رِوَايَةٍ النَّسَائِيّ وَجَامِلٍ وَهُوَ جَمْعٌ جَمَلٍ وَالْمُرَادُ اسْمُ فَاعِلٍ لِمَالِكِ الْجَمَالِ كَقَوْلِهِ لَابِنٌ وَتَامِرٌ وَأَصْلُ الْأَطِيطِ صَوْتُ أَعْوَادِ الْمَحَامِلِ وَالرِّجَالِ عَلَى الْجِمَالِ فَأَرَادَتْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ مَحَامِلَ تُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى رَفَاهِيَتِهِمْ وَيُطْلَقُ الْأَطِيطُ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ نَشَأَ عَنْ ضغط كَمَا فِي حَدِيث بَاب الْجنَّة ليَأْتِيَن عَلَيْهِ زَمَانٌ وَلَهُ أَطِيطٌ وَيُقَالُ الْمُرَادُ بِالْأَطِيطِ صَوْتُ الْجَوْفِ مِنَ الْجُوعِ قَوْلُهُ وَدَائِسٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الدَّوْسِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ وَدِيَاسٍ قَالَ بن السِّكِّيتِ الدَّائِسُ الَّذِي يَدُوسُ الطَّعَامَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ دِيَاسِ الطَّعَامِ وَهُوَ دِرَاسُهُ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ الدِّيَاسُ وَأَهْلُ الشَّامِ الدِّرَاسُ فَكَأَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ وَقَالَ أَبُو سعيد المُرَاد أَن عِنْدهم طَعَاما منتقى وَهُمْ فِي دِيَاسِ شَيْءٍ آخَرَ فَخَيْرُهُمْ مُتَّصِلٌ قَوْلُهُ ومِنَقٍّ بِكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَا أَدْرِي مَعْنَاهُ وَأَظُنُّهُ بِالْفَتْحِ من تنقى الطَّعَام وَقَالَ بن أَبِي أُوَيْسٍ الْمِنَقُّ بِالْكَسْرِ نَقِيقُ أَصْوَاتِ الْمَوَاشِي تصف كَثْرَة مَاله وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِيرُ هُوَ بِالْكَسْرِ مِنْ نَقِيقَةِ الدَّجَاجِ يُقَالُ أَنَقَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ دَجَاجٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنْ أَصْوَاتِ الْمَوَاشِي نَقٌّ وَإِنَّمَا يُقَالُ نَقَّ الضِّفْدِعُ وَالْعَقْرَبُ وَالدَّجَاجُ وَيُقَالُ فِي الْهِرِّ بِقِلَّةٍ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي سعيد فبعيد لِأَن الْعَرَب لَا تتمدح بالدجاج وَلَا تذكرها فِي الْأَمْوَال وَهَذَا الَّذِي أنكرهُ الْقُرْطُبِيّ لم يردهُ أَبُو سَعِيدٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا فَهِمَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فَقَالَ كَأَنَّهَا أَرَادَتْ مَنْ يَطْرُدُ الدَّجَاجَ عَنِ الْحَبِّ فَيَنِقُّ وَحَكَى الْهَرَوِيُّ أَنَّ الْمَنَقَّ بِالْفَتْحِ الْغِرْبَالُ وَعَنْ بَعْضِ الْمَغَارِبَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِسُكُونِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ أَيْ لَهُ أَنْعَامٌ ذَاتُ نَقًى أَيْ سِمَانٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّهُ نَقَلَهَا مِنْ شَظَفِ عَيْشِ أَهْلِهَا إِلَى الثَّرْوَةِ الْوَاسِعَةِ مِنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ والزَرْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَحَلَبْتَ قَاعِدًا أَيْ صَارَ مَالُكَ غَنَمًا يَحْلِبُهَا الْقَاعِدُ وَبِالضِّدِّ أَهُلِ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ قَوْلُهُ فَعِنْدَهُ أَقُولُ فِي رِوَايَة للنسائي أَنْطِقُ وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ أَتَكَلَّمُ قَوْلُهُ فَلَا أُقَبَّحُ أَيْ فَلَا يُقَالُ لِي قَبَّحَكِ اللَّهُ أَوْ لَا يُقَبَّحُ قَوْلِي وَلَا يَرُدُّ عَلَيَّ أَيْ لِكَثْرَةِ إِكْرَامِهِ لَهَا وَتَدَلُّلِهَا عَلَيْهِ لَا يرد لَهَا قولا وَلَا يُقَبِّحُ عَلَيْهَا مَا تَأْتِي بِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ أَنَامُ إِلَخْ قَوْلُهُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ أَيْ أَنَامُ الصُّبْحَةَ وَهِيَ نَوْمُ أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَا أُوقَظُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ لَهَا مَنْ يَكْفِيهَا مُؤْنَةَ بَيْتِهَا وَمِهْنَةَ أَهْلِهَا قَوْلُهُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ كَذَا وَقَعَ بِالْقَافِ وَالنُّونِ الثَّقِيلَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ قَالَ عِيَاضٌ لَمْ يَقَعْ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا بِالنُّونِ وَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمَا بِالْمِيمِ قُلْتُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ نَقَلَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِالْمِيمِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَتَقَمَّحُ أَيْ أُرْوَى حَتَّى لَا أُحِبَّ الشُّرْبَ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّاقَةِ الْقَامِحِ وَهِي الَّتِي ترد الْحَوْض فَلَا تَشْرَبُ وَتَرْفَعُ رَأْسَهَا رِيًّا وَأَمَّا بِالنُّونِ فَلَا أَعْرِفُهُ انْتَهَى وَأَثْبَتَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى أَتَقَنَّحُ بِمَعْنَى أَتَقَمَّحُ لِأَنَّ النُّونَ وَالْمِيمَ يَتَعَاقَبَانِ مِثْلَ امْتَقَعَ لَوْنُهُ وَانْتَقَعَ وَحَكَى شِمْرٌ عَنْ أبي زيد التقنح الشّرْب بعد الرّيّ وَقَالَ بن حَبِيبٍ الرِّيُّ بَعْدَ الرِّيِّ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ هُوَ الشُّرْبُ عَلَى مَهَلٍ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ لِأَنَّهَا كَانَتْ آمِنْةً مِنْ قِلَّتِهِ فَلَا تُبَادِرُ إِلَيْهِ مَخَافَةَ عَجْزِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدَّيْنُوَرِيُّ قَنَحَتْ مِنَ الشَّرَابِ تَكَارَهَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ الرِّيِّ وَحَكَى الْقَالِي قَنَحَتِ الْإِبِلُ تَقَنَّحُ بِفَتْحِ النُّونِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ قَنْحًابِسُكُونِ النُّونِ وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا إِذَا تَكَارَهَتِ الشُّرْبَ بعد الرّيّ وَقَالَ أَبُو زيد وبن السِّكِّيتِ أَكْثَرُ كَلَامِهِمْ تَقَنَّحْتُ تَقَنُّحًا بِالتَّشْدِيدِ وَقَالَ بن السِّكِّيتِ مَعْنَى قَوْلِهَا فَأَتَقَنَّحُ أَيْ لَا يَقْطَعُ عَلَيَّ شُرْبِي فَتَوَارَدَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَشْرَبُ حَتَّى لَا تَجِدَ مَسَاغًا أَوْ أَنَّهَا لَا يُقَلَّلُ مَشْرُوبُهَا وَلَا يُقْطَعُ عَلَيْهَا حَتَّى تَتِمَّ شَهْوَتُهَا مِنْهُ وَأَغْرَبَ أَبُو عُبَيْدٍ فَقَالَ لَا أَرَاهَا قَالَتْ ذَلِكَ إِلَّا لعزة المَاء عِنْدهم أَي فَلذَلِك فخرت بِالرِّيِّ مِنَ الْمَاءِ وَتَعْقُبُوهُ بِأَنَّ السِّيَاقَ لَيْسَ فِيهِ التَّقْيِيدُ بِالْمَاءِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ أَنْوَاعَ الْأَشْرِبَةِ مِنْ لَبَنٍ وَخَمْرٍ وَنَبِيذٍ وَسَوِيقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنِ الْبَغَوِيِّ فانفتح بِالْفَاءِ والمثناة قَالَ عِيَاضٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَهْمًا فَمَعْنَاهُ التَّكَبُّرُ وَالزَّهْوُ يُقَالُ فِي فُلَانٍ فُتْحَةٌ إِذَا تَاهَ وَتَكَبُّرَ وَيَكُونُ ذَلِكَ تَحَصَّلَ لَهَا مِنْ نَشْأَةِ الشَّرَابِ أَوْ يَكُونُ رَاجِعًا إِلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَشَارَتْ بِهِ إِلَى عِزَّتِهَا عِنْدَهُ وَكَثْرَةِ الْخَيْرِ لَدَيْهَا فَهِيَ تَزْهُو لِذَلِكَ أَوْ مَعْنَى أَتَقَنَّحُ كِنَايَةٌ عَنْ سِمَنِ جِسْمِهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ وَآكُلُ فَأَتَمَنَّحُ أَيْ أُطْعِمُ غَيْرِي يُقَالُ مَنَحَهُ يَمَنَحُهُ إِذَا أَعْطَاهُ وَأَتَتْ بِالْأَلْفَاظِ كُلِّهَا بِوَزْنِ أَتَفَعَّلُ إِشَارَةً إِلَى تَكْرَارِ الْفِعْلِ وَمُلَازَمَتِهِ وَمُطَالَبَةِ نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا بِذَلِكَ فَإِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَإِلَّا فَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى ذِكْرِ الشُّرْبِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اللَّبن لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ قَوْلُهُ أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدٍ فَيَاحٌ بِتَحْتَانِيَّةٍ خَفِيفَةٍ مِنْ فَاحَ يَفِيحُ إِذَا اتَّسَعَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْعُذْرِيِّ فِيمَا حَكَاهُ عِيَاضٌ أُمُّ زَرْعٍ وَمَا أُمُّ زَرْعٍ بِحَذْفِ أَدَاةِ الْكُنْيَةِ قَالَ عِيَاضٌ وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ كَنَّتْ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهَا قُلْتُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي تَضَافَرَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي قَوْلِ الْعَاشِرَةِ وَالْعُكُومُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عِكْمٍ بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْكَافِ هِيَ الْأَعْدَالُ وَالْأَحْمَالُ الَّتِي تُجْمَعُ فِيهَا الْأَمْتِعَةُ وَقِيلَ هِيَ نَمَطٌ تَجْعَلُ الْمَرْأَةُ فِيهَا ذَخِيرَتَهَا حَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَرَدَاحٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِهَا وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ أَيْ عِظَامٌ كَثِيرَةُ الْحَشْوِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ مَعْنَاهُ ثَقِيلَةٌ يُقَالُ لِلْكَتِيبَةِ الْكَبِيرَةِ رَدَاحٌ إِذَا كَانَتْ بَطِيئَةَ السَّيْرِ لِكَثْرَةِ مَنْ فِيهَا وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ عَظِيمَةَ الكفل ثَقيلَة الورك رداح وَقَالَ بن حَبِيبٍ إِنَّمَا هُوَ رَدَاحٌ أَيْ مَلْأَى قَالَ عِيَاضٌ رَأَيْتُهُ مَضْبُوطًا وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنِ بن أَبِي أُوَيْسٍ كَذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَهُ شُرَّاحُ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ عِيَاضٌ وَمَا أَدْرِي مَا أنكرهُ بن حَبِيبٍ مَعَ أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ أَبُو عُبَيْدٍ مَعَ مُسَاعَدَةِ سَائِرِ الرُّوَاةِ لَهُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادَهُ أَنْ يَضْبِطَهَا بِكَسْرِ الرَّاءِ لَا بِفَتْحِهَا جَمْعُ رَادِحٍ كَقَائِمٍ وَقِيَامٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَدَاحٌ خَبَرَ عُكُومٍ فَيُخْبِرُ عَنِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خبر الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف أَيْ عُكُومُهَا كُلُّهَا رَدَاحٌ عَلَى أَنَّ رَدَاحٌ وَاحِدٌ جَمْعُهُ رُدُحٌ بِضَمَّتَيْنِ وَقَدْ سُمِعَ الْخَبَرُ عَن الْجمع بِالْوَاحِدِ مِثْلَ أَدْرُعُ دِلَاصٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُ وَمِنْه أولياؤهم الطاغوت أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ عِيَاضٌ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِثْلَ طَلَاقٍ وَكَمَالٍ أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ عُكُومُهَا ذَاتُ رَدَاحٍ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَوْ جَاءَتِ الرِّوَايَةُ فِي عَكُومٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ لَكَانَ الْوَجْهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا الْجَفْنَةَ الَّتِي لَا تَزُولُ عَنْ مَكَانِهَا إِمَّا لِعَظَمِهَا وَإِمَّا لِأَنَّ الْقِرَى مُتَّصِلٌ دَائِمٌ مِنْ قَوْلِهِمْ وَرَدَ وَلَمْ يَعْكِمْ أَيْ لَمْ يَقِفْ أَوِ الَّتِي كَثُرَ طَعَامُهَا وَتَرَاكَمَ كَمَا يُقَالُ اعْتَكَمَ الشَّيْءُ وَارَتْكَمَ قَالَ وَالرَّدَاحُ حِينَئِذٍ تَكُونُ وَاقِعَةً فِي مُصَابِهَا مِنْ كَوْنِ الْجَفْنَةِ مَوْصُوفَةً بِهَا وَفَسَاحٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمُهْمَلَةِ أَيْ وَاسِعٌ يُقَالُ بَيْتٌ فَسِيحٌ وَفَسَاحٌ وفَيَاحٌ بِمَعْنَاهُ وَمِنْهُمْ مِنْ شَدَّدَ الْيَاءَ مُبَالَغَةً وَالْمَعْنَى أَنَّهَا وَصَفَتْ وَالِدَةَ زَوْجِهَا بِأَنَّهَا كَثِيرَةُ الْآلَاتِ وَالْأَثَاثِ وَالْقُمَاشِ وَاسِعَةُ الْمَالِ كَبِيرَةُ الْبَيْتِ إِمَّا حَقِيقَةٌ فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى عِظَمِ الثَّرْوَةِ وَإِمَّا كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الْخَيْرِ وَرَغَدِ الْعَيْشِ وَالْبِرِّ بمَنْ يَنْزِلُ بِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فُلَانٌ رَحْبُ الْمَنْزِلِ أَيْ يُكْرِمُ مَنْ يَنْزِلُ عَلَيْهِوَأَشَارَتْ بِوَصْفِ وَالِدَةِ زَوْجِهَا إِلَى أَنَّ زَوْجَهَا كَثِيرَ الْبِرِّ لِأُمِّهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَطْعَنْ فِي السن لِأَن ذَلِك هُوَ الْغَالِبِ مِمَّنْ يَكُونُ لَهُ وَالِدَةٌ تُوصَفُ بِمِثْلِ ذَلِك قَوْله بن أبي زرع فَمَا بن أَبِي زَرْعٍ مَضْجَعُهُ كَمِسَلِّ شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَتَرَوِيهِ فَيْقَةُ الْيَعْرَةِ وَيَمِيسُ فِي حَلْقِ النَّتْرَةِ فَأَمَّا مِسَلُّ الشَّطْبَةِ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَصْلُ الشَّطْبَةِ مَا شَطَبَ مِنَ الْجَرِيدِ وَهُوَ سَعَفَةٌ فَيُشَقُّ مِنْهُ قُضْبَانٌ رِقَاقٌ تُنْسَجُ مِنْهُ الْحُصْرُ وَقَالَ بن السّكيت الشطبة من سدى الْحَصِير وَقَالَ بن حبيب هِيَ الْعود المحدد كالمسلة وَقَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ أَرَادَتْ بِمِسَلِّ الشَّطْبَةِ سَيْفًا سُلَّ مِنْ غِمْدِهِ فَمَضْجَعُهُ الَّذِي يَنَامُ فِيهِ فِي الصِّغَرِ كَقَدْرِ مِسَلِّ شَطْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا عَلَى مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ فَعَلَى قَدْرِ مَا يُسَلُّ مِنَ الْحَصِيرِ فَيَبْقَى مَكَانُهُ فَارِغًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ بن الْأَعْرَابِيِّ فَيَكُونُ كَغِمْدِ السَّيْفِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ شَبَّهَتْهُ بِسَيْفٍ مَسْلُولٍ ذِي شُطَبٍ وَسُيُوفُ الْيَمَنِ كُلُّهَا ذَاتُ شُطَبٍ وَقَدْ شَبَّهْتِ الْعَرَبُ الرِّجَالَ بِالسُّيُوفِ إِمَّا لِخُشُونَةِ الْجَانِبِ وَشِدَّةِ الْمَهَابَةِ وَإِمَّا لِجَمَالِ الرَّوْنَقِ وَكَمَالِ اللَّأْلَاءِ وَإِمَّا لِكَمَالِ صُورَتِهَا فِي اعْتِدَالِهَا وَاسْتِوَائِهَا وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الْمَسَلُّ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى السَّلِّ يُقَامُ مَقَامَ الْمَسْلُولِ وَالْمَعْنَى كَمَسْلُولِ الشَّطْبَةِ وَأَمَّا الْجَفْرَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ فَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ إِذَا كَانَ بن أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَفُصِلَ عَنْ أُمِّهِ وَأُخِذَ فِي الرَّعْي قَالَه أَبُو عبيد وَغَيره وَقَالَ بن الْأَنْبَارِي وبن دُرَيْد وَيُقَال لِوَلَدِ الضَّأْنِ أَيْضًا إِذَا كَانَ ثَنِيًّا وَقَالَ الْخَلِيل الجفر من أَوْلَاد الشَّاة مَا اسْتَجْفَرَ أَيْ صَارَ لَهُ بَطْنٌ وَالْفَيْقَةُ بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بعْدهَا قَاف مَا يجْتَمع فِي الضَّرع بَين الحلبتين والفواق بِضَم الْفَاء الزَّمَانُ الَّذِي بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ وَالْيَعْرَةُ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ الْعِنَاقُ وَيَمِيسُ بِالْمُهْمَلَةِ أَي يتبختر وَالْمرَاد يحلق النَّتْرَةِ وَهِيَ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ السَّاكِنَةِ الدِّرْعُ اللَّطِيفَةُ أَوِ الْقَصِيرَةُ وَقِيلَ اللَّيِّنَةُ الْمَلْمَسِ وَقِيلَ الْوَاسِعَةُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا وَصَفَتْهُ بِهَيْفِ الْقَدِّ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِبَطِينٍ وَلَا جَافٍّ قَلِيلِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مُلَازِمٍ لِآلَةِ الْحَرْبِ يَخْتَالُ فِي مَوْضِعِ الْقِتَالِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا تَتَمَادَحُ بِهِ الْعَرَبُ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهَا وَصَفَتْهُ بِأَنَّهُ خَفِيفُ الْوَطْأَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ زَوْجَ الْأَبِ غَالِبًا يَسْتَثْقِلُ وَلَدَهُ مِنْ غَيْرِهَا فَكَانَ هَذَا يُخَفِّفُ عَنْهَا فَإِذَا دخل بَيتهَا فانفق أَنَّهُ قَالَ فِيهِ مَثَلًا لَمْ يَضْطَجِعْ إِلَّا قَدْرَ مَا يُسَلُّ السَّيْفُ مِنْ غِمْدِهِ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ مُبَالَغَةً فِي التَّخْفِيفِ عَنْهَا وَكَذَا قَوْلُهَا يُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَا عِنْدَهَا بِالْأَكْلِ فَضْلًا عَنِ الْأَخْذِ بَلْ لَوْ طَعِمَ عِنْدَهَا لَاقْتَنَعَ بِالْيَسِيرِ الَّذِي يَسُدُّ الرَّمَقَ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ قَوْلُهُ بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَمَا بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ قَوْلُهُ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا أَيْ أَنَّهَا بَارَّةٌ بِهِمَا زَادَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ وَزَيْنُ أَهْلِهَا وَنِسَائِهَا أَيْ يَتَجَمَّلُونَ بِهَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ زَيْنُ أُمِّهَا وَزَيْنُ أَبِيهَا بَدَلَ طَوْعُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ وَقُرَّةُ عَيْنٍ لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا وَزَيْنٌ لأَهْلهَا وَزَاد الكاذي فِي رِوَايَته عَن بن السّكيت وصفر ردائها وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ قَبَّاءُ هَضِيمَةُ الْحَشَا جَائِلَةُ الوشاح عكناء فعماء تجلاء دعجاء رَجَاء فنواء مُؤَنَّقَةٌ مُفَنَّقَةٌ قَوْلُهُ وَمِلْءُ كِسَائِهَا كِنَايَةٌ عَنْ كَمَالِ شَخْصِهَا وَنِعْمَةِ جِسْمِهَا قَوْلُهُ وَغَيْظُ جَارَتِهَا فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعَقْرُ جَارَتِهَا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ دَهَشِهَا أَوْ قَتْلِهَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ والطَّبَرَانِيِّ وَحَيْرُ جَارَتِهَا بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ التَّحْتَانِيَّةِ مِنَ الْحَيْرَةِ وَفِي أُخْرَى لَهُ وَحَيْنُ جَارَتِهَا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا نُونٌ أَيْ هَلَاكُهَا وَفِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ وَعُبْرُ جَارَتِهَا بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحِّدَةِ وَهُوَ مِنَ الْعَبْرَةِ بِالْفَتْحِ أَيْ تَبْكِي حَسَدًا لِمَا تَرَاهُ مِنْهَا أَوْ بِالْكَسْرِ أَيْ تَعْتَبِرُ بِذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ وَحِبْرُ نِسَائِهَا وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ فَقِيلَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مِنَ التَّحْبِيرِ وَقِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ مِنَ الْخَيْرِيَّةِ وَالْمُرَادُبِجَارَتِهَا ضَرَّتُهَا أَوْ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لِأَنَّ الْجَارَاتِ مِنْ شَأْنِهِنَّ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَغَيْرُ جَارَتِهَا بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ مِنَ الْغَيْرَةِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا قَوْلُ عُمَرَ لِحَفْصَةَ لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَضْوَأَ مِنْكِ يَعْنِي عَائِشَةَ وَقَوْلُهَا صِفْرٌ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ خَالٍ فَارِغٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ رِدَاءَهَا كَالْفَارِغِ الْخَالِي لِأَنَّهُ لَا يَمَسُّ مِنْ جِسْمِهَا شَيْئًا لِأَنَّ رَدْفَهَا وَكَتِفَيْهَا يَمنَعُ مَسَّهُ مِنْ خَلْفِهَا شَيْئًا مِنْ جِسْمِهَا وَنَهْدَهَا يَمْنَعُ مَسَّهُ شَيْئًا مِنْ مُقَدَّمِهَا وَفِي كَلَام بن أبي أويس وَغَيره معنى قَوْلهَا صفر ردائها تَصِفُهَا بِأَنَّهَا خَفِيفَةُ مَوْضِعِ التَّرْدِيَةِ وَهُوَ أَعْلَى بَدَنِهَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ مِلْءُ كِسَائِهَا أَيْ مُمْتَلِئَةُ مَوْضِعِ الْأَزْرَةِ وَهُوَ أَسْفَلُ بَدَنِهَا وَالصِّفْرُ الشَّيْءُ الْفَارِغُ قَالَ عِيَاضٌ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ امْتِلَاءَ مَنْكِبَيْهَا وَقِيَامَ نَهْدِيهَا يَرْفَعَانِ الرِّدَاءَ عَنْ أَعْلَى جَسَدِهَا فَهُوَ لَا يَمَسُّهُ فَيَصِيرُ كَالْفَارِغِ مِنْهَا بِخِلَافِ أَسْفَلِهَا وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ أَبَتِ الرَّوَادِفُ وَالنُّهُودُ لِقُمُصِهَا مِنْ أَنْ تَمَسَّ بُطُونَهَا وَظُهُورَهَا وَقَوْلُهَا قَبَّاءُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَي ضامرة الْبَطن وهضيمة الحسا هُوَ بِمَعْنى الَّذِي قبله وجائلة الوشاح أَي يَدُور وشاحها لضمور بَطنهَا وعكناء أَي ذَات اعكان وفعماء بِالْمُهْمَلَةِ أَي ممتلئة الْجِسْم ونجلاء بنُون وجين أَي وَاسِعَة الْعين ودعجاء أَي شَدِيدَة سَواد الْعين ورجاء بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ أَيْ كَبِيرَةُ الْكِفْلِ تَرْتَجُّ مِنْ عَظَمَةٍ إِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِالرَّاءِ فَإِنْ كَانَتْ بالزاي فَالْمُرَاد فِي حاجبيها تقويس ومونقة بنُون ثَقيلَة وقاف ومفنقة بِوَزْنِهِ أَيْ مُغَذَّيَةٌ بِالْعَيْشِ النَّاعِمِ وَكُلُّهَا أَوْصَافٌ حسان وَفِي رِوَايَة بن الْأَنْبَارِيِّ بُرُودُ الظِّلِّ أَيْ أَنَّهَا حَسَنَةُ الْعِشْرَةِ كَرِيمَةُ الْجِوَارِ وَفِيُّ الْإِلَى بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْإِلَى بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيِ الْعَهْدِ أَوِ الْقَرَابَةِ كَرِيمُ الْخِلِّ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الصَّاحِبُ زَوْجًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَتْ هَذِهِ الْأَوْصَافَ مَعَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ مُؤَنَّثٌ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِهِ مَذْهَبَ التَّشْبِيهِ أَيْ هِيَ كَرَجُلٍ فِي هَذِهِ الْأَوْصَافِ أَوْ حَمَلَتْهُ عَلَى الْمَعْنَى كَشَخْصٍ أَوْ شَيْءٍ وَمِنْهُ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ حَرَامٍ وَعَفْرَاءُ عَنِّي الممرض الْمُتَوَانِي قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الرُّوَاةِ نَقَلَ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنَ الِابْنِ إِلَى الْبِنْتِ وَفِي أَكْثَرِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ رَدٌّ عَلَى الزَّجَّاجِيِّ فِي إِنْكَارِهِ مِثْلَ قَوْلِهِمْ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسَنِ وَجْهِهِ وَزَعَمَ أَنَّ سِيبَوَيْهِ انْفَرَدَ بِإِجَازَةِ مِثْلِ ذَلِكَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الشَّيْءَ إِلَى نَفْسِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَخْطَأَ الزَّجَّاجِيُّ فِي مَوَاضِعَ فِي مَنْعِهِ وَتَعْلِيلِهِ وَتَخْطِئَتِهِ وَدَعْوَاهُ الشُّذُوذَ وَقد نقل بن خَرُوفٍ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ لَا يُحْصَى عَدَدُهُمْ وَكَيف يخطىء مَنْ تَمَسَّكَ بِالسَّمَاعِ الصَّحِيحِ كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ وَكَمَا جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَئْنٌ أَصَابِعُهُ تَنْبِيهٌ سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الزبير ذكر بن أَبِي زَرْعٍ وَوَصْفُ بِنْتِ أَبِي زَرْعٍ فَجَعْلَ وصف بن أَبِي زَرْعٍ لِبِنْتِ أَبِي زَرْعٍ وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى وَأَتَمُّ قَوْلُهُ جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ خَادِمُ أَي زَرْعٍ وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ وَلِيدُ أَبِي زَرْعٍ وَالْوَلِيدُ الْخَادِمُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَوْلُهُ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُثَلَّثَةِ وَفِي رِوَايَةٍ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ وَهُمَا بِمَعْنَى بَثَّ الْحَدِيثَ وَنَثَّ الْحَدِيثَ أَظْهَرَهُ وَيُقَالُ بِالنُّونِ فِي الشَّرِّ خَاصَّةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الأولى وَقَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ النَّثَّاثُ الْمُغْتَابُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ لَوْلَا تخرج قَوْله وَلَا تنفث بِتَشْدِيدِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ أَيْ تُسْرِعُ فِيهِ بالخيانة تذهبه بِالسَّرِقَةِ كَذَا فِي الْبُخَارِيِّ وَضَبَطَهُ عِيَاضٌ فِي مُسْلِمٍ بِفَتْحٍ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْقَافِ قَالَ وَجَاءَ تَنْقِيثًا مَصْدَرًا عَلَى غَيْرِ الْأَصْلِ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَتَقَبَّلَهَا رَبهَا بقول حسن وأنبتها نباتا حسنا وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِيالطَّرِيقِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَا تُنَقِّثُ بِالتَّشْدِيدِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ انْتَهَى وَضَبَطَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بِالْفَاءِ الثَّقِيلَةِ بَدَلَ الْقَافِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ النَّفْثُ وَالتَّفْلُ بِمَعْنًى وَأَرَادَتِ الْمُبَالَغَةَ فِي بَرَاءَتِهَا مِنَ الْخِيَانَةِ فَيَحْتَمِلُ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا أَنْ تَكُونَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي مُسْلِمٍ بِالْقَافِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَالْأُخْرَى بِالْفَاءِ وَالْمِيرَةُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا رَاءٌ الزَّادُ وَأَصْلُهُ مَا يُحَصِّلُهُ الْبَدَوِيُّ مِنَ الْحَضَرِ وَيَحْمِلُهُ إِلَى مَنْزِلِهِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ أَهْلُهُ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ التَّنْقِيثُ إِخْرَاجُ مَا فِي مَنْزِلِ أَهْلِهَا إِلَى غَيْرِهِمْ وَقَالَ بن حَبِيبٍ مَعْنَاهُ لَا تُفْسِدُهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ رِوَايَةَ الزُّبَيْرِ وَلَا تُفْسِدُ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ أَنَّ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ بِالْفَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدٍ وَلَا تَنْقُلُ وَكَذَا لِلزُّبَيْرِ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبٍ وَلِأَبِي عَوَانَةَ وَلَا تنْتَقل وَفِي رِوَايَة عَن بن الْأَنْبَارِيِّ وَلَا تُغِثُّ بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ أَيْ تُفْسِدُ وَأَصْلُهُ مِنَ الْغُثَّةِ بِالضَّمِّ وَهِيَ الْوَسْوَسَةُ وَفِي رِوَايَة للنسائي وَلَا تفتش مِيرَتَنَا تَفْشِيشًا بِفَاءٍ وَمُعْجَمَتَيْنِ مِنَ الْإِفْشَاشِ طَلَبُ الْأَكْلِ مِنْ هُنَا وَهُنَا وَيُقَالُ فَشَّ مَا عَلَى الْخِوَانِ إِذَا أَكَلَهُ أَجْمَعَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ وَلَا تُفْسِدُ مِيرَتَنَا تَغْشِيشًا بِمُعْجَمَاتٍ وَقَالَ مَأْخُوذ من غشيش الْخَبَر إِذَا فَسَدَ تُرِيدُ أَنَّهَا تُحْسِنُ مُرَاعَاةَ الطَّعَامِ وَتَتَعاهَدُهُ بِأَنْ تُطْعِمَ مِنْهُ أَوَّلًا طَرِيًّا وَلَا تُغْفِلَهُ فَيَفْسَدَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فَسَّرَهُ الْخَطَّابِيُّ بِأَنَّهَا لَا تُفْسِدُ الطَّعَامَ الْمَخْبُوزَ بَلْ تَتَعَهَّدُهُ بِأَنْ تُطْعِمَهُمْ مِنْهُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ وَهَذَا إِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لِلْخَطَّابِيِّ وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الصَّحِيحِ وَلَا تَمْلَأُ فَلَا يَسْتَقِيمُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَتَعَهَّدُهُ بِالتَّنْظِيفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي الْأُولَى كَمَا فِي الْأَصْلِ وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا وَعِنْدَ الْخَطَّابِيِّ وَلَا تُفْسِدُ مِيرَتَنَا تَغْشِيشًا بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَاتَّفَقَتَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا وَهِيَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْخَطَّابِيِّ هِيَ أَقْعُدُ بِالسَّجْعِ أَعْنِي تَعْشِيشًا مِنْ تَنْقِيثًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ مُعْجَمَتَيْنِ أَيْ أَنَّهَا مُصْلِحَةٌ لِلْبَيْتِ مُهْتَمَّةٌ بِتَنْظِيفِهِ وَإِلْقَاءِ كُنَاسَتِهِ وَإِبْعَادِهَا مِنْهُ وَأَنَّهَا لَا تَكْتَفِي بِقَمِّ كُنَاسَتِهِ وَتَرْكِهَا فِي جَوَانِبِهِ كَأَنَّهَا الْأَعْشَاشُ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ وَلَا تُعِشُّ بَدَلَ وَلَا تَمْلَأُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ الَّتِي عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ بَعْدُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ بَدَلَ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنَ الْغِشِّ ضِدُّ الْخَالِصِ أَيْ لَا تَمْلَؤُهُ بِالْخِيَانَةِ بَلْ هِيَ مُلَازِمَةٌ لِلنَّصِيحَةِ فِيمَا هِيَ فِيهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عِفَّةِ فَرَجِهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَمْلَأُ الْبَيْتَ وَسَخًا بِأَطْفَالِهَا مِنَ الزِّنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ كِنَايَةٌ عَنْ وَصْفِهَا بِأَنَّهَا لَا تَأْتِيهِمْ بِشَرٍّ وَلَا تُهْمَةٍ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَعْشِيشًا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَشَّشَتِ النَّخْلَةُ إِذَا قَلَّ سَعَفُهَا أَيْ لَا تَمْلَؤُهُ اخْتِزَالًا وَتَقْلِيلًا لِمَا فِيهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ وَلَا تُنَجِّثُ أَخْبَارَنَا تَنْجِيثًا بِنُونٍ وَجِيمٍ وَمُثَلَّثَةٍ أَيْ تَسْتَخْرِجُهَا وَأَصْلُ التَّنْجِثَةِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبِئْرِ مِنْ تُرَابٍ وَيُقَالُ أَيْضًا بِالْمُوَحَّدَةِ بَدَلَ الْجِيمِ زَادَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ مُحَمَّد بن جَعْفَر الوكاني عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ قَالَتْ عَائِشَةُ حَتَّى ذَكَرَتْ كَلْبَ أَبِي زَرْعٍ وَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنِ الْبَغَوِيِّ عَنِ الْوَرْكَانِيِّ وَزَادَ الْهَيْثَمُ بْنُ عدي فِي رِوَايَتِهِ ضَيْفُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا ضَيْفُ أَبِي زَرْعٍ فِي شِبَعٍ وَرَيٍّ وَرَتَعٍ طُهَاةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا طُهَاةُ أَبِي زَرْعٍ لَا تفتر وَلَا تعدى تقدح قدرا وَتُنْصَبُ أُخْرَى فَتَلْحَقُ الْآخِرَةُ بِالْأُولَى مَالُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا مَالُ أَبِي زَرْعٍ عَلَى الْجَمَمِ مَعْكُوسٌ وَعَلَى الْعُفَاةِ مَحْبُوسٌ وَقَوْلُهُ رَيٍّ وَرَتَعٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْمُثَنَّاةِ أَيْ تَنَعُّمٍ وَمَسَرَّةٍ وَالطُّهَاةُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الطَّبَّاخُونَ وَقَوْلُهُ لَا تَفْتُرُ بِالْفَاءِ السَّاكِنَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ الْمَضْمُومَةِأَيْ لَا تَسْكُنُ وَلَا تَضْعُفُ وَقَوْلُهُ وَلَا تعدى بِمُهْملَة أَيْ تُصْرَفُ وَتُقْدَحُ بِالْقَافِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ تُفَرَّقُ وَتُنْصَبُ أَيْ تُرْفَعُ عَلَى النَّارِ وَالْجَمَمُ بِالْجِيمِ جَمْعُ جَمَّةٍ هُمُ الْقَوْمُ يَسْأَلُونَ فِي الدِّيَةِ وَمَعْكُوسٌ أَيْ مَرْدُودٌ وَالْعُفَاةُ السَّائِلُونَ وَمَحْبُوسٌ أَيْ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ قَالَتْ خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي وَفِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي قَوْلُهُ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ الْأَوْطَابُ جَمْعُ وَطْبٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَهُوَ وِعَاءُ اللَّبَنِ وَذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ أَنَّ جَمْعَهُ عَلَى أَوْطَابٍ عَلَى خِلَافِ قِيَاسِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ فَعْلًا لَا يَجْمَعُ عَلَى أَفْعَالٍ بَلْ عَلَى فِعَالٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قَالَ الْخَلِيلُ جَمْعُ الْوَطْبِ وِطَابٌ وَأَوْطَابٌ وَقَدْ جُمِعَ فَرْدٌ عَلَى أَفْرَادٍ فَبَطَلَ الْحَصْرُ الَّذِي ادَّعَاهُ نَعَمِ الْقِيَاسُ فِي فِعْلٍ أَفْعُلٌ فِي الْقِلَّةِ وَفِعَالٌ أَوْ فُعُولٌ فِي الْكَثْرَةِ قَالَ عِيَاضٌ وَرَأَيْتُ فِي رِوَايَةِ حَمْزَةَ عَنِ النَّسَائِيّ والأوطاب بِغَيْرِ وَاوٍ فَإِنْ كَانَ مَضْبُوطًا فَهُوَ عَلَى إِبْدَالِ الْوَاوِ هَمْزَةً كَمَا قَالُوا إِكَافٌ وَوِكَافٌ قَالَ يَعْقُوب بن السِّكِّيتِ أَرَادَتْ أَنَّهُ يُبَكِّرُ بِخُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهَا غُدْوَةً وَقْتَ قِيَامِ الْخَدَمِ وَالْعَبِيدِ لِأَشْغَالِهِمْ وَانْطَوَى فِي خَبَرِهَا كَثْرَةُ خَيْرِ دَارِهِ وَغَزْرُ لَبَنِهِ وَأَنَّ عِنْدَهُمْ مَا يَكْفِيهِمْ وَيَفَضَلُ حَتَّى يَمْخَضُوهُ ويستخرجوا زبده وَيحْتَمل أَنْ يَكُونَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَبِ وَطِيبِ الرَّبِيعِ قُلْتُ وَكَأَنَّ سَبَبَ ذِكْرِ ذَلِكَ تَوْطِئَةٌ لِلْبَاعِثِ عَلَى رُؤْيَةِ أَبِي زَرْعٍ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي رَآهَا عَلَيْهَا أَيْ أَنَّهَا مِنْ مَخْضِ اللَّبَنِ تَعِبَتْ فَاسْتَلْقَتْ تَسْتَرِيحُ فَرَآهَا أَبُو زَرْعٍ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فَأَبْصَرَ امْرَأَة لَهَا ابْنَانِ كالفهدين وَفِي رِوَايَة بن الْأَنْبَارِيِّ كَالصَّقْرَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ الْكَاذِيِّ كَالشِّبْلَيْنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ سَارَّيْنِ حَسَنَيْنِ نَفِيسَيْنِ وَفَائِدَةُ وَصْفِهَا لَهُمَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَسْبَابِ تَزْوِيجِ أَبِي زَرْعٍ لَهَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْغَبُونَ فِي أَنْ تَكُونَ أَوْلَادُهُمْ مِنَ النِّسَاءِ الْمُنْجِبَاتِ فَلِذَلِكَ حَرَصَ أَبُو زَرْعٍ عَلَيْهَا لَمَّا رَآهَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ فَإِذَا هُوَ بِأُمِّ غُلَامَيْنِ وَوَصْفُهَا لَهُمَا بِذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى صِغَرِ سنهما واشداد خَلْقِهِمَا وَتَوَارَدَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّهُمَا ابْنَاهَا إِلَّا مَا رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ فَإِنَّهُ قَالَ فَمَرَّ عَلَى جَارِيَةٍ مَعَهَا أَخَوَاهَا قَالَ عِيَاضٌ يَتَأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا وَلَدَاهَا وَلَكِنَّهُمَا جُعِلَا أَخَوَيْهَا فِي حُسْنِ الصُّورَةِ وَكَمَالِ الْخِلْقَةِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ أَدَلَّ عَلَى صِغَرِ سِنِّهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ غُنْدَرٍ فَمَرَّ بِجَارِيَةٍ شَابَّةٍ كَذَا قَالَ وَلَيْسَ لِغُنْدَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رِوَايَةٌ وَإِنَّمَا هَذِهِ رِوَايَةُ الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ وَهُوَ الْوَرْكَانِيُّ وَلَمْ يُدْرِكِ الْحَارِثُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرًا وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُ الْوَرْكَانِيُّ أَنَّ غُنْدَرًا مَا لَهُ رِوَايَةٌ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنِ الْبَغَوِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيِّ وَلَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ ثُمَّ إِنَّ كَوْنَهُمَا أَخَوَيْهَا يَدُلُّ عَلَى صِغَرِ سِنِّهَا فِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا مِنْ أَبِيهَا وَوُلِدَا لَهُ بَعْدَ أَنْ طَعَنَ فِي السِّنِّ وَهِيَ بِكْرُ أَوْلَادِهِ فَلَا تَكُونُ شَابَّةً وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَوْنِهِمَا أَخَوَيْهَا وَوَلَدَيْهَا بِأَنْ تَكُونَ لَمَّا وَضَعَتْ وَلَدَيْهَا كَانَتْ أُمُّهَا ترْضع فأرضعتهما قَوْله يلعبان من تَحت خصرها بِرُمَّانَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ مِنْ تَحْتِ دِرْعِهَا وَفِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ مِنْ تَحْتِ صَدْرِهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يُرِيدُ أَنَّهَا ذَاتُ كِفْلٍ عَظِيمٍ فَإِذَا اسْتَلْقَتِ ارْتَفَعَ كِفْلُهَا بِهَا مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى يَصِيرَ تَحْتَهَا فَجْوَةٌ تَجْرِي فِيهَا الرُّمَّانَةُ قَالَ وَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إِلَى الثَّدْيَيْنِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ اه وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا جَزَمَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَهِيَ مُسْتَلْقِيَةٌ عَلَى قَفَاهَا وَمَعَهُمَا رُمَّانَةٌ يَرْمِيَانِ بِهَا مِنْ تَحْتِهَا فَتَخْرُجُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ عِظَمِ إِلْيَتَيْهَا لَكِنْ رَجَّحَ عِيَاضٌ تَأْوِيلَ الرُّمَّانَتَيْنِ بِالنَّهْدَيْنِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ سِيَاقَ أَبِي مُعَاوِيَةَ هَذَا لَا يُشْبِهُ كَلَامَ أُمِّ زَرْعٍ قَالَ فَلَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ رُوَاتِهِ أَوْرَدَهُ عَلَىسَبِيلِ التَّفْسِيرِ الَّذِي ظَنَّهُ فَأُدْرِجَ فِي الْخَبَرِ وَإِلَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِلَعِبِ الصِّبْيَانِ وَرَمْيِهِمُ الرُّمَّانَ تَحْتَ أَصْلَابِ أُمَّهَاتِهِمْ وَمَا الْحَامِلُ لَهَا على الاستلقاء حَتَّى يصفان ذَلِكَ وَيَرَى الرِّجَالُ مِنْهَا ذَلِكَ بَلِ الْأَشْبَهُ أَن يكون قَوْلهَا يلعبان من تَحت خصرها أَو صدرها أَي أَن ذَلِك مَكَان الْوَلَدَيْنِ مِنْهَا وَأَنَّهُمَا كَانَا فِي حِضْنَيْهَا أَوْ جَنْبَيْهَا وَفِي تَشْبِيهِ النَّهْدَيْنِ بِالرُّمَّانَتَيْنِ إِشَارَةٌ إِلَى صِغَرِ سِنِّهَا وَأَنَّهَا لَمْ تَتَرَهَّلْ حَتَّى تَنْكَسِرَ ثَدْيَاهَا وَتَتَدَلَّى اه وَمَا رَدَّهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ أَمَّا نَفِيُ الْعَادَةِ فَمُسَلَّمٌ لَكِنْ مِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعِ اتِّفَاقًا بِأَنْ تَكُونَ لَمَّا اسْتَلْقَتْ وَوَلَدَاهَا مَعَهَا شَغَلَتْهُمَا عَنْهَا بِالرُّمَّانَةِ يَلْعَبَانِ بِهَا لِيَتْرُكَاهَا تَسْتَرِيحُ فَاتَّفَقَ أَنَّهُمَا لَعِبَا بِالْهَيْئَةِ الَّتِي حُكِيَتْ وَأَمَّا الْحَامِلُ لَهَا عَلَى الِاسْتِلْقَاءِ فَقَدْ قَدَّمْتُ احْتِمَالَ أَنْ يَكُونَ مِنَ التَّعَبِ الَّذِي حَصَلَ لَهَا مِنَ الْمَخْضِ وَقَدْ يَقَعُ ذَلِكَ لِلشَّخْصِ فَيَسْتَلْقِي فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الِاسْتِلْقَاءِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِدْرَاجِ الَّذِي تَخَيَّلَهُ وَإِنْ كَانَ مَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّمَّانَةِ ثَدْيُهَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي وَصْفِ الْمَرْأَةِ بِصِغَرِ سِنِّهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا فِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ فَأَعْجَبَتْهُ فَطَلَّقَنِي وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَخَطَبَهَا أَبُو زَرْعٍ فَتَزَوَّجَهَا فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ أُمَّ زَرْعٍ فَأَفَادَ السَّبَبَ فِي رَغْبَةِ أَبِي زَرْعٍ فِيهَا ثُمَّ فِي تَطْلِيقِهِ أُمَّ زَرْعٍ قَوْلُهُ فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فَاسْتَبْدَلْتُ وَكُلُّ بَدَلٍ أَعْوَرُ وَهُوَ مَثَلٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْبَدَلَ مِنَ الشَّيْءِ غَالِبًا لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ بَلْ هُوَ دُونَهُ وَأَنْزَلُ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَعْوَرِ الْمَعِيبُ قَالَ ثَعْلَبٌ الْأَعْوَرُ الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ كَمَا يُقَالُ كَلِمَةٌ عَوْرَاءُ أَيْ قَبِيحَةٌ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْغَالِبِ وَبِالنِّسْبَةِ فَأَخْبَرَتْ أُمُّ زَرْعٍ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ لَمْ يَسُدَّ مَسَدَّ أَبِي زَرْعٍ قَوْلُهُ سَرِيًّا بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ أَيْ مِنْ سَرَاةِ النَّاسِ وَهُمْ كُبَرَاؤُهُمْ فِي حُسْنِ الصُّورَةِ وَالْهَيْئَةِ وَالسَّرِيُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خِيَارُهُ وَفَسَّرَهُ الْحَرْبِيُّ بِالسَّخِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الزبير شَابًّا سريا قَوْلُهُ رَكِبَ شَرِيًّا بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّة ثَقيلَة قَالَ بن السِّكِّيتِ تَعْنِي فَرَسًا خِيَارًا فَائِقًا وَفِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ رَكِبَ فَرَسًا عَرَبِيًّا وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ أَعْوَجِيًّا وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى أَعْوَجَ فَرَسٌ مَشْهُورٌ تَنْسُبُ إِلَيْهِ الْعَرَبُ جِيَادَ الْخَيْلِ كَانَ لِبَنِي كِنْدَةَ ثُمَّ لِبَنِي سُلَيْمٍ ثُمَّ لِبَنِي هِلَالٍ وَقِيلَ لِبَنِي غَنِيٍّ وَقِيلَ لِبَنِي كِلَابٍ وَكُلُّ هَذِهِ الْقَبَائِلِ بَعْدَ كِنْدَةَ مِنْ قَيْسٍ قَالَ بن خَالَوَيْهِ كَانَ لِبَعْضِ مُلُوكِ كِنْدَةَ فَغَزَا قَوْمًا مِنْ قَيْسٍ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا فَرَسَهُ وَقِيلَ إِنَّهُ رُكِبَ صَغِيرًا رَطْبًا قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ فَاعْوَجَّ وَكَبُرَ عَلَى ذَلِكَ وَالشَّرِيُّ الَّذِي يَسْتَشْرِي فِي سَيْرِهِ أَيْ يَمْضِي فِيهِ بِلَا فُتُورٍ وَشَرَى الرَّجُلُ فِي الْأَمْرِ إِذَا لَجَّ فِيهِ وَتَمَادَى وَشَرَى الْبَرْقُ إِذَا كَثُرَ لَمَعَانُهُ قَوْلُهُ وَأَخَذَ خَطِّيًّا بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةً إِلَى الْخَطِّ صِفَةُ مَوْصُوفٍ وَهُوَ الرُّمْحُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ وَأَخَذَ رُمْحًا خَطِّيًّا وَالْخَطُّ مَوْضِعٌ بِنَوَاحِي الْبَحْرِينِ تُجْلَبُ مِنْهُ الرِّمَاحُ وَيُقَالُ أَصْلُهَا مِنَ الْهِنْدِ تُحْمَلُ فِي الْبَحْرِ إِلَى الْخَطِّ الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ وَقِيلَ إِنْ سَفِينَةً فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ كَانَتْ مَمْلُوءَةً رِمَاحًا قَذَفَهَا الْبَحْرُ إِلَى الْخَطِّ فَخَرَجَتْ رِمَاحُهَا فِيهَا فَنُسِبَتْ إِلَيْهَا وَقِيلَ إِنَّ الرِّمَاحَ إِذَا كَانَتْ عَلَى جَانِبِ الْبَحْرِ تَصِيرُ كَالْخَطِّ بَيْنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَقِيلَ لَهَا الْخَطِّيَّةُ لِذَلِكَ وَقِيلَ الْخَطُّ مَنْبَتُ الرِّمَاحِ قَالَ عِيَاضٌ وَلَا يَصِحُّ وَقِيلَ الْخَطُّ السَّاحِل وكل سَاحل خطّ قَوْله الرواح بِمُهْمَلَتَيْنِ مِنَ الرَّوَاحِ وَمَعْنَاهُ أَتَى بِهَا إِلَى المراح وَهُوَ مَوضِع مبيت الْمَاشِيَة قَالَ بن أَبِي أُوَيْسٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ غَزَا فَغَنِمَ فَأَتَى بِالنَّعَمِ الْكَثِيرَةِ قَوْلُهُ عَلَيَّ بِالتَّشْدِيدِ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ وَأَرَاحَ عَلَى بَيْتِي قَوْلُهُ نَعَمًا بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ الْإِبِلُ خَاصَّةً وَيُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ الْمَوَاشِي إِذَا كَانَ فِيهَا إِبِلٌ وَفِي رِوَايَةٍ حَكَّاهَا عِيَاضٌ نِعَمًا بِكَسْرٍ أَوَّلِهِ جَمْعُ نِعْمَةٍ وَالْأَشْهُرُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ ثَرِيًّا بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ كَثِيرَةً وَالثَّرِيُّ المَال الْكثير من الْإِبِل وَغَيرهَا يُقَال أَثْرَى فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا كَثَّرَهُ فَكَانَفِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَكْثَرَ مِنْهُ وَذَكَرَ ثَرِيًّا وَإِنْ كَانَ وَصْفَ مُؤَنَّثٍ لِمُرَاعَاةِ السَّجْعِ وَلِأَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ تَأْنِيثُهُ حَقِيقِيًّا يَجُوزُ فِيهِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ قَوْلُهُ وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَة برَاء وتحتانية ومهملة فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ ذَابِحَةٍ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ أَيْ مَذْبُوحَةٍ مِثْلُ عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ أَيْ مَرَضِيَّةٍ فَالْمَعْنَى أَعْطَانِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُذْبَحُ زَوْجًا وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ كُلِّ سَائِمَةٍ وَالسَّائِمَةُ الرَّاعِيَةُ وَالرَّائِحَةُ الْآتِيَةُ وَقْتَ الرَّوَاحِ وَهُوَ آخِرُ النَّهَارِ قَوْلُهُ زَوْجًا أَيِ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَرْعَى وَالزَّوْجُ يُطْلَقُ عَلَى الِاثْنَيْنِ وَعَلَى الْوَاحِدِ أَيْضًا وَأَرَادَتْ بِذَلِكَ كَثْرَةَ مَا أَعْطَاهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْفَرْدِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَقَالَ كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ أَيْ صِلِيهِمْ وَأَوْسَعِي عَلَيْهِمْ بِالْمِيرَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ الطَّعَامُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا وَصَفَتْهُ بِالسُّؤْدُدِ فِي ذَاتِهِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْفَضْلِ وَالْجُودِ بِكَوْنِهِ أَبَاحَ لَهَا أَنْ تَأْكُلَ مَا شَاءَت من مَاله وتهدي مِنْهُ مَا شَاءَت لِأَهْلِهَا مُبَالَغَةً فِي إِكْرَامِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَتْ أَحْوَالُهُ عِنْدَهَا مُحْتَقَرَةً بِالنِّسْبَةِ لِأَبِي زَرْعٍ وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنْ أَبَا زَرْعٍ كَانَ أَوَّلَ أَزْوَاجِهَا فَسَكَنَتْ مَحَبَّتُهُ فِي قَلْبِهَا كَمَا قِيلَ مَا الْحبّ الا للحبيب الأول زَاد أبي مُعَاوِيَةَ فِي رِوَايَتِهِ فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ فَأَكْرَمَهَا أَيْضا فَكَانَت تَقول أكرمني وَفعل لي وَتَقُولُ فِي آخِرِ ذَلِكَ لَوْ جُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَوْلُهُ قَالَتْ فَلَوْ جَمَعْتُ فِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ فَجَمَعْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فَقُلْتُ لَوْ كَانَ هَذَا أُجْمِعَ فِي أَصْغَرِ قَوْلُهُ كُلُّ شَيْءٍ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ كُلُّ الَّذِي قَوْلُهُ أَعْطَانِيهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَعْطَانِي بِلَا هَاءٍ قَوْلُهُ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أبي زرع فِي رِوَايَة بن أَبِي أُوَيْسٍ مَا مَلَأَ إِنَاءً مِنْ آنِيَةِ أبي زرع وَفِي رِوَايَة للنسائي مَا بَلَغَتْ إِنَاءَ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَصَبْتُهُ مِنْهُ فَجَعَلْتُهُ فِي أَصْغَرِ وِعَاءٍ مِنْ أَوْعِيَةِ أَبِي زَرْعٍ مَا مَلَأَهُ لِأَنَّ الْإِنَاءَ أَوِ الْوِعَاءَ لَا يَسَعُ مَا ذَكَرَتْ أَنَّهُ أَعْطَاهَا مِنْ أَصْنَافِ النِّعَمِ وَيَظْهَرُ لِي حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى غَيْرِ مُسْتَحِيلٍ وَهِيَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّ الَّذِي أَعْطَاهَا جُمْلَةً أَرَادَ أَنَّهَا تُوَزِّعُهُ عَلَى الْمُدَّةِ إِلَى أَنْ يَجِيءَ أَوَانُ الْغَزْوِ فَلَوْ وَزَّعَتْهُ لَكَانَ حَظُّ كُلِّ يَوْمٍ مَثَلًا لَا يَمْلَأُ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ الَّتِي كَانَ يُطْبَخُ فِيهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى الدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ بِغَيْرِ نَقْصٍ وَلَا قَطْعٍ قَوْلُهُ قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ الكاذي فِي رِوَايَته يَا عائش وَفِي رِوَايَة بن أَبِي أُوَيْسٍ يَا عَائِشَةُ قَوْلُهُ كُنْتُ لَكِ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ فَكُنْتُ لَكِ وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ أَنَا لَكِ وَهِيَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِرِوَايَةِ كُنْتُ كَمَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى كُنْتُم خير أمة أَيْ أَنْتُمْ وَمِنْهُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ أَيْ مَنْ هُوَ فِي الْمَهْدِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كَانَ هُنَا عَلَى بَابِهَا وَالْمُرَادُ بِهَا الِاتِّصَالُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رحِيما إِذِ الْمُرَادُ بَيَانُ زَمَانٍ مَاضٍ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ كُنْتُ لَكِ فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ قَوْلُهُ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدَيٍّ فِي الْأُلْفَةِ وَالْوَفَاءِ لَا فِي الْفُرْقَةِ وَالْجَلَاءِ وَزَادَ الزُّبَيْرُ فِي آخِرِهِ إِلَّا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنِّي لَا أُطَلِّقُكِ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ وَالطَّبَرَانِيِّ قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي زَرْعٍ وَفِي أول رِوَايَة للزبير بِأَبِي وَأُمِّي لَأَنْتَ خَيْرٌ لِي مِنْ أَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ تَطْيِيبًا لَهَا وَطُمَأْنِينَةً لِقَلْبِهَا وَدَفْعًا لِإِيهَامِ عُمُومِ التَّشْبِيهِ بِجُمْلَةِ أَحْوَالِ أَبِي زَرْعٍ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَذُمُّهُ النِّسَاءُ سِوَى ذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَ الْإِفْصَاحُ بِذَلِكَ وَأَجَابَتْ هِيَ عَنْ ذَلِكَ جَوَابَ مِثْلِهَا فِي فَضْلِهَا وَعِلْمِهَا تَنْبِيهٌ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ جَدِّهِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبِي زَرْعٍ وَأُمِّ زَرْعٍ وَذَكَرَتْ شِعْرَ أَبِي زَرْعٍ فِي أُمِّ زَرْعٍ كَذَا فِيهِ وَلَمْ يَسُقْ لَفظه وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْطرقه عَلَى هَذَا الشِّعْرِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ والطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيق بن أبي عمر كِلَاهُمَا عَن بن عُيَيْنَةَ بِإِسْنَادِهِ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ قَالَ سعيد بن سَلمَة هُوَ بن أَبِي الْحُسَامِ وَهُوَ مَدَنِيٌّ صَدُوقٌ مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ قَوْلُهُ قَالَ هِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ يَعْنِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَدْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْهُ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ بِتَمَامِهِ بَلْ ذَكَرَ أَنَّ عِنْدَهُ عِيَانًا وَلَمْ يَشُكَّ وَأَنَّهُ قَالَ وَصِفْرُ رِدَائِهَا وَخَيْرُ نِسَائِهَا وَعَقْرُ جَارَتِهَا وَقَالَ وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا وَقَالَ وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَهَذَا الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تعشش بيتنا تعشيشا اخْتلف فِي ضَبْطِهِ فَقِيلَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقِيلَ بِالْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ بِطُولِهِ وَإِسْنَادُهُ مُوَافِقٌ لِعِيسَى بْنِ يُونُسَ وَأَشَرْتُ إِلَى مَا فِي رِوَايَتِهِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مُفَصَّلًا وَذَكَرَ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ بِلَفْظِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وعشش بَيْتَنَا تَعْشِيشًا وَهُوَ خَطَأٌ فِي السَّنَدِ وَالْمَتْنِ وَالصَّوَابُ وَلَا تُعَشِّشُ وَقَالَ مُوسَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ هِشَامٍ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ بَعضهم فانقمح بِالْمِيمِ وَهَذَا أَصَحُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورُ هُوَ الْبُخَارِيُّ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ يُوَضِّحُ أَنَّ الَّذِي وَقع فِي أصل رِوَايَته انقنح بالنُّون وَقد رَوَاهُ انقمح بِالْمِيمِ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وبن حِبَّانَ وَالْجَوْزَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ الْمَذْكُورَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدٍ أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي ضَبْطِهَا وَمَعْنَاهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ حُسْنُ عِشْرَةِ الْمَرْءِ أَهْلَهُ بِالتَّأْنِيسِ وَالْمُحَادَثَةِ بِالْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ مَا لَمْ يُفْضِ ذَلِكَ إِلَى مَا يَمْنَعُ وَفِيهِ الْمَزْحُ أَحْيَانًا وَبَسْطُ النَّفْسِ بِهِ وَمُدَاعَبَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَإِعْلَامُهُ بِمَحَبَّتِهِ لَهَا مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى مَفْسَدَةٍ تَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ تَجَنِّيهَا عَلَيْهِ وَإِعْرَاضِهَا عَنْهُ وَفِيهِ مَنْعُ الْفَخْرِ بِالْمَالِ وَبَيَانُ جَوَازِ ذِكْرِ الْفَضْلِ بِأُمُورِ الدِّينِ وإِخْبَارُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ بِصُورَةِ حَالِهِ مَعَهُمْ وَتَذْكِيرُهُمْ بِذَلِكَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ وُجُودِ مَا طُبِعْنَ عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِ الْإِحْسَانِ وَفِيهِ ذِكْرُ الْمَرْأَةِ إِحْسَانَ زَوْجِهَا وَفِيهِ إِكْرَامُ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهِ بِحُضُورِ ضَرَائِرِهَا بِمَا يَخُصُّهَا بِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَمَحِلُّهُ عِنْدَ السَّلَامَةِ مِنَ الْمَيْلِ الْمُفْضِي إِلَى الْجَوْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْهِبَةِ جَوَازُ تَخْصِيصِ بَعْضِ الزَّوْجَاتِ بِالتُّحَفِ وَاللُّطْفِ إِذَا اسْتَوْفَى لِلْأُخْرَى حَقَّهَا وَفِيهِ جَوَازُ تَحَدُّثِ الرَّجُلِ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا وَفِيهِ الْحَدِيثُ عَنِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ وَضَرْبُ الْأَمْثَالِ بِهِمُ اعْتِبَارًا وَجَوَازُ الِانْبِسَاطِ بِذِكْرِ طَرَفِ الْأَخْبَارِ وَمُسْتَطَابَاتِ النَّوَادِرِ تَنْشِيطًا لِلنُّفُوسِ وَفِيهِ حَضُّ النِّسَاءِ عَلَى الْوَفَاءِ لِبُعُولَتِهِنَّ وَقَصْرُ الطَّرْفِ عَلَيْهِمْ وَالشُّكْرُ لِجَمِيلِهِمْ وَوَصْفُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا بِمَا تَعْرِفُهُ مِنْ حُسْنٍ وَسُوءٍ وَجَوَازُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْأَوْصَافِ وَمَحِلُّهُ إِذَا لَمَّ يَصِرْ ذَلِكَ دَيْدَنًا لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى خَرْمِ الْمُرُوءَةِ وَفِيه تَفْسِير مَا يجمله الْمُخْبِرُ مِنَ الْخَبَرِ إِمَّا بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَإِمَّا ابْتِدَاءً مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَفِيهِ أَنَّ ذِكْرَ الْمَرْءِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْعَيْبِ جَائِزٌ إِذَا قُصِدَ التَّنْفِيرُ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ غَيْبَةً أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ وَتَعَقَّبَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ شَيْخُ عِيَاضٍ بِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِذَلِكَ إِنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ الْمَرْأَةَ تَغْتَابُ زَوْجَهَا فَأَقَرَّهَا وَأَمَّا الْحِكَايَةُ عَمَّنْ لَيْسَ بِحَاضِرٍ فَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ نَظِيرُ مَنْ قَالَ فِي النَّاسِ شَخْصٌ يُسِيءُ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الْخَطَّابِيُّ فَلَا تَعَقُّبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ ذَكَرَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ أَزْوَاجَهُنَّ بِمَا يَكْرَهُونَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غِيبَةً لِكَوْنِهِمْ لَا يُعْرَفُونَ بِأَعْيَانِهِمْ وَأَسْمَائِهِمْ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَى هَذَا الِاعْتِذَارِ لَوْ كَانَ مَنْ تُحُدِّثَ عِنْدَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَمِعَ كَلَامَهُنَّ فِي اغْتِيَابِ أَزْوَاجِهِنَّ فَأَقَرَّهُنَّ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا وَالْوَاقِعُ خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ عَائِشَةَ حَكَتْ قِصَّةً عَنْ نِسَاءٍ مَجْهُولَاتٍ غَائِبَاتٍ فَلَا وَلَو أَنامْرَأَة وصفت زَوجهَا بِمَا يكرههُ لَكَانَ غيبَة مجرمة عَلَى مَنْ يَقُولُهُ وَيَسْمَعُهُ إِلَّا إِنْ كَانَتْ فِي مَقَامِ الشَّكْوَى مِنْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُعَيَّنِ فَأَمَّا الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ فَلَا حَرَجَ فِي سَمَاعِ الْكَلَامِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَذَّى إِلَّا إِذَا عَرَفَ أَنَّ مَنْ ذُكِرَ عِنْدَهُ يَعْرِفُهُ ثُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ الرِّجَالَ مَجْهُولُونَ لَا تُعْرَفُ أَسْمَاؤُهُمْ وَلَا أَعْيَانُهُمْ فضلا عَن أسمائهم وَلم يثبت النسْوَة إِسْلَام حَتَّى يجْرِي عَلَيْهِم حُكْمُ الْغِيبَةِ فَبَطَلَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لِمَا ذُكِرَ وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِمَنْ كَرِهَ نِكَاحَ مِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ لِمَا ظَهَرَ مِنِ اعْتِرَافِ أُمِّ زَرْعٍ بِإِكْرَامِ زَوْجِهَا الثَّانِي لَهَا بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَحَقَّرَتْهُ وَصَغَّرَتْهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَفِيهِ أَنْ الْحُبَّ يَسْتُرُ الْإِسَاءَةَ لِأَنَّ أَبَا زَرْعٍ مَعَ إِسَاءَتِهِ لَهَا بِتَطْلِيقِهَا لِمَ يَمْنَعْهَا ذَلِكَ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِهِ إِلَى أَنْ بَلَغَتْ حَدَّ الْإِفْرَاطِ وَالْغُلُوِّ وَقَدْ وَقَعَ فِي بعض طرقه إِشَارَة إِلَى أَنَّ أَبَا زَرْعٍ نَدِمَ عَلَى طَلَاقِهَا وَقَالَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا فَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبِي زَرْعٍ وَأُمِّ زَرْعٍ وَذَكَرَتْ شِعْرَ أَبِي زَرْعٍ عَلَى أُمِّ زَرْعٍ وَفِيهِ جَوَازُ وَصْفِ النِّسَاءِ وَمَحَاسِنِهِنَّ لِلرَّجُلِ لَكِنَّ مَحِلَّهُ إِذَا كُنَّ مَجْهُولَاتٍ وَالَّذِي يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَصَفُ الْمَرْأَةِ الْمُعَيَّنَةِ بِحَضْرَةِ الرَّجُلِ أَوْ أَنْ يُذْكَرَ مِنْ وَصْفِهَا مَا لَا يَجُوزُ للرِّجَال تَعَمُّدُ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ التَّشْبِيهَ لَا يَسْتَلْزِمُ مُسَاوَاةَ الْمُشَبَّهِ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ وَالْمُرَادُ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ فِي الْأُلْفَةِ إِلَى آخِرِهِ لَا فِي جَمِيعِ مَا وُصِفَ بِهِ أَبُو زرع من الثروة الزَّائِدَةِ وَالِابْنِ وَالْخَادِمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَا لَمْ يذكر من أُمُور الدّين كلهَا وفه أَنَّ كِنَايَةَ الطَّلَاقِ لَا تُوقِعُهُ إِلَّا مَعَ مُصَاحَبَةِ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشَبَّهَ بَأَبِي زَرْعٍ وَأَبُو زَرْعٍ قَدْ طَلَّقَ فَلَمْ يَسْتَلْزِمْ ذَلِكَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ إِلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ التَّأَسِّي بِأَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ لِأَنَّ أُمَّ زَرْعٍ أَخْبَرَتْ عَنْ أَبِي زَرْعٍ بِجَمِيلِ عِشْرَتِهِ فَامْتَثَلَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا قَالَ الْمُهَلَّبُ وَاعْتَرضهُ عِيَاضٌ فَأَجَادَ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ تَأَسَّى بِهِ بَلْ فِيهِ أَنه أخبر انحاله مَعَهَا مِثْلُ حَالِ أُمِّ زَرْعٍ نَعَمْ مَا اسْتَنْبَطَهُ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْخَبَرَ إِذَا سِيقَ وَظَهَرَ مِنَ الشَّارِعِ تَقْرِيرُهُ مَعَ الِاسْتِحْسَانِ لَهُ جَازَ التَّأَسِّي بِهِ وَنَحْوٌ مِمَّا قَالَهُ الْمُهَلَّبُ قَوْلٌ آخَرُ إِنَّ فِيهِ قَبُولَ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ أُمَّ زَرْعٍ أَخْبَرَتْ بِحَالِ أَبِي زَرْعٍ فَامْتَثَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعَقَّبَهُ عِيَاضٌ أَيْضًا فَأَجَادَ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقَبُولُ بِطَرِيقِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ بِأَبِي وَأُمِّي وَمَعْنَاهُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ مَدْحُ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ إِذَا عَلِمَ أَن ذَلِك لَا يُفْسِدهُ وفه جَوَازُ الْقَوْلِ لِلْمُتَزَوِّجِ بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ إِنْ ثَبَتَتِ اللَّفْظَةُ الزَّائِدَةُ أَخِيرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ قَبْلُ بِأَبْوَابٍ وَفِيهِ أَنَّ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ إِذَا تَحَدَّثْنَ أَنْ لَا يَكُونَ حَدِيثُهُنَّ غَالِبًا إِلَّا فِي الرِّجَالِ وَهَذَا بِخِلَافِ الرِّجَالِ فَإِنَّ غَالِبَ حَدِيثِهِمْ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ الْمَعَاشِ وَفِيهِ جَوَازُ الْكَلَامِ بِالْأَلْفَاظِ الْغَرِيبَةِ وَاسْتِعْمَالِ السَّجْعِ فِي الْكَلَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا قَالَ عِيَاضٌ مَا مُلَخَّصُهُ فِي كَلَامِ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ مِنْ فَصَاحَةِ الْأَلْفَاظِ وَبَلَاغَةِ الْعِبَارَةِ وَالْبَدِيعِ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا كَلَامَ أُمِّ زَرْعٍ فَإِنَّهُ مَعَ كَثْرَةِ فُصُولِهِ وَقِلَّةِ فُضُولِهِ مُخْتَار الْكَلِمَات وَاضح السمات نير النسمات قد قُدِّرَتْ أَلْفَاظُهُ قَدْرَ مَعَانِيهِ وَقُرِّرَتْ قَوَاعِدُهُ وَشُيِّدَتْ مَبَانِيهِ وَفِي كَلَامِهِنَّ وَلَا سِيَّمَا الْأُولَى وَالْعَاشِرَةَ أَيْضًا مِنْ فُنُونِ التَّشْبِيهِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَالْكِنَايَةِ وَالْإِشَارَةِ وَالْمُوَازَنَةِ وَالتَّرْصِيعِ وَالْمُنَاسَبَةِ وَالتَّوْسِيعِ وَالْمُبَالَغَةِ وَالتَّسْجِيعِ وَالتَّوْلِيدِ وَضَرْبِ الْمَثَلِ وَأَنْوَاعِ الْمُجَانَسَةِ وَإِلْزَامِ مَا لَا يَلْزَمُ وَالْإِيغَالِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمُطَابَقَةِ وَالِاحْتِرَاسِ وَحُسْنِ التَّفْسِيرِ وَالتَّرْدِيدِ وَغَرَابَةِ التَّقْسِيمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَشْيَاءُ ظَاهِرَةٌ لَمِنْ تَأَمَّلَهَا وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى بَعْضِهَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَكَمَّلَ ذَلِكَ أَنَّ غَالِبَ ذَلِكَ أُفْرِغَ فِي قَالَبِ الِانْسِجَامِ وَأَتَى بِهِ الْخَاطِرُ بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ وَجَاءَ لَفْظُهُ تَابِعًا لِمَعْنَاهُ مُنْقَادًا لَهُ غَيْرَ مُسْتَكْرَهٍ وَلَا مُنَافِرٍ وَاللَّهُ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ بِمَا شَاءَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ

    باب حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ(باب حسن المعاشرة مع الأهل).
