سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ , فَلَا يَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ "
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , أَنَّ عَامِرَ بْنَ يَحْيَى الْمَعَافِرِيَّ أَخْبَرَهُمَا , عَنْ حَنَشٍ أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ فِي غَزْوَةٍ , فَصَارَتْ لِي وَلِأَصْحَابِي , قِلَادَةٌ فِيهَا ذَهَبٌ , وَوَرِقٌ , وَجَوْهَرٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهَا . فَسَأَلْتُ فَضَالَةَ , فَقَالَ : انْزِعْ ذَهَبَهَا , وَاجْعَلْهُ فِي الْكِفَّةِ , وَاجْعَلْ ذَهَبًا فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى , ثُمَّ لَا تَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ , فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ , فَلَا يَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَهَذَا خِلَافٌ لِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ , لِأَنَّ فِيهِ أَمْرَ فَضَالَةَ بِنَزْعِ الذَّهَبِ وَبَيْعِهِ وَحْدَهُ , وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَالَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هُوَ نَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ , إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ . فَهَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ , وَالْأَمْرُ بِالتَّفْصِيلِ مِنْ قَوْلِ فَضَالَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بِذَلِكَ , عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ , الْبَيْعُ فِيهَا , فِي الذَّهَبِ , حَتَّى تُفْصَلَ . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بِذَلِكَ , لِإِحَاطَةِ عِلْمِهِ أَنَّ تِلْكَ قِلَادَةٌ , لَا يُوصَلُ إِلَى عِلْمِ مَا فِيهَا مِنَ الذَّهَبِ , وَلَا إِلَى مِقْدَارِهِ , إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُفْصَلَ مِنْهَا . فَقَدِ اضْطَرَبَ هَذَا الْحَدِيثُ , فَلَمْ يُوقَفْ عَلَى مَا أُرِيدَ مِنْهُ . فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي , الَّتِي رُوِيَ عَلَيْهَا , إِلَّا احْتَجَّ مُخَالِفُهُ عَلَيْهِ , بِالْمَعْنَى الْآخَرِ . وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي هَذَا الْبَابِ , كَيْفَ وَجْهُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ , وَأَنَّهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الَّذِينَ جَعَلُوا حُكْمَ الذَّهَبِ الْمَبِيعِ مَعَ غَيْرِهِ بِالذَّهَبِ ، لَا عَلَى قَسْمِ الثَّمَنِ عَلَى الْقِيَمِ , وَلَكِنْ عَلَى أَنَّ الذَّهَبَ مَبِيعٌ بِوَزْنِهِ مِنَ الذَّهَبِ الثَّمَنِ , وَمَا بَقِيَ مَبِيعٌ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