صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَعِيرٍ مِنَ الْمَغْنَمِ , ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ فَأَخَذَ قُرَادَةً مِنَ الْبَعِيرِ فَقَالَ : " مَا يَحِلُّ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ مِثْلُ هَذِهِ , إِلَّا الْخُمُسُ , وَهُوَ مَرْدُودٌ فِيكُمْ "
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : أنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ الْعَبْدِيُّ ، قَالَ : أنا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ زِيَادٍ الْمُصْفَرِّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنِ الْمِقْدَامِ الرَّهَاوِيِّ ، قَالَ : جَلَسَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ , وَأَبُو الدَّرْدَاءِ , وَالْحَارِثُ بْنُ مُعَاوِيَةَ . فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ صَلَّى بِنَا إِلَى بَعِيرٍ مِنَ الْمَغْنَمِ ؟ فَقَالَ عُبَادَةُ : أَنَا قَالَ : فَحَدِّثْ قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى بَعِيرٍ مِنَ الْمَغْنَمِ , ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ فَأَخَذَ قُرَادَةً مِنَ الْبَعِيرِ فَقَالَ : مَا يَحِلُّ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ مِثْلُ هَذِهِ , إِلَّا الْخُمُسُ , وَهُوَ مَرْدُودٌ فِيكُمْ فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إِبَاحَةُ الصَّلَاةِ إِلَى الْبَعِيرِ , فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ إِلَى الْبَعِيرِ جَائِزَةٌ , وَأَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ , لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ بِحِذَائِهَا . وَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ لِعِلَّةِ مَا يَكُونُ مِنَ الْإِبِلِ فِي مَعَاطِنِهَا , مِنْ أَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا . فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَرَأَيْنَا مَرَابِضَ الْغَنَمِ , كُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهَا , وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الرِّوَايَاتُ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَكَانَ حُكْمُ مَا يَكُونُ مِنَ الْإِبِلِ فِي أَعْطَانِهَا مِنْ أَبْوَالِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ , حُكْمَ مَا يَكُونُ مِنَ الْغَنَمِ فِي مَرَابِضِهَا مِنْ أَبْوَالِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ , لَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي نَجَاسَةٍ وَلَا طَهَارَةٍ , لِأَنَّ مَنْ جَعَلَ أَبْوَالَ الْغَنَمِ طَاهِرَةً , جَعَلَ أَبْوَالَ الْإِبِلِ كَذَلِكَ , وَمَنْ جَعَلَ أَبْوَالَ الْإِبِلِ نَجِسَةً , جَعَلَ أَبْوَالَ الْغَنَمِ كَذَلِكَ . فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ قَدْ أُبِيحَتْ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي نُهِيَ فِيهِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ , ثَبَتَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ , لَيْسَ لِعِلَّةِ النَّجَاسَةِ مَا يَكُونُ مِنْهَا , إِذْ كَانَ مَا يَكُونُ مِنَ الْغَنَمِ , حُكْمُهُ مِثْلَ ذَلِكَ . وَلَكِنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لَهَا كَانَ النَّهْيُ , هُوَ مَا قَالَ شَرِيكٌ , أَوْ مَا قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ . فَإِنْ كَانَ لِمَا قَالَ شَرِيكٌ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ حَيْثُ يَكُونُ الْغَائِطُ وَالْبَوْلُ , كَانَ عَطْنًا أَوْ غَيْرَهُ . وَإِنْ كَانَ لِمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ , فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَكْرُوهَةٌ حَيْثُ يُخَافُ عَلَى النُّفُوسِ , كَانَ . عَطْنًا أَوْ غَيْرَهُ . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ . وَأَمَّا حُكْمُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ , وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا جَائِزَةٌ , وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ , فَقَدْ رَأَيْنَا حُكْمَ لُحْمَانِ الْإِبِلِ , كَحُكْمِ لُحْمَانِ الْغَنَمِ فِي طَهَارَتِهَا , وَرَأَيْنَا حُكْمَ أَبْوَالِهَا كَحُكْمِ أَبْوَالِهَا فِي طَهَارَتِهَا أَوْ نَجَاسَتِهَا فَكَانَ يَجِيءُ فِي النَّظَرِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الصَّلَاةِ فِي مَوْضِعِ الْإِبِلِ كَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْغَنَمِ قِيَاسًا وَنَظَرًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ , قَالَ : ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , قَالَ : هَذِهِ نُسْخَةُ رِسَالَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ إِلَى اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ يَذْكُرُ فِيهَا : أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَعَاطِنِ الْإِبِلِ , فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ , وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ , وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ , وَمَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ خِيَارِ أَهْلِ أَرْضِنَا يَعْرِضُ أَحَدُهُمْ نَاقَتَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ , فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَهِيَ تَبْعَرُ وَتَبُولُ