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4912 ... ورقمه عند البغا: 5189 ]
    - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا. قَالَتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٌّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ، لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى، وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ. قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ. قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ. قَالَتِ الرَّابِعَةُ. زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لاَ حَرٌّ وَلاَ قُرٌّ وَلاَ مَخَافَةَ وَلاَ سَآمَةَ. قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ. قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلاَ يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ. قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ، أَوْ عَيَايَاءُ، طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاًّ لَكِ. قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الْمَسُّ، مَسُّ أَرْنَبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ. قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ، قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلاَتُ الْمَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ، أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ، قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ، وَدَائِسٍ، وَمُنَقٍّ فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ابْنُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، مَضْجِعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ. بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلاَ تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وَقَالَ كُلِي أُمَّ زَرْعٍ. وَمِيرِي أَهْلَكِ قَالَتْ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ: وَلاَ تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَعْضُهُمْ فَأَتَقَمَّحُ بِالْمِيمِ وَهَذَا أَصَحُّ.وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (سليمان بن عبد الرحمن) المعروف بابن بنت شرحبيل أبو أيوب الدمشقي (وعلي بن حجر) بضم الحاء المهملة وسكون الجيم بعدها راء ابن إياس أبو الحسن السعدي المروزي (قال: أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي قال: (حدّثنا هشام بن عروة عن) أخيه (عبد الله بن عروة عن) أبيه (عروة) بن الزبير بن العوّام (عن
    عائشة)
    -رضي الله عنها- (قالت) مما هو موقوف وليس بمرفوع. نعم قوله: كنت لك كأبي زرع مرفوع، وقد رواه النسائي في عِشرَة النساء عن أبي عقبة خالد بن عقبة بن خالد السكونيّ عن أبيه عن هشام به موقوفًا وآخره مرفوع، وعن عبد الرحمن بن محمد بن سلم عن أبي عصمة ريحان بن سعيد بن المثنى عن عباد بن منصور عن هشام به جميعه مسند مرفوع، ورواه الطبراني في الكبير من رواية الدراوردي وعباد بن منصور كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا، وإنما المرفوع كنت لك كأبي زرع لأُم زرع والمحفوظ فيه رواية سعيد بن سلمة بن أبي الحسام وعيسى بن يونس كلاهما عن هشام بن عروة عن أخيه عبد الله بن عروة عن أبيهما عن عائشة، ورواه الطبراني من حديث الدراوردي وعباد كما أشرنا إليه سابقًا بدون واسطة أخيه عن هشام بن جميعه مسند مرفوع ولفظه، قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كنت لك كأبي زرع لأم زرع". قالت عائشة: بأبي وأمي يا رسول الله ومن كان أبو زرع؟ قال: "اجتمع" فَسَاق الحديث كله، لكن قال ابن عساكر: الصواب حديث هشام عن أخيه عبد الله بن عروة بعضه مسند وأكثره موقوف انتهى.وكذا روي مرفوعًا من رواية عبد الله بن مصعب والدراوردي عند الزبير بن بكار، وأخرجه مسلم في الفضائل عن علي بن حجر وأحمد بن جناب بفتح الجيم والنون كلاهما عن عيسى بن يونس عن هشام بن عروة عن أخيه عبد الله عن عروة عن عائشة قالت: (جلس) جماعة (إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن) أي ألزمن أنفسهن عهدًا وعقدن على الصدق من ضمائرهن عقدًا (أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا).وعند الزبير بن بكار عن عائشة دخل عليّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعندي بعض نسائه فقال يخصني بذلك: "يا عائشة أنا لك كأبي زرع لأُم زرع" قلت: يا رسول الله ما حديث أبي زرع وأم زرع؟ قال: "إن قرية من قرى اليمن كان بها بطن من بطون اليمن وكان منهم إحدى عشرة امرأة وإنهن خرجن إلى مجلس فقلن تعالين فلنذكر بعولتنا بما فيهم ولا نكذب" ففيه ذكر قبيلتهن وبلادهن، لكن في رواية الهيثم إنهنّ كنّ بمكة.وعند ابن حزم إنهن من خثعم، وعند النسائي من طريق عمر بن عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة قالت: فخرت بمال أبي في الجاهلية وكان ألف ألف أوقية فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اسكتي يا عائشة فإني كنت لك كأبي زرع لأم زرع".وعند أبي القاسم عبد الحكيم بن حيان بسند له مرسل من طريق سعيد بن عفير عن القاسم بن الحسن عن عمرو بن الحارث عن الأسود بن جبير المعافري قال: دخل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-على عائشة وفاطمة وقد جرى بينهما كلام فقال "ما أنت بمنتهية يا حميراء عن ابنتي إن مثلي ومثلك كأبي زرع مع أم زرع". فقالت: يا رسول الله حدّثنا عنهما فقال: "كانت قرية فيها إحدى عشرة امرأة وكان الرجال خلوفًا فقلن تعالين نذكر أزواجنا بما فيهم ولا نكذب".(قالت) المرأة (الأولى) ولم تسم تذم زوجها (زوجي لحم جمل غث) بفتح العين المعجمة وتشديد المثلثة والرفع صفة للحم والجرّ صفة لجمل وكلاهما في الفرع. قال البدر الدماميني: لا إشكال في جوازهما لكن لا أدري ما المرويّ منهما ولا هل ثبتا معًا في الرواية فينبغي تحريره انتهى. قلت: قال ابن الجوزي: المشهور في الرواية الخفض، وقال لنا ابن ناصر: الجيد الرفع، ونقله عن التبريزي وغيره والمعنى زوجي شديد الهزال (على رأس جبل) زاد الترمذي في الشمائل وعر أي كثير الصخر شديد الغلظة يصعب الرقيّ إليه وعند الزبير بن بكار على رأس جبل وعث بفتح الواو وسكون المهملة بعدها مثلثة صعب المرتقى بحيث توحل فيه الأقدام فلا تخلص منه ويشق فيه المشي (لا سهل فيرتقى) بضم التحتية وفتح القاف مبنيًا للمفعول أي فيصعد إليه لصعوبة المسلك إليه ولا سهل بالخفض منوّنًا في الفرع كأصله صفة
    الجبل، ويجوز الفتح بلا تنوين على إعمال لا مع حذف الخير أي لا سهل فيه والرفع مع التنوين خبر مبتدأ مضمر أي لا هو. قال البدر الدماميني: ويلزم عليه إلغاء لا مع عدم التكرير في توجيه الرفع ودخول لا على الصفة المفردة مع انتفاء التكرير في توجيه الجر وكلاهما باطل انتهى. وعند الطبراني لا سهل فيرتقى إليه (ولا سمين) بالجر والرفع منوّنًا والفتح بلا تنوين كما مرّ في لا سهل، ويجوز أن يكون رفع سمين على أنه صفة للحم وجره صفة للجمل (فينتقل) أي لا ينقله أحد لهزاله. وعند أبي عبيد فينتقى وهو وصف للحم أي ليس له نقي يستخرج والنقي بكسر النون المخ يقال نقوت العظم ونقيته إذا استخرجت مخه.قال القاضي عياض: انظر إلى كلامها فإنه مع صدق تشبيهه قد جمع من حسن الكلام أنواعًا، وكشف عن محيا البلاغة قناعًا، وقرن بين جزالة الألفاظ، وحلاوة البديع، وضم تفاريق المناسبة والمقابلة والمطابقة والمجانسة والترتيب والترصيع، فأما صدق تشبيهها فقد أودعت أول كلامها تشبيه شيئين من زوجها بشيئين فشبهت باللحم الغث بخله وقلة عرفه، وبالجبل الوعث شراسة خلقه وشموخ أنفه، فلما تممت كلامها جعلت تفسر شابقة كل واحدة من الجملتين وتفصل ناعتة كل قسم من المشبهين ففصلت الكلام وقسمته، وأبانت الوجه الذي علقت التشبيه به وشرحته، فقالت: لا الجبل سهل فلا يشق ارتقاؤه لأخذ اللحم ولو كان هزيلًا لأن الشيء المزهود فيه قد يؤخذ إذا وجد بغير نصب، ولا اللحم سمين فيحتمل في طلبه واقتنائه مشقة صعود الجبل ومعاناة وعورته فإذا لم يكن هذا ولا ذاك واجتمع قلة الحرص عليه ومشقة الوصول إليه، لم تطمح إليه همة طالب ولا امتدت نحوه أمنية راغب، فقطع الكلام عند تمام التشبيه والتمثيل، وابتداؤه بحكم التفسير والتفصيل أليق بنظم الكلام وأحسن من نفي التبرئة وردّ الصفة في نمط البيان وأجلى في ردّ الأعجاز على صدور هذه الأقسام، والتشبيه أحد أبواب البلاغة وأبدع أفانين هذهالصناعة وهو موضع للجلاء والكشف والمبالغة في البيان والعبارة عن الخفي بالجلي، والمتوهم بالمحسوس والحقير بالخطير والشيء بما هو أعظم منه وأحسن أو أخس وأدون وعن القليل الوجود بالمألوف المعهود، وكل هذا تأكيد في البيان والمبالغة في الإيضاح، فانظر إلى قول امرأة: زوجي بخيل لا يوصل إليّ شيء مما عنده، وإلى كلام هذه المرأة فقد شبهت بخل زوجها وأنه لا يوصل إلى ما عنده مع شراسة خلقه وكبر نفسه بلحم الجمل الغث على رأس الجبل الوعث، فشبهت وعورة خلقه بوعورة الجبل وبعد خيره ببعد اللحم على رأسه والزهد فيما يرجى منه لقلته وتعذره بالزهد في لحم لجمل الغث فأعطت التشبيه حقه ووفته قسطه، وهذا من تشبيه الجلي بالخفي والمتوهم بالمحسوس والحقير بالخطير، ثم انظر أيضًا حسن نظم كلامها ونضارته وأخذه حقه من المؤالفة والمناسبة في الألفاظ التي هي رأس الفصاحة وزمام البلاغة فإنها وازنت ألفاظها وماثلت كلماتها وقدّرت فقرها وحسنت أسجاعها فوازنت في الفقرة الأولى لحم برأس في الثانية وجمل بجبل وغث بوعث وقحر بوعر فأفرغت كل فقرة في قالب أختها ونسجتها على منوال صاحبتها، ثم في كلامها أيضًا نوع آخر من البديع وهو الموازنة ويسمى الترصيع والتسميط والتصفير والتسجيع وهو أن تتضمن الفقر أو بيت الشعر مقاطع أخر بقوافٍ متماثلة غير فقر السجع وقوافي الشعر اللازمة فيتوشح بها القول وينفصل بها نظم اللفظ، كما أتت هذه المرأة بجمل في وسط الفقرة الأولى وجبل في وسط الفقرة الأخرى، ففصلت بذلك الكلام على جزء من المقابلة أثناء السجعتين اللتين هما غث ووعث لكل فقرة سجعتان متقابلتان متماثلتان، ثم في كلامها أيضًا نوع من البديع يسمى المطابقة وهو مقابلة الشيء بضده فقابلت الوعر بالسهل والغث بالسمين في الفقرتين الأخيرتين وهو مما يحسن الكلام ويروق بمناسبته، وفي طيه أيضًا نوع من
    المجانسة وهو تجانس جمل بجبل وهو وإن لم يجانسه في كل حروفه فقد جانسه في أكثرها، ثم في كلامها أيضًا نوع من البديع وهو حسن التفسير وغرابة التقسيم وإبداع حمل اللفظ على المعنى والمعنى على المعنى في المقابلة والترتيب وذلك في قولها: لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى، فإنها فسرت ما ذكرت، وبينت حقيقة ما شبهت، وقسمت كل قسم على حياله، وفصلت كل فصل من مثاله، وجاءت للفقرتين الأولين بفقرتين مفسرتين، وقابلت لا سهل فيرتقى بقولها: ولا سمين فينتقى، وهذا يسمى المقابلة عند أهل النقد. ووقع في رواية النسائي بتقديم لا سمين لعوده على اللحم المقدم وتأخير سهل لعطفه على الجبل المؤخر فيكون أوّل تفسير لأوّل مفسر وهو قولها كلحم جمل والثاني للثاني فحملت اللفظ على اللفظ، ثم ردت المقدم على المقدم والمؤخر على المؤخر فتقابلت معاني كلماتها وترتبت ألفاظها. ثم في كلامها أيضًا نوع من البديع وهو التزام ما لا يلزم في سجعها وهو قولها فيرتقى وينتقى فالتزمت القاف والتاء في كل سجع قبل القافية وقافية سجعها الياء المقصورة، وهذا نوع زيادة في تحسين الكلام وتماثله وإغراق في جودة تشابهه وتناسبه، ثم فيه أيضًا نوع من البديع يسمى الإيغال وهو أن يتم كلام الشاعر قبل البيت أو الناثر قبل السجع إن كان كلامه مسجعًا وقبل الفصل والقطع إن لم يكن كذلك فيأتي بكلمة لتمام قافية البيت أو السجعأو مقابلة الفصل والقطع تفيد معنى زائدًا فإنها لو اقتصرف على تشبيه زوجها بلحم جمل على رأس جبل لاكتفت ببعد مناله ومشقة الوصول إليه والزهد فيه وهو غرضها لكنها زادت بسجعها غث ووعر معنيين بينين وبالغت في القول فأفادت بزيادتها التناهي في غاية الوصف انتهى كلام القاضي وإنما أطلنا به لما فيه من فرائد الفوائد.وأما قوله في التنقيح تريد أنه مع قلة خيره متكبر على عشيرته فيجمع إلى منع الرفد سوء الخلق فتعقبه في المصابيح بأنه لا دلالة في لفظها على أنه متكبر على العشيرة مترفع على قومه انتهى.ولعل هذا أخذه الزركشي من قول الخطابي إن تشبيهها له بالجبل الوعر إشارة إلى سوء خلقه وأنه يترفع ويتكبر ويسمو بنفسه أي جمع إلى قلة الخير التكبر.(قالت) المرأة (الثانية) واسمها عمرة بنت عمرو التميمي تذم زوجها (زوجي لا أبث) بالموحدة المضمومة أي لا أظهر ولا أشيع (خبره) لطوله وفي رواية ذكرها القاضي عياض لا أنث بالنون بدل الموحدة أي لا أظهر حديثه الذي لا خير فيه لأن النث بالنون أكثر ما يستعمل في الشر، وعند الطبراني لا أنم بالنون والميم من النميمة (إني أخاف أن لا أذره) بالذال المعجمة والضمير يعود على قولها خبره عند ابن السكيت أي أخاف أن لا أترك من خبره شيئًا لأنه لطوله وكثرته لم أستطع استيفاءه فاكتفت بالإشارة خشية أن تطول العبارة، وقيل يعود الضمير إلى زوجها وكأنها خشيت إذا ذكرت ما فيه أن يبلغه فيفارقها ولا زائدة أو أنها إن فارقته لا تقدر على تركه لعلاقتها به وأولادها منه فاكتفت بالإشارة إلى أن له معايب وفاء بما التزمته من الصدق وسكتت عن تفسيرها للمعنى الذي اعتذرت به (إن أذكره أذكر) بالجزم جواب إن (عجره وبجره) بضم العين والموحدة وفتح الجيم. قال في القاموس: وذكر عجره وبجره أي عيوبه وأمره كله، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام ثم ابن السكيت استعملا فيما يكتمه المرء ويخفيه عن غيره. وقال الخطابي: أرادت عيوبه الظاهرة وأسراره الكامنة. قال: ولعله كان مستور الظاهر رديء الباطن، وقال علي بن أبي طالب أشكو إلى الله عجري وبجري أي همومي وأحزاني وأصل العجرة الشيء يجتمع في الجسد كالسلعة والبجرة نحوها وقيل العجر في الظهر والبجر في البطن.(قالت) المرأة (الثالثة) وهي حبى بضم الحاء المهملة وتشديد الموحدة مقصورًا بنت كعب اليماني تذم زوجها (زوجي العشنق) بفتح العين المهملة والشين المعجمة والنون المشددة بعدها قاف الطويل المذموم السيء الخلق وقيل: ذمته بالطول لأن الطول في
    الغالب دليل السفه لبُعد الدماغ عن القلب (إن أنطق) بكسر الطاء أي إن أذكر عيوبه فيبلغه (أطلق) بضم الهمزة وفتح الطاء واللام المشددة مجزوم جواب الشرط (وإن أسكت) عنها (أعلق) بوزن أطلق السابقة أي يتركني معلقة لا أيمًا فأتفرغ لغيره ولا ذات بعمل فأنتفع به. وقال في الفتح: الذي يظهر لي أنها أرادت وصف سوى حالها عنده فأشارت إلى سوء خلقه وعدم احتماله لكلامها إن شكت له حالها وأنها تعلمأنها متى ذكرت له شيئًا من ذلك بادر إلى طلاقها وهي لا تحب تطليقه لها لمحبتها فيه ثم عبرت عن الجملة الثانية إشارة إلى أنها إن سكتت صابرة على تلك الحال كانت عنده كالمعلقة. وقال القاضي عياض: أوضحت بقولها على حد السنان المذلق مرادها بقولها قبل إن أسكت أعلق وإن أنطق أطلق أي أنها إن حادت عن السنان سقطت فهلكت وإن استمرت عليه أهلكها.(قالت) المرأة (الرابعة) واسمها مهدد بفتح بالميم وسكون الهاء وفتح الدال المهملة الأولى بنت أبي هرومة بالراء المضمومة وبعد الواو ميم تمدح زوجها (زوجي كليل تهامة) بكسر التاء الفوقية اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز وهو من التهم بفتح الفوقية والهاء وهو ركود الريح وقال: في القاموس وتهامة بالكسر مكة شرّفها الله تعالى تريد أنه ليس فيه أذى بل راحة ولذاذة عيش كليل تهامة لذيذ معتدل (لا حر) مفرط (ولا قرّ) بضم القاف ولا برد وهو لفظ رواية النسائي والاسمان رفع مع التنوين كما في الفرع. وفي رواية الهيثم بن عدي عند الدارقطني ولا وخامة بواو وخاء معجمة مفتوحتين وبعد الألف ميم يقال مرعى وخيم إذا كانت الماشية لا تنجع عليه (ولا مخافة ولا سآمة) أي لا ملالة لي ولا له من المصاحبة والكلمتان مبنيتان على الفتح في الفرع ويجوز الرفع كقراءة أبي عمرو وابن كثير: فلا رفث ولا فسوق بالرفع والتنوين فيهما على أن لا ملغاة وما بعدها رفع بالابتداء وسوّغ الابتداء بالنكرة سبق النفي عليها وبناء الثالث والرابع على أن لا للتبرئة، والمعنى لا أخاف له غائلة لكرم أخلاقه ولا يسأمني ولا يستثقل بي فيملّ صحبتي وليس بسيئ الخلق فأسأم من عِشرته فأنا لذيذة العيش عنده كلذة أهل تهامة بليلهم المعتدل. وقال ابن الأنباري: أرادت بقولها ولا مخافة أن أهل تهامة لا يخافون لتحصنهم بجبالها أو أرادت وصف زوجها بأنه حامي الذمار مانع لداره وجاره ولا مخافة عند من يأوي إليه ثم وصفته بالجود، وقال غيره: قد ضربوا المثل بليل تهامة في الطيب لأنها بلاد حارة في غالب الزمان وليس فيها رياح باردة فإذا كان الليل كان وهج الحر ساكنًا فيطيب الليل لأهلها بالنسبة لما كانوا فيه من أذى حرّ النهار.(قالت) المرأة (الخامسة) واسمها كبشة بالموحدة الساكنة والمعجمة تمدح زوجها (زوجي إن دخل) البيت (فهد) بفتح الفاء وكسر الهاء فعل فِعْل الفهد يقال: فهد الرجل إذا أشبه الفهد في كثرة نومه تريد أنه ينام ويغفل عن معايب البيت الذي يلزمني إصلاحه، وقيل تريد وثب عليّ وثوب الفهد كأنها تريد أنه يبادر إلى جماعها من حبه لها بحيث إنه لا يصبر عنها إذا رآها. قال الكمال الدميري قالوا: أنوم من فهد وأوثب من فهد قال: ومن خلقه الغضب وذلك أنه إذا وثب على فريسة لا يتنفس حتى ينالها. وقال القاضي عياض: حمله الأكثر على الاشتقاق من خلق الفهد إما من جهة قوّة وثوبه وإما من كثرة نومه. قال: ويحتمل أن يكون من جهة كثرة كسبه لأنهم قالوا: أكسب من فهد وأصله أن الفهود الهرمة تجتمع على فهد منها فتيّ فيتصيد عليها كل يوم حتى يشبعها فكأنها قالت: إذا دخل المنزل دخل معه بالكسب لأهله كما يجيء الفهد لمن يلوذ به من الفهود الهرمة ثم لما كان في وصفها له بالفهد ما قد يحتمل الذم من جهة كثرة النوم رفعتاللبس بوصفها له بخلق الأسد فأوضحت أن الأول سجية كرم ونزاهة شمائل ومسامحة في العشرة لا سجية جبن وخور في الطبع فقالت: (وإن خرج) من البيت (أسد) بكسر السين المهملة فعل
    ماض تريد يفعل فعل الأسد في شجاعته وفيه كما قال القاضي عياض: المطابقة بين دخل وخرج لفظية وبين فهد وأسد معنوية وتسمى أيضًا المقابلة وفيهما أيضًا الاستعارة فإنها استعارت له في الحالتين خلق هذين الحيوانين فجاء في غاية من الإيجاز والاختصار ونهاية من البلاغة والبيان أي إذا دخل تغافل وتناوم، وإذا خرج صال فلما استعارت له خلق هذين السبعين في الحالين اللازمتين له المختصتين أعربت بذلك عن تخلقه بهما والتزامه لوصفيهما وعبرت عن جميع ذلك بكلمة وكلمة كل واحدة من ثلاثة أحرف حسنة التركيب مع جمالها في اللفظ ومناسبتهما في الوزن وسهولتهما في النطق (ولا يسأل عما عهد) بفتح العين وكسر الهاء أي عما له عهد في البيت من ماله إذا فقده لتمام كرمه وزاد الزبير بن بكار في آخره ولا يرفع اليوم لغد أي لا يدخر ما حصل عنده اليوم من أجل غد فكنّت بذلك عن غاية جوده، ويحتمل أن يكون المراد من قولها فهد على تفسيره بالوثوب عليها للجماع الذم من جهة أنه غليظ الطبع ليست عنده مداعبة قبل المواقعة بل يثب وثوب الوحش أو أنه كان سيئ الخلق يبطش بها ويضربها، وإذا خرج على الناس كان أمره أشدّ في الجرأة والإقدام والمهابة كالأسد ولا يسأل عما تغير من حالها حتى لو عرف أنها مريضة أو معوزة وغاب، ثم جاء لا يسأل عن ذلك ولا يتفقد حال أهله ولا بيته بل إن ذكرت له شيئًا من ذلك وثب عليها بالبطش والضرب.(قالت) المرأة (السادسة) واسمها هند تذم زوجها (زوجي إن أكل لف) باللام المفتوحة والفاء المشددة فعل ماضٍ أي أكثر الأكل من الطعام مع التخليط من صنوفه حتى لا يبقي منه شيئًا من نهمته وشرهه، وعند النسائي من رواية عمر بن عبد الله إذا أكل اقتف بالقاف أي جمع واستوعب، وحكى القاضي عياض: أنه روي رف بالراء بدل اللام قال وهي بمعنى لف (وإن شرب اشتف) بالشين المعجمة أي استقصى ما في الإناء، وقيل رويت استف بالسين المهملة وهي بمعناها (وإن اضطجع) نام (التف) في ثيابه وحده في ناحية من البيت وانقبض عنها فهي كئيبة لذلك كما قالت: (ولا يولج الكف) أي لا يدخل كفه داخل ثوبي (ليعلم البث) أي الحزن الذي عندي لعدم الحظوة منه فجمعت في ذمها له بين اللؤم والبخل وسوء العشرة مع أهله وقلة رغبته في النكاح مع كثرة شهوته في الطعام والشراب، وهذا غاية الذم عند العرب فإنها تذم بكثرة الطعام والشرب وتتمدح بقلتهما وكثرة الجماع لدلالة ذلك على صحة الذكورية والفحولية، وقول أبي عبيد في قولها ولا يولج الكف إنه كان في جسدها عيب فكان لا يدخل يده في ثوبها ليلمس ذلك العيب لئلا يشق عليها فمدحته بذلك. تعقبه ابن قتيبة بأنها قد ذمته في صدر الكلام فكيف تمدحه في آخره؟ وأجاب ابن الأنباري بأنه لا مانع أن تجمع المرأة بين مثالب زوجها ومناقبه لأنهن كن تعاهدن أن لا يكتمن من صفاتهم شيئًا، فمنهن من وصفت زوجها بالخير في جميع أموره، ومنهن من ذمته في جميع أموره، ومنهن من جمعت. وفي كلام هذه من البديع المناسبة والمقابلة في قولها: إن أكل وإنشرب والالتزام فإنها التزمت التاء قبل القافية وقافية سجعها الفاء وفيه الترصيع وهو حسن التقسيم والتتبع والإرداف وهو من باب الكنايات والإشارات وهو التعبير بالشيء بأحد توابعه، وكلٍّ من الكنايات الحسية لأنها عبرت بقولها التف واكتفت به عن الإعراض عنها وقلة الاشتغال بها.(قالت) المرأة (السابعة) واسمها حبى بنت علقمة تذمّ زوجها: (زوجي غياياء) بالغين المعجمة والتحتيتين المفتوحتين بينهما ألف مهموز ممدود مخفف مأخوذ من الغيّ بفتح المعجمة الذي هو الخيبة قال تعالى: {{فسوف يلقون غيًّا}} [مريم: 59] أو من الغياية بتحتيتين بينهما ألف وهو كل شيء أظل الشخص فوق رأسه فكأنه مغطى عليه من جهله فلا يهتدي إلى مسالك أو أنه كالظل المتكاثف الظلمة الذي لا إشراق فيه (أو) قالت: (عياياء)
    بالمهملة الذي لا يضرب ولا يلقح من الإبل أو هو من العي بكسر العين المهملة أي الذي يعييه مباضعة النساء، والشك من عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الراوي. وقال الكرماني: هو تنويع من الزوجة القائلة كما صرح به أبو يعلى في روايته عن أحمد بن جناب عنه، وللنسائي من رواية عمر بن عبد الله عياياء بمعجمة من غير شك (طباقاء) بطاء مهملة فموحدة مفتوحتين فألف فقاف ممدود هو الأحمق أو الذي لا يحسن الضراب أو الذي تنطبق عليه أموره أو الثقيل الصدر عند الجماع يطبق صدره على صدر المرأة عند الجماع فيرتفع أسفله عنها فلا تستمتع به، وقد ذمت امرأة امرئ القيس فقالت له: ثقيل الصدر خفيف العجز سريع الإراقة بطيء الإفاقة (كل) ما تفرق في الناس من (داء) ومعايب (له داء) أي موجود فيه قال القاضي عياض: في هذا من لطيف الوحي والإشارة الغاية لأنه انطوى تحت هذه اللفظة كلام كثير (شجك) بشين معجمة وجيم مشدّدة مفتوحتين وكاف مكسورة أي أصابك بشجة في رأسك (أو قلك) بفاء ولام مشددة مفتوحتين وكاف مكسورة أي أصابك بجرح في جسدك أو كسرك أو ذهب بمالك أو قسرك بخصومته، وزاد ابن السكيت في رواية أو بجك بموحدة وجيم مشددة مفتوحتين وكاف مكسورة أي طعنك في جراحتك فشقها والبج شق القرحة (أو جمع كلاًّ) من الشج والفل (لك) وفي رواية الزبير إن حدّثته سبك وإن مازحته فلك وإلاّ جمع كلالك فوصفته كما قال القاضي عياض: بالحمق والتناهي في سوء العشرة وجمع النقائص بأن يعجز عن قضاء وطرها مع الأذى فإذا حدّثته سبها وإذا مازحته شجها وإذا أغضبته كسر عضوًا من أعضائها أو شق جلدها أو جمع كل ذلك من الضرب والجرح وكسر العضو وموجع الكلام، وفي هذا القول من البديع المطابقة والالتزام في قولها شجك فلك بجك جمع كلالك والتقسيم وبديع الوحي والإشارة بقولها كل داء له داء وهو من لطيف الوحي والإشارة وهي جملة أنبأت بوجازة ألفاظها وأعربت بلطائف إشاراتها عن معانٍ كثيرة.(قالت) المرأة (الثامنة) وهي ياسر بنت أوس بن عبد تمدح زوجها: (زوجي المس) منه (مس أرنب) وصفته بأنه ناعم الجلد كنعومة وبر الأرنب أو كنّت بذلك عن حسن خلقه ولين جانبه (والريح) منه (ريح زرنب) أي طيب العرق لنظافته واستعماله الطيب، والزرنب بزاي مفتوحة فراء ساكنة فنون مفتوحة فموحدة. قال في القاموس: طيب أو شجر طيب الرائحة والزعفران، ويحتملأن تكون كنّت بذلك عن طيب الثناء عليه لجميل معاشرته، وقال القاضي عياض: هذا من التشبيه بغير أداة وفيه حسن المناسبة والمقابلة بقولها المسّ مسّ أرنب والالتزام في قولها أرنب وزرنب فإنها التزمت الراء والنون، وزاد الزبير بن بكار والنسائي من رواية عقبة وأنا أغلبه والناس يغلب فوصفته مع جميل العِشرة لها والصبر عليها بالشجاعة، وهذا كما حكاه صاحب تحفة النفوس أن صعصعة بن صوحان قال يومًا لمعاوية كيف ننسبك إلى العقل وقد غلبك نصف إنسان يريد امرأته فاختة بنت قرطة. فقال: إنهن يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام، وقال عياض: وقولها والناس يغلب فيه نوع من البديع يسمى التتميم لأنها لو اقتصرف على قولها وأنا أغلبه لظن أنه جبان ضعيف فلما قالت: والناس يغلب دل على أن غلبها إياه إنما هو من كرم سجاياه فتممت بهذه الكلمة للمبالغة في حسن أوصافه.(قالت) المرأة (التاسعة) ولم تسم تمدح زوجها: (زوجي رفيع العماد) بكسر العين المهملة وهو العمود الذي يدعم به البيت تعني أن البيت الذي يسكنه رفيع العماد ليراه الضيفان وأصحاب الحوائج فيقصدونه كما كانت بيوت الأجواد، يعلونها ويضربونها في المواضع المرتفعة ليقصدهم الطارقون والطالبون أو هو مجاز عن زيادة شرفه وعلو ذكره (طويل النجاد) بكسر النون بعدها جيم فألف فدال مهملة. قال في
    القاموس: ككتاب حمائل السيف أي طويل القامة وفي ضمن كلامها إنه صاحب سيف فأشارت إلى شجاعته (عظيم الرماد) لأن ناره لا تطفأ لتهتدي الضيفان إليها فيصير رمادها كثيرًا لذلك أو كنّت به عن كونه مضيافًا لأن كثرة الرماد مستلزمة لكثرة الطبخ المستلزمة لكثرة الأضياف، وهذه الكناية عندهم من الكنايات البعيدة لأن الانتقال فيها من الكناية إلى المطلوب بها بواسطة فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدور ومن كثرة الإحراق إلى كثرة الطبائخ، ومنها إلى كثرة الآكلين، ومنها إلى كثرة الضيفان.(وها هنا فائدة جليلة في الفرق بين الكناية والمجاز).قال الشيخ تقي الدين السبكي، ومن خطة نقلت من الفروق المشهورة بينهما أن الحقيقة لا يصح إرادتها مع المجاز وتصح إرادتها مع الكناية، وأقول هذا صحيح ولا يحصل به شفاء لأن الكناية إن أريد بها معناها كانت حقيقة وإن أريد بها المكنّى عنه كانت مجازًا، وأيضًا فإن هذا إنما يجيء عند من لا يجوّز الجمع بين الحقيقة والمجاز أما من يجوّزه فلا يمنع إرادة الحقيقة مع إرادة المجاز والجواب أن الكناية مثل قولنا: كثير الرماد وله ثلاثة أحوال.أحدها: أن يراد حقيقته فقط من غير أن يقصد معنى الكرم فهذا حقيقة لا كناية ولا مجاز بأن يريد الإخبار عن رجل عنده رماد كثير حاصل عنده وإن كان بخيلًا.الثاني: أن يقصد بقوله كثير الرماد استعماله في معنى كريم ونقله إليه على وجه الاستعارة لما بينهما من العلاقة، وهذا مجاز لأنه استعمال اللفظ في غير موضوعه.الثالث: أن يقصد استعماله في معناه الحقيقي ليفيد معنى الكرم للزومه له غالبًا وهذا هو الكناية، فالمعنى الحقيقي مراد والمعنى المجازي مراد بالدلالة عليه بالمعنى الحقيقي، فعلى هذا ينبغي حمل قولهم إنه تجتمع الكناية مع الحقيقة بخلاف المجاز ولا فرق بين أن يقول: يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز أو لا، لأن معنى الجمع بين الحقيقة والمجاز أن يريدهما بكلمة واحدة يستعملها فيهما والكناية لم يستعملها فيهما وإنما استعملها في أحدهما للدلالة على الآخر والتعريض قريب من الكناية يشتركان في إرادة الحقيقة وفي قصد إفادة معنى آخر ويفترقان في أن المفاد بالكناية على جهة اللزوم غالبًا والدلالة عليه قوية وفي التعريض بخلافه والله أعلم انتهى.(قريب البيت من الناد) من مجلس القوم فإذا اشتوروا على أمر اعتمدوا على رأيه وامتثلوا أمره لشرفه في قومه أو وصفته بقرب البيت لطالب القرى، وبالجملة فقد وصفته بالسيادة والكرم وحسن الخلق وطيب المعاشرة، والنادي بالياء على الأصل لكن المشهور في الرواية حذفها وبه يتم السجع، وفي قولها من البديع المناسبة والاستعارة والإرداف والتتبع وحسن التسجيع فناسبت ألفاظها وقابلت كلماتها بقولها رفيع العماد طويل النجاد فكل لفظة على وزن صاحبتها، وفيه الإرداف والتتبع في طويل النجاد فإن طول النجاد من توابع الطول ولوازمه وعظيم الرماد من توابع الكرم وروادفه وكذلك قريب البيت من الناد من التتبع البديع أيضًا إذ العادة أنه لا ينزل قرب النادي إلا المنتصب للضيفان فكان ردفًا لكرمه وجوده. وقولها طويل النجاد أبلغ وأكمل من قولها طويل، فلما عبرت عنه بما هو من توابعه بقولها طويل النجاد أبلغت في طوله وكأنها أظهرت طوله للسامع صورة ليراها مع ما في هذه الصيغة من طلاوة اللفظ مع الإيجاز إذ لو أرادت تحقيق طوله المحمود لطال كلامها وتحت هذه الألفاظ الوجيزة جمل كثيرة أعربت هذه الكنايات اللطيفة عنها، وأين هي في البلاغة من قولها لو قالت زوجي كريم كثير الضيفان أو كرم الناس فإن واحدًا من هذه الأوصاف على كثرة ألفاظها ومبالغة أوصافها لا ينتهي منتهى واحد من قولها عظيم الرماد. قال القاضي عياض: إذا لمحت كلام هذه وتأملته ألفيتها لأفانين البلاغة جامعة وبعلم البيان وبعض الإيجاز والقصد قارعة انتهى.
    (قالت) المرأة (العاشرة) واسمها كبشة كاسم الخامسة بنت الأرقم بالراء والقاف تمدح زوجها: (زوجي مالك وما مالك): استفهامية للتعجب والتعظيم أي أيّ شيء هو مالك ما أعظمه وأكرمه (مالك خير من ذلك) بكسر الكاف زيادة في الإعظام وترفيع المكانة وتفسير لبعض الإبهام وإنه خير مما أشير إليه من ثناء وطيب ذكر (له) أي لزوجي (إبل كثيرات المبارك) بفتح الميم جمع مبرك وهو موضع البروك أي كثيرة ومباركها كذلك أو كثيرًا ما تُثار فتُحلب ثم تبرك فتكثر مباركها لذلك (قليلات المسارح) لاستعداده للضيفان بها لا يوجه منها إلى المرعى إلا قليلًا ويترك سائرها بفنائه فإن فاجأه ضيف وجد عنده ما يقريه به من لحومها وألبانها (وإذا سمعن) أي الإبل (صوت المزهر) عند ضربه به فرحًا بالضيفان عند قدومهم عليه (أيقنّ أنهنّ هوالك) لمعرفتهن بعقرهنّ للضيفان لما كثرت عادته بذلك، والمزهر بكسر الميم وسكون الزايوفتح الهاء بعدها راء آلة من آلاف اللهو، والحاصل أنها جمعت في وصفها له بين الثروة والكرم وكثرة القرى والاستعداد له.(قالت) المرأة (الحادية عشرة) وهي أم زرع بنت أكيمل بن ساعدة اليمنية واسمها فيما حكاه ابن دريد عاتكة تمدح زوجها (زوجي أبو زرع فما) بالفاء ولأبي ذر: وما (أبو زرع) أخبرت أولًا باسمه ثم عظمت شأنه بقولها فما أبو زرع أي إنه لشيء عظيم كقوله تعالى: {{الحاقة * ما الحاقة}} [الحاقة: 1، 2] وزاد الطبراني صاحب نعم وزرع (أَناس) بهمزة مفتوحة فنون مخففة فألف فسين مهملة أي حرك (من حليّ) بضم الحاء المهملة وكسر اللام وتشديد التحتية أي ملأ (أُذنيّ) تثنية أُذن من أقراط وشنف من ذهب ولؤلؤ حتى تدلى ذلك واضطرب من كثرته وثقله، وفي رواية ابن السكيت أُذني وفرعي بالتثنية أي يديها لأنهما كالفرعين من الجسد تريد حليّ أُذنيّ ومعصميّ (وملأ من شحم عضدي) بتشديد التحتية تثنية عضد. قال في القاموس: بالفتح وبالضم وبالكسر وككتف وندس وعنق ما بين المرفق إلى الكتف وهما إذا سمنا سمن الجسد كله فذكرها العضدين للسجع ودلالتهما على الباقي فكأنها قالت أسمنني وملأ بدني شحمًا (وبجحني) بموحدة وجيم مخففة وفي اليونينية مشددة وحاء مهملة مفتوحات ثم نون مكسورة عظمني (فبجحت) بفتحات ثم سكون الفوقية (إليّ) بتشديد التحتية (نفسي) فعظمت عندي أو فخرني ففخرت أو وسع عليّ وترفني وعند النسائي وبجح نفسي فتبجحت إليّ نفسي بالتشديد أي فرحني ففرحت (وجدني في أهل غنيمة) بضم الغين المعجمة وفتح النون تصغير غنم وأنّث على إرادة الجماعة تقول: إن أهلها كانوا ذوي غنم وليسوا أصحاب إبل ولا خيل (بشق) بموحدة ومعجمة مكسورة عند المحدّثين مفتوحة عند غيرهم اسم موضع أو هو بالكسر أي مشقة من ضيق العيش والجهد أو بشق جبل أي ناحيته كانوا يسكنونه لقلتهم وقلة غنمهم وبالفتح شق في الجبل كالغار فيه (فجعلني في أهل صهيل) صوت خيل (و) أهل (أطيط) صوت إبل من ثقل حملها، وزاد النسائي: وجامل وهو جمع جمل أو اسم فاعل لمالك الجمال كقوله: لابن وتامر (و) أهل (دائس) يدوس الزرع في بيدره ليخرج الحب من السنبل (ومنق) بفتح النون في الفرع وتشديد القاف من نقى الطعام تنقية أي يزيل ما يختلط به من قشر ونحوه، وروي بكسر النون. قال أبو عبيد: ولا أعرفه فإن صحت الرواية به فهو من النقيق وهو أصوات المواشي والأنعام فتكون وصفته بكثرة الأموال وأنه نقلها من شدة العيش وجهده إلى الثروة الواسعة من الخيل والإبل والزرع (فعنده) أي عند زوجي (أقول) وفي رواية الزبير أتكلم (فلا أقبح) بضم الهمزة وفتح القاف والموحدة المشددة بعدها حاء مهملة مبنيًّا للمفعول فلا يقول لي قبحك الله أو لا يقبح قولي لكثرة إكرامه لي لمحبته لي ورفعة مكاني عنده (وأرقد فأتصبح) بهمزة وفوقية ومهملة وموحدة مشدّدة مفتوحات ثم حاء مهملة أي أنام الصبحة وهي نوم أول النهار فلا
    أوقظ لأن لي من يكفيني مؤونة بيتي ومهنة أهلي (وأشرب) الماء أو اللبن أو غيرهما (فأتقنح) بهمزة ففوقية فقاف فنون مشددة لأبي ذر مفتوحات فحاء مهملة أي أشرب كثيرًا حتى لا أجد مساغًا أو لا أتقلل من مشروبي ولا يقطع عليّ حتى تتم شهوتي منه. وفي روايةالهيثم وآكل فأتمنح أي أطعم غيري، يقال: منحه يمنحه إذا أعطاه وأتت بالألفاظ كلها بوزن أتفعل لتفيد تكرر ذلك وملازمته مرة بعد أخرى ومطالبة نفسها أو غيرها بذلك، وقول أبي عبيد لا أراها قالت فأتقنح إلا لعزة الماء عندهم أي فلذلك فخرت بالري من الماء تعقب بأن السياق ليس فيه ذكر الماء فهو محتمل له ولغيره من الأشربة؛ قيل: إن لم تثبت رواية الهيثم وآكل فأتمنح ففي اقتصارها على ذكر الشرب إشارة إلى أن المراد به اللبن لأنه هو الذي يقوم مقام الطعام والشراب، ولغير أبي ذر: فأتقمح بالميم بدل النون ما ذكرها المصنف بعد عن بعضهم، وقال: إنها أصح فقول القاضي عياض إنه لم يقع في الصحيحين إلا بالنون، ورواه الأكثر في غيرهما بالميم لا يخفى ما فيه. قال أبو عبيد: أتقمح بالميم أي أروى حتى لا أشرب مأخوذ من الناقة القامح وهي التي ترد الحوض فلا تشرب وترفع رأسها ريًّا أو هما بمعنى.(أُم أبي زرع) زوجي (فما أم أبي زرع) ما استفهامية للتعجب والتعظيم (عكومها) بضم العين المهملة والكاف والميم أي أعدالها وغرائرها التي تجمع فيها أمتعتها أو نمطها الذي تجعل فيه ذخيرتها ذكره في القاموس وغيره (رداح) بفتح الراء والدال المهملتين وبعد الألف حاء مهملة مرفوعة أي عكومها كلها رداح ثقيلة فوصفها بالثقل لكثرة ما فيها من المتاع والثياب. وقال في النهاية: أي ثقيلة الكفل ويصح أن يكون رداح خبر عكوم فيخبر عن الجمع بالجمع أو خبر لمبتدأ محذوف أي كلها رداح كما مرّ على أن رداح واحد جمعه ردح بضمتين، وقد سمع الخبر عن الجمع بالواحد مثل أدرع دلاص فيحتمل أن يكون هذا منه، ويحتمل أن يكون مصدرًا كطلاق وكمال أي على حذف مضاف أي عكومها ذات رداح (وبيتها فساح) بفاء مفتوحة فسين مهملة مخففة فألف فحاء مهملة مرفوع واسع كثير، والحاصل أنها وصفت والدة زوجها بكثرة الآلات والأثاث والقماش وسعة المال كبيرة المنزل لبر ابنها أبي زرع لها وأنه لم يطعن في السن لأن ذلك هو الغالب ممن يكون له والدة.(ابن) زوجي (أي زرع) ولم يسم (فما ابن أبي زرع مضجعه كمسل شطبة) بفتح الميم والسين المهملة وتشديد اللام مصدر ميمي بمعنى المسلول والشطبة بفتح الشين المعجمة السعفة الخضراء يشق منها قضبان رقاق ينسج منها الحصر أي موضعه الذي ينام فيه في الصغر كمسلول الشطبة ويلزم منه كونه مهفهفًا أو أرادت سيفًا سلّ من غمده، والعرب تشبه الرجل بالسيف لخشونة جانبه ومهابته أو لجماله ورونقه وكمال لألائه أو لكمال صورته في استوائها واعتدالها (ويشبعه ذراع الجفرة) بفتح الجيم وسكون الفاء بعدها راء الأنثى من ولد المعز ابن أربعة أشهر وفصل عن أمه وأخذ في الرعي، ويقال لولد الضأن أيضًا إذا كان ثنيًا. وفي القاموس الجفر من أولاد الشاء ما عظم واستكرش أو بلغ أربعة أشهر وزاد ابن الأنباري ويرويه فيقة اليعرة ويميس في حلة النترة، فقولها ويرويه من الإرواء والفيقة بكسر الفاء وسكون التحتية بعدها قاف ما يجتمع في الضرع بين الحلبتين واليعرة بفتح التحتية وسكون العين المهملة بعدها راء العناق ويميس بالسين المهملة يتبختر، والنترة: بالنون المفتوحة ثم الفوقية الساكنة الدرع اللطيفة، وقيل اللينة الملمس. والحاصل أنهاوصفته بهيف القدّ وأنه ليس ببطين ولا جاف وأنه قليل الأكل والشرب ملازم لآلة الحرب يختال في موضع القتال وذلك مما تتمادح به العرب.(بنت) زوجي (أبي زرع فما بنت أبي زرع)؟ في مسلم وما بالواو بدل الفاء ولم تسم البنت المذكورة (طوع أبيها وطوع أمها) فلا تخرج عن أمرهما وصفتهما ببرهما وزاد الزبير وزين أهلها ونسائها أي
    يتجملون بها (وملء كسائها) لامتلاء جسمها وسمنها (وغيظ جارتها) أي ضرّتها لما ترى من جمالها وأدبها وعفتها. وقول الزركشي كغيره في هذه الألفاظ دليل لسيبويه في إجازته مررت برجل حسن وجهه خلافًا للمبرد والزجاج أي حيث أنكرا إجازة مثل ذلك لأنه من إضافة الشيء إلى مثله، تعقبه البدر الدماميني فقال: ما أظن أن سيبويه يرضى بهذا الاستدلال وذلك لأن كلاًّ من طوع وملء وغيظ ليس صفة مشبهة ولا اسم فاعل ولا مفعول من فعل لازم حتى يجري مجرى الصفة المشبهة، وإنما كلٌّ منها مصدر لفعل متعدٍّ فطوع أبيها بمعنى طائعة أبيها أي مطيعة ومنقادة له، وملء كسائها أي مالئة كساءها، وغيظ جارتها أي غائظة جارتها وجواز مثل هذا في اسم الفاعل من الفعل المتعدي جائز بالإجماع لا يخالف فيه المبرد ولا الزجاج ولا غيرهما، وبالجملة فليس هذا من محل النزاع في شيء انتهى.وعند مسلم من رواية سعيد بن سلمة وحقر جارتها بفتح الحاء المهملة وسكون القاف أي دهشتها أو قتلها، وللطبراني وحين جارتها بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية بعدها نون أي هلاكها، وزاد ابن السكيت قباء هضيمة الحشا جائلة الوشاح عكناء فعماء نجلاء دعجاء زجاء قنواء مؤنقة معنقة فقوله قباء بفتح القاف وتشديد الموحدة أي ضامرة البطن وهضيمة الحشا بمعنى ضامرة وجائلة الوشاح بالجيم والوشاح بكسر الواو أي يدور وشاحها لضمور بطنها والوشاح قال في القاموس: بالضم والكسر كرسان من لؤلؤ وجوهر منظومان يخالف بينهما معطوف أحدهما على الآخر أو أديم عريض مرصع بالجوهر تشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها، وهي غرثى الوشاح هيفاء، وعكناء بفتح العين المهملة وسكون الكاف وبالنون والمدّ أي ذات عكن وهي طيات بطنها، وعكناء بفتح العين المهملة وسكون الكاف وبالنون.والمدّ أي ذات عكن وهي طيات بطنها، وفعماء بفتح الفاء وسكون العين المهملة وبالمدّ أي ممتلئة الأعضاء، ونجلاء بفتح النون وسكون الجيم والمدّ واسعة العين، ودعجاء من الدعج بالجيم شدة سواد العين في شدة بياضها، وزجاء بالزاي والجيم المشدّدة من الزجج وهو تقويس الحاجب مع طول في أطرافه وامتداده وقيل: بالراء بدل الزاي أي كبيرة الكفل يرتج من عظمه، وقنواء بفتح القاف وسكون النون والمد من القنو طول في الأنف ودقة الأرنبة مع حدب في وسطه ومؤنقة بالنون المشدّدة والقاف من الشيء الأنيق المعجب ومعنقة بوزنه أي مغذية بالعيش الناعم وكلها كما لا يخفى أوصاف حسان.(جارية) زوجي (أبي زرع) لم تسم (فما جارية أبي زرع؟ لا تبث) بضم الموحدة وتشديدالمثلثة لا تفشي (حديثنا تبثيثًا) مصدر من بثّ بوزن فعل بالتشديد للمبالغة أي بل تكتمه (ولا تنقث) بضم الفوقية وفتح النون وكسر القاف المشدّدة بعدها مثلثة أي لا تخرج أو لا تفسد أو لا تسرع بالخيانة أو لا تذهب بالسرقة (ميرتنا) بكسر الميم وسكون التحتية بعدها راء أي زادنا (تنقيثًا) مصدر وصفتها بالأمانة (ولا تملأ بيتنا تعشيشًا) بالعين المهملة والشينين المعجمتين بينهما تحتية ساكنة أي لا تترك الكناسة والقمامة في البيت مفرقة كعش الطائر بل هي مصلحة للبيت مهتمة بتنظيفه وإلقاء كناسته وإبعادها منه، وقيل لا تخوننا في طعامنا فتخبؤه في زوايا البيت وقيل تريد عفاف فرجها وعدم فسقها، وزاد الهيثم بن عدي ضيف أبي زرع فما ضيف أبي زرع في شبع وري ورتع.طهاة أبي زرع فما طهاة أبي زرع؟ لا تفتر ولا تعدى تقدح قدرًا وتنصب أخرى فتلحق الآخرة بالأولى. مال أبي زرع فما مال أبي زرع؟ على الجمم معكوس وعلى العفاة محبوس، فقوله رتع بفتح الراء والفوقية أي تنعم ومسرة والطهاة بضم الطاء المهملة. أي الطباخون لا تفتر بالفاء الساكنة ثم الفوقية المضمومة لا تسكن ولا تضعف ولا تعدى بضم الفوقية وتشديد الدال المهملة أي لا تترك ذلك ولا تتجاوز عنه وتقدح بالقاف والحاء المهملة آخره أي تغرف وتنصب أي ترفع قدرًا أخرى على النار، والجمم بالجيم جمع جمة القوم يسألون في الدية ومعكوس أي مردود والعفاة بضم العين
    المهملة وتخفيف الفاء السائلون ومحبوس أي موقوف عليهما.(قالت) أم زرع: (خرج) زوجي (أبو زرع) من عندي (والأوطاب) بفتح الهمزة وسكون الواو وفتح الطاء المهملة وبعد الألف موحدة زقاق اللبن واحدها وطب على وزن فلس فجمعه على أفعال مع كونه صحيح العين نادر، والمعروف وطاب في الكثرة وأوطب في القلة والواو للحال أي خرج والحال أن زقاق اللبن (تمخض) بالخاء والضاد المعجمتين مبنيًّا للمفعول ليؤخذ زبد اللبن، ويحتمل أنها أرادت أن خروجه كان غدوة وعندهم الخير الكثير من اللبن الغزير بحيث يشربه صريحًا ومخيضًا ويفضل عندهم حتى يمخضوه ويستخرجوا زبده، ويحتمل أنها أرادت أن الوقت الذي خرج فيه كان زمن الخصب والربيع، وكان خروجه إما لسفر أو غيره فلم تدر ما يحدث لها بسبب خروجه (فلقي امرأة) لم أقف على اسمها (معها ولدان لها) أي يسميا (كالفهدين) وفي رواية ابن الأنباري كالصقرين، وفي رواية الكاذي كالشبلين (يلعبان من تحت خصرها) وسطها (برمانتين) لأنها كانت ذات كفل عظيم فإذا استلقت على ظهرها ارتفع كفلها بها من الأرض حتى يصير تحتها فجوة تجري فيها الرمانة، وحمل بعضهم الرمانتين على النهدين محتجًّا بأن العادة لم تجر بلعب الصبيان ورميهم الرمان تحت أصلاب أمهاتهم. قال: ولعله مدر من كلام بعض الرواة، أورده على سبيل التفسير الذي ظنه فأدرج في الخبر، ورجحه القاضي عياض وتعقب بأن الأصل عدم الإدراج (فطلقني ونكحها) لما رأى من نجابة ولديها إذ كانوا يرغبون أن تكون أولادهم من النساء المنجباتفي الخلق والخُلق، وفي رواية الحارث بن أبي أسامة فأعجبته فطلقني (فنكحت) تزوجت (بعده رجلًا) أي يسم (سريًّا) بفتح السين المهملة وكسر الراء وتشديد التحتية أي خيارًا (ركب) فرسًا (شريًّا) بالشين المعجمة فائقًا يستشري في سيره يمضي فيه بلا فتور ولاء (وأخذ) رمحًا (خطيًّا) بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة المكسورة والتحتية المشددتين صفة موصوف محذوف والخط موضع بنواحي البحرين تجلب منه الرماح (وأراح) بفتح الهمزة والراء آخره حاء مهملة من الإراحة وهي الإتيان إلى موضع المبيت بعد الزوال (عليّ) بتشديد التحتية (نعمًا) بفتح النون والعين واحد الأنعام وأكثر ما يقع على الإبل (ثريًّا) بفتح المثلثة وكسر الراء وتشديد التحتية أي كثيرًا والثروة كثرة العدد وقول التنقيح كغيره وحقه أن يقول ثرية، ولكن وجهه بأن كل ما ليس بحقيقي التأنيث لك فيه وجهان في إظهار علامة التأنيث في الفعل واسم الفاعل والصفة أو تركها، تعقبه في المصابيح بأن هذا إنما هو بالنسبة إلى ظاهر غير الحقيقي التأنيث، وأما بالنسبة إلى ضميره فبالتأنيث قطعًا إلا في الضرورة مع التأويل وإلاّ فمثل قولك: الشمس طلع أو طالع ممتنع وعلى تقدير تسليم ذلك فلا يتمشى في هذا المحل فقد قال الفراء: إن النعم مذكر لا مؤنث يقولون هذا نعم وارد (وأعطاني من كل رائحة) من كل شيء يأتيه من أصناف الأموال التي تأتيه وقت الرواح (زوجًا) أي اثنين ولم يقتصر على الفرد من ذلك بل ثنّاه وضعفه إحسابًا إليها (وقال كلي) يا (أم زرع وميري أهلك) أي صليهم وأوسعي عليهم بالميرة وهي الطعام (قالت: فلو جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع). وللطبراني فلو جمعت كل شيء أصبته منه فجعلته في أصغر وعاء من أوعية أبي زرع ما ملأه، والظاهر أنه للمبالغة وإلا فالإناء أو الوعاء لا يسع ما ذكرت أنه أعطاها من أصناف النِعم، والحاصل أنها وصفت هذا الثاني بالسؤدد في ذاته والثروة والشجاعة والفضل والجود لكونه أباح لها أن تأكل ما شاءت من ماله وتهدي ما شاءت لأهلها مبالغة في إكرامها، ومع ذلك لم يقع عندها موقع أبي زرع وأن كثيره دون قليل أبي زرع مع إساءة أبي زرع لها أخيرًا في تطليقها، ولكن حبها له بغّض إليها الأزواج لأنه أول أزواجها فسكنت عبته في قلبها كما قيل:ما الحب إلا للحبيب الأول
    ولذا كره أُولو الرأي تزوج امرأة لها زوج طلقها مخافة أن تميل نفسها إليه والحب يستر الإساءة. قال القاضي عياض: في كلام أم زرع من الفصاحة والبلاغة ما لا مزيد عليه فإنه مع كثرة فصوله وقلة فضوله مختار الكلمات، واضح السمات، نيّر القسمات، قد قدّرت ألفاظه قدر معانيه وقررت قواعده وشيدت مبانيه، وجعلت لبعضه في البلاغة موضعًا، وأودعته من البديع بدعًا، وإذا لمحت كلام التاسعة صاحبة العماد والنجاد ألفيتها لأفانين البلاغة جامعة فلا شيء أسلس من كلامها، ولا أربط من نظامها، ولا أطبع من سجعها، ولا أغرب من طبعها، وكأنما فقرها مفرغة في قالب واحد، ومحذوّة على مثال واحد، وإذا اعتبرت كلام الأولى وجدته مع صدق تشبيهه، وصقالة وجوهه، قد جمع من حسن الكلام أنواعًا، وكشف عن محيا البلاغة قناعًا، بل كلهن حسان الأسجاع، متفقات الطباع، غريبات الإبداع.(قالت عائشة) -رضي الله عنها- بالسند الأول (قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كنت لك كأبي زرع لأم زرع) أي أنا لك فكان زائدة كقوله تعالى: {{كنتم خير أمة أُخرجت للناس}} [آل عمران: 110] وهذا فيه شيء لأن كان لا تدل على الانقطاع ولا على الدوام، فليس في هذا الكلام ما يقتضي انقطاع هذه الصفة فلا حاجة إلى دعوى زيادة كان وإن المعنى أنا لك. وزاد في رواية الهيثم بن عدي في الإلفة والوفاء لا في الفرقة والجلاء، وزاد الزبير إلا أنه طلقها وأنا لا أطلقك فاستثنى الحالة المكروهة وهي ما وقع من تطليق أبي زرع تطييبًا لها وطمأنينة لقلبها ودفعًا لإيهام عموم التشبيه بجملة أحوال أبي زرع إذ لم يكن فيه ما تذمه النساء سوى ذلك، وقد أجابت هي عن ذلك جواب مثلها في فضلها وعلمها فقالت: كما عند النسائي والطبراني: يا رسول الله بل أنت خير من أبي زرع، وفي رواية الزبير: بأبي وأمي لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع.(قال أبو عبد الله) البخاري، وفي اليونينية شطب بالحمرة على قال أبو عبد الله (قال سعيد بن سلمة) بن الحسام المدني الصدوق وليس له في البخاري إلا هذا الموضع وصوّبه الغساني، وقال الكرماني إنه في بعض النسخ أنه وقال موسى: أي ابن إسماعيل التبوذكي عن سعيد بن سلمة (عن هشام) بن عروة يعني بالإسناد ولأبي ذر قال هشام (ولا تعشش) بضم الفوقية وفتح العين المهملة وتشديد الشين الأولى (بيتنا تعشيشًا) وضبطها في الفتح تغشش بالغين المعجمة بدل المهملة قال: وهو من الغش ضد الخالص أي لا تملؤه بالخيانة بل هي ملازمة للنصيحة فيما هي فيه، وقيل كناية عن عفة فرجها، والمراد أنها لا تملأ البيت وسخًا بأطفالها من الزنا.(قال أبو عبد الله) البخاري أيضًا: (وقال بعضهم: فأتقمح بالميم وهذا أصح) من الرواية بالنون وهو موافق لقول أبي عبيد أتقمح أي أروى حتى لا أحب الشرب، قال: وأما النون فلا أعرفه ولا أراه محفوظًا إلا بالميم وهذا يوضح أن الذي وقع في أصل رواية البخاري بالنون.وهذا الحديث قد شرحه في جزء مفرد إسماعيل بن أبي أويس شيخ المؤلّف، وثابت بن قاسم، والزبير بن بكار، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث. وأبو محمد بن قتيبة، وابن الأنباري، وإسحاق الكاذي، وأبو القاسم عبد الحليم بن حيان المصري ثم الزمخشري في الفائق، ثم القاضي وهو أجمعها وأوسعها. ذكره الحافظ أبو الفضل بن حجر رحمه الله، وسيدي علي الوفوي على طريق القوم وأهل الإشارات، وأخرجه مسلم في الفضائل والنسائي، وأخرجه الترمذي في الشمائل.

    (بابُُ حُسْنِ المُعَاشَرَةِ مَعَ الأهْلِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حسن معاشرة الرجل مَعَ أَهله. وَقَالَ الْكرْمَانِي: المعاشرة من الْعشْرَة بِالْكَسْرِ وَهِي الصُّحْبَة وَهِي من بابُُ المفاعلة الْمَوْضُوعَة لمشاركة اثْنَيْنِ أَحدهمَا مُتَعَلق بِالْآخرِ على مَا عرف فِي مَوْضِعه.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:4912 ... ورقمه عند البغا:5189 ]
    - حدَّثنا سُليْمانُ بنُ عبْدِ الرَّحْمانِ وعَلِيُّ بنُ حُجْرٍ قَالَا: أخبرنَا عِيسَى بنُ يُونُسَ حَدثنَا هِشامُ بنُ عُرْوةَ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُرْوَةَ عنْ عَائِشَةَ، قالَتْ: جَلَسَ إحْدَى عَشْرَةَ امْرَأةً فَتَعاهَدْنَ وتَعاقَدْنَ أنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أخْبارِ أزْوَاجِهِنَّ شَيْئا: قالَتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ علَى رأْسِ جبَلٍ، لَا سهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ، قالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أبُثُّ خبَرَهُ، إنِّي أخافُ أنَّ لَا أذَرَهُ إنْ أذكُرْهُ أذْكُرْ عُجَرَهُ وبُجَرَهُ. قالتِ الثّالثَةُ: زَوْجِي العشَنَّقُ، إنْ أنْطِقْ أُطلَّقْ وإنْ أسْكُتْ أُعَلَّقْ؛ قالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَليلِ تِهامَةَ لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سآمَةَ. قالَتِ الخامِسَةُ: زَوْجِي إنْ دَخَلَ فَهِدَ وإنْ خَرَجَ أَسد وَلَا يَسألُ عَمَّا عَهِدَ. قالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إنْ أكَلَ لَفَّ وإنْ شَرِبَ اشْتَفَّ وإنِ اضْطَجَعَ التَفَّ وَلَا يُولِجُ الكَف لِيَعْلَمَ البثَّ؛ قالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَياياءُ أوْ عَياياءُ طَباقاءُ كلُّ داءَ لهُ داءٌ شَجَّكِ أوْ فَلّكِ أوْ جَمَعَ كُلّا لَكِ؛ قالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي المَسُّ مَسُّ أرْنَبٍ والرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ. قالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ العِمادِ طَوِيلُ النِّجادِ عَظِيمُ الرَّمادِ قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النّادِ؛ قالَتِ العاشِرَةُ: زَوْجِي مالِكٌ وَمَا مالِكٌ مالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذالِكِ، لهُ إِبلٌ كَثِيرَاتُ المَباركِ قَلِيلاَتُ المَسارحِ، وإذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ أيْقَنَّ أنَّهُنَّ هَوَالِكُ؛ قالَتِ الحَادِيَةُ عَشْرَةَ: زَوْجِي أبُو زَرْعِ. فَما أبُو زَرْعٍ؟ أناسَ مِنْ حُلِيٍّ أذنَيَّ ومَلأ مِنْ شَحْمِ عَضدَيَّ وبَجَّحَني فَبَجَحَتْ إليَّ نَفْسِي وجدَنِي فِي أهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أهْلِ صَهِيلٍ وأطِيطٍ ودَائِسٍ ومُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ، وأرْقُدُ فأتَصَبَّحُ، وأشْرَبُ فأتَقَمَّحُ، أمُّ أبي زَرْعٍ، فَمَا أمُّ أبي زَرْعٍ؟ عُكومُها رَدَاحٌ، وبَيْتُها فَساحٌ. ابنُ أبي زَرْعٍ، فَما ابنُ أبي زَرْعٍ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطَبةٍ، ويُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ. بِنْتُ أبي زَرْعٍ، فَما بِنْتُ أبي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أبِيها وطَوْعُ أُمِّها وملءُ كِسائِها وغَيْظُ جارَتِها جارِيَةُ أبي زَرْعٍ، فَمَا جارِيَةُ أبي زَرْعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَديثَنا تَبْثَيثا، ولاَ تُنَقِّثُ ميرتَنَا تَنْقيثا، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنا تَعْشِيشا. قالَتْ: خَرَجَ أبُو زَرْعٍ والأوطابُ تُمْخَضُ فَلَقِيَ امْرَأةً مَعَها ولَدَان لَها كالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِها بِرُمَّانَتيْنِ، فَطَلَّقَنِي ونَكَحَها، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رجُلاً سَرِيّا ركب عشريا وأخَذَ خَطِّيا وأرَاحَ عَليَّ نَعَما ثَرِيّا وأعْطانِي مِنْ كلِّ رائِحَةٍ زَوْجا، وَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ ومِيرِي أهْلَكِ. قالَتْ: فَلَوْ جمَعْتُ كلَّ شَيْء أعْطانِيهِ مَا بَلغَ أصْغَرَ آنِيَةِ أبي زَرْعٍ. قالَتْ عائِشَةُ، رَضِي الله عَنْهَا، قَالَ رسولُ الله
    صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كُنْتُ لكِ كَأبي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ.مطابقته للتَّرْجَمَة فِي الْإِحْسَان فِي معاشرة الْأَهْل على مَالا يخفي من الحَدِيث.وَسليمَان بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بِابْن بنت شُرَحْبِيل الدِّمَشْقِي، ولد سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَة وَتُوفِّي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَعلي بن حجر، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وبالراء: السَّعْدِيّ، وَعِيسَى بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَوَقع كَذَا مَنْسُوبا عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَعبد الله بن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام يروي عَن أَبِيه عُرْوَة، ويروي عَنهُ أَخُوهُ هِشَام بن عُرْوَة.والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ من حَدِيث عباد بن مَنْصُور عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، وَالْمَحْفُوظ حَدِيث هِشَام عَن أَخِيه، وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عَليّ بن حجر وَعَن أَحْمد بن جناب، بِفَتْح الْجِيم وَالنُّون: كِلَاهُمَا عَن عِيسَى بن يُونُس عَن هِشَام: أَخْبرنِي أخي عبد الله بن عُرْوَة. وأخره التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل، وَالنَّسَائِيّ أَيْضا فِي عشرَة النِّسَاء جَمِيعًا عَن عَليّ بن حجر، وَهَذَا من نَوَادِر مَا وَقع لهشام بن عُرْوَة فِي حَدِيث أَبِيه حَيْثُ أَدخل بَينهمَا أَخا لَهُ وَاسِطَة. وَقَالَ أَبُو الْفضل عِيَاض بن مُوسَى: اخْتلف فِي سَنَد هَذَا الحَدِيث وَرَفعه مَعَ أَنه لَا اخْتِلَاف فِي صِحَّته وَأَن الْأَئِمَّة قبلوه وَلَا مخرج لَهُ فِيمَا انْتهى إِلَيّ إلاَّ من رِوَايَة عُرْوَة عَن عَائِشَة، فَروِيَ من غير طَرِيق: عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة من قَول سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كُله، هَكَذَا رَوَاهُ عباد بن مَنْصُور والدراوردي وَعبد الله بن مُصعب الزبيرِي وَيُونُس بن أبي إِسْحَاق كلهم عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَذَا رَفعه جمَاعَة آخَرُونَ، وَقَالَ عِيَاض: لَا خلاف فِي رفع قَوْله. فِي هَذَا الحَدِيث: (كنت ل كَأَنِّي زرع لأم زرع) وَإِنَّمَا الْخلاف فِي بَقِيَّته. وَقَالَ الْخَطِيب: الْمَرْفُوع من هَذَا الحَدِيث قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (كنت لم كَأبي زرع لأم زرع) وَمَا عداهُ، فَمن كَلَام عَائِشَة.قَوْله: (حَدثنَا سُلَيْمَان) فِي رِوَايَة أبي ذَر: حَدثنِي سُلَيْمَان. قَوْله: (جلس إِحْدَى عشرَة امْرَأَة) ، قَالَ ابْن التِّين: التَّقْدِير: جلس جمَاعَة إِحْدَى عشرَة، وَمثل هَذَا {{وَقَالَ نسْوَة فِي الْمَدِينَة}} (يُوسُف: 03) وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: النسْوَة اسْم مُفْرد لجمع الْمَرْأَة وتأنيثه غير حَقِيقِيّ كتأنيث اللمة، وَلذَلِك لم يلحقفعله تَاء التَّأْنِيث. انْتهى قلت: كَذَلِك هُنَا (إِحْدَى عشرَة امْرَأَة) نسْوَة، فَلذَلِك ذكَّر الْفِعْل، وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة: جَلَست، وَفِي رِوَايَة أبي عبيد: اجْتمعت، وَفِي رِوَايَة أبي يعلى: اجْتَمعْنَ، على لُغَة أكلوني البراغيث. قَالَ عِيَاض: إِن فِي بعض الرِّوَايَات إِحْدَى عشرَة نسْوَة، قَالَ: فَإِن كَانَ بِالنّصب احْتَاجَ إِلَى إِضْمَار، أَعنِي: أَو بِالرَّفْع فَهُوَ بدل من إِحْدَى عشرَة، وَمِنْه قَوْله عز وَجل: {{وقطعناهم اثْنَتَيْ عشرَة أسباطا}} (الْأَعْرَاف: 061) وَقَالَ الْفَارِسِي: هِيَ بدل من قطعناهم وَلَيْسَ بتمييز، وَكَانَ اجتماعهن وجلوسهن بقرية من قرى الْيمن، كَذَا وَقع رِوَايَة الزبير بن بكار، ووقَع فِي رِوَايَة الْهَيْثَم: أَنَّهُنَّ كن بِمَكَّة. وَقَالَ عِيَاض: إنَّهُنَّ كن من خثعم، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن أبي أويس عَن أَبِيه: أَنَّهُنَّ كن فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَذَا عِنْد النَّسَائِيّ فِي رِوَايَة. قَوْله: (فتعاهدن وتعاقدن) ، أَي: ألزمن أَنْفسهنَّ عهدا وعقدن على الصدْق من ضمائرهن عقدا. قَوْله: (أَن لَا يكتمن) أَي: بِأَن لَا يكتمن، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي أويس: (أَن يتصادقن بَينهُنَّ وَلَا يكتمن) ، وَفِي رِوَايَة سعيد بن سَلمَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ: (أَن ينعتن أَزوَاجهنَّ ويصدقن) ، وَفِي رِوَايَة الزبير: (فتبايعن على ذَلِك) .قَوْله: (قَالَت الأولى) ، أَي: الْمَرْأَة الأولى، وَلم أَقف على اسْمهَا. قَوْله: (غث) ، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ: الهزيل الَّذِي يستغيث من هزاله، مَأْخُوذ من قَوْلهم: غث الْجرْح غثا وغثيثا إِذا سَأَلَ مِنْهُ الْقَيْح، واستغثه صَاحبه، وَمِنْه: أغث الحَدِيث، وَمِنْه: غث فلَان فِي حلقه، وَكَذَا اسْتِعْمَاله فِي مُقَابلَة السمين، فَيُقَال للْحَدِيث الْمُخْتَلط فِيهِ: الغث والسمين، والغث الْفَاسِد من الطَّعَام. قَوْله: (على رَأس جبل) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: تصف قلَّة خَيره وَبعده مَعَ الْقلَّة كالشيء فِي قبَّة الْحَبل الصعب لَا ينَال إلاَّ بالمشقة، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: (على رَأس جبل وعر) ، وَفِي رِوَايَة الزبير بن بكار: وغث. وَهِي أوفق للسجع. قَوْله: (وعر) ، أَي: كثير الصخر شَدِيد الغلطة يعصب الرقي إِلَيْهِ، والوعث، بالثاء الْمُثَلَّثَة: الصعب المرتقي بِحَيْثُ توحل فِيهِ الْأَقْدَام فَلَا يتَخَلَّص ويشق فِيهِ المشيء، وَمِنْه: وعثاء السّفر. قَوْله: (لَا سهل فيرتقي) ، يجوز فِيهِ أوجه ثَلَاثَة: الأول: بِالْفَتْح بِلَا تَنْوِين، الثَّانِي: الرّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: لَا هُوَ سهل. الثَّالِث: الْجَرّ على أَنه صفة جبل، وَكَذَلِكَ الْأَوْجه الثَّلَاثَة فِي قَوْله: (وَلَا سمين) وَوَقع فِي رِوَايَة عِنْد النَّسَائِيّ بِالنّصب منونا، فيهمَا: (لَا سهلاً وَلَا سمينا) ، وَفِي أُخْرَى عِنْده: (لَا بالسهل وَلَا بالسمين) ، وَقَالَ عِيَاض: أحسن الْوُجُوه الرّفْع فيهمَا. قَوْله: (فيرتقي) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: فَإِن يُرتقى أَي يصعد. قَوْله: (فَينْتَقل) ، بِالْفَتْح أَي: فَإِن ينْتَقل، والانتقال هَهُنَا بِمَعْنى النَّقْل أَي: لَا يَأْتِي إِلَيْهِ أحدا لصعوبة المسلك، وَلَا يُؤْتى بِهِ إِلَى
    أحد، أَي: لَا تنقله النَّاس إِلَى بُيُوتهم لرداءته، وَفِي رِوَايَة أبي عبيد: (فينتقى) ، من النقى بِكَسْر النُّون وَهُوَ المخ، أَي: يسْتَخْرج نقيه، وَحَاصِله: أَنه قَلِيل الْخَيْر من جِهَة أَنه لحم جمل لَا لحم غنم، وَأَنه مهزول رَدِيء وَأَنه صَعب التَّنَاوُل لَا يُوصل إِلَيْهِ إلاَّ بِمَشَقَّة شَدِيدَة أَي: خَيره قَلِيل ذاتا وَصفَة. وَقَالَ أَبُو سعيد النَّيْسَابُورِي: لَيْسَ شَيْء أَخبث غثاثة بَين الْأَنْعَام من الْجمل لِأَنَّهُ يجمع خبث الرّيح وخبث الطّعْم حَتَّى ضرب بِهِ الْمثل، وصفت زَوجهَا بالبخل وَقلة الخيروبعده من أَن ينَال خَيره مَعَ قلته كَاللَّحْمِ الهزيل المنتن الَّذِي يزهد فِيهِ فَلَا يطْلب، فَكيف إِذا كَانَ فِي رَأس جبل صَعب وعر لَا ينَال إلاَّ بِمَشَقَّة، وَذهب الْخطابِيّ إِلَى أَن تمثيلها بِالْجَبَلِ الوعر هُنَا إِشَارَة إِلَى سوء خلقه، والذهاب بِنَفسِهِ وترفعه تيها وكبرا، تُرِيدُ أَنه: مَعَ قلَّة خَيره يتكبر على عشيرته فَيجمع إِلَى الْبُخْل سوء الْخلق، وَهُوَ تَشْبِيه الْجَلِيّ بالخفي، والمتوهم بالمحسوس والحقير بالخطير.قَوْله: (وَقَالَت الثَّانِيَة) أَي: الْمَرْأَة الثَّانِيَة، وَهِي عمْرَة بنت عَمْرو التَّمِيمِي. قَوْله: (لَا أبث) من البث بِالْبَاء الْمُوَحدَة والثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ الْإِظْهَار والإشاعة، وَفِي رِوَايَة حَكَاهَا عِيَاض: (لَا أنثه) . بالنُّون بدل الْبَاء أَي: لَا أنشره وَلَا أشيعه، وَوَقع فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: (لَا أنم) ، بالنُّون وَالْمِيم من النميمة. قَوْله: (إِنِّي أَخَاف أَن لَا أذره) فِيهِ تَأْوِيلَانِ لِأَن الْهَاء إِمَّا عَائِدَة إِلَى الْخَبَر أَي: خَبره طَوِيل إِن شرعت فِي تَفْصِيله لَا أقدر على إِتْمَامه لكثرته أَو إِلَى الزَّوْج وَتَكون: لَا، زَائِدَة أَي: أَخَاف أَن يُطلقنِي فأذره، أَي: فأتركه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: التَّأْوِيل الثَّالِث أَن يُقَال: إِن مَعْنَاهُ أَخَاف أَن أبث خَبره، إِذْ عدم التّرْك وَهُوَ الإبثاث والتبيين، وَوَقع فِي رِوَايَة الزبير: زَوجي من لَا أذكرهُ وَلَا أبث خَبره. قَوْله: (أذكر عُجَره وبجره) جَوَاب: إِن، والعجر، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْجِيم، والبجر بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْجِيم، وَالْمرَاد بهما: عيوبه، وَالْمَشْهُور فِي الِاسْتِعْمَال أَن يُرَاد بِهِ الْأُمُور كلهَا، وَقيل: العجرة نفخة فِي الظّهْر والبجرة نفخة فِي السُّرَّة، وَيُقَال: العجر معقد الْعُرُوق والعصب فِي الْجَسَد حَتَّى ترَاهَا ناتئة فِي الْجَسَد، والبجر كَذَلِك إلاَّ أَنَّهَا مُخْتَصَّة بالبطن فِيمَا ذكره الْأَصْمَعِي، وأحدها بجرة، وَمِنْه قيل: رجل أبجر إِذا كَانَ عَظِيم الْبَطن، وَامْرَأَة بجراء، وَيُقَال الفلان بجرة إِذا كَانَ ناتىء السُّرَّة عظيمها، وَقَالَ الْأَخْفَش: العجر العقد تكون فِي سَائِر الْبدن، والبجر تكون فِي الْقلب، وَقَالَ أَبُو سعيد النَّيْسَابُورِي: لم يَأْتِ أَبُو عُبَيْدَة بِالْمَعْنَى فِي هَذَا، وَإِنَّمَا عنت أَن زَوجهَا كثير الْعُيُوب فِي أخلاقه مُنْعَقد النَّفس عَن المكارم، وَقَالَ ابْن فَارس: يُقَال فِي الْمثل: أفضيت إِلَيْهِ بعجري وبجري أَي: بأَمْري كُله وَعَن الْأَصْمَعِي: يستعلمل ذَلِك فِي المعائب، أَي: ذكر عيوبه، وَقَالَ يَعْقُوب: أسراره، وَعبارَة غَيره: عيوبه الْبَاطِنَة وأسراره الكامنة، وَعَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي وقْعَة الْجمل: (إِلَى الله أَشْكُو عجري وبجري) أَي: همومي وأحزاني، وَقيل: العجر ظَاهرهَا والبجر بَاطِنهَا. قَالَ الشَّاعِر:(لم يبْق عِنْدِي مَا يُبَاع بدرهم ... يَكْفِيك عجر حالتي عَن بجري)(إلاَّ بقايا مَاء وَجه صنته ... لأبيعه، فَعَسَى تكون المُشْتَرِي)قَوْله: (قَالَت الثَّالِثَة) ، أَي: الْمَرْأَة الثَّالِثَة وَهِي: حييّ بنت كَعْب الْيَمَانِيّ. قَوْله: (العشنق) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة والمعجمة وَفتح النُّون الْمُشَدّدَة، وبالقاف، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَجَمَاعَة: هُوَ الطَّوِيل، وَزَاد الثعالبي: المذموم الطول، وَقَالَ الْخَلِيل: هُوَ طَوِيل الْعُنُق وَقَالَ ابْن حبيب: هُوَ الْمِقْدَام على مَا يُرِيد الشرس فِي أُمُوره، وَقيل: السيىء الْخلق، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَرَادَت أَنه لَيْسَ عِنْده أَكثر من طوله بِلَا نفع، وَيجمع على: عشانقة، وَالْمَرْأَة عشنقة، وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِير: الصَّحِيح أَن العشنق الطَّوِيل النجيب الَّذِي يملك أَمر نَفسه وَلَا يحكم النِّسَاء فِيهِ، بل يحكم فِيهِنَّ بِمَا شَاءَ، فزوجته تهابة أَن تنطق بِحَضْرَتِهِ فَهِيَ تسكن على مضض. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَهِي الشكاية البليغة. قَوْله: (إِن أنطق أطلق) يَعْنِي: إِن ذكرت عيوبه يُطلقنِي (وَإِن أسكت أعلق) يَعْنِي: إِن أسكت عَنهُ أعلق يَعْنِي يتركني لَا عزبا وَلَا مُزَوّجَة، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {{فتذروها كالمعلقة}} (النِّسَاء: 921) فَكَأَنَّهَا قَالَت: أَنا عِنْده لَا ذَات زوج فَانْتَفع بِهِ وَلَا مُطلقَة فأتفرغ لغيره. فَهِيَ كالمعلقة بَين الْعُلُوّ والسفل لَا تَسْتَقِر بِأَحَدِهِمَا، وكل وَاحِد من قَوْلهَا: (أطلق) و (أعلق) على صِيغَة الْمَجْهُول مجزومان لِأَنَّهُمَا جَوَاب الشَّرْط.قَوْله: (قَالَت الرَّابِعَة) ، وَهِي: مهدد، بِفَتْح الْمِيم وَإِسْكَان الْهَاء وَفتح الدَّال الْمُهْملَة الأولى، وَيُقَال: مهرَة بالراء بنت أبي هرومة بالراء المضمومة، وَيُقَال: أرومة. قَوْله: (كليل تهَامَة) شبهت زَوجهَا بلَيْل تهَامَة، وتمدحه أَي: كليل أهل مَكَّة أَصْحَاب الْأَمْن، أَو كليل ركدت الرِّيَاح فِيهِ، أَو كليل الرّبيع وَقت تغير الْهَوَاء من الْبُرُودَة إِلَى الْحَرَارَة وَظُهُور اعتداله،
    وَلَيْسَ فِيهِ أَذَى بل فِيهِ رَاحَة ولذاذة عَيْش، كليل تهَامَة لذيذ معتدل لَيْسَ فِيهِ حر مفرط وَلَا برد، وَلَا أَخَاف لَهُ غائلة لكرم أخلاقه، وَلَا يسامني وَلَا يستثقل بِي فيمل صحبتي، وتهامة، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَهُوَ اسْم لكل مَا نزل عَن نجد من بِلَاد الْحجاز، وَهُوَ من الْمُتَّهم، بِفَتْح التَّاء وَالْهَاء: وَهُوَ ركود الرّيح، وَيُقَال: تهتم الدّهن، إِذا تغير قَوْله: (وَلَا قر) بِالضَّمِّ وَهُوَ الْبرد. قَوْله: (وَلَا سآمة) أَي: وَلَا ملالة، وكل وَاحِد من هَذِه الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة بني بِغَيْر تَنْوِين، وَجَاء الرّفْع مَعَ التَّنْوِين، وَهِي رِوَايَة أبي عبيد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {{لَا بيع فِيهِ وَلَا خلة وَلَا شَفَاعَة}} (الْبَقَرَة: 452) وَوَقع فِي رِوَايَة عمر بن عبد الله عِنْد النَّسَائِيّ: وَلَا برد، بدل: وَلَا قر، وَزَاد فِي رِوَايَة الْهَيْثَم بن عدي، وَلَا وخامة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي: لَا ثقل عِنْده تصف زَوجهَا بذلك، أَنه لين الْجَانِب خَفِيف الْوَطْأَة على الصاحب، وَفِي رِوَايَة الزبير بن بكار: والغيث، غيث غمامة، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أَرَادَت بقولِهَا: وَلَا مَخَافَة أَن أهل تهَامَة لَا يخَافُونَ لتحصنهم بجبالها، أَو أَرَادَت أَن زَوجهَا حامي الذمار مَانع لداره وجاره وَلَا مَخَافَة عِنْد من يأوي إِلَيْهِ، ثمَّ وَصفته بالجود.قَوْله: (قَالَت الْخَامِسَة) أَي: الْمَرْأَة الْخَامِسَة وَهِي كَبْشَة. قَوْله: (إِن دخل فَهد) ، أَي: إِن دخل الْبَيْت فَهد بِكَسْر الْهَاء أَي: فعل فعل الفهد، شبهته بالفهد فِي كَثْرَة نَومه، يَعْنِي إِذا دخل الْبَيْت يكون فِي الاسْتِرَاحَة معرضًا عَمَّا تلف من أَمْوَاله وَمَا بَقِي مِنْهَا. وَقيل: معنى فَهد أَنه إِذا دخل الْبَيْت وثب على وثوب الفهد، كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْمُبَادرَة إِلَى الْجِمَاع. قَوْله: (وَإِن خرج أَسد) أَي: وَإِن خرج من الْبَيْت أَسد بِكَسْر السِّين يَعْنِي: فعل فعل الْأسد تصفه بالشجاعة يَعْنِي: إِذا صَار بَين النَّاس كَانَ الْأسد، يَعْنِي: سهل مَعَ الأحباء صَعب على الْأَعْدَاء كَقَوْلِه تَعَالَى: {{أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم}} (الْفَتْح: 92) وَقَالَ ابْن السّكيت: تصفه بالنشاط فِي الْغَزْو، وَقَالَ عِيَاض: فِيهِ مُطَابقَة لفظية بَين دخل وَخرج، وَبَين أَسد وفهد مُطَابقَة معنوية، وَتسَمى أَيْضا الْمُقَابلَة. قَوْله: (وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد) أَي: لَا يتفقد مَا ذهب من مَاله وَلَا يلْتَفت إِلَى معائب الْبَيْت وَمَا فِيهِ كَأَنَّهُ ساهٍ عَن ذَلِك. وَقَالَ عِيَاض: وَهَذَا يَقْتَضِي تفسيرين: لعهد عهد قبل فَهُوَ يرجع إِلَى تفقد المَال وعهد الْآن فَهُوَ بِمَعْنى الإغضاء عَن المعائب والاختلال.قَوْله: (قَالَ السَّادِسَة) : أَي الْمَرْأَة السَّادِسَة، وَاسْمهَا هِنْد قَوْله: (إِن أكل لف) بِاللَّامِ وَالْفَاء الْمُشَدّدَة فعل مَاض من اللف وَهُوَ الْإِكْثَار من الطَّعَام مَعَ التَّخْلِيط من صنوفه حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُ شَيْئا. قَالَ عِيَاض: حُكيَ رف، بالراء بدل اللَّام قَالَ: وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. قَوْله: (وَإِن شرب اشتف) من الاشتفاف بالفاءين، وَهُوَ أَن يستوعب جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء مَأْخُوذ من الشفافة بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَهِي اسْم مَا بَقِي فِي الْإِنَاء من المَال، فَإِذا شربه قيل: اشتفه، ويروى: استف، بِالسِّين الْمُهْملَة وَهِي بمعناها. وَقَالَ عِيَاض: رُوِيَ بِالْقَافِ بدل الشين. قَالَ الْخَلِيل: قفاف كل شَيْء جمَاعَة واستيعابه، وَمِنْه سميت الفقة لجمعها مَا وضع فِيهَا. قَوْله: (وَإِن اضْطجع التّلف) من الالتفاف، يَعْنِي: إِذا نَام التّلف فِي ثِيَابه فِي نَاحيَة، وَفِي رِوَايَة للنسائي: إِذا نَام بدل اضْطجع، وَزَاد: وَإِذا ذبح اغتث أَي: تحرى الغث وَهُوَ الهزيل كَمَا مضى. قَوْله: (وَلَا يولج الْكَفّ) أَي: لَا يدْخل كَفه مَعْنَاهُ لَا يمد يَده ليعلم مَا هِيَ عَلَيْهِ من الْحزن، وَهُوَ معنى قَوْله: (ليعلم البث) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد يَد الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ الْحزن وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: وَلَا يدْخل، بدل وَلَا يولج، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ: فَيعلم، بِالْفَاءِ بدل اللَّام، وَقَالَ الْخطابِيّ: مَعْنَاهُ أَنه يتلفف منتبذا عَنْهَا وَلَا يقرب مِنْهَا فيولج كَفه دَاخل ثوبها فَيكون مِنْهُ إِلَيْهَا مَا يكون من الرجل لامْرَأَته، وَمعنى البث مَا تضمر من الْحزن على عدم الحظوة مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو عبيد: أحسبها كَانَ بجسدها عيب أَو دَاء يحزن بِهِ، وَكَأَنَّهُ لَا يدْخل يَده فِي ثوبها لِئَلَّا يلمس ذَلِك فَيشق عَلَيْهَا، فوصفته بالمروءة وكرم الْخلق، ورد عَلَيْهِ ابْن قُتَيْبَة بِأَنَّهَا قد ذمَّته فِي صدر الْكَلَام فَكيف تمدحه فِي آخِره؟ فَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الرَّد مَرْدُود، لِأَن النسْوَة تعاقدن لَا يكتمن شَيْئا مدحا أَو ذما، فمنهن من كَانَت أَوْصَاف زَوجهَا كلهَا حَسَنَة فوصفته بهَا، ومنهن بِالْعَكْسِ، ومنهن من كَانَت أَوْصَافه مختلطة مِنْهُمَا فذكرتهما كليهمَا.قَوْله: (قَالَت السَّابِعَة) أَي: الْمَرْأَة السَّابِعَة وَاسْمهَا حيى بنت عَلْقَمَة قَوْله: (زَوجي عياياء) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف يَاء أُخْرَى وبالمد وَهُوَ الَّذِي عي بِالْأَمر والمنطق وجمل عياياء إِذا لم يهتد إِلَى الضراب. قَوْله: (أَو غياياء) شكّ من الرَّاوِي وَهُوَ عِيسَى بن يُونُس فَإِنَّهُ شكّ هَل هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أَو بِالْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَو تنويع من الزَّوْجَة القائلة، وَالْأَكْثَرُونَ لم يشكوا، وَقَالُوا بِالْمُهْمَلَةِ وَأما غياياء، بالغين الْمُعْجَمَة فَمَعْنَاه لَا يَهْتَدِي إِلَى مَسْلَك أَو إِنَّه كالظل
    المتكاثف المظلم الَّذِي لَا إشراق فِيهِ. أَو أَنه غطى عَلَيْهِ أُمُوره، أَو أَنه منهمك فِي الشَّرّ قَالَ تَعَالَى: {{فَسَوف يلقون غيا}} (مَرْيَم: 95) وَقَالَ عِيَاض: قَالَ أَبُو عبيد إِن الغياياء، بالغين الْمُعْجَمَة لَيْسَ بِشَيْء. وَلم يفسره وَتَابعه على ذَلِك سَائِر الشُّرَّاح، فقد ظهر لي فِيهِ معنى صَحِيح فَذكر مَا ذَكرْنَاهُ الْآن، وَذكر أَيْضا أَنه مَأْخُوذ من الغياية. وَهِي كل مَا أظلك فَوق رَأسك من سَحَاب وَغَيره، وَمِنْه سميت الرَّايَة غَايَة، فَكَأَنَّهُ غطى عَلَيْهِ من جَهله وسترت مصالحة. قَوْله: (طباقاء) بِالطَّاءِ الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وبالقاف ممدودة. وَهُوَ المطبقة عَلَيْهِ الْأُمُور حمقا، وَقيل: الَّذِي يعجز عَن الْكَلَام، وَقَالَ ابْن حبَان: الطباق من الرِّجَال الَّذِي فِيهِ رعونة وحمق كالمطبق عَلَيْهِ فِي حمقه ورعونته، وَقيل: الطباق من الرِّجَال الثقيل الصَّدْر الَّذِي لَا يطبق صَدره على صدر الْمَرْأَة. قَوْله: (كل دَاء لَهُ دَوَاء) أَي: كل شَيْء من أدواء النَّاس فِيهِ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: تَعْنِي كل دَاء تفرق فِي النَّاس فَهُوَ فِيهِ، وَمن أدوائه أَنه قد اجْتمعت فِيهِ المعائب. قَوْله: (شجك أَو فلّك) كلمة: أَو للتنويع وَمعنى شجك: جرحك فِي رَأسك وجراحات الرَّأْس تسمى شجا بالشين الْمُعْجَمَة بالشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْجِيم، وَمعنى: فلك بِالْفَاءِ وَتَشْديد اللَّام: جرحك فِي جَمِيع الْجَسَد وَقيل: الفل الطعْن، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: فلك كسرك، وَيُقَال: ذهب بِمَالك، وَيُقَال: كسرك بخصومته، وَصفته بالحمق والتناهي فِي جَمِيع النقائص والعيوب وَسُوء الْعشْرَة مَعَ الْأَهْل وعجزه عَن حَاجَتهَا مَعَ ضربهَا وأذاه لَهَا وَإِذا حدثته سبها وَإِذا مازحته شجها وَإِذا غضب إِمَّا أَن يشجها فِي رَأسهَا أَو يكسر عضوا من أعضائها. وَزَاد ابْن السّكيت فِي رِوَايَته: بجك، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْجِيم: أَي طعنك فِي جراحتك فَشَقهَا، والبج شقّ القرحة، وَقيل: هُوَ الطعنة. قَوْله: (أَو جمع كلا لَك) أَي: أَو جمع كل هَذِه الْأَشْيَاء وَهِي: الضَّرْب وَالْجرْح وَكسر الْأَعْضَاء وَالْكَسْر بِالْخُصُومَةِ وَالْكَلَام الموجع وَأخذ مَالهَا.قَوْله: (قَالَت الثَّامِنَة) أَي: الْمَرْأَة الثَّامِنَة وأسمها يَاسر بنت أَوْس بن عبد. قَوْله: (الْمس مس أرنب وَالرِّيح ريح زرنب) وَصفته بِحسن الْخلق ولين الْجَانِب كمس الأرنب إِذا وضعت يدك على ظَهره، لِأَن وبره ناعم جدا، والزرنب بِوَزْن الأرنب لَكِن أَوله زَاي، وَهُوَ نبت طيب الرّيح، وَقيل: هِيَ شَجَرَة عَظِيمَة بِالشَّام على جبل لبنان لَا تثمر وَلها ورق بَين الخضرة والصفرة، وَكَذَا ذكره عِيَاض، ورده أَصْحَاب الْمُفْردَات. وَقيل: هِيَ حشيشة طيبَة الرَّائِحَة رقيقَة، وَقيل: هُوَ الزَّعْفَرَان وَلَيْسَ بِشَيْء، وَقيل: وَهُوَ مسك، وَالْألف وَاللَّام فِي الْمس نائبة عَن الضَّمِير لِأَن أَصله زَوجي مَسّه. وَكَذَا فِي الرّيح أَي: رِيحه وَفِيهِمَا حذف تَقْدِيره: زَوجي الْمس مِنْهُ كَمَا فِي السّمن. منوان بدرهم، أَي مِنْهُ، وَقَالَ عِيَاض: هَذَا من التَّشْبِيه بِغَيْر أَدَاة، وَفِيه حسن الْمُنَاسبَة والموازنة والتسجيع، وَفِي رِوَايَة الزبير وَالنَّسَائِيّ فِيهِ زِيَادَة وَهِي قَوْلهَا. وَأَنا أغلبه وَالنَّاس يغلب، فِي رِوَايَة للنسائي وَالطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ: ونغلبه، بنُون الْجمع وَفِيه نوع من البديع يُسمى التتميم لِأَنَّهَا لَو اقتصرت على قَوْلهَا: وَأَنا أغلبه لظن أَنه جبان ضَعِيف، فَلَمَّا قَالَت: وَالنَّاس يغلب، دلّ على أَن غلبتها إِيَّاه إِنَّمَا هُوَ من بابُُ كرم سجاياه فتممت بِهَذِهِ الْكَلِمَة الْمُبَالغَة فِي حسن أَوْصَافه.قَوْله: (قَالَت التَّاسِعَة) أَي: الْمَرْأَة التَّاسِعَة: وَلم أَقف على اسْمهَا عِنْد أحد قَوْله: (رفيع الْعِمَاد) كِنَايَة عَن وَصفه بالشرف فِي نسبه وسؤدده فِي قومه فَهُوَ رفيع فيهم. والعماد فِي الأَصْل عماد الْبَيْت وَهُوَ العمود الَّذِي يدعم بِهِ الْبَيْت، تَعْنِي: أَن بَيته فِي حَسبه رفيع فِي قومه، وَيحْتَمل أَنَّهَا أَرَادَت أَن بَيته عالٍ لحشمته وسعادته لَا كبيوت غَيره من الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، يَجعله مرتفعا ليراه أَرْبابُُ الْحَوَائِج والأضياف فيأتونه. وَهَذِه صفة بيُوت الأجواد. قَوْله: (طَوِيل النجاد) . بِكَسْر النُّون كِنَايَة عَن طول الْقَامَة لِأَن النجاد حمائل السَّيْف، فَمن كَانَ طَوِيل الْقَامَة كَانَت حمائل سَيْفه طَوِيلَة، فوصفته بالطول والجود. قَوْله: (عَظِيم الرماد) . كِنَايَة عَن المضافية، لِأَن كَثْرَة الرماد تَسْتَلْزِم كَثْرَة النَّار وَكَثْرَة النَّار تَسْتَلْزِم كَثْرَة الطَّبْخ وَكَثْرَة الطَّبْخ تَسْتَلْزِم كَثْرَة الأضياف، وَقيل: إِن ناره لَا تطفأ فِي اللَّيْل ليهتدي بهَا الضيفان، والأجواد يعظمون النيرَان فِي ظلام اللَّيْل ويوقدونها على التلال لاهتداء الضَّيْف بهَا قَوْله: (قريب الْبَيْت من الناد) كِنَايَة عَن الْكَرم والسؤدد، لِأَن النادي مجْلِس الْقَوْم وَلَا يقرب مِنْهُ إلاَّ من هَذِه صفته، لِأَن الضيفان يقصدون النادي، يَعْنِي: ينزل بَين ظهراني النَّاس ليعلموا مَكَانَهُ وينزلوا عِنْده، واللئام يتباعدون مِنْهُ فِرَارًا من نزُول الضَّيْف. وَقَالَ
    صَاحب (التَّلْوِيح) فِي قَوْلهَا: (قريب الْبَيْت من النادي) كَذَا هُوَ فِي النّسخ: النادي، بِالْيَاءِ هُوَ الفصيح فِي الْعَرَبيَّة. وَلَكِن الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة خذفها الْيُتْم السجع، وَفِي رِوَايَة الزبير بن بكار بعد قَوْله: (قريب الْبَيْت من الناد) لَا يشْبع لَيْلَة يُضَاف، وَلَا ينَام لَيْلَة يخَاف.قَوْله: (وَقَالَت الْعَاشِرَة) أَي: الْمَرْأَة الْعَاشِرَة وَاسْمهَا: كَبْشَة، مثل الْخَامِسَة بنت الأرقم بالراء وَالْقَاف. قَوْله: (زَوجي مَالك، وَمَا مَالك؟ مَالك خير من ذَلِك) . أردْت بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ تَعْظِيم زَوجهَا لِأَن كلمة: مَا استفهامية وفيهَا معنى التَّعْظِيم والتهويل، وَحَقِيقَة: مَا مَالك، أَي: مَا هُوَ، أَي: أَي شَيْء هُوَ مَا أعظمه وأكبره وأكرمه مثل قَوْله عز وَجل: {{الحاقة مَا الحاقة}} (الحاقة: 1) {{القارعة مَا القارعة}} (القارعة: 1) أَي: أَي شَيْء هُوَ مَا أعطم أمرهَا وأهولها. وَقَوْلها: (مَالك خير من ذَلِك) زِيَادَة فِي التَّعْظِيم وَتَفْسِير لبَعض الْإِبْهَام وَأَنه خير مِمَّا أُشير إِلَيْهِ من ثَنَاء وَطيب ذكرا وَفَوق مَا أعتقده فِيهِ من سؤدد وفخر قَوْلهَا: (ذَلِك) إِشَارَة إِلَى: مَالك، أَي: خير من كل مَالك، والتعميم يُسْتَفَاد من الْمقَام أَو هُوَ نَحْو: تَمْرَة خير من جرادةٍ أَي كل تَمْرَة خير من كل جَرَادَة، أَو هُوَ إِشَارَة إِلَى مَا فِي ذهن الْمُخَاطب، أَي: مَالك خير مِمَّا فِي ذهنك من مَالك الْأَمْوَال. قَوْله: (لَهُ إبل) أَي: لزوجي إبل (كثيرات الْمُبَارك) وَهُوَ جمع مبرك وَهُوَ مَوضِع البروك أَرَادَت أَنه يبركها فِي مُعظم أَوْقَاتهَا بِفنَاء دَاره لَا يوجهها تسرح إِلَّا قَلِيلا قدر الضَّرُورَة حَتَّى إِذا نزل بِهِ الضَّيْف كَانَت الْإِبِل حَاضِرَة فيقريه من أَلْبَانهَا ولحومها، ويروى: عظيمات الْمُبَارك، وَهُوَ كِنَايَة عَن سمنها وَعظم جسومها فيعظم مباركها لذَلِك. قَوْله: (قليلات المسارح) ، وَهُوَ جمع مسرح وَهُوَ الْموضع الَّذِي تسرح إِلَيْهِ الْمَاشِيَة بِالْغَدَاةِ المرعى، يُقَال: سرحت الْمَاشِيَة تسرح فَهِيَ سارحة. وسرحتها يَأْتِي لَازِما ومتعديا. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: نصفه بِكَثْرَة الْإِطْعَام وَسقي الألبان أَي: أَن إبِله على كثرتها لَا تغيب عَن الْحَيّ وَلَا تسرح إِلَى المراعي الْبَعِيدَة وَلكنهَا تبرك بفنائه ليقري الضيفان من لَبنهَا ولحمها خوفًا من أَن ينزل بِهِ ضيف وَهِي بعيدَة عازبة، وَقيل: إِن مَعْنَاهُ أَن إبِله كَثِيرَة فِي حَال بروكها، فَإِذا سرحت كَانَت قَليلَة لِكَثْرَة مَا تحرمنها فِي مباركها للأضياف. وَفِي رِوَايَة الْهَيْثَم عَن هِشَام فِي آخر هَذَا الْكَلَام: وَهُوَ إِمَام الْقَوْم فِي المهالك. قَوْله: (وَإِذا سمعن صَوت المزهر أَيقَن أَنَّهُنَّ هوالك) ، أَي: إِذا سَمِعت الْإِبِل صَوت المزهر، بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ: الْعود الَّذِي يضْرب بِهِ أَي: إِن زَوجهَا عود الْإِبِل إِذا نزل بِهِ الضيفان أَتَاهُم بالعيدان وَالْمَعَازِف وآلات الطّرف ونحولهم مِنْهَا، فَإِذا سَمِعت الْإِبِل صَوت المزهر علمت يَقِينا أَنه قد جَاءَ الضيفان وأنهن منحورات هوالك، وَقَالَ أَبُو سعيد النَّيْسَابُورِي: لم تكن تعرف الْعَرَب الْعود إلاَّ الَّذين خالطوا الْحَضَر، وَالَّذِي يذهب إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ المزهر، يَعْنِي: بِضَم الْمِيم وَكسر الْهَاء وَهُوَ الَّذِي يزهر النَّار للأضياف، فَإِذا سمعن صَوت ذَلِك ومعمعان النَّار أيقنت بالعقر. وَقَالَ عِيَاض: لَا تعرف أحدا رَوَاهُ المزهر، كَمَا قَالَ النَّيْسَابُورِي: وَالَّذِي رَوَاهُ النَّاس كلهم المزهر، يَعْنِي بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ الصَّوَاب. وَالضَّمِير فِي سمعهن وأيقن برجع إِلَى الْإِبِل كَمَا ذَكرْنَاهُ، والهوالك جمع هالكة.قَوْله: (قَالَت الْحَادِيَة عشرَة) أَي: الْمَرْأَة الْحَادِيَة عشرَة، قَالَ النَّوَوِيّ: وَفِي بعض النسح: الْحَادِي عشرَة، وَفِي بَعْضهَا: الْحَادِيَة عشر، وَالصَّحِيح الأول، وَهِي: أم زرع بنت أكيمل بن سَاعِدَة اليمنية، وَهَذَا الحَدِيث مَشْهُور: بِحَدِيث أم زرع. قَوْله: (زَوجي أَبُو زرع! فَمَا أَبُو زرع؟) هُوَ كَقَوْل الْعَاشِرَة: مَالك وَمَا مَالك؟ أخْبرت أَولا أَن زَوجهَا أَبُو زرع، ثمَّ عظمت شَأْنه بقولِهَا: فَمَا أَبُو زرع؟ يَعْنِي: إنكن لَا تعرفنه لأنكن لم تعهدن مثله. قَوْله: (أَبُو زرع) . فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: نكحت أَبَا زرع. قَوْله: (فَمَا أَبُو زرع؟) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: وَمَا أَبُو رزع، بِالْوَاو وَهُوَ الْمَحْفُوظ للأكثرين، وَزَاد الطَّبَرَانِيّ فِي رِوَايَة: صَاحب نعم وَزرع. قَوْله: (أنَاس من حلي أُذُنِي) أنَاس فعل مَاض من النوس وَهُوَ الْحَرَكَة من كل شَيْء معتدل يُقَال: نَاس ينوس نوسا، وأناسه غَيره إناسة، والحلي بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء جمع: حلي، بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام وَتَخْفِيف الْيَاء، وَهُوَ اسْم لكل مَا يتزين بِهِ من مصاغ الذَّهَب وَالْفِضَّة، (وأذني) بتَشْديد الْيَاء، تَثْنِيَة أذن أَرَادَت: حلاني قرطة وشنوفا يَعْنِي مَلأ أُذُنِي بِمَا جرت بِهِ عَادَة النِّسَاء من التحلي بِهِ فِي الْأذن من القرط وَهُوَ الْحلق من ذهب وَفِضة ولؤلؤ وَنَحْو ذَلِك، وَقَالَ ابْن السّكيت: معني أنَاس: أثقل أُذُنِي حَتَّى تدلى واضطرب قَوْله: (وملأ من شَحم عضدي) بتَشْديد الْيَاء تَثْنِيَة عضد. وَقَالَ أَبُو عبيد: لم ترد الْعظم وَحده وَإِنَّمَا أَرَادَت الْجَسَد كُله. لِأَن العضف إِذا سمنت سمن سَائِر الْجَسَد، وخصت الْعَضُد لِأَنَّهَا أقرب مَا يَلِي بصر الْإِنْسَان من جسده. قَوْله: (وبجحني) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْجِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ بتَشْديد الْجِيم من التبجيح وَهُوَ التفريح، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: مَعْنَاهُ عظمني، وَقَالَ ابْن أبي أويس: وسع
    عَليّ وترفني قَوْله: (فبجحت) بِسُكُون التَّاء (وَنَفْسِي) فَاعله وإلي بتَشْديد الْيَاء وَفَائِدَة ذكر إِلَى التَّأْكِيد، إِذْ فِيهِ التَّجْرِيد وَبَيَان الِانْتِهَاء، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَات. وَفِي رِوَايَة لمُسلم: فتبجحت من: بابُُ التفعل، وَفِي رِوَايَة للنسائي: وبجح نَفسِي فتبجحت إِلَيّ، بِالتَّشْدِيدِ وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ: فبجحت، بِضَم التَّاء على صِيغَة نفس الْمُتَكَلّم من الْمَاضِي، وإلي، بِالتَّخْفِيفِ. قَوْله: (غنيمَة) مصغر: غنم. قَوْله: (بشق) ، بالشين الْمُعْجَمَة وَالْقَاف: وَأهل الحَدِيث يَرْوُونَهُ بِكَسْر الشين، وَقَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ بِالْفَتْح وَهُوَ اسْم مَوضِع. وَقَالَ الْهَرَوِيّ: هُوَ الصَّوَاب، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: هُوَ اسْم مَوضِع بِالْفَتْح وَالْكَسْر، وَقَالَ ابْن أبي أويس وَابْن حبيب: بشق جبل لقلتهم، زَاد ابْن أبي أويس: لقلَّة غَنمهمْ. وَقَالَ عِيَاض: كَأَنَّهَا تريدانهم لقلتهم وَقلة غَنمهمْ حملهمْ على سُكْنى شقّ الْجَبَل: (أَي) نَاحيَة الْجَبَل أَو بعضه، لِأَن الشق يَقع على النَّاحِيَة من الشَّيْء وَيَقَع على بعضه، والشق أَيْضا النّصْف، وَعَن نفطويه: معنى الشق بِالْكَسْرِ: الشظف من الْعَيْش والجهد مِنْهُ، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: يُقَال: هُوَ بشق وشظف من الْعَيْش أَي: بِجهْد مِنْهُ. قَوْله: (فِي أهل صَهِيل) ، أَي: أَصْحَاب صَهِيل وَهُوَ صَوت الْخَيل. وَقَوله: (وأطيط) . وَهُوَ أصوات الْإِبِل يَعْنِي: أَنه ذهب بهَا إِلَى أَهله وهم أهل خير وإبل، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: وجامل وَهُوَ جمع جمل وَالْمرَاد اسْم فَاعل لمَالِك الْجمال كَمَا يُقَال لِابْنِ وتامر، وَقَالَ عِيَاض: وأصل الأطيط أَعْوَاد المحامل والرحال. وَيُشبه أَن تُرِيدُ بهَا هَذَا الْمَعْنى، فَكَأَنَّهَا تُرِيدُ أَنهم أَصْحَاب محامل ورفاهية، لِأَن المحامل لَا يركبهَا إلاَّ أَصْحَاب السعَة، وَكَانَت قَدِيما من مراكب الْعَرَب. قَوْله: (ودائس) اسْم فَاعل من الدوس، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: (ودياس) . وَقَالَ ابْن السّكيت: الدائس الَّذِي يدوس الطَّعَام. وَقَالَ أَبُو عبيد: تَأَوَّلَه بَعضهم من دياس الطَّعَام وَهُوَ دراسه، وَأهل الْعرَاق يَقُولُونَ: الدياس، وَأهل الشَّام: الدراس، فَكَأَنَّهَا أَرَادَت أَنهم أَصْحَاب زرع قَوْله (ومنق) قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ الَّذِي ينقيه من التِّبْن وَنَحْوه بالغربال، وَقَالَ بَعضهم بِكَسْر النُّون وَتَشْديد الْقَاف، قَالَ أَبُو عبيد: لَا أَدْرِي مَعْنَاهُ، وَأَظنهُ بِالْفَتْح من تنقية الطَّعَام. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : المحدثون يَقُولُونَهُ بِالْكَسْرِ، وَقَالَ ابْن أبي أويس: المنق، بِالْكَسْرِ: نقيق أصواب الْمَوَاشِي والأنعام، تصف كَثْرَة مَاله. وَقَالَ أَبُو سعيد النَّيْسَابُورِي: هُوَ مَأْخُوذ من نقيقة الدَّجَاج، أَي: أَنهم أهل طير، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: لَا يُقَال لشَيْء من أصوات الْمَوَاشِي نق، وَإِنَّمَا يُقَال نق الضفدع وَالْعَقْرَب والدجاج، وَيُقَال فِي الهر: بقلة، وَقَالَ ابْن السراج: وَيجوز أَن يكون منق بالإسكان إِن كَانَ رُوِيَ، أَي: وإنعام ذَات نقي أَي سمان. قَوْله: (فَعنده أَقُول) أَي: عِنْد زَوجي أَقُول كلَاما فَلَا أقبح على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: فَلَا أنسب إِلَى التقبيح فِي القَوْل، بل يقبل مني، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: فَعنده أنطق، وَفِي رِوَايَة الزبير: أَتكَلّم. قَوْله: (وأرقد فأتصبح) أَي: أَنَام الصبيحة، وَهِي فِي أول النَّهَار، وَلَا أُوقِظ لِأَن عِنْدِي من يَكْفِينِي الْخدمَة من الْإِمَاء وَغَيرهَا. قَوْله: (واشرب فأتقمح) بِالْقَافِ وَتَشْديد الْمِيم أَي: أروى حَتَّى لَا أحب الشّرْب، مَأْخُوذ من النَّاقة المقامح وَهِي الَّتِي ترد الْحَوْض فَلَا تشرب وترفع رَأسهَا ريا، كَذَا قَالَه أَبُو عبيد، وكل رَافع رَأسه فَهُوَ مقامح، وَبَعض النَّاس يرويهِ. فاتقنح، بِفَتْح النُّون، وَقَالَ أَبُو عبيد: لَا أعرف هَذَا الْحَرْف وَلَا أرى الْمَحْفُوظ إلاَّ بِالْمِيم، وَقَالَ عِيَاض: لم نروه فِي (صَحِيح البُخَارِيّ) (وَمُسلم) إلاَّ بالنُّون، وَكَذَا فِي جَمِيع النّسخ وَقَالَ البُخَارِيّ: قَالَ بَعضهم: فاتقمح بِالْمِيم، قَالَ: وَهُوَ الْأَصَح، وَالَّذِي بالنُّون مَعْنَاهُ: أقطع الشّرْب وأتمهل فِيهِ، وَقيل: هُوَ الشّرْب بعد الرّيّ، وَحكى أَبُو عَليّ القالي فِي (البارع) و (الأمالي) يُقَال: قنحت الْإِبِل، تفتح بِفَتْح النُّون فِي الْمَاضِي والمستقبل. قنحا بِإِسْكَان النُّون. قَالَ شمر: إِذا تكارهت الشّرْب. وَفِي (التَّلْوِيح) وَمن رَوَاهُ: أتفتح، بِالْفَاءِ وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق إِن لم يكن وهما فَمَعْنَاه والتكبر والزهو والتيه، وَيكون هَذَا التكبر والتيه من الشَّرَاب لنشوة سكره، وَهُوَ على كل حَال يرجع إِلَى عزتها عِنْده وكثرته الْخَيْر لَدَيْهَا. وَقيل: معنى أتقنح كِنَايَة عَن سمن جسمها واتساعه. قَوْله: (أم بِي زرع فَمَا أم أبي زرع) الْكَلَام فِيهِ مثل الْكَلَام فِي زَوجي أَبُو زرع، فَمَا أَبُو زرع؟ ويروى: أم زرع وَمَا أم زرع؟ بِحَذْف أَدَاة الكنية، الأول هُوَ ظَاهر الرِّوَايَة. قَوْله: (عكومها رداح) العكوم جمع عكم بِكَسْر الْعين وَسُكُون الْكَاف كجلود جمع جلد، وَهِي الأعدال والأحمال الَّتِي تجمع فِيهَا الْأَمْتِعَة، وَقيل: هِيَ نمط تجْعَل الْمَرْأَة فِيهَا ذخيرتها، حَكَاهُ الزَّمَخْشَرِيّ، ورداح بِكَسْر الرَّاء بِفَتْحِهَا وَآخره حاء مُهْملَة أَي: عِظَام كَثِيرَة الحشو. قَالَه أَبُو عبيد، وَقَالَ الْهَرَوِيّ: ثقيله، وَيُقَال للكتيبة الْكَبِيرَة: رداح إِذا كَانَت بطيئة السّير لِكَثْرَة من فِيهَا، وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت عَظِيمَة الكفل
    ثَقيلَة الورك ورداح.وَقَالَ الْكرْمَانِي: الرداح مُفْرد والعكوم جمع، يَعْنِي: كَيفَ يكون الْمُفْرد خَبرا عَن الْجمع؟ ثمَّ أجَاب بِأَنَّهُ أَرَادَ كل عكم رداح بِكَسْر الرَّاء لَا بِفَتْحِهَا، أَو بِكَوْن الرداح هَهُنَا مصدرا كالذهاب قلت: أجوبة أُخْرَى: الأول: أَن يكون رداح بِكَسْر الرَّاء لَا بِفَتْحِهَا جمع رداح كقائم وَقيام، ويخبر عَن الْجمع بِالْجمعِ. الثَّانِي: أَن يكون ردا خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: عكومها كلهَا رداح على أَن رداح وَاحِد جمعه ردح بِضَمَّتَيْنِ. الثَّالِث: أَن الْخَبَر عَن الْجمع قد جَاءَ بِالْوَاحِدِ مثل: أدرع دلاص، أَي براق، وَمِنْه {{أولياؤهم الطاغوت}} (الْبَقَرَة: 752) قَوْله: (وبيتها فساخ) بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف السِّين الْمُهْملَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة أَي: وَاسع يُقَال: بَيت فسيح وفساح وفياح بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَمِنْهُم من يشد الْيَاء للْمُبَالَغَة، وَالْمعْنَى: أَنَّهَا وصفت وَالِدَة زَوجهَا بِأَنَّهَا كَثِيرَة الْآلَات والأثاث والقماش، وَاسِعَة المَال كَبِيرَة الْبَيْت أما حَقِيقَة فَيدل على عظم الثروة، وَأما كِنَايَة عَن كَثْرَة الْخَيْر ورغد الْعَيْش وَالْبر بِمن ينزل بهم لأَنهم يَقُولُونَ: فلَان رحيب الْمنزل، أَي: يكرم من ينزل عَلَيْهِ. قَوْله: (ابْن أبي زرع! فَمَا ابْن أبي زرع؟) لما وصفت أم أبي زرع بِمَا ذكر شرعت تصف ابْن أبي زرع بقولِهَا: (مضجعه كمسل شطبة) المسل، بِفَتْح الْمِيم وَالسِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام مصدر ميمي بِمَعْنى: المسلول، أَو اسْم مَكَان وَمَعْنَاهُ: كمسلول الشطبة، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي أَرَادَت بمسل الشطبة سَيْفا سل من عمده، فمضحعه الَّذِي ينَام فِيهِ فِي الصغر كَقدْر مسل شطبة وَاحِدَة. وَقَالَ أَبُو عبيد: وأصل الشطبة مَا يشطب من جريد النّخل فَيشق مِنْهُ قضبان رقاق تنسج مِنْهَا الْحصْر، وَيُقَال للْمَرْأَة الَّتِي تفعل ذَلِك: الشاطبة، أخْبرت أَنه مهفهف ضرب اللَّحْم، شبهته بِتِلْكَ الشطبة. وَقَالَ أَبُو سعيد النَّيْسَابُورِي: تُرِيدُ كَأَنَّهُ سيف مسلول من غمده، وسيوف الْيمن كلهَا ذَات شطب، وَهِي الطرائق الَّتِي فِي متن السَّيْف، وَقد شبهت الْعَرَب الرِّجَال بِالسُّيُوفِ إِمَّا لخشونة الْجَانِب وَشدَّة المهابة، وَإِمَّا لجمال الرونق وَكَمَال اللألاء، وَإِمَّا لكَمَال صورتهَا فِي اعتدالها واستوائها. قَوْله: (ويشبعه ذِرَاع الجفرة) ويروى: ويكفيه ذِرَاع الجفرة، وَهِي بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْفَاء وبالراء: الْأُنْثَى من أَوْلَاد الضَّأْن، وَقيل: من أَوْلَاد الْمعز، وَالذكر جفر وَهِي الَّتِي مر لَهَا من عمرها أَرْبَعَة أشهر، وأرادت بِهِ أَنه قَلِيل الْأكل، وَزَاد بعد هَذَا فِي رِوَايَة لِابْنِ الْأَنْبَارِي: وترويه فيقة اليعرة. (ويميس فِي حق النترة) . قَوْله: (وتروية) من الإرواء، والفيقة بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا قَاف مَا يجْتَمع فِي الضَّرع بَين الحلبتين، والفواق بِضَم الْفَاء: الزَّمَان الَّذِي بَين الحلبتين، واليعرة بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة بعْدهَا رَاء العناق، واليعر الجدي. قَوْله: (ويميس) أَي يتبختر، والنترة بِفَتْح النُّون وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: الدرْع اللطيفة أَو القصيرة، وَقيل: اللينة الملمس، وَقيل: الواسعة. وَالْحَاصِل أَنَّهَا وَصفته بهيف الْقد وَأَنه لَيْسَ ببطين وَلَا جافي قَلِيل الْأكل وَالشرب ملازم لآلة الْحر، يختال فِي مَوضِع الْحَرْب والقتال، وكل ذَلِك مِمَّا يتمادح بِهِ الْعَرَب قَوْله: (بنت أبي زرع فَمَا بنت أبي زرع) هَذَا فِي مدح بنت أبي زرع بعد مدح ابْن أبي زرع، وَفِي رِوَايَة مُسلم: وَمَا بنت أبي زرع؟ بِالْوَاو. قَوْله: (طوع أَبِيهَا) أَي: هِيَ طوع أَبِيهَا وطوع أمهَا يَعْنِي: بارة بهما لَا تخرج عَن أَمرهمَا، وَفِي رِوَايَة الزبير. وزين أَهلهَا ونسائها. أَي: يتجملون بهَا، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: زين أمهَا وزين أَبِيهَا، بدل لفظ طوع، فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَفِي رِوَايَة للطبراني: وقرة عين لأَبِيهَا وَأمّهَا وزين لأَهْلهَا، وَفِي رِوَايَة لِابْنِ السّكيت: قبَاء هضيمة الحشا جائلة الوشاح عنكاء فعماء نجلاء دعجاء زجاء قنواء مؤنقة مقنعة. قلت: قبَاء، بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالمد خميصة الْبَطن، وهضيمة الحشا من الهضم بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ انضمام الجنبين، يُقَال: رجل أهضم وَامْرَأَة هضماء، والحشا بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة مَقْصُورا، وَهُوَ مَا انضمت عَلَيْهِ الضلوع، وجائلة الوشاح، بِكَسْر الْوَاو وبالشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره حاء مُهْملَة، وَهُوَ شَيْء ينسج عريضا من أَدَم، وَرُبمَا رصع بالجوهر والخرز وتشده الْمَرْأَة بَين عاتقيها وكشحيها وَيُقَال فِيهِ: إشاح، والحائلة، بِالْجِيم من الجولان يَعْنِي: يَدُور وشاحها لضمور بَطنهَا، وعكناء، بِفَتْح الْعين المعملة وَسُكُون الْكَاف وبالنون وَالْمدّ أَي: ذَات عُكَن وَهِي الطيات فِي بَطنهَا، وفعماء بفح الْفَاء وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالمد أَي: ممتلئة الْأَعْضَاء: ونجلاء بِفَتْح النُّون وَسُكُون وبالمد، أَي وَاسِعَة الْعَينَيْنِ، ودعجاء من الدعج، وَهِي شدَّة سَواد الْعين فِي شدَّة بياضها، وزجاء بالزاي وَالْجِيم الْمُشَدّدَة من الزجج وَهُوَ تقوس فِي الْحَاجِب مَعَ طول فِي أَطْرَافه وامتداده، وَقيل بالراء وَتَشْديد الْجِيم أَي: كَبِير الكفل ترتج من عظمه، وقنواء، بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون النُّون من القنو، وَهُوَ طول
    فِي الْأنف ودقة الأرنبة مَعَ جَدب فِي وَسطه، ومؤنقة بالنُّون وَالْقَاف من الشَّيْء الأنيق وَهُوَ المعجب ومقنعة مغطاة الرَّأْس بالقناع، وَقيل: مونقة، بتَشْديد النُّون ومعنقة بوزنه أَي: مغذية بالعيش الناعم. قَوْله: (وملء كسائها) كِنَايَة عَن امتلاء جسمها وسمنها. قَوْله: (وغيظ جارتها) ، المُرَاد بالجارة الضرة أَي: يغيظها مَا ترى من حسنها وجمالها وأدبها وعفتها، وَفِي رِوَايَة مُسلم: وعقر جارتها، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف أَي: دهشها أَو قَتلهَا، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وحير جارتها، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف من الْحيرَة، وَفِي أُخْرَى لَهُ: وَحين جارتها، بالنُّون عوض الرَّاء وَهُوَ الْهَلَاك، وَفِي رِوَايَة الْهَيْثَم بن عدي: وَعبر جارتها، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة من الْعبْرَة بِالْفَتْح أَي: تبْكي حسدا لما ترَاهُ مِنْهَا، أَو بِالْكَسْرِ، أَي: تعْتَبر بذلك، وَفِي رِوَايَة سعيد بن سَلمَة: وَخبر نسائها، فَاخْتلف فِي ضَبطه فَقيل بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَة من التحبير، وَقيل بِالْمُعْجَمَةِ وَالْيَاء آخر الْحُرُوف من الْخَيْرِيَّة. قَوْله: (جَارِيَة أبي زرع {{فَمَا جَارِيَة أبي زرع) وصفت أَولا زَوجهَا، ثمَّ وصفت حماتها وَهِي أم أبي زرع، ثمَّ ابْن أبي زرع، ثمَّ بنته، ثمَّ وصفت هُنَا جَارِيَة أبي زرع بقولِهَا: (جَارِيَة أبي زرع}} فَمَا جَارِيَة أبي زرع؟) وَالْكَلَام فِيهِ كَمَا ذكرنَا عِنْد قَوْلهَا زَوجي أَبُو زرع. قَوْله: (لَا تبث) من بَث الحَدِيث إِذا أظهره وأفشاه. ومادته: بَاء مُوَحدَة وثاء مُثَلّثَة. ويروى: لَا تنث، بالنُّون مَوضِع الْبَاء وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَقيل: بالنُّون فِي الشَّرّ، وَفِي رِوَايَة الزبير: وَلَا تخرج حَدِيثا. قَوْله: (تبثيثا) مصدر من بثث على وزن فعل بِالتَّشْدِيدِ، وَهَذَا فِيهِ مَا لَيْسَ فِي بَث من الْمُبَالغَة، وَهَذَا على غير أصل فعله لِأَن مصدر بَث الْخَبَر بثا، وَقَالَ الْجَوْهَرِي بَث الْخَبَر وأبثه بِمَعْنى، أَي نشرة، وبثث الْخَبَر بِالتَّشْدِيدِ للْمُبَالَغَة وَقَالَ: نث الحَدِيث فِي بابُُ النُّون ينثه نَثَا إِذا أفشاه. قَوْله: (وَلَا تنقث) بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح النُّون وَتَشْديد الْقَاف الْمَكْسُورَة بعْدهَا الثَّاء الْمُثَلَّثَة أَي: لَا تسرع فِي الْميرَة بالخيانة. والميرة بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء: الزَّاد. وَأَصله مَا يحصله البدوي من الْحَضَر ويحمله إِلَى منزله لينْتَفع بِهِ، وَضَبطه عِيَاض فِي مُسلم بِفَتْح أَوله وَسُكُون النُّون وَضم الْقَاف، وَالْمعْنَى: لَا تَأْخُذ الطَّعَام فتذهب بِهِ، تصفها بالأمانة. قَوْله: (تنقيثاً) مصدر على أصل الضَّبْط الأول، وعَلى ضبط عِيَاض على غير أَصله وَيَجِيء الْمصدر على غير أصل فعله نَحْو: {{وَالله أنبتكم من الأَرْض نباتا}} (نوح: 71) وَالْأَصْل أَن يُقَال: إنباتا، وَقد وَقع فِي رِوَايَة الْمُسلم نَحْو الضَّبْط الأول، والتنقيث إِخْرَاج مَا فِي منزل أَهلهَا إِلَى غَيرهم، قَالَه أَبُو سعيد، وَقَالَ ابْن حبيب: لَا تفسده، وَفِي رِوَايَة أبي عبيد: وَلَا تنقل، وَكَذَا للزبير عَن عَمه مُصعب، وَلأبي عوَانَة: وَلَا تنْتَقل، وَفِي رِوَايَة ابْن الْأَنْبَارِي: وَلَا تعت، بِالْعينِ الْمُهْملَة والفوقانية، أَي تفْسد، وَأَصله من العتة بِالضَّمِّ وَهِي السوسة، وَفِي رِوَايَة للنسائي: وَلَا تفش ميرتنا تفشيشا، بفاء ومعجمتين من الإفشاش وَهُوَ طلب الْأكل من هُنَا وَهنا، وَيُقَال: فش مَا على الخوان إِذا أكله أجمع، وَوَقع عِنْد الْخطابِيّ: وَلَا تفْسد ميرتنا تغشيشا، بالمعجمات، وَقَالَ: مَأْخُوذ من غشيش الْخبز إِذا فسد، وَضَبطه الزَّمَخْشَرِيّ بِالْفَاءِ الثَّقِيلَة بدل الْقَاف، وَقَالَ فِي شَرحه: التفث والتفل بِمَعْنى، وأرادات الْمُبَالغَة فِي براءتها من الْخِيَانَة. قَوْله: (وَلَا تملأ بيتنا تعشيشا) بِالْعينِ الْمُهْملَة وبالشين المعجمتين أَي: لَا ترك الكناسة وَالْقُمَامَة فِي الْبَيْت مفرقة كعش الطَّائِر، بل هِيَ مصلحَة للبيت معتنية بتنظيفه، وَقيل: مَعْنَاهُ لَا تخوننا فِي طعامنا فتخبئه فِي زَوَايَا الْبَيْت كأعشاش الطير، وَرُوِيَ بإعجام الْغَيْن من الْغِشّ فِي الطَّعَام، وَقيل: من النميمة أَي: لَا تَتَحَدَّث بهَا. وَقَالَ الْخطابِيّ: التغشيش من قَوْلهم: غشش الْخَبَر إِذا انكدح وَفَسَد أَي: أَنَّهَا تحسن مُرَاعَاة الطَّعَام وتعهده بِأَن تطعم أَولا فأولاً لَا تغفل عَن أمره فيتكدح. وَيفْسد فِي الْبَيْت، وَوَقع فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: وَلَا تعش بيتنا تعشيشا، وَفِي رِوَايَة الْهَيْثَم عَن هِشَام: ضيف أبي زرع {{وَمَا ضيف أبي زرع؟ فِي شبع وروى ورتع. طهاة أبي زرع}} فَمَا طهاة أبي زرع؟ لَا تفتر وَلَا تعدى، تقدح قدر أَو تنصب أُخْرَى فتلحق الْآخِرَة بِالْأولَى، مَال أبي زرع! فَمَا مَال أبي زرع؟ على الجمم معكوس وعَلى العفاة مَحْبُوس. قَوْله: وري بِكَسْر الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (ورتع) بِفَتْح الرَّاء الْمُثَنَّاة أَي: تنعم قَوْله: طهاة جمع طاه وَهُوَ الطباخ من طهي الرجل إِذا طبح قَوْله: لَا تفتر، بِالْفَاءِ الساكنة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق المضمومة أَي: لَا تسكن وَلَا تضعف قَوْله: (وَلَا تعدى) بِضَم التَّاء وَتَشْديد الدَّال أَي: لَا تتْرك ذَلِك وَلَا تتجاوز عَنهُ. قَوْله: (تقدح) أَي: تغرف قدرا وتنصب قدرا أُخْرَى، يُقَال: قدح الْقدر إِذا غرف مَا فِيهَا بالمقدحة، وَهِي الغرفة. قَوْله: فتلحق
    الْآخِرَة، أَي: تلْحق الْقُدْرَة الْآخِرَة بِالْقُدْرَةِ الأولى الَّتِي غرف مَا فِيهَا، وَحَاصِله أَنَّهَا لم تزل فِي الطَّبْخ والغرف، وَلَا تعدى عَن ذَلِك قَوْله: (على الجمم) بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف الْمِيم الأولى: جمع جمة، وهم الْقَوْم يسْأَلُون فِي الدِّيَة قَوْله: (معكوس) أَي: مَرْدُود وَالْعَكْس فِي اوصل ردك آخر الشَّيْء إِلَى أَوله. قَوْله: العفاة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْفَاء، جمع عاف. كالقضاة جمع قَاض، وهم السائلون. قَوْله: مَحْبُوس أَي مَوْقُوف عَلَيْهِم. قَوْله: (قَالَت: خرج أَبُو زرع) ، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: خرج من عِنْدِي، وَفِي رِوَايَة الْحَارِث ابْن أبي أُسَامَة ثمَّ خرج من عِنْدِي قَوْله: (والأوطاب تمخض) الْوَاو فِيهِ للْحَال، والأوطاب جمع وطب وَهُوَ سقاء اللَّبن خَاصَّة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ جمع على غير قِيَاس، وَكَذَا قَالَ أَبُو سعيد: إِن فعلا لَا يجمع على أَفعَال، بل يجمع على فعال. قلت: يرد قَوْلهمَا قَول الْخَلِيل: جمع وطب على وطاب وأوطاب، كَمَا جمع: فَرد على أَفْرَاد. قَوْله: (تمحض) من المخض وَهُوَ أَخذ الزّبد من اللَّبن، وَعَن عِيَاض: رَأَيْت فِي رِوَايَة حَمْزَة عَن النَّسَائِيّ: والأطاب، بِغَيْر وَاو، فَإِن كَانَ مضبوطا فَهُوَ على إِبْدَال الْوَاو همزَة، كَمَا قَالُوا: أكاف ووكاف ثمَّ إِن قَول أم زرع هَذَا يحْتَمل وَجْهَيْن: أَحدهمَا: إِنْكَار خُرُوجه من منزلهَا غدْوَة وَعِنْدهم خير كثير وَلبن غزير يشرب صَرِيحًا ومخيضا ويفضل عِنْدهم مَا يمخضوه فِي الأوطاب، وَالْآخر: أَنَّهَا أَرَادَت أَن خُرُوجه كَانَ فِي اسْتِقْبَال الرّبيع وطيبه، وَأَن خُرُوجه إِمَّا السّفر أَو غَيره، فَلم تدر مَا ترَتّب عَلَيْهَا بِسَبَب خُرُوجه من تزوج غَيرهَا وَالظَّاهِر أَنه لما رأى أم زرع تعبت من مخض اللَّبن واستقلت لتستريح خرج، فَرَأى امْرَأَة فَتَزَوجهَا، وَهُوَ معنى قَوْلهَا: (فلقي امْرَأَة مَعهَا ولدان لَهَا كالفهدين) وَفِي رِوَايَة لِابْنِ الْأَنْبَارِي: كالصقرين، وَفِي رِوَايَة لغيره: كالشبلين، وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن أبي أويس: سارين حسنين نفيسين، وَسبب وصفهَا لَهما التَّنْبِيه على سَبَب تَزْوِيج أبي زرع لَهَا، لِأَن الْعَرَب كَانَت ترغب فِي كَون الْأَوْلَاد من النِّسَاء النجيبات فِي الْخلق والخلق. وتظاهرت الرِّوَايَات على أَن الغلامين كَانَا ابْنَيْنِ للْمَرْأَة الْمَذْكُورَة إلاَّ مَا رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن هِشَام: أَنَّهُمَا كَانَا أخويها، وَقَالَ عِيَاض: يتَأَوَّل بِأَن المُرَاد أَنَّهُمَا ولداها ولكنهما جعلا أخويها فِي حسن الصُّورَة. قَوْله: (يلعبان من تَحت حضريها برمانتين) أَرَادَت بِهَذَا أَن هَذِه الْمَرْأَة كَانَت ذَات كفل عَظِيم فَإِذا اسْتَقَلت على ظهرهَا ارْتَفع كفلها بهَا من الأَرْض حَتَّى تصير تحتهَا فجوة يجْرِي فِيهَا الرُّمَّان. وَفِي رِوَايَة الْحَارِث: من تَحت درعها. وَفِي رِوَايَة الْهَيْثَم: من تَحت صدرها، وَعَن ابْن أبي أويس: أَن الرمانتين هما الثديان. وَقَالَ أَبُو عبيد: لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه، وَلَا سِيمَا وَقد رُوِيَ: من تَحت درعها برمانتين، وَيُؤَيِّدهُ مَا وَقع فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: وَهِي مستقلية على قفاها وَمَعَهَا رمانة يرميان بهَا من تحتهَا فَتخرج من الْجَانِب درعها برمانتين، وَيُؤَيِّدهُ مَا وَقع فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: وَهِي مستلقية على قفاها وَمَعَهَا رمانة يرميان بهَا من تحتهَا فَتخرج من الْجَانِب الآخر من عظم إليتيها. قَوْله: (فطلقني ونكحها) وَفِي رِوَايَة الْحَارِث: فَأَعْجَبتهُ فطلقني، وَفِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: فَخَطَبَهَا أَبُو زرع فَتَزَوجهَا فَلم تزل بِهِ حَتَّى طلق أم زرع، وَفِي رِوَايَة الْهَيْثَم: فاستبدلت بعده وكل بدل أَعور، وَهُوَ مثل مَعْنَاهُ: أَن الْبَدَل من الشَّيْء غَالِبا لَا يقوم مقَام الْمُبدل مِنْهُ، بل هُوَ دونه وَأنزل مِنْهُ، وَالْمرَاد بالأعور الْمَعِيب. وَقَالَ ثَعْلَب: الْأَعْوَر الرَّدِيء من كل شَيْء كَمَا يُقَال: كلمة عوراء أَي: قبيحة. قَوْله: (رجلا سريا) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف أَي سيدا شريفا من قَوْلهم: فرس سري أَي: خِيَار، وَمِنْه: هَذَا من سراة المَال أَي: خِيَاره. قَوْله: (ركب شربا) بالشين الْمُعْجَمَة أَي فرسا شريا وَهُوَ الَّذِي يستشري فِي سيره أَي يلج ويمضي بِلَا فتور وَقَالَ عِيَاض عَن ابْن السّكيت شريا بالشين الْمُعْجَمَة يَعْنِي: سيدا سخيا ركب شريا، بِالْمُعْجَمَةِ فَقَط. وَقَالَ النَّوَوِيّ فرسا شريا بِالْمُعْجَمَةِ بالِاتِّفَاقِ. قلت: مَا ذكرنَا الْآن يردهُ، وَفِي رِوَايَة الْحَارِث: ركب فرسا عَرَبيا، وَفِي رِوَايَة الزبير: أعوجيا، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى أَعْوَج فرس مَشْهُور تنْسب إِلَيْهِ الْعَرَب خِيَار الْخَيل، كَانَت لبني كِنْدَة ثمَّ لبني سليم ثمَّ لبني هِلَال. قَوْله: (وَأَخذه خطيا) بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الطَّاء الْمُهْملَة أَي: أَخذ رمحا خطيا أَي: مَنْسُوبا إِلَى الْخط، وَهُوَ مَوضِع مَعْرُوف بنواحي الْبَحْرين تجلب الرماح مِنْهُ، وَقيل: أَصْلهَا من الْهِنْد تحمل فِي الْبَحْر إِلَى الْخط، الْمَكَان الْمَذْكُور، ثمَّ تفرق مِنْهُ فِي الْبِلَاد. قَوْله: (وأراح) من الإراحة وَهُوَ السُّوق إِلَى مَوضِع الْمبيت بعد الزَّوَال. قَوْله: (على) بِالتَّشْدِيدِ. قَوْله: (نعما ثريا) بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الرَّاء الْخَفِيفَة وَتَشْديد الْيَاء، وَهُوَ الْكثير من المَال وَمن الْإِبِل وَغَيرهَا، وَهُوَ صفة: نعما، وَإِنَّمَا ذكر لأجل السجع، وَقَالَ عِيَاض: النعم الْإِبِل خَاصَّة، وَكَذَا قَالَه ابْن بطال وَابْن التِّين، وَقَالَ غَيرهم: النعم الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم، قَالَ تَعَالَى: {{وَمن الْأَنْعَام حمولة وفرشا}} (الْأَنْعَام: 241) ثمَّ قَالَ: {{ثَمَانِيَة أَزوَاج}} (الزمر: 6) فَذكر أَنْوَاع الْمَاشِيَة،
    ويروى نعما، بِكَسْر النُّون جمع: نعْمَة، وَالْأول هُوَ الْأَشْهر. قَوْله: (وَأَعْطَانِي من كل رَائِحَة زوجا) أَي: من كل مَا يروح من النعم وَالْعَبِيد وَالْإِمَاء زوجا. أَي: اثْنَيْنِ وَيحْتَمل أَنَّهَا أَرَادَت صنفا وَفِي رِوَايَة مُسلم: وَأَعْطَانِي من كل ذابحة أَي مذبوحة. مثل {{عيشة راضية}} (الحاقة: 12) أَي: مرضية، وَحَاصِل المعني: أَعْطَانِي من كل شَيْء يذبح زوجا، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: وَأَعْطَانِي من كل سَائِمَة، والسائمة الراعية، والرائحة الْآتِيَة وَقت الرواح وَهُوَ آخر النَّهَار قَوْله: (وميري أهلك) بِكَسْر الْمِيم أَي: صلى أهلك بالميرة وَهِي الطَّعَام قَوْله: (قَالَت) أَي أم زرع. قَوْله: (كل شَيْء أعطانيه) ، أَي: الزَّوْج الثَّانِي الَّذِي تزوج بهَا بعد أبي زرع. قَوْله: (مَا بلغ) خبر لقَوْله: (كل شَيْء) وَفِي رِوَايَة مُسلم أَعْطَانِي، بِلَا هَاء. وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: مَا بلغت أناء، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: فَلَو جمعت كل شَيْء أصبته مِنْهُ فَجعلت فِي أَصْغَر وعَاء من أوعية أبي زرع مَا ملاه.قَوْله: (قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كنت لَك كَأبي زرع لأم زرع) قَالَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تطبيبا لنَفسهَا، وإيضاحا لحس عشرته إِيَّاهَا، ثمَّ اسْتثْنى من ذَلِك الْأَمر الْمَكْرُوه مِنْهُ أَنه طَلقهَا، وَإِنِّي لَا أطلقك، تتميما لطيب نَفسهَا وإكمالاً لطمأنينة قَلبهَا ورفعا للإبهام لعُمُوم التَّشْبِيه بجملة أَحْوَال أبي زرع إِذا لم يكن فِيهَا مَا تذمه سوى طَلَاقه لَهَا، وَقَول عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: بِأبي أَنْت وَأمي، بل أَنْت خير لي من أبي زرع، جَوَاب مثلهَا فِي فَضلهَا، فَإِن سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أخْبرهَا أَنه لَهَا كَأبي زرع لأم زرع، لفرط محبَّة أم زرع لَهُ وإحسانه لَهَا، أخْبرته هِيَ أَنه عِنْدهَا أفضل وَهِي لَهُ أحب من أم زرع لأبي زرع. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَكَانَ هِيَ زَائِدَة أَي: أَنا لَك. قلت: يُؤَيّد قَوْله: فِي زِيَادَة كَانَ، رِوَايَة الزبير: أَنا لَك كَأبي زرع لأم زرع، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قَوْله: (كنت لَك) مَعْنَاهُ أَنا لَك، وَهَذَا نَحْو قَوْله عز وَجل: {{كُنْتُم خير أمة}} (آل عمرَان: 011) أَي أَنْتُم خير أمة. قَالَ: وَيُمكن بَقَاؤُهَا على ظَاهرهَا، أَي: كنت لَك فِي علم الله السَّابِق، وَيُمكن أَن يُرِيد بِهِ مِمَّا أُرِيد بِهِ الدَّوَام كَقَوْلِه تَعَالَى: {{وَكَانَ الله سمعيا بَصيرًا}} (النِّسَاء: 852) [/ ح.وَفِي هَذَا الحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا: ذكر محَاسِن النِّسَاء للرِّجَال إِذا كن مجهولات بِخِلَاف المعينات، فَهَذَا مَنْهِيّ عَنهُ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَلَا تصف الْمَرْأَة الْمَرْأَة لزَوجهَا حَتَّى كَأَنَّهُ ينظر إِلَيْهَا. وَمِنْهَا: جَوَاز إِعْلَام الرجل بمحبته للْمَرْأَة إِذا أَمن عَلَيْهَا من هجر وَشبهه. وَمِنْهَا: مَا يدل على التَّكَلُّم بالألفاظ الْعَرَبيَّة والأسجاع، وَإِنَّمَا يكره من ذَلِك التَّكَلُّف. وَمِنْهَا: مَا قَالَه الْمُهلب فِيهِ: التأسي بِأَهْل الْإِحْسَان من كل أمة. أَلا يرى أَن أم زرع أخْبرت عَن أبي زرع بجميل عشرته، فامتثله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ عِيَاض: وَهَذَا عِنْدِي غير مُسلم. لأَنا لَا نقُول إِن سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إقتدى بِأبي زرع، بل أخبر أَنه لَهَا كَأبي زرع. وَأعلم أَن حَاله مَعهَا مثل حَاله ذَلِك لَا على التأسي بِهِ، وَأما قَوْله بِجَوَاز التأسي بِأَهْل الْإِحْسَان من كل أمة فَصَحِيح مَا لم تصادمه الشَّرِيعَة. وَمِنْهَا: شكر الْمَرْأَة إِحْسَان زَوجهَا، وَكَذَا ترْجم عَلَيْهِ النَّسَائِيّ، وَخرج مَعَه فِي الْبابُُ حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: لَا ينظر الله إِلَى امْرَأَة لَا تشكر زَوجهَا. وَمِنْهَا: مدح الرجل فِي وَجهه بِمَا فِيهِ إِذا علم أَن ذَاك غير مُفسد لَهُ وَلَا مغير نَفسه، وَالنَّبِيّ، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، مَظَنَّة كل مدح ومستحق كل ثَنَاء، وَأَن من أثنى بِمَا أثنى فَهُوَ فَوق ذَلِك كُله. وَمِنْهَا: أَن كنايات الطَّلَاق لَا يَقع بهَا الطَّلَاق إلاَّ بِالنِّيَّةِ، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كنت لَك كَأبي زرع، وَمن جملَة أَفعَال أبي زرع أَنه طلق امْرَأَته أم زرع، وَلم يَقع على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَلَاق لتشبهه لكَونه لم ينْو الطَّلَاق وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة إِلَّا أَن أَبَا زرع طلق أم زرع، وَأَنا لم أطلقك.قَالَ أبُو عَبْدِ الله: قَالَ سَعيدُ بنُ سَلَمَةَ عنْ هِشَامٍ وَلاَ تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشا.قَالَ أبُو عبد الله: وَقَالَ بَعْضُهُمْ أتَقَمَّحُ، بِالْمِيم وهاذَا أصَحُّ.أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، هَذَا إِلَى آخِره لَيْسَ فِي بعض النّسخ. قَالَ الْكرْمَانِي: صَوَابه فِي هَذِه الْمُتَابَعَة كَمَا فِي بعض النّسخ هُوَ: قَالَ أَبُو سَلمَة عَن سعيد بن سَلمَة إِلَى آخِره، وَأَبُو سَلمَة هَذَا هُوَ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، وَسَعِيد بن سَلمَة بالفتحات ابْن أبي الحسام الْعَدوي الْمَدِينِيّ، مولى آل عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يكنى أَبَا عَمْرو وَمن رجال مُسلم، روى عَنهُ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَهُوَ حَدِيث وَاحِد: حَدِيث أم زرع، وَمَاله فِي البُخَارِيّ إلاَّ هَذَا الْموضع، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير، روى عَنهُ سعيد بن سَلمَة بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقد وَصله مُسلم عَن الْحسن بن عَليّ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن سعيد بن سَلمَة عَن هِشَام
    بن عُرْوَة، وَلكنه لم يسق فِيهِ لَفظه بِتَمَامِهِ. قَوْله: (وَلَا تعشش بيتنا تعشيشا) قد مر الِاخْتِلَاف فِي ضَبطه عَن قريب، فَقيل بِالْعينِ الْمُهْملَة وَقيل بِالْمُعْجَمَةِ قَوْله: (قَالَ أَبُو عبد الله) . هُوَ البُخَارِيّ أَيْضا، قَالَ بَعضهم: أتقمح، بِالْمِيم وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي قَوْله: قَالَت الْحَادِيَة عشرَة، وَهِي أم أبي زرع. قَوْله: (وَهَذَا أصح) أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه وَقع فِي أصل رِوَايَة أتقنح، بالنُّون، وبالميم أصح.

    حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالاَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا‏.‏ قَالَتِ الأُولَى زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ، غَثٌّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ، لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى، وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ‏.‏ قَالَتِ الثَّانِيَةُ زَوْجِي لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ‏.‏ قَالَتِ الثَّالِثَةُ زَوْجِي الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ‏.‏ قَالَتِ الرَّابِعَةُ زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لاَ حَرٌّ، وَلاَ قُرٌّ، وَلاَ مَخَافَةَ، وَلاَ سَآمَةَ‏.‏ قَالَتِ الْخَامِسَةُ زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ‏.‏ قَالَتِ السَّادِسَةُ زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلاَ يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ، قَالَتِ السَّابِعَةُ زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاًّ لَكِ‏.‏ قَالَتِ الثَّامِنَةُ زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ‏.‏ قَالَتِ التَّاسِعَةُ زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ‏.‏ قَالَتِ الْعَاشِرَةُ زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلاَتُ الْمَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ‏.‏ قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ فَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَىَّ، وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَىَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَىَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ مَضْجِعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلاَ تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قَالَتْ خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلاً سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَىَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا وَقَالَ كُلِي أُمَّ زَرْعٍ، وَمِيرِي أَهْلَكِ‏.‏ قَالَتْ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَىْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ‏.‏ قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ‏ "‏ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ ‏"‏‏.‏ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ وَلاَ تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا‏.‏ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فَأَتَقَمَّحُ‏.‏ بِالْمِيمِ، وَهَذَا أَصَحُّ‏.‏

    Narrated `Aisha:Eleven women sat (at a place) and promised and contracted that they would not conceal anything of the news of their husbands. The first one said, "My husband is like the meat of a slim weak camel which is kept on the top of a mountain which is neither easy to climb, nor is the meat fat, so that one might put up with the trouble of fetching it." The second one said, "I shall not relate my husband's news, for I fear that I may not be able to finish his story, for if I describe him, I will mention all his defects and bad traits." The third one said, "My husband, the "too-tall"! if I describe him (and he hears of that) he will divorce me, and if I keep quiet, he will keep me hanging (neither divorcing me nor treating me as a wife)." The fourth one said, "My husband is (moderate in temper) like the night of Tihama: neither hot nor cold; I am neither afraid of him, nor am I discontented with him." The fifth one said, "My husband, when entering (the house) is a leopard (sleeps a lot), and when going out, is a lion (boasts a lot). He does not ask about whatever is in the house." The sixth one said, "If my husband eats, he eats too much (leaving the dishes empty), and if he drinks he leaves nothing; if he sleeps he sleeps he rolls himself (alone in our blankets); and he does not insert his palm to inquire about my feelings." The seventh one said, "My husband is a wrong-doer or weak and foolish. All the defects are present in him. He may injure your head or your body or may do both." The eighth one said, "My husband is soft to touch like a rabbit and smells like a Zarnab (a kind of good smelling grass)." The ninth one said, "My husband is a tall generous man wearing a long strap for carrying his sword. His ashes are abundant (i.e. generous to his guests) and his house is near to the people (who would easily consult him)." The tenth one said, "My husband is Malik (possessor), and what is Malik? Malik is greater than whatever I say about him. (He is beyond and above all praises which can come to my mind). Most of his camels are kept at home (ready to be slaughtered for the guests) and only a few are taken to the pastures. When the camels hear the sound of the lute (or the tambourine) they realize that they are going to be slaughtered for the guests." The eleventh one said, "My husband is Abu Zar` and what is Abu Zar` (i.e., what should I say about him)? He has given me many ornaments and my ears are heavily loaded with them and my arms have become fat (i.e., I have become fat). And he has pleased me, and I have become so happy that I feel proud of myself. He found me with my family who were mere owners of sheep and living in poverty, and brought me to a respected family having horses and camels and threshing and purifying grain. Whatever I say, he does not rebuke or insult me. When I sleep, I sleep till late in the morning, and when I drink water (or milk), I drink my fill. The mother of Abu Zar and what may one say in praise of the mother of Abu Zar? Her saddle bags were always full of provision and her house was spacious. As for the son of Abu Zar, what may one say of the son of Abu Zar? His bed is as narrow as an unsheathed sword and an arm of a kid (of four months) satisfies his hunger. As for the daughter of Abu Zar, she is obedient to her father and to her mother. She has a fat well-built body and that arouses the jealousy of her husband's other wife. As for the (maid) slave girl of Abu Zar, what may one say of the (maid) slavegirl of Abu Zar? She does not uncover our secrets but keeps them, and does not waste our provisions and does not leave the rubbish scattered everywhere in our house." The eleventh lady added, "One day it so happened that Abu Zar went out at the time when the milk was being milked from the animals, and he saw a woman who had two sons like two leopards playing with her two breasts. (On seeing her) he divorced me and married her. Thereafter I married a noble man who used to ride a fast tireless horse and keep a spear in his hand. He gave me many things, and also a pair of every kind of livestock and said, Eat (of this), O Um Zar, and give provision to your relatives." She added, "Yet, all those things which my second husband gave me could not fill the smallest utensil of Abu Zar's." `Aisha then said: Allah's Messenger (ﷺ) said to me, "I am to you as Abu Zar was to his wife Um Zar

    Telah menceritakan kepada kami [Sulaiman bin Abdurrahman] dan [Ali bin Hujr] keduanya berkata, Telah mengabarkan kepada kami [Isa bin Yunus] Telah menceritakan kepada kami [Hisyam bin Urwah] dari [Abdullah bin Urwah] dari [Urwah] dari [Aisyah] ia berkata; Sebelas wanita duduk-duduk kemudian berjanji sesama mereka untuk tidak mnyembunyikan sedikitpun seluk-beluk suami mereka. Wanita pertama berkata, "Suamiku adalah daging unta yang kurus, berada di puncak gunung yang sulit, tidak mudah didaki, dan tidak gemuk sehingga mudah diangkat." Wanita kedua berkata, "Suamiku? Aku tidak akan menyebarkan seluk-beluk tentang dirinya. Aku takut tidak bisa meninggalkannya jika aku menyebutnya, aku menyebutkan kebaikan dan keburukannya sekaligus." Wanita ketiga berkata, "Suamiku jangkung. Jika aku berkata, ia menceraikanku. Jika aku diam, ia menggantungkan (urusanku)." Wanita keempat berkata, "Suamiku sedang, seperti cuaca Gunung Tihamah. Ia tidak panas, dingin, menakutkan, dan membosankan." Wanita kelima berucap, "Suamiku? Jika ia masuk, ia seperti anak singa. Jika ia keluar, ia seperti singa. Ia tidak pernah bertanya apa yang ia ketahui." Wanita keenam mengemukakan, "Suamiku? Jika makan, ia mencampur semua jenis makanan. Jika minum, ia menghabiskan seluruh air. Jika tidur, ia berselimut. Ia tidak memasukkan telapak tangan untuk mengetahui kesedihan (tidak penyayang kepadanya)." Wanita ketujuh berkata, "Suamiku tidak tahu kemaslahatan dirinya dan bodoh. Baginya, semua penyakit adalah obat. Ia membelah kepalamu atau memecahkanmu, atau melakukan kedua-duanya terhadapmu." Wanita kedelapan berkata, "Suamiku halus sehalus kelinci dan harum seharum zarrab (tanaman yang harum)." Wanita kesembilan mengatakan, "Suamiku tinggi tiangnya, panjang bantuannya, besar asapnya, dan rumahnya dengan api." Wanita kesepuluh mengemukakan, "Suamiku adalah majikan dan tidak ada majikan sebaik dia. Ia mempunyai unta yang banyak sekali dan dekat pengembalaannya. Jika unta-unta tersebut mendengar suara rebana sebagai tanda kedatangan tamu, unta-unta tersebut merasa yakin bahwa mereka akan disembelih." Wanita kesebelas berkata, "Suamiku adalah Abu Zar'in. Tahukah kamu siapakah Abu Zar'in? Ia menggerak-gerakkan perhiasan kedua telingaku, memenuhi lemak kedua lenganku, dan membahagiakanku hingga jiwaku berbahagia. Ia mendapatiku di tempat pemilik kambing kecil di gunung kemudian membawaku ke pemilik kuda yang banyak, unta yang banyak, penggiling makanan, dan pengusir burung. Di tempatnya, aku berkata dan tidak menjelek-jelekkan, tidur hingga pagi, dan minum hingga puas. Ibu Abu Zar'in. siapakah ibu Abu Zar'in? Tempat makanannya besar dan rumahnya luas. Anak laki-laki Abu Zar'in. Siapakah anak laki-laki Abu Zar'in? Tempat tidurnya seperti pedang yang diambil dari sarungnya (ringan) dan ia dibuat kenyang dengan lengan kambing yang berusia empat bulan. Anak perempuan Abu Zar'in. Siapakah anak perempuan Abu Zar'in? Ia patuh kepada ayah ibunya dan membuat marah tetanggganya. Budak wanita Abu Zar'in. Siapakah budak wanita Abu Zar'in? Ia tidak merusak pembicaraan kami, tidak memindahkan warisan kami, dan tidak memenuhi rumah kami dengan kotoran seperti rumput. Abu Zar'in keluar sedang tempat-tempat susu digerak-gerakkan dengan keras, kemudian ia bertemu dengan seorang wanita bersama dua anaknya seperti anak singa yang sedang bermain di bawah pinggangnya dengan dua buah delima, kemudian Abu Zar'in menceraikanku dan menikahi wanita tersebut. Sesudahnya aku menikah dengan seorang laki-laki yang mulia, mengendarai dengan cepat, mengambil tombak, mengembalikan hewan ternak kepadaku, dan memberiku bau harum semuanya sepasang. Ia berkata, 'Makanlah hai Ummu Zar'in dan berilah makan keluargamu.' Jika aku kumpulkan semua yang diberikan suami keduaku tersebut, tidak mencapai bejana terkecil Abu Zar'in. Aisyah berkata; Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Terhadapmu aku seperti Abu Zar'in terhadap Ummu Zar'in." berkata Abu Abdullah; berkata [Sa'id bin Salamah] dari [Hisyam] dan janganlah engkau penuhi rumah kami dengan sisa-sisa rumah (sampah). Abu Abdullah mengatakan, sebagian mengatakan "Maka aku minum hingga puas.". Dan ini lebih sahih

    Aişe r.anha'dan, dedi ki: "Bir zamanlar on bir kadın bir yerde oturmuş ve birbirleriyle kocalarına dair haberlerden hiçbir şey gizlemeyeceklerine dair ahitleşip, akitleştiler. Birincisi dedi ki: Benim kocam çıkılması pek kolay olmayan bir dağın başındaki zayıf bir devenin eti gibidir. Üstelik semiz de değildir ki, oradan alınıp getirilsin. İkincisi dedi ki: Ben kocama ait haberi etrafa yayamam. Çünkü ben onu sözkonusu edecek olursam, gizli açık, abur cubur zikretmedik hiçbir halini bırakmamaktan korkarım. Üçüncüleri dedi ki: Benim kocam aşırı uzun boylu birisidir. Konuşursam beni boşar, susarsam askıda bırakılırım. Dördüncüsü dedi ki: Kocam Tihame gecesine benzer. Ne sıcaktır ne soğuk, (evimizde) ne korku vardır ne de usanç. Beşincisi dedi ki: Kocam içeri girdiğinde bir parstır. Dışarı çıkınca bir arslandır. Alışageldiği şeylere dair de bir şey sormaz. Altıncısı dedi ki: Kocam yedi mi siler süpürür, içti mi su kabını kurutur. Yatıp uzandı mı yorganına sarınır, bürünür. Üzüntü ve kederi(mi) anlamak için elini uzatmaz. Yedincisi dedi ki: Kocam vazifesini yapamayan ahmağın tekidir. Her bir dert ve hastalık onun derdidir; ya benim başımı yarar, ya vücudumu yaralar, ya bunların hepsini bir arada yapar. Sekizinci dedi ki: Kocama dokunmak, tavşana dokunmak gibidir. Kokusu da hoş bir bitkinin kokusu gibidir. Dokuzuncu kadın dedi ki: Kocamın evinin direkleri yüksek, kılıcının hamayılı uzun, ocağının külü çok, evi de insanların toplantı meclisine yakındır. Onuncu kadın dedi ki: Kocam Malik'tir. Hem neye maliktir? Hatıra gelen her şeyin hayırlısına maliktir. Onun çökecek yerleri pek çok, yayılıp otlayacak yerleri pek az develeri vardır. Onun develeri ud sesini duyar duymaz kendilerinin kesin olarak helak olacaklarını (misafirler için ikram olmak üzere kesileceklerini) anlarlar. ' Onbirinci kadın dedi ki: Benim kocam Ebu Zer'dir. Ebu Zer' nedir? Zınet eşyaları ile kulaklarımı doldurdu. Pazularımı yağla doldurdu. Bana rahat ve huzurlu bir hayat yaşattı. Ben de bu rahat ve huzur içinde yaşadım. O beni Şıkk denilen bir yerde birkaç koyuna sahip bir kabile arasında buldu. Beni atları kişneyen, develeri böğüren, ekinleri sürülüp taneleri ayrılan bir topluluk içerisine getirdi. İşte onun yanında bir söz söyledim mi bana çirkin bir şekilde karşılık verilmez. Sabah vakti uyurum da uyandırıımam. İçecek takatim kalmayıncaya kadar da (süt) içerim. (Ebu Zer' ailesinin diğer fertlerine gelince) Ebu Zer'in annesi var. Ebu Zer'in annesini bir bilseniz. Onun zahire ambarları var, eşyasını koyduğu evi bayağı büyüktür. Ebu Zer'in bir de oğlu var. Ebu Zer'in oğlunu bir bilseniz. Yattığı yer kılıcı çekilmiş kın gibidir. Düzgün, boylu posludur, karnı çıkık değildir. Dört aylık bir kuzunun kolu ile doyar. Ebu Zer'in bir kızı var. Ebu Zer'in kızı nasıl bir kızdır (bilir misiniz?) Babasına itaatkardır, annesine itaatkardır. Vücudu elbisesini doldurur. (Güzelliği ve vasıfları itibariyle) komşusunu kızdırır, kıskandırır. Ebu Zer'in bir de cariyesi var. Ebu Zer'in cariyesi nasıldır, bilir misiniz? Aile sırlarımızı etrafa yaymaz. Evimizdeki azığı rastgele saçıp savurmaz. Evimizi de çer çöple doldurarak kir getirmez. Ümmü Zer' dedi ki: Bir gün Ebu Zer' dışarıya çıktığında her tarafta yayıklar çalkalanıyordu. Beraberinde iki parsı andıran iki çocuk bulunan bir kadın gördü. Bu çocuklar koltuğunun altında iki narı andıran memeleriyle oynuyorlardı. Bunun üzerine kocam beni boşadı ve o kadını nikahladı. Ben de ondan sonra şerefli bir adam nikahladım. En güzel ata biner ve Hat denilen beldenin mızrağını taşırdı. Benim üzerime akşam üzeri pek çok deve ve sığır sürüp bana getirirdi. Bu gidip gelen davarların her birisinden bana bir çift verdi ve: "Ey Ümmü Zer' ye ve akrabana da ihsan et" dedi. Üm mü Zer' ded;i ki: "Eğer bana verdiği her şeyi toplayıp biraraya getirecek olsam Ebu Zerilin en"küçük k?bını dahi dolduramaz." Aişe dedi ki: "Rasuluııah Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurdu: Ebu Zer'in, Ümmü Zer'e karşı davrandığı gibi ben de sana davrandım." Said İbn Seleme dedi ki: Hişam dedi ki: "(Evimizde çer çöp bırakmaz, pislikle evimizi doldurmaz anlamındaki ibareyi) vela tuaşşişu beytena ta'şişa diye rivayet etmiştir. Ebu Abduııah (Buhari) dedi ki: Bazıları da şöyle demiştir: "Fe etekammehu" şeklinde mim harfi ile kuııanmıştır. Bu ise daha sahihtir

    ہم سے سلیمان بن عبدالرحمٰن اور علی بن حجر نے بیان کیا، ان دونوں نے کہا کہ ہم کو عیسیٰ بن یونس نے خبر دی، اس نے کہا کہ ہم سے ہشام بن عروہ نے بیان کیا، انہوں نے اپنے بھائی عبداللہ بن عروہ سے، انہوں نے اپنے والد عروہ بن زبیر سے، انہوں نے عائشہ رضی اللہ عنہا سے انہوں نے کہا کہ گیارہ عورتوں کا ایک اجتماع ہوا جس میں انہوں نے آپس میں یہ طے کیا کہ مجلس میں وہ اپنے اپنے خاوند کا صحیح صحیح حال بیان کریں کوئی بات نہ چھپاویں۔ چنانچہ پہلی عورت ( نام نامعلوم ) بولی میرے خاوند کی مثال ایسی ہے جیسے دبلے اونٹ کا گوشت جو پہاڑ کی چوٹی پر رکھا ہوا ہو نہ تو وہاں تک جانے کا راستہ صاف ہے کہ آسانی سے چڑھ کر اس کو کوئی لے آوے اور نہ وہ گوشت ہی ایسا موٹا تازہ ہے جسے لانے کے لیے اس پہاڑ پر چڑھنے کی تکلیف گوارا کرے۔ دوسری عورت ( عمرہ بنت عمرو تمیمی نامی ) کہنے لگی میں اپنے خاوند کا حال بیان کروں تو کہاں تک بیان کروں ( اس میں اتنے عیب ہیں ) میں ڈرتی ہوں کہ سب بیان نہ کر سکوں گی اس پر بھی اگر بیان کروں تو اس کے کھلے اور چھپے سارے عیب بیان کر سکتی ہوں۔ تیسری عورت ( حیی بنت کعب یمانی ) کہنے لگی، میرا خاوند کیا ہے ایک تاڑ کا تاڑ ( لمبا تڑنگا ) ہے اگر اس کے عیب بیان کروں تو طلاق تیار ہے اگر خاموش رہوں تو ادھر لٹکی رہوں۔ چوتھی عورت ( مہدو بنت ابی ہرومہ ) کہنے لگی کہ میرا خاوند ملک تہامہ کی رات کی طرح معتدل نہ زیادہ گرم نہ بہت ٹھنڈا نہ اس سے مجھ کو خوف ہے نہ اکتاہٹ ہے۔ پانچوں عورت ( کبشہ نامی ) کہنے لگی کہ میرا خاوند ایسا ہے کہ گھر میں آتا ہے تو وہ ایک چیتا ہے اور جب باہر نکلتا ہے تو شیر ( بہادر ) کی طرح ہے۔ جو چیز گھر میں چھوڑ کر جاتا ہے اس کے بارے میں پوچھتا ہی نہیں ( کہ وہ کہاں گئی؟ ) اتنا بےپرواہ ہے جو آج کمایا اسے کل کے لیے اٹھا کر رکھتا ہی نہیں اتنا سخی ہے۔ چھٹی عورت ( ہند نامی ) کہنے لگی کہ میرا خاوند جب کھانے پر آتا ہے تو سب کچھ چٹ کر جاتا ہے اور جب پینے پر آتا ہے تو ایک بوند بھی باقی نہیں چھوڑتا اور جب لیٹتا ہے تو تنہا ہی اپنے اوپر کپڑا لپیٹ لیتا ہے اور الگ پڑ کر سو جاتا ہے میرے کپڑے میں کبھی ہاتھ بھی نہیں ڈالتا کہ کبھی میرا دکھ درد کچھ تو معلوم کرے۔ ساتویں عورت ( حیی بنت علقمہ ) میرا خاوند تو جاہل یا مست ہے۔ صحبت کے وقت اپنا سینہ میرے سینے سے اوندھا پڑ جاتا ہے۔ دنیا میں جتنے عیب لوگوں میں ایک ایک کر کے جمع ہیں وہ سب اس کی ذات میں جمع ہیں ( کم بخت سے بات کروں تو ) سر پھوڑ ڈالے یا ہاتھ توڑ ڈالے یا دونوں کام کر ڈالے۔ آٹھویں عورت ( یاسر بنت اوس ) کہنے لگی میرا خاوند چھونے میں خرگوش کی طرح نرم ہے اور خوشبو میں سونگھو تو زعفران جیسا خوشبودار ہے۔ نویں عورت ( نام نامعلوم ) کہنے لگی کہ میرے خاوند کا گھر بہت اونچا اور بلند ہے وہ قدآور بہادر ہے، اس کے یہاں کھانا اس قدر پکتا ہے کہ راکھ کے ڈھیر کے ڈھیر جمع ہیں۔ ( غریبوں کو خوب کھلاتا ہے ) لوگ جہاں صلاح و مشورہ کے لیے بیٹھتے ہیں ( یعنی پنچائت گھر ) وہاں سے اس کا گھر بہت نزدیک ہے۔ دسویں عورت ( کبشہ بنت رافع ) کہنے لگی میرے خاوند کا کیا پوچھنا جائیداد والا ہے، جائیداد بھی کیسی بڑی جائیداد ویسی کسی کے پاس نہیں ہو سکتی بہت سارے اونٹ جو جابجا اس کے گھر کے پاس جٹے رہتے ہیں اور جنگل میں چرنے کم جاتے ہیں۔ جہاں ان اونٹوں نے باجے کی آواز سنی بس ان کو اپنے ذبح ہونے کا یقین ہو گیا۔ گیارھویں عورت ( ام زرع بنت اکیمل بنت ساعدہ ) کہنے لگی میرا خاوند ابوزرع ہے اس کا کیا کہنا اس نے میرے کانوں کو زیوروں سے بوجھل کر دیا ہے اور میرے دونوں بازو چربی سے پھلا دئیے ہیں مجھے خوب کھلا کر موٹا کر دیا ہے کہ میں بھی اپنے تئیں خوب موٹی سمجھنے لگی ہوں۔ شادی سے پہلے میں تھوڑی سے بھیڑ بکریوں میں تنگی سے گزر بسر کرتی تھی۔ ابوزرعہ نے مجھ کو گھوڑوں، اونٹوں، کھیت کھلیان سب کا مالک بنا دیا ہے اتنی بہت جائیداد ملنے پر بھی اس کا مزاج اتنا عمدہ ہے کہ بات کہوں تو برا نہیں مانتا مجھ کو کبھی برا نہیں کہتا۔ سوئی پڑی رہوں تو صبح تک مجھے کوئی نہیں جگاتا۔ پانی پیوں تو خوب سیراب ہو کر پی لوں رہی ابوزرعہ کی ماں ( میری ساس ) تو میں اس کی کیا خوبیاں بیان کروں۔ اس کا توشہ کھانا مال و اسباب سے بھرا ہوا، اس کا گھر بہت ہی کشادہ۔ ابوزرعہ کا بیٹا وہ بھی کیسا اچھا خوبصورت ( نازک بدن دبلا پتلا ) ہری چھالی یا ننگی تلوار کے برابر اس کے سونے کی جگہ ایسا کم خوراک کہ بکری کے چار ماہ کے بچے کا دست کا گوشت اس کا پیٹ بھر دے۔ ابوزرعہ کی بیٹی وہ بھی سبحان اللہ کیا کہنا اپنے باپ کی پیاری، اپنی ماں کی پیاری ( تابع فرمان اطاعت گزار ) کپڑا بھر پور پہننے والی ( موٹی تازی ) سوکن کی جلن۔ ابوزرعہ کی لونڈی اس کی بھی کیا پوچھتے ہو کبھی کوئی بات ہماری مشہور نہیں کرتی ( گھر کا بھید ہمیشہ پوشیدہ رکھتی ہے ) کھانے تک نہیں چراتی گھر میں کوڑا کچڑا نہیں چھوڑتی مگر ایک دن ایسا ہوا کہ لوگ مکھن نکالنے کو دودھ متھ رہے تھے۔ ( صبح ہی صبح ) ابوزرعہ باہر گیا اچانک اس نے ایک عورت دیکھی جس کے دو بچے چیتوں کی طرح اس کی کمر کے تلے دو اناروں سے کھیل رہے تھے ( مراد اس کی دونوں چھاتیاں ہیں جو انار کی طرح تھیں ) ۔ ابوزرعہ نے مجھ کو طلاق دے کر اس عورت سے نکاح کر لیا۔ اس کے بعد میں نے ایک اور شریف سردار سے نکاح کر لیا جو گھوڑے کا اچھا سوار، عمدہ نیزہ باز ہے، اس نے بھی مجھ کو بہت سے جانور دے دئیے ہیں اور ہر قسم کے اسباب میں سے ایک ایک جوڑا دیا ہوا ہے اور مجھ سے کہا کرتا ہے کہ ام زرع! خوب کھا پی، اپنے عزیز و اقرباء کو بھی خوب کھلا پلا تیرے لیے عام اجازت ہے مگر یہ سب کچھ بھی جو میں نے تجھ کو دیا ہوا ہے اگر اکٹھا کروں تو تیرے پہلے خاوند ابوزرعہ نے جو تجھ کو دیا تھا، اس میں کا ایک چھوٹا برتن بھی نہ بھرے۔

    ‘আয়িশাহ (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, ১১ জন মহিলা এক স্থানে একত্রিত বসল এবং সকলে মিলে এ কথার ওপর একমত হল যে, তারা নিজেদের স্বামীর ব্যাপারে কোন কিছুই গোপন রাখবে না। প্রথম মহিলা বলল, আমার স্বামী হচ্ছে অত্যন্ত হাল্কা-পাতলা দুর্বল উটের গোশতের মত যেন কোন পর্বতের চুড়ায় রাখা হয়েছে এবং সেখানে উঠা সহজ কাজ নয় এবং গোশতের মধ্যে এত চর্বিও নেই, যে কারণে সেখানে উঠার জন্য কেউ কষ্ট স্বীকার করবে। দ্বিতীয় জন বলল, আমি আমার স্বামী সম্পর্কে কিছু বলব না, কারণ আমি ভয় করছি যে, তার সম্পর্কে বলতে গিয়ে শেষ করা যাবে না। কেননা, যদি আমি তার সম্পর্কে বলতে যাই, তা হলে আমাকে তার সকল দুর্বলতা এবং মন্দ দিকগুলো সম্পর্কেও বলতে হবে। তৃতীয় মহিলা বলল, আমার স্বামী একজন দীর্ঘদেহী ব্যক্তি। আমি যদি তার বর্ণনা দেই (আর সে যদি তা শোনে) তাহলে সে আমাকে তালাক দিবে। আর যদি আমি কিছু না বলি, তাহলে সে আমাকে ঝুলন্ত অবস্থায় রাখবে। অর্থাৎ তালাকও দেবে না, স্ত্রীর মত ব্যবহারও করবে না। চতুর্থ মহিলা বলল, আমার স্বামী হচ্ছে তিহামার রাতের মত মাঝামাঝি- অতি গরমও না, অতি ঠান্ডাও না, আর আমি তাকে ভয়ও করি না, আবার তার প্রতি অসন্তুষ্টও নই। পঞ্চম মহিলা বলল, যখন আমার স্বামী ঘরে ঢুকে তখন চিতা বাঘের মত থাকে। যখন বাইরে যায় তখন সিংহের মত তার স্বভাব থাকে এবং ঘরের কোন কাজের ব্যাপারে কোন প্রশ্ন তোলে না। ৬ষ্ঠ মহিলা বলল, আমার স্বামী যখন খেতে বসে, তখন সব খেয়ে ফেলে। যখন পান করে, তখন সব শেষ করে। যখন নিদ্রা যায়, তখন একাই চাদর বা কাঁথা মুড়ি দিয়ে শুয়ে থাকে। এমনকি হাত বের করেও আমার খবর নেয় না। সপ্তম মহিলা বলল, আমার স্বামী হচ্ছে পথভ্রষ্ট অথবা দুর্বল মানসিকতা সম্পন্ন এবং চরম বোকা, সব রকমের দোষ তার আছে। সে তোমার মাথায় বা শরীরে অথবা উভয় স্থানে আঘাত করতে পারে। অষ্টম মহিলা বলল, আমার স্বামীর স্পর্শ হচ্ছে খরগোশের মত এবং তার দেহের সুগন্ধ হচ্ছে যারনাব (এক প্রকার বনফুল)-এর মত। নবম মহিলা বলল, আমার স্বামী হচ্ছে অতি উচ্চ অট্টালিকার মত এবং তার তরবারি ঝুলিয়ে রাখার জন্য সে চামড়ার লম্বা ফালি পরিধান করে (অর্থাৎ সে দানশীল ও সাহসী)। তার ছাইভষ্ম প্রচুর পরিমাণের (অর্থাৎ প্রচুর মেহমান আছে এবং মেহমানদারীও হয়) এবং মানুষের জন্য তার গৃহ অবারিত। এলাকার জনগণ তার সঙ্গে সহজেই পরামর্শ করতে পারে। দশম মহিলা বলল, আমার স্বামীর নাম হল মালিক। মালিকের কী প্রশংসা আমি করব। যা প্রশংসা করব সে তার চেয়ে ঊর্ধ্বে। তার অনেক মঙ্গলময় উট আছে, তার অধিকাংশ উটকেই ঘরে রাখা হয় (অর্থাৎ মেহমানদের যবাই করে খাওয়ানোর জন্য) এবং অল্প সংখ্যক মাঠে চরার জন্য রাখা হয়। বাঁশির শব্দ শুনলেই উটগুলো বুঝতে পারে যে, তাদেরকে মেহমানদের জন্য যবাই করা হবে। একাদশতম মহিলা বলল, আমার স্বামী আবূ যার‘আ। তার কথা আমি কী বলব। সে আমাকে এত অধিক গহনা দিয়েছে যে, আমার কান ভারী হয়ে গেছে, আমার বাজুতে মেদ জমেছে এবং আমি এত সন্তুষ্ট হয়েছি যে, আমি নিজেকে গর্বিত মনে করি। সে আমাকে এনেছে অত্যন্ত গরীব পরিবার থেকে, যে পরিবার ছিল মাত্র কয়েকটি বকরীর মালিক। সে আমাকে অত্যন্ত ধনী পরিবারে নিয়ে আসে, যেখানে ঘোড়ার হরেষাধ্বনি এবং উটের হাওদার আওয়াজ এবং শস্য মাড়াইয়ের খসখসানি শব্দ শোনা যায়। সে আমাকে ধন-সম্পদের মধ্যে রেখেছে। আমি যা কিছু বলতাম, সে বিদ্রূপ করত না এবং আমি নিদ্রা যেতাম এবং সকালে দেরী করে উঠতাম এবং যখন আমি পান করতাম, অত্যন্ত তৃপ্তি সহকারে পান করতাম। আর আবূ যার‘আর আম্মার কথা কী বলব! তার পাত্র ছিল সর্বদা পরিপূর্ণ এবং তার ঘর ছিল প্রশস্ত। আবূ জার‘আর পুত্রের কথা কী বলব! সেও খুব ভাল ছিল। তার শয্যা এত সংকীর্ণ ছিল যে, মনে হত যেন কোষবদ্ধ তরবারি অর্থাৎ সে অত্যন্ত হালকা-পাতলা দেহের অধিকারী। তার খাদ্য হচ্ছে ছাগলের একখানা পা। আর আবূ যার‘আর কন্যা সম্পর্কে বলতে হয় যে, সে কতই না ভাল। সে বাপ-মায়ের সম্পূর্ণ বাধ্য সন্তান। সে অত্যন্ত সুস্বাস্থ্যের অধিকারিণী, যে কারণে সতীনরা তাকে হিংসা করে। আবূ যার‘আর ক্রীতদাসীরও অনেক গুণ। সে আমাদের গোপন কথা কখনো প্রকাশ করত না, সে আমাদের সম্পদকে কমাত না এবং আমাদের বাসস্থানকে আবর্জনা দিয়ে ভরে রাখত না। সে মহিলা আরও বলল, একদিন দুধ দোহন করার সময় আবূ যার‘আ বাইরে বেরিয়ে এমন একজন মহিলাকে দেখতে পেল, যার দু’টি পুত্র-সন্তান রয়েছে। ওরা মায়ের স্তন্য নিয়ে চিতা বাঘের মত খেলছিল (দুধ পান করছিল)। সে ঐ মহিলাকে দেখে আকৃষ্ট হল এবং আমাকে তালাক দিয়ে তাকে বিয়ে করল। এরপর আমি এক সম্মানিত ব্যক্তিকে বিয়ে করলাম। সে দ্রুতগামী ঘোড়ায় চড়ত এবং হাতে বর্শা রাখত। সে আমাকে অনেক সম্পদ দিয়েছে এবং প্রত্যেক প্রকারের গৃহপালিত জন্তু থেকে এক এক জোড়া আমাকে দিয়েছে এবং বলেছে, হে উম্মু যার‘আ! তুমি এ সম্পদ থেকে খাও, পরিধান কর এবং উপহার দাও। মহিলা আরও বলল, সে আমাকে যা কিছু দিয়েছে, তা আবূ যার‘আর একটি ক্ষুদ্র পাত্রও পূর্ণ করতে পারবে না (অর্থাৎ আবূ যার‘আর সম্পদের তুলনায় তা খুবই সামান্য ছিল)। ‘আয়িশাহ (রাঃ) বলেন, রাসূলুল্লাহ্ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম আমাকে বললেন, ‘‘আবূ যার‘আ তার স্ত্রী উম্মু যার‘আর জন্য যেমন আমিও তোমার প্রতি তেমন (তবে আমি কক্ষনো তোমাকে তালাক দিব না)। [মুসলিম ৪৪/১৪, হাঃ ২৪৪৮] (আধুনিক প্রকাশনী- ৪৮০৭, ইসলামিক ফাউন্ডেশন)

    ஆயிஷா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: (முற்காலத்தில்) பதினொன்று பெண்கள் (ஓரிடத்தில் கூடி) அமர்ந்துகொண்டு ஒவ்வொருவரும் தத்தம் கணவர் குறித்த செய்திகளில் எதையும் மூடி மறைக்காமல் (உள்ளதை உள்ளபடி) எடுத்துரைப்பதென உறுதிமொழியும் தீர்மானமும் எடுத்துக்கொண்டனர். முதலாவது பெண் கூறினார்: என் கணவர், (உயரமான) மலைச் சிகரத்தில் வைக்கப்பட்டுள்ள மிகவும் இளைத்துப்போன ஒட்டகத்தின் இறைச்சிக்கு நிகரானவர். (இளைத்த ஒட்டகத்தின் இறைச்சியாயினும், அதை எடுக்க) மேலே செல்லலாம் என்றால் (அந்த மலைப் பாதை) சுலபமானதாக இல்லை. (சிரமத்தைத் தாங்கி) மேலே ஏற (அது ஒன்றும்) கொழுத்த (ஒட்டகத்தின்) இறைச்சியு மில்லை.122 இரண்டாவது பெண் கூறினார்: நான் என கணவர் பற்றிய செய்திகளை அம்பலப்படுத்தப்போவதில்லை. (அப்படி அம்பலப்படுத்த முயன்றாலும்) அவரைப் பற்றிய செய்திகளை ஒன்றுகூட விடாமல் சொல்ல முடியுமா என்ற அச்சமும் எனக்கு உண்டு. அவ்வாறு கூறுவதானாலும் அவரது வெளிப்படையான மற்றும் அந்தரங்கமான குற்றங்குறைகளைத்தான் கூறவேண்டியதிருக்கும். மூன்றாவது பெண் கூறினார்: என் கணவர் மிகவும் உயரமான மனிதர். அவரைப் பற்றி நான் (ஏதேனும்) பேசி (அது அவரது காதுக்கு எட்டி)னால் நான் விவாகரத்துச் செய்யப்பட்டுவிடுவேன்; (அதே நேரத்தில் அவரிடம் எதுவும் பேசாமல்) நான் மௌனமாயிருந்தால் அந்தரத்தில் விடப்படுவேன். (என்னுடன் நல்லபடி வாழவுமாட்டார்; என்னை விவாகரத்தும் செய்யமாட்டார்.) நான்காவது பெண் கூறினார்: என் கணவர் (மக்கா உள்ளிட்ட) ‘திஹாமா’ பகுதியின் இரவு நேரத்தைப் போன்ற (இதமான)வர். (அவரிடம்) கடும் வெப்பமும் இல்லை; கடுங்குளிருமில்லை. (அவரைப் பற்றி எனக்கு) அச்சமும் இல்லை; (என்னைப் பற்றி அவரும்) துச்சமாகக் கருதியதுமில்லை. ஐந்தாவது பெண் கூறினார்: என் கணவர் (வீட்டுக்குள்) நுழையும்போது சிறுத்தைபோல் நுழைவார். வெளியே போனால் சிங்கம் போலிருப்பார். (வீட்டினுள்) தாம் கண்டுபிடித்த (குறைபாடுகள் முதலிய)வை பற்றி எதுவும் கேட்கமாட்டார்.123 ஆறாவது பெண் கூறினார்: என் கணவர் உண்டாலும் வாரி வழித்து உண்டுவிடுகிறார். குடித்தாலும் மிச்சம் மீதி வைக்காமல் குடித்துவிடுகிறார். படுத்தாலும் (விலகி) சுருண்டு போய்ப் படுத்துக்கொள்கிறார். என் சஞ்சலத்தை அறிய தம் கையைக்கூட அவர் (என் ஆடைக்குள்) நுழைப்பதில்லை.124 ஏழாவது பெண் கூறினார்: என் கணவர் ‘விவரமில்லாதவர்’ அல்லது ‘ஆண்மையில்லாதவர்’; சற்றும் விவேகமில்லாதவர். எல்லா நோய்களும் (குறைகளும்) அவரிடம் உண்டு. (அவரிடம் பேசினால் உன்னை ஏசுவார். கேலி செய்தால்) உன் தலையைக் காயப்படுத்துவார். (கோபம் வந்துவிட்டால்) உன் உடலைக் காயப்படுத்துவார். அல்லது இரண்டையும் செய்வார். எட்டாவது பெண் கூறினார்: என் கணவர் தொடுவதற்கு முயலைப் போன்ற (மிருதுவான மேனி உடைய)வர்; முகர்வதற்கு மரிக்கொழுந்துபோல் மணக்கக்கூடியவர். ஒன்பதாவது பெண் கூறினார்: என் கணவர் (அவரை நாடி வருவோரைக் கவரும் வகையில்) உயரமான தூண்(கள் கொண்ட மாளிகை) உடையவர். நீண்ட வாளுறை கொண்ட (உயரமான)வர். (விருந்தினருக்குச் சமைத்துப்போட்டு வீட்டு முற்றத்தில்) சாம்பலை நிறைத்துவைத்திருப்பவர். (மக்கள் அவரைச் சந்திப்பதற்கு வசதியாக) சமுதாயக்கூடத்திற்கு அருகிலேயே வீட்டை அமைத்துக்கொண்டவர். பத்தாவது பெண் கூறினார்: என் கணவர் செல்வர். எத்துணை பெரும் செல்வர் தெரியுமா? எல்லா செல்வர்களையும்விட மேலான செல்வர். அவரிடம் ஏராளமான ஒட்டகங்கள் உள்ளன. (அவற்றை அறுத்து விருந்தினருக்குப் பரிமாறுவதற்கு வசதியாகப்) பெரும்பாலும் அவை தொழுவங்களிலேயே (தயார் நிலையில்) இருக்கும். (விருந்தினர் வராத சில நாட்களில் மட்டும்) குறைவாகவே மேய்ச்சலுக்கு விடப்படும். (விருந்தினர் வருகையை முன்னிட்டு மகிழ்ச்சியில் ஒலிக்கப்படும்) குழலோசையை அந்த ஒட்டகங்கள் கேட்டுவிட்டால் தாம் அழிந்தோம் என அவை உறுதி செய்துகொள்ளும். பதினொன்றாவது பெண் கூறினார்: என் கணவர் (பெயர்) அபூஸர்உ. அபூஸர்உ எத்தகையவர் தெரியுமா? ஆபரணங்களை அவர் என் காதுகளில் ஊஞ்சலாடச் செய்திருக்கிறார். (ஆசையாசையாக உணவளித்து) என் கொடுங்கைகளை கொழுக்கச் செய்துள்ளார். அவர் என்னைப் பூரிப்படையச் செய்திருக்கிறார். என் மனம் நிறைந்திருக்கிறது. ஒரு மலைக் குகையில் (அல்லது ‘ஷிக்’ எனுமிடத்தில்) சிறிது ஆடுகளுடன் (திரிந்து கொண்டு) இருந்த குடும்பத்தில் என்னைக் கண்ட அவர், என்னை (மனைவியாக ஏற்று) குதிரைகளும் ஒட்டகங்களும் உள்ள, தானியக் களஞ்சியமும் கால்நடைச் செல்வங்களின் அரவமும் நிறைந்த (அவரது பண்ணை) வீட்டில் என்னை வாழச் செய்தார். நான் அவரிடம் எதையும் பேசுவேன்; நான் அலட்சியப்படுத்தப் பட்டதில்லை. நான் தூங்கினாலும் (நிம்மதியாக) முற்பகல்வரை தூங்குகிறேன். (என் தூக்கத்தை யாரும் கலைப்பதில்லை.) நான் (உண்டாலும்) பருகினாலும் பெரு மிதப்படும் அளவுக்கு (உண்ணுகிறேன்) பருகுகிறேன். (என் கணவரின் தாயார்) உம்மு அபீஸர்உ எத்தகையவர் தெரியுமா? அவரது வீட்டுக் களஞ்சியம் (எப்போதும்) கனமாகவே இருக்கும். அவரது வீடு விசாலமானதாகவே இருக்கும். (என் கணவரின் புதல்வர்) இப்னு அபீஸர்உ எத்தகையவர் தெரியுமா? அவரது படுக்கை, உருவப்பட்ட கோரை போன்று (அல்லது உறையிலிருந்து எடுக்கப்பட்ட வாளைப் போன்று சிறியதாக) இருக்கும். (அந்த அளவுக்குக் கச்சிதமான உடலமைப்பு உள்ளவர்.) ஓர் ஆட்டுக் குட்டியின் ஒரு சப்பை (இறைச்சி) அவரது பசியைத் தணித்துவிடும். (அந்த அளவுக்குக் குறைவாக உண்ணுபவர்.) (என் கணவரின் புதல்வி) பின்த் அபீஸர்உ எத்தகையவர் தெரியுமா? தம் தாய் தந்தைக்கு அடங்கி நடப்பவர். (கட்டான உடல் கொண்ட) அவரது ஆடை நிறைவானதாக இருக்கும். அண்டை வீட்டுக்காரி அவரைக் கண்டு பொறாமை கொள்வாள். (என் கணவர்) அபூஸர்உ உடைய பணிப்பெண் எத்தகையவள் தெரியுமா? அவள் எங்கள் (இரகசிய) செய்திகளை அறவே வெளியிடுவதில்லை. வீட்டிலுள்ள உணவுப் பொருள்களைச் சேதப்படுத்துவதுமில்லை. வீட்டில் குப்பை கூளங்கள் சேர விடுவதுமில்லை. (அவ்வளவு நம்பிக்கையானவள்; பொறுப்புமிக்கவள்; தூய்மை விரும்பி.) (ஒருநாள்) பால் பாத்திரங்களில் (மோர் கடைந்து) வெண்ணெய் எடுக்கப்படும் (வசந்த கால அதிகாலை) நேரம் (என் கணவர்) அபூஸர்உ வெளியே சென்றார். (வழியில்) ஒரு பெண்ணைச் சந்தித்தார். அவளுடன் சிறுத்தைகள் போன்ற அவளுடைய இரு குழந்தைகள் இருந் தனர். அந்தக் குழந்தைகள் அவளது இடைக்குக் கீழே இரு மாதுளங் கனிகளை வைத்து விளையாடிக்கொண்டிருந்தனர். ஆகவே, (அவளது கட்டழகில் மனதைப் பறி கொடுத்து) என்னை மணவிலக்குக் செய்துவிட்டு, அவளை மணமுடித்துக் கொண்டார். அவருக்குப்பின் இன்னொரு நல்ல மனிதருக்கு நான் வாக்கப்பட்டேன். அவர் வேகமாகச் செல்லும் குதிரையில் ஏறி, (பஹ்ரைன் நாட்டிலுள்ள) ‘கத்’ எனும் இடத்தைச் சேர்ந்த ஈட்டி ஒன்றை எடுத்துக்கொண்டார். மாலையில் வீடு திரும்பியபோது ஏராளமான கால்நடைகளை என்னிடம் கொண்டுவந்தார். மேலும், எனக்கு ஒவ்வொரு பொருட்களிலும் ஒரு ஜோடியை வழங்கி, ‘‘உம்மு ஸர்உவே! (நன்றாக) நீயும் சாப்பிடு! உன் (தாய்) வீட்டாருக்கும் சாப்பிடக் கொடு” என்றார். (ஆனாலும்,) அவர் எனக்கு (அன்புடன்) வழங்கிய எல்லாப் பொருள்களையும் நான் ஒன்றாய்க் குவித்தாலும் (என் முதல் கணவரான) அபூஸர்உவின் சின்னஞ்சிறு பாத்திரத்தைக்கூட அவை நிரப்ப முடியாது (என்று கூறி முடித்தார்). ஆயிஷா ரலி அவர்கள் கூறுகிறார்கள்: (என்னருமைக் கணவரான) அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் (என்னிடம்), ‘‘(ஆயிஷாவே!) உம்மு ஸர்உவிற்கு அபூஸர்உ எப்படியோ அப்படியே உனக்கு நானும் (அன்பாளனாக) இருப்பேன்” என்றார்கள்.125 அபூஅப்தில்லாஹ் (புகாரீ ஆகிய நான்) கூறுகிறேன்: இந்த ஹதீஸ் மூன்று அறிவிப்பாளர் தொடர்களில் வந்துள்ளது. அவற்றில் சிலவற்றில் (‘பெருமிதப்படுதல்’) என்பதைக் குறிக்க ‘அத்தகன்னஹு’ என்பதற்குப் பதிலாக ‘அத்தகம்மஹ” எனும் சொல் இடம்பெற்றுள்ளது. இதுவே சரியான தாகும். அத்தியாயம் :